Skip to main content

Full text of "الحقيقة الإلهية تأليف حمزة أندرياس تزورتزس Hamza Andreas Tzortzis mortada max 2 : Free Download, Borrow, and Streaming : Internet Archive"

See other formats


الحقيقة الإلهية 


الحقيقة الإلهية 
لإأألهع8 عدأناانا 116 


حمزة أندرياس تزورتزس 


5 |[ 4806235 22 مو لا 


نايف الملا 


© دار وقف دلائل للنشرء 578 1ه 
فهرسة مكتبة ا ملك فهد الوطنية أثناء النشر 


تزورتزسء حمزة أندرياس 
الحقيقة الإلمية. / حمزة أندرياس تزورتزس. - الرياض» 
اه 
14 هئ 4117 اسم 
ردمك: 50-940415-٠0-٠‏ م04 
١‏ الله جل جلاله ١‏ الألوهية "'الإيوان (الإسلام) أ. العنوان 
ديؤي 541 رقم الإيداع 473705 / 538 ١‏ 


را 
جبود شك خنونل: 


الطبعة الأولئ 





5 اه 


ولا يعبر بالضرورة عن رأي المركز 





2 عجه مركز دلائ”ك 
57 عه [لاع0 انفضامم 


حدمء. 1 تمصع هع نامءء1021211 
الرياض - المملكة العربية السعودية 
صرح به 9551/1/5 الرمز البريدي .> ١‏ 


© 0 و 209 ©ع1امء»1021311 


ا ا ا ا 


الحقيقة الإهية... جاتلدع] عستحلط عط 
حمز 5 أندر ياس تزورتزس 5 41101:25 112111723 


ترحمة: نايف الملا 


ويشمل ذلك التصوير الفوتوغرافي والتسجيل على أشرطة أو أقراص مضغوطة أو استخدام أي 
وسيلة نشر أخرىء بم في ذلك حفظ المعلومات واسترجاعهاء دون إذن خطي من الناشر. 


هع 122131 101 2017 © غطع1:زم00 1122512100 ع8 225112[ عاطهتم 

5 412063 1132022 7ز6 تجاتلدع] عستكادا ع1 

5 41201635 2تتطقلط 2016 © غطئ 7م60 0) 

]0 توم 10ل .عادعه 021211[ طخا تإاع501 د5أوع1 2005 [أكصقت عط 01 تإعمتباععة عط 101 ج11اطآممممدع]1 
01151221 عط 01 55100 تمتتعم طاع 171 عطا اأتامط غ171 حتدهظ نإمه صا لععنلمممء؟ عط ترهمط عامه6 قلطا 
.عامط غطع تتوممه 


تصدير: 


لا شك أن الترجمة هي من أوسع أبواب الاستزادة المعرفية والعلمية 
وتبادل الخبرات بين البلدان والآمم والثقافات والشعوبء ومن هنا كان 
لسلسلة (الترجمات) لدئ مركز دلائل عناية خاصة في انتقاء أفضلها وأكثرها 
ملاءمة لتوجهاتنا واهتماماتناء إذ معلوم اصطباغ كل عمل أو كتاب بمذهب 
أو فكر أو دين أو مجتمع صاحبه. فنقوم بإبراز ما فيه من فوائد والتعليق على 
مالا يناسبنا منه» مع الوضع في الاعتبار عدم تبني المركز لكل مكتوب أو 
منقول بالضرورة. 
وفي هذا الكتاب بحر بنا أحد أشهر المحاورين في بريطانيا 
اليوم» الشاب حمزة تزورتزسء والذي خاض أكثر من مناظرة وحوار مع 
مشاهير الإلحاد واللادينية مثل لورانس كراوس وبيتر سايمونز وإيان برايز 
وريك لويز وغيرهم؛ لم يولد حمزة مسلماء وإنما اهتدئ إلئ الحق بعد 
بحث وتفكير» وهذا أول كتاب له نترجمه إلئ العربية بعد عدة سنوات من 
الدعوة والعمل في أكاديمية التعليم والبحث الإسلامي 1814. 
مركز دلائل 


م 
دزي تاي ياي 





بسم الته الرحمن الرحيم 


العيشرت العالمويوت 5 شن سرهوة والساة: 
والسلام علئ خاتم أنبيائه ورسله محمد ». 


26 2 


إلى عائلني: 
؟ِ © 
5 م ٍ- 
2 


حبّهم» وصبرهمء وتعاطفهم المستمر شكرا أبدي] 


26 2 


ملاحظات أولية... 


2 العرف الإسلامي. عندما كر النبي محمل» تستخدم العبارة 
التشريفية «صائ الله عليه وسلم» (#2)» وهي علامة علئ الحب 


والاحترام» وقد استخدمت طيلة هذا الكتاب”". 





وقد استخدمت كلمة «الإله» 604 أيضا في كل الكتاب» مع 
الإشارة إلئ أنه في الإسلام اسم الإله هو «الله». ويقول اللغويون 
العرب أن اسم «الله) مشتق من كلمة «أَلّ». هذا الاسم «الله» ليس له 


26 2 


)١(‏ ورغم ذلك قد يستخدم الكاتب اسم النبي محمد 2# مجرداً بدون وضع نبي أو رسول 
قبله» وذلك تماشيا مع الطرح الجدالي للملحدين؛ وهو جائز شرع طالما في محل 
استعراض الحجج والنقاش» وكما رضيه رسول الله نفسه في صلح الحديبية 
(الناشر). 


عرفان... 


بلا شك. فإن هذا الكتاب لم يكن ليخرج لولا الله؛ فأحمد الله وأشكره. 
وأنت أيضا بمجرد ما تنتهى من قراءة هذا الكتاب» ستدرك أن كل شىء يعتمد 
عليه وأنه وحده هو المستحق لكامل الثناء والشكر. 

علّمنا النبي محمد ظت أن من لا يشكر الله «لا يشكر الناس»)". وعلئ 
هذا الضوءء فهناك عدد من الأشخاص الذين أدين لهم بالشكر علئ مساعدتي 

من بين أول هؤلاء هم عائلتي. لا أستطيع أن أنسئ حبّ وصبر ودعم 
إهمالى وعزلتي. في الحقيقة إعطائى مثل هذه العائلة من الله هو أمرٌ يستحق 
الشكن الأبناي: 
بمثابة إلهام فكري مبكر في حياتي. تشاركنا غرفة نوم واحدة لأكثر من عقدين 


)210 رواه أبو داود. (استشهدت بالأحاديث النبوية بحسب مقيديها وجامعيها؛ فمثلاً «رواه 
البخاري» تعني أنه في كتاب الحديث الذي ألّفه البخاري). 


من الزمن. قدرته علئ التفكير خارج الصندوق واستكشاف الأفكار الجديدة 
زرعت بذوراً فكرية في عقلى» وكانت ثمرتها هذا الكتاب. وأود أن أشكر 
أختي هاريس تزورتزس؛ التي كانت تدعمني علئ الدوام» ولم تعرفني قط 
بنقاط ضعفي بل بنقاط قوتني. أمي (آندرولا تزوتس) هي أحد أكثر الناس 
الذين أعرفهم مودةً. شكلٌ حبها وحيويتها ودعمها الأبدي مَن أكون. دائم] ما 
كان أبي (بيتروس تزورتزس) هو البطل بالنسبة لي؛ فقد ألهمني صبره 
فمهما قلت لا يمكن أن يعبر حق عن الامتنان الذي يستحقوه. أدعو الله أن 
يهدي ويحمي عائلتي» وأن يمنحهم حياةً طويلة صحيحة مليئة بالفرح 
والحب والتقوئء وأدعوه أن يجمع شملنا بالحب. 

وأريد أن أشكر صديقي عمران حسين؛ فقد راجع عمران الكتاب وقدّم 
آراءً مهمة» وكانت إسهاماته في الفصل الثالث كبيرة. والشكر الجزيل أيضاً 
لصديقي صبّور أحمد الذي قدّم إسهامات مهمة ودعم] معنويا. 

وأود أن أعبّر عن شكري العميق لأبي هريرة» وهو أحد أكثر من 
تواصلت معهم ذكاءً. بالرغم من أننا لم نلتت قطء إلا أننا قد تشاركنا الأفكار 
بحكم اهتماماتنا المتشابهة» ولقد راجع الكتاب في مراحله الأولئ وكانت 
آراؤه أكثر من مهمة» ولولا نقده الحادّ وإسهاماته لما خرج هذا الكتاب. 

أود كذلك أن أشكر المؤلف والأكاديمي سافاروك شودري؛ فقد 
ألهمتني صداقتنا إكمالي للدراسة والتعمق أكثر في الفكر الإسلامي والفلسفة. 
كانت مراجعته للكتاب وإسهاماته الأكاديمية مساعدة بشكل كبير. 


وأود أيض)َ أن أشكر آصف الدين الذي قضىئ ساعات للبحث في 
النصوص الإسلامية القديمة. وقد ساعدت آراؤه وتصحيحاته في خروج 
الكتاب بهذه الصيغة. 

وأنا ممتن إلئ الأبد لصديقي عدنان رشيد؛ فمراجعته للكتاب 
وإسهاماته في الفصل الرابع عشر كانت كبيرة. 

وأود أيضاً أن أعبّر عن امتناني للدكتور عاطف امتياز وشريف رنضاوه 
لاقتراحاتهم ونصائحهم المهمة. 

وأود أن أشكر آم طلحة بنت أبي بلال التي قامت بمراجعة للكتاب 
كاملا في آخر لحظة. 

وكذلك ممتن لغازي مناي» وفهد تسليم» والدكتور محمد غيلان» 
وأنتوني غرين» وصلاح الدين باتل» وجوني ملا وعيسئ خان, وعبدالله مكي» 
وموسين خالدء وزينات بيبي» وأبو زكرياء وأم زكريا علئ دعمهم وإسهاماتهم 
الملحوظة. 

وأخيراًء أود أن أشكر جون بين علئ عمله التحريري ودار إف بي 78 
للنشر علئ دعمهم وجعلهم هذا الكتاب واقعا. 

هناك الكثير من الأشخاص الذي يجب أن أبيّن لهم تقديري وثنائي؛ 
ولكن أي شخص لم يذكر اسمه فلتعلم أن أجرك عند الله» وما كان عنده لا 
يمكن أن يقارن بأي شيء في هذا العالم. 

حمزة تزورتئزس 


5 م 
دزي جز يي 


ا# اض ا« ا« ا« ا« اذ ا افك ان ا ا# ا#©# ا#©# ‏ ©#» 


الفصل الثاني: الحياة بدون إله: لوازم الإلحاد 525200000 
الفصل الثالث: أعداء العقل: لماذا الإلحاد غير عقلاني؟ 6 
الفصل الرابع: الدليل الذاتي ةي ل 0 
الفصل الخامس: كون من لا شيء ا 
الفصل السادس: الرابطة الإلهية 00 
الفصل السابع: إنكار الإله يعني إنكارك لنفسك 50000 
الفصل الثامن: الدقة الإلهية 01001 
الفصل التاسع: اعرف الإله» تعرف الخير 000 
الفصل العاشر: التفرد الإلهي 00 
الفصل الحادي عشر: هل الإله رحيم؟ 0000 
الفصل الثاني عشر: هل أثبت العلم عدم وجود الإله؟ ا 
الفصل الثالث عشر: الدليل الإلهي 00 
الفصل الرابع عشر: حقيقة النبوة 1000 
الفصل الخامس عشر: العبد الحر لظ 


4 


00 


0 


المحتوى الصفحة 
© الفصل السادس عشر: الخلاصة. تغيير قلوبنا وال مخ امه 
© الفصل السابع عشر: كلمة أخيرة» لا تكره؛ ناظر مدي د مي 


رحلني 


ما الهدف من تأليف كتاب عن الإله والإسلام والإلحاد؟ لقد سبق وأن 
كتب في هذا الموضوع فلاسفة ومفكرون وأكاديميون من مختلف الخلفيات 
الدينية» فلماذا التكرار وإعادة الكتابة في نفس الشيء؟ 

وحتئ أوضح السبب وراء الحاجة إلئ تأليف مثل هذا الكتاب» دعني في 
البداية أسرد بعض تفاصيل رحلتي الحياتية التي أوصلتني إلئ هذه المرحلة. 

ولدت عام 118٠‏ في لندن لأبوين يونانيين» وكلاهما قد قدم للمملكة 
المتحدة في السبعينيات» ولكن لأسباب مختلفة. كان السبب الرئيس وراء 
هجرة والدي إلئ المملكة المتحدة هو رغبته في الهروب من أسلوب الحياة 
في أثيناء أما والدتي فلم يكن لها خيار في الآمر؛ فقد انتقلت إلئ المملكة 
المتحدة كلاجئة بسبب الغزو التركي لقبرص عام .١19175‏ لم تكن حياة 
والديّ سهلة فقد عانا الكثير من المصاعبء ولكن مع المحبة والصبر 
والإصرار؛ أصبحا الآن من أكثر الناس الذين أعرفهم سعادة ومحبة وشفقة 
وتسامح. وأعتبر وجودهما في حياتي أمراً يستحق امتنانا لا ينقطع. 

على الرغم من كل المصاعب التي كانت تواجههماء إلا أن أكثر ما كان 


رف 


يقلق والدي هو بحثه عن إجابة مُرَضِيّة لما كان يعتريه من حالة يمكن التعبير 
عنها ب «الأزمة الوجودية» 11515ه 15]60181ناه» فقد كان في بحث دائم عن 
إجابات لأهم الأسئلة التي تتعلق بالحياة. لقد قادت والدي هذه الرحلة في 
البحث عن إجابة إلئ اقتناء الكثير من الكتب. ولهذا السبب» كنت أستطيع 
الوصول إلا الكثير من المؤلفات بدءًا من الكتاب المشهور «قوة تأثير التفكير 
الإيجابي» وحتئ كتاب «علم العقل». كان والدي دائم الانكباب على كتبه 
وكان يحاول مشاركة أفكاره معنا باستمرار. كان ترتيبي الثاني من بين أولاده 
الثلاثة» ولم يكن أي منا ناضجا عقلي بما يكفي لاستيعاب ما كان يقول. 

كشخص نشأ في بيئة كهذه. التقطت معاناة والدي مع الوجود. وبدأت 
أطرح أسئلة حول الأساس والمغزئ من وجودي. ما زلت أتذكر -عندما 
كنت في الحادية عشرة من عمري- كيف كنت أذهب إلى دورة المياه وأجلس 
في حوض السباحة وأبكي لفترات طويلة. كان سبب بكائي هو شعوري 
بالوحدة. تصورت أني الوحيد المدرك لحقيقة معرفة وجودي الواعي (انظر 
الفصل السابع). كنت الوحيد الذي يعرف حقيقة شعوري سواء وأنا وحدي 
في دورة المياه أو في لعبي مع أصدقائي في الحديقة. خلق عندي ذلك الشعور 
إحساس] شككني في وجود مثل هذا النوع من الروح الواعية المدركة عند 
الآخرين. هل كانوا مدركين لأنفسهم حق)؟ هل كانوا موجودين بأنفسهم 
حق]؟ بماذا يشعرون؟ وكيف كانت تجاربهم الواعية عندما لا أكون حاضرا في 
وقتها لأشهدها؟ 


في وقت لاحقء عرفت أن هذا الشعور كان أحد أنواع ما يسمئ ب 


3 


«الإيمان بالذات» أو «وحدة الأنا» 1553وم5011» وهي فكرة تقول أن الشيء 
الوحيد الذي تكون متأكداً من وجوده هو عقلك فقط. الأكيد أن هذه التجربة 
كانت تجربة انعزالية إلئ أبعد الحدود. وأعتقد أن هذه التجربة هي السبب 
الوجداني الذي دفعني إلئ البحث عن إجابات الأسئلة المهمة جداً التي 
تتعلق بحياتي. هذه التجربة طوّرت عندي قناعة وهي أن الحقيقة مهمة جداً. 
وخلال بحثي عن الحقيقة» كنت أناقش أصدقائي وأسألهم عن معتقداتهم» 
وكنت محظوظ] جداً حيث كانت لي علاقات بأشخاص كثر من مختلف 
الثتقافات والعرقيات» وكان العيش في بيئة مختلطة كهذه هو إحدئ بركات 
النشأة في مكان مثل ضاحية هاكني في لندن. 

كنت أشعر أنه في ظل انعدام معرفة الحقيقة كانت الحياة تبدو أحيان 
وكأنها غير حقيقية وأنهبا مجرد وهم. يقرر كثير من علماء النفس أن البشر 
بطبيعتهم يرغبون في أن يكونوا على صوابء ولذا تجدهم يبحثون ويتعلمون 
من النماذج والأمثلة الاجتماعية التي يرونها عندما يجدوا أنفسهم في شك من 
أمر ما. ومن هذا المنظورء فإن البحث عن الحقيقة يعتبر مهم جداً؛ فعن 
طريقه يمكن بلورة وتشكيل شخصيتنا وهويتنا في الوقت الحاليء أو 
الشخصية التي نتمنئ أن نكونها مستقبلا. 

شعرت أن عدم البحث عن الحقيقة كان بمثابة خداعي لنفسي أو حتئ 
أبعد من ذلك؛ كان بمثابة تصديقي لهذه الخدعة» ولذلك فقد كان بحثي عن 
الحقيقة هو محاولة مني لآكون أكثر صدقا مع ذاتي ووجودي بما أني أبحث 
عن جوهر هذه الحياة وموقعي منها. فبالنسبة لي كان التمسك بمبداً الشك 


>30 


- وهو مبدأً يتكر وجود الحقيقة - يعبّر عن |: 0 
نفسه. وسبب ذلك هو أن هذا الادعاء الذي يقول إنه (لا توجد حة حقيقة) هو في 
الواقع ادعاء (يزعم أنه حقيقة) بنفسه؛ فكيف يمكن أن يدّعي شخصٌ أن 
الشك ذاته حقيقة (بمعنئ أنه يمكن الوثوق به وتقبله كحقيقة) ولكن ما سواه 
بحقيقة؟ هذه هي إشكالية عدم الاطراد في المبداً التشككي؛ حيث يذدّعي 
المتشكك حقيقة الشك؛ ولكنه ينكر كل الحقائق الأخرئ. وهكذاء فإن أي 
موقف كنت سأتخذه في النهاية حيال الأمر كان يستلزم مني أن أقبل بحقيقة ما. 
أول معرفتي بالإسلام شدني إليه جانبان. الجانب الآول كان اليقين الذي 
يتمتع به أصدقائي المسلمين» وأما الجانب الآخر فقد كان ممارساتهم 
الاجتماعية والدينية» وهذان الآمران قاداني في النهاية إل قبول الإسلام. ليس 
هنا الموضع المناسب لذكر تفاصيل هذا التحول» ولكن كانت هناك مرحلة 
وصلت إليها وهي أنه علئ الرغم من إدراكي أن وجود الله حقيقة وأن القرآن 
سماوي؛ إلا أنه لم يكن ذلك كافياَ بالنسبة إليّ لاعتناق الإسلام» ولذلك 
شرعت في القيام بعملين. العمل الأول كان عبارة عن تعلم بعض سور القرآن 
باللغة العربية» وأداء بتعض الصلوات الخمس اليومية التي يؤديها المسلمون 
كجزء من ممارساتهم الروحية. وأذكر أنه عند سجودي - وهو جزء من أجزاء 
الصلاة الإسلامية - كنت أناجي الله وأسأله الهداية. كنت أفعل ذلك بسبب 
نصيحة روحية قدمها إلى صديق لأخي اسمه أمير إصلاحي. كان أمير يدرس 
الطب في الجامعة» ولكنه كان يأتي إل حرم الكلية التي أدرس فيها وينصحنا. 
وبما أنه كان لي أصدقاء مسلمين أجالسهم, فقد كنت أستمع إليه وهو ينقل 


أإففا 


لنا كلام النبي محمد © وقد قال لنا أمير في إحدئ المرات: أنه أقرب ما 
تكونوا إل الله في السجود؛ فناجوه. 

وجدت هذا الشيء عميق] جداً؛ لأن الوجه يمثل هويتناء وفي كثير من 
الأحيان يمثل غرورنا وكبرياءناء ومع ذلك فالمسلمون يُذلون أنفسهم 
ويعترفون ويقرون بأنهم لا شيء أمام الله. يجدون ذواتهم في ذلك الخضوع. 
ويدركون أهم عبيدٌ للواحد الذي خلقهم. ولهذا يناجي المسلمون الله في 
السجود - الذي يعتبر موقفآ جسديا يمثل التواضع وعدم الغرور - فبدأت 
بمناجاته أنا أيضاء وتضرعت إليه طالب منه الهداية. أصبح الدكتور أمير 
إصلاحي صديقي فيما بعد» ولا أعتقد أنه يعرف حتئ الآن مدئ الآثر الذي 
تركته تلك الكلمات القليلة التي نطق بها قبل ١5‏ عاما. 

الأمر الآخر الذي قمت به كان الدخول بكثرة في محادثات مع صديق 
عرفته عن طريق المدرسة (موينول أحمد). كان موينول يأتي إلئ زيارتي في 
منزلي ويحدثني عن الإسلام» وكنت أطرح عليه الأسئلة وأستفسر منه. ومع 
أني منذ بداية هذه المرحلة كنت مقتنع] عقلي] بالإسلام, إلا أن قلبي ما زال 
ميتا. لم يكن شيء مما عرفته عن حقيقة الإسلام قد ترسّخ فعليا. وفي ظل 
هذا الصراع الداخلي في محاولتي للتوفيق بين ما كنت أعرفه عن الإسلام وما 
كنت أشعر به» قابلت موينول خارج منزلي» كان جالس] في سيارته» وكان 
ذلك يوم الرابع من شهر أكتوبر عام .5٠٠١7‏ والحقيقة... لا أذكر تمامً ماذا 
قال لي» ولكني أتذكر كيف كنت أشعر حين وصف لي حقيقة الواقع ويقينية 
الموت بطريقة عميقة وأدبية. لا أستطيع تذكر كلماته بالتحديد, بل إن 


يف 


محاولتي تذكر تلك الكلمات الآن أشبه ما يكون بمحاولة الإمساك بقط أسود 
في الظلام. المهم أنما وقعت مني موقع) أنّر في» وبطريقة مافبّحَتَ 
هذه الكلمات الباب الذي بدا مغلقا. وسمحت ليقيني بحقيقة الإسلام أن 
يؤثر في قلبي. 

الموت ليس أمراً يستمتع البشر بالحديث عنه؛ فهو يخلق عملية وعي في 
دواخلنا أن كل هذه الأشياء التي نتعلق بها والتي قضينا زمناً في السعي وراءها 
وتحقيقها ستزول. وبتأثير كبير جدأً» يوقظنا هذا الحديث عن الموت علئ 
الحقيقة المرّة التي مدارها أننا سنغادر وجه هذا الكوكب. هناك الكثير من 
المعتقدات الفلسفية التي تحدثت عن الموتء فعلئ سبيل المثال يعتبر بعض 
المفكرين الموت كالنوم الدائم. وفسر آخرون الموت وشرحوه علئ اعتبار 
أنه جزء من الحياة» وأنه أمر يجب علئ كل إنسان التسليم به حت يعيش حياة 
سعيدة؛ أي أنه جزء من قبول فكرة محدوديتنا كبشر. وهناك مفكرون آخرون 
قالوا أن الموت ما إلا انتقال من هذه الحياة إلئ الحياة الأخروية التي تتضمن 
إما الحياة الأبدية في النعيم عن طريق الرحمة الإلهية» وإما العذاب بسبب 
رفض هذه الرحمة الإلهية. 

وبغض النظر عن معتقداتنا حول الموثء إلا أن شيعا واحداً يمكن أن 
نتفق عليه جميع] وهو أنه أمر لم نعطه حقه من الحديث. قد يبدو في الحديث 
عن الموت شيئا من الكآبة» ولكن في المقابل هناك قيمة عميقة في الحديث 
عن الموت وتأمله» فهو يجعلنا نستشعر حقيقة ألا وهي: أن حياتنا قصيرة. 
تأمّل محدودية طبيعتنا يساعدنا عل التقليل من غرورناء ونتيجة لذلك تنعدم 


31 


أي أهمية لرغباتنا الأنانية. فتعلقاتنا المؤقتة بالعالم المادي توضع في مكانها 
الصحيحء ويبدأً التساؤل عن مصير حياتناء ومن هذه التساؤلات والتأمللات 
نحصل على فائدة عظيمة في النهاية» وكما قال الغزالي عالم الدين في القرن 
الحادي عشر: «... في ذكر الموت ثواب وفضل»2”؛ فتأمّل الموت يحثنا علئ 
التفكر ويتيح لنا فرصة التفكير ملي في طبيعة وحقيقة وجودنا. 

والتفكير في الموت أجاب عن أسئلة تتعلق بالطريقة التي يجب عليّ أن 
أنظر للحياة من خلالهاء وعلمني كيف أقيس مقدار الأهمية التي ينبغي أن 
أعطيها للأشياء المادية. وعن طريق استعراض حياتي من خلال عدسة الموت 
فقد دخلت في حيز وجدانيٍ وعقلاني استطعت من خلاله تقييم حالي 
وموضعي علئ هذا الكوكب. كيف أتيت إلى الوجود؟ وماذا يجب على أن 
أفعل؟ وإلئ أين سأذهب؟ كان الموت هو الدافع الحقيقي وراء هذه الأسئلة 
المصيرية» فبمجرد يقيني بقصر هذه الحياة وأنه في يوم من الأيام سأتنفس 
نمسي الأخير» وجدت أن كل شيء قد وضع في حجمه. 

وحت تفهم ما مررت به؛ أريدك أن تفكر بالموت وتتأمله جيداً. تخيل 
0 قيقة تكون قد غادرت 
الدنيا. من المرجح أنك عايشت بعض الأحباب الذين غادروا هذه الحياة 
ولحظات فقدانهم؛ كيف كان شعورك وقتها؟ ألم يخالجك شعور بالوّحدة 


200 الغزالى» إحياء علوم الدين (كتاب ذكر الموت وما بعده). 

220 .ع1[1تعاقة عط لمنه طتدءآ 01 ععطة اط مسعسعظ ع1 (2015) .المجقطن-ام 

عتدطةا؟] :عع110طصصمت .تعامة؟1 .ل .1 م6 5م8101 220 5م10اء 1200 عه طنتكد لعتماقصة: 1" 
5 .7 ,لقأع1ع50 5اعه 1" 


>. 


والفراغ والبعد عن الأشياء التي اعتدت أن تأخذها بجدية؟ لو كنت ستتذوق 
طعم الموت الآن في هذه اللحظة -كما سيتذوقه كل شخص في وقته- ماذا 
سيعني لك ذلك؟ ما الشيء أو الأشياء التي كنت ستعملها بشكل مختلف لو 
أتيحت لك فرصة للعودة إلئ الحياة؟ ما الآفكار والمفاهيم التي كنت 
ستأخذها بجدية أكثر؟ ماذا سيكون شكل حياتك واستشرافك لمستقبلك لو 
كنت تستطيع العودة بعد أن جربت حقيقة الموت المفجعة؟ 

الشيء المحزن في الموت هو أننا لا نستطيع العودة. لقد ألقئ هذا 
الإدراك والوعي بحقيقة الموت ثقله علئ عقلي. تأملي العميق في مفهوم 
زقكرة المنوت تاق لالتعا ألا سياف قصيرة» وأن علي تغييرها إلى 
الأفضل بسرعة وبدون أي تأخير. ومباشرة» في الصباح التالي» ركبت سيارة 
أجرة وتوجهت إلئ مسجد لندن المركزي واعتنقت الإسلام. كان ذلك في 
الخامس من أكتوير من عام 17 .٠٠١‏ 

وبذلك تحولت حاجتي من البحث عن معرفة الحقيقة إلى رغبة في 
إيصال هذه الحقيقة إلئ الناس. وكنت -من شدة حماستي- ألتقط أي شيء 
أجد في موضوعه ما يدعم الإسلام وأساساته المنطقية. وكنت أتدارس 
وأحلل أعمال العديد من الفلاسفة المسيحيين, لأني لم أجد أي شيء من 
قبيل هذه الأعمال متاحاً للمسلمين باللغة الإنجليزية» فقد كانت أغلب 
الكتابات العقلية الإسلامية العميقة مكتوبة باللغة العربية. وهذه العقبة جعلت 
من عملية التعلم صعبة. لم يكن من المناسب تبني الحجج التي يقدمها 
الفلاسفة المسيحيون عند الحديث عن توحيد الإسلام وتوضيحه؛ وعلى 


الرغم من وجود الكثير من القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية» إلا أن 
هناك أيضا فوارق كبيرة ودقيقة جداً. 

طوال سنوات حياتي كمسلم» كان تعلمي للأشياء دائم ما يأخذ مسلكا 
صعب فارتكبت خلال رحلتي هذه الكثير من الأخطاء, وكثير مماني هذا 
الكتاب يتضمن دروساً ناتجة عن تعلمي من هذه الأخطاء. كثير من أخطائي 
هذه متاحة علئ الإنترنت ويستطيع أي شخص الاطلاع عليها. كان لتجربة 
المحاولة والخطأ التي مررت بها فواتدهاء كما كان لها تبعاتها السلبية أيض]. 
فده اللننيات متاق الدكر طاقن :رستواف سهان مله أن يطل 
عليها الجميع. وعلئ الرغم من ذلكء فأنت بقراءتك لهذا الكتاب يمكنك أن 
تتعلم من أخطائي دون سلوك نفس الطريق الصعب الذي سلكته. لقد حسَّنت 
المحاولات والأخطاء من الحجج التي كنت أستخدمها وَطوَّرما وفوتعها. 
وجعلتني هذه الرحلة أيض] أدرك مكانة الرحمة والتسامح» وأنهما من أحسن 
ما نتصف به. مثلّت هذه التجارب تحدي] لقناعاتي الإيمانية» وساعدتني أيض) 
في اكتشاف أن الإسلام دين رحيم؛ فمن خلال تعاليم الرسول 2 عرفت أن 
الرحمة ما كانت في شيء إلا زانته. 

اختبرت أفكاري وحججي مع أكثر العقول الملحدة ذكاءً في العالم» 
فقد ناظرت ملاحدة مشاهير - منهم الأكاديميون والمفكرون - من العديد 
من الخلفيات المعرفية والفكرية. كان ممن ناقشتهم د. سيمون بلاكبيرن 
مااع 51205. د. برندن لارفر 18315701 81620812» د. ستيفن لو 
1337 2عطمعاة, د. ريتشارد نورمان 11011282 215165810 د. نايجل 


لخنذ 


ووربيرتن 11731111102 11861 د. بير سيمونز 51220125 261617, د. لورانس 
كراوس 1181155 ©125516106) د. جر اهام تومسون 110113501 318812)» 
د. بيتر كيف08576 1عاء2» دان باركر 881161 1(82. وحتوا أنه كان لي نقاش 
قصير في الشارع مع د. ريتشارد دوكنز 102551125 141610310؛ ولكن للأسف 
تمت مقاطعتي بطريقة فظة فخرج دوكنز بسرعة من المحادثة. كانت 
المواضيغ الى تركر عليه معاطراق نتراوج تين اهل يمكق أن نعيين حاة 
أفضل بلا دين؟» و١هل‏ يمكن تفسير الوعي بصورة أفضل عن طريق وجود 
الخالق؟» و«الإسلام والإلحاد: أيهما أكثر عقلانية؟)" وقد سرّعت هذه 
المناظرات وسهّلت عملية تحسيني وتنقيحي للحجج التي كنت أستخدمها. 
كان لهذه المناظرات فائدة عظيمة حتئ أن من يعرف أعمالي سيجد أني 
تطورت من مجرد مستخدم لحجج الفلاسفة المحللين إلى استخدام مواقف 
لها أصولها ومنطلقاتها الإسلامية. وهذا لا يعني أني تركت كل الحجج التي 
كنت أعتمد عليها سابق» بل -وكما سترئ في هذا الكتاب- إني أبقيت جميع 
الحجج السليمة والعامَّة والقوية مع إعطاتها نكهة إسلامية» بالإضافة إلى 
تنقيحها والتأكد من ترابطها الديني والعقلاني. 

وقد وجدت أن إكمالي للدراسات العليا في الفلسفة بجامعة لندن كان له 
فائدة كبيرة؛ حيث تحسنت قدرتي على تفنيد وإثبات الرؤئ الفلسفية بعين 
ناقدة. أنا الآن أكمل دراساتي العليا في هذا المجالء وأنوي الاستفادة مما 
تعلمته لأقدّم حجة عقلانية ووديّة تدعم الإسلام التقليدي للمتلقين من 


.171195/.8102212011215.6010 يمكنك مشاهدة بعض هذه المناظرات علئ هذا الرابط‎ )١( 


ذا 


مختلف المجالاات. 

لقد شكّلت وأثرّت هذه التجارب الأكاديمية علئ محتوئ الحجج 
المعروضة في هذا الكتاب وتسلسلها المنطقي. وكذلك عززت هذه التجارب 
اعتقادي ني أن علم الدين الإسلامي والفكر والفلسفة الإسلاميين - المبنيين 
علئ القرآن والتعاليم النبوية - هي بديهية ومترابطة وقوية. 

لا يوجد كتاب آخر باللغة الإنجليزية يعرض العقيدة الإسلامية بوضوح 
وعقلانية ويناقش في نفس الوقت تفكك فكرة الإلحاد» ولا يقصد من هذا 
الكلام مدح كتابي» بل الإشارة إلئ افتقارنا إلئ الكتابات في مثل هذا 
الموضوع. فمن خلال محاضراتي التي قدمتها في مئات الجامعات حول 
العالم تحاورت مع الآلاف من المسلمين وغير المسلمين من الطلاب 
والأكاديميين. وقد وضّحَت لي هذه الحوارات - بالإضافة إلئ ارتفاع نبرة 
الإلحاد - أن الناس في عطش شديد لمعرفة ما يتعلق بالمنظور الإسلامي عن 
الإله وعن دور الوحي وعن شخصية الرسول محمد #2. يحاول هذا 
الكتاب إرواء هذا العطش المعرفي عن طريق تزويد جمهور اللغة الإنجليزية 
بمجموعة من الحجج المترابطة منطقي حول وجود الله ووحدانيته» ولماذا 
يستحق العبادة» وعن القرآن كوحي منزل» وعن نبوّة محمد 2©. ويرد هذا 
الكتاب ويناقش العديد من الحجج الأكاديمية والشائعة والاعتراضات التي 
تؤيد فكرة إنكار الإله. 

هذا الكتاب عبارة عن مزيج من الحجج العامة الشائعة» والحجج 
الإسلامية التي تدعم وجود الخالق وصحة القرآن ونبوّة محمد غنت. كثير 


نذا 


من هذه الحجج قد جُربت وأختبرت مع أكاديميين ومفكرين علئ مدئ 
سنوات. وكل فصل من فصول هذا الكتاب سأذكر فيه ما يتعلق به من مراجع 
إسلامية للتأكيد علئ الأساس الإسلامي لكل حجة؛ وذلك لإزالة أي اعتقاد 
خاطئ بأن هذه الحجج هي مجرد حجج معتبرة فلسفي] فقط وأنها لا تقوم 
علئ أساس إسلامي صحيح. تقريبَ نصف الاستشهادات المستخدمة في هذا 
الكتاب مصدرها التراث الإسلاميء بما في ذلك القرآن والسنة النبوية” 
والتراث العلمي الديني. لا يركز الكتاب على مجرد الرد علئ الإلحاد من 
منظور إسلامي» بل يستعرض حجة مهمة تثبت أن القرآن مصدره إلهي. 
ويشرح كيف أنه بالنظر إلئ تجارب الرسول 2 الحياتية وتعاليمه وما تركه 
من أثر» فإنه لا يسعنا إلا أن نستنتج أنه آخر رسول قد أرسله الله» ويفصّل 
الكتاب بشكل واضح سبب استحقاق الإله للعبادة التي هي سبب وجودنا. 
فسواء كنت مسلما أو ملحداً أو متشككاء فإني أدعوك لقراءة هذا 
الكتاب بقلب وعقل متفتّحَين متجرّدين. أنا موقن تمام] بأنه في حال قراءنك 
للكتاب بتجرد باحش عن الحق فإن أحد الاستنتاجات التي ستصل إليها هو 
أن الإلحاد سراب فكري في حقيقته. وأن المفهوم الإسلامي للخالق هو 
مفهوم منطقي وصحيح. بعد انتهائك من قراءة هذا الكتاب سترئ أن عبارة 
«سراب فكري» هي وصف دقيق للإلحاد. السراب هو وهم بصري نستشعره 
بسبب ظروف بيئية محيطة. ومن منطلق مشابه.» فإن الظروف التي تسهل إنكار 
الإله مبنية على افتراضات خاطئة عن العالم وحجج واهية» وفي بعض 


2 


2 


)١(‏ السنة النبوية هى أقوال النبى محمد َي الثابتة عنه وأفعاله وتقريره. 


3 


الأوقات عل مسلمّات فكرية زائفة تغطى ما وراءها من عوامل عاطفية» 
وأحيانً أيض] تكون متآثرة بحب الذات. الإلحاد ليس مبنيً علئ الالتزام 
بالعقل» بل هو في كثير من الجوانب معادي له (انظر الفصل الثالث). 


ع ماه وك 
2 2 يت 


>30 


الفصل الأول: 
الإلحاد: 
تعريفه؛ وتاريخه؛ وانتشاره 


قد تكون أفضل نقطة نبدأ مها هي تعريف ما يقصد بمصطاح الإلحاد. كلمة 
الإلحاد 806512 لغةَ تعني غير مؤمن»» وبعبارة أخرئ؛ هو الشخص الذي لا 
يؤمن بإله أو آلهة. السابقة 2 في كلمة 2615173 تعني النفي مثل «غير» أو اليس) 
و512اعط) تأت من كلمة 0605] والتي تعني «الإيمان بوجود إله أو آلهة متدخلة 
فاعلة»» وكلا من الكلمتين تأتيان من اليونانية. ولكن الاعتماد علئ المعنئ 
الحرني ليس كافي لشرح لوازم هذا المصطلح وما يترتب عليه؛ فماذا يعني إذاً 
عدم الإيمان بإله أو آلهة؟ هل يعني أن لدئ من يصف نفسه بالملحد حجج 
إيجابية تدعم الإلحاد؟ أم يعني أن هؤلاء غير مقتنعين حالياً بأي حجة تدعم 
الإيمان بإله؟ أم يعني أنهم فقط لا يؤمنون بأي إله (أي بدون أي دليل)؟ 

لم يتوصل الأكاديميون إلئ تعريف متفق عليه للإلحاد. وما يهمني هنا 
ليس التفاصيل الفلسفية الدقيقة» بل الجانب العملي له". لنستعرض السؤال 


510 08 183206001 عغط1 ضا ,”0واعطنف“ عطتمقكء<آ ,نصةتاللاظ معطمعنهة (1) 
11-2.مم 


/ 


الأول الذي طرحته: «هل يعني أن لدئ من يصف نفسه بالملحد حجج 
إيجابية تدعم الإلحاد؟» وبهذا المعنئ, فإن الملحد هو شخص يدعي ادعاءً 
معرفي ألا وهو «أنه لا توجد آلهة». وبالطبع» فإن ادعاءاً مثل هذا يتطلب 
تبريراً. فهذا الادعاء يعتبر نوع من التوكيد (أو الإثبات) الإيجابي» ويتطلب 
تقديم حجة ما لدعمه. ولذلك,. فإنه يجب على هذا النوع من الملحدين 
الذين يتخذون هذا الموقف أن يقدموا دليلآ علئ صحة موقفهم. 

وهذا يقودنا إلئ السؤال الثاني: «أم يعني أن هؤ لاء غير مقتنعين حاليا بأي 
حجة تدعم الإيمان بإله؟» وهذا الموقف يبدو أنه يخرج من نطاق الإلحاد 
ويدخل في نطاق «اللاأدرية». وتبني موقف كهذا يلمح إلئ أنه في حال قدت 
لهم حجة قوية علئ وجود الخالق فيلزمهم قبولها. 

وأخيراً لدينا السؤال الثالث: «أم يعني أن هولاء فقط لا يؤمنون بأي إله؟» 
فإن كان هذا الملحد شخص لا يؤمن بناءً علئ مجرد الاختيار في ظل غياب 
أي استقصاء عقلي؛ فكيف يختلف هذا إذاً عن أي إيمان آخر مثل الإيمان بأن 
التنانين [جمع تنّين] حقيقية أو أن بابا نويل حقيقي؟ 

من خلال خبرتي» فإن طرح سؤال «لماذا لا تؤمن بوجود خالق؟) يعتبر 
استفتاحية رائعة لبداية محادثة مع الملحدين (انظر الفصل الرابع). وبناءً على 
الرد الذي يأتيني» أستطيع أن أعرف ما إذا كانوا لاأدريين» أم أنهم ملحدون 
يؤمنون بعدم وجود خالق بدون أن يكون لديهم أي دليل إيجابيء أو أنهم 
ملحدون لاقتناعهم بحجة ضد وجود خالق. إذا كانوا لاأدريين» فإن أفضل 
طريقة أراها هي تقديم أسباب مقنعة تدل علئ وجود الخالق؛ فإن كانوا 


إن 


صادقين وكانت الحجة المقدمة لهم صحيحة. فعليهم أن يقبلوا بفكرة 
الوجود الإلهي. وإذا كانوا يؤمنون بعدم وجود خالق بلا دليل» فما أجده 
مفيداً في هذه الحالة هو جعلهم يشكون في معتقداتهم ويعيدون التفكير فيها 
عن طريق سؤالهم: ما الدليل الذي بنيت عليه فكرة أن الخالق غير موجود؟ مع 
توضيح السلبيات التي تترتب على مجرد الإيمان بشيء بناءً علئ الهوى فقط 
بدون أي استنتاج أو تفحص عقلي. أما إذا ادعوا أن لديهم دليل ضد وجود 
خالق, فإني أطلب منهم تقديم الدليل. وفي هذه الحالة» فإن مهمتي كمسلمء 
هو أن أبين لهم أن الدليل الذي قدموه علئ عدم وجود خالق إما خطأ أوتم 
إساءة فهمه» وفي نفس الوقت أقدم الأدلة التي تثبت وجود الخالق. 

ذه سأعيد باختصار ماذا يعني - عملي - أن يكون الشخص ملحداً. 
أولآً هناك نوع التوكيد السلبي أي أن الشخص ببساطة لا يؤمن بإله أو آلهة. 
ثاني» هناك النوع الآخر الذي يرئ أن الحجج التي تدعم وجود خالق غير 
مقنعة» وهؤلاء هم اللاأدرية. وأخيرء هناك نوع التوكيد الإيجابي الذي يدعي 
أنه لا يوجد خالق, وهذا النوع يلزمه تقديم حجة لإثبات موقفه. من خلال 
تجربتي» وبغض النظر عن تفاصيل المناظرات الدقيقة» فإني أجد أن كثيراً من 
الملحدين هم ببساطة ملحدون لأنهم غير مقتنعون بأي حجة تؤيد وجود 
الخالق. وهذا يعني أن معظم الملحدين ليسوا ملحدين حقا بل هم لاأدريون 
في الخفاء» ما يعني أن الآمل في هؤلاء موجود. وما علئ الشخص إلا أن يقدم 
حججا مقنعة تدعم الإيمان بوجود خالق. 


ولكن واقع الأمر ليس بتلك السهولة إطلاقا. البشر ليسوا مجرد 


ل 


روبوتات فكرية» بل هناك مجموعة متداخلة من العوامل العاطفية 
والاجتماعية والروحية والنفسية التي تحدد ما الأفكار التي نتبناها وما 
الأفكار التي نرفضها. ومن المستحيل الخوض في تفاصيل هذا العدد 
اللامبائي من العوامل التي تؤدي في النهاية إلئ قرارات أو معتقدات معينة. 
ولكني وجدت من خلال تجربتي أن الإلحاد ليس قراراً فكريّ محضاً نابع] 
من العلم والعقل. بل علئ العكس» وجدت أن الإلحاد له جذور عميقة في 
علم النفس (مع إدراكي بأن هذا الشيء ينطبق علئ بعض الملحدين وليس 
كلهم). 

كره الله دوتع ط)21150: 

مع أنه لا يعتبر نوع من أنواع الإلحاد, إلا أني رأيت أنه من المهم 
التطرق إلئ نوع آخر من أنواع رفض الخالق. هذا النوع لا يرفض بالضرورة 
وجود الخالق ولكنه يكرهه ويتمنئ لو أنه لم يوجد. مصطلح «كره الإله) 
122100 يأ من 111505 وتعني «كره) و5مع6] وتعني «إله»). ومن هنا 
نجد أن هذا التمرد الديني موجود ومستتر في الظلام» وحان الوقت لتسليط 
الضوء علئ هذا النوع من إنكار الخالق والذي يرئ البعض أنه الأساس 
النفسي لأنواع معينة من الإلحاد. ألففّ الأستاذ المشارك بيرنارد شوايزر 
1 861314 كتابَ حول هذا الموضوع.؛ وبعد تحليل لعدد من 
الأعمال الأذيسة لمفكريق وكتاب مشهوزين سد الغرتن بشاراز 
سوينبيرن» وزورا نيل هيرستونء وربيكا ويستء وإيلي ويزلء وبيتر شافر» 
وفيليب بولمان - استنتج أنهم كانوا يعانون من فكرة كيف يكون رب رحيم 


في عالم مليء بالشر والمعاناة. ويشير شوايزر إلئ أنه - بشكل عام - يعتبر 
الدافع وراء هذا الكره للإله هو «الطبيعة البشرية ذات النزعة الاندفاعية»”, 
وأن «كاره الإله» ]201501615 لديه مشاكل عاطفية ونفسيه. وأنه (ثبت أن أكثر 
الناس صدوداً عن الإله هم المتأثرين إما نفسياً أو عاطفيً أو جسدي])”. وأنه 
١لا‏ يوجد ما يؤكد أنه باتباعنا لطرق أكثر تأثيراً في الإقناع يمكننا أن نطفئ نيران 
كرههم للإله أو نسد الطريق الذي يوصلهم إلئ الإلحاد»”. وعلئ الرغم من 
أن هؤلاء المفكرين والكتاب يمثّلون أشكالاً مختلفة من «كارهي الإله) إلا 
أغهم جميع] يتساءلون عن دور الإله في معاناة الإنسان: 

«الحالة تختلف بالنسبة إلئ كاره الإله. فبالنسبة إليه» عدم التوافق الذي 
يزافبيق العو لمسعر او الماك ريرق قنور الله ادر مح مسال حي 
وليس مجرد جزئية دقيقة من جزئيات الحجج الإلهية. كارهوا الإله هم 
متّهمون حقيقيون للإله؛ فهم يحمّلونه مسؤولية كل شر عشوائي وكل معاناة 
غير مستحقة. ولذا نجد أن الملحدين وكارهي الإله يتساءلون عن دور الإله 
في معاناة البشر من اتجاهات متعارضة: الملحد سيقول أن كاره الإله مخطىئ 
وأن:دعواهميئة عل خيال» وأما كاره الآله نفسه- وتحديدا لأنه مومرم -فإنه 
لايرئ أن الإله شمّاعة للشر بل مساعد أو محرض عليه)9. 


7177 .لواعط 21150 01 تكدم1ك 1010دنا عط1 :00 عستتمط .(2010) .2 رتعداء خطعهة (1) 
.8 .6( رووع21 0151517 لآ 01010 مما 


20 المصدر السابق» ص .)5١5(‏ 
02 المصدر السابق. ص (/ا١518-5).‏ 
)2 المصدر السابق» ص (/ا١١18-5١5).‏ 


أذ 


دراسة شوايزر هذه دقيقة جداً؛ فهو يصنف كارهو الإله إلئ «كاره إله 
لاأدري» و«كاره إله كامل» و«كاره إله سياسي». وخلاصة الكلام السابق 
للدكتور أن كاره الإله مدفوع بسؤال مهم وهو: «ماذا فعلت البشرية حتئ 
تستحق الإله وماسّمّح به من الشر والمعاناة؟». ومن خلال خبرقي 
المحدودة» أستطيع التأكيد علئ أن كثيراً من الملحدين هم فعليً كارهو إله 
في الخفاء. وعادة ما يتم الاستدلال علئ صحة هذا الاستنتاج عن طريق طرح 
سؤال واحد: (إذا كان الإله موجود فعلاء فهل ستعبده؟» (انظر الفصل 
الخامس عشر). كان رد أكثر الملحدين الذين واجهتهم بهذا السؤال هو «لا) 
ثم يبدؤون عادة بذكر مقدار الشر والمعاناة «غير الضروري» و«غير المبرر) 
في العالم. وبالرغم من تعاطفي مع قلقهم تجاه المعاناة التي يواجهها غيرهم 
من الكائنات التي تحس وتشعرء إلا أن الملحدين وكارهي الإله يعانون نوعا 
من الأنانية المقبّعة؛ فهم يبذلون جهداً كبيراً لثلا يروا العالم إلا من وجهة 
نظرهم الخاصة فقط. ولكنهم برؤيتهم هذه يقعون في نوع من المغالطة 
العاطفية أو الروحية؛ حيث يُجِسّمون (أو يأنينون) الإله بتحويله إلئ إنسان 
محدود القدرة. فهم يفترضون أن الإله لا بد وأنه يرئ الأشياء بنفس الطريقة 
التي يراها البشرء وبناء على ذلكء فإنه يجب عليه أن يوقف الشر كله. فإن 
سمح الإله للشر بالاستمرار» فإنها تجب مساءلته ورفضه. 

مقارنتهم الإله بالإنسان يكشف عدم قدرتهم على فهم الآمور بشمولية. 
وهنا قتويرة كاز" لاله مس ور اننا م عدا بهاء أة البقر اعت رهية 


وشفقة من الخالق. وهذا يوضح أكثر عدم قدرتهم علئ رؤية الأشياء إلا من 


بذ 


منظورهم» ويكشف قصورهم عن فهم أن أفعال الخالق ومشيئته يسيران وفق 
منطق إلهي وأسباب إلهية لا نستطيع الوصول إليها أو فهمها بصورة كاملة. 
الإله لا يرغب في حدوث الشر والألم. الإله لا يمنع هذه الأشياء من 
الحدوث لآنه يرئ ويعلم ما لا نرئ وما لا نعلم» وليس لأنه يريد لها أن 
تستمر. فالإله يرئ الصورة كاملة أما نحن فلا نرئ إلا بكسل واحد منها”. 
فهمٌ هذه النقطة يساعد علئ الطمأنينة النفسية والعقلية؛ لأن المؤمن يدرك أن 
كل مايقع في هذا العالم هو في النهاية يحدث في ظل حكمة إلهية مطلقة 
مصدرها خير إلهي مطلق. وعدم قبول هذا الشيء هو بالضبط ما جعل كارهي 
الإله يقعون في مستنقع الغطرسة والأنانية» ومن ثم - في نهاية المطاف - في 
اليأس. فالكاره للإله قد فشل في الاختبار» وكرهه للإله يُنسيه حقيقة هذا الإله 
ويجعله يتجاهل حقيقة الحكمة والرحمة والخير الإلهي (انظر الفصل 
الحادي عشر). 

الإلحاد والفلسفة الطبيعية: 

قبل أن أناقش التعريف الإسلامي لمصطلح الإلحاد. يعد هذا الفصل 
فرصة جيدة لتقديم مبدأ سنتعرض إليه كثيرا في هذا الكتاب» فمثل الإلحاد؛ 
تنكر الفلسفة الطبيعية أي شيء إلهي أو خارق للطبيعة» لذلك ليس مفاجئا أن 
معظم الملحدين يتبنون الفلسفة الطبيعية كنظرة إلئ العالم» فالفلسفة الطبيعية 
تنظر إلى كل الظواهر التي في الكون في ضوء تفسير العمليات الفيزيائية» وأن 


)١(‏ البكسل في عالم الإلكترونيات والحواسيب الرقمية هو أصغر مكون أو نقطة للصورة 
(الناشر). 


رذ 


تلك العمليات الفيزيائية عمياء وغير هادفة» الفلاسفة الطبيعيون يرفضون أي 
ادعاءات خارقة للطبيعة وبعضهم يحتج بأنه إذا كان هناك شيء «خارج» 
الكون فلن يكون متدخلا فيه» وعلئ هذا فالملحدين طبقا للبروفيسور 
ريتشارد دوكينز يتبعون الفلسفة الطبيعية» فوفقا لدوكينز فإن الملحد «يؤمن 
بأنه لا يوجد شيء خارج العالم الطبيعي والفيزيائي»”» ومع ذلك هناك بعض 
الملحدين الأكاديميين لا يتبعون الفلسفة الطبيعية» ورغم ذلك ينكرون الإلهى 
هم يؤكدون علئ وجود ظواهر غير فيزيائية» وبالنسبة إلئ المؤمنين» فإن هذا 
النوع من الإلحاد - وبوجه عام - هو أسهل في النقاش الفكري لعدم إنكاره 
للظواهر غير الفيزيائية» وببذه النظرة يوجد قاعدة مشتركة مع الإيمان إنه من 
الهام معرفته آن أكثر الملحدين الذين يؤكدون وجود أدلة علئ عدم وجود إله 
- أو يحتجون بغياب الأدلة القوية على وجود إله - هم يتبنون الفلسفة 
الطبيعية بصورة مباشرة أو غير مباشرة» وعلئ هذا فأكثر الحجج التي 
سأقدمها في هذا الكتاب يمكن أن تستخدم مع الملحدين الذين يتبنون 
الفلسفة الطبيعية والذين لا يتبعونها. 

التعريف الإسلامي: 

المصطلح التقليدي الذي يقابل 512اء 20 في الإسلام هو (إلحاد). وهو 
مايعني حرفي] «الميل أو الانحراف»» أو ما يترجم بالإنجليزية إلئ 
55 أي «اللاإلهية». كلمة «إلحاد) تأت في الأصل من كلمة «لحداء 


.14 .2 ,2155 8311332 :020011آ .1011151052 600 عط (2006) .]1 ركصك]1كحة10 (1) 


َْ 


الميت في تجويف جانبي داخل القبر. وبهذا المعنل؛ فإن اللحد يعتبر منحرفا 
أو مائلاً عن حفرة القبر الرئيسية. ويعني ذلك - لغويا - أن الإلحاد انحراف 
ع ما طبيعي أو منطقي. وقد أشار النبي محمد © إلئ أن جميع البشر 
يولدون على الفطرة؛ فهم مجبولين بطبيعتهم على معرفة وجود الخالق 
ولديهم ميل غريزي إل عبادته: «ما من مولود إلا يولد علئ الفطرة» فأبواه 
يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه...)" (انظر الفصل الرابع). هذه المعلومة 
النبوية تعطينا أساسً واضحا ينبني عليه الاعتقاد الإسلامي بأن الإلحاد أمر 
غير طبيعق:واشاة عن التفسن البشيرية: 

وفقآ لمفهوم الألوهية في الإسلام» فإن الإله هو الخالق وهو الرازق 
وهو المبدئ. الملحدون ينكرون هذه الأسماء لأنهم يتكرون وجود خالق 
للكون» مذهب الإسلام في وحدانية الإله المعروف ب «التوحيد» يعتبر أنه من 
الشرك إنكار أي من أسماء الله وصفاته (انظر الفصل الخامس عشر). 
التو 1 فكرة الخالق الذي يحفظ الكون ويدبر شؤونه. ولذاء 
فل تستوت تاكيك القران ليد أن الذيق كروك الخالق ا لا يوقتون 4 
(الطور:7)» وأنه لاايرفضن. دين التونحيد إل من سفة كفك > (النقرةه :0018 
وهذا يدلل علئ أن المشركين - ويتبعهم الملحدون بالضرورة - ليسوا 
عقلانيين» وأغهم متهورون يفتقدون الحكمة. وباختصار» فالوصف الإسلامي 
للإلحاد هو أنه غير طبيعي ومبني علئ عدم اليقين وعدم العقلانية. 


(؟) قال تعالول: 9وَمَنْيَرَعَب عن مِلِإتِرهِحْمَإِلا من سَفِة مَفْسَفُد 4 (البقرة::17): 


0 


تعريف الإلحاد بهذا الشكل ليس محايداً؛ بل يفترض - افتراض] إيجابي] - 
وجود إله أو خالق» وهذا ليس غريب؛ فالقرآن لا يقبل بأن يكون الإلحادهو 
الموقف الافتراضي والطبيعي هنا. ويشير هذا الكتاب السماوي باستمرار إلى 
الظواهر الطبيعية» ويّراد من هذه الآيات أن تكون المرتكز ونقطة البداية التي 
ينطلق منها القارئ أو المستمع ليستنتج أن الإله هو المستحق للعبادة؛ لآنه 
هو الذي خلق الكون بحكمة وبدقة وبجمال ولغاية. وهذه الآيات تستدعي 
أيض] جلال الإله وقوته وعظمته ورحمته ومودته. وعلئ الرغم من أن هناك 
آيتين - علي الأقل - تناقش الإلحاد بشكل مباشر (انظر الفصل الخامس)» 
إلا أن أغلب ما في القرآن مما يتعلق بالعالم التجريبي, بالإضافة إلئ تأسيسه 
للحجج العقلية» فهو يعمل كدلالات ذات فعالية كبيرة للوصول إلئ استنتاج 
أن هذا الكون - بكل ما فيه - لق بحكمة وقدرة وغاية إلهية. وهذا بدوره 
يدفع عقل الشخص وروحه إلى استنتاج أن الإله هو من يستحق الحب 
والعبادة (انظر الفصل الخامس عشر). هذه الطريقة القرآنية هي دلالة واضحة 
علي أن الإلحاد -والسؤال المتعلق به: «هل يوجد إله؟»- ليس هو نقطة 
البداية الطبيعية» بل هو الموقف غير الطبيعي الرافض للحقيقة (انظر الفصل 
الرابع». 

تاريخ مختصر للإلحاد: 

- في التاريخ الإسلامي. 

لم يمثّل الإلحاد أي تهديد كبير سواء من الناحية الاجتماعية أو الفكرية 
إل أن ظهر الدهريون في القرن الثامن [الميلادي]. هؤلاء المفكرون كانوا 


5 


تجريبيين يؤمنون بأن اكتساب المعرفة لا يكون إلا عن طريق الحس 
والتجربة. كانوا يعتقدون بأن الكون أزلي وأنه يتكون من أربع خصائصء وأن 
هذه الخصائص الأربع هي المسؤولة عن وجود كل شيء. فهؤلاء يدَّعون أن 
كل شيء موجود كان دائم الوجود بغير حاجة إلئ خالق أو صانع ليأتي إلى 
الوجود”. 

وقد نقل أبو الفرج الأصفهاني» كما جاء في كتابه «الأغاني»» أن عالم 
الفقه المشهور ومؤسس المذهب الحنفي «(أبو حنيفة» قد ناظر أحد الدهرية 
في القرن الثامن. ومعروف عن أبي حنيفة أنه قد ألجم الدهريين في المناظرات 
العلنية (انظر الفصل الثامن). كثير من علماء المسلمين ردوا علئ ادعاءات 
الدهريين ومنهم الغزالي وابن الجوزي والجاحظ ومحمد بن شبيب وابن 
قتيبة وأبو عيسئ الورّاق”. ويصف الغزاليء في كتابه «كيمياء السعادة» 
الدهريين بأنهم نوع من الاختزاليين الذين يفتقدون الفهم الشمولي للكون 
والهدف منه. ويرئ أنهم مثل نملة علئ قطعة من الورق لا تستطيع رؤية من 
يقوم بالكتابة لأنها لا تتجاوز بعينيها الحبر أو القلم الذي أمامها”. 

التاريخ الإسلامي المتعلق بموضوع الإلحاد يُظهر بوضوح أنه كان هناك 
بِيئةَ مواتية للنقاش الفكري والمناظرة» والتي لم تكن لتوجد لولا الاحترام 
:لاط نل .111881 بسهاذآ 2ه دتلعمهءتوعصظ .(متعلمصدعةم) مسمتعطلى .2 رعمدمت ‏ (1) 


وعقتلطه0 81111 .01500] أاع1عا8 ,113185 قط0ل ,ع8 7126112 قلدع0آ ,تعمصمت؟ا مسحتلناي 
2_8 ) _13ه _0:.001.018/10.1163/1573-3912//:صاغط :2012 


(0) المصدر السابق. 

(90) الغزالىء كيمياء السعادة. 

7 1102513660 .55ع12ممقط 08 تإمتعطعءاخ عط]!: :522021 عحنووتستا (2007) .الوجقطن-ام 
.2 ,11011 80016 1513221 :1لاملطنا 212جكا .21610 ع تهات 


و3 


المتبادل والتسامح. والقرآن يؤكد ويشدد علئ أن وجود اختلاف في المعتقدات 
هو جزء من مشيئة الإله» وأنه يجب ألا يكون هناك أي نوع من الإكراه» بل 
الاحترام المتبادل والتسامح حيث قال ككْكْ: « وَلَوْسَاءَ رَبك لَآَمَنَ مَنْفى الأض 


0 
اا د در خا ومع 


كُلهُحَ حِيعًا أَفأنتَ ذكرة آلنّاسَ حَقَّ يَكُونُوأ مُؤْمِيت »4 (يونس:49)» وقال كلكَ: 
« لآ إِكرَاه فى آلليين > (البقرة:557). 

روا اق مدي لحف لاقن "الحعادي | ريدي ادف هونن 
الإسلام من المعتقدات الأخرئ فيقول: 

التعايش بسلام مع الآديان والمعتقدات الأخرئ هو مبدأ أساسي في 
الإسلام والمنصوص عليه بوضوح في كثير من آيات القرآن» وهو مبدأ طبّقه 
المسلمون عل أرض الواقع خلال تاريخهم. فهذا التعايش ليس أمراً يفرضه 
خارجية» بل هو متطلب تفرضه طبيعة هذا الدين...) ". 

وفي التراث الفكري الإسلامي ما يكفي لزرع الثقة في المسلمين الذي 
يتعرضون لتحديات معاصرة تواجه الأسس العقلانية لدينهم. وقد تم بالفعل 
الإجابة والرد في التراث العلمي الإسلامي القديم علئ كثير مما يسمئ 
بالاعتراضات الجديدة من الفكرين الإلحادي والعلماني. ومن هذا الجانب» 
الوصول إل تلك الثروة المعرفية» وأن يتعلموا كيف يجعلوها مناسبة لهذا 


:00615122 ال1ععوع2 01 167 عتمطنقا؟]آ مث .(2012) .ل ,10215 (1) 
.636111-16 0100/21-151310210-1716157-01-0» . 2318110115 [. 15177 


3 


- في الفكر الغربي. 

لم يكن للإلحاد حركة معروفة في العصور القديمة ولم يكن له تبعية 
كبيرة. فحسب كلام المؤرخينء كل ما كان في تلك الفترة هو مجرد حاللات 
استثنائية وأفراد «تجرؤوا علئ التصريح بعدم إيمانهم» أو فلاسفة جريئون 
قدموا نظريات معرفية عن كيف أتت الآلهة إلى الوجود. وعادةً ما يحدث هذا 
من دون أن يضعوا نظرياتهم في حيّز الممارسة» ومن دون أن يرفضوا 
المماورساك الذي ]فيو اول استخدام لمصطلح الإلحاد دموتعطاة 
يمكن إرجاعه إلىئ العالم اليوناني السير جون تشيك في ترجمته لمؤلّف 
بلوتارك المعنون ب (حول الخرافة» 51/275110 207. وفي فرنسا خلال 
القرن السابع عشرء استثار الإلحاد الكتابات الجدلية والنظم والإجراءات 
الاجتماعية والسياسية التي أتخذت ضد فكرته”. وكان يُنظر للإلحاد في 
المتلكة المتحيدة غلرة أنه آم خط مدل القررن الخامن عقي وقد لفت اكات 
المسرحي والإنشائي الشهير جوزيف أديسون 4001502 م1056 كتابً عنوانه 
«برهان الدين المسيحي") 71 01715111 ©1717 0 16 انط ©2171 
وتضمن فصلا ضد الإلحاد. وفي هذا الجزء من الكتاب» يصف أديسون 
الملحدين كما يلي: 

هناك شيء سخيف جداً وشاذ في هذا النوع من المتعصبين إلى درجة 


10 ع1 ,.0ه بللكتة7/1 .171 :ص[ .111و مث طا مداعطتك .(2007) .81 .ل متعصمووءط (1) 
,655 :017151ل] ع1108طمطهن :ةهلآ 397ع81 .801102 156 ,لداع طلاخ م1 امتمةصصيصطاه 0 


2.1 
ع1 ,.0هء ,متكته/ا .171 نص[ .تكتماوتط جمعل5100 صا دمواعطتكخ .(2007) .0 بصمقصصطط (2) 
.9 .2 ,41615123 10 102 ةماهت ع1108طمطة) 


إياذ 


أن الشخص لا يستطيع أن يصفهم ويعرضهم في شكلهم الحقيقي. هؤلاء 
كأنهم نوع من المقامرين الذين يغضبون باستمرار مع أنهم لا يلعبون لهدف 
محدد» ويزعجون أصدقاءهم ليآتوا إليهم مع أنه في نفس الوقت لا يستفيد أي 
طرف منهما من هذا العمل» بل لا يسمحون بذلك لو أراد أحد أن يستفيد. 
باختصار» الحماسة لنشر الإلحاد - إن كانت ممكنة حق - هي أكثر سخافة 
من الإلحاد نفسه... يعتنقون آراء مليئة بالتناقضات والاستحالة» وفي المقابل 
تجدهم يمسكون بأدنئ استشكال يجدونه في مقال يتحدث عن الإيمان 
ويرونه سببا كافيً لرفض الدين كله... أريد أن أسأل هؤلاء الملاحدة 
المتعصبين؛ لنفرض صحة حجج الإلحاد الكبرئ مثل التشكل السببي أو 
الأزلي للكونء وماديّة العضو الذي نفكر به وانتهاء الروح. والتنظيم 
الجسدي بالصدفة» وحركة المادة وتجاذيهاء وغيرها مما يشابهها.. لو جمعت 
هذه الأشياء ووضعت علئ شكل من أشكال العقيدة.. بناءً علئ الآراء التي 
نان العنور طلسي انزلاب علي قرفي أنمت تدع مقن ذه اليد 
وفُرضت علئ شخص من الأشخاص ليؤمن بهاء ألن تتطلب قدراً أكبر بكثير 
من الإيمان الموجود في تلك المقالات التي يعارضونها بعنف. دعوني إذاً 
أنصح هذا الجيل من المشاحنين -لمصلحتهم ولمصلحة العامة-, أن 
يتصرفوا علئ الأقل بثقة مع أنفسهم فقط؛ حتئ لا يحترقوا بسبب الحماسة 
ضد الدين والعصبية للهراء)”. 


-223 .22 ,02001آ .115102عك] نهاك اتطن) عط 1ه ععمعل1ك8 عط .(1753) .ل ,مه0015ى (1) 
.224 


0 


بالرغم من جمالية كلمات أديسون هذه. إلا أنها تدل علئ أن النقاشات 
الدينية في القرن الثامن عشر كانت تتميز بالانفعالية والشدة. وعلئ الرغم من 
أن الإلحاد كحركة لم يكن مشهوراً في بريطانياء فإن بذور عدم الإيمان قدتم 
غرسها بالفعل وأن شيئآ من ثمارها قد بدأ يظهر. 

على الرغم من أن تصوير أديسون للإلحاد يعتبر تعليق] اجتماعيا منحازاً 
حول النقاشات التي ظهرت في وقته. إلا أن القرنين السابع عشر والثامن عشر 
تميزا بإنجازات فكرية بارزة مهدّت الطريق أمام شيءٍ من التشكك الأكاديمي 
ونوع من الإلحاد الذي لا يعتمد على مجرد الإيمان. وهناك الكثير من 
الفلاسفة والمفكرين الذين يُعتبرون مسؤولين عن هذا التطورء ففي عام 
848, أنكر المفكر البولندي كازيميرز ليسزتشينسكي وجود الإله في كتابه 
«الإله غير الموجود)» ويقول ليسزتشينسكي أن «الإله» من صنع الإنسان» 
وأ الشر كلقا شرع الله لسمكتر امن السلط عارك الالعررق من خلولة: 
وفي عام 2115 كتب ماثايس كنوتزن كتابات في تأييد فكرة الإلحاد. وكان 
لكنوتزن جمهور كبير علئ مستوئ أوروبا. وني القرن الثامن عشرء قدَّم أمثال 
ديفيد هيوم عمصدة1 23:10 وفولتير 177014316 حجج) وأفكاراً كانت تمثل 
البذور الفكرية الأساسية لتثبيت الإلحاد. فولتير كان يؤمن بفكرة الربوبية؛ 
وهو موقف فلسفي ولاهوتي يعتقد بوجود خالق, إلا أنه يرفض دور الوحي 
وسلطة العلم الديني. أما ديفيد هيوم فقد كتب موادا أساسية فيما يتعلق 
بموضوع الإله والدين. وكان يدعي أن فكرة الإله غير قابلة للاستيعاب» 
وعارض أيضاً مبدأ ضرورة وجود الإله» وكان يحاول أن يكشف ضعف 


0١ 


وقصور الحجج التي تعتمد على التصميم (انظر الفصل الثامن). ويرئم هيوم 
أن وجود الشر والمعاناة في العالم يمثل تحديا عقليا قويا. وبترديده كلام من 
وعدم قدرتنا علئ تفسيره من وجهة نظر إنسانية» إلا أنها لا تنفي وجود الإله 
(انظر الفصل الحادي عشر). وكان لهجوم هيوم علئ المعجزات الدينية تأثير 
كبير؛ فكان يدعى أن الإيمان بالمعجزات يمكن أن يكون عقلانياً إذا كانت 
نسبة احتمالية خطأ شهود العيان أقل من نسبة احتمالية ظهور هذه 
أو الأكاديميء إلا أنه يعطى تصوراً عن رفض الإله عند الغرب في تلك الفترة. 
وفي القرن التاسع عشرء كان تشارلز برادلو 8120118 031165 أحد 
الشخصيات المهمة التى كافحت في سبيل جعل فكرة الإلحاد مقبولة. كان 
برادلو عضواً في البرلمان البريطاني» وخاض معركة طويلة ليجعل المجتمع يتقبل 
الإلحاد» وعلئ الرغم من أنه لم يحقق أهدافه. إلا أنه مع نباية القرن التاسع عشر 
كان قد مهد الطريق أمام آخرين للاستمرار في معركة الحصول علئئ القبول 
والاعتبار هذه" . وقد كتب برادلو مجموعة مقالاات منها اامكست البشرية 
من عدم الإيمان» 10715117 7011 00171 5 :171/1714711 و «التماس للإلحاد» 
1 <«0/ ءا 4 و «الشكوك في حوار ©1(1410911 111 1201/15". كان 
.2 ,1115]017 طتزاعل110 10 ماساعطاك .(2007) .0 ,مقط (1) 

75 01165 320 1161اع1026] 012 لدت 195[مقمصتطط .(1929) .0 رطع 810131 (2) 


5 ع1 .0) ع 171735 :20052مآ .اعنده822201 دعاتقطن) 05 ع1زه11 عطا ممم 
.20,4 ,1113137 


0, 


بزاذلت ف اه عو الاك والالسا ووط ف اناف الود امنا نمق 
الإجحافات الكثيرة المنتشرة التي لم تطّل أولئك المتمسكين بفكرة الإلحاد 
فقطء بل طالت حتئ من تم الاشتباه في اعتناقهم هذه الفكرة وإن لم يكونوا في 
الواقع كذلك»”. لم يكن نشاط برادلو مركزاً علئ جعل الإلحاد معتبراً 
ومقبولاً لدئ المجتمع البريطاني فقطء بل كان يكرس جهوهه أيضَ لإظهار 
أن الإلحاد يجعل البشر أكثر سعادة ويزيد من رفاهيتهم. وهذا جزء مما كتبه 
في مقاله امكسب البشرية من عدم الإيمان»: اكشخص غير مؤمن» أطلب 
السماح لي بالقول بأن البشرية اكتسبت مكتسبات حقيقية من الشكء وأن 
الرفض المتنامي والمتدرج للمسيحية - كما الحال مع الديانات التي سبقتها - 
قد أضاف في الحقيقة» وسيضيف. لحياة البشر السعادة والرفاهية»)”. 

بعد ذلك». شهدت الستينيات من القرن العشرين ظهور الوضعيون 
المنطقيون 7051171515 1081031. وذلك في ظل تأثرهم بالإنجازات العلمية» 
كانت المدرسة الوضعية المنطقية حركة فلسفية راديكالية» وكان موقفها يرى 
أن العبارات والمقولات لا معني لها إلا إذا كان يمكن إثباتها تجريبياً. فقالوا 
أنه إذا قال شخص كلام لا تستطيع حواسنا ومداركنا الوصول إليه والتحقق 
منه» فإنه يعتبر كلام فارغاً لا فائدة له. وادعت الوضعية المنطقية أنه لا 
يوجد شيء يتجاوز هذا العالم المادي. وقالوا بأن العبارات إما أن تكون 
«تحليلية» 3031/81 أو تكون «تأليفية» عناءع59901. فأما العبارات التحليلية 


000 المصدر السابق» ص (57). 
© المصدر السابق» ص .)١(‏ 


0, 


فهي العبارات التي تكون صحيحة بذاتها؛ مثل أن نقول علئ كرة حمراء أنها 
«كرة حمراء»» فهذه صفة ذاتية فيها لا تتغير» أما العبارات التأليفية فهي 
العبارات التي يمكن التحقق من صحتها عن طريق التجربة والمشاهدة؛ 
فعبارة «الكرة تقفز) يمكن التأكد من صحتها عن طريق النظر إلى الكرة ورؤية 
ما إذا كانت تقفز أم لا. وهكذا ابتكرت الوضعية المنطقية معياراً تجريبيا 
للمعنيل» وهذا المعيار يقول إنه حتيل يمكن لعبارة ما أن تكون مفيدة وذات 
معنئء فإنه يتحتم عليها أن تكون قابلة للتحقق عن طريق التجربة الحسية. 
ولهذا السببء فإن كثيراً من الأسئلة التي تتعلق بالإله وما وراء الطبيعة 
والموت والتاريخ صارت بلا معنئ؛ ولذلك كان موقف الإلحاد هو الموقف 
الافتراضي (عند هذه المدرسة)» لأن فكرة الإله لا يمكن التحقق منها 
بالتجربة الحسية. 

اندثرت الوضعية المنطقية بعد الستينيات من نفس القرن, وأحد أهم 
الأسباب وراء اندثارها هو أنها كانت ذاتية الدحض. كان المعيار الذي تضعه 
الوضعية المنطقية للمعنئ هو (إمكانية التحقق من العبارة المقصودة عن 
طريق التجربة الحسية»» ومع ذلك فإن عبارة المعيار هذه نفسها لا يمكن 
التحقق من صحتها عبر التجربة الحسية. ومعنئ هذا أن المعيار نفسه (الذي 
وضعته الوضعية المنطقية) لا معنا له بناءً عل قياسات الوضعية المنطقية. 

بعد تلاشي الوضعية المنطقية» شهد العالم الأكاديمي انبعاث] فكريا 
للألوهية 12ؤزعط). وعلقت مجلة التايم ©11420217 ©7171 عام ١91/٠١‏ علئ 


غبوض الألوهية الفكرية بما يلي: «يعود الإله مجدداً عن طريق ثورة فكرية 


0 


وجدلية هادئة لم يكن لأحد أن يتنب مها قبل عقدين من الزمنء والغريب في 
الأمر أن هذا لا يحدث في دائرة علماء لاهوت أو أشخاص عاديين من 
المؤمنين» بل في الحلقات الفكرية لفلاسفة أكاديميين ممن كانوا يتفقون 
- إجماع) - في السابق على نفي وإبعاد فكرة الإله من النقاشات الفعالة 
المثمرة)”. 

أحد أسباب العودة الفكرية للألوهية هي الاكتشافات العلمية المدهشة 
في متتصف القرن العشرين. كان أحد هذه الاكتشافات اكتشاف «الانفجار 
العظيم» 8328 8185 والذي كان يعني التسليم بوجود بداية للكون. وهذا 
معناه التخلي عن التفكير التقليدي المتعارف عليه الذي يرئ أن الكون ثابت 
ساكن» وسرمدي لا بداية له وأنه لايحتاج إلئ خالق (انظر الفصل 
الخامس). كما اكتشف علماء الكونيات في السبعينيات الظاهرة المدهشة 
التي يطلق عليها «الكون المثالي» أو «الدقة المتناهية» عهنصدن-6م5» والتي 
أظهرت بشكل واضح أن قوانين الكون ونظامه يجعله يبدو مصمما ومتناسقا 
حتئ يُمكن لحياة معقدة واعية - مثل حياة البشر- أن توجد وتستمر (انظر 
الفصل الثامن). فقبل بداية القرن العشرين بقليل» لم يكن لدينا فهما كافيا 
فيما يتعلق بتفاصيل الكائنات الحية. كنا نعتقد أن الخلايا - الأجزاء المكوّنة 
للكائنات الحية - كانت مجرد فقاعات وسوائل متجانسة من البروتوبلازم. 
ولكن في عام ١07‏ » عرض جيمس واتسون 17738500 1312265 وفرانسيس 
كريك 01101 015طة:7 الشكل الحلزوني المزدوج لتركيبة الدي إن أيه 

:65-66 .مم ,1980 لتدمرة 7 ,عستعدع ه71 عسنآ .000 +55 عمة© عط عمتعتمع 2400‏ (1) 


لمطغط. 171,921990,00 112.53212/21116/0,9/ع ج11 لحطام» . عمطلا أمعغمام» //:ماخط 


00 


114» وهذا الدي إن أيه يمثل جهاز حفظ المعلومات الخاص بالخلية. 
وبعد هذا الاكتشاف» استمرت ثورة الأحياء الدقيقة كاشفة عن الكثير والكثير 
من الخصائص المذهلة والمعقدة علئ المستوئ المجهري. اندهش كريك 
عدا رد التصميم الظاهر في الدي إن أيه لدرجة أنه اقتنع بأن مثل هذا الشيء 
لا يمكن أن يكون نتيجة الصدفة, وأنه لا بد وأن تدخلاً خارجياً كان له علاقة 
بالأمر". هذه الاكتشافات والتطورات العلمية - مع مايترتب عليها من 
استنتاجات فلسفية - أعادت فكرة الألوهية إلئ طاولة النقاش الأكاديمي 
والفكري. وبالنظر إلئ الواقع اليوم؛ فإننا نجد أن موقف الألوهية يُؤَخذ بعين 
الاعفيان. 
تل هذه اللحظة. هناك الكثير من المنشورات الأكاديمية التي حاولت 

الإجابة على سؤال وجود الخالق» وقد وجد هذا الموضوع طريقة إلئ 
المستوئ الثقافي العام؛ خيف الت فيه الكثين من الكتب» وهتاك الملايين مخ 
الكتابات التي تتعلق بهذا الموضوع في مواقع التواصل الاجتماعي» وكذلك 
موقع اليوتيوب 70101306 فيه أعداد متزايدة من مقاطع الفيديو حول نفس 
الموضوع. 

انتشار الإلحاد: 

علئ الرغم من هذه الاكتشافاتء إلا أن الإلحاد يأخذ مكانه الآن علئ 
ساحة الحركات الاجتماعية والفكرية. فالسنوات الأخيرة رأت زيادةً في عدد 
الأشخاص الذين يصفون أنفسهم بالملحدين أو اللادينيين. بدأت هذه 


.5 110138 :1052002 .عتتطول8 انه ماع01 15 اء15 علا[ .1 كان (1) 
.117-19 .مم ,1982 


01 


السك عوالفي عرف انم الالماة لعدتوكى قدفة تن الالساد 
أكاديميون وكتاب من الملحدين الجدد بتعزيز ونشر هذه الحركة علئ نطاق 
واسعء ومن ضمن هؤلاء ريتشارد دوكنز 1087/15 151011310 وسام هاريس 
595 5313 وكريستوفر هيتشنز 11156102161) 111161625 ودان دينيت 
أعضدء 12 1032. وركز عليهم الإعلام حتئ أصبحت كتبهم من أكثر الككن 
مبيعآ» وصار الآلاف يتابعون محاضراتهم العامة. ومع ذلكء فإن البتعض يرئ 

يزعم كريستوفر هيتشنز أن «الدين يسمم كل شيء2”» ويؤكد سام 
هاريس علىئ أن «أيام هويتنا الدوية اميعف و0043 ودع تفار 
دوكنز أن الإله «وهم»”. وبالرغم من هذا التشابه في الآراء» إلا أن الملحدين 
لا يشكلون مجموعة متجانسة في الواقع؛ فهناك ملحدون في المجال الأكاديمي 
يعارضون بالفعل هذا النوع من الخطاب الذي ينتهجه الإلحاد الجديد. فعلئ 
سبيل المثال يقول الفيلسوف - الملحد- تيم كرين 01826 1112 : 

«يظهر لى أن أكثر ما يدعيه الملحدون الجدد هو ببساطة أشياء غير 
صحيحة. ويظهر لي أن آراءهم حول الدور الذي يقوم به الدين في العالم 
خاطئة من جوانب كثيرة.. هذا النهج الذي يتبّعونه فيما يتعلق بالدين ليس 
87 .2م1ع1اع13] أومتوعث ع5هن عط1 تلدع 80 15 600 (2007) .) ,ومعطء 1ط (1) 

.7 ,وك[800 علأطواتخ 7011 

01 عتتتضتاط عط1 لطته “تمتتتء 1 ,دملعتاعا نطتتوط 01 لصط عط1 .(2006) .5 ,حتضوط (2) 


7 .م رووع]2 عع11 ع1 :2000م.]آ .ممموع1] 
.0 .7 ,21655 8311312 :102001 .1011151012 000 عط" .(2006) .]1 ركصكاكحة10 (3) 


ع0 


منهج] متعقلاً في التعامل مع مشاكل العالم ومعالجتها.. من الصعب -لدرجة 
تثير الدهشة- تغيير معتقدات الناس» ولكن إن كان من شيء واحد واضح 
هناء فهو أن تغيير معتقدات الناس لن يكون - بشكل عام- عن طريق 
إخبارهم بأنهم أغبياء وغير عقلانيين وأنهم جهلة بشكل ميؤوس منه)”. 

ويتعجب الفيلسوف الملحد المشهور مايكل روس 16156 1/161361 
قائلاً: «أعتقد أن دوكنز جاهل تمامً بكل جانب من جوانب الفلسفة وعلم 
اللاهوت وهذا واضح). ولا يبدي روس أي تحفظ عند تقييمه لنجاح وفشل 
الاستراتيجية التي يتبّعها الملحدون الجدد في تداولهم لموضوعي التصميم 
الذ كي مم61 نمعى111ع1م1آ والمسيحية لإأنصة115)1ان) حيث يصفهم بأنهم: 
«كوارث بكل ما تعنيه الكلمة في المعركة ضد التصميم الذكي. نحن نخسر 
المعركة... ما نحتاج إليه فعلاً ليس تقبل الإلحاد بدون أي تفكير» بل مناقشة 
جادة للمواضيع. لا أحد مستعد منكم لدراسة المسيحية بشكل جاد 
والتعاطي مع الأفكار. من التفاهة الواضحة ومن غير الأخلاقي لدرجة التقزز 
الأدغاء يأن المسشيحية ما إلا مصدر للشير كما بقول:ويتشارة: يتحت أن تدرك 
أننا في معركة وأننا نحتاج إل كسب حلفاء في هذه المعركة لا أن نتف كل من 
لديه نية صادقة)”©. 


ومع وجود هذه المعارك الداخلية في معسكر الملحدين. إلا أن حركة 


(1) منقول عن: 

236611205161 :وع0تزع ا 1/1100 .منواعطاخ م1 ع01010 5:ع1امعء5 ل (2009) .5 .2 ,جة1 11111 
1.1 

(؟) المصدر السابق» ص (5 5). 


0/ 


الإلحاد الجديد قد نجحت في نشر أفكارها. ففي إنجلترا وويلزء /75.١‏ من 
السكان يصفون أنفسهم بأنهم لا يؤمنون بأي دين» مع زيادة واضحة في 
جامعات المملكة المتحدة". وني أوروباء 5 5/ من السكان لا يؤمنون 
بالمفهوم التقليدي للإله و١7/‏ من هؤلاء لا يؤمنون بوجود روح أو إله أو 
قوة محركة للحياة”'. وكذلك نصف الصينيين يعتبرون أنفسهم ملحدين”. 
ويقول الأكاديمي فل زكر مان 5285ععاءن2 1نط7 أن الإلحاد في ازدياد في كثير 
من المجتمعات”» وأن الإلحاد يأتي في المرتبة الرابعة بعد ديانات العالم 
الرئيسية: «... يأ الملحدون - بكل أنواعهم من لادينيين ولاأدريين - في 
المركز الرابع بعد المسيحية (؟ مليار)» والإسلام (؟.١‏ مليار)» والهندوسية 
(400 مليون) من حيث الترتيب العالمي لأكثر المعتقدات تبعية)©. 

والعالم الإسلامي ليس محصناً ضد هذه الحركة الإجتماعية المتنامية. 


و1181 لمقاعصط صا طمنعنتاع1 .(2011) .5ع51205]1 60021ةلط! +10 ع010 (1) 
:[عمتلده] 
-[77-51]2115]165-101-102ع25115/12ع1-6 1 15115/20ع» /أع:005/1 /كلنا. 5077 . 015. 17777577 /: مراخط 
<11:6-01أع1 مدع طاع مه طن - طها# [مصاط. ماع تناع :1 ام /وء0-220-1:21 قاع داع -ص1-وء21110111 
ع0دعع0-]1-135ء10115-2111126102-017ع 111 

:1ع نم8 .2010 توتمنتتاعط - 2010 تاتقتاتطول ع1ه105ع11 .1رممع] :وع10مصطءع 810 (2) 
:3 .2 ,50191 ع 2م1مام0 115 
01 ---_341_واع/وماء/وع117اء:1102/21م0_ع11ط نام /ناء .72 منتتاء.عع//:ماخط 


() تاريخ الإلحاد في الصين له تعقيداته ولا يمكن أن يقارن بالإلحاد الغربي. الإلحاد الصيني 
ليس سببه الداروينية أو الإلحاد الجديد الذي يقدمه دوكنز. الإلحاد في الصين مبني علئ 
مجموعة خاصة من العوامل التاريخية الوثنية والسياسية والفكرية» وخاصة مع تغلغل 
الاشتراكية فيه سابقاء ولذا يجب دراستها والنظر إليها بشكل منفصل. 

:12 .236125 32120 15ع نالا 013157 وتطع0001) :لاساعطتك .(2007) .2 ,مهممنعءعاعيك (4) 


171517 ع02312251108) ..15120عطاث 10 2م اطومططهمن) عع110طصطهن) ع1 بلء ,متتمتدكلة 
61 .م رؤووع21 


(5) المصدر السابق» (00). 


09 


وقد شهد العالم العربي ارتفاع] في نسبة الإلحاد مزامنة مع ازدياد الكتب 
المترجمة إلئ العربية حول هذا الموضوع. والمسلمون في المملكة المتحدة 
يواجهون مشاكل مشابهة أيضً؛ هذه المشكلة تظهر علئ عدة مستويات في 
المجتمع» ولكن هناك تغير كبير يظهر في مجتمعات الجامعات خصوصاً. إن 
نشر المطبوعات الإلحادية ومواقع التواصل الإجتماعي ومقاطع اليوتيوب 
بالإضافة إلئ وجود نشاط عدائي تبشيري؛ قد أوجد بيئة من التحدي الفكري 
وضغط الأقران. فالمسلم في بيئة الحرم الجامعي غير المسلح بالأدوات 
الروحية والفكرية والشرعية الصحيحة لمواجهة هذه التحديات قديتم 
تضليله لسلوك طريق غير عقلاني كطريق إنكار الإله. 

ولذا فإن أحد أهم الأسباب التي دفعتني إلئ كتابة هذا الكتاب هو تزويد 
الناس بالأدوات اللازمة التي يستطيعون من خلالها رؤية أن الآلوهية 
الإسلامية (التوحيد) متماسكة وصحيحة. وأن الإلحاد ما إلا سراب فكري. 


م 
دا تي يي 


الفطل الثاني: 
الحياة بدون إله: 
لوازم الإلحاد 


الإلحاد ليس مجرد رؤية فكرية لا يترتب عليها آثار علئ أرض الواقع. 
لأنه إذا كانت ادعاءات الإلحاد صحيحة:؛ فإن علئ الشخص أن يقرٌ ببعض 
النتائج الوجودية الحتمية التي تتصف بالكآبة والوحشة والبؤس. ففي إطار 
الإلحاد الحياة تصبح بر د قد لا يقدم النقاش التالي حجةً مقنعة أو 
عقلانية لوجود الإله» ولا يعني مجرد كون الحياة عبثية بدون إله أن الإله 
موجود. ولكن هذا النقاش يقدم أرضية خصبة ومواتية لتأصيل الحجج 
العقلية القادمة في هذا الكتاب. 

ينكر الإلحاد وجود خوارق للطبيعة كالإله والماورائيات» ولذلك نجد 
- من وجهة نظر عملية- أن أغلب الملحدين يتبنون المذهب الطبيعي 
الفلسفي كمنطلق فكري (كما أشرنا إلئ ذلك منذ قليل). وعندما يجتمع 
الإلحاد مع الفلسفة الطبيعية نجد لدينا وصفة لكارثة وجودية. 

المعادلة بسيطة: لا إله» يعني أنه لا أمل ولا قيمة ولا هدف ولا سعادة 
أبدية» وحياة بلا إله هي حياة بائسة. وهذا الاستنتاج ليس كلام ديني مبتذلاً 


5١ 


عفئ عليه الزمن؛ بل هو نتيجة تفكير منطقي يتعلق بمتضمّنات الإلحاد وما 
يترتب عليه. 

لا أمل: 

يُعرّف الأمل علئ أنه الشعور أو التوقع والرغبة في حصول شيء ما. كلنا 
نأمل أن نعيش حياة سعيدة وأن ننعم بصحة جيدة وأن نحصل علئ وظيفة 
مرموقة. وكلنا نأمل أن نحظئ في النهاية بوجود أبدي سعيد. الحياة منحة 
جميلة جداً لدرجة أنه لا أحد يريد أن يصل هذا الوجود الواعي إلئ نقطة 
النهاية. ونفس الشيء» كل شخص يتمنئ أن يكون هناك نوع من العدالة 
المطلقة يتم عن طريقها الفصل في المظالم والنزاعات بين الناس ومحاسبة 
كل من شارك فيها. ومن المهم لنا في حال كانت حياتنا تعيسة أو تمر بشيءٍ 
من الآلم والمعاناة» أن نتفكر في شيءٍ من الآمن والراحة والسرور. كل هذا ما 
إلا انعكاس للروح البشرية؛ فنحن نأمل أن نصل إلئ الضوء الموجود في خباية 
النفق المظلم» وفي حال وجدنا الطمأنينة والسرور فإننا نريدها أن تستمر. 

وبما أن الإلحاد ينكر أي وجود إلهي أو خارق للطبيعة» فهو يرفض 
مفهوم الحياة الأخروية كذلك. وبدون هذا الشيء» لن يكون هناك أي حياة 
مريحة بعد حياة مليئة بالألم» وبذلك يُفقد أي تطلع لحدوث شيءٍ إيجابي 
بعد انتهاء حياتنا. ولا نستطيع في إطار الإلحاد توقع أي ضوء في نباية النفق 
المظلم لوجودنا. تخيل أنك وُلدت في العالم الثالث وقضيت حياتك كلها في 
جوع وفقر. من وجهة نظر إلحادية» فإن قدرك هنا هو الموت فقط. قارن هذا 
فم المتقاور لالشادتى الناه كول | نك قا زو ونير قح وعداناة اسان 


51 


هو لمصلحة أعظم. ولذاء فمن نظرة عامة إلئ الأمورء لا شيء مما نمرٌ به من 
ألم أو معاناة يكون بلا معنئ؛ فالإله يعلم كل ما نمر به من معاناة وسيعوضنا 
عنها (انظر الفصل الحادي عشر). أما وفقاّ للإلحاد. فإن آلامنا لا معنئئ لها 
تمامآ مثلما متعتنا لا معن لها. فالتضحيات العظيمة للأقوياء والمحن التي 
يواجهها الضعفاء ما إلا قطع متساقطة من الدومينو في عالم يتتصف 
بالاااعنا لخم دو زف جنر يله لشن لين الاك يفف اعفتم ولا ودف انيزة: 
وليس هناك أمل نهائي في حياة أخروية أو أي شكل من أشكال السعادة. حتئ 
لو عشنا حياةً ماتعة ومترفة جداً فإن أغلبنا سيكون مصيره حتما إِمّا إلى نهايةٍ 
سيئة وإمّا إلى رغبة مستمرة في حياةٍ أكثر متعة. يصف الفيلسوف المتشائم 
آرثر شوبنهاور 5650260181061 41161 بدقة ذلك المصير البائس الفاقد 
للأمل الذي ينتظرنا فيقول: 

«نحن كالحملان في حقل تلهو تحت عين الجزار الذي يختار منها أقربها 
ثم الأخرئ صيداً له. ولذا فإن أفضل أيامنا هي تلك التي لا ندرك فيها ذلك 
المصير السيئ الذي يتربصنا (كالمرض أو الفقر أو الفساد أو فقدان البصيرة 
والحكمة)... ما يقع هنا من عذاب الوجود ليس يسيراًء فالوقت يضغط علينا 
باستمرار ولا يدعنا نلتقط أنفاسناء بل يلاحقنا علئ الدوام كصاحب عمل 
بيده سوط. ولو في لحظة من اللحظات أوقف الوقت فيها يده فهنا فقط نجد 
أننا سُلَّمنا إل تعاسة الملل... في الحقيقة» إن الاقتناع بأن العالم والبشر هما 
شيءٌ لم يكن ينبغي له أن يكون هو -نوعا ما- ليملأنا بالتساهل والتسامح 
تجاه بعضنا. بل من وجهة النظر هذه فإنه يجدر بنا أن نفكر في الشكل 


5 


المناسب للمخاطبة» ليس «مسيو) أو «السيد» أو «سيدي» بل «زميل المعاناة» 
أ الشتريك لأسا 1( أو «رفيق البؤس)!)”. 

يشير القرآن إل هذه الحالة من فقدان الأمل» ويؤكد علئ أن المؤمن لا 
يتمكن منه اليأس. فالآمل موجود دائماء والأمل مرتبط برحمة الإله» ورحمة 
الإله تتجلئ بوضوح في الدنيا والآخرة: : ١‏ إِنَهُم لا يَأيِمَسُ مِن روح أله إِلّا الْقَوَمُ 
الْكَفِرُونَ 4 (يوسف:807). 

ومن منظور الإلحاد» فالعدالة ليست هدفاً يمكن تحقيقه؛ مثلها مثل 
سراب في صحراء الحياة. وبما أنه لا توجد حياة أخروية» فأ نظام إلرة 
محاسبة الناس عل أعمالهم هو أمر لا جدوئ منه. تخيّل معي المشهد التالي 
في ألمانيا النازية فترة الأربعينيات من القرن الماضي: سيدة يهودية بريئة رأت 
للتو زوجها وأطفالها يُقتلون أمامهاء وليس لديها أي أمل في العدالة» وهي 
الآن تنتظر دورها لتطرح في غرفة الغاز. مع أن النازيين هزموا في النهاية» إلا 
أن هذه العدالة ظهرت بعد موتها وليس قبله. فمن منظور الإلحاد. هي الآن لا 
شيء؟ مجرد حالة من حالات إعادة التشكل المادي» ولا يمكنك هنا إعطاء 
مهلة إلئ شيء غير موجود ولا حياة له. أما الإسلام فيعطي كل شخص أملاً 
في العدالة الإلهية المطلقة» فلا أحد سيُعامل بإجحاف» وكل شخص سيكون 
مسؤولاً عن أفعاله: « يَوْمَيِذٍ يَصَدُرُ آلنَاسُ أَشْتَاكًا لمرو أَعَمَطَهُمْ © فَمَن يَعَمَلَ 


مِتَقَالَ ذَرَةٍ خَيرَا يَرَهْ (ج) وَمَن يَعْمَلَّ مِثَقَالَ دَرَّةٍ سَرًّا يرم 4 (الزلزلة:5 -8). « وَحَلَقَ الله 


عطا 01 5111111285 عط 05 :ند تمستلووء2 12 5610165 .(2014) .لل ,تعتتخطمعءممطعء5ة (1) 
:1 تتع ام قطن .ننه نط1[ ع10ش2اع 0ك 01 (جااذتتء16منا عط1' .17170110 
لمصغط. 1ناع ]مرق طء 1د 1 حطزد دعم /تتتطتته /اع شطع م 0ط 11/5/5ة. تتلعء.ع1210ع20.ي00[1داء//:و مط 


5 


لسّمَواتٍ والأزض بِلَكْيٍ وَلِمْجْرَى كُلُ فس يما حَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظلَمُونَ » 
(الجاثية: 7؟). 

الإلحاد مثل الأم التي أعطت طفلها لعبة ثم أخذتها منه بلا سبب. الحياة 
- بلا شك - منحة جميلة» ومع ذلك فإن كل تجارب المتعة والفرح والحب 
التي مررنا بها ستؤخذ منا وتفقد إلئ الأبد. وبما أن الملحد ينكر الإله والحياة 
الأخروية» فمعناه أن هذه المتعّة التى جر بناها في الحياة ستختفىء ولن يكون 
هناك استمرارية للسعادة والمتعة والحب والفرح. ولكن ف إطار الإسلام. 
هذه التجارب الإيجابية تزداد وتستمر بعد هذه الحياة الدنيا: « هم ما يَقَهُونَ 

و ار هه 01 3 3 
فا وَآديْنَا مَرِيكٌ 4 (00:3. « لَلَذِينَ أَحَسَنُوأ آحْسَىَ وَزيَادَةٌ 4 (يونس:027. « إِنَّ 
أُصحَدبَ نه آلْيَوَمَ فى شغل فكهُونَ (2) هم وَأَرْوَ جْعرْ فى ظِلّلٍ على الأَرَآيكِ مُتَككونَ 
(2) هُمَ فيا فَكهَةٌوَهُم مايَدَّعُونَ (2) سَلَدمُ قَوَلاَ من رب رَّحِي م4 (يس:5ه -08). 

لا قيمة: 

ما الفرق بين إنسان وبين أرنب مصنوع من الشوكولاتة؟ هذا سؤال 
موجود هو في الأصل نتيحة إعادة تشكل للمادة أو - علئ الأقل - أتئ من 
عمليات وأسباب مادية عمياء وغير واعية. 

إذا كان هذا صحيحاء فهل هناك حقاَ فرق بين هذين الشيئين؟ 

لو التقطتٌ مطرقة وهشمتٌ هذا الأرنب المصنوع من الشوكولاته ثم 


510 


جمجمتي هي عبارة عن تشكل مختلف لنفس الشيء؛ مجرد مادة باردة لا 
حياة فيها. 

الرد المعتاد عل هذه الحجة يتضمن العبارات التالية: «لدينا مشاعر). 
أو «نحن ننبض بالحياة»» أو «لدينا هوية» أ والاتضق بش !» ال ولق 
للمذهب الطبيعي» هذه الإجابات لا زالت تعتبر مجرد إعادة تشك ت 
للمادة» أو بصيغة أدق: مجرد تفاعلات كيميائية/ عصبية تحدث في دماغ 
الشخص. ففي واقع الحال» كل شيء نشعر به أو نقوله أو نفعله يمكن 
إرجاعه إلئ المكونات الأساسية للمادة» أو علئ الأقل؛ يمكن إرجاعه إلى 
عملية من العمليات المادية. ولذلك. فهذه العاطفة لا يمكن تفسير وجودها 
أو تبريره إذا كان الشخص ملحدا؛ لأن كل شيء - كالمشاعر والعواطف 
وحتئ الشعور بالقيمة - أساسه المادة وعمليات وأسباب مادية باردة. 

وبالعودة إل سؤالنا الأول: ما الفرق بين إنسان وأرنب مصنوع من 
الشوكلاتة؟ الجواب - من وجهة نظر إلحادية - هو أنه لا فرق فعليا بين 
الاثنين» وأي فرق قد يبدو لن يكون إلا وهماء فليس هناك قيمة فعليّة. إذا 
كان كل شيء أساسه المادة والعمليات والأسباب المادية» فلا شيء له قيمة 
حقيقية إلا أن يدّعي شخصٌ ما أن المادة نفسها هي التي لها أهمية وقيمة. 
ولو سلّمنا بصحة هذا الادعاء» فكيف يمكننا تقدير الفرق بين تشكل معين 
لجان وق د ا اتدل نكي ا لتتفادل اجام كول المفل ةد عنيه 
الشيء زادت قيمته؟ ولكن لماذا سيكون التعقيد له قيمة؟ تذكّر أنه - وفق) 
للنظرة الإلحادية- لا شيء من هذا قد صُمّم أو خلق لغرض أو غاية؛ فكل 


51 


الإدراك. 

الجيد في الأمر هو أن الملحدين الذين يتبنون هذا المذهب (التفسير 
بسبب نزعتهم الفطرية - التي خلقها الإله - التي تميل إل الاعتراف بوجود 

وأما من وجهة نظر إسلامية» فقد وضع فينا الإله نزعة غريزية ندرك من 
خلالها قيمتنا وندرك الحقائق المعنوية والأخلاقية الأساسية (انظر الفصل 
التاسع). يطلق علئ هذه النزعة في الفكر الإسلامي «الفطرة» (انظر الفصل 
الرابع»). وهناك سبب آخر يدفعنا إلئ الاعتقاد بوجود هذه القيمة الجوهرية لنا 
وهو أن الإله خلقنا لهدف عظيم وفضّلنا علئ أكثر خلقه. فنحن لنا قيمة لأن 
الإله الواحد الذي خلقنا أعطانا قيمة: ١9‏ وَلَقَدَ كرّمنَا ببى ءَادَمْ وَحَمَلتَهُمْ فى الْبرِ 
(الإستراء:/00::< ركنا ما حَلَقَكَ هنذا تنطلد 4 (آل غمراة 141 

والإسلام يرفع من قيمة عمل الخير والذين يقبلون الحق؛ فيقارن بين 
يتج رأون علئ عصيانه وبناء عليه يفعلون الشر: « أَفَمَن كَانَ مُؤَمِنًا كم ن كارت 
فَايهًا لا مَسَتَوُدنَ 4 (السجدة:18). 


وبما أن المذهب الطبيعي يرفض الحياة الآخروية وأي شكل من أشكال 


5 


العدالة الإلهية» فهو يجازي المفسد والمصلح بنفس الخاتمة ألاوهي 
«الموت». فكلنا نقابل نفس المصير. وهكذاء إذاً: ما الفرق فعلياً بين حياة 
هتلر وحياة مارتن لوثر كينج إذا كانت نهاياتهما واحدة؟ أي قيمة حقيقية لهما 
يعطينا إياها الإلحاد؟ لا يعطينا أي قيمة في الحقيقية. 

أما في الإسلام, فيتم التفريق بين نباية الذين يعبدون الإله ويتتصفون 
بالرحمة والصدق والعدل والإحسان والتسامح وبين نهاية أولئك المصرّون 
علئ عمل الشر. فالنعيم المقيم هو مستقرٌ أهل الخير» ومستقرٌ أهل الشر هو 
الإبعاد عن الرحمة الإلهية. وهذا الإبعاد عن الرحمة الإلهية هو جزاء تعمّد 
رفض رحمة الإله وهدايته» وهو ما يؤول في النهاية إلئ العذاب والمعاناة. 
فمن الواضح هنا أن الإسلام يعطينا قيمة جوهرية. ولكن من منظور الإلحاد. 
لا يمكن عقليا تفسير هذه القيمة إلا كقناعة وهمية تكونت في عقولنا. 

وعلئ الرغم من قوة هذه الحجة: إلا أن بعض الملحدين يعارضونهاء 
وأحد اعتراضاتهم يتمثل في السؤال التالي: «لماذا يعطينا الإله قيمة 
جوهرية؟». والجواب علئ هذا سهل. الإله خلق الكون ويسمو فوقه؛ وله 
العلم المطلق والحكمة المطلقة» ومن أسماته «العليم» و«الحكيم». ولذلك» 
فما يرئ الإله أن له قيمة معناه أنه كلي وموضوعي. ويمكن النظر إلئ ذلك 
من جانب آخر عن طريق فهم فكرة أن الإله هو الوحيد الكامل الخالي من 
كل نقصٍ وعيب. ولذلك يلزم أن كل ما يراه ذا قيمة فيكون موضوعي وكلي؛ 
لآن هذه الموضوعية هي خاصية من خصائص كماله. 

اعتراض آخر يقول حتئ لو قبلنا بأن الإله يعطينا قيمة فعلية» فإنها 


511 


ستكون قيمة ذاتية وليست موضوعية؛ لأنها تأي من وجهة نظر الإله. هذا 
القول مبني علئ سوء فهم لمعن الذاتية. الذاتية مبنية علئ عقل الفرد 
المحدود و/أو مشاعره المحدودة. ولكن منظور الإله مبني علئ العلم 
المطلق والحكمة المطلقة. فهو يعلم كل شيء أما نحن فلا. يقول العالم 
المتقدم ابن كثير أن الإله له كليّة وشمول العلم والحكمة. وما لدينا هي أجزاء 
منها فقط. وبصيغة أخرئ: فالإله عنده الصورة كاملة ولدينا بكسل منها فقط. 

ويلخص سيد حسين نصر - بروفيسور الدراسات الإسلامية بجامعة 
جورج واشنطن - مفهوم الحقوق والكرامة الإنسانية - والتي تعود على 
القيمة - في حالة غياب الإله في قوله: 

«قبل الحديث عن مسؤوليات البشر وحقوقهم. لا بد أن نجيب علئ 
السؤال الديني والفلسفي الأساسي: ماذا يعني أن تكون إنسانً؟ في عالم 
اليوم» يتحدث الجميع عن حقوق الإنسان والهوية المقدسة لحياة الإنسان» 
وكثير من العلمانيين يدَّعون أنهم أبطال الدفاع عن حقوق الإنسان مقارنة 
بأولتك الذين يتبنون وجهات دينية مختلفة. ولكن الغريب أننا إذا نظرنا إلى 
أبطال الإنسانية هؤلاء فلن تجدهم في معتقدهم إلا متطورون من قرد »لل 
والذي بدوره تطور من نوع حياة أدنى» وهكذا حتئ تصل في النهاية إلى 
مركبات مختلفة من الجزيئيات الدقيقة. فإن كان البشر مجرد نتيجة قوئى 
عمياء عملت وفق خليط الجزيئيات الأولي للكون. إذاً أليس القول بقدسية 
الحياة البشرية لا معنئئ له عقليً ولا يمثل إلا تعبيراً عاطفيً فارغً؟ أليست 
الكرامة الإنسانية هنا مجرد فكرة مبتدعة لملاءمتها وليس لها أي أساس في 


14 


الواقع؟ إذا كنا مجرد ذرات جامدة منظمة بشكل عالي, ما الأساس الذي 
تعتمد عليه اذعاءات «حقوق الإنسان»؟ هذه الأسكلة الأساسية لا تعترف 
حدوداً جغرافية» ويتم طرحها من قبل الناس التي تفكر في كل مكان)”. 

لنا قيمة» ولكن ما قيمة هذا العالم؟ 

لو وضعتك في غرفة ومعك ألعابك المفضلة وأجهزتك وأصدقاءك 
وأحبابك وطعامك وشرابك» ولكنك علمت أنه بعد 0 دقائق سينتهي ويتدمّر 
كل شخص وكل شيء في هذه الغرفة» فأي قيمة ستكون لهذه الأشياء؟ لن 
يكون لها أي قيمة علئ الإطلاق. ولكن ماذا تمثل © دقائق أو 501/,575 
ساعة (ما يعادل ا ا 
سنة لا يجعل الأمر مختلفاً من المنظور الإلحادي» كل شيء لامر ونس 
وهذا ينطبق علئ المنظور الإسلامي أيضا؛ فكل شيء سيّدمّر. ولذلك 
فالعالم في الواقع ليس له قيمة جوهرية؛ فهو شيء عابر ومؤقت والحياة فيه 
قصيرة. ولكن تأتي قيمة العالم في المنظور الإسلامي من كونه مكان يُتقرّب 
فيه إلئ الإله وتعمل فيه أعمال الخير والعبادة» والتي بدورها تؤدي إلئ النعيم 
الأبدي. ومن هذا المنطلق» فلسنا حقيقة في خسران وظلام ولسنا ركاب 
لسنقينة ترق ا ل ل ا ا فرة الإله 
ورضوانه: ١‏ وَنى الآجرَة عَذَّابُ سَدِيدٌ وَمَعْفِرَةٌ مّنَاللَه 0 َمَا لحَيّوة آلدنيَآ إل 
مَتَحُ آلْغْرُور (- ماهوا ل كعور ومن اك . 6 (الحديد: .)51١- 7١‏ 


2 


7157 .111112312117 101 1791115 تالص ننه 51[ 01 أتوعط عط1' .(2004) .82 .5 ,تقول (1) 
.72 ,15020118311560ع 1310 :11ملا 


لاغاية: 

«لا أعلم لماذا نحن هناء ولكني متأكد تمام] أنه ليس للترفيه عن 
أنفسنا)”. 

هذه كلمات الفيلسوف المؤثر لودويغ ويتغينستين 10 
أء5 8 . فهو ككثير من الفلاسفة» لم يكن لديه إجابة علئ سؤال: «ما 
الغاية من الحياة؟»» ولكنه أشار إلئا أن الحياة ليست مجرد لعبة. وقال 
آخرون إن طرح مثل هذا السؤال خطأ. فربما لا يوجد شيء ينبغي أن ننزعج 
منه» وأنه ينبغي علينا أن نعيش حياتنا بدون قلق التفكير والبحث عن سبب 
لوجودنا. وقد عبّر الحائز عل جائزة نوبل ألبرت كاموس 082005 41616 
عن هذا الموقف بقوله: «لن تستمتع بحياتك إطلاقا إذا كنت تبحث عن 
الهدف من الحياة»”. وما يقوله كاموس فعليا هو أن المهم أن تعيش الحياة 
التي تناسبك بغض النظر عن أي حقيقة تكمن وراء وجودك. 

وفي ضوء هذه الآراء المختلفة» يجب أن نسأل: «هل من العقل أن نعتقد 
أن هناك غاية من وجودنا؟» ولنتمكن من الإجابة علئ هذا السؤّال» دعونا 
نأخذ المثال التالي في الاعتبار: 

من المرجح أنك تقراً هذا الكتاب الآن جالس] علئ كرسي أو مستلقيا 


ع1 1015نآ-اعام11050طم اأدعتوعا1ع-1106] نتناه صا -4 3010ظ]1 (ع031 مم) )388 (1) 
_11051_نتعطامه1050قطام_أوعتوعتع /ع15]017/1011/ 120104 1نامع .ع حاط بجاتتتا//: خط 
لمصاطة. اع عع ]1711 
(0) مقتبس من: 
0 117337 ناولا ع تلعلصتط]' :20ع11] تتناملا طا [أآث 16:5 (2006) ,71 رعصتاعآ له .2/1 .5 يمقلامط 
.2 ركطة[01 2م131 عملا تتكعل8 .ووعماممة11 


0/١ 


على فراش. وعليك بعض الملابس. وأريد أن أطرح عليك سؤالاً وهو: 
«لأي غرض؟» لماذا تلبس هذه الملابس؟ وما الهدف من الكرسي؟ 
والإجابة علئ هذه الأسئلة واضحة. فالهدف من الكرسي هو تمكيننا من 
الجلوس بدعمه لجسمناء والهدف من ملابسنا هو أنها تبقينا دافئين وتخفي 
عوراتنا وتظهرنا بمظهر جمالي مقبول. هذه الملابس وهذا الكرسي هي 
أشياء جامدة لا حياة فيها وليس لها أي قدرات عقلية أو عاطفية» ولكننا نجد 
لها أهداف» ومع ذلكء. بعضنا لا يرئ هدفا من وجودنا. ومن الطبيعي أن 
نجد ذلك الاستنتاج اعتباطيا وغير بديهي. 

نحن نفهم من وجود غاية من حياتنا أن هناك سبب لوجودناء أو - بعبارة 
أخرئ - نوع ما من القصد والغرض من هذا الوجود. وأما اللا غاية» فلن 
يكون معها سبب وراء وجودناء ولن يكون هناك معنىّ عميق لحياتنا. هذا هو 
ما يراه المذهب الطبيعي. فالمذهب الطبيعي يقول أننا مجرد نتيجة لعمليات 
فيزيائية سابقة» وهذه العمليات الفيزيائية عمياء وعشوائية وغير عاقلة. إذا 
نظرنا إل النتيجة المنطقية لهذه الرؤية عن وجودناء فنحن في الواقع في سفينة 
تغرق. هذه السفينة المجازية هي كوننا؛ لآنه وفقآ للعلماء فإن هذا الكون 
متجه إلى نباية وموت محقق وسيعانيٍ مما يسم بال «الموت الحراري» ]568 
لاوة؛ حيث تسيب الشمس بتدمير الأرضن :ف 'النهاية©: ولذلك؛ إذا كانتت 
هذه السفينة ستغرق حتما: فما الهدف من إعادة ترتيب كراسى المركب أو 


6 


مكلا وز اكترية كاب مق البعايب أ روفد ا القر امتموكفت القعطرة البقرة 


ناك عط 01 ماعن ع1اآ عط 1 (2015) .04 ,كمنة1171111 (1) 
طناك -عط 8847/1101 1 /حطام»ء. 0257ماع 15ع 11 متنا 777ا//: ماخط 


7 


فيما يتعلق مبذه القضية: « ربا ما خَلَّقَتٌ هَذًَا بَطِلدٌ 4 (آل عمران:191). 

ومع ذلكء فقد تنشأ خلافات متنوعة من هذا النقاش. أولاً» قد يجادل 
الملحد ويقول إن المنظور الذي لا يرئ غاية من وجودنا يعطينا فرصة وحرية 
لنوجد هدفا وغاية لأنفسنا. وحتئ أوضح أكثرء فبعض الوجوديين 
5 زعموا أن حياتنا مبنية على لا شيء»؛ ومن هذه اللاشيئية 
يمكننا إيجاد عالم من الاحتمالات لحياتنا. هذا الرأي يعتمد علئ فكرة أن 
كل شيء لا معنئ له في نفسه. وبذلك يكون لنا حرية إيجاد معنم وهدف 
بأنفسنا للأشياء حت نستطيع أن نعيش حياة مرضية. المشكلة مع هذا المنهج 
هي أننا لا نستطيع التهرب من ضرورة المعنئ فعلاء فإنكار وجود غاية من 
وجودنا هو - حرفي - خداع للذات. وهذا لا يختلف إطلاقا عن قولنا: 
«لنتظاهر بأن لنا غاية». 

اعتراض آخر يتضمن ادعاءً دارويني تطوريً وهو أن غايتنا تتمثل في نشر 
وإكثار حمضنا النووي (الدي إن أيه) الخاص بنا عن طريق التناسل كما يقول 
الملحد الشهير ريتشارد دوكنز 10815125 11161810 في كتابه «الجين الآناني» 
6 956157 47716 مقترحاَ أن أجسامنا قد تطورت للقيام بهذا الشيء 
فقط". والمشكلة مع هذه النظرة أنها ترجع وجودنا إلئ حادثة عشوائية عن 
طريق عملية بيولوجية طويلة. وهذا يجعل من الإنسان لا شيء أكثر من كونه 
نتيجة ثانوية وكائن عرضي ظهر بسبب التصادم العشوائي للجسيّمات وإعادة 
اتتشكل العشوائي للجزيئيات. 
0104 .مماتله 'وتدةحتصمخ 3015 .عمعء0 طاحقاءد ع1 (2006) .2 ,كمكاسوم (1) 


021010 1010157151 5. 


7 


المنظور الإسلامي فيما يتعلق بالغاية من الحياة هو منظور بديهي 
وتمكيني. فهو يترفع عن كوننا مجرد منتجات للمادة والزمن؛ إلئ الاعتراف 
بأننا مخلوقات واعية لها القدرة علئ الاختيار وتكوين علاقة مع الإله الواحد 
الذي خلقنا. أما المذهبان الإلحادي والطبيعي فلا يجعلان لوجودنا أي غاية 
جوهرية. 

لا سعادة: 

وَالْعَقَبَةُ ِلمُتّقيت » (الأعراف:118). 

البحث عن السعادة يعتبر جزء أساسي من طبيعتنا البشرية. كلنا نريد أن 
نكون سعداءء مع أننا في بعض الأحيان نعجز عن تحديد ما المقصود بهذه 
السعادة. وهذا هو السبب وراء إجابة أغلب الناس عند سؤالهم عن سبب 
رغبتهم في الحصول علئ وظيفة جيدة بقولهم: «للحصول علئ المال الكافي 
لعيش حياة رغيدة». ولكن عندما تستفسر منهم أكثر وتسألهم عن سبب 
رغبتهم في العيش برغد, فمن المرجح أن يجيبوا: «لأنني أريد أن أكون 
سعيداً». ولكن السعادة - في نهاية الأمر - هي غاية وليست وسيلة. هي 
المحطة الأخيرة وليست بالضرورة أن تكون هي الرحلة. كلنا نريد أن نكون 
سعداء» ولذا فئحن نبحث باستمرار عن طرق تساعدنا علا تحقيق تلك 
الحالة النهائية السعيدة. 

الرحلة التي يبحث عنها الناس تختلف من شخص لآخر. يكرس 
البعض سنوات من حياتهم لإضافة المؤهلات والشهادات لأسمائهم؛ 
وآخرين يعملون في النوادي الرياضية بدون تعب للوصول إلى البنية المثالية 


>72 


لأجسامهم.؛ وأولئك الذين يرغبون في الحب العائلي يننهي بهم الأمر في 
الغالب إلئ التضحية بحياتهم في سبيل الاهتمام بأزواجهم وأطفالهمء 
والبعض الآخر يقضون إجازاتهم الأسبوعية في الحفلات مع الأصدقاء بحثا 
عن التحرر من روتين العمل القاسي. القائمة تطول. وهذا يدعو إلى طرح 
السؤال التالي: ما السعادة الحقيقية؟ 

وللمساعدة في الإجابة علئ هذه الأسئلة» تخيل السيناريو التالي: بينما 
تقرأ هذا الكلام» تم تخديرك ضد إرادتك. وفجأة تفيق من المخدر وتجد 
نفسك في طائرة» وفي الدرجة الأولئ» والأكل رائع» والمقعد يمكن تحويله 
إل سرير مصمم خصيصا لينعم الجالس بتجربة مليئة بالراحة والرفاهية. 
ووشسائل العميلية ش#غد مجدؤدة: والغدمة المقدمة مرعدة تجدا .قدا 
باستخدام كل هذه الوسائل الرائعة» ويمر الوقت. والآن فكر للحظة» واسأل 
نفسك هذا السؤال: هل سأكون سعيداً في هذه الحال؟ 

كيف يمكن أن تكون سعيداً؟ ستحتاج للحصول علئ بعض الأجوبة 
أولاً. من قام بتخديرك؟ وكيف صعدت إلى الطائرة؟ وما الغرض من هذه 
الرحلة؟ وإلئ أين أنت متجه؟ إذا بقيت هذه الأسئلة بلا إجابات» فكيف 
يمكنك أن تكون سعيداً؟ حتئ مع استمتاعك بكل هذه الرفاهية التي بين 
يديك؛ لن تصل إلى السعادة الحقيقية أبداً. هل ستكفي شوكولاته بلغارية 
هلامية علا صينية الحلوئ الخاصة بك لتنسيك هذه الأسئلة؟ سيكون ذلك 
وهماء بل ونوعا زائفآ من السعادة المؤقتة التي يمكن تحقيقها فقط عن 
طريق تجاهل تلك الأسئلة المهمة. 


>70 


طبق هذا الشيء الآن علئ حياتك واسأل نفسكء هل أنا سعيد؟ قدومنا 
إل هذا الوجود لا يختلف عن تخديرنا ووضعنا علئ طائرة؛ فنحن لا نختار 
ولادتنا ولا من هم آباؤنا ولااما أصلنا. ومع ذلكء فبعضنا لا يسأل هذه 
الأسئلة ولا يبحث عن الأجوبة التي ستساعدنا في تحقيق هدفنا الأهم وهو 
السعادة. 

أين تكمن السعادة الحقيقية؟ لو تأملنا المثال السابق سنجد أن السعادة 
حتما تكمن في الإجابة علئ الأسئلة المهمة التي تتعلق بوجودنا. ومن هذه 
الأسئلة المهمة: «ما الغاية من الحياة؟» و١‏ ما مآلنا بعد الموت؟). وفي ضوء 
هذا المعنئ, فإن سعادتنا تكمن في جوهرناء وفي معرفة من نكونء وفي إيجاد 
إجابات علي هذه الأسئلة المهمة. 

فعلئ عكس الحيوانات» لا نستطيع أن نقنع ونرضئ بمجرد الاستجابة 
لغرائزنا الجسدية. أو بمجرد الاستجابة لهرموناتنا التي لن تجيب علئ هذه 
الأسئلة وتجعلنا سعداء. وحتئ نفهم هذا الكلام بشكل أفضلء تأمل المثال 
التالي أيضا: 

تخيل أنك واحد من خمسين شخصا محتجزين في غرفة صغيرة لا 
سبيل إلئ الخروج منها. ويوجد هناك عشرة أرغفة من الخبز فقطء ولا يوجد 
أي طعام آخر غير هذا الخبز لمدة مائة يوم قادمة. ماذا ستفعلون؟ إذا اتبعتم 
غرائزكم الحيوانية فسيصل الأمر إلئ التقاتل والدم. ولكن إذا حاولتم الإجابة 
علئ السؤال: «كيف نستطيع أن ننجو جميع]؟». فمن المرجح أنكم 
ستستطيعون النجاة لأنكم ستبتكرون طرق لتحقيق ذلك. 


ف 


طبّق هذا المثال علئن حياتك. يوجد في حياتك من الكثير من العوامل 
التي يمكن أن تؤدي إلئ عدد لا نمائي من النتائج. ومع ذلك» فالبعض منا 
يبحث عن إرضاء شهواته الجسدية فقط. قد تتطلب وظائفنا درجات دكتوراه 
أو غيرها من المؤهلات» وقد نقضي وقتا مع شركائنا ونجالسهم» ولكن كل 
ذلك يعود في النهاية لمجرد التناسل. لا يمكن تحقيق السعادة ما لم نعلم من 
نحن حقا ونبحث عن إجابات لأسئلة الحياة المهمة. 

ولكن في إطار المذهب الطبيعى» هذه الأسئلة ليس لها إجابات حقيقية. 
إلئ أي مكان. سنواجه الموت فقط. كلنا يحتاج إلئ إجابة السؤال الجوهري 
لنعبد الإله (انظر الفصل الخامس عشر). 

ولكن «العبادة» في الإسلام مختلفة جدا عن المفهوم الشائع لمعن هذه 
الكلمة. يمكن أن تظهر العبادة في كل فعل نفعله. فتكون العبادة بالطريقة التى 
نمشي بهاء والطريقة التي نتتحدث بها مع بعضنا البعضء وحتئ في أعمال 
الشفقة والإحسان التي نقوم بها كل يوم. إذا قصدنا إرضاء الإله بأفعالناء 
فستصبح أفعالنا نفسها نوع من أنواع العبادة. 

فالعبادة ليست محدودة بالأعمال الروحية مثل الصلاة والصيام فقطء 
ولكن عبادة الإله تعنى حُبّه وطاعته ومعرفته. عبادة الإله هى الغاية العظمئ 


ل ُ م 0-4 2 ووو قي ك2 9 م 70 7 00" 
القرآاث مثالا عظيما : < صرت الله متلا ربجلا فيه شرا متشجمون ورخلة سلما 


7 


لَرَجُلٍ هَلَيَسَتَويَانِ مَكَلاَ آحَمَدَُِهِ بَلَأكَتَرُهم لا يَعَلَمُونَ4 (الزمر:19). 

إذا لم نعبد «الإلهك سنجد أنفسنا حتما] نعبد آلهة آخرين. تأمّل هذا 
الكلام. شركاؤنا ومدراؤنا ومعلمونا وأصدقاؤنا والمجتمعات التي نعيش 
فيها وحتىا شهواتنا «تستعبدنا» بطريقة ما. خذ العادات الاجتماعية عل سبيل 
المثال. الكثير منا يحدّد ذوقه في الجمال بناءً علئ الضغوطات الاجتماعية. 
قديكون عندنا نطاق لما نحب ونكره. ولكن هذه الأشياء متأثرة بأمور 
أخرئ. أسأل نفسك. «لماذا ألبس هذا البنطال أو هذه التنورة؟» قولك «لأنك 
تحبها) ما إلا إجابة سطحية» والمقصد هو لماذا تحبها؟ إذا استمررنا 
بالاستقصاء مهذه الطريقة» فسنجد أن الكثير سينتهي بهم الأمر إلئ الاعتراف 
قائلين: «لأن الآخرين يعتقدون أنه جميل). للأسفء جميعنا نتأثر 
بالإعلانات وبضغوط الآقران التي تنهال علينا باستمرار. 

ومن هذا المنظورء فنحن لدينا الكثير من «الآسياد» وكل واحد منهم 
يريد شيئ منا. وهؤلاء الأسياد كلهم «علئ خلاف وني تعارض» لينتهي بنا 
الحال إلئ عيش حياة حائرة وغير مرضية. يخبرنا الإله - الذي يعرفنا أكثر 
مما نعرف أنفسنا ويحبنا أكثر مما تحبنا أمهاتنا - أنه هو سيدنا الحقيقي. 
وفقط من خلال عبادته وحده سنتمكن من تحرير أنفسنا بشكل صحيح. 

تقول الكاتبة المسلمة ياسمين مجاهد في كتابها «استرجع قلبك) 
1م “لم7 1171هاءء 7 أن كل شيء عدا الإله ضعيف وواهن. وأن حريتنا 
تكمن في عبادتنا لهذا الإله: 

«في كل مرة تركض خلف شيءٍ ضعيفيٍ وواهن أو تطلبه أو تلتمسه... 


722 


تصبح أنت أيضا ضعيفاً وواهنا. وحتئ إذا وصلت إلئ الذي تطلبه. فلن 
يكون كافيا أبداً. بعد فترة قصيرة» ستحتاج إلئ البحث عن شيء آخر. لن 
تصل أبداً إلى القناعة والرضا الحقيقيين. وهذا هو السبب وراء عيشنا في عالم 
مليء بالمقايضات والترقيات. جوالك» سيارتك» حاسوبُكء امرأتكٌ 
ورجُلّكِء كلها يمكن مقايضتها بموديل أفضل وأحدث. ولكن يوجد تحرر 
من هذه العبودية. عندما يكون الشيء الذي تضع عليه ثقلك لا يهتز ولا 
ينكسر ولا ينتهي. فلن تسقط)”. 

السؤال التالي هو: «إلئ أين نحن ذاهبون؟» لدينا خيار وهو أن نقبل 
رحمة الإله المطلقة الأبدية أو أن نهرب منها. قبول رحمته من خلال 
الاستجابة لرسالته وطاعته وعبادته ومحبته سيسهل تحقيقنا للسعادة الأبدية 
في الجنة. وأما رفض رحمته والهرب منها فيستدعي أن ينتهي بنا الأمر إلى 
مكان خالٍ من حُّه؛ِ مكان لا سعادة فيه ألا وهو النار. إِذأَ لدينا خيار. إما أن 
نقرر أن نقبل رحمته أو أن نبتعد عنها. لدينا الحرية في الاختيار. ومع أن الإله 
يريد لنا الخير» فهو لا يجبرنا علئ اتخاذ القرار الصحيح. والاختيارات التي 
نكتارها فى هذه الحياة ستشكل حياتنا يعدا العماث: ليوم بات لا كل نشي 


وو م 5 و حي تر 


5 ف | 


- ِِ مي 7 2 
إلا بإِذنِهء فَمِتَهُمَ شق وَسَعِيدٌ 4 (هود:5١230).‏ « خَِدِينَ فِيهَا حَسَنَتَ مُسَتَقَرٌ 
وَمُقَامًا 4 (الفرقان:77). 

بما أن غايتنا المطلقة هى عبادة الإله» فإنه يجب علينا أن نؤسس توازننا 
:كن ,عا معماع[ن) نهد .101102 200 .تتوعط ناملا م-تتماعع] (2015) .لآ ,لعطوعه8 (1) 


.2 رع قلطد اطنط 18 


7 


الطبيعي ونعرف حقا من نحن. وعندما نعبد الإله فنحن نحرّر أنفسنا ونجد 
أنفسنا كذلك. وبعدم عبادتنا له» فنحن ننسئ ما الذي يجعلنا بشراً (انظر 
الفصل الخامس عشر): « ولا تكُوتُوا كلْذِينَ تسا آله كَأَشَلهُم أَنشسَية » 
(الحشر:9١).‏ 

باختصارء الإلحاد لا يستطيع تقديم إجابات راسخة وعميقة عن 
تحون ام 1 ااقه ايدان لجو بوي تعن دده هيسن امسر 
وإذا قال شخص أنه سعيد وهو في دائرة الإلحاد. فسأقول إن هذا نوع مخمور 
من السعادة لا يفيق منه الشخص إلا عندما يبدأ بالتفكير بعمق في وجوده. 

هل يمكن أن نعيش حياة أفضل بلا إله؟ 

للحياة بدون الإله آثار كبيرة علئ الطريقة التي نعيش بها حياتناء ويظهر 
أن الناس يعيشون حياة أفضل مع الإيمان بالإله من الحياة في حال عدم 
الإيمان به. ومع ذلك فالملحدون يفترضون أنه بإمكاهم عيش حياة جيدة 
مثل غيرهم من الناس. وهذا صحيح, وأعرف الكثير من الملحدين الجيدين 
والمستقيمين أخلاقي. ولكن يبدو أن هناك شيئ مخفيّا في هذا الافتراض 
وهو دقيق جداً. فالملحدون بافتراضهم هذا يلمحون إلى أنهم - كمجموعة 
من الناس - يمكنهم أن يعيشوا حياة جيدة كما يعيش المؤمنون. هذه الفكرة 
تعكسها كلمات ألوم شاها 515218 <ذه1اث في كتابه «دليل الملحد الشاب» 
112105001 5 1كتء 11ل عاسلام7 ©776: «أنا - مثل عالِم الحيوانات الرئيسة 
فرانس دي وال 11/881 ع0 وصه- "لم أجد دليلا مقنعً علئئ الإطلاق يثبت 


أن الإيمان بالإله يُبقي الناس بعيدين عن السلوك غير الأخلاقي". ولا أشعر 


بأني أقل منهم أخلاقي] لعدم إيماني بالإله)”. 

ويقول الكاتب الملحد والعالم الدكتور فيكتور ستينغر ماع11 
61 :: «كما رأينا من فحص الدليل التجريبي» فالإله لا يمكن أن يكون 
مصدر القيم والأخلاق الإنسانية المتعارف عليها؛ لآنه لو كان الإله هو 
المصدر لرأينا مايثبت أفضلية المؤمنين في السلوك الأخلاقي علئ غير 
المؤفنية )0 

هذه الادعاءات ليست صحيحة تمام؛ فالظاهر أن هناك أدلة اجتماعية 
تدعم الرأي الذي يقول بأن المؤمنين يعيشون حياة أفضل وأكثر أخلاقية من 
حياة الملحدين. لا أقول هذا الكلام بسبب انحياز لا واعي» بل لأنه استنتاج 
توصلت إليه دراسات أكاديمية في موضوع علم اجتماع الدين. حيث تشير 
البحوث إلئ أن لدئ المؤمنين أو الأشخاص الملتزمين دينيً دافع أخلاقيا 
أكبر» وهذا الدافع يقودهم إلئ عمل الخير أكثر مما يعمله الأشخاص غير 
الملتزمين بالدين. 

وهنا بعض الدراسات المثيرة للاهتمام: 

٠‏ الدين والإيشار: يحيل «دليل أكسفورد لعلم اجتماع الدين» 
70 0 نرع 501010 172 07 17141105001 :007/017 776 إلىا بحث يشير 
إل أن الأشخاص الملتزمين ديني] - مقارنة بغيرهم- أكثر احتمالاً أن يتسّموا 
بسمات الإنسانية والتعاطف: «أشار تحليل لنتائج استبانة أجريت علئ 7٠١‏ 
ا 275+ عتتا0لا عط!:' (2012) .لك يقطقطكة (1) 

.59-60 .مم معستطمتاطناط عأعوطء81 :مه لصمرآ .000 غنامط1171 ملآ 


121 51015 ععمعاء5 801 :قنأوعط1اه0م89 121160 ع1 :000 (2007) .ل .لا ,تععومعاة (2) 
0 .2 ,5ك[800 5تاعط[أعحطهط :ملآ 819 .8151 8101 وع100 000 


,م 


طالب بكالوريوس في الولايات المتحدة الأمريكية إلئ أن «أفعال الإيثار) 
تزيد غبد الأشتخاصى الملتزهين ديب (زؤك عاو :)١55‏ وتشركل من لن 
تالآ وسميث 52015 )١19941(‏ نتائج تشير إلئ أن الأشخاص الذين قاموا 
بأعمال تطوعيّة في المملكة المتحدة قالوا بأن الدين هو أحد أهم الأسباب 
التي جعلتهم يتطوعون. ودراسة أخرئ بواسطة بي ركنز 261158 بحثشت 
العلاقة بين التدين المسيحي/ اليهودي والإنسانية» وبّنيت هذه الدراسة علئ 
بيانات تم جمعها بين عام ١91/8‏ و1914 وبين عاميّ ١198/‏ و1140 في 
خمس جامعات وكليات مختلفة في إنجلترا وأمريكا. ووجدت الدراسة أن 
التدين كان ظاهراً بشكل واضح في تعزيز التعاطف الإنساني» وأن تأثير عوامل 
أخرئ اجتماعية وديموغرافية لم تظهر أي دلالة إحصائية". 

ه عطاء العلمانيين أقل: حيث حلّل عالم الاجتماع آرثر سي بروكس 
55 .ل 4117111 بيانات تضمنت ما يقرب من 73٠١.٠٠٠‏ ملاحظة عدت 
من 0١‏ مجتمعاً في الولايات المتحدة بعد سؤال المشاركين عن سلوكهم 
المدني فخرجت بالنتيجة: «الفروقات بين الأشخاص العلمانيين والمتدينين 
في البذل الخيري كبيرة جداً. المتدينون أرجح بالنسبة إلئ التبرع بالمال بنسبة 
5 أكثر من العلمانيين (41/ مقابل 57/): وأرجح بالنسبة إلئ العمل 
الخيري بنسبة *71/ (717/ مقابل 5 5/). واتفاقا مع نتائج بحوث أخرئ. 
فإن هذه البيانات توضح أن ممارسة دين ما أكثر أهمية من الدين نفسه في 
التنبؤ بالسلوك الخيري. فعلئ سبيل المثال» من بين أولئك الذين يحضرون 


015 50610108 عط 05 عاأههطلصمط 01010 عط (2011) (.له) .8 .2 رعكالتة001) (1) 
5853-4 .مم رووع]2 1517ء0157لآ 01010 :021010 .مم1عتاع] 


م 


للعبادة بانتظام» 47/ من النصارئ البروتستانت يتصدقون. مقارنة ب١941/‏ من 
النصارئ الكاثوليك» و١5/‏ من اليهود. و84/ من الديانات الأخرئ)”. 

صدقة المتدينين أكثر: كما يخلْص «دليل أكسفورد لعلم اجتماع 
الدين» إلئ أن المتدينين الأمريكان يتصدقون أكثر من اللادينيين: «أما فيما 
يتعلق بالأمريكان الذين يتصدقون للمنظمات الخيرية» فقد وجد ريغنيريس 
535 وآخرين )١1191(‏ ارتباط]ً بالتدين عن طريق تحليل بيانات من 
استبيان الهوية الدينية والتأثير» لعام .١4947‏ ال /١7‏ من السكان الأمريكيين 
الذين اعتبروا أنفسهم لادينيين أعطوا مالا أقل للمنظمات الخيرية من باقي 
السكان الذين كانوا يعتقدون معتقدات دينية)”7. 

٠‏ أقل عرضة للاكتئاب وتعاطي المخدرات وأقل محاولات انتحار: في 


4 


عام رةه قام سميث 1ك ومكلو طعنده 11 بنع 1/1 وبول 1ام2 قْ بحثهم 
العلمي «#استعراض تحليلي لنتائج إحصائية عن العلاقة نين النين وال كقانت: 
دليل على وجود تأثيرات رئيسية وتأثيرات لتخفيف الضغط») بتحليل أكثر من 
٠‏ دراسة اجتماعية» فوجدوا أن زيادة التدين تتنبأ بانخفاض في مستوئا 
الاكتئاب وانخفاض في نسبة تعاطي المخدرات وانخفاض في عدد محاولاات 
الانتحار”©. 


:3 ع1ط ةنكث .لاع اكع و2011 .(2013) .1 رواء طالملا (1) 
07-7 . 1ع 20077 777/77 //: ماخط 

01 506101027 عط 01 ع1أه0طلصدط 01010 عط1' (2011) (ل») .8 .ط رعكاتة001 (2) 
5853-4 .مم رووع21 15117ع01لآ 021010 :01010 

:+ 326 1115101152655 .(2003) .ل 2011 0ه 21 طاعنه1انناءك8 ,1 طتتممة (3) 
عكنا اللأووع:5 02 ععطع ناكصآا عمتنوع5400 عطا لله اأعع88 مستهالا 2 01 ععمع لاوط 
.614-66 ,129 .طتاع[اياظ ل[دعاعه10مطاءووط .نامع كط 


/, 


٠‏ الرفاهية وتقدير الذات والجريمة: في عام ٠٠١7‏ أيضاء قام برايان 
جونسون 10125011 813/33 وزملاؤه في مركز «اللبحث في الدين والمجتمع 
المدني المتحضر» في جامعة بينسيلفانيا باستعراض 418 دراسة نشرت في 
متذاا ع اق عكمة يلوا إن أن أغلى هذه الدواسسات فوعددت 
علاقة من النوع الإيجابي بين الالتزام الديني وارتفاع مستوئ الشعور 
بالرفاهية وتقدير الذات وعدم ارتفاع في مستوئ ضغط الدم وانخفاض في 
نسبة الاكتئاب ونسبة الميل الإجرامي”. 

بعض الاعتراضات عدلئ هذه الدراسات تتضمن الاستشهاد بدراسات 
أجريت على مجتمعات السجن حيث وجدوا أن تمثيل مجتمع المتدينين 
يغلب بشكل واضح في السجن. وهذا صحيحء ولكن هذا النوع من الارتباط 
لايدل -ني الواقع- علئ شيء. بل ستكون هذه الدراسات قوية إذا وجد 
ارتباط بين معتقدات السجناء الدينية والجرائم التي أرتكبت. حيث يُنظر إلى 
مستوئ التدين أيض]؛ ويمكن ساعتها أن يقال إن هذه الجرائم ارتكبت لأن 
هؤلاء الأشخاص لم يكونوا متدينين بما يكفي (ليكون الدين رادعاً لهم)» أو 
أن هؤلاء انحرفوا عن قيمهم الدينية (فلا يمثلون المتدينين). 

وعلئ الرغم من أن البحث العلمي في علم الاجتماع موضوع معقّد 
وأننا ما زلنا في حاجة إلئ بحوث أكثر في موضوع الإيمان بالإله وكيف نعيش 
حياة جيدة» إلا أن الدراسات المذكورة أعلاه تؤيد الرأي القائل إنه يمكن أن 
يكون الشخص جيداً وهو ملحد. ولكنه سيكون أفضل وهو مؤمن. 


() منقول عن: 
-184 .مم ,ع1 1110502 ه10[ :071010 101157ع10328آ ناماع 1اع]1 15 (2006) .1 ,11750 


م 


عرّض هذا الفصل بوضوح المتضمّنات واللوازم المنطقية التي تترتب 
علئ إنكار الإله. وبينما يمكن تبرير اعتقاد الملحدين - من ناحية عاطفية - 
أنه بإمكانهم العيش حياة أفضل مع الاعتقاد بقيمة فعلية وبالأمل وبالسعادة 
وبالهدفء إلا أن الفكرة المقصودة هنا واضحة: لا يستطيع هؤلاء الملحدون 
أن يدعموا موقفهم من ناحية عقلية. وحتئ ريتشارد دوكنز يعترف باللوازم 
المنطقية للمذهب الطبيعي» ويقول إنه في إطار هذا المذهب. كل شيء يصبح 
لا معنيل له ويكون مبنيا علا اللامبالاة: 

«علئ العكسء إذا كان الكون مجرد إليكترونات وجينات أنانيّة» فإن 
المآسي التي لا معن لها مثل اصطدام هذا الباص هي بالضبط ما ينبغي أن 
نتوقعه» ومثله - بنفس الطريقة وبشكل متساوي - الحظ الجيد الذي لا معنى 
له. مثل هذا الكون لن يكون شريراً ولا خيّراً عن قصد. ولن يُظهر أي نوايا من 
أي نوع. ففي عالم من القوئ المادية العمياء والتناسخ الجيني» سيصاب 
بعض الناس بالأذئ وسيصبح آخرون محظوظين. ولن تجد أي نمط أو 
فحيت أو أي عدل ني ذلك. فالعالم الذي نلاحظه فيه - بالضبط- تلك 
الخصائص التي نتوقعها إذا كان لا يوجد تصميم ولااغاية ولا شر ولا خير 
ولا شيء سوى تلك اللامبالاة العمياء عديمة الرحمة)”. 

إذاً... لن يهتم كونٌُ من موادٍ فيزيائية باردة عمياء غير عاقلة بمشاعرنا. 
يمكن للإله فقط أن يقدم مسوّغا عقليا لهذه الأشياء التي تجعلنا بشراً. 
:0 لطمرآ .عكنآ 02 م1١‏ ممتستوصو7 ى بمعل8 2ه غن0 موعن (2001) .1 ,كمكاسو«ط (1) 


.2 بتلطاعمطط 


10 


الفصل الثالث: 
أعداء العقل: 
لماذا الإلحاد غير عقلانى؟ 


تخيل أنك تكتشف الشهر القادم عن طريق طبيبك أنك مصاب بمرض 
نادرء» وأن هذا المرض مميتء ولا فرصة لك بالشفاء منه. والأمل الوحيد 
عندك هو أن تأخذ علاج) أكتشف مؤخراً وهذا العلاج كفيل بشفائك بنسبة 
ومع ذلكء عندما قَدَّمِ لك هذا العلاج ترميه جانب) وترفض أخخذه. 
بماذا تتوقع أن يُوصف رفضك هذا؟ لا يمكن أن يوصف رفضك هذا إلا بأنه 
جنون وغير عقلاني؛ لأنك رفضت العلاج الوحيد الذي تحتاجه للبقاء على 
قيد الحياة. 

استكمالاً لنفس المثال: وعندما وصلتك لحظة الموت» قررت أخيراً أن 
لاحل هذا العلاج فتشافيت. وبعد عدة أيام» زارك الطبيب لإجراء الفحوصات 
الطبية الاعتيادية» وسألك عن سبب رفضك لأخذ العلاج في البداية» فترد 
وتقول: ١لأنه‏ غير مجدي». ثم يرد عليك الطبيب بسؤال آخر: «حسناء ولكن 
بما أنك تتعاق من المرض. ما رأيك الآن؟»» فتجيبه: «لقد أخبرتكء العلاج 
غير مجدي وشفائي من المرض لا علاقة له بأخذ العلاج» فيرد الطبيب: 


// 


«قدرتك علئ التفوّه بهذا الكلام غير المعقول هي في ذاتها إثبات علئ أن 
العلاج مجدي! لأنه لولا هذا العلاج لم تكن علئ قيد الحياة لتقول مثل هذا 

| 
الكلام!». 

هذه القصة تمثل من يروجون للإلحاد. 

يزعم دعاة الإلحاد أنهم عقلانيون ويصرٌّون على أن قرارهم بإنكار 
ينكرون الشيء الذي يحتاجونه للوصول إلئ هذا الاستنتاج ألا وهو «العقل». 
بمجرد ما يبدأ الملحد بالجدال ضد الإله.» فهو يفترض أن لديه القدرة علىل 
التفكير بعقلانية والوصول إلا الحقيقة. أغلب أوجه الإلحاد تتبنئئ المذهب 
الطبيعي الذي يقتضي أن العقل يمكن أن يُفسّر فقط عن طريق قوئ مادية 
عمياء وغير عقلانية. وبذلك يكون الإلحاد بمثابة رفض العقل نفسه؛ لأن 
مفهوم العقل - ببساطة - لا يتوافق مع النظرة الطبيعية. قدرتنا علئ إعمال 
العقل يمكن تفسيرها فقط عن طريق وجود الإله؛ لأن العقلانية لا يمكن أن 
نأق سن عملينات غفياء غيتر عقلائية: العقلانية لا يمكين أن تأ إلامن 
عقلانية» ومعارضة هذا القول يعادل الإيمان بأن شيئا يمكن أن يأتي من لا 
شيء. في الواقع» الملحدون يحتاجون إلئ وجود الإله؛ لأنه لا شيء آخر 
يمكن أن يفسر قدرتهم علئ التفكير بعقلانية. وهذا الفصل سيستعرض هذه 
الحجج بالتفصيل. 

ولك قبل التفضيل«التحادكة التالنة تلتخدى وتظهراكيت أن الملتحكدين 
لا يستطيعون تفسير (العقل) الذي يدعون أغهم يتوصلون به إلئ إنكار الإله 


4 


عن طريقه: 

الملحد: لا يوجد دليل عل وجود الإله. والإيمان بالإله غير عقلاني. 

المسلم: هذا الجزم مثير للاهتمام. لكن قبل الاستمرار» سأسألك 
سؤالاً: هل تعتقد أن لديك قدرات عقلية؟ وبصيغة أخرئ: هل تعتقد أنه 
يمكنك التفكير بعقلانية؟ 

الملحد: بالطبع. أي شخص يفكر بعقل ومنطق سينكر وجود الإله. 
ببساطة. لا يوجد دليل. 

المسلم: حسناء رائع. ممكن أن أسألك: كيف يمكنك أن تفسر 
امتلاكك لهذه القدرات العقلية في إطار الإلحاد؟ 

الملحد: ماذا تعني؟ 

المسلم: حسناء يفترض الإلحاد أن كل الكائنات تطورت بطريقة حسية 
مادية؟ وأنه لا يوجد شيء خارق للطبيعة؟ 

الملحد: بالطبع. 

المسلم: والملحدون يعترفون بأن التطور هو عملية مادية توصف بأنها 
عمياء وعشوائية وغير عقلانية» فكيف يمكن للعقلانية أن تأتي من 
اللاعقلانية؟ كيف يمكن لشيء أن يأتي من شيء لا يحتويه أو يكون له 
الإمكانية علئ إنتاجه؟ وبناءً علئ هذاء كيف يمكنك تفسير قدرتك علئا 
التفكير بعقلانية؟ 

الملحد: حسناء لدينا الدماغ الذي تطور. 

المسلم: حسناء ووفق] للإلحاد فإن هذا الدماغ المتطور أساسه أشياء 


/4 


مادية» أليس كذلك؟ 

الملحد: نعم» ولكن أدمغتنا تطورت وأصبحت عقلانية» فكلما تعلمت 
عن العالم أكثر زادت فرصة بقائك فيه. 

المسلم: هذا ليبس صحيحا؛ فتبني اعتقادات غير عقلانية حول العالم 
قديقود إلا النجاة أيضاً. 

الملحد: ثم ماذاء كلانا يؤمن بالعقل فهذا ليس محل إشكال. 

المسلع تع #بالنمية لى لبش إشكالآ ولكتك كملح لآ معطي تفسيز 
قدرتك علئ التفكير العقلاني. ولذلكء فقبل أن نتمكن من الحديث عن 
وجود الإله» يجب عليك أن توضح كيف يمكن تفسير قدراتك العقلية في 
إطار نظرتك الإلحادية. 

الملحد: لاء أولاً يجب عليك أنت أن تثبت لي وجود الإله. 

المسلم: هذا هرب؛ لأن الطريقة الوحيدة التي نستطيع بها تفسير قدرتنا 
علئ التفكير العقلاني بشكل صحيح هي من خلال وجود الإله. فكما ترئ. 
العقلانية لا يمكن أن يكون مصدرها غير عقلاني. العقلانية لا يمكن أن تأت 
إلامن عقلانية. ولذا فالإلحاد غير قادر علئ تفسير هذا الشيء» بعكس 
الألوهية في الإسلام» فهي أفضل ما يفسر قدرتنا علئ استخدام العقل؛ لأنه 
أتئ من الخالق العليم الحكيم. 

ما العقل؟ 

في سياق هذه الحجة, ف «العقل» يقصد به أن لدينا قدرات عقلانية؛ أي 


أننا نستطيع التفريق بين ما حقيقي وما غير حقيقي» ونستطيع الوثوق بعقولناء 


ونستطيع معرفة الحقيقة» وأن لدينا الرغبة في الاستكشاف ونستطيع الاستنتاج 
والاستقراء والاستدلال. وحتئ أوضح أكثرء فالعقل عبارة عن القدرة التي 
نستطيع من خلالها الوصول إلى استنتاج صحيح. عندما نفكر بشكل منطقي» 
فإن استتنا حا ثتاستكون نية فلن نصيرة عقلية»يمعت: أندا جد أن هذا 
الاستنتاج صحيح ويستقيم. هذا الإدراك (الذي يمكننا من خلاله الحكم على 
أن الاستنتاج صحيح أم لا) لا يمكن التحقق منه تجريبيآ. وبعبارة أخرئ, فإن 
لدينا تبصّر عقلي يدلنا على أن الاستنتاج الذي تم التوصل له يستقيم منطقي)؛ 
أ أله مترائظ ططق ) باعفنا و السيلمات والمقدمات المسطلقة يه 

تعتبر الحجج الاستدلالية مثالاً جيداً لتوضيح المقصود بالتبصر العقلي. 
المقصود بالحجج الاستدلالية هي التي تضمن مقدماتها صحة الاستنتاج؛ 
فتكون الحجة الاستدلالية صحيحة إذا كان استنتاجها يستقيم مع المسلمات 
والمقدمات التي بنيت عليهاء وتكون قوية إذا كانت صحيحة ومقدماتها 
صحيحة أو مقبولة عقليا. 

فعندما نسمع هذه الحجة الاستدلالية: 

١‏ - الرجال غير المتزوجين هم عزاب. 

؟ دجون أعرب: 

؟ - ذا جون هو رجل غير متزوج. 

نعلم أن ("1) صحيحة بالضرورة بناءً علئ التحليل المجرّد الذي قمنا به 
باستخدام عقو لنا. وأيضاً لدينا ما يبرر للاعتقاد بصحة المقدمتين )١(‏ و(5). 
ولا يوجد شيء في العالم الحسي يمكنه إثبات أن (”7) نتيجة منطقية. ربما 


1١ 


أنك لم تقابل جون من قبل وربما أنه لم يمكن لك أي تواصل مع شخص 
أعزب من قبل» ولكن قدراتك العقلية ترئ صحة الاستنتاج الذي تم التوصل 
له بغض النظر عن أي تجارب حسِّيّة. فمن الواضح أن العقل له بعد آخر: 
تجاوزي. 

وحتئ تنضح هذه النقطة أكثر» تأمل هذه التححة الاستد لالية: 

١-رأئ‏ جون خمس موديفات. 

” - الموديفات الخمس التي رآها جون كلها صفراء. 

* - إذاء بعض الموديفات - علئ الأقل- يجب أن تكون صفراء. 


هذه حجة استدلالية صحيحة؛ لآن الاستنتاج يلزم بالضرورة. إذا كان 
صحيح] أن جون رأئ خمس موديفات» وكانت ألوانها صفراءء إذاً يلزم أن 
تكون بعض الموديفات - علئ الأقل- صفراء. سواءً كانت كلها في الواقع 
صفراء أم لا لاايهم. إذا سلمنا بصحة(١)و(23).‏ فيلزم أن يكون (*) 
هذا الاستنتاج - علئ فرض صحة )١(‏ و(3) - مع أنه ليس لدينا أي فكرة 
عن المقصود بالموديف؟ (وبالمناسبة» فقد اخترعت هذه الكلمة). اتفاقنا 
للحجة يحدث في عقولنا بغض النظر عن التعميمات التجريبية التى قد نكون 
كونّاها من خبرتنا. فنحن تمكنًا من الوصول إل الاستنتاج (؟) في ظل غياب 
أي اناق حيهية رتكا مع التوصيل لشو ديدون أن ركرة عي ] علرصرنا 


بك 


(فنحن لا نعرف ما المقصود بالموديف). 

لم تقم عقولنا فقط باستنتاج نتيجة غير مبنية على تعميمات تجريبية» بل 
وجّهت بصيرتنا وقادتها لاستنتاج أن (7) يجب أن يكون لازم صحيحا. 
ومع ذلكء فإن هذا التوجه أو الاقتياد لوجهة عقلية أو نقطة نهاية ليس خاصية 
لعملية ماديّة. فالعمليات المادية عمياء وعشوائية وليس فيها أي قوئ قصدية 
توجهها. وهذا يعني أننا لا نستطيع أن نستخدم العمليات المادية لتفسير 
قدرتنا علئ التوصل لاستنتاج معين (هذا سيتم شرحه أكثر فيما يلي). 

العقل: أحد مسلمات العلم: 

للعقل البشري خاصية تمييزية نستطيع من خلاها التمييز بين الصواب 
والخطأء والحقيقة وغير الحقيقة» والجمال والقبح الأخلاقييّن. وهذا بالتأكيد 
يميزنا عن الحيوانات؛ فملكاتنا العقلية مكنت البشر من الإنجاز والتقدم. في 
الواقع» يجب علينا أن نثق في قدراتنا العقلية قبل أن نتمكن من الحديث عن 
العلم. لآن أحد الافتراضات الأساسية التي يفترضها العلم هو أن عقولنا 
تتمتع بقدرات منطقية. وبدون هذا الافتراضء فإننا لن نتمكن من استخدام 
كلمات مثل «واقع) و«حقيقة» و«إثبات». 

يعتمد العلم علئ افتراض أنه يمكننا أن نفكر بعقلانية» وهذا معناه أن 
وجود العقل لا يمكن تعليله وتفسيره بشكل كامل عن طريق أحد التفسيرات 
العلمية. فعل سبيل المثال» عندما أحد العلماء اختبار فرضية أو يجيب عن 
سؤال قابل للتحقق» فهناك افتراض مسلَّم به وهو أنه يمكن عقلٌ التتائج 
وفهمها. وفي هذا افتراض واضح وهو أن العالم يستطيع إعمال عقله قبل 


0 


القيام بأي خطوة في العلم. وحقيقة كون العالم يستطيع أن يسأل سؤالاً قابلاً 
للفحص والتحقق فيه افتراض آخر وهو أن قدراته العقلية تصل إلئ مستوئى 
يتمكن من خلاله من التفريق بين الصحة والخطأ. 

هذا لا يعني أن العلم لا يمكنه تقديم تفسير لقدراتنا العقلية ولو جزئياء 
ولكنه لا يستطيع تفسير هذه القدرة من وجهة نظر تأسيسية. معرفة كيف ظهر 
العقل من بعض العمليات المادية لا يقدم شيئا في تفسير بُعده التجاوزي مثل 
قدرته علئ الوصول لاستنتاج صحيح تم التوصل إلئ صحته عن طريق 
تحليل وبصيرة في العقل نفسه. وهذا هو السبب وراء خطأ الاعتماد على 
التفسير العلمي فقط؛ لأنه يقصر عن تفسير حقيقة توصلنا إل صحة 
الاستنتاج في عقولنا التي لا تعتمد علئ شيءٍ مما يمكن التحقق منه تجريبيا. 
يمكن للعلم أن يتعامل فقط مع ما يمكن ملاحظته بطريقة أو بأخرئ. وبما أن 
العلم يحتاج للعقل بداية حتئ يكون قادراً على تفسير العقل» فإن القول بأنه 
يستطيع - بطريقة ما - أن يفسر قدرتنا علئ إعمال العقل سيكون بمثابة 
الدوران في نفس الحلقة. العلم أداة مفيدة تساعدنا في فهم العالم ولكن أحد 
قصوراته هو أنه لا يستطيع تفسير مسلّماته (انظر الفصل الثاني عشر). 

أحد الآمور المهمة التي ينبغي فهمها هنا هو أن الحجة المعروضة في 
هذا الفصل تقول أنه باعتبار طبيعة العقل البديهية» فهي تتسق تماما مع 
الألوهية في الإسلام» ولكنها - في المقابل - لا تتسق مع الإلحاد ولا يمكن 
فهمها في إطاره. ولذلك. فادعاء الإلحاد بأنه يستخدم العقل هو بمثابة إنكار 
العقل؛ لآن العقل لا يمكن تفسيره في إطار الإلحاد. 


4 


لا نستطيع تبرير ملكاتنا العقلية في إطار الإلحاد: 

يتبنئ أغلب الملحدين المذهب الطبيعي» والمذهب الطبيعي يقرر أنه لا 
يوجد خوارق للطبيعة» وأن العمليات الحسية المادية يمكنها أن تفسر كل 
الظواهر. فوفق] للمنظور الطبيعي» لو سبرنا أغوار المستويات الآولية للواقع» 
فسنصل إل أن كل شيء نراه ما إلا نتيجة عمليات مادية تتصف بأنها عمياء 
وعشوائية وغير عقلانية؛ مجرد ذرات وجزيئيات تنحرك بلا اتجاه أو توجيه 
أو نتيجة موضوعة مسبقا. فهذه المكونات المادية لاغاية لهاء ولا شيء 
يوجهها عن قصد. فإذا كان هذا هو الحال الذي تكونت عن طريقه أدمغتناء 
فكيف يمكننا الادعاء بأن هذه الأدمغة قادرة علئ إنتاج أفكار عقلانية؟ كيف 
يمكننا الادعاء بأن لدينا القدرة علئئ التميبز بين الحقيقة وغير الحقيقة؟ 
القدرة علئ التفكير بعقلانية يتطلب أمراً مهم ألا وهو معرفة ما يترتب على 
حجةٍ ما؛ أن نرئ ما إذا كانت هذه الحجة صحيحة منطقياَ أم لا. أما المذهب 
الطبيعي فلا يستطيع أن يرئ (أو يحكم علئ) أي شيء؛ لأنه يقرر أن كل 
الظواهر مبنيّة على عمليات مادية عمياء غير عقلانية. 

فكي ف إذاً يكون لنا عقول ذات منطق عقلاني قادرة علئ إصدار 
استنتاجات صحيحة إذا كان مصدرها غير عقلاني. لا يمكن لشيء أن يُحدث 
شيئاً إذا كان لا يشتمل عليه أو لم تكن له القدرة (أو الإمكانية) علئ إحداثه. 
فعلئ سبيل المثال» لا أستطيع أن أعطيك 50١0‏ دولار إذا لم يكن لدي هذا 
المال» ولن أستطيع الحصول علئ هذا المبلغ إذا كنت عاطلاً عن العمل 
وسمعتي المالية سيئة (هذا المبدأ سيتم استخدامه في باقي الكتاب). وكذلك» 


10 


إذا كانت الععلبات الجادية لأا صف بالعقلايية كيف تكوة متصدرا لينا؟ 
العمليات المادية - بطبيعتها - ليس فيها عقلانية وليس لها بصيرة؛ فهي لا 
تستطيع فهم ما يترتب علئ حجة ما من استنتاج. العمليات المادية لا يتم 
اقتيادها أو توجيهها لغاية أو لقصد. ومجرد القول بأن «العقلانية» يمكن أن 
تأتي من العمليات المادية «اللاعقلانية» هو بمثابة الاعتقاد بأن شيئا يمكن أن 
يأ من لا شيء: 

تأمل المثال التالي: تخيل أن هناك سائقا باص. السائق الأول يتمتع 
بصحة جيدة وعنده خبرة» أما السائق الآخر فصحته سيئة؛ فهو مصاب 
بالعمئ. وكذلك ليس عنده خبرة. يبدا السائق الأول رحلته ويُركِبِ شخصين 
الأول اسمه «مقدمة 2١‏ والثاني «مقدمة 27» ووجهتهما النهائية هي «يلزم من 
ذلك». ويرئ سائق الباص المحطة علئ الخريطة التي معه ويمكنه رؤيتها 
بوضوح عن بعد. أما السائق الآخر فقد تم اقتياده إلئ باصه في محطة 
الباصات. وينتظر في الباص الراكبان «مقدمة )١‏ و«مقدمة 7»)» ووجهته ما 
نفسها كما في السيناريو السابق. استطاع هنا السائق تشغيل الباص» ولكن هل 
تعتقد أنه سيصل إلئ الوجهة المرادة. الإجابة واضحة؛ لن يصل لهذه الوجهة 
أبداً. العمليات المادية تعاني من نفس المشكلة؛ فهي عمياء؛ ولا تستطيع أن 
تفسر العقل؛ لآن أحد خصائص العقلانية هي القدرة علئ التبصر في استنتاج 
با قا ينكك ناحتما عل مقير هن شه اعم زادعاء شن هد 
بمثابة الادعاء بأن شيئاً يمكن أن يأتي من لا شيء. 

ومن هذا المنطلق» فالإلحاد - بسبب منظوره الطبيعي - ليس فقط غير 


ان 


عقلاني بل عدو للعقل؛ فهو ينكر ذلك الشيء اللازم الذي يمكن من خلاله 
إبداء ادعاء حول الإله ألا وهو العقل. إذا كانت العقلانية لا يمكن أن تأي من 
اللاعقلانية» فإنه يلزم كذلك أن المذهب الطبيعي لا يمكنه تفسير القدرة 
العقلية. ورغم هذاء فإن هناك بعض الاعتراضات المحتملة علئ هذه الحجة. 
هذه الاعتراضات ستناقّش في نهاية هذا الفصلء ولكن أحد هذه الاعتراضات 
هو الادعاء بأن برامج الحاسب الآلي لديها القدرة علئ التحليل الاستدلالي» 
وبما أن برامج الحاسب مصنوعة من مواد. فإن العمليات المادية يمكنها 
تفسير العقلانية. سيناقش هذا الاعتراض بالتفصيل في نهاية الفصل»؛ ولكن 
الرد الرئيسي علئ هذا الاعتراض هو أن برامج الحاسب ليس لديها قدرة 
عل «التبصّراء ولا تتمتع تقد هادف أرضع ‏ #العقلاة اكد فين 
التوصل لاستنتاج» ويكون هذا الاستنتاج هادف (ذو معنئ). فكوننا نستطيع 
التساؤل عما يترتب علئ استنتاج معين أو عما يعنيه ذلك الاستنتاج (حتئ 
ولو لم نعلم معناه»» فيه إشارة إل حقيقة أن العقلانية البشرية تتضمن بصائر 
ذات معنئ. أما برامج الحاسب فلا تتصف بأن لديها بصائر ذات معنئ. وفي 
واقع الحالء فإن نظام الحاسب مبني علئ «قواعد تركيبية» وليس علئ 
«دلالات معنوية»» وسيوضّح هذا أكثر لاحقا. 

هل يستطيع التطور الدارويني تفسير قدراتنا العقلية؟ 

وفقا لأتباع المنهج الطبيعي» فإن عقولنا تطورت لتصبح عقلانية. 
ويقولون إنه كان مفيداً لأسلافنا معرفة حقيقة بيئتهم» وأن قدرتهم على 
التفريق بين الحقيقة وخلافها كان ضروريا لبقائهم. إذا استبعدنا حقيقة أن 


/ا34 


العلم لا يستطيع تفسير قدرتنا علئ التفكير بعقلانية» فإن المذهب الطبيعي 
يبدو في ظاهر الأمر تفسيراً معقولاًء ولكن عندما نتعمق أكثر فإننا نواجه 
مشاكل كثيرة. وحتا تشارلز داروين 10317512 0131165 كانت لديه شكوك 
فيما يتعلق مبذه المسألة. فكان يدرك أن قدرتنا علئ معرفة الحقيقة لا يمكن 
تبريرها إذا كانت متطورة من أنواع حية ذات مستوئ أدنئ. يقول داروين في 
رسالة مكتوبة عام :١18/0١‏ 

«الكره إذا كان كد لله فإن:الشاك الفظيع يساورني عما إذا كان لقناعات 
العقل البشري - والذي تطور من عقل حيوانات أدنئئ - قيمة؟ أو أنه يمكن 
الوثوق بها؟ هل سيثق أي شخص بقناعات عقل القرد إذا كان هناك أي 
قناعات في مثل ذلك العقل؟)”. 

لننظر الآن ما إذا كان بإمكان التطور الطبيعي أن يرمي بسترة نجاة وينقذ 
العقلانية البشرية. عندما نستخدم مصطلح التطور الطبيعي 6 ]28161018115 
3 فإننا نقصد به أن العملية التطورية خالية من أي تدخل إلهي. 
عقولنا تطورت وأصبحت عقلانية لآن قدرتنا علئ التفكير والتحليل المنطقي 
وتوصلنا لاعتقادات صحيحة كانت ضرورية للبقاء. هناك عدة إشكالات مع 
هذا الادعاء. أولآًء قدرتنا علا التمييز بين الحقيقة وغير الحقيقة ليس متطلب 
للبقاء؛ لآن التطور يتمركز حول أهمية البقاء وليس أهمية الحقيقة. ثانياً؛ 
قدرتنا ورغبتنا في الاستكشاف - والتي تعتبر خاصية ضرورية للعقل الراشد - 
هي في كثير من الحالات ضارة لبقائنا 


:(2016) أعء [210 ععمطع020موع0017) ماككتة10 (1) 
لد:.2-118:1"1-13230) 0[ /1عناء الكلنا.عة. اع زم 1حبط تت 17.0//:وماخط 


لين 


أحد أهم خصائص عقلنا الراشد هو قدرته على التمسك بالحقيقة ونبذ 
ما غير حقيقي. وأيض]َ لدينا القدرة علئ الرؤية المستقبلية أو التبصر؛ أي 
قدرتنا علئ معرفة النتيجة بناءً علئ مقدماتهاء وهذه أحد أهم العمليات التي 
نستخدمها عندما نتعاطئ مع العلم. السؤال المطروح الآن هو: هل يمكن 
للتطور الطبيعي أن يفسر هذه القدرات؟ الجواب هو «لا». كل ما نحتاجه 
لدحض هذه الفكرة هو إثبات أن الاعتقادات الصحيحة والاعتقادات 
الخاطئة كلاهما مؤهل لأن يكون سبب للبقاء. وفي هذه الحالة؛ لا حاجة 
للعملية التطورية بأن تنتج قدرات عقلية. 

إذاه هل يمكن أن تكون الاعتقادات الخاطئة سببا للبقاء؟ لا نحتاج إلى 
وقت طويل لندرك أن هناك عدداً لا يحصّئ من الاعتقادات الخاطئة التي 
يمكن أن تؤدي للبقاء. فالشخص الذي يعتقد أن جميع الحشرات التي علئ 
أجسامها علامات حمراء هي حشرات سامة سيتجنب كل الحشرات التي 
عليها علامات حمراء وينجو. ولكن هذا الاعتقاد الذي يعتقده خاطى؛ فكثير 
من الحشرات التي عليها علامات حمراء غير ضارة» وخنفساء «الدعقوسة» 
هي أحد الأمثلة الواضحة علئ ذلك. شخص آخر قد يتجنب جميع النباتات 
الفطرية؛ لأنه يعتقد أن كل النباتات الفطرية سامة. ولكننا نعلم أن أكل فطر 
«الزّرا صحي تماما ومغذّي. ويقدم بروفيسور الفلسفة أنتوني أوهير 
11 :ناوث مثالاً مشاه ليوضح أن التطور يمكن أن ينتج معتقدات 
خاطتة ندلا مو الستتينات منهية : ونذلكافيثت أن المتحقدات غمر 
العقلانية يمكن أن تؤدي للبقاء: 


01 


«قد يتجنب طائرٌ ما يرقاتٍ لها ألوان محددة بسبب أنها سامّة» ولكنه 
أيض] سيتجنب يرقاتٍ غير سامّة بنفس الألوان» وربما يصدّق اعتقاداً خاطن) 
حول سميّة اليرقة غير الضارّة. بالطبع» فرص بقاء هذا الطير تزيد بسبب تجنبه 
لنوع اليرقات هذا الذي يتضمن كلا من اليرقات الضارة وغير الضارة. إذأ 
وجود اعتقاد خاطئ حول نوع من اليرقات سيكون نتيجة نزعة بقائية. ولو قلنا 
اهل لد لاش جين لبان تورف شن و رج نت كاد الل قاف بام 
فيَكُون لديناهنا تفسيرا تطوري للخطأً؛ هما عرز الفكرة العامة بأن هذه لست 

يقة مباشرة للانتقال من العمليات التطورية للحقيقة»”". 

المشكلة الثانية تكمن في أنه لا حاجة للتطور في أن ينتج قدرات تمكننا 
من فهم قوانين الفيزياء والتعمق في الرياضيات. من غير المعقول أن نجد 
أنفسنا بعقول لديها القدرة علئ فهم الكون. الصراصير حافظت علىئ البقاء 
بشكل مذهل لملايين السنين» ومع ذلك فلا نراها جالسة تحتسي القهوة 
وتناقش ميكانيكا الكم. 

فكر بهذا الأمر للحظة: ما الذي يدفع رائد فضاء للجلوس فوق 
٠‏ كيلوجرام من وقود صاروخ ليتم إرساله إلئ الفضاء بسرعة تصل 
إل 17.3٠١‏ ميلا في الساعة علئ مركبة فضائية؟ وخصوصا وهو لا يعلم ما 
إذا كان سيعود أو حتئئ ما إذا كان سيصل إل الفضاء. هل تساعد هذه الرغبة 
في الاستكشاف عائ بقائه؟ ما الذي يدفع متسلق جبال للصعود إلئ قمة جبل 


01 5اآلطاآ عطا 220 عتتطولطا ممصت :ممتطامح8 لدموع8 (1997) الى ,تدع 0*8 (1) 
.60 .2 رووع21 15117ء157ل] 0<1010) :املا عاك .00 اأقصه اود انمه نامك 


03 


إيفرست مع ما يواجهه من برد وظروف صعبة ومع أنه لا يعلم في الواقع ما إذا 
كان سيصل إلئ القمة أم لا؟ أليس مصمِّمَا على تقديم بقائه وجعله أولوية؟ 
ما لذي يدفع راهب للانعزال والبقاء عازب] وتكريس نفسه للبحث عن الراحة 
النفسية؟ ألا يتعارض ذلك مع الصراع علئئ البقاء والتكاثر؟ من المؤكد أن 
رغبة الاستكشاف قوية في البشر وفي حالات كثيرة تتفوق على رغبة البقاء؛ 
فنحن نرئ حالات كثيرة يبتعد فيها الناس عن أشياء هي من ألزم ما يحقق 
شروط البقاء» وبعملهم هذا نجدهم يحققون السعادة الحقة والراحة النفسية! 

كيف يمكننا أن نفسّر رغبتنا في الاستكشاف مع ما ينتج عنها من أعمال 
وأنكنظة شياد: ص اير سي ا كرا 
تستقيم عقلاً في حال تبئّئ الشخص المذهب التطوري الطبيعي. وفي النهاية» 
فإن أعلئ مستوياتنا العقلية ورغبتنا في التعلم غالبا ما تقودنا إلئ قضاء أوقاتنا 
في أنشطة غير ضرورية «كمالية» لا تساعد عل البقاء والتكاثر مثل الفنون أو 
الروحانيات أو ابتكار طرق جديدة لمنع الحمل. كان من المفترض 
بالانتخاب الطبيعي أن يزيل هذه الرغبات لأنها لا تقدم أي فوائد تكيّفيّة أو 
تكاثرية بما أن عملية التطور الدارويني تشرح «البقاء» و«التكاثر) فقطء 
ولذلك هي لا تستطيع أن تفسر قدرتنا علئ إعمال العقل وأحد خصائصه 
الضرورية: الرغبة في الاستكشاف. وهذه النقطة قد لخّصها سي إس لويس 
0715 .5 .0 بدقة عندما قال: 

«كل المعرفة الممكنة... تعتمد علئ صحة التحليل العقلي. إذا كان 
الشعور باليقين - والذي نعبر عنه بكلمات مثل (يجب أن» و«لذلك» و«بيما 


١ 


أن»- هو فهم حقيقي لما يجب أن تكون عليه الأشياء خارج عقولناء فهذا 
جيد. أمّا إن كان هذا اليقين مجرد شعور في داخل عقولنا وليس فهم] حقيقي] 
للواقع خارجها؛ أي أن هذا الشعور مجرد عاكس ويمثّل طبيعة الطريقة التي 
تعمل بها عقولنا فقط» فليس باستطاعتنا أن نصل لمعرفة حقيقية. مالم يكن 
التفكير العقلي البشري صحيحاًء فلا يمكن أن يكون أي من العلم 
صحيح)”'. 
ينبغي أن يكون اتضح من خلال المشكلتين السابقتين أن نظرية التطوّر 
الداروينية - والمبنيّة علئ أساس أهمية البقاء لا أهمية الحقيقة- لا تقدم 
تفسيراً صحيحا] لقدرتنا علئ التفكير العقلاني ورغبتنا في الاستكشاف. أدرك 
الأكاديميون هذه المشاكل وصرَّ حوا بتعليقات مفزعة هذا الخصوص. يقول 
عالم الأحياء جون جراي:/إ018 1018 «إذا كان العقل البشري قد تطور 
طوعدا لآوامر البقاء» فما السبب الذي يدعونا للاعتقاد بأنه يمكنه الوصول 
لمعرفة الحقيقة إذا كان كل ما يُحتاج إليه في تكاثر النوع هو أن لا تكون 
الأخطاء والانخداعات التي يواجهها مميتة؟ لا يمكن للفلسفة الطبيعية 
وحدها تفسير المعرفة التي نعتقد أننا نمتلكها»”. 
ويقول الدكتور فرانسيس كريك 01101 1182015 مكتشف تركيبة الدي 
إن أي: اكتشفنا أن أدمغتنا المتطورة جداً لم تتطور تحت ضغط البحث عن 
حقائق علمية» بل لمجرد أن نتمكن من أن نصبح أذكياء لدرجة تكفل لنا أن 
14 .م بقتقللتساعه]/8! تعلدملا بوك1« .وعاع م3 (1960) .5 .0 ,متوع 1‏ (1) 
تكمك طحو لمقطءن 4ه حصنلة 1050© عط (2014) .1 ,هه (2) 


-110دط- للع 105ع- كع 1اع1-1ع11-15:000اع مم 19596/0 2111/1 /جنام» . ع1 | طاناجع :ركع م//:وماخط 
كت-210طه11 


نحافظ علئ البقاء وترك الخلف)”". 

ويقول العالم المعرفي ستيفن بينكر 21161 5]61765: «أدمغتنا مصممة 
الأفو ولي الحميقة. أعرانة تهون السمنةا لجان قن 
تكون»)”. 

وعلئ الرغم من أن الملحد الشهير وعالم الأعصاب سام هاريس 58312 
35 رإيعتقد بأن العلم سيقدم لنا إجابات في النهاية» إلا أنه يعترف قائلا: «لم 
تكن بدهياتنا المنطقية والرياضية والفيزيائية مصممة بواسطة الاتتخاب 
الطبيعي ببدف البحث عن الحقيقة»”7. 

إذا كنا قد تطورنا لنحافظ على بقائتناء فإن النظرية المعرفية التطورية 
(وهي منهج طبيعي يرئ أن التطور طريق للمعرفة) تعتبر عبثية ذاتية الدلالة 
(ويكون ذلك عندما تضع نظرية تعريف] للحقيقة لا تستطيع هي نفسها 
تحقيقه). ولذاء فإنه عندما تضع هذه النظرية تفسيراً تطوري] لأي شيء بعد 
تلك :فإنه لآ قيمة له إطلاف. ولااعحن حينيا شول: الفيلسو متت يعن 
0631 عاتم2: «عندما نسمع عن محاولة جديدة لتفسير التفكير المنطقي من 
نالخية علييرية قإنة ينيف أن كو ردة فعلنا كما لو أننا أخيرنا بأن تعض نا 
قد استطاع أن يجعل الدائرة مربعة)". 

باختصاره عندما يدّعي الملحدون أغهم استخدموا قدراتهم العقلية عند 
عط +10 طاعتدة5 عتقلتتمعك5 عط :وتوعطاهم9آ11 عستطمتصدماقة ع1 (1994) .© ,وتعصممع ‏ (1) 

.2 ,5015 5160175 5ع تقطن :011ل ترعل8 .1نامم 
د .6 ,81011010 .187 .117 عاتملا نم81 .وعلده؟؟1 لصتا عط ه81 (1997) .5 ,لمزم (2) 


.6 .2 رووعآ28 عع11 011لا ع8 .ءم3ه13205 7210131 عط]!' (2010) .5 ,متضوط (3) 
.2 رووع1 01571517ل] ع110طمطهن) :عع710طصطهن) .دعتطعر/؟ عط]' (1977) .© بطعوع (4) 


ربكل 


تصريحهم بأن الإله غير موجود. فإن هذا نوع من النفاق والكذب الفكري. 
ولكي يستطيعوا تبرير امتلاكهم لعقول منطقية» فعليهم إما أن يرفضوا الإلحاد 
أو يرفضوا المنطق نفسه. المفارقة الفكرية هنا هو أن قدرتهم العقلية تتطلب 
أولاآً وجود الإله. 

الألوهية الإسلامية: أفضل تفسير: 

لا أستطيع أن أعطيك رغيف]ً من الخبز إذا لم يكن لدي هذا الرغيف 
أصلا (أو إذا لم تكن لدي القدرة علئ الحصول عليه أو صنعه). هذا الكلام 
مبني علئ المبدأ العقلي التالي: لا يمكن لشيءٍ أن يُحدث شيئا وهو لا 
يشتمل عليه (أو إذا لم تكن له قدرة علئ فعل ذلك). وعلئ سبيل المثال» فإن 
قوئ غير عقلانية لا يمكنها أن تنتِج العقلانية بما أنها لا تشتمل عليها كخاصية 
ابتداءً. العمليات المادية ليست عقلانية لآنه لا يوجد فيها خاصية «التبصر)؛ 
فهي لا تستطيع التوصل لنتيجة معينة بناءً علئ ما يسبقها من مقدّمات 
وافتراضات. أما «الإله» فيفسر امتلاكنا لقدرات عقلانية؛ لآن العقلانية 
يمكنها أن تأني من موجودٍ عليم بكل شيء. لو كان في بداية الكون مكونات 
مأقين طبوا وخ علا تكاه ليود ادق لطرية لكر لد لك بزاسالاة 
المكونات المادية فهي لا يمكن أن تنتج عقلانية. ولكن لو كان في بداية 
الكون خالق]ً عليم] حكيماء فإنه يستقيم أن يحتوي الكون علئ كائنات 
واعية لها القدرة علئ التفكير العقلاني. ومن هذا المنظورء فإن الملحدين في 
الواقع يحتاجون للإله ليتمكنوا من تفسير امتلاكهم لقدرات عقلانية. 
ولذلكء فإن وجود موجودٍ متصفي بكمال العلم والحكمة هو أفضل تفسير 


١ 


لكونٍ يشتمل عليئ كائنات مدركة لها قدرة علا التفكير بعقلانية. 

الألوهية الإسلامية تقدم جواب] بسيط]ً وجميلاء وهو أن الإله خلقنا 
وأعطاثا عقولاً ورغبة في الاستكشاف لمساعدتنا علئ إكمال غايتنا. وأحد 
الطرق التي اختارها الإله لنا لنحقق هذه الغاية هي بتوجيهنا إلئن خلقه وحثنا 
علئ النظر في هذا الخلق الذي تكمن فيه علاماته. فعن طريق التأمل والتفكر 
في هذه العلامات نستطيع معرفة عظمته وقدرته علئ الخلق حق المعرفة» 
وها يقودنا بطبيعة الخال لتادتة (انظ لقص الحاسى عفن 

فالإله بقدرته وإرادته خلق الكون وخلق عقولناء وهذا ما يفسر قدرتنا 
علئ التفكير العقلاني وعلئ اكتشاف المبادئ المترابطة في الطبيعة. وهذا 
ياكزنا 27 جبيلة مق |لقرانتيكر لفيا لزاه 35 ابو سيو نجاو الافاوارق 
نفْيبحْ حَقٌّ يَتينَ لَهُمْ أنّهُ آَخَىُ أوَلَمْ يكف برَيِكَ أَنَهْد عل كُل سَْءِ سيد » 
(فصلت:07). 

وبحثنا الإله باستمرار علئ التأمل والتفكر واستخدام عقولنا فيقول كَبْكَ: 
( أفلا يَتَدَبَرُونَ آلْقَرَءَانَ أَمْ عَلْ قُلُوب أَكَفَالّهَا 4 (محمد:74)» ويقول: ١‏ أَقَلا 
تَعَقِلُونَ 4 (هود:01). 

هذه الآيات 5* تشير إل أن لدينا القدرة علا التفكير بعقلانية وعليئ التأمل في 
الم و م ل او 
آلسّمَوت وَآلْأَرَض وَآخْتِل اليل وَآَلبارَِا يولول الْألبَب» (آل عمران: 150). 

ا ل ل ل ا 
والرغبة في الاستكشاف حتى نستخدم هذه القدرات لفهم الكون بعظمته؛ 


لفل 


وهذا من شأنه أن يقودنا إلئ عبادة «الواحد) الذي خلقه (انظر الفصل 
الخامس عشر). جعل فينا الإله الأدوات اللازمة للانخراط بفروع من 
المغرفة سد العللمه ولكق المقاروةاتكون لها بهم اللعدن هذه المي 
الإلهية ليتحدوا بها الله نفسه (انظر الفصل الثاني عشر). 

اعتراضات: 

- إله الفجوات. 

اعتراض إله الفجوات يقول أنه إذا كان هناك فجوة معرفية علمية حول 
ظاهرة معينة فلا يجب عزوها إلئ وجود الإله (أو إلى فعل إلهي) لأنه سيأتي 
وقت ويقدم لها العلم تفسيراً. هذا الاعتراض لا يمكن أن يُرد به علئ الحجة 
المقدمة في هذا الفصل لأنها لا تناقش فجوةً في المعرفة العلمية. فهذه الحجة 
لاسدوق عو عند ةمقو ان تيلظ الخ علي الأسسس والمنداماف 
التي قام عليها العلم نفسه والمعرفة. القدرة علئ التفكير بعقلانية هي متطلب 
قبل أن يقوم أي علم. فالادعاء بأن العلم سيستطيع لاحق] أن يفسّر ويسوّغ 
مرتكزاته هو بمثابة الجدال في نفس الحلقة. هذا النقاش خارج نطاق العلم 
أصلاء فنحن نناقش المسلَّمات الأساسية التي قام عليها العلم نفسه لا 
يستطيع العلم أن يعلّل ويقدم تفسيراً للمسلّمات التي قام هو عليها. ولهذاء 
فإن استخدام مغالطة إله الفجوات في هذه الحالة وهذا السياق ليس صحيحاً. 

- هذه حجة افتراضية. 

الحجة الافتراضية هي نوع من أنواع الجدال الذي يقول إنه لا يمكننا 
تفسير قدرتنا العقلية بدون المنظور المسيحي. وأنه لا يمكنك استخدام العقل 


ذل 


إذا لم يكن له مبرر صحيح. ولكن يستطيع الملحد - ومعه حق في ذلك - رد 
حجة المسيحي بسؤاله عن كيف برّر قدرته هو على التفكير العقلاني. إذا 
أجاب المسيحي وبرّر قدرته علئ التفكير العقلاني بالمسيحية نفسهاء يكون 
للملحد الحق في السؤال عن السبب وهكذا تدور الحجة في نفس الحلقة. 

الحجة المقدمة في هذا الفصل ليست افتراضية» فهي تقبل التسليم بأن 
لدينا القدرة علئ التفكير العقلاني ولا تقول بأنه قبل أن تستطيع استخدام 
عقلك فإنه يجب عليك أولاً تفسير وتبرير قدرتك علي التفكير بعقلانية. فهذه 
الحجة تطرح هذا السؤال: «بافتراض أن لدينا القدرة علئ التفكير العقلاني» ما 
أفضل تفسير لتملكنا هذه القدرة؟» فالحجة تقول أن أفضل طريقة لتفسير 
قدرتنا علئ التفكير العقلاني هي وجود الإله وأن المذهب الطبيعي 
- والإلحاد كنتيجة له - لا يستطيع تفسير امتلاكنا هذه القدرات العقلية. 

- العقلانية يمكن أن تأت من التعقيد. 

يدعي أتباع المذهب المادي الانبشاقي أن نظام معقداً من العمليات 
المادية والخاضع لتفاعلات سببية معقدة يمكن أن يُنتتج خصائص أو ظواهر 
غير موجودة في ذات العمليات المنفردة التي تكوّن هذا النظام. وسيستشهد 
المادي الانبثاقي بتاريخ العلم: عندما يُحكّم علئ شيء في البداية بأنه 
«غامض»» يتم فهمه لاحقا بعد فهم العمليات المعقدة التي تكمن فيه. 
ولذلكء فقد يرد المادي الانبشاقي علئ حجة العقلانية بافتراضه أن قدرتنا 
على التفكير العقلاني - وتحديداً قدرتنا علئ الوصول لنتيجة بالبصيرة - 
يعتمد علئ عمليات معقدة في الدماغ. وبمجرد ما تفهم هذه العمليات 


/ 


المعقدة, فإن قدرتنا علئ التفكير العقلانٍ ستتضح. 
للحياة» والماء يحتوي عل خصائص غير موجودة لا في الهيدروجين ولا 
الأوكسيجين. أمثلة كهذه تعطى الماديين الانبثاقيين الثقة لأن يقولوا بأنه 
يمكن لخاصّيةٍ معينة بأن تنج من نظام عمليات معقدة مع أنها ليست موجودة 
لأن الحجة المذكورة في هذا الفصل ليس موضوعها إتيان شيء مادي بشيء 
مادي آخر للوجود (مثل الهيدروجين والأوكسيجين وإتياهما بخصائص 
مادي (امتلاك بصيرة عقلية في الوصول لاستنتاج معين) وصدوره عن شيء 
مادي (عمليات مادية عمياء). لو تم فهم العمليات المعقدة المؤسّسّة لنشاط 
الدماغ» وتم تحليل كل تفاعلاتها السببية» فكيف يمكن لذلك تفسير قدرتنا 
علئ التفكير العقلاني؟ لا يزال السؤال يطرح: كيف يمكننا معرفة الحقيقة 
باستخدام قدرتنا علئ التبصر باستخدام عقول يُفترض فيها أنها مبنيّة على 
مكونات مادية عمياء سابقة؟ 

مجرد عزو الأمر للتعقيد كتفسير لا يضيف شيئاء وهو بمثابة القول ب: 
«أنه حدث هكذا)». يبدو لى أن المادية الانبثاقية هى محاولة ضعيفة لسد 
الفجوة التي أوجدها المنظور الطبيعي (الفصل السابع يوضح كيف أن 
المادنة الآنيقاقية لذ يمكتها تفسير التعاري الواعية الذاتية): 


الآثر الأكبر لتبني المادية الانبثاقية هو السماح بظهور النظريات التي لا 
تستطيع تفسير العلاقات أو العمليات المادية لنظام ما. إذا جد من يدَّعي أن 
للقي وك دي وود علي نوز بعلي درورو لجع كزين الور 
فلماذا ينبغي أن نتوقع من أي نظرية أن تفسر أي شيء؟ مجرد القول بأن ننتظر 
إلئ أن يتقدم فهمنا العلمي لا يعتبر حجة» وهو بمثابة من يشرح لعامل بناء 
متدرب ويقول له بأن بإمكانه بناء بيت عن طريق امتلاكه طوب كثير» وهذا 
خطأً. هناك أشياء أخرئ يتطلبها بناء بيت كالإسمنت والتصميم والبناؤون» 
إلخ. باختصارء المادية الانبثاقية ليست نظرية متماسكة؛ بل هي محاولة 
متهالكة لسد الفجوة التي أحدثها المذهب الطبيعي. 

- الحواسيب الآلية عقلانية؛ فلذلك العمليات المادية يمكنها تفسير 
العقلانية. 

اعتراض شائع للحجة التي تقول إن العقلانية لا يمكن أن تأتي من 
عمليات مادية هو قدرة برامج الحاسب علئ التحليل الاستدلالي. أحد 
خصائص العقلانية المهمة هو علمنا بأن نتيجة معينة هي لازمة بالضرورة في 
الحجة الاستدلالية الصحيحة. وبما أن برامج الحاسب تستطيع ذلك أيضاًء 
فإن العمليات المادية يمكنها أن تفسر قدرتنا علئ التفكير العقلاني. وهذا 
اعتراض في غير محله أيضا. فكما أوضحنا في هذا الفصلء التفكير العقلاني 
البشري مبني على امتلاك تبصر عقلي. وبرامج الحاسب لا يمكنها «رؤية 
تبصرية أو واعية» لأي شيء. ليس لدئ البشر تبصرات فقطء بل تبصراتهم 
هذه لها معنئ أيضا. لدينا القدرة عل فهم المغزئ والهدف من الاستنتاجات 


0 


التي نتوصل إليها. برامج الحاسب ليس فيها خصائص التبصر ذو المعنئ. 
والسبب هو أن برامج الحاسب مصممة بناءً علئ قواعد تراكيبية لا علئ 
دلالات. 
وحتئ نفهم الفرق بين الدلالة والتراكيب» تأمل الجمل التالية: 
.لالقططتة] 57م 1017 1 » 


.010لل] لأناج 617 01107 1|1٠7‏ 017/0100 » 


٠ 551] 515117] 27111715 51 

هذه الجمل الثلاث تعني نفس الشيء: «أنا أحب عائلتي». هذا على 
مستوئ الدلالة (المعنئ)؛ أي معاني هذه الجمل. ولكن مستوئ التراكيب 
مختلف. وبصيغة أخرئ: الرموز المستخدمة في هذه الجمل تختلف. الجملة 
الآولئ تستخدم الرموز الإنجليزية» والثانية اليونانية» وأما الثالثة فالبنغالية. 
ومما سبق يمكن أن نخرج بالحجة التالية: 

١‏ - برامج الحاسب مبنية علئ التراكيب. 

١‏ - العقول لديها معاني. 

- التراكيب بمفردها لا توصل لفهم المعاني. 

؛ - لذلكء فإن العقول ليست برامج حاسب. 


تخيل أن انمياراً جبليا -بطريقة ما- قد صف أحجاره المتساقطة على 
شكل هده الكلمات: «أنا أحت عائلتى ١‏ . قمر غير المعقول القول يأن التجئل 
يعرف ماذا يعني صف الأحجار هذا (أو معنئ الرموز). وهذا يدل على 


أن مجرد التغيير والتلاعب في الرموز (التراكيب) لا ينتج عنه المعنئ 


١ 


(الدلالات)0. 

برامج الحاسب مبنية علئ التغيير بالرموز وليس بالمعاني. وبشكل 
مماثلء لا أستطيع معرفة معنئ الجملة المكتوبة بالبنغالية بمجرد تغيير 
الحروف (الرموز). فمهما غيرت حروف البنغالية» لن أستطيع فهم معنئ هذه 
الكلمات. ولهذا السببء فإنه حتئ نعرف الدلالات نحتاج لأكثر من مجرد 
تراكيب صحيحة. وأما برامج الحاسب فهي تعمل علئ التراكيب وليس على 
الدلالات. الحواسيب الآلية لا تعرف معنىّ لآي شيء. 

تجربة الغرفة الصينية الفكرية التي قدمها البروفيسور جون سيرل 1011 
1 طريقة ممتازة لإثبات أن مجرد التغيير في الرموز لا يؤدي إلى فهم ما 
تعني هذه الرموز: 

«سنضعك الآن مكان أحد البرامج» فأنت كشخص أدخلناك إلى غرفة 
مغلقة» ويوجد في هذه الغرفة عدة سلال مليئة برموز صينية. وتخيل أنك 
- مثلي - لا تفهم أي كلمة صينية» ولكن تم إعطاؤك كتاب تعليمات 
بالإنجليزية للتعامل مع الرموز الصينية وكيفية تبديلها. وتقضي هذه 
التعليمات بأن تغيير هذه الرموز يعتمد علئ الشكل فقط؛ أي بناءً على 
تراكينالا دلذلاعاوانت لاقنزف ساف افترضن الآن أنارسمورا يد 
أدخلت للغرفة» وتم إعطاؤك تعليمات إضافية لإإخراج رموز صينية لخارج 
الغرفة: افترّض أنك تجهل أن الرموز التي أدخلت الخرفة سكول «أسفلة» ممّن 
10 كصمتاءوزطه - 4.2 لصتم 2ه تتنامهدمائطط (2014) .8 عمهك][ سرمت لعأمدلم (1) 

عاع 101717 1ع مك72 11ع017/121ع.7777177.97701116//: لاط :م15 ل 1100اع 11 


١ 


هم خارج الغرفة» وأن الرموز التي أخرجتها أنت خارج الغرفة تسمّئ 
(إجابات للأسئلة». بل افترض.. أبعد من ذلك.. أن المبرمجين عدون 2د 
في تصميم البرامج فصرت أنت جيد جداً في التحكم بالرموز وتبديلها لدرجة 
أنه بعد وقت قصير لم نعد نميّز إجاباتك عن إجابات المتحدث الصيني 
الأصلي. ها أنتٌ مغلقٌ عليك في غرفتك تقلّبٍ الرموز الصينية» وتسلّم الرموز 
الصينية استجابة للرموز الصيئنية الآتية... الآن» الغرض من هذه القصة هو 
ببساطة التالي: بمقتتضئ تصميم برنامج شكليّ من وجهة نظر ملاحجظ 
خارجيء فأنت تتصرف بالضبط كما لو أنك تفهم الصينية» ولكن في الواقع 
أنت لا تفهم كلمة صينية واحدة»”. 

الشخص في تجربة الغرفة الصينية الفكرية يحاكي الحاسب الآلي. 
والمبرمج هو شخصٌ آخر ينظم عملية التعامل مع الرموز بطريقةٍ تجعل 
الشخص في داخل الغرفة يبدو وكأنه يفهم الصينية. ولكن هذا الشخص الذي 
في داخل الغرفة لا يفهم اللغة وإنما يحاكي المطلوب فقط. 

قد يرد المعترض علئ هذا بقوله إنه علئ الرغم من أن برنامج الحاسب 
لايعي المعنئ, إلا أن النظام ككل يعيه. ولكن لماذا لا يعي البرنامج المعنئ؟ 
الجواب بسيط: بسبب عدم احتوائه على طريقة تربط بين المعنئ والرموز. 
وبما أن برنامج الحاسب لا يستطيع ربط المعنئ بالرموزء فإذاً كيف لنظام 
الحاسب - الذي يعتمد علئ البرنامج- أن يفهم المعنئ؟ لا تستطيع أن تنتج 


210 :21355 ,ع1108ط0طهن) .ععمعاءهد له كستور8ظ ,كلستكخة (1984) .ل رعالجوعهة (1) 
32-3 .مم رووع21 10215615157 


١1 


فهما بمجرد أن يكون لديك البرنامج الصحيح. 

ليس للإلحاد احتكار علئ العقل ولا يمكنه ذلك. من العار أن ينتتشر 
مفهوم أن الملحدين عقلانيون وأن الإلحاد مبني علئ العقل. لا شيء قد يبعد 
عن الحقيقة أكثر من هذا الادعاء. لا يمكن لعمليات مادية عشوائية عمياء أن 
تفسر قدرتنا علئ التفكير العقلاني. وهذا هو سبب أن الإلحاد لا يستطيع أن 
يعلل لذات الشيء الذي يستخدمه لإنكار الإله. أما وفق] للألوهية الإسلامية» 
فنحن نعيش في عالم منطقي لق بواسطة الخالق الحكيم العليم الذي أعطانا 
القدرة علئ إعمال العقل. هذا التفسير متماسك ويفسّر قدراتنا العقلية» ولن 
يستطيع شيء آخر تفسيرها. القول بأن عملياتٍ مادية عمياء وغير عقلانية 
تستطيع تفسير قدرتنا علئ التوصل لاستنتاج معين هو قولٌ غير عقلاني» 
وأولئك الذين يصرُّون علئ هذا التفكير هم في الواقع أعداء للعقل نفسه. 


6 
2 2 يت 


١ 


الفصل الرابع: 
الدليل الذاتي 
لماذا الإلحاد أمر غير طبيعي؟ 


تخيل أنك تستقبل في إحدئ الليالي اتصالاً من ديفيد؛ أحد أصدقاء 
الدراسة القدامئ الذين اعتدت أن تجلس بجانبهم في مادة العلوم. أنت لم 
حدق معه ليوات وما تذكر تدهواتلك الأسغلة الكرينة الفى كنان يسالك 
إياها. علئ الرغم من أنك كنت تراه شخص] لطيفاً إلا أنك لم تكن تقتنع 
بأفكاره. بعد تردد» أجبتَ علئ اتصاله. وبعد تبادل سريع للتحاياء دعاك 
لتناول الغداء معه» وقبلت دعوته بنصف حماس. وخلال الغداء سألك: ««هل 
بالإمكان أن أقول لك شيئ؟»» وتجيبه بنعم» ومن ثم يبدأ في إخبارك بشيء لم 
الماضي وكل هذه الفترة الماضية حتئ ولادتك - لم يحدث فعلاً. وما إلا 
وهم في عقلك. وسؤالي لك هو: «هل تعتقد بأن الماضي موجود بالفعل؟1. 
وكشخص عاقل يفكر لا يتفق مع كلامه فسترد ببساطة: «ما الدليل لديك علئ 
أن الماضئ غيو زود ؟2: 

والآن هناك طريقة أخرئ للرد» حيث تخيل أنك قضيت وقت الغداء كله 


110 


محاولاً إثبات أن الماضي قد حدث فعلاً. 

أي سيناريو إجابة تفضل؟ 

السبب في تفضيلك للسيناريو الأول هو أنك - مثل باقي العقلاء في 
العالم - تعتبر واقعية الماضي حقيقة بديهية ثابتة بنفسها. ومثل ما الحال مع 
بقية الحقائق البديهية عندما يتم التشكيك بهاء فإن عبء تقديم البرهان يقع 
علئ الشخص الذي شكّك بها. 

والآن» لنطبق هذا عل محادثة بين ملحد ومؤمن: 

يدعو المؤمن صديقه الملحد للعشاءء وخلال تناولهم العشاء يقول 
الملحد جازماً: «أتعلم, الإله غير موجود. لا يوجد دليل على وجوده). 
ومن ثم يرد المؤمن بوابل من الحجج المختلفة التي تؤيد وجود الإله. 
ولكن» هل اتبع المؤمن الطريقة الصحيحة هنا؟ قبل أن نقدم إثبات إيجابي] 
لوجود الإله ألا ينبغي علينا أن نحقق في نقطة لماذا يفترض أن التشكيك 
بوجود الإله هو السؤال الافتراضي الذي يجب البدء منه؟ لا ينبغي أن يكون 
السؤال: «هل الإله موجود؟». بل «ما الأسباب التي تجعلنا نتكر وجوده؟). 
لا تفهمني خطأ؛ فأنا أعتقد أن لدينا الكثير من الحجج القوية التي تدعم 
الإيمان بالإله. وكثير من هذه الحجج نوقشت في هذا الكتاب. الفكرة التي 
أريد إيصالها هنا هي أنه إذا لم يكن هناك حجج ضد وجود الإله. 
فإن الموقف الافتراضي هو الإيمان بالإله» وإلا سيكون هذا بمثابة التشكيك 
في وجود الماضي بدون مبرر جيد. من هذا المنطلق. الإلحاد ليس هو 
الموقف الطبيعي. 


11 


الحقائق البديهية: 

نحن نعتبر الكثير من الاعتقادات حقيقية بداهة؛ ومعنئ هذا أن الاعتقاد 
يمكن وصفه بأنه طبيعي أو صحيح ابتداءً وبشكل افتراضي. ومن أمثلة هذه 
الحقائق: 

٠‏ انتظام الطبيعة. 

» قانون السببية. 

© واقعية الماضي. 

صحة استنتاجاتنا العقلية: 

«. وجودالعقول الأخرئ. 

. وجود عالم خارجي. 

إذا شكك أحد في هذه الحقائق» فلا نسلَّم هكذا باستنتاجاتهم؛ بل نرد 
عليهم في العادة بسؤال: «ما الأدلة التي اعتمدت عليها في رفضك لهذه 
الحقائق؟). 

هذه الحقائق تعتبر بديهية لآنها تتصف بكونها: 

« عالمية: ليست نتيجة لثقافة معينة بل مشتركة بين ثقافات العالم. 

6 الا قله لجع سي عل حاقل العاوفات؟ فين لا سي عن 
طريق معلومات خارجة عن تفحصك الخاص وحواسك الخاصة. وبعبارة 
أخرئ فهي لا نتَعلّم عن طريق اكتساب المعرفة. 

« طبيعية: شُكَلت وفقاً للعمل الطبيعي للنفس البشرية. 

٠‏ حدسيّة: أسهل وأبسط تفسير للعالم. 


1١/ 


لنطبق هذه الخصائص عائا الاعتقاد بأن الماضى حقيقى. 

واقعية الماضي هي حقيقة بديهية لأنها: عالمية ولا تعلّم وطبيعية 
وحدسية. هى حقيقة عالمية لأن كل الثقافات لديها اعتقاد بالماضى من منطلق 
أن الماضي كان في وقت من الأوقات هو الحاضر. الاعتقاد بوقوع الماضي 
أيضا لا يُعلَمِ؛ لأنه عندما يدرك شخصٌ ما أن الماضي كان أمراً واقعي فإن 
إدراكه هذا ليس مبنيً على إخبار شخص آخر له بذلك أو علئ أي مصدر من 
مصادر التعلم. لا يوجد شخص ينشأ علئ إخبار والديه له بأن الماضي شيء 
حقيقي. فهذا الاعتقاد تم اكتسابه من خلال تجربة الشخص نفسه. واقعية 
الماضي تعتبر طبيعية أيض]؛ فمن لديهم قدرات عقلية طبيعية يتفقون علئ أن 
الماقى يتضمن أشياء فد حدقت فعا أخيراء الاعتقاد بآن الماضى ف حدت 
هو أبسط تفسير لتجاربنا ومبنع علئ فهم فطري لهذا العالم. فمثلا الادعاء بأن 
الماضي هو في الواقع ااوهم» يسبب إشكالات أكثر مما يحل. 

الإله: حقيقة بديهية: 

تمامً مثل الاعتقاد بأن الماضي كان في وقت ما الحاضرء فوجود الإله 
أيض] يعتبر حقيقة بديهية. المقصود ب «الإله» في هذا الفصل هو المفهوم 
الأساسي لمفهوم «خالق», ولا يقصد به أي مفهوم ديني معين لمعبود أو إله. 
يوضح النقاش التالي لماذا الإيمان بالإله يتتصف بأنه عالمي ولا يُعَلّم 
وطبيعي وحدسي. 

- عالمى: 

الفكرة الأساسية التي تكمن خلف مفهوم «خالق» - كسبب خارق 


11 


للطبيعية تسبب في نشوء الكون - هي فكرة (موجودة في مختلف الثقافات). 
هذه الفكرة ليست مرتبطة بثقافة معينة بل تتجاوزها تماماً كالاعتقاد بمبداً 
السببية والاعتقاد في وجود العقول الأخرئ. فعلئ سبيل المثال» فكرة أن 
الأشخاص الآخرين لديهم عقول موجودة هي في كل الثقافات» وهي اعتقاد 
عالمي تعتقد به أغلب الثقافات لا مجرد ثقافة معينة واحدة. هناك مفاهيم 
مختلفة للإله في مختلف الثقافات» ولكن هذا الشىء لاينافي وجودالفكرة 
الأساسية ل «خالق» أو «سبب أول». 

بالرغم من وجود الملحدين ني العالم, إلا أن الإيمان بالإله اعتقاد 
عالمى» والاعتقاد العالمى لا يعنى أن كل شخص علئ الكوكب يعتقده. بل 
إن إجماع الثقافات يعتبر دليلا كافيا لدعم القول بأن الناس علئ مستوى 
العالم يؤمنون بوجود الإله. ومن الواضح والجلي أن هناك مؤمنين أكثر بكثير 
من الملحدين في العالم» وهذا هو الوضع منذ بداية التاريخ المدوّن. 

- لا يُعلّم. 

الحقائق البديهية لا تحتاج إل تعليم أو تعلّم. فعلئ سبيل المثال» حتئ 
أعرف ما «السباغيتي»)» أحتاج إلى معلومات عن الطبخ الغربي والثقافة 
لن تحتاج إلئ أية معلومات - سواء من ثقافة أو من تعليم - حتئ تعرف أنه 
وعلماء الإنسان بأنه لو تم عزل أطفال ملحدين في جزيرة نائية فإنهم 


115 


سيعتقدون أن شيئ ما خلق هذه الجزيرة”". مفهومنا للإله يختلف. ولكن 
الاعتقاد الكامن بمسبب أو خالق مبني علئ تأملاتنا الشخصية. 

يتعجب بعض الملحدين بقولهم: «لا يختلف الاعتقاد بوجود الإله عن 
الاعتقاد بوجود وحش السباغيتي»» وخطأ هذا الاعتراض واضح؛ فالحقائق 
البديهية لا تتطلب معلومات خارجية. فكرة أن الوحوش موجودة أو حتىا أن 
السباغيتي موجود يتطلب تناقل للمعلومات» ولذلك فوحش السباغيتي ليس 
حقيقة بديهية» وهنا تصبح المقارنة مع الإله غير صحيحة. مع أن فيه تحويل 
لتركيزنا عن سياق هذا الفصلء إلا أن هذا الاعتراض خاطئ أيضا لآن هناك 
حجج قوية كثيرة تدعم وجود الإله» وفي المقابل لا يوجد حجج قوية تدعم 
وجود وحش السباغيتي. 

- طبيعي. 

الاعتقاد بوجود مصمم أو مسبب خارق للطبيعة هو متأصل في 
المخرجات الطبيعية للنفس البشرية. ومفهوم الوجود البديهي للإله كان 
موضوع نقاش علمي في التراث الفكري الإسلامي. فيقول العالم المتقدم ابن 
تيمية: «الإقرار بالصانع والاعتراف به مستقرٌ في نفوس جميع الإنس... وأنه 
من لوازم خلقهم...»”. ويؤكد عالم القرن الثاني عشر الراغب الأصفهاني 


:(2008) .10033 8800 (1) 
حمناك. 14 ذ357/1/001357/277510_/745000/7:/745 1/00 م».عحاطا. 5 كعم //:ماخط 
[ه6 ابن تيمية» درء تعارض العقل والنقل» المجلد الثامن» ص (؟585). 
7 80160 .101102 220 .201لاحمة؟ آوى '-1د لتتتة ”13 *031آ (1991) .لخ بللةوكجتمدرة1 مط1آ 


-1ة 53110 12 320قتتتقطت/8 تتفصص] -[ج لله تمتحل ,رطل1192 .مستلدك 0هط1]35 20تتمتخطنك83 
2 .م ,8 1701 .طةلإتمطةا5آ1 


بشكل مشابه علئ أن معرفة الإله «متجذرة بشدة في النفس)". وبالإضافة 
للموقف الإسلاميء فهناك بحوث كثيرة في مختلف المجالات العلمية التى 
تدعم الاستنتاج بأننا خلقنا بإعداد مسبق لكي نرئ العالم كشيءٍ مخلوق 


3 


ومصمًّم. 
الدليل النفسي: 

أجرت الأكاديمية أوليفيرا بيتروفيتش 2610110 0117618 بحثاً يتعلق 
بأصول الأشياء الطبيعية - كالنباتات والحيوانات - ووجدت أن الأطفال في 
عمر ما قبل سن المدرسة كانوا أرجح بنسبة 7 إلى ١‏ أن يقولوا أن الإله خلق 
النباتات والحيوانات من أن البشر صنعوهم”"» تقول بيتروفيتش في مقابلاتها 
العامة - وكذلك عن طريق التواصل الشخصي معها - أن الاعتقاد بإله غير 
بشري يبدو هو الأمر الطبيعيء وأن الإلحاد هو موقف معرفي مُكتّسب”. 
وتعمل بيتروفيتش على نشر كتاب عام ٠ ١17‏ عنوانه «الفهم الطبيعي - الإلهي 
من الطفولة للرشد» ‏ 70171  127707:5147101112‏ [سء121117:01-1701021/ 
4 10 0114/0040 وسيسلّط الضوء علئ هذا الموضوع أكثر. 
ويقول عالم النفس بول بلوم 810052 23101 أن الاكتشافات الحديثة في علم 
النفس المعرني تشير إلئ أن هناك جانبين رئيسيين للاعتقاد الديني هما 


.)150( الراغب الأصفهاني» مفردات القرآن الكريم» ص‎ )١( 

11 .801102 طاك .منتتهك!-21 عه 1ن21-0 2026 ك8 (2009) .طتطاعةخ]-آاخ ,تمقطةة]-ام 
.0 .7 ,ةلالإتمطتقط 21-5 مهد -1ة تختصاء 8 .1ل بحة7آ مجك نز 
1ط ا 031159117 21تتطة دولك عطا عستلصهةأدمعلمنا .(1997) .0 بطعلكمنءط (2) 

.1151-5 ,8 ,061001 اه عطاء:زو2 .1161211522اتث أمسمتدع ذخ ع035 لل :5 1 للخ لله 
:”00) صا 1كع1اء8 1ننتتطداظ ع تحمل ' كأصقكصآ .(2008) .8 ,متتوكك (3) 

-0-800 اع 1[ع 21-0 11لطه-ع 'كقط- 11015 /0170.3:11/021101121ع.عس .2ع طلا . 17/577 //: متخط 

لمصغط. 6 20080725-313 


1١ 


الاعتقاد بعوامل إلهية والاعتقاد بثنائية الجسد والعقل» وهذان الجانبان وَجَِدَ 
أغهما معتقدات طبيعية بالنسبة إلئ الأطفال الصغار”". واستعرضت 
البروفيسور ديبورا كيليمان 1262ء1ع1 12660181 في مقالها «هل الأطفال 
ألوهيون حدسيون ؟) 5157زء:17 1711/1116 0711/0711 476 دراسات وجدت 
أن الأطفال الصغار لديهم ميل إلئ التفكير في الأشياء الطبيعية ورؤيتها من 
منظور الغاية والقصد. ورغم أنه لا زال الموضوع في حاجة إلئ مزيد من 
البحث وأن هذه النتائج ربما تشير فقط إل ترجيح «الألوهية الحدسية». إلا 
أن الملخص الذي قدمته كليلمان يتوافق مع الاستنتاجات التي ناقشناها في 
هذا الفصل. تقول كيليمان: 

«كشف استعراضٌ لدراسات تركز علي النمو المعرفي أنه في حوالي عمر 
الخمس سنوات يفهم الأطفال أن الأشياء الطبيعية ليست من صنع البشرء 
ويستطيعون التفكير بعقلانية حول الحالات العقلية للعوامل غير الطبيعية؛ 
وتظوووة المفوة عد ترون الاسساءسن سيق اما مسية اعم امد 
الدليل المستمدٌ من الأطفال من 5 إلئ ٠١‏ سنوات أن نسبة الأطفال الذين 
يرون الغاية والغرض للطبيعة ترتبط بأفكارهم حول وجود تسبب غير بشري 
مقصود. هذه النتائج مجتمعة تشير إلىئ أن منهج الأطفال التفسيري يمكن أن 


يوصف بدقة بالالوهية الحدسية»)”. 


147-17 ,10 رعه26ع501 101 عططمم1ء77ع2آ .1تتطدلا 15 مماع11عظ] .(2007) .2 ,مدمهه81 (1) 
أناوطث 0125هك5دع1 7 5أواعط!' ع كاأتتطمط“ مع عللتطن ععث .تتتمدعاع؟ا طنتماء![ (2) 
117لطخمطا“ دع 101 1طن) عتث (2004) .(آ ,اعدمعاع ا ما معاوء0آ 200 ء5وممتلاط 
رع26ع501 1وع16ع520105ع:253 .ةل ا معاوء2آ 2320 ع05م1ا2 أنامطى عطتدامكوع]] 

15)5(, 295- 


يفن 


ووجدت الدراسة الحديثة التي أجريت بواسطة إليسا جارنيفيلت 151198 
أآء1ع130 وكيتلن كانفيلد110ع0821) 0311125 ودييرا كيليمان - والمعنون 
ب«العقل المنقسم ل اللاديني: اعتقادات حدسية حول الطبيعة كشيء مخلوق 
لهدف بين مجموعات مختلفة من اللادينيين البالغين» - أن هناك ميل طبيعي 
للنظر للطبيعة علئ أنها مصممة". وهذه النتيجة مبنية علئ نتائج ثلاث 
تاساك اللدواشة الا 11 لحووق ماعن شيلف 17 الفا سق أفريكا 
الشمالة» وكسلكهمثار كين ينيك ولا دويين. إجراءات جمع البيانات في 
هذه الدراسة كانت عبارة عن مهمة صنع مسرّعة عن طريق (إجراء يعتمد 
بشكل أساسي على صور ومصمم خصيص)] لقياس الميول التلقائية 
والانعكاسية للبالغين والتي تظهر تبنيهم فكرة أن الظواهر الطبيعية قدتم 
صنعها بواسطة موجودٍ ما عن قصد"" وتم توزيع المشاركين عشوائي على 
وضعين: الوضع المسرّع والوضع غير المسرّع» وتم عرض ١١١‏ صورة على 
كل البسا كرو عاك ننه العابعي الى قرطل كيم أن تضنازرا 
أحكاماً عما «إذا كان الشيء الظاهر في الصورة قد تم صُنعه بواسطة شيء ما 
عن قصد) وذلك عن طريق الإجابة ب «نعم) أو «لا» بالضغط علئ المفاتيح 
المخصصة علئ لوحة المفاتيح. أما الدراسة الثانية فقد شملت ١58‏ بالغ 
من أمريكا الشمالية ممن تم التوصل إليهم لغرض مشاركتهم في الدراسة عن 
082 لطتلطا 1017100[ عط1 .(2015) .نآ بمعممعاع ]ا عن .[ .ل ,10ع مهن ,.8 ,ااعاعصةل (1) 


7+5 العندع01 211100511117 35 116و!! أتامطخ 5أعناءظ علطم[ :عع 1اء0156آ[ 
.-140:72 1]102مع111]5.000لخ كناماع 1اعخ100-1! 01 101005 اماع رع 11مآ 


(0) المصدر السابق» ص (7/5). 


يفن 


طريق قوائم بريدية لمنظمات ورابطات إلحادية ولادينية”"» وتم إعطاؤهم 
نفس مهمة الصنع المسرّعة التي أعطيت للمشاركين في الدراسة الأولئ. 
الدراسة الثالثة أجريت علئ ١5١‏ من الملحدين الفنلنديين البالغين الذين تم 
التوصل إليهم عن طريق القوائم البريدية لرابطات ومنظمات طلابية من 
جميع أنحاء فنلندا”. وأعطي المشاركون في هذه المجموعة مهمة مشابهة 
لمهمة الصنع المسرعة التي أعطيت للمشاركين في الدراستين السابقتين» 
وكانت النتائج مذهلة. يقول الباحثون في نقاشهم لنتائج الدراسة أن الملحدين 
رأوا أن الأشياء صنعت لغرض: 

«بالتوافق مع نتائج الدراستين الأولئ والثانية» أظهرت الدراسة الثالثة أن 
المشاركى اللاقسين 3 الشوال التسليدى حصي اللادشة لمعف قنضية 
كبيرة هنا والخطاب الثقاني الألوهي ليس حاضراً بنفس الطريقة التي يحضر 
بها في الولايات المتحدة - أن الوضع الافتراضي هو رؤية الظواهر الطبيعية 
الحية وغير الحية علئ أنها مصنوعة من قبل موجودٍ غير بشري عندما تكون 
معالجتهم العقلية محصورة. ومن المثير للاهتمام أنه بعد مقارنة نتائج 
المجموعات اللادينية في الدراسات الثلاث» اتضح أن المشاركين اللادينيين 
الفنلنديين - علئ الرغم من غياب خطاب ثقافي ألوهي ظاهر (في فنلندا) - 
كانوا أقل من نظرائهم الملحدين من أمريكا الشمالية في كبح مستواهم العام 
في تبني الخلق. يوضح نموذج النتائج هذا أن الخطاب الألوهي الثقافي 


)غ20 المصدر السابق» ص .)86١(‏ 
(0) المصدر السابق. .)8١(‏ 


كين 


المحيط ليس هو العامل الوحيد الذي يفسر ميل الناس للتبني الطبيعي لفكرة 
الخلق المقصود)”. 

الاستنتاجات العامة لهذا البحث تتضمن حقيقة وهي أن النتائج «تقدم 
تأيبداً تجريبي] للرأي القائل أن عدم الإيمان الديني مجهد ذهني]»”, وأن 
«النتائج الحالية تشير إلئ أن هناك ميل طبيعي متجذّر بقوة يجعل البشر يرون 
الطبيعة كشيء مصمّم)”. وبعبارة أخرئ, فإن عدم الإيمان مرهق عقليا» وأن 
رؤية الأشياء علا أنها مصممة هو جزء من طبيعتنا البشرية. فالدراسة تشير 
إلئن أن الألوهية أمرٌ فطريّ. ومع ذلكء. وك ما الحال مع أغلب الدراسات» 
فإن «الكثير من الأسئلة ما زالت مطروحة فيما يتعلق بالعلاقات المحتملة بين 
الحدسيات المتعلقة بالتصميم والتي تتطور مبكراً»". 

ما زلنا بحاجة إلئ بحوث أكثر بكثير مما لدينا الآن في مجالي علم نفس 
النمو وعلم النفس المعرفي قبل أن نخرج بنتائج قطعيّة» ومع ذلك فالدراسات 
المذكورة أعلاه تدعم فكرة أن الإيمان بالإله أمر طبيعي. 

قد يستشهد بعض المعترضين بدراسات تشير إلئ أن الأطفال في عمر 
صغير يواجهون صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال» وهذه الدراسات لا 
تستطيع التقليل من أهمية نتائج الدراسات المذكورة سابق؛ لأن هذه 


.)8675( المصدر السابق» ص‎ )١( 
.)87( المصدر السابق» ص‎ )0( 
.)865( المصدر السابق» ص‎ )9( 
المصدر السابق.‎ ):( 


16 


الدراسات ركّزت علئ السياقات والقصص الدينية فقط وليس علئ مفهوم 
احتياج الأشياء لمصمم أو خالق”". ومع ذلك فإن حقيقة أن الأطفال الدينيين 
قد يواجهون صعوبة في التمييز بين الواقع والخيال ما زال محايداً من ناحية 
ميتافيزيقية؛ لأن القول بأن هذا الشيء يدعم الإلحاد وليس الألوهية يعني أننا 
نفترض أن الإلحاد حقيقة وأن الألوهية خيال. فمثل هذه الدراسات لا تبطل 
نتائج الدراسات المشار إليها سابقا. ومن المهم الإشارة إلئ أن بعض 
الدراسات التي ذكرتها هنا لها متضمَّنات ولوازم متعدية الثقافات؛ أي أنه 
بغض النظر عن خلفية المشاركين الألوهية أو الإلحادية؛ فإنهم يُظهرون ميلا 
لتبني آراء حدسية تتصف بألوهيتها. 

وهناك اعتراض آخر يقول بما أن بعض الدراسات وجدت أن الإلحاد 
غير مجهد ذهني] (أي يحتاج جهداً ذهني أكثر)؛ فهذا يدل علئ أنه أكثر 
المواقف عقلانية. وهذا الاعتراض مبني علئ استدلال خاطئ؛ فهذا الدليل 
يمكن أن يستدل به علئ أن الإلحاد يتطلب تبني افتراضات خاطئة حول 
العالم المادي (انظر الفصل الثاني عشر)؛ ونتيجة لذلك يصبح مرهق ذهنيا. 

لم أنقل هنا كل الدراسات المتعلقة بالموضوع؛ لآن النقاشات في هذا 
المجال معقدة جداً وني بعض الأحيان تقدم الدراسات نتائج متعارضة. 
الهدف الرئيسي من هذا النقاش هو عرض أدلة تدعم فكرة أن وجود الإله أمر 


6 


أعة 1 الاح طك 5العططع 10ل .(2015) ..آ .2 ,كتلتتقط ممه .8 .8 ممعطن ...8 .ا ,لتوع 1515م (1) 
.5 51021118100599 320 15اماستاعآ1 دصمءط صوععل1تطن لاط صمماعاط ممه 
353-3852١9١ 1+7.‏ :39 ,561 ماع00 


فل 


الدليل الاجتماعي والأنثروبولوجي: 

ركزت بحوث البروفيسور جستون باريت 881161 105012 في كتابه 
«مؤمنون منذ الولادة: علم معتقدات الأطفال الدينية» علئ دراسة سلوك 
الأطفال وادعاءاتهم» وتوصل إلى أن الأطفال يؤمنون بما يسميه «الدين 
الطبيعي». وهي فكرة تقول أن هناك موجودٌ ذو شخصية فريدة وأنه هو الذي 
خلق الكون كله؛ وأن هذا #الموجود) لا يمكن أن يكون بشرأء بل لا بد وأن 
يكون إلهيَ وخارقا للطبيعة. يقول باريت: 

اتشير البحوث العلمية المختصة بنمو عقول الأطفال ومعتقداتهم حول 
خوارق الطبيعة إل أن الأطفال يكتسبون - بشكل سريع وطبيعي - عقولاً 
تسهّل عليهم الإيمان بعوامل خارقة للطبيعة. ففي السنة الأولئ من الولادة 
بالتحديد. يستطيع الأطفال التمييز بين العوامل «الفاعلة» والأشياء (غير 
الفاعلة»؛ أي أنهم يفهمون أن العوامل الفاعلة لها القدرة علئ تحريك نفسها 
بطرق مقصودة لتحقيق أهداف معينة. ولديهم حماس لمعرفة القوئ الفاعلة 
حولهم بالرغم من قلة الأدلة المقدمة لهم. وبعد تجاوزهم السنة بقليل يبدأ 
الأطفال في فهم أن العوامل الفاعلة (وليس القوئ الطبيعية أو الأشياء العادية) 
يمكنها أن تجعل من الفوضئئ شيئا منظماً... هذه النزعة لإيجاد الوظيفة 
والهدف - بالإضافة إلى فهم أن الهدف والنظام تأتي من الأشياء العاقلة - 
يرجّح لدئ الأطفال رؤية الظواهر الطبيعية كأشياء مخلوقة عن قصد. من 
البغال © يعرك«الأظفال أ:«الناس االمب انعارا خندا كإاعانة لهذا الشة ان 
لابدوأنيكون إلها... الأطفاليولدون موّمنين بما أسميه الدين 


1١/ 


الطيبغ .00 

- حدسي: 

وجود خالق هو أكثر تفسير حدسي للكونء ومن السهل فهمه بدون أي 
تعليم صريح. فالبشر لديهم ميل طبيعي لعزو الأشياء التي يرونها لأسباب 
معينة» وما الكون بأكمله إلا واحد من هذه الأشياء (انظر الفصل الخامس 
والسادس). ليس كل حدس صادقء ولكن لا بد من وجود دليل يدفع 
الشخص للتخلي عن حدسه الأولي عن الأشياء. فعلئ سبيل المثال» عندما 
يرئ الشخص التصميم والانتظام في هذا الكون. فإن استنتاجه الحدسي 
يوصله إل وجود مصمم (انظر الفصل الثامن)» ولجعل هذا الشخص يغيّر 
رأيه» فلا بد من وجود دليل صحيح يبرر تبنيّه للرأي المضاد. 

إن الاعتقاد بوجود إله أو خالق أو مصمم أو سبب خارق للطبيعة هو 
حقيقة بديهية؛ فهو يتصف بأنه اعتقاد عالمي وغير معلّم وطبيعي وحدسي. 
وفي ضوء هذا الكلام» فإن السؤال الصحيح الذي ينبغي طرحه ليس «هل 
الإله موجود؟». بل «لماذا تنكر وجود الإله؟». وببذه الطريقة تكون قد قلبت 
الطاولة» ومعك الحق في ذلك؛ لأن الإلحاد ليس أمراً طبيعي. ومسؤولية 
الإثبات تقع علئ الشخص الذي يعترض علىئ الحقيقة البديهية» فهو لا 
يختلف عن الشخص الذي يدَّعي (أن الماضي وهم) أو (أن الناس الآخرين 
يعن لهو عقون ): 


5مع11011طن 01 ععمعاءد عط :ونع ععتاءظ حتتروظ (2012) [١‏ .ل رأأعتضوط (1) 
.35-6 .مم رووع21 عع11 همهلا علط 1ع 1اءع8 


10 


النزعة الجبلّية: الفطرة: 
ب الفطرة». وتأتي هذه الكلمة من الجذر العربي الثلاثي (ف ط ر)» ومنها 
كلمتي فاطِرٌ (الشيء) وفطرَهُ أي: خلّق الشيء وصتعه. ومن منظور دلالي؛ 
فإن الفطرة تشير إلى شىءٍ قد خلقه الإله فينا. ومن منظور دينى» فإن الفطرة 
تشير إلى الحالة الطبيعية أو النزعة الجبلّية للبشر التي خلقها الإله وجعل فيها 
معرفة متجذرةً به وميلاً لعبادته”". وهذا الكلام مبني علئ الصحيح من كلام 
النبي محمد © حيث يقول: «ما من مولود إلا يولد علئ الفطرة» فأبواه 
يهودانه وينصّرانه ويمجسانه...) ©. 

يخبرنا هذا الحديث النبوي أن في البشر كلهم نزعة فطرية خلقوا عليهاء 
ولكن التأثيرات الخارجية - كالتربية» والمجتمع على نطاق أوسع - تغير 
النقاش العلمي الذي تم حول مفهوم الفطرة. فعلئ سبيل المثال» يقول 
الغزالي - عالم الدين ني القرن الحادي عشر - أن الفطرة هي وسيلة 
متكانها النان تنم :فةاتحييقة هوه الالدو اميم لعاد قا يكن 


الغزالي على أن معرفة الإله ايجدها كل بشر في أعماق شعوره»' ويصف 


220 ابن حجر العسقلاني» فتح الباري شرح صحيح البخاري» ص .)7١1(‏ 
50 .101102 310 .تتقطكلد21-8 طتطدك5 اتقطد نتد8ظ-21 طنه1 (2000) .لخ رتنه دومث ' -اخم 
.2 ,31-5313300 :1031 


6 رواه الإمام مسلم في صحيحه . 
( الغزالي» كيمياء السعادة. 


7 1102513660 .2655 1مموط 08 تإمتعطعءاخ عط]!: :522031 عحووتستا (2007) .الوتقطن-ام 
.0 .12 ,111111 80016 1513221 :1لاملطناءا 212جكا .110 ع لهات 


لق 


ابن تيمية - عالم القرن الرابع عشر - هذا الميل الجبلّي بأنه شيءٌ جعله الإله 
في خلقه وأنه يشتمل علئ معرفة الإله علئ هيئة معرفة راسخة: «...الرب 
تعالئ معروفٌ عند العبد... ومعرفته فطرية» مغروزة في الفطرة» ضرورية» 
بديهية أولية)". 

وبالرغم من أن الفطرة هي ني الحقيقة حالة طبيعية؛ إلا أنه يمكن حجبها 
وإفسادها بواسطة المؤثرات الخارجية. وهذه المؤثرات الخارجية - كما 
موضح في الحديث النبوي - تتضمن التربية والمجتمع وضغط الأقران. فهذه 
المؤثرات يمكن أن تعتم علئ الفطرة وتمنعها من معرفة الحقيقة. يقول 
ابن تيمية أنه عندما يتم تعتيم الحالة الطبيعية بمؤثرات أخرئ. فإن الشخص 
قد يحتاج لأدلة أخرئ علئ وجود الإله: «الإقرار بالخالق وكماله يكون 
فطريَ ضروريا في حق من سلمت فطرته» وإن كان مع ذلك تقوم عليه الأدلة 
الكثيرة» وقد يحتاج إلئ الآدلة عليه كثيرٌ من الناس عند تغير الفطرة)”. 

وقد تتضمن هذه الآدلة الأخرئ الحجج العقلية. لم يكن ابن تيمية 
مؤيداً كبيراً لاستخدام الحجج العقلية في سياق إثبات وجود الإله» وكان يرى 
أن السبيل الرئيسي لذلك هو الفطرة. ومع تأكيده علئ هذاء إلا أنه لم يتجاهل 
الأدلة العقلية الصحيحة التي تثبت وجود الإله”. ولكن يجب أن تتوافق هذه 


)غ2 ابن تيمية» مجموع الفتاوئ» الجزء (15). ص (5 0 
صاط 20تقطث حطونزة1 اتحطارتقطذ جكتمنه21-7 '*تتحطردل/8 (2004) .ىم ,بطللر7وتصديةط1 مط1آ 
324 .م ,16 1701 .لقطة] عل1ل/8 ”تنه زج/8 :2منل ]8 طهحوتصوة 1" 


© المصدر السابق» الجزء 0( ص ا 


() ابن تيمية» درء تعارض العقل والنقل» الجزء (/ا)» ص .)75١9(‏ 
.7017,2.29 .201 لطهت اوخ '-21 130 ”1031 (1991) .لخ بطل ةلاوإتمطاجة 1 م1 


رن 


الحجج العقلية مع الآلوهية في الإسلام ولا تتبن هذه الحجج مرتكزات 
ومنطلقات تعارضها. ومن هذا المنظورء فإنه من المهم أن نعلم أن هذه 
القناعة بوجود الإله لم يُتوصل إليها عن طريق أي نوع من الاستقراء أو 
الاستدلال أو الدليل العلمي أو الفلسفي فقطء بل إن هذه الأدلة تعمل 
كالمثيرات التي توقظ الفطرة وتزيل عنها العتمة حتئ يُمكن التوصل عن 
طريقها لمعرفة الإله بالمعرفة الفطرية. ومن الطرق الأخرئ التي يمكن إزالة 
العتمة عن الفطرة بها تتضمن التفكر والتأمل والتفخّص والتجارب الروحانية. 
ويحث القرآن علئ طرح الأسئلة والتفكير بعمق في الأشياء: «... كَذَالِك تُفضِلٌ 
لدبت لِقَوَمٍ يَتَفَكَرُونَ 4 (يونس:24). «... إِنَّ فى ذَلِكَ لَآيَهُ َقَوَرِيعَفكْرُونَ » 
(النحل:3). « أَمْ خْلقُوا مِنَ غَيْرسَىْءِ م هُمْ آلْخَلِقُوت (22 م حَلَقُوا آلسّمَوتِ 
وَالأَرَضَّ بل لا يُوقِنُونَ 4 (الطور:-5"). 

ولأختم هناء فإن الإيمان بوجود الإله هو حقيقة بديهية» وك ما الحال مع 
باقي الحقائق البديهية عندما يعترض عليها شخص. فإن عبء تقديم الدليل 
يقع عليهم هم. والطريقة الوحيدة التي يمكن أن يُتحدّئ بها القول بالإيمان بإله 
هي تقديم دليل إيجابي على عدم وجود هذا الإله. ومع ذلك - كما سيوضح 
هذا الكتاب -» فإن الحجج القليلة التي يقدمها الملحدون ضد وجود الإله هي 
حجح ضعيفة» وتعتبر سطحية من ناحية فلسفية (انظر الفصل الحادي عشر 
والثاني عشر). وقد تطرق القرآن إلئ الحقيقة البديهية لوجود الإله منذ أكثر من 
١٠‏ سنة: أ أل لاط سمهت وَالرَض 4 (إبراهيم:١٠).‏ 

ولأمي هذا الفصلء يوضح العالم الإسلامي محمد صالح الفرفور 


1١ 


كيف أن وجود الإله هو في اتساق مع ميولنا الطبيعية: 

«ولا شك أن الإحساس الأول في أعماق الشخص إذا تفكر في نفسه وفي 
هذا العالم من حوله هو إحساسٌ مصدره قوة عظمئ تملك هذا العالم» ولها 
الأمر في الإحياء والإماتة والخلق والإبادة والحركة والسكون وكل هذه 
اولصي ع را لاير اي 
البشر يحشّون بهذه الحقيقة ويؤمنون بها في أعماقهم بذذ بغض النظر عن استطاعة 
الشخص تقديم الدليل الذي يؤكد حقيقة هذا الشعور أم لا. هذه حاسة 
طبيعية أو هي الميل الطبيعي للبشرية وهي بالتأكيد دليل دقيق... وكذلك» 
فنحن نشعر بوجود الشفقة والحب والكره والتشجيع وعدم الحب في نفوسنا 
مع عدم امتلاكنا دليلاً علئ وجودهاء حتئ وهي تهبيج في صدورنا؟ هل 
يستطيع أحد أن يأتي بدليل أكثر مما يشعر به ويحس (وهو شعورٌ حقيقيٌ بلا 
شك)؟ يشعر الشخص بالإثارة ويحس بالألم» ومع ذلك أيعجز عن تقديم 
دليل علئ أنه موجود أكثر من مجرد شعوره بذلك؟ بلا شك» هذه هي 
الطريقة ة الطبيعية [الفطرة ] أو الحاسة التي جُبِل عليها البشر» وهذه هي 
ادامر الى تراك دنا موم لسام لك عرق :80 امير ل اتيت 
فقط. بل هي حقيقة طبيعية تتوافق مع العالم»”. 


5 5 
دزي تزيم اي 


ع1 12 2001 ع1 لمعن[ عط 1 ممه عع553ع24 لداع #عمعظ8 عط1 (2010) .5 .54 ,تيوط (1) 
:لتتناطنتث .0131123551) حطووء 117 :5 20165 320 2م0داكطة11' .زع10م0ع12 01 :501039 
.55-6 .22 ,1ككه 211 طن حتودوء 1717 


ضن 


الفصل الخامس 
كون من لا شيءع؟ 
حجة القرآن في إثّبات وجود الإله 


تخيل أنك وجدت نفسك جالس) في ركن غرفة. الباب الذي دخلت منه 
مغلق تمام الآن» ولا يوجد أي طريقة للدخول أو الخروج من هذه الغرفة» 
والجدران والسقف والأرضية كلها مصنوعة من الحجر. وكل ما بإمكانك 
فعله هو التحديق في الفضاء الفارغ المفتوح» ويحيط بك البرد والظلام 
والجدران الحجرية. ومن ثم تخلد إلئ النوم نتيجة لشدة الملل الذي 
أصابك. وبعد مرور ساعات قليلة تستيقظ» وبمجرد ما تفتح عينيك تنصدم 
بسبب ما تراه أمامك في متتصف الغرفة؛ حيث توجد طاولة وعليها جهاز 
حاسب آليء ثم تقترب من الطاولة وتلاحظ بضع كلمات علئ شاشة 
الحاسب تقول: هذه الطاولة والحاسب الآل يأنت من لا شيء. 

هل تصدق ما قرأته علئ الشاشة؟ بالطبع لا تصدق. فللوهلة الأولئ 
تعتمد علئ ما يقوله لك حدسك من أنه يستحيل أن يظهر الحاسب الآلي 
والطاولة بدون أي نشاط أو سبب سابق لظهورهما. ثم تبدأ بالتفكير عما 


يمكن أن يكون قد حدث. وبعد بعض التفكير» تدرك أن هناك عدد محدود 


يهن 


من التفسيزات النتطقية: التفسير' الآول هو أنها قد أتث يلا تشاط مايق 
لظهورهاء وبعبارة أخرئ أنها أتت من لا شيء. التفسير الثاني هو أنها قد 
خلقت نفسها. والتفسير الثالث هو أنها صنعت أو وضعت في الغرفة بواسطة 
سبب أو نشاط سبقها. وبما أن قدراتك المعرفية طبيعية وتعمل» فستستنتج أن 
التفسير الثالث هو أكثرها عقلانية. 

بالرغم من أن هذا الأسلوب من التفكير المنطقي شائع عالمي.ء إلا أنه 
قد تم تلخيصه ببلاغة في القرآن. تقول الحجة أن التفسيرات الممكنة لشيء 
محدود (متناهي) أتئ للوجود هو أنه أتئ من لا شيء. أو أنه حَلَّق نفسه. أو 
أنه خَلِقٌ بواسطة شيءٍ مخلوقء أو أنه خَلِقٌ بواسطة شيءٍ غير مخلوق. وقبل 
أن أفصّل أكثر في هذه الحجة؛ يجب أن أشير إلئ أن القرآن كثيراً ما يقدم 
حججا فكرية عقلانية. فالقرآن كتابٌ مقنع وقوي يهدف إلئ التعاطي مع 
قارئه. ولذا فهو يفرض نفسه بإيجابية علئ عقولنا وقلوبنا عن طريق طرحه 
للأسئلة العميقة وعرضه للحجج القوية. تعلق الأستاذة المشاركة في 
الدراسات الإسلامية روزاليند وورد غوين 01/006 77730 110531120 عل 
هذا الجانب في القرآن قائلة: ١حقيقة‏ أن كثيراً من القرآن هو علئ شكل حجج 
يوضح إلى أي مدئ يُنظر للبشر علئ أنهم يحتاجون أسبابا لأفعالهم...)”". 

وترئ غوين أيض) أن هذه الخاصية في القرآن قد أنّرت في العلوم 
الإسلامية: «يعتير إعمال العقل والمحاجّة جزءاً من محتوئ القرآن ولا 


:0101 ع1 12 عمتطه35ع]1 1[دوع.آ 20ة ع11مأاعطك]ا رعاع مآ (2004) .117 .]1 ,عمصموكوده (1) 
.2 .م ,2004 .ع1601111608 :125000اطى .5أدع تنجو تخ 000'5 


دين 


3 


ينفصل عن تركيبته إل درجة أنه شكل وعي علماء القرآن بطرق كثيرة»”. 

هذه العلاقة بين الوحي والعقل كان يدركها العلماء حتئ في صدر 
الإسلام؛ فقد كانوا يعلمون أن التفكير العقلاني هو أحد الطرق التي يُتوصّل 
من خلالها لإثبات الأسس الفكرية للإسلام. يقول ابن تيمية - العالم 
الإسلامي في القرن الرابع عشر - أن علماء الدين في بداية الإسلام أدركوا أن 
كلا من الآدلة السمعية والعقلية صحيحة, وأن كلا منهما متسقٌ مع الآخر 
ومن أعطئ الأدلة العقلية حقها الكامل من التمحيصء وجد أنها تتفق مع ما 
أخبر به الرسل» وأثبتت لهم ضرورة الإيمان بما أخبروهم به”. 

الحجة القرانية: 

يقدم القرآن حجة قوية لإثبات وجود الإله: « أَمْ خلقوأ مِنَ غَيَرِسََْءٍِ أَمْهُمُ 
لْخَطِفُورت (ج) أَمْ خَلقُوا آلسّمَوَت وَالْأَرَضّ بل لا يُوقِنُونَ 4 (الطور:ه*-01. 

مع أن هذه الحجة في سياق خلق البشرء إلا أنه يمكن تطبيقها علئ أي 
شيءٍ أتئ للوجود أو أي شيءٍ له نشأة. يستخدم القرآن لفظ «خلقوا» ومعناها 
يعوا أو أنشكؤا*» ولذا فيمكن أن تنطبق عل أي شيء نشأ أو أت للوجود. 

لننظر الآن لهذه الحجة بالتفصيل. يذكر القرآن أربعة احتمالات يمكن 
أن تفسر كيف لشيءٍ أن يُخلق أو يأتي للوجود: 


000 المصدر السابق» ص ٠7(‏ )0 


(0) منقول عن: 
بللتةظ :ضعل1عا .لاستمطلام0 لامناعمعء2 018 1500137 25 لاوتمتاتية 1 160 (2007) .ل ,1061 
8-0 
١701 11.‏ 0011132 عط 01 125تطتدعططة 77010 101 177010 خ .أأخ نتقطه]35 0صمتسحطن18 (3) 
م ,تخ الال 


6 


* ليق بدون خالق: « أَمْ خُلِقُوا مِنَ عَيَرِسَىْءٍ 4 (الطور:0). 

٠.‏ خَلَقَ نفسه: « أَمَ هُمُ آلْخَلْقُوَ» (الطور:ه*). 

« خُلِقٌ بواسطة شيءٍ مخلوق: « أُمْ حَلَقُوا لسَمَوَت والْأرَض » 
(الطور:5*)» وهنا إشارة لمعنئ أن شيئ] مخلوق] خلق في الأصل بواسطة شيء 
مخلوقٍ آخر في نهاية سلسلة الخلق. 

« لق من شيء غير مخلوق: بل لا يُوقِتُونَ 4 (الطور:05» وهنا إشارة 
لمعنئ أن إنكار الإله ليس له مستند» وبهذا يُفهم وجود خالقٍ غير مخلوق. 

ويمكن تحويل هذه الحجة إلى معادلة عامة لا تتطلب الرجوع لكتاب 
5 

١‏ -الكون محدود. 

؟ - الأشياء المحدودة (التي لها نباية) قد تكون أتت من لا شيء, أو 
أها لقت نفسهاء أو أنها خلقت بواسطة شيءٍ مخلوقء أو خلقت بواسطة 
شيءٍ غير مخلوق. 

- لا يمكن أن تكون أتت من لا شيء؛ ولا يمكن أن تكون لقت 
نفسهاء أو أنها خلقت بواسطة شيءٍ مخلوق في نهاية سلسلة الخلق (لأن 
السؤال المنطقي ساعتها هو من خلق هذا المخلوق؟). 

4 - إذأء لا بد أن تكون خلقت بواسطة شيءٍ غير مخلوق. 

الكون محدود: 

هناك العديد من الحجج الفلسفية التي تثبت تناهي الكون ومحدوديته. 
وأكثر هذه الحجج إقناع] وأبسطها يكون بإظهار أنه لا يمكن أن يوجد شيء 


درن 


لانمائي حقيقي. الشيء اللانهائي الحقيقي الذي أتحدث عنه هو نوع 
المادية» ومن ضمن هذه الأشياء المادية الذرَّات والكواركات والباصات 
والزرافات والمجالات الكميّة. أما النوع الآخر من اللانهاية فهو النوع «غير 
إشكال فيه ويمكن أن يوجد. فعلئ سبيل المثل» لانهائية الإله هي نوع «غير 
متباين» من اللامهاية؛ لأنه ليس مكونً من أجزاء حسيّة ماديّة. والإله - من 
منظور علوم الدين الإسلامي - يتصف بأنه متعالٍ متفرّد بشكل بديع. 

أكثر الحجج التي تدعم القول باستحالة وجود شيء لانمائي إقناع] 
وبداهة هي التي تأتي على شكل تجارب ذهنية. ما يهم هنا هو استحالة وجود 
اللاخبائي المادي فعليا. ويختلف اللانمائي المادي عن اللانهائي الرياضي؛ 
فعلئ الرغم من أن هذه اللانبايات الرياضية صحيحة منطقياًء إلا أنها موجودة 
في المجال الرياضي فقط والذي ينبني غالب علئ الفرضيات والمسلّمات 
النظرية. وما يهمنا هو ما إذا كان اللانمائي يمكن إدراكه في العالم المادي 
الحقيقى. 

تأمّل هذه الأمثلة التالية: 

اكيس الكوافتغيل أن لديف غئكية لافيات ضر الكراتك فى كن 
إذا أخذت كرتين منهاء فكم سيبقئ معك؟ رياضياًء ما زال لديك عدد لانمائي 
من الكراث ولكن عملي» فإن ديك عددا آقن"نانهن هنما كان فق الكيس. 
ماذا لو أضفت كزتين أخرتيق للكنيين بذلا من أخذهما من :الكيس؟ كو عنده 


1/ 


الكرات الموجودة الآن؟ ينبغي أن يكون لديك عدداً أكثر باثنتين مما كان في 
الكيس. يجدر بك أن تكون قادراً علئ معرفة كم عدد الكرات الموجودة 
بالكيس» ولكنك لا تستطيع لآن «اللانهاية» في عالمنا المخلوق هي مجرد 
فكرة نظرية وليست موجودة في الواقع. هذا يُظهر بوضوح أنه لا يمكنك 
الحصول عائ لابائي فعلي مكون من أجزاء أو أشياء مادية حسيّة. وفي سياق 
هذه الحقيقة» يقول الرياضي الألماني الشهير ديفيد هيلبيرت 102010 
+111 : «اللانهاية لا يمكن إيجادها في الواقع. فهي لا توجد بطبيعتها ولا 
تقدم أساسا صحيحا للتفكير العقلاني... الدور الذي ما زالت تلعبه اللانهاية 
هو مجرد كونها فكرة»)”". 

١‏ - كومة من المكعبات بمختلف الأحجام: تخيل أن لديك كومة من 
المكعبات» وكل مكعب عليه رقمه. المكعب الأول حجمه ٠١‏ ستتيميتر 
مكعب. المكعب الذي فوقه حجمه © ستتيميتر مكعبء والمكعب الذي 
فوقه نصف حجمه. ويتكرر هكذا إلئ ما لانهاية. والآن اذهب إلئ أعلىئ 
الكومة وخذ المكعب الذي في الأعلئ. ولكنك لا تستطيع. لا يمكنك إيجاد 
هذا المكعب. لماذا؟ لأنه لو أمكنك إيجاد المكعب الذي في الأعلئ فهذا 
سيعني أن المكعبات لم تصل إلئ اللانهاية بعد. ولكنء بما أنه لا يوجد 
مكعب في الأعلئ فهذا يوضح - بالرغم من أن اللانهاية موجودة رياضيا عند 
لخدام المسلمات والافتزافياث النظرية: انهلا كنك الحصول علئ 
,(605) صتقماسط .11 ممه كدسوعمم8 .2 نم[ .عأتمكمر[ عط م0 (1964) .2 ,أوط1ك1 (1) 


:8 ,01185 7000اعاعمط .دع ستلموع]1 0عاععاء5 :5ع ةممطعطتو/ط! 01 ترتطامهوملتاط 
.26 مالمط-عع امعط 


10 


لانباية فعلية في العالم الواقعي. وبما أنه لا توجد نهاية لهذه الكومة» فهذا يدل 
علئئ أن اللانهاية - المكونة من أشياء مادية فعلية (وفي هذه الحالة: 
المكعبات) - لا يمكن تحقيقها من وجهة نظر مادية. 

من الناحية النظرية.؛ لا يختلف الكون عن كيس الكرات أو كومة 
المكعبات التي شرحتها أعلاه. الكون حقيقي؛ فهو مكون من أشياء مادية 
حسيّة. وبما أن اللانهائي المتباين لا يمكن أن يوجد في العالم الحقيقي» فيلزم 
من هذا أن الكون لا يمكن أن يكون لانبائيا. وهذا يعني أن الكون محدود. 
وبما أنه محدودء فلا بد وأن يكون له بداية. 

لم يُناقش البحث العلمي المتعلق بنشأة الكون هنا لآن البيانات الخاصة 
بهذا الأمر غير محسومة حاليا. ويقصد بهذه «اللا حسمية» أنها: افرضية 
توضح أنه سيكون مقابل كل نظرية علمية علئ الأقل نظرية واحدة أخرئ 
منافسة مؤْيّدة بنفس الدليل المقدَّم...»”. هناك ما يقارب من ١7‏ نظرية 
متنافسة في تفسير الدليل الكوني» وبعض هذه النظريات ترئ أن الكون 
محدود وله بداية وبعضها يرئ أن الكون ماضي أزلي. الدليل غير قطعي. 
والاستنتاجات قد تتغير عندما يظهر دليل حدول ان عل قرو ايده 
(انظر الفصل الثاني عشر). 

والآنء نحن في موضع يمكننا من تطبيق الاحتمالات المنطقية الأربع 
التي يمكن أن تفسر بداية الكون ومناقشة كل واحد منها. 

:لعسمتهامت قصسة] :عمتن 0‏ (1) 
. لممغط مه هصتصمء عع ع0 صتا/ع صندو/تحطمه 5ه لنطم/ه 1ك /تتلع .كذ بجوو :تغط 


لعرن 


مخلوق من لا شيء؟ 

قبل أن أناقش هذه الاحتمالية» يجب أن أعرّف ما «اللا شيء» أو 
(العدم). يُعرّف اللاشيء بأنه انعدام كل الأشياء. وحتئ أوضح هذا بشكل 
أفضلء تخيّل أن كل شيء (كل المادة والطاقة والإمكانية) اختفئ. هذه 
الحالة يمكن وصفها ب اللا شيء (أو ب العدم). ينبغي ألا يتم الخلط بين هذا 
وبين الفراغ أو المجال الكمّي (وهو مفهوم سآن إليه وأشرحه لاحق]). 

إذء هل يمكن أن يكون الكون قد أتئ إلئ الوجود من عدم؟ الجواب 
الواضح هنا هو «لا)؛ لأنه لا يأتي شيء من عدم. ال «عدم» لا يمكن أن يُنتج أي 
شيء من نفسه لأنه لاشيء. يمكن أن ننظر لهذه الفكرة بطريقة أخرئ عن طريق 
الرياضيات البسيطة. ما حاصل جمع ٠ + ٠‏ + ٠؟‏ الحاصل ليس ". بل .٠‏ 

أحد الأسباب التي تجعل هذا الأمر بدهيا جداً هو أنه مبنيّ علئ المبدأ 
العقلي (أو الماورائي) الذي يقول بأن «الوجود» لا يمكن أن يأتٍ من «العدم» 
من نفسه. والقول بعكس ذلك هو مجرد نوع من الخطاب المضاد؛ فأي 
شخص يمكن أن يدَّعي أي شيء. إذا كان يستطيع شخصٌ أن يدعي أن الكون 
بأكمله يمكن أن يأتي من لا شيء؛ فسيترتب علئ هذا أمور اعتباطية. سيكون 
بإمكان هؤلاء الأشخاص الجزم بأن أي شيء يمكن أن يأتي للوجود بدون أي 
شروط سببية علئ الإطلاق. 

يتوجب على شيء لكي يأتي من عدم أن يكون له القدرة المبدأية على 
فعل ذلك. وبما أن العدم هو انعدام كل الأشياء - ومن ضمنها الإمكانية أو 
القدرة -, فإنه لا يمكن لشيء أن يأتي من عدم؛ لأنه لا يوجد إمكانية أو قابلية 


1 


لأي شيءٍ أن يحدث لأنه ليس له كيان. 

يُعترض عل هذه الحجة باعتراض شائع وهو أن الكون يمكن أن يأتي 
0 شيء؟؛ لأ3ّالخويمات ذو الدرية 15 تأي للوجود في الفراغ 
الكمَّي. وهذا الاعتراض يفترض أن الفراغ الكمّي لا شيء (أو عدم محض)». 
ولكن هذا ليس صحيحا؛ فالفراغ الكمي يعتبر شيء؛ فهو تركيبة كثيفة تعمل 
وفق أنظمة الكون. ويعتبر الفراغ الكمي بحر من الطاقة المتذبذبة» ولذا فهو 
ليس عدم بل هو في الحقيقة شيء مادي. 

«عدمية» البروفسور لورانس كراوس: 

اد كتاب البروفيسور لورانس كراوس 12181155 1.3761206 «كون من 
لا شيء) 8 17017 071:56 4 السؤال الليبنزي:«لماذا يوجد شيء 
بدلاً من لا شيء؟2”. يقول كراوس في كتابه أنه من المعقول أن يكون الكون 
قد نشأً من «لا شيء» (أي من عدم). مع ما في هذا الكلام من عبثية» إلا أن 
هناك بعض الافتراضات والتوضيحات التي نحتاج لذكرها حتئ نفهم سياق 
استنتاجاته. 

إن ١لا‏ شيئية» (أو عدمية) كراوس هذه هي في الواقع اشيء». يصف 
كراوس في مواضع من كتابه اللا شيء تارة بأنه غير مستقر»”» وفي تارة 
أخرئ يؤكد عالئ أن هذا اللا شيء هو «شيء مادي»» ويصفه تارة ثالئة بأنه 
مه 83560 ,0136 لصة عتبطه] 2ه دع امتعملط ع1 (1714) .117 .6 ,متمطلع1 (1) 

ا 0 


عتاعطا 15 تقط17ا :ع متطاهل! صم عنتتع نحامنا لل (2012) .21 .لآ ,12055كا (2) 
.0 .2 ,5115161 عك 511201 :02002آ .ع متطاهل! مقط ]' تتعطام]] 


1١ 


«فارغ ولكنه فراغ سابق الوجود»”. وهذا تحريف لغوي مثير للاهتمام؛ لأن 
تعريف اللا شيء في اللغة الإنجليزية يشير إلئ نفي كلّيء ولكن يبدو أن ١لا‏ 
شيئية» كراوس هي مسمّى لشيء. وعلئ الرغم من أن بحثه يزعم أن اللا شيء 
هو انعدام الوقت والمكان والجُسيماتء إلا أنه يضلَّل القارئ المبتدئ بعدم 
تأكيده (بشكل واضح وصريح) علئ أنه ما زال هناك أشياء مادية. وبحسب 
زعم كراوس. فإنه وحتئ لو لم يكن هناك مادة» فإنه لا بد وأن يكون هناك 
مجالات ماديّة. وهذا لأنه يستحيل أن يوجد منطقة بلا مجالات؛ لأن 
الجاذبية لا يمكن حجبها. وفقا لنظرية الكم» فإن الجاذبية في هذا المستوئى 
من الواقعية لا تتطلب موادا لها كتلة ولكنها تتطلب أشياء ماديّة. ولذلك» فإن 
«لا شيئية» كراوس هي في الحقيقة شيء. وفي مكان آخر من الكتاب» يقول 
كراوس أن كل شيء أتئ للوجود من ذبذبات كمومية» وهو ما يفسر الخلق 
من لا شيء»2» ولكن هذا يعني وجود حالة فراغية مسبقة حتئ يكون ذلك 
ممكن الحدوث لأن الذبذبة لا تحدث في عدم وإنما زمن ومجال”. 

وقد كتب البروفيسور ديفيد ألبرت 415616 13110 - مؤلف كتاب 
«ميكانيكا الكم والتجربة) © 1727272112112 0110 271011105 1/16 01/011111111)- 
كلامآ مشاه في مراجعة لكتاب كراوس فقال: 

(ولكن هذا لبس صبحيحخا. فالمجالات الكمية النسبية النظزية في 
الحالات الفراغية - مثلها مثل الزرافات أو الثلاجات أو الأنظمة الشمسية - 


[ه©6 المصدر السابق» ص (0 .)١ ٠‏ 


1 


عن بكاوت وبين الأشبياء سانوة بفييطلة,افالنقا سل لحني اراي 
ليما لاقف الكلينة القينيية اعد وع رداق طلقا عر لبن هذا التشكن 
المعين للمجالات أو ذاك» بل هو انعدام هذه المجالات! وحقيقة أن بعض 
تشكلات المجالات قد تتوافق مع وجود الجسيمات» وبعض التشكلات لا 
تتوافق» ولا يتعدئ غموضها حقيقة أن بعض التشكيلات الممكنة لأصابعي 
قد تتوافق مع وجود القبضة وبعضها لا يتوافق. وحقيقة أن الجسيمات يمكن 
- مع الوقت - أن تأتي للوجود وتخرج منه في الوقت الذي تعيد فيه هذه 
القتعالاف تشكلها لا بتقدء عموعنها غم ردن عقيف ان القيفات يكن 
- مع الوقت - أن تأتي للوجود وتخرج منه في الوقت الذي تعيد فيه أصابعي 
تشكيل نفسها. ولا شيء من أمثلة القدوم للوجود هذه - إذا نظرت لها بشكل 
صحيح - يعادل شيئا مشابه] - ولو من بعيد - لخلق شيء من لا شيءع)”. 

فوارق فلسفية: 

يبدو أن البروفيسور كراوس - بشكل مثير للدهشة - قد غيّر تعريف اللا 
روحم بيغز سوال لبعز العرمتئ: وهيدا الشر ديعت البوضوء؛ 
لأن تعريف كراوس يعتّم علئ بعض الفوارق الفلسفية المعروفة. مصطلح 
١لا‏ شيء) كان دائم] ما يشار به ل «عدم الوجود» أو ل «انعدام الشيء». ولذاء 
فما يترتب علئ لا شيئية كراوس هو أنه يمكن - منطقي]- لشخص ما أن 
يقول الآني: 
:1281055 .1 وعمع هتما لاط 'رعصنطاه81 مرمء1 عدروعتمت] لح“ (2012) .2 بتوطلة (1) 


-85 80103-12011111 -ع 15ع 0157نا 9 /3777ع5171ع:0177/2012/03/2.5/00125/1». 11205 تتط. 777777 //:مراخط 
1-0_#التخط. وك نتهك] -مدععمع كةو 


1 


- «تناولت عشاءً رائعاً الليلة الماضية» وكان العشاء لا شيء». 

- «قابلت لا أحد في الممر وأعطاني الوصف لهذه الغرفة». 

- «يصبح طعم اللا شيء لذيذ مع الملح والفلفل»)”. 

هذه العبارات هي عبارات غير منطقية ولذلك فهي بمثابة المقولات 
التي لا معنئ لها - بالطبع ما لم يغير أحد تعريف ال ١لا‏ شيء). فلا عجب إذاً 
أن البروفيسور كراوس يلمّح إلى أن منظوره ل اللا شيء لا يشير لعدم 
الوجود: «ولكن الشيء المؤكد هو أن القاعدة الماورائية والتي يتبناها الذين 
ناظرتهم في قضية الخلق وكأنها قناعة مصمّحة - ألا وهي أنه ١لا‏ شيء يأتي من 
لاشيء» - لا أساس لها في العلم»”". 

هذا يعني بوضوح أن كراوس قد غيّر معنئ اللا شيء ليعني شيئا؛ لأن 
العلم - كمنهج - يركز علئ الأشياء في العالم الطبيعي المادي. يستطيع العلم 
أن يجيب فقط من جانب الظواهر والعمليات الطبيعية. فعندما نسأل أسثئلة 
مثل: ما الهدف من الحياة؟» و«هل الروح موجودة؟» و« ما اللا شيء؟) 
فالتوقع العام هو أن نجد إجابات ماورائية» ولذا فهذه الإجابات تكون خارجة 
عن نطاق العلم (انظر الفصل الثاني عشر). 

لا يستطيع العلم مناقشة فكرة اللا شيء أو عدم الوجود؛ لأن العلم 
محدود بالمشاكل التي يمكن حلها عن طريق الملاحظة. يؤكد فيلسوف 
| إليوت سوبر 50661 1811106 علئ هذا القصورهء ويقول في مقاله 


ام عواع امنا كذ (2012) .117.1 ,م0101 :طم مععلها لمه 0ع1م203 دعاعم1لوهمث (1) 
:3 ع1طة211تكى .عمتطاهلا 
1011-5- 018/91010157156 اأته1ع 1[ 002 مدع1. 177/577 //: ماخط 

4 .2 ,81011185 جام عنتاع16ملا (2012) ىل ..آ ,121055كا (2) 


1 


«المذهب التجريبي» أن «العلم مجبر علئ أن يحصر تركيزه علئ المشاكل 
التي يمكن حلها عن طريق الملاحظة»)”" وهكذا يكون البروفيسور كراوس قد 
غير تعريف كلمة ١لا‏ شيء» حتى يتمكن العلم من حل مشكلة لم يكن ليحلها 
في الأآصل. وربما ينبغي فهم هذا علئ أنه هزيمة؛ لآنه مماثل لشخص غير 
قأدوظان إجاكة سوال ما ودلا متخ افتزافدهاليريسة أو فعريله الستوال 
لشخص آخر يلجأ لتغيير معنوا السؤال نفسه! 

كان من الممكن أن يكون أكثر أمانة - فكري- لو قال أن مفهوم 
اللا شيء هو مفهوم ما ورائي (ميتافيزيقي) وأن العلم يتعامل فقط مع ما 
يمكن ملاحظته. 

البحث غير الحاسم وإشهار الألعاب اللغوية: 

بعيداً عن كل ما ذكر سابقاء فإن البروفيسور كراوس يعترف بأن بحثه 
المتعلق ب «اللا شيئية» غامض ويفتقد للدليل القاطع. يقول كراوس: «أؤكد 
علئ كلمة (يمكن) هنا؛ لأنه قد لا يكون لدينا المعلومات التجريبية الكافية 
للإجابة عن هذا السؤال بلا أي غموض»”. ويعترف في موضع آخر من كتابه 
بالطبيعة غير الحاسمة لحجته: «بسبب الصعوبات النظرية والملاحظتية 
المرتبطة بمعرفة التفاصيل» فأتوقع أننا قد لا نصل إلى أكثر من قولنا بمعقولية 
الاستنتاج في هذا الجانب»)”. 


165 ع1 بل ,21 ,10لنن) 320 5 ,2511105 :12 .0واعتتامصسط .(2010) .8 رعطم5ة (1) 
.1371-8.مم 1166نم :2 .5016160 01 1377م2011050 10 جم 1طنة طرحط م0 
.2 ,011185[آ جام عنتاع16منا ىل (2012) ..آ ,1131055 (2) 


02 المصدر السابق» ص (/ا5١).‏ 


1.0 


ؤيناء عليم ذلك كان تعدو الروفسو و كراوش القول بان الكون اتن 
من شيء مادي كالحالة الفراغية بدلاً من إعادة تعريف كلمة ١لا‏ شيء). 
ولك فا نا مذو أن كز امفن خرص جد علد قشي العامة اللغوية كتاذل 
مناظرتنا «الإسلام أو الإلحاد: أيهما أكثر عقلانية ؟) :417511 07 15104711 
7 1/10 114/5 :771:1 أشرت لكتابه حتئا أوضح أن اللا شيء 
الذي يتحدث عنه شبيه بالضباب الكمي»ء ولكنه رد علي وقال بأن اللا شيء 
الذي يقصده: «لا مكان, لا زمان, لا قوانين.. لا يوجد كون هناك, لا شيء. 
صغفرء مطلق])”. 

يندا أن كزازسن كعمد نايل أهرا 


هناك بعض الأشياء المادية في هذا اللا شيء الذي يقصده.؛ وهذا الشىيء قد 


أجاسة نيفق لز وهر انلا وزاك 


اعترف به بوضوح في محاضرة عامة؛ فقد قال أن الشيء واللا شيء هما: 
«...مقادير مادية)2. 

باختصارء لا شيئية البروفيسور كراوس هي شيء. الكون أتئ من شيء 
مادي يسميه كراوس «لا شيء»؛ وبذلك يكون فشل في الإجابة علئ سؤال 
ليبنيز: الماذا يوجد شيء بدلاً من لا شيء؟». ففي الواقع» كراوس أجاب 
فقط علئ سؤال: «كيف أتئا شيء من شيء؟), وهو سؤال يستطيع العلم 
الإجابة عنه» ولا يتطلب هذه الألعاب اللغوية. 


:6531 لقاع ط2 775 1513122 - 17011215 1131072 75 1131155 ععمعء371] (2013) .خكاظ1 (1) 
177-0204171 عة010/177» .ع 77777.01 //:مراغخط 

10 ,106128" 02م عمصدنت عونرع كلملا عطا تم (2012) .5062200 تومه (2) 
:55 11831155 13151266 2120 1031125 
117511127771 


1 


منظور كرواس ل اللا شيء هذا لا يقلل من فكرة وجود الإله أو 
يضعفها. وكل ما قدمه لنا كراوس هو أن الكون (الزمان والمكان) أتئ من 
شيء. وبذلك ما زال الكون يتطلب تفسيراً لوجوده. 

إذا كنت لا تستطيع الحصول علئ شيء من لا شيء» فكيف استطاع الإله 
أن يخلق من لا شيء؟ 

هذا الاعتراض خاطئ لأنه يوحي بأن الإله لا شيء. ولكن الإله فاعلٌ لا 
نظير له. ولذا فلا تنطبق عليه حالة إتيان شيء من لا شيء؛ فالإله دائم 
الوجود. واستخدم الإله إرادته وقدرته لخلق هذا الكون وإحضاره للوجود. 

لدئ الإله الإمكانية والقدرة علئ الخلق من عدم محض (وهنا فارق 
الخالق عن المخلوق). وحتئ يأتي شيءٌ للوجود لا بد من وجود القدرة على 
ذلكء والإله يقدم تلك القدرة. وقدوم شيء من لا شيء من دون خالق 
مستحيل؛ لأن اللا شيء يتضمن معنئ عدمية الوجود وعدمية القدرة. فمن 
غير المنطقي القول بأن شيئا يمكن أن ينشأ من عدمية تامة بدون وجود أي 
قدرة أخرئ لفعل ذلك. الإله يقدم هذه الإمكانية عن طريق إرادته وقدرته. 
وعلئ الرغم من أن التراث الفكري الإسلامي يشير إلئ أن الإله يخلق من 
الشيء ومن العدم» فالخلق من عدم هنا يعني أنه لم يكن هناك أشياء مادية. 
وبذلك يشير إلئ وجود قدرة الخالق نفسه. فالإله يقدّم هذه الإمكانية. 

خالق نفسه؟ 

هل يمكن أن يكون الكون خلق نفسه؟ مصطلح «مخلوق» يشير إلى 


شيءٍ قد نشأء وهذا يعني أن هذا الشيء لم يكن فيما سبق موجودا. وهناك 


1/ 


مذهب آخر في الحديث عن خلق شيء ما ألا وهو القول بأنه أت به للوجود. 
كل هذه الأوصاف شيو ل شىءِ محدود (متناهى). كما أن كل الأويياء 
المخلوقة محدودة. إدراك مفهوم الخلق يقودنا إلئ نتيجة نبهائية وهي أن 
الخلق الذاتي مستحيل منطقيً وعملياً. وهذا يعود إلى حقيقة أن الخلق الذاتي 
يعني أن الشيء كان في الوجود ليخلق نفسه قبل أن يكون موجودا في نفس 
الوقت. وهذا مستحيل. كون الشيء نشأً معناه أنه لم يكن في السابق موجوداء 
أما القول بأنه خلق نفسه فمعناه أنه كان في الوجود قبل أن يوجد! 

تأمل السؤال التالى: «هل كان من الممكن لأمك أن تلد نفسها؟» ادعاء 
إمكانية هذا الشيء سيعني أنه كان يجب عليها أن تكون مولودة قبل أن تولد. 
عندما يُخلق شيء» فإن هذا يعني أنه لم يكن موجوداً فيما سبق» ولذا فلم يكن 
الي لا ع م ا 
الأشياء المحدودة. ومنها ل أيضا: 87 7 الاساديي الخطّابي 
مغالطة هذه الحجة ببراعة: ل وهذا في الفساد أكثر وفي الباطل ف لذن ما 
لا وجود له كيف يجوز أن يكون موصوفا بالقدرة» وكيف يخلق وكيف يتأتى 
منه الفعل» وإذا بطل الوجهان مع قامت الحجة عليهم بأن لهم خالق؛ 
فليؤمنوا به إذأ»". 

تناظر معى لخدف المنرات اندرو كرميسن 2111 4101 
)١(‏ منقول عن: البيهقي» الأسماء والصفات. الجزء (؟)» ص .)771١(‏ 
1 ]-لخ طهالنلطك تنإ 80160 .725-5110 ممائمك-اد ط15ت]آ (2006) .لل ,أوقطتجه8-ام 


.2,2 1701 .153301ا1-5[ة لطقطمكلة/8 :مله 


11 


- رئيس الرابطة البريطانية الإنسانية الحالي - في مناظرة عامة في جامعة 
بيرمنجغهام في المملكة المتحدة» وقدمت خلالها الحجة القرآنية لوجود 
الإله» وكان رده على قولي بأن الخلق الذاتي مستحيل بأن استشهد عل وجود 
الخلق الذاتي بالفعل في العضويات أحادية الخلية مثل البكترياء وهو ما يعرف 
أيض] بالتكاثر اللا تزاوجي (أو التكاثر اللا جنسي) في علم الأحياء. 

واعتراض أندرو خاطئ من عدة نواحي. أولآً» ما أشار إليه فيما يخص 
العضويات أحادية الخلية ليس خلقا ذاتي بل هو نوع من التكاثر ينتج عنه 
النسل من متّعضيّ واحد ويرث المادة الوراثية من الذي قبله. ثانيا» لو طبقنا 
مثاله علئ الكونء فهو يفترض أن الكون كان موجوداً على الدوام؛ لأنه حتئ 
يمكن للتكاثر اللا تزاوجي أن يحدثء فإنه يجب أن يكون هناك أصل موجود 
قبل وجود النسل. ولذاء فإن اعتراضه في الواقع يثبت الفكرة التي أريد 
إيصالها وهي أن الكون لم يكن موجوداً في وقت من الأوقات فلا يمكن أن 
يكون أتئ بنفسه للوجود. 

قد ترئ أن هذا الاعتراض عبثي وأنه لم يكن من الضروري مناقشته. 
أوافقك علئ ذلك, ولكني ضمّنته لأوضح كيف أن بعض الحجج المضادّة 
التي يقدمها الملحدون غير عقلانية. 

مخلوق بواسطة شيءٍ مخلوق آخر؟ 

من باب الجدال فقطء لنجيب علىئ السؤال التالي: «هل خلق الكون 
بواسطة شيءٍ مخلوق آخر؟» ب «نعم». هل سترضي هذه الإجابة السائل؟ 
بالتأكيد لا. فالشخص المخاصم سيسأل بلا شك قائلاً: (إذأ وما الذي خلق 


اذل 


ذلك الشيء؟»» ولو أجبنا ب: «شيء مخلوق آخر). فماذا تعتقد سيقول؟ نعم. 
توقعك صحيح: «وما الذي خلق ذلك الشيء الآخر؟». ولو استمرت هذه 
المحادثة السخيفة إلى الأبد. فستثبت إذاً شيئ] واحداً: الحاجة لخالق غير 
مخلوق: 

لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يكون لدينا حالة شيء مخلوق - كالكون - 
نخلق بواسطة شيءٍ مخلوق آخر بسلسلة لا نهائية للوراء إلئ الأبد (والمعروفة 
باسم التراجع اللا نهائي 9 عاأطكصة). فهذا الأمر غير معقول بكل 
بساطة. وتأمل الأمثلة التالية: 

تخيل أن قناص]ً وجد هدفه المقصود. ومن ثم يتواصل مع المركز 
الرئيسي عن طريق الراديو للحصول علئ الموافقة على إطلاق النار. ولكن 
المركز الرئيسي يخبر القناص أن ينتظر حتئ يحصلون علئ إذن من شخص 
في جهة أعلئ. وهكذا فإن هذا الشخص بدوره يبحث عن إذن شخص أعلئ 
منه» والاعلئ منه عن أعلئ منه» ويستمر الوضع بهذا الشكل. فإذا استمر هذا 
التسلسل للأبد» فهل سيتمكن القناص من إطلاق النار علئ الهدف أبدا؟ 
بالطبع لا! فهو سيبقئ منتظراً في الوقت الذي يكون فيه شخص آخر منتظراً 
لشخص آخر حتئ يعطيه الأمر. لا بد وأن يكون هناك مرتبة أو شخص يصدر 
منه الأمر الأول؛ مرتبة لا يعلوها شيء. وهكذاء فإن مثالنا هذا يوضح الخلل 
المنطقي في فكرة التراجع اللا نبائي للأسباب. فعندما نطبق هذا الشيء على 
الكون» فإنه يجب علينا أن نقول لا بد وأنه كان له خالق غير مخلوق. والكون 
- الذي هو شيءٌ مخلوق - لا يمكن أن يكون لق بواسطة شيءٍ مخلوق 


16 


آخر وهكذا إلئ ما لا نهاية. ولو كانت تلك هي الحالء فلم يكن لهذا الكون 
أن يُوجد. وبما أن الكون موجود. فيمكننا صرف النظر عن فكرة التراجع 
اللا نبائي للأسباب واعتبارها فكرةً غير منطقية. 

٠‏ تخيل أن تاجر أسهم في سوق الأسهم لا يستطيع شراء أو بيع أسهمه 
قبل طلب الإذن من المستثمر. وعندما سأل التاجر المستثمر الذي وكّلهء هذا 
المستثمر أيض يحتاج إلئ عرض الأمر علئ المستثمر الذي وكّله. تخيل أن 
هذا التسلسل استمر بلا نهاية. هل سيتمكن تاجر الأسهم من شراء أو بيع 
أسهمه أبدا؟ الجواب هو (لا». لا بد وأن يكون هناك مستثمر يعطي الإذن 
بدون أن يحتاج هو نفسه إلى إذن. وبنفس الطريقة؛ لو طبقنا هذا علئ الكون. 
فلا بد لنا من القول بخالقٍ للكون غير مخلوق. 


بمجرد ما تطبّق هذه الأمئلة علئ الكون بشكل مباشر» ستتضح عبثية 
فكرة أن الكون خلق في الأصل بواسطة شيءٍ مخلوق. تأمل لو أن هذا الكون 
14 ) خلق يوامظة سمت عاق 21310930 ؟) حرق بزاتط ةتسب اضر 
(«ك7)» واستمر هذا الأمر للأبد فلن يكون لدينئا (ك١)‏ من الأساس. فكر 
بذلك من هذا الجانب, متئ يأتي (ك١)‏ إلئ الوجود؟ فقط بعد قدوم (ك؟) 
للوجود. ومتئئ يأتي )١(‏ للوجود؟ فقط بعد قدوم (ك7) للوجود. ستستمر 
نفس المشكلة إذا تسلسلنا إلى الأبد. إذا اعتمد )١1(‏ في قدومه للوجود علئ 
سلسلة لا منتهية من الأكوان المخلوقة» فإنه لن يأتي للوجود أبداً. وكما يقول 
الفيلسوف والباحث الإسلامي الدكتور جعفر إدريس: «لن يكون هناك 


1060١ 


سلسلة من الأسباب الحقيقية» بل مجرد سلسلة من اللا موجودات... ولكن 
الحقيقة هي أن هناك موجودات من حولناء ولذلك فلا بد وأن يكون سببها 
الآول شيءٌ غير الأسباب المؤقتة)”". 

ما البديل إذاً؟ البديل هو وجود سبب أول. وبصيغة أخرئ. سببٌ لا 
سبب له أو خالقٌ غير مخلوق. ويلخّص الغزالي الفيلسوف وعالم الدين في 
القرن الحادي عشر فكرة وجود سبب لا سبب له أو خالق غير مخلوق 
بالطريقة التالية: «ونفس الشيء يمكن قوله في سبب السبب. الآن إما أن يتكرر 
هذا الأمر للأبد وهو أمرٌ منافٍ للعقلء أو أنه سيق لنهاية»". 

ما يقوله النقاش السابق ببساطة هو أنه لا بد وأن هناك شيء موجود على 
الدوام. من الأزل» لم يأت عليه وقت كان غير موجود. والآن» هناك خياران 
واضحان: الإله أو الكون. بما أن الكون كانت له بداية وهو مشروط؛ أي 
معتمد علئ غيره (انظر الفصل السادس».» فلا يمكن أن يكون موجود من 
الأزل. ولهذاء فلا بد أن يكون الشيء الموجود من الأزل هو الإله وليس 
الكون. يوضح الفيلسوف أبراهام فارغيس 172182656 4131811 في ملحق 
كتتاب انكو فلو ع11 7إضممغصمث («هناك إله» 6600© 4ه ة ©0776 هذا 
الاستنتاج بطريقة بسيطة وفعّالة في نفس الوقت: «الآن» من الواضح أن 
الألوهيين والملحدين يمكن أن يتفقوا علئ شيء واحد: إذا كان هناك شيء 
لك :(013 2 ختوم) ععمعاكنرظ 000:5 لصة كاكاعنةتوط2 تتتهرومتسع نم00 (2006) .1 ,1015 (1) 


:]3 عاطهاته'كط .031155 01 5ع 1زء5 
6/491 /نطام». 1ه 1ع 1 اع خمطة | ك1. 7/577 //: مط 


(0) منقول عن: 
126123110081 .(1) 012102 11012 الاعمصدوعثخ 5الدجقط (1971) .18 .آ ,مقحصله6ه0 
53 ,1 .16ا55]آ ,17012 ,5وع56101 أك82 2110016 01 21تتامل 


10, 


موجود فعلاء فلا بد وأن هناك شيء موجود علئ الدوام قد سبقه. كيف أتئ 
هذا الواقع الموجود منذ الأزل؟ الجواب هو أنه لم يأت من الأساس؛ لأنه 
كان دائمًا موجودا. اختر ما تشاء: الإله أو الكون. شيء كان موجوداً على 
الدوام»”. 

ولهذاء يمكن أن نخلّص إلئ أنه يوجد خالقٌ غير مخلوق لكل شيءٍ 
مخلوق. قوة هذه الحجة تتمثل في ردة فعل جبير بن مطعم صاحب الرسول 
غة. فعندما سمع جبير آيات القرآن التي تعرض هذه الحجة قال: «كاد قلبي 
أن يطير»". وقال العالم الخطَّابي أن سبب تأثر جبير بهذه الآيات هو (معرفته 
بما تضمنته من بليغ الحجة. فاستدركها بلطيف طبعه» واستشف معناها بذكي 
فهمه)7 . 

ويقول عالم القرن الثامن عشر شاه ولي الله الدهلوي في أن الإله يمكنه 
خلق الآشياء من لا شيء ويقدم دليلاً مؤيداً من أحاديث صحيحة للنبي طق: 
«اعلم أن الله تعالئ بالنسبة إلئ إيجاد العالم ثلاث صفات مترتبة؛ أحدها 
الإبداع وهو إيجاد شيء لا من شيء فيخرج الشيء من كتم العدم بغير مادة» 
وسَيْل رسول الله 2 عن أول هذا الأمر فقال: "كان الله ولم يكن شيء 
قبله'")9, 


أ واعطاث 510101105 721056 ١71701105‏ عط 207 :000 2 15 عتعط1 (2007) .لخ ,وعاط (1) 
.2 ,2007 .ناعم 1د :ملآ تع اط .لسصتكة ولط لعع مقطت 


(؟) صحيح البخاري. 
() منقول عن البيهقي» كتاب الأسماء والصفات (7/ :)717٠١‏ 


0 .2,2 1701 .17735-51121 و متاوخ له طوأاتك] (2006) .للخ ,أمقطاتجة8 -ام 

حل طقااخ 111[[214) 300 801 ااعلطسوحخ ع77اوتاعمه00) عط1 (2003) .5 ,طولاخ-تاة1717 (4) 
اعتهء5ع]1 ع1مطه 151 :22220ج1]5[1 .اعوط ممطتعط .1 1ع 8/2 ناا لع1دامصة"1]' .(دداعتلوظ 
.2 ,امآ 


10 


ما تم تقريره حتئ الآن هو أنه لا بد من وجود خالقٍ غير مخلوق» وهذا 
لا يعني المفهوم التقليدي للإله» ولكن لو فكرنا بعناية في هذا الخالق غير 
المخلوقء فيمكننا الخروج باستنتاجات تؤدي لهذا المفهوم التقليدي للوله. 
أزلي: 

بجا أن هذا الخالق عر مكلوق فبعية ذلك أنه كان مرجودا علد 
الدوام. الشيء الذي لم يكن له بداية هو شيءْ موجودٌ علئ الدوام» والموجود 
علئ الدوام هو «أزلي». يعرض القرآن هذه الفكرة بوضوح تام: « آله آلصَّمَدُ 
© لَمَيَِدَ وَلَمَيُولَدَ 4 (الإخلاص: ؟ -"). 

من خلق الإله؟ 

الرد التقليدي للملحدين - الذي عفئ عليه الزمن - علئ أزلية الإله هو: 
من خلق الإله؟» هذا الاعتراض الطفولي هو تحريف وسوء فهم واضح 
للحجة التي شرحتها في هذا الفصل. وهناك ردان علئ هذا الاعتراض. 

أولآ» الاحتمال الثالث الذي ناقشناه فيما يتعلق بكيف أتئ الكون 
للوجود كان: «هل يمكن أن يكون خلقٌ بواسطة شيءٍ مخلوق؟» وقلنا أن هذا 
غير ممكن في الأصل بسبب عبثية التراجع اللانمائي للأسباب. وكان 
الاستنتاج من ذلك بسيطاً: لا بد وأن يكون هناك خالق غير مخلوق. ومعنئ 
كونه غير مخلوق هو أن الإله لم يُخلق. وقد قدمت بالفعل بعض الأمثلة 
لتوضيح هذه الحقيقة. 

انيا» بمجرد ما نصل إلى أن أفضل تفسير لنشوء الكون هو مفهوم الإله. 
سيكون من غير المنطقي القول بأن شخصاً قد خلقه. خلق الإله الكون وهو 


10 


ليس محكوما بقوانينه؛ فالإله - بحسب طبيعة تعريف مفهوم الإله - هو 
موجودٌ غير مخلوقء ولم يأتِ للوجود أبداً بعد أن لم يكن موجوداً. ولا 
يمكن لمن ليس له بداية علئ الإطلاق أن يُخلق. ويوضح البروفيسور جون 
لينيكس 1.6216 1012 هذه النقاط بالطريقة التالية: 

(اأستطيع سماع صديقٍ إيرلندي يقول: "حسناء هذا يثبت شيئا واحداً 
وهو أنه لو كان لديهم حجة أقوئ لقدموها". إذا كان يُعتقد أن هذه ردة فعل 
قوية جداء فكر فقط بهذا السؤال: "من خلق الإله؟" مجرد طرح هذا السؤال 
يثبت أن السائل قد خلق الإله في عقله. ولذلك لا يُستغرب أن يسمي أحدٌ كتابه 
ب "وهم الإله"؛ لأن هذا بالضبط المقصود من الإله المخلوق.. مجرد وهم 
افتراضي - بحسب ما يقتضيه التعريف - كما أشار لذلك كزينوفانيس قبل 
دوكنز بقرون. لربما كان «وهم الإله المخلوق» عنوان أكثر تعبيرأ ولربما 
اختضر الكتان سيت هذا إل كحت (ولك كانت ستععاق الموعاكا سنتف 
هذا الشيء)... لأن الإله الذي خلق الكون ويحفظه لم يُخْلَّق؛ٍ فهو أزلي. لم 
يكن هذا الإله مصنوع حت يخضع للقوانين التي اكتشفها العلم؛ بل كان هو 
من صنع الكون بما فيه من قوانين. بالتأكيد. هذه الحقيقة تتضمن الفرق 
الأساسي بين الإله والكون. الكون أتئ للوجود والإله لم يأتِ للوجود»”. 

متعال: 

هذا التخالق عن المتخلوق لآ يمكن أن بكوة جرء! من التخلق مقا ل»حقيد 
لتمثيل هذه النقطة هو عندما يصنع النجار كرسيا. في عملية تصميم وصنع 
0 00097 لاعتتنا8 وعمعك5 5و8 جتععله تمع لصتا 600:5 (2009) .© .آ بامصمع1 (1) 


3 .م ,820015 2م1آ 


100 


الكرسيء لا يصبح النجار كرسي بل هو مستقل عنه. وهذا أيضا ينطبق على 
البغالق عير البيغلوى» فين الذي حزن الكوذه :ةلل هو عفد عا دق 
متعالٍ عنه» وقال عالم الدين ابن تيمية أن كلمة لق تشير إلئ استقلال الشيء 
(المخلوق) واختلافه عن الإله". 

ويؤكد القرآن علئ اختلاف الإله وعدم مشابهته لشيءٍ من خلقه: « لَيسَ 
بقل الور 1 

عليم: 

لا بد وأن يكون هذا الخالق غير المخلوق لديه علم؛ لآن في هذا الكون 
الذي خلقه قوانين ثابتة. ومن هذه القوانين قانون الجاذبية» والقوئ النووية 
الضعيفة والقوية» والقوة الكهرومغناطيسية (انظر الفصل الثامن). هذه 
القوانين تعني أن هناك واضع لهاء ووضع هذه القوانين يعني العلم. يقول 
القرآن: « ( إن الله َكل سَىْءِ عَلِمُ 4 (المجادلة 4 

قادر: 

لا بد وأن يكون هذا الخالق غير المخلوق قادراً؛ لأنه خلق الكون ولهذا 
الكون طاقة هائلة سواءً المستخدمة أو الكامنة. خذ - علئ سبيل المثال - 
عدد الذرات في الكون الملاحظ يقارب ٠١."‏ ولو أخذت أحد هذه الذرات 
وقسمتهاء فإمها ستطلق قدراً هائلاً من الطاقة يعرف بالانشطار النووي 
2 211016383. لا يمكن لشيء مخلوق بطاقة مستخدمة وكامنة أن 
0ج مط :000 02 ممتاءع تروط معطا ص بواتكتادعت لقتمعمكتط (2004) .1 ,5م81 2 (1) 


عتططة 151 01 221تجول .1170110 كتلط 01 موعن 005 002 215 معستصدهن) 115ل م1 
.6 :(15)3 516010165 


105 


يكتسب ذلك من نفسه. أتت هذه في أصلها من «الخالق» الذي لا بد أن يكون 
قفر 

إذا لم يكن للخالق قدرة» فمعني ذلك أنه غير قادر وعاجز وضعيف. 
وينا أن الكو قد حلي القع اقيق دلبل سيط عل أن 'لدديه القذرة والقرة: 
والآن تصور هذه القوة الهائلة للخالق عن طريق تأمل هذا الكون بكل ما فيه. 
يؤكد القرآن علئ قوة الإله: « لَه مَا يَسَآ إِنّ لله على كل سَْء قَدِير 4 
«النور:50). 

مفارقة القدرة المطلقة: 

الموقف الإسلامي فيما يتعلق بقدرة الإله يتلخص في هذه العبارة 
العقدية الموجودة في «عقيدة الإمام الطحاوي»: «أنه علئ كل شيءٍ قدير» 
وكل شيءٍ إليه فقير» وكل أمر إليه يسير»”. 

ولكن هناك اعتراض شائع على قدرة الإله بما يسمئ «مفارقة القدرة 
المطلقة» :221200 ع01626م012210. ويتعلق هذا الاعتراض بقدرة موجود له 
قدرة مطلقة علئ تقييد قدرته. السؤال الشائع الذي يتم طرحه هو: إذا كان 
الإله ذو قدرة مطلقة» فهل يمكنه أن يخلق حجراً لا يستطيع تحريكه؟». 

يجب توضيح نقطة مهمة وهي معنئ «مطلق القدرة». ما يراد بذلك هو 
القدرة على تحقيق أي شيء موجود. لا مجرد توافر القدرة علئ فعل ذلك. 
ولهذاء فإن كون الإله قادر علئ «خلق حجر لا يستطيع تحريكه» هو في الواقع 


)١(‏ العقيدة الطحاوية. 


رعاطوتث 2م80 لع غداكطة1 .اكتقطة1-[لىخ تتقصس]ا 02 لعع1) عط1 (2007) .1كتقطة! ام 
0 .2 ,125110116 733/3118 :02111011013 .1511لا 0228وآط 7[ 1210م صصخ عه لع100112م1 


1١0ا/‎ 


شيءٌ لا معنئ له ولا وجود؛ كما لو قلنا «غراب أبيض أسود) أو «مثلث 
دائري». هذه العبارات لا تصف أشياء موجودة أو يمكن وجودها. مثل هذه 
العبارات لا تصف شيئاً علئ الإطلاق؛ أي لا قيمة إخبارية لها ولا معنئ لها. 
لماذا إذا نحي عل سوال لآ معت 'لله؟ ولأقوليا بضراحة هنذا البوال لأ 
يعتبر حت سؤالا. 

يقول العالم المتقدم القرطبي في تفسيره للآية القرآنية ( إِرتٌ 
سَىّء قَلدِيرٌ4 (البقرة:١3)‏ أن قدرة الإله هى علئ كل أمر ممكن: 

«قوله تعالئ: ١‏ إن آللَهَ على كلٍ شَىْء قَدِيرُ4 عموم؛ ومعناه... فيما يجوز 
وصفه تعالئ بالقدرة عليه. وأجمعت الأمة علئ تسمية الله تعالل بالقدير... 
فالله جل وعز قادرٌ مقتدرٌ قدير علئ كل ممكن يقبل الوجود والعدم»)". 

يمكن النظر إلئ هذه النقطة من جانب آخر وهو: بما أن للإله مطلق 
القدرة فيعني أنه يستطيع علئ الدوام فعل ما يريد» كما تشير العبارة العقدية 
المذكورة آنف: «وكل أمر عليه يسير». ولذلكء, فإن «مطلق القدرة» تشتمل 
أيضاً عل استحالة العجز. فالسائل يقول: بما أن الإله عنده مطلق القدرة» 
وسخيف؛ لأنه يعادل قول أن: «موجوداً له مطلق القدرة لا يستطيع أن يكون 
موجودا له مطلق القدرة». العجز عن تحقيق أو فعل شيء ليس من خصائص 
القدرة المطلقة. 
)١(‏ القرطبيء الجامع لأحكام القرآن. 
-لث طله[ ادلخ .01آ :6 80160 .21-0010132 متمدع[طخ-21 :201هج[-اخ (2006) .11 ,1طنتتن0-ام 


.338-9 .مم ,1 701 .طة21-19152[1 355352 1/11 :اأتتاع8 .10251151ل' 20 متستقطدك/8 ممه كعاتن" 


106 


ولأمي هذه النقطة» يستطيع الإله أن يخلق حجراً أثقل من أي شيءٍ 
سكن أن سحيله: ولكته سيكوق فادرا ووم خدفل ا تحريكه: 

الإرادة: 

هذا الخالق غير المخلوقء. لا بد وأنه يتصف بالإرادة الحرة لعدة 
أسباب: 

أولآًء بما أن هذا الخالق دائم وأتئ بكونٍ محدود (متناهي) للوجود, فلا 
بد وأنه (اختار) أن يأتي الكون للوجود. لا بد وأن هذا الخالق (اختار) أن يأتي 
الكون للوجود عندما كان الكون غير موجود وكان يمكن أن يظل غير 
موجود. وكلنا يعلم أن الذي له (اختيار) فله له إرادة ومشيئة. 

ثانيا»ء في الكون موجودات لها مشيئة واعية وإرادة. لذلكء. لا بد أن 
خالق الكون الذي فيه كائنات حيّة لها مشيئة أن يكون له مشيئة أيضاً. فلا 
يستطيع أحد أن يعطي شيئ لشيء وهو لا يملكه” (أو أن يُصدر شيئا وهو لا 
يحتويه). ولذلك,» يكون ل «الخالق) إرادة. 

الشاء هناك نوعان من التفسيرات التي يمكن أن نطبقها علئ خلق 
الكون: الأول تفسير علمي والآخر تفسير شخصي. دعني أوضح ذلك 
باستخدام «الشاي» كمثال. فحتئ يمكنني إعداد بعض من الشاي» يجب علي 
أن أغلي قدراً من الماء وأضع كيس الشاي في الكوب وأتركه يتسرّب. يمكن 
تفسير هذه العملية علميآ: يجب أن يصل الماء إلى ٠٠١‏ درجة مئوية 5١7(‏ 


)١(‏ وهي المقولة المشتهرة بيننا باللغة العربية: (فاقد الشيء لا يعطيه) المترجم. 


104 


درجة فهرنهايتية) قبل أن يصل لمرحلة الغليان» ويجب أن يتخلل عبر غشاء 
نصف نفاذي (كيس الشاي)» ويجب علي أن أستخدم مخازن الغلايكوجين 
في جسمي لتتمكن عضلاتي من الانقباض وتتحرك أطراني حتئ أتأكد من أن 
كل هذا يحدث. بالطبع» يستطيع العالم المتخصص أن يفصّل أكثر في ذلك» 
لكن أعتقد أنك فهمت الفكرة. لأنه في المقابل» يمكن شرح هذه العملية كلها 
بطريقة شخصية: تم إعداد الشاي لاني (أردت) بعضاً من الشاي. لنطبق 
الآن هذا علئ الكون. ليس لدينا ملاحظات أو أدلة تجريبية تتعلق بكيف خلق 
الخالق الكونء وما نستطيع الاعتماد عليه هو التفسير الشخصي فقط وهو أن 
الإله (أراد) للكون أن يأتي للوجود. حتئ لو كان لدينا تفسير علمي» فلن 
يتناق مع التفسير الشخصي كما موضح في مثال الشاي. 

يؤكد القرآن علئ حقيقة أن للإله إرادة: ١‏ إِنَّ رَبَّكَ فَعَالُ لما يُرِيدُ 4 
(هود:لا .)٠١‏ 

يقدم العالم الإسلامي الغزالي ملّخّص) بليغ) للآثار التي تترتب علىئ أن 
يكون هناك إرادة للإله» ويؤكد علئ أن كل شيءٍ يحدث فهو يحدث تحت 
إرادة الإله ولا شيء يخرج عنها: 

«وأنه تعالئ مريدٌ للكائنات» مدبّرٌ للحادثات» فلا يجري في الملك 
والملكوت قليل أو كثير» صغير أو كبير» خير أو شرء نفع أو ضرهء إيمان أو 
كفرء عرفان أو نكران» فوز أو خسران. زيادة أو نقصان. طاعة أو عصيان. إلا 
بقضائه وقدره وحكمته ومشيئته. فما شاء كان» وما لم يشأ لم يكنء لا يخرج 
عن مشيئته لفتة ناظر» ولا فلتة خاطر» بل هو المبدئ المعيد» الفعال لما يريد 


1 


لاراد لأمره. ولا معقب لقضائه؛ ولا مهرب لعبد عن معصيته إلا بتوفيقه 
ورحمته. ولا قوة له علا طاعته إلا بمشيئته وإرادته)”". 

علئ الرغم من أن هناك بعض الاعتراضات علئ الحجة المقدمة في هذا 
الفصلء إلا أن هذه الاعتراضات لا ترقيئئ لأن تكون اعتراضات دامغة. 
والمقصود بذلك هو أنه حتئ لو لم يتم الرد علئ هذه الاعتراضات» فإن 
الحجة المقدمة لا تزال تيحتفظ بقوعبا العقلانية. وبغضن النظرة:فإن هتاك 
بعض الأسئلة التي تقدم نوع من التحدي لهذه الحجة. ومن ضمن هذه 
الأسئلة: «إذا كان خالق الكون دائم الوجود. فما الذي جعل الكون يبدأ في 
الوكعود تددن أ3,ة [لو جو جاردلا من انكر ذاموجودا مند الآأزل؟1 ناذا 
كان يتصف الإله بمنتهئ الكمال والتعالي» فما الذي جعله يخلّق من 
الأساس؟» و«هل يحتاج الإله إلئ الخلق حتئ يتصف بصفات الكمال؟). 
وقد تم مناقشة هذه الأسئلة بشكل ذكي في ورقة علمية عنوانها «الحجة 
الكونية الكلامية وإشكالية الفاعلية والغاية الإلهية المبدعة»)”". 

رأينا في هذا الفصل أن القرآن يقدم حجة بديهية وقوية لوجود الإله. فبما 
أن الكون محدود (متناهي)» فله بداية. وإذا كان الكون له بداية» فيمكن تفسير 
ذلك ب أنه إما آتئ من لا شيء. أو أنه خلق نفسه. أو أن شيئ مخلوق] آخر 


.113213,2 151 1031 :اتتتاع8 .عء12آ-21 متتانا' 2قتقطآ (2005) .741 ,للمجقطن-ام 

01 تاع21061 عط 220 تع ناوث 21ء0052:01051) حتقل[ت]ا ع1 (2011) .5 يوكتقطلمة]1 (2) 
:510 10121 .ء05م11ا© 310 تإعاعع ل ع اكاأوع01) عماكارا 
1خ _21ه051201051-) 1172 1219004908 _ع 15/1 290166/نتلع. 3 1ماع ل 2ع2. 77 //:ماخط 
20105 _320_لإعمعع ط_ع157ل2ع01)_ع019710آ[_01_ممعاطمءط_عطا_لمة_أمعصن 


كا 


خلقه. أو أن شيئً غير مخلوق خلقه. والجواب العقلاني هو أن الكون أتئ 
للوجود بواسطة خالق غير مخلوق» وهذا الخالق يتتصف بأنه متعال» عليم؛ 
وو ار في السو اللعتنوب نه بكر تهنا لاز مولن 
سنناقش ذلك في الفصل العاشر. 

الحجة المقدمة في هذا الفصل تعتمد على حقيقة أن الكون يجب أن 
يكون محدوداً (له بداية وباية»). ومع ذلكء فإن الحجة التالية تبين أنه حتى 
ولو لم يكن للكون بداية» فإنه لا يزال يتطلب وجود الإله. 


5 5 
دا تي يي 


ذل 


الفطل السادس: 
الرابطة الإلنهية 
الحجة الاعتمادية 


تخيل أنك خرجت من منزلك ووجدت في الشارع صف من قطع 
الدومينو التي تمتد إلئ أبعد ما تراه عيناك» ثم بدأت سماع صوت يعلو قليلا 
فقليلاً بالتدريج. هذا الصوت ليس غريب] عليك (بما أنك كنت تلعب 
بالدومينو عندما كنت صغيراً)؛ إنه صوت تساقط قطع الدومينو. وفي النهاية» 
ترز ذلك الغرقى المذهقن لتسافط الدوميتو يقترت متلة» انك ده كيرا 
بقدرة قوانين الفيزياء علئ إنتاج مثل هذا المشهد الرائع» ولكننك أيضا 
متضايق لأن آخر قطعة دومينو قد سقطت الآن علا بعد بوصات قليلة من 
قدميك. وأنت ما زلتٌ مثاراً بما حدث للتوء قررت أن تمشي إلئ آخر الشارع 
بحش عن أول قطعة دومينو آملاً أن تجد الشخص المسؤول عن إنتاج هذه 
التجربة الرائعة. 

أريد أن أسألك عدة أسئلة مع استحضار السيناريو السابق وأخذه في 
الاعتبار. خلال مشيك إلى آخر الشارع» هل ستصل في النهاية إلئ المكان الذي 
بدأت منه سلسلة الدومينو؟ أم أنك ستستمر بالمشي إلئ الأبد؟ الجواب 


رذيل 


البديهى هو أنك ستجد في نباية الأمر قطعة الدومينو الأولئ» ولكن أريد أن 
أسألك: لماذا؟ إن السبب وراء معرفتك بوجود القطعة الأولئ من الدومينو هو 
إدراكك أنها لو استمرت سلسلة الدومينو للأبد. فإن آخر قطعة دومينو - التى 
سقطت عند قدميك - لم تكن لتسقط أبداً. يجب أن يسقط عدد لا نهائي من 
نبائي من قطع الدومينو مقدارا لا نهائي من الزمن. وبعبارة أخرئ, لن تسقط 
قطعة الدومينو الأخيرة أبداً. وللإيضاح أكثرء أنت تعلم أنه حتئ يمكن لآخر 
قطعة دومينو أن تسقط» يجب علا قطعة الدومينو التى خلفها أن تسقط قبلها. 
ولكن إذا استمر هذا للأبد» فلن تسقط قطعة الدومينو الأخيرة أبداً. 

وبالقياس نفسه» أريد أن أسألك سؤالاً آخر. لنقل أنك وأنت ذاهب إلئ 
آخر الشارع» وصلت إلئ أول دومينو (التي أدت إلئ سقوط السلسلة كلها). 
فما الذي سيدور في ذهنك حول هذه القطعة الأولئن؟ هل ستعتقد أنها سقطت 
«من تلقاء نفسها»؟ أو بصيغة أخرئء هل تعتقد أن سقوط القطعة الأولئ هذا 
يمكن تفسيره بطريقة دون الإشارة إلئ أي شيء خارج عنها؟ بالطبع لا؛ لأن 
هذا يتعارض مع طبيعة حدسنا الأساسي عن الواقعء وأن الدومينو جماد لا 
استقلالية له في أفعاله وحركاته أو إرادة حرة. فلا شىء مثل هذا يحدث «من 
تلقاء نفسه». كل شيء يحتاج تفسيرا بطريقة أو أخرئ. إذاء فسقوط قطعة 
الدومينو الأولئ لا بد وأن يكون استثيرٌ بواسطة شيءٍ آخر؛ كشخص مثلا أو 
الرياح» أو شيء ضرببهاء إلخ. حيث مهما كان هذا «الشيء الآخر)» فلا بد وأن 
يشكل جزءاً من تفسيرنا لقطع الدومينو المتساقطة. 


تيل 


إذأء حتئ نلخص تأملاتنا حتيل الآن: لا سلسلة الدومينو تستطيع أن 
تحتوي علئ عدد لا نهائي من القطع» ولا أول قطعة دومينو تستطيع أن تبدأ في 
السقوط بلا سبب علئ الإطلاق. 

القياس السابق هو ملخص لحجة الاعتمادية 1060600626©1. يعتبر الكون 
- بطريقة أو بأخرئ - مثل صف قطع الدومينو. الكون وكل شيء فيه هو تابع» 
ولا يمكن لكل هذه الأشياء أن تعتمد علئ شيء آخر هو بدوره يعتمد علئ 
شيء آخر وهكذا إلئ الأبد. التفسير الوحيد المعقول هو أن الكون - وكل ما 
فيه - يجب أن يعتمد على شخص أو شيء يكون وجوده مستقلاً - بطريقة ما - 
عن الكون (وكل ما فيه). وبصيغة أخرئء هذا الشيء يجب ألا يكون تابع] 
مثل الكون؛ لآن ذلك سيكون فقط كإضافة قطعة دومينو أخرئ للسلسلة؛ 
ومن ثم ستتطلب تفسيراً جديدا ولن ننتهي. ولذلكء لا بد وأن يكون هناك 
موجوداً أبدي] مستقلا يعتمد كل شيء عليه. ومع ما تبدو عليه هذه الحجة من 
بساطة, إلا أنه حت نفهمهاء فإني أحتاج لتعريف ماذا أقصد ب "تابع». 

ماذا يعني قولنا بأن شيا ما «تابع»؟ 

١‏ - أولآ» أنه شيءٌ غير ضروري. لكلمة (ضروري) معنيئ دقيق 
متخصص في الفلسفة. على عكس الاستخدام الشائع» ف «ضروري» لا تعني 
شيئا تحتاجه. ولكن عندما يصف الفلاسفة شيثاً ب «الضروري)»؛ فهم 


يقصدون أنه كان من المستحيل ومن غير المتصور ألا يكون له وجود". هذا 


200 يتحدث الفلاسفة بصفات شهيرة حول هذه النقطة وهي (ممتنع الوجود) و(ممكن 
الوجود) و(واجب الوجود) وسوف يأتي ذكر بعضهم بعد قليل المترجم. 


156 


المفهوم قد يكون استيعابه صعب نوع ما لأنه لا شيء ضروري بهذا المعنئ 
في حياتنا العملية إطلاق. ومع ذلك» نستطيع أن نحصل علئ فهم كاني 
ل «كون الشيء ضروري» عن طريق التفكير في عكسه. فكون الشيء غير 
ضروري يعني أنه لا يجب وجوده. وبعبارة أخرئء إذا كان يمكن أن يُتصوّر 
أن الشيء يمكن ألا يوجدء فإنه شيءٌ «غير ضروري». من الواضح أن 
الكرسي الذي تجلس عليه الآن - افتراض] - ليس بشيء ضروري؛ فبإمكاننا 
تصور ألف سيناريو مختلف لا يوجد فيها الكرسي. ربما أنك لم تقرر شراءه. 
أو أن المصنع لم يقرر تصنيعه. أو أن التاجر لم يقرر بيعه. من الواضح أن 
كرسيك كان يمكن - ببساطة - ألا يكون موجوداً. والآن؛ احتمالية اعدم 
وجوب الوجود) هذه تعتبر خاصية أساسية من خصائص الأشياء «التابعة». 
ولذلك يتطلب وجود الشيء الذي يتصف بهذه الخاصية تفسيراً؛ لأنه بالنسبة 
لشيءٍ كان من الممكن ألا يوجد يمكنك التساؤل بسهولة: «لماذا هذا الشيء 
موجود؟». هذا السؤال المنطقي تمام يحتاج إجابة. لا يمكن لهذا الشيء أن 
يوجد بنفسه؛ لأنه لا ضرورة لوجوده. والقول بأن هذا الشيء يفسّر نفسه 

يقة ما سيكون بمثابة نفي خاصية الاعتمادية (التبعية) التي ناقشناها للتو. 
ولذلكء فالتفسير يجب أن يكون شيئً خارج] عنه. ويُقصّد بالتفسير في هذا 
السياق مجموعة من العوامل الخارجية التي تقدم سببا وراء وجود شيء. 
وبالعودة إلئ مثال الكرسيء مجموع عددٍ من العوامل - مثلآه صنع المصنع 
لهء وبيع التاجر له» وشراؤك له - تشكل تفسيراً لوجود الكرسي. ولذلك» 
فحاجة شيءٍ لمجموعة من العوامل الخارجية يعني أنه معتمدٌ عل شيءٍ 


1 


خارج ذاته. وبهذا يكون معتمداً على شيءٍ خارجي في وجوده. وهذا نومٌ من 
التفكير الأساسي والحدسي والعقلاني؛ لأن التساؤل عن شيءٍ موجود كان 
من الممكن ألا يكون موجوداً علامة على العقل الذي يفكر. 

والآن تأمل ما يقوم به العلماء؛ فهم يشيرون إلئ خصائص مختلفة من 
الواقع ويسألون: لماذا هذه الزهرة بهذا الشكل؟ ولماذا تلك البكتيريا تسبب 
هذا المرض؟ ولماذا يتسع الكون بنفس المعدل الذي يتسع فيه؟ ما يجعل 
هذه الأسئلة أسئلة مشروعة هي حقيقة أنه لا شيء من هذه الآشياء ضروري؛ 
فكلها كان يمكن ألا تكون بالطريقة التي هي عليها. ولتسهيل فهم ذلك أكثر 
تأمل المثال التالي: 

بعد استيقاظك في الصباح» تنزل للطابق السفلي» وتدخل المطبخ. تفتح 
الثلاجة» وتجد فوق صندوق البيض قلماً. بالتأكيد لن تغلق باب الثلاجة 
وتستنئج أن وجود القلم ضروري؛ فأنت لا تعتقد أن القلم ذهب للثلاجة 
بنفسه. وتبداً بالتساؤل عن لماذا القلم موجود فوق صندوق البيضء والسبب 
وراء طرحك هذا السؤال هو أن وجود القلم فوق صندوق البيض غير 
ضروري؛ فهو يتطلب تفسيراً لوجوده وللطريقة التي كان عليها. قد تختنلف 
التفسيرات» ولكن حقيقة الحاجة لتفسير ذاتها تعني أن القلم تابع (معتمد على 
غيره). فالقلم يحتاج لمجموعة من العوامل الخارجية حتئ يُقدم سبب] يفسر 
لماذا وضع القلم في الثلاجة ولماذا وضع بتلك الطريقة. فمثلاً (حقيقة أن 
القلم مصنوع.ء وأن ابنك اشترئ القلم من محل القرطاسية» ومن ثم وضعه في 
الثلاجة) تمثل مجموعة العوامل الخارجية التي تقدم سبب للقلم. ولذلك» 


١/ 


فالقلم معتمد علئ هذه العوامل الخارجية» وهذه العوامل تفسر وجود القلم. 


؟ - ثانيا» يكون الشيء تابع إذا كان يمكن أن تكون أجزائه أو لبناته 
الآبجاسكو كيان به كاف والسعياوز لاع تيه ان كيرة 
شيك خارج عن ذلك الشيء قرر ذلك الترتيب المحدد. دعني أفصّل بمثال: 

وأنت ذاهب بالسيارة إلئ المنزل تمر بميدان مروري» وترئ مجموعة 
من الأزهار مرتبة علئ شكل هذه الكلمات الثلاث: ناملا 1.0176 1 «أنا 
أحبك». وتستطيع أن تستنتج أنه لاشيء ضروري في ترتيب الأزهار هذا؛ 
فكان من الممكن أن ترنّب بطريقة أخرئ كاستخدام «أنا أعشقك» مثلاً بدلا 
ونان أحبكة أزيةالا من ذلتك كان يكن زمار الا رن فاته 
الإطلاق؛ فكان من الممكن أن تنثر بشكل عشوائي. ولكن بما أنه كان يمكن 
للأزهار أن ترتب بطريقة مختلفة» فإن قوةً ما خارجة عنها لا بد وأنها قررت 
ترتيبها. وفي حالة الأزهار هذه؛ يمكن أن يكون السبب وراء ذلك عامل 
الحديقة المحليء أو أنها جزء من مشروع للحكومة المحلية. هذه النقطة 
كلق لل كل نوي لاط نزي اليكو اك 2ل شو سمو لكان قاسو 
محمولاً أو كائن حي أو الهواء الذي تتنفسه - كلها مكوّنة بطريقة معينة. 


٠١‏ - ثالشاء الشيء يكون تابع) إذا كان معتمداً في وجوده على شيءٍ خارج 
ذاته. هذا فهمٌ بديهي للكلمة. فطريقة أخرئ لتوضيح كون الشيء تابع] هي 
القول بأنه ليس قائماً بذاته (ليس مكتفياً ذاتي). أحد أمثلة ذلك هو القطة 


111 


الأليفة؛ حيث أن القطة لا تقوم بذاتها؛ فهي تحتاج أشياء أخرئ خارجة عنها 
لتبقئ علئ قيد الحياة» ومن ضمن هذه الأشياء الطعام والماء والأوكسجين 
والماوف:. 


؛ - أخيراًء الخصائص المعرّفة للشيء التابع هي صفاته المادية 
المحدودة. يدخل في هذه كون الشيء له شكل معين» وحجم معين» ودرجة 
حرارة معينة» وشحنة معينة» وكتلة معينة» إلخ. لماذا تدل هذه الأشياء علئ 
التبعية؟ حسناء إذا كان للشيء خاصية مادية محدودة: فإنه لا بد لتلك 
الخاصية أن تكون محدودة بشيء خارجي عنها؛ مثل مصدر خارجي أو 
مجموعة من العوامل الخارجية. الأسئلة التالية توضح هذه النقطة: «لماذا 
يكون لهذا الشيء هذه الحدود؟» «لماذا هذا الشيء ليس بضعف حجمه أو له 
شكل مختلف أو لون مختلف؟» هذا الشيء لم يعط هذه الحدود لنفسه. 
فكلا سيل التثال: لو اعذث قتلكة حاو اكنى كبك نتصائصها العادية 
المحدودة كالحجم والشكل واللون والملمسء وقلت إنها كانت ضرورية 
الوجود. فستعتقد بأني أحمق. فأنت تعلم أنه تم التحكم في حجمها ولونها 
وملمسها بواسطة مصدر خارجي (في هذه الحالة «الخباز»). 


من المعقول القول بأن كل الأشياء التى لها خصائص مادية محدودة 
بأنها محدودة وفانية (لها بداية ونهاية). لا بد وأن يكون هناك شيءٌ سبقها 
وكان مسؤولا عن خصائصها. وهذا يعلى أن لهذه الأشياء بداية؛ لأنه له 


11 


يمكن تصور أن يكون شيء له خصائص مادية محدودة أزلي. وهذا يعود 
لحقيقة أن المصدر الخارجي - أو مجموعة العوامل الخارجية - يجب أن 
تكون موجودة قبل هذا الشيء المادي المحدود حتئ يعطيه هذه الحدود. 
تخيل أني أخذت نبتةً وقلت أنها أزلية» فكيف كنت سترد؟ ستضحك على مثل 
هذا القول الجازم. حتئ ولو أنك لم تر بداية هذا الشيء»؛ أنت تعلم أنه 
محدود (فاني) بسبب خصائصه المادية المحدودة. ومع ذلك. فحت لو كانت 
هذه الخصائص المادية المحدودة أزلية - ومن ضمنها الكون -. فإنها لن 
تغير من حقيقة أنها معتمدة علئ غيرها وغير موجودة ضرورة. فهذه الحجة 
تستقيم بغض النظر عما إذا كانت هذه الأشياء أزلية أو أنه كان لها بداية. 

وبتطبيق التعريف الشامل أعلاه لما يُقصد بكونه «تابع» يقودنا لاستنتاج 
أن الكون وكل ما فيه يعتبر «تابع» (أي معتمد على غيره). تأمل في كل شيء 
قد يخطر علئ البال: قلم. شجرة» الشمسء الإلكترون» وحتئ المجال 
الكمي. كل هذه الأشياء هي معتّمِدة بطريقة أو بأخرئ علئ غيرها (أشياء 
تابعة). إذا كان ذلك صحيحاء فكل ما ندركه - ومنه الكون - يمكن تفسيره 
عن طريق أحد الطرق التالية: 

١‏ - الكون وكل ما ندركه أزلي وضروري ومستقل. 

١‏ - الكون وكل ما ندركه يعتمد في وجوده علئ شيء آخر والذي بدوره 
يعتمد علئ آخر وهكذا إلئ ما لا نهاية. 

- الكون وكل ما ندركه يستمد وجوده من شيء آخر موجود بطبيعته 


وبذلك فهو أزلي ومستقل. 


سأتطرق لكل تفسير وأناقش أيهًا يقدم أفضل تفسير لاعتمادية الكون 
وكل شيء فيه. 

١‏ - الكون وكل ما ندركه أزلي وضروري ومستقل. 

هل يمكن لكل ما ندركه أن يكون موجوداً علئ الدوام وأن يكون 
معتمداً علئ نفسه؟ هذا ليس تفسيراً عقلاني. فكل الأشياء التي نراها غير 
موجودة ضرورة؛ فقد كان يمكن ألا تكون موجودة. وهذه الأشياء لها أيضاً 
خصائص مادية محدودة. وبما أنها لا تستطيع أن تعطي حدود نفسهاء فلا بد 
لشيءٍ خارجي أن يكون وضعها فيها. كل الأشياء التي ندركها لا تفسر نفسها 
بمقتضئ وجودهاء وكان يمكن لمكوناتها أن تَنظَّم بطريقة مختلفة؛ ولذلك؛ 
فهي أشياء تابعة (معتمدة على غيرها) والأشياء التابعة لا تكون موجودة 
كع سل 

حتل لو كان الكون أزليء ذ فما زال يستقيم القول بأنه لا بد وأن يكون 

اي 0 
المحدودة. وكذلك. فإنه كان يمكن لمكونات الكون (أو لبناته الأساسية) أن 
تَنظّم بطريقة ة مختلفة وكان يمكن للكون ألا يكون موجوداً. لا يستطيع الكون 
تفسير نفسه بمقتضئئا وجوده. وعند أخذ هذه الاعتبارات جميع)ً في الحسبان» 
يمكننا - باطمئنان - رفض القول بأن الكون أزلي. 

؟ - الكون وكل ما ندركه يعتمد في وجوده علئ شيء آخر والذي بدوره 
يعتمد علئ آخر وهكذا إلئ ما لا نهاية. 

لا يمكن أن يكون كل ما نراه معتمداً في وجوده عل شيءٍ يعتمد بدوره 


1١/1 


عل آخر إل ما لا نهاية. فعلئ سبيل المثال» هل يمكن أن يُفسَّر هذا الكون 
بكونٍ آخرء والذي بدوره يمكن تفسيره بكونٍ آخرء وتستمر سلسلة 
التفسيرات هذه إلئ الأبد؟ هذا لن يحل مشكلة الحاجة لتفسير. حتئ ولو كان 
هناك عدداً لا نهائي من الأكوان التي تعتمد على بعضهاء فإنه ما زال بالإمكان 
أن نسأل: «لماذا توجد هذه السلسلة اللانهائية من الأكوان؟). 

تأمّل المثال التالي: تخيل أن هناك عدداً لا نبائيما من البشر. كل واحد 
من هؤلاء البشر تسبب أبواه في وجوده. وكل واحد من هؤلاء الآباء بدوره 
تسبب أبواه في وجوده. وهكذا إلا ما لا نهاية. ألا يزال من المعقول تماما أن 
نسأل: لماذا يوجد هناك أي بشر من الأساس؟ حتئ لو لم يكن لهذه السلسلة 
فو الشررداية#: فقن حقيقة أن هيد السلسلة قطلب شميرا نما أن كان 
يمكن لكل واحد من هؤلاء البشر في السلسلة ألا يكون موجوداًء وبما أن لهم 
خصائص مادية محدودة» فيعني ذلك أنهم ليسوا ضروريين ولا مستقلين 
بذاتهم. وما زال وجودهم يحتاج إلى تفسير. مجرد قول أن هذه السلسلة من 
البشر لا نبائية لا يغيّر في موضوع الحاجة للتفسير". 

وهذا الخيار أيضاً يفترض أن تراجع] لا نهائيا من التوابع ممكن. ولكن 
ذلك غير قابل للتصور. ولتتضح هذه النقطة» تخيل أن هذا الكون اعتمد على 
كون آخر في وجوده وأن ذلك الكون أيضاً اعتمد علئ كونٍ آخر في وجوده 
واستمر الأمر هكذا للأبد. هل كنا لنرئ هذا الكون؟ الجواب هو لا؛ لأنه 
)١(‏ هذا المثال تم اقتباسه (بتصرف) من: 
نشخ بادمساء8 .ممقتل5 .220 .ممأعتاعه 2ه توتطمهدمائطم (1988) .1 .117 ,خطع هت حصنة11 


.8 قتطد 1 اطنط طنتره:2051 1717 


تفن 


سيتوجّب وجود عدد لا نائي من التوابع التي يجب إيجادها قبل أن يمكن 
لهذا الكون أن يوجد. تذكَّر أن العدد اللانبائي من الأشياء لا يتتهي؛ ولذلك» 
فإن هذا الكون لم يكن ليوجد لو كان توجّب وجود عدد لا نهائي من التوابع 

“ا - الكون وكل ما ندركه يستمد وجوده من شيء آخر موجود بطبيعته 
وبهذا فهو أزلي ومستقل. 

بما أن كل شيء ندركه «معتمدٌ علئ غيره» بشكل أو بآخرء فإن أكثر 
الفنبياك مفلا )سواه كل شريه يعض ووتدودء عت افعنيء ادر 
مستقل»)» وبهذا يكون هذا الشيء المستقل «أزليً». ويجب أن يكون هذا 
الشيء مستقلاً؛ لأنه لو كان تابعاء فسيتطلب تفسيراً لنفسه. وسبب آخر لكونه 
أزلي هو أنه لو لم يكن كذلك (أي كان محدوداً له بداية ونهاية»» فإنه سيكون 
تانج لأن الأشدراء انهو و#رتطانب وعوردها فمير ا.ؤيلللك سمكننا أن 
نستنتج أن الكون - وكل شيء يمكننا إدراكه - يعتمد على شيءٍ أزلي 
ومستقل. وأفضل تفسير لهذا هو وجود الإله. 

في التراث الفكري الإسلامي تأييد للحجة الاعتمادية. حيث تم التأكيد 
علئ مفهوم ال «موجود المستقل» المسؤول عن إحضار كل شيء للوجود في 
مواضع عدة في القرآن. فعلئ سبيل المثال» يقول الله كَبْك: « فَإِنَ آله عن عن 
لْعَلَمِينَ 4 (آل عمران:97)» ويقول كبْكَ: « يتما آلنّاسُ أَنثْمُ الْفْقرَآءُ إلى 
َلْعَيُ آلْحَمِيدُ 4 (فاطر:5١).‏ 

ويعلّق المفسّر المتقدم ابن كثير علي الآية السابقة بقوله: «هم محتاجون 


تفن 


إليه في جميع الحركات والسكنات» وهو الغني عنهم بالذات... هو المنفرد 
بالغن وحده لا شريك له)”". 

أخرجت المدرسة الفكرية الإسلامية أمثال ابن سينا الذي صاغ حجة 
يكاجة شيك قال "أذ الالة لاواحل الوعكوة4: يفول ان ييا أن الالهموحوة 
بالضرورة وهو مسؤولٌ عن وجود كل شيء. كل شيء - ما عدا الإله - تابع» 
وهو ما وصفه ابن سينا بأنه «ممكن الوجود)”. تم تبني حجة الاعتمادية - مع 
التعديل عليها - من قبل كثير من العلماء المسلمين المؤثرين ومن ضمنهم 
الرازي والغزالي وإمام الحرمين الجويني. 

يقدم الغزالي ملخصاً وافيا لهذه الحجة بقوله: 

«لاشك في أصل الوجود وأنه ثابت» فإن من قال لا موجود أصلا في 
العالم فقد باهت الضرورة والحس.ء فقولنا لا شك في أصل الوجود مقدمة 
ضرورية» ثم إن قول: «والوجود المعترف به من الكل إما واجب وإما جائز) 
فهذه المقدمة أيضا ضرورية؛ فإنها حاصرة بين النفي والإثبات مثل قولنا 
«الموجود إما أن يكون قديماً أو حادث» فيكون صدقه ضروريء وهكذا كل 
تقسيم دائر بين النفي والإثبات ومعناه أن الموجودات إما أن تكون استغنت 
أو لم تستغن» والاستغناء عن السبب هو المراد بالوجوب. وعدم الاستغناء 
هو المراد بالجوازء فهذه مقدمة ثالثة» ثم نقول إن كان هذا الموجود المعترف 


.)0 4١( ابن كثير» تفسير القرآن العظيم» الجزء (5)» ص‎ )١( 
دشل امنهة5 5737 180160 .لاععطلم' -21 "21-0011 تزككة1 (1999) .1 ,تتطتفكا مط1آ‎ - 
210 8016100. 115:20: غ03[‎ 12372168. 1701 6, 2. 
)2( 2216ق1؟1 10 5ه10غع00:م]1 صخ (1993) .5 ,طاءودومط‎ 0051201081631 5. 
.زم رووع]2 عازهلا كع[ 01 17ذتاع كلمنآا عنها5 :لإموطام‎ 197-00. 


1 


به واجب] فقد ثبت واجب الوجودء وإن كان جائزاً فكل جائز مفتقر الى 
واجب الوجود. ومعنيل جوازه أنه أمكن عدمه ووجوده عل حد واحد, وما 
هذا وصفه لا يتميز وجوده عن عدمه إلا بمخصص. وهذا أيض] ضروري» 
فقد ثبت بهذه المقدمات الضرورية واجب الوجود)”. 

باختصارء فالإله في المفهوم الإسلامي هو: 

٠‏ مستقل. 

٠‏ الموجود الذي يعتمد كل شيء عليه. 
الواحد الذي يقوم به كل شيء. 
ازلي. 
« غلى. 


واجب الوجود. 


الرد علئ بعض الاعتراضات الرئيسية: 
سأقوم بمناقشة بعض الاعتراضات الرئيسية ضد هذه الحجة. 
٠.‏ 5 .]| . 

- الكون موجود بشكل مستقل: 

أحد الاعتراضات الإلحادية المعتادة هو : «إذا كنا نقول أن الإله مستقل 
وضروريء فما الذي يمنع من قول نفس الشيء عن الكون؟». هذا اعتراض 
خاطئ للأسباب التالية: أولاً» لا شيء ضروري في الكون؛ لأنه كان يمكن ألا 
00 الغزالي» فضائح الباطنية. 
1 121133 نتلطخ زط 80160 .73ولمتنو8-[د طخنه20ط (1964) .321 ,الوعقطن-ام 


2 .2 ,21-1110318 61ن>![-21 1021 1111253552 :10155216 


1 


يوجد. ثانيء كان يمكن لأجزاء هذا الكون أن تنظَّم بطريقة مختلفة. سواء 
أعتبرت هذه الأجزاء كواركات أم أعتبرت شكل من أشكال المجال الكميء. 
فما زال السؤال مطروحً: «لماذا هى بهذا الشكل التى هى عليه؟». وبما أنه 
كان سكن لشكل آخر ليذه الكؤاركات أو المتجالات أن بوعة بدلا من هنذا 
الشكل الموجود. فإنه يلزم أن نقول أن الكون تابع (ليس مستقلاً). كل ما 
ندركه في هذا الكون له خصائص مادية محدودة» ويدخل في هذا المجرات 
والنجوم والأشجار والحيوانات والإلكترونات؛ فكلها لها شكلٌ محدد 
وحجم وكليد قاد وهكذاء فإن هذه الأشياء التي ندركها حولنا (الأشئياة 
الى تشكل هذا الكون بأكئله) هى أقياة محدودة وتابعة. 

- الكون مجرد حقيقة عمياء: 

اعتراض آخر يقول أنه ينبغي علينا ألا نطرح أسئلة عن الكون. قال 
الفيلسوف بيرتراند رسل 151155611 8611820 في مناظرة شهيرة له عبر الراديو 
مع القس كوبلستن 00165]02: «ينبغى أن أقول أن الكون موجود فقطء 
وهذا كل ما في الأمر»". وبصراحة» هذا الموقف تهرب فكري. تأمل قياس 
الكرة الخضراء الحوامة التالى": 
الأطفال كرةً خضراء تطير في الهواء. كيف ستكون ردة فعلك؟ هل ستكمل 

:عع 12010 2مأوع1م1/)00اء1155] عط 01 أمتاعقصة11' (عنهل 20) .ل .5 ,م1عحله (1) 

مطغط. 2010 _21م1ع0512010» /تقط م 11050طا م /كلن. 0ع .02102 دع 5. جات /: مراخط 

95 عطهآ 22هخ!11711 2701550 ططامة 160م203 مععط ققط 7إوم[قصة كتلط (2) 


نطاتة] ع1طهدهه5وع] ..[آ.117 ,ع0121) .ع1مم] علطا 2ه 2ه1ددناء015 
504-01 أن لتك مهت /اقوهء00م-15-1ع70طع1ع 0 /ع01. طاختهاع | طه 0ه مدع]. 7/977//: مراخط 


كلا 


سيرك وتعتبرها جزءاً ضروريا من أجزاء الملعب؟ بالطبع لا؛ فأنت ستتساءل 
عن سبب وجودها وكيف هي بهذا الشكل. الآنء كبّر الكرة لتصبح وكأنها 
بحجم كون. ما زال السؤال باقي: لماذا هذه الكرة موجودة ولماذا هي بهذا 
الشكل؟ وهكذاء يكون التساؤل عن لماذا الكون بهذا الشكل صحيحاً. 

بالإضافة إلى ذلكء فإن هذا الاعتراض عبثي؛ لأنه ينتقص من العلم 
نفسه. يوجد في المجتمع العلمي مجالاً متخصص] يحاول تفسير وجود الكون 
وخصائصه الأساسية» ويطلق علئ هذا المجال العلمي «الكوزمولوجيا» أو 
«علم الكونيات» نا605120108: وهو مجال علمي صحيح ومعتبر تماما. 
ووصف الكون بأنه «حقيقة عمياء» يسيء لمجال علمي معتبر. 

- سيجد العلم إجابة مستقبلاً! 

يقول هذا الاعتراض أن ما قَدَّم في هذا الفصل هو نوعٌ من مغالطة «إله 
الفجوات»» ويقول أن جهلنا بالظواهر العلمية لا ينبغي أن يؤخذ كدليل علئ 
الإله أو الفعل الإلهي؛ لأن العلم في آخر الأمر سيقدم تفسيراً. هذا اعتراض 
في غير محله؛ لآن حجة الاعتمادية ليس هدفها مناقشة سؤال علمي. موضوع 
هذه الحجة هو في الماورائيات (الميتافيزيقيا)؛ فهي تحاول فهم طبيعة 
الأشياء التابعة وما يترتب عليها. ويمكن تطبيق هذه الحجة علئ كل الظواهر 
والتفسيرات العلمية. فعلئ سبيل المثال» حتئا لو فرضنا وقلنا بأكوان كثيرة 
كتفسير للظواهر الطبيعية» فهي ما تزال تابعة. لماذا؟ لأن مكونات هذه 
الفبكير اك يكن أن تتشكل بيقن بيعيلقة وليوك ملسيرها قفن 
وجودها ذاته, أو لأنما تتطلب شيا آخر خارج عنها لتوجه وتكفيب 


3 


34 


1// 


خصائص مادية محدودة. ولذلك. فهي تابعة» ولا يمكنك تفسير شيءٍ معتمد 
علئ غيره بشيءٍ آخر معتمدٍ على غيره؛ لآن نفس الأسئلة التي طرحناها في 
هذا الفصل يمكن طرحها هنا أيضا. الآن» لو ادعئ أعضاء من المجتمع 
العلمي أنهم وجدوا شيئا مستقلا وأزلي. والذي بدوره فسّر وجود الكون. 
فإني سأسأل عن الإثبات. وبشكل يثير الدهشة» نفس اللحظة التي يقدم فيها 
هؤلاء دليلاً تجريبي ستكون هي لحظة تناقضهم؛ لأن الأشياء التي يمكن 
إحساسها لها خصائص مادية محدودة» ولذلك فهي أشياء تابعة. 

لا يمكن للعلم إطلاقاً أن يكتشف أي شيء مستقل وأزلي (أو بعبارة 
أخرئ: ضروري»» ليس لأنه سيكون تجريبيا فحسبء بل أيض) لآن العلم لا 
يعمل إلا علئا الأشياء التابعة الملاحظة. ولهذاء فليس من المعقول أن نقول 
إن العلم سيكتشف شيئً غير علمي (خارج نطاق العلم)! لنفكر قليلاً 
بالمقصود بالعلم. يعمل العلم - كمجال - على تقديم إجابات وتفسيرات 
(انظر الفصل الثاني عشر). الأشياء التابعة فقط هي التي يمكن أن يكون لها 
تفسيرات خارجية. مع أخذ هذا الشيء في الاعتبار» ندرك أن نطاق العلم 
محدود في عالم الأشياء التابعة؛ الأشياء التي يمكننا أن نسأل أسكلة عنها مثل: 
الماذا هو موجود؟! و«لماذا هو بهذا الشكل؟». ولذلك. فالعلم يستطيع فقط 
أن يقدم إجابة لها علاقة بشيءٍ تابع آخر. ولكن» كما وضحناء لا يمكنك 
تفسير شيء تابع بشيء تابع آخر؛ لآن هذا التابع سيتطلب تفسيرا أيض] (وإذا 
كنت تتذكرء فقد ناقشنا بالفعل عدم إمكانية أن يكون لدينا أشياء تعتمد في 


وجودها علل شىء آخرء وهذا الآخر يعتمد بدوره عل آخر. وهكذا إلئ ما 


10 


لا نباية). وبما أن التفسير هو شيءٌ مستقل وأزليء فلا يمكن للعلم أن يدخل 
في النقاش مطلق؛ لأن له نطاقه المحدود وهو: الأشياء التابعة التجريبية. 

اختتام بملاحظة روحية: 

هذا الفهم للإله لا يجب أن يكون مجرد ممارسة فكرية فقطء بل ينبغي 
أن يغرس فينا شعوراً عميق] بالحب للإله والشوق للقائه. في هذا الفصل» 
خلصنا إلئ أن الإله موجودٌ بالضرورة وكل شيءٍ يعتمد في وجوده عليه. وبهذا 
المعنى» فنحن - كبشر - لسنا معتمدين علئ الإله بالمعنئ الفلسفي فقطء بل 
أيض] بالمعنئ العادي للكلمة؛ فلم يكن لنا أن نوجد هنا لولاه» وكل شيء 
نملكه هو في الأساس بسببه وحده. 

القع القصيرة الرافطة التاليةتعلمتا انيما اننا متمدوة ف الأساش 
علئ الإله وأن نجاحنا في هذه الدنيا وفي الآخرة يقع تحت رحمته التي لا حد 
لهاء فإنه ينبغي علينا أن نخضع للإله ونفعل ما يرضيه: 

«في أحد الأيام» تجهّزت للذهاب للاعتناء بحقولي مصطحبا معي كلبي 
الصغير (العدو اللدود للقردة التي أتلفت النباتات). كان فصلاً حاراً جداً 
وكنا نشعر أنا وكلبي بحرارة شديدة لدرجة أننا كنا نتنفس بصعوبة. بدأت 
أفكر في أن أحدنا سيسقط عما قليل مغشياً عليه. ثم رأيت - حمداً لله - 
شجرة تياكي» كان لها أغصانٌ وكأنها قبة لمنطقة خضراء منعشة. أطلق كلبي 
بعض الصيحات مبتهج)] وذهب إلئ هذا الظل المبارك. 

وعندما وصل إلى الظل» بدلا من البقاء في مكانه. عاد إلي مخرج] 
لسانه. وعندها رأيت قوة ارتجاف صدره؛ علمت كم كان متعب. سرت إلى 


1,8 


الظل» وكان كلبي مليئ] بالبهجة. ثم للحظة. تظاهرت أني أكمل طريقي؛ 
فصدر أنين من هذا المخلوق الضعيف بنبرة حزينة» ولكنه تبعني وذيله بين 
رجليه. كان من الواضح أنه في حالة بؤسء ولكنه كان مصراً علئ متابعتي 
مهما كانت النتيجة. أَنّر في هذا الإخلاص لدرجة كبيرة. كيف يمكن لشخص 
أن يدرك بشكل كامل استعداد هذا الحيوان لمتابعتي» حتئ إلى الموت» مع 
أنه لم يكن تحت أي إكراه علئ فعل ذلك؟ قلت لنفسي: هو مخلصٌ لي لأنه 
يعتبرني سيده ولذا فهو يخاطر بحياته ببساطة ليبقئ بجانبي. بكيت قائلاً: 
"يا إلهي.. اشف نفسي المريضة» واجعل إخلاصي مثل إخلاص هذا 
المخلوق الذي أدعوه بازدراء: «(كلب». أعطني - كما أعطيته - القوة علئ 
التحكم بحياتي حتئ يمكنني فعل ما تريد واتباع الطريق الذي هديتني إليه 
- بدون أن أسال: إلئ أين أنا ذاهب -! لست خالق هذا الكلب». ومع ذلك 
فهو يتبعني بانصياع على حساب ألف معاناة. يا رب.. أنت الذي وهبته هذه 
الفضيلة. يا رب.. ارزقنى» وكل من يسألك ذلك - مثلى -» فضيلة حب عمل 
الخير والشجاعة علئ القيام به!" ثم بعد ذلك. عدت خطاي ولجأت إلى 
الظل. وبقمة الفرح» استلقئ صاحبي الصغير مواجه] لي حتئ تكون عيناه 
تقابل عيناي» كما لو أنه كان يتمنئ أن يتحدث معي بجدية)”". 


5 5 
دزي تاي يك 


5811 :ع1مطهآ .2دا؟]! ده كصطماعع121ع1 :000 ع طتلء طسسعحمع ]1 (2001) .0 ,ضمنوط (1) 
.15-9 .مم ,لامع لوع م 


الفصل السابع: 
إنكار الإله يعني إنكارك لنفسك 


حجة الوعي 


يحب والدي الذهاب للمشيء ويتأمل في الأسئلة العميقة التي تزعج 
الإنسان المتفكر. وفي أحد المرات التي خرج فيها للمشيء قرر زيارة اركن 
الخطباء» 0010©1) 28112 7”5ع631م5 المشهور في لندن» والمعروف بحواراته 
الساخنة عالية الصوت حول الإنسان والحياة والكون وكذلك السياسة وكل 
أنواع المؤامرات. هذا المكان مخصص للتعبير عن الآراء بكل حرية؛ حيث 
يستطيع أن يقول أي شخص وكل شخص كل ما يريد أن يقول تقريب بأي 
طريقة يريدهاء وعادةً ما يشهد هذا الركن مناظرات دينية وفلسفية تتمركز 
حول وجود الإله. وني اليوم الذي زار فيها والدي هذا الركن» كان يستمع 
لنقاشٍ حول ما إذا كان لدينا أسباب مقنعة للإيمان بوجود إله» فقاطع النقاش 
قائلاً: «إذا كنت تنكر الإله» فأنت تنكر نفسك). عندما أخبرني والدي بهذه 
القصة» لم أفهم حق] ما المقصود من قوله. ولكنء بعد عدة عقود أريد أن 
أتوسع في حكمته العميقة في هذا الفصل. 

كان يحاول والدي إخبار المجتمعين هناك أنه بما أن لدينا إدراك بما 


حي 


نكون (وبما نشعر)» فهذا علامة علئ أن الإله موجود. وبمعنئ أوسع. ما كان 
يشير له والدي هو «ظاهرة الوعي»؛ وهو ما يقصد به - ببساطة - حقيقة أن 
لدينا تجارب ذاتية داخلية. لظاهرة الوعي علاقة بقدرتنا علئ أن يكون لدينا 
إدراك داخلي ذاتي لكيف يكون حال تجربتنا لحالة واعية محددة. فعلئ سبيل 
المثال» عندما آكل الشوكلاته المفضلة لدي أو أستمع لتلاوة من القرآنء فأنا 
مدرك لتلك التجربة الداخلية» وأستطيع أن أقذّر كيف يكون حال تلك الحالة 
من الوعي. ومع ذلكء فلا يستطيع شخص آخر أن يعرف حقا كيف يكون 
حال تلك التجارب الذاتية التي أعيشها. بالطبع» سيكون للآخرين منظوراتهم 
حول الشوكولاته وحول تلاوة القرآن» ولكنهم لن يعيشوا أو يستوعبوا ما 
أكفطر يدخف] خلدل هله الفجا رتت أنذا: 

حتئ ولو كنت تعرف كل شيء عن دماغي المادي» فلن تكون قادراً على 
معرفة كيف يكون حال معايشتي لتجربة معينة» سواء كانت تلك التجربة 
شرب عصير برتقال؛ أو مشاهدة منظر غروب جميلء أو الوقوع في الحب. 
السبب الرئيس خلف هذا الشيء هو أن علم الأعصاب هو علم يختص 
- بالدرجة الأولئ - بالعلاقات الترابطية. يقوم علماء الأعصاب بملاحظة 
نشاط الدماغ ويربطون ذلك النشاط بما يخبرهم به المشاركون من حالة وعي 
يعيشونها. ولكن لا يمكن لهذه الارتباطات أن تخبرنا أبداً عن كيف يكون 
الحال لهؤلاء المشاركين في حالة أو أخرئ من حالات الوعي؛ فكل ما 
تستطيع إخبارنا به هو متئ تحدث فقط. قد تقول أن المشارك ربما يزود 
علماء الأعصاب ببيانات مباشرة عن طريق وصفه لتجربته الذاتية» وبذلك 


ذل 


الوصف يمكن الإجابة علئ السؤال. ومع ذلك, فهذا ليس بجواب؛ لأنه حتئ 
لواستخدم شخص كلمات مثل «بارد» و«مؤلم)» و«حلو) و«جميل) 
و«حزين»» فهي لا تستطيع إخبارنا عن كيف يكون حال هذه التجارب 
والأحاسيس. الكلمات عبارة عن وسائل نقل للمعاني والتجارب» لكن يجب 
علينا أن نذهب إلئ أبعد من مجرد الكلمات حتئ نفهم تجربة واعية لشخص 
آخر. وهناك جانب آخر من جوانب التجارب الواعية الداخلية يصعب 
الوصول إليه وهو لماذا تنتج تجارب ذاتية من عمليات مادية بيولوجية غير 
واعية. لماذا تخرج تجربة داخلية فريدة من نوعها من مادة غير واعية؟ هذا 
سؤال مهم آخر في فلسفة العقل وعلم الأعصاب. 
يسمي الأكاديميون هذه القضية التي تحدثت عنها «مشكلة الوعي 

ل 5+ /0 7021117 7070 ©17. وقد بقيت هذه المشكلة 
بلا حل بالرغم من إثارتها للكثير من المناظرات الساخنة حول طبيعتنا وطبيعة 
تجاربنا الواعية. يصف الباحث دانيال بور 801 1032161 هذه المشكلة 
بالطريقة التالية: 

«هناك الكثير من المشاكل الصعبة في العالم» ولكن هناك مشكلة واحدة 
فقط تستحوٌ تستحق أن تسمي نفسها ب ب "المشكلة الصعبة" . تلك المشكلة هي مشكلة 
الوعي الصعبة: كيف ل ١7٠١‏ جراما من الخلايا العصبية أن يستحضر ذلك 
الخليط من الأحاسيس والأفكار والذكريات والمشاعر التي تشغلنا في كل 
لحظة من لحظات يقظتنا... المشكلة الصعبة لا تزال بدون حل)”. 


.2 ,1آ 1556 ,1آ 1/01 .010656025 815 عط1' .ممناعع0011) عط! :أت معاء5 برعل (1) 


بدي 


حقيقة أن لدينا تجارب ذاتية داخلية يمكن أن يُفسَّر فقط بواسطة وجودٌ 
موجودٍ عنده العلم المطلق. هذا الموجود خلق الكون المادي وفيه 
مخلوقات واعية» وأعطاهم القدرة علئ إدراك تجاربهم الذاتية الداخلية. أما 
التفسيرات الأخرئ فتعجز من بدايتها. فعلئ سبيل المثال» لا يعطي المنظور 
المادي البارد للكون أي أمل في إيجاد حل لهذه المشكلة. تخيل أن كل ما 
قا اليك ليل لكر تا دس مين الناد ف وداه طريلنة ببق 
الزمن» أعادت تشكيل نفسها علئ هيئة مخلوقات بشرية حتئ تكون الوعي. 
هذا يبدو كنوع من السحر؛ لأن المادة باردة وعمياء وغير واعية» إذاً كيف 
يمكن أن تكون مسؤولة عن ظاهرة مثل هذه؟ لا يمكن أن تكون. مثلا أنا لا 
أستطيع إعطاءك ٠١‏ جنيهات إسترلينية إذا لم أكن أملكها. وهكذاء المادة لا 
يمكنها أن تتسبب في أو تكون باعش للوعي إذا كانت لا تحتويه أو كانت لديها 
القدرة علئ أن تكون سببً في ذلك. قد تقول أن بإمكاني أن أكسب المال ومن 
ثم أعطيه لشخص ما وهكذا المادة يمكنها أن «تكسب» الوعي عن طريق 
عمليات معقدة. هذا خطأ؛ لآن عملية واحدة غير واعية مضافة إلا عملية 
واحدة أخرئ غير واعية لا تزال تساوي عمليتين غير واعيتين. هذه المحاولة 
كما لو أنك تحاول تحويل قطعة من الحديد لخشب؛ فمهما غيّرت في 
الحديد» فلن يكون خشب] وحتئ لو أضفت المزيد من الحديد. 

يهدف هذا الفصل لتفكيك التفسيرات الشائعة حول مشكلة الوعي 
الصعبة وتوضيح كيف أن المنهج الألوهي - ووجود الإله بشكل عام - يقدم 
تفسيراً أفضل بكثير. وسألقي الضوء أيض] علئ أن هذا الموضوع ليس شيئا 


14 


من نوع ما يستطيع العلم الإجابة عنه في المستقبل»)؛ لأنه حتئ لو تمكنا من 
(أو حت التفسيرات الفلسفية غير الألوهية) فقطء فإننا لن نزال غير قادرين 
علا الإجابة عل مشكلة الوعى الصعبة. 

المزية حول المفكلة الضهة: 

باعترافهم» فقد سببت قضية الوعي للكثير من الأكاديميين مشاكل لا 
يمكن حلهاء وخصوص!اً أولئك المبالغين إل حد الإيمان بالمنظور المادي. 
في كتابه «الوعى: اعترافات اختزالي رومانسى»؛ يعترف البروفيسور 
كريستوف كوتش <اع150 01115]01) علئا الملا: 

«(كيف يحول الدماغ النشاط الكهروبيولوجي إلئ حالات ذاتية» كيف 
تتحول الفوتونات المنعكسة من الماء بشكل سحري إلا بحيرة جبلية 
لحم رسي ا كي كه مسي ““اتفسيو كيفت يمكن لجمرء 
من المادة المنظّمة بشكل عالٍ أن يحتوي علئ منظور داخلي قد حطّم المنهج 
العلمي» والذي قد أثبت ت في مناطق أخرىئا كثيرة أنه مثمر جداً)0. 

هذه المشاكل التي لم تحل لا تتعلق بالتركيب المادي للدماغ وكيف 
يمكننا الربط بين بعض الحالات الواعية مع نشاط الدماغ. إذا كنت أحس 
تأت فوع مين الشناظ فق الماع يشير اليل أن أحمين آلو الااأحتد يتك أن 
.151 105032116 2 01 51005وع0001) :55ع00256101526) (2012) .0) رطعمكا (1) 

.23-4 .زم رووع]2 1111 :ذاه وتتطاع 1/3552 ,عع 1:1طامطة 0 


16 


الدماغ والوعي مرتبطان» ولكن يجب أن أؤكد هنا علئ أنها مجرد علاقة. 
الدماغ والوعي ليسا نفس الشيء. خذوا القياس التالي في الاعتبار: الدماغ هو 
السيارة» والوعي هو السائق. لن تتحرك السيارة بدون السائق» والسائق لن 
يستطيع تشغيل السيارة - أو يستخدمها بشكل صحيح - إذا كانت تالفة أو 
مُعطلة. ومع ذلك» فكلاهما مختلف عن الآخر ومستقل عنه بطريقة ما. 

ما المشاكل التي يحاول المتخصصون في هذا المجال معالجتهاء ولماذا 
الدماغ والوعي ليسا نفس الشيء؟ الجواب علئ هذه الأسئلة يقع في ما يعرف 
ب مشكلة الوعي الصعبة. مشكلة الوعي الصعبة تتعلق بحقيقة أن لدينا 
تجارب ذاتية داخلية. وبعبارة أخرئ. فالمشكلة هي أننا لا نستطيع أن نشرح 
كيف يكون الحال لكائنٍ حي أن يمر بتجربة ذاتية واعية من جانب لغة العلم 
كطرف ثالث. يوضح ذلك البروفيسور ديفيد شالمرز 08122615 103710 
والذي اشتهرت عبارة مشكلة الوعي الصعبة بسببه قاتلا: 

«مشكلة الوعي الصعبة جداً هي مشكلة النجربة أو الخيرة. عندما نفكر 
ونحسء فهناك أزيز لمعالجة المعلومات» ولكن هناك أيضا جانبا]ً ذاتياً... 
هذا الجانب الذاتي هو التجربة. فعندما نرئ» علئ سبيل المثال» فنحن نمر 
بتجربة أحاسيس مرئية: الإحساس باللون الأحمرء وتجربة الظلام والضوء. 
وطابع العمق في مساحة مادية. وتجارب أخرئ تأتي جنب إلى جنب مع إدراك 
جوانب ثانية: كصوت المزمارهء ورائحة النفتالين. ثم هناك الأحاسيس 
الجسدية من الآلام إلئ النشوات الجنسية» والصور الذهنية التي تستحضر 
داخليا» والإحساس بالعاطفة» وتجربة سيلان الآفكار الواعية. ما يجمع كل 


ك1 


هذه الحالات هو أن هناك شيء يكون عليه الحال عند معايشة هذه التجارب. 
كل هذه الحالات هي حالات تجارب أو خبرات... إذا كان هناك مشكلة 
مؤهلة لتكون مشكلة الوعي» فهي هذه المشكلة. وبذلك المعنئ المركزي 
ل «الوعي»؛ فيكون الكائن الحي واعياً والحالة الذهنية تكون واعية إذا كان 
هناك شعور لما يمكن أن تكون عليه الحال عندما تكون في تلك الحالة»". 

ويضيف البروفيسور تورين أولتر :4116 10110 بعداً آخر لمشكلة الوعي 
الصعبة بالتركيز علئ عدم القدرة علئ الإجابة عن لماذا عمليات الدماغ 
المادي تنتج خبرة واعية: 

«في الوقت الذي أكتب فيه هذه الكلمات» تنخرط الأنظمة الإدراكية في 
دماغي بمعالجة معلومات صوتية ومرئية. وهذه المعالجة مصحوبة بحالات 
من ظاهرة الوعي مثل التجربة الصوتية في سماع صوت لوحة المفاتيح 
والتجربة البصرية في رؤية الحروف تظهر علئ الشاشة. كيف يولّد نشاط 
دماغي هذه التجارب؟ لماذا هذه التجارب وليس تجارب أخرئ؟ وبالطبع» 
لماذا يكون أي حدث مادي مصحوبا بتجربة واعية؟ مجموعة هذه المشاكل 
تعرف بمشكلة الوعي الصعبة... وحتئل بعد تفسير كل هذه الوظائف 
والقدرات المرتبطة» فإن الشخص قد يتساءل بشكل منطقي عن لماذا توجد 
هذه الحالة عند رؤية الحروف تظهر علا شاشة الحاسب)”. 


10 :01010 .000256101151655 01 تتعاعه تقطن عط (2010) [2.١‏ ,5تعمسلقط) (1) 
.5 .7 رووع] 15167ء0117ل1] 

و05 .,. 1 ,83370 :2[ .00256101152655) 01 طتعاطامعظ لمق (2014) .1 ,عاط (2) 
:1010 .001256101151655 10 001202203121012 021010 عط!' .(.ه) .2 رومععل111ا لمة .م 
0 .(7 ,ذوع21 15157ع015لآ 01010 


م1 


دعني أسهّل التعاريف المذكورة أعلاه بمثال. لنقل أنك تأكل فراولة. 
سيتمكن العلماء والفلاسفة من إيجاد علاقات في الدماغ تشير إلئ أنك تأكل 
شيئ]ء بل وربما توقعوا أنها قطعة من الفاكهة» وأيضاً إذا كنت تجدها لذيذة أو 
حلوة عن طريق طلبهم منك أن تصف تجربتك الواعية. ومع ذلك» فإهم لن 
يتمكنوا علئ الإطلاق من معرفة أو معايشة كيف يكون حال أكلك للفراولة» 
أو ماذا تعني لك اللذة أو الحلاوة وكيف هو شعورك بهاء ولماذا مررت بتلك 
التجربة الذاتية المعينة لأكل الفراولة. 

اتجاهات بيولوجية: 

لنناقش أولاً لماذا فشلت محاولات التفسيرات البيولوجية الكثيرة. من 
ضمن هذه المحاولات قدم فرانسيس كريك وكريستوف كوتش: (باتجاه 
نظرية بيولوجية - عصبية للوعي»» وقدم بيرنارد بار: (نظرية مكان عمل 
عالمية)» وقدم جيرالد إلديرمان وغيليو تونوني: (نظرية الجوهر المتفاعل)؛ 
وقدم رودولف ليناس: (نظرية الربط المهادي القشري)» وقدم فيكتور لام: 
(نظرية المعالجة المتكررة)» وقدم سمير زكي: (نظرية الوعي الدقيق)» وقدم 
أنتونيو داماسيو: (نظرية الشعور بما يحدث). إذ علئ الرغم من أن الغرض 
من هذا الفصل مناقشة تفاصيل وقصورات هذه النظريات التجريبية (لأن لها 
- كلها - آثاراً فلسفية ستناقش لاحقا)» فلا شيء منها يعالج مشكلة الوعي 
الصعبة بشكل واسع. ويوضح البروفيسور ديفيد شامرز سبب فشل 
الاتجاهات البيولوجية في معالجة مشكلة الوعي الصعبة؛ حيث يذكر في كتابه 
«(صفة الوعي») 5 0 0017070167 7176 خمس استراتيجيات 


ييل 


خطيرة تم تبنيها: 

١‏ -الاستراتيجية الآولئ هي تفسير شيءٍ آخر. يعترف الباحثون ببساطة 
أن مشكلة التجربة هي مشكلة صعبة جداً في هذا الوقت. يعترف كوتش على 
الملا بأن هذه الاستراتيجية فاشلة وذلك في مقابلة منشورة» حيث يقول: 
«لحييناء لننيعا أوالا الذواقي الضعةعد) كالمشاعن الذائنة) لآنه فدلا 
يكون لها حلول علمية. الحالة الذاتية للعب وللألم وللمتعة ولرؤية اللون 
الأزرق ولشمٌ وردة. يبدو أن هناك قفزةٌ كبيرة بين المستوئ المادي -كتفسير 
الجزيئيات والخلايا العصبية- وبين المستوئ الذاتي)”". 

؟ - الاستراتيجية الثانية هي إنكار مشكلة الوعي الصعبة. وذلك عن 
طريق ادعاء أننا أحياءٌ أموات (مثل الزومبي”» مع وهم فقط بأن لدينا إرادة 
حرة. تصف هذه الاستراتيجية حقيقة الإنسان وكأنه آلة بيولوجية بلا أي 
تجربة ذاتية. وبعبارة أخرئء فهي تتجاهل المشكلة وتعيد تعريف ماذا يعني 
أفانكون بقيرا. 

* - الاستراتيجية الثالئة تزعم أن التجربة الذاتية تفسّر بواسطة فهمنا 
للعمليات المادية التي تحدث في أدمغتنا. ولكن هذا يبدو وكأنه سحر؛ 
نام ممتديفا/1 ته بمفقاط | #مدهمفه هام كد60 18 أمنا/8! (2016) عمتعتوما1 عدو مقاط (1) 

:2 ع7311361تم 


151 ل0فعووععع4] .012/1992/2017/1773615605101152149ء.عطاج3ع 2 ت0طاء01560717//: خط 
.[2016 أء6مغء0) 


(؟) الزومبي هي شخصيات خيالية من واقع قصص السحر وإحياء الموتئ ليكونوا أشخاصا 
غير عقلاء يتحركون بصورة غير واعية الإرادة لاهم لهم إلا القتل غالبا وأكل البشر 
الأحياء» وقد يتم استخدام الوصف عموما لكل إنسان يتحرك بصورة مسلوبة الإرادة أو 


غير واعية (الناشر). 


1/8 


فالتجربة الواعية تظهر بطريقة ما بدون أي تفسير» وسؤال «كيف تنتج هذه 
العمليات تجربة ذاتية داخلية؟» لا يجاب عليه إطلاقا. بالإضافة إلى ذلك» 
فهم العمليات المادية لا يخبرنا شيئ عن كيف يكون الحال لشخص ما أن 
يعيش تجربة ذاتية داخلية معينة. 

4 - الاستراتيجية الرابعة هي شرح تركيبة التجربة. ولا تخبرنا هذه 
الاستراتيجية أي شيء عن لماذا هذه التجربة موجودة من الأساس. إذ مجرد 
شرح تركيبة هذه التجربة» فهي لا تقدم لنا إجابات عن كيف يكون الحال 
لشخص أن يعيش تجارب فريدة. 

4 - الاستراتيجية الخامسة هي بعزل ركيزة (الأساس أو الطبقة التي 
تكمن خلف) التجربة. #هبدف هذه الاستراتيجية إلئ عزل الأساس العصبي 
للتجربة عن طريق فهم عمليات معينة. ولكن هذه الاستراتيجية لا توضح 
كيف يكون الحال لشخص ما أن يعيش تجربة ذاتية داخلية» ولماذا تظهر هذه 
التجربة من هذه العمليات وكيف”. 

دخول فلسفة العقل: 

ا لي ا ل د 
تحاول معالجة المشكلة الصعبة. وهناك مالاحظة مهمة ين ينبغي التنويه إليها هنا 
وهي أن النظريات العلمية تحتوي علئ افتراضات فلسفية؛ ولذلك فإن 
استعراض النظريات الفلسفية يدخل فيه استعراض النظريات التجريبية 
أيضا. يوضح البروفيسور أنتي ريفونسو 161705110 1]]ك هذه النقطة قائلاً: 


11-1 .22 ,002561011512655 01 7عاع213ط0 عط ]1 (2010) .نآ ,وتعمساقط) (1) 


دل 


ومع ذلكء فإنه من المفيد أيضا للعلماء التجريبيين أن يكونوا علئ 
علم بالبدائل الفلسفية المختلفة؛ لأن كل نظرية تجريبية تشتمل بالضرورة 
علئ نوع من الالتزامات الفلسفية الضمنية... المنهج التجريبي العام الذي 
يعدو الحا ق يدر ضوع رس دايز كدير داقر قاف المليكنة السارقة 
وحدسياته حول طبيعة العلم وطبيعة الوعي» سواءً كان علئ علم ببذه 
الالتزامات آم لا". 

ويؤكد البروفيسور ريكاردو مانزوتي 11320111 11613100 والبروفسيور 
باولو موديراتو 71001615840 239010 أن علوم الأعصاب لالبشيث جرركة فين 
الانخراط في الماورائيات»” وأن «البيانات التجريبية تحتاج إلئ أن تفسّر من 
منظور أحد المسلَّمات)". 

إذاً لا تعد أي محاولة من المحاولات الفلسفية لتفسير الوعي جامعة بما 
يكفي لتمئل تحدي للبديل الألوهي. يمكن أن تصنّف هذه المحاولات 
بشكل عام كمحاولات مادية أو طبيعية وغير مادية. وفيما يلي استعراض 
مختصر لهذه المحاولات مع توضيح لماذا فشلت. 

اتجاهات مادية: 

كاتباع لطريقة الباحثين والأكاديميين الآخرين» سيتم استخدام مصطلح 


أقة8 رع11017] .17كلاءه [اناك 01 ععمعاء5 عط]' :55ع101152ء0005) (2010) .لل .متاكدماكع1 (1) 
.م رووع1 37ع1010ط255:0 :ه5155 


:2 .101581115 12 10113115112[ :ع6 816111056162 (2014) .2 ,منهمع5400 امه .] ,[أمتمةل18 (3) 
.06125 ذل :10112115152 222013177ع0001) .(.0هع) .11 ,مامعصتط1]0 0مة .ى ,1313220 
2 .26 وع1601111608 :125002طامر 


1533١ 


الفيزيائية ومصطاح المادية للإشارة إلئ نفس الشيء””". وبالرغم من أن لكل 
منهما تاريخ منفصل وبعض الاختلافات المفاهيمية” إلا أن هذه 
الاختلافات لا تشكل مشكلة بالنسبة للمفاهيم التي يناقشها هذا الفصل. 
ويعني هذان المصطلحان أن الوعي يمكن تفسيره من خلال العلوم الفيزيائية 
المادية» ولكنهما لا يعنيان دائما]َ أن الحالات الواعية يجب أن تساوئ 
وحدات المادة. 
- الحقائق الفيزيائية ليست كل الحقائق! 
قبل أن أتكلم عن كل المناهج المادية» أريد أن أوضح كيف أن المذهب 
الفيزيائي والمادي عموم]ً تضعفه ١‏ حجة ماري» القوية التي قدمها فرانك 
جاكسون 1261502 ع1"821. وهذا ملخص لها: 
شت ماري في غرفة بيضاء وسوداء طيلة حياتهاء وتكتسب المعلومات 
حول العالم من خلال تلفزيونات وحواسيب بيضاء وسوداء. ولدئ ماري في 
الغرفة وسائل للوصول لكل المعلومات العلمية الموضوعية حول ما يحدث 
للبشر عند رؤية ظواهر طبيعية» ولديها كل شيء عن العلم الذي يتعلق بإدراك 
الأشياء بالعين البشرية. ومع ذلكء فلا علم لديها عن كيف يكون الحال أن 
ترئ الألوان. وفي أحد الأيام» يُسمح لها بمغادرة الغرفة. وفي اللحظة التي 
.105 .2 ,0851011586535© 02 8131© ع1 (2010) .2 ,5تعس لفط (1) 
لطة ,عت ,كمقططعمء016 ,1 ,عصؤة8 :مآ .م0 (زتمتقسقايء8 ع1 (2011) .1 يعمتوع1 (2) 
0 :0:00 .ذوعمكنامكء ممه م1 لامتمدمطه© 0:00 عط .(.له) .2 بمععلل11/1 
.0 .م رووع توازونء ملآ 
.لإتامهدماتطط 2ه هتلعءمماء توعمظ لممقصة5 عط1 ,”سكتلةءزوجط2"' (2016) .2 ,توزاه51 (3) 


:3 عاططاتوحكث .(.لهم) 2212 ١].‏ نتم كلظ 
11751 5/501201وع117طاء:1/31تلع.512111010. 1350 م//:ماغخط 


كل 


تفتح فيها الباب» ترئ وردةً حمراء» وتمر بتجربة اللون الأحمر للمرة الأولى 
وعرفت حقا اللون الأحمر فقط عندما رأته”. 

فمعرفتها حول كل الحقائق الطبيعية التي تتعلق بالإدراك البصري 
والألوان لم تفعل لها شيئ] حقيقيا لتهيئتها لتجربة رؤية اللون الأحمر فعليا. 
فهي لم تعرف كيف هو الحال أن ترئ وردةً حمراء عن طريق تعلمها للحقائق 
الفيزيائية» بل عرفت حال تلك التجربة في اللحظة التي حدثت فيها فقط. 

يقدم شامرز المقدمات التالية ليبين أن «حجة ماري» تجعل من المادية 
غير قادرة عل حل مشكلة الوعي الصعبة: 

١‏ - ماري تعرف كل الحقائق الفيزيائية. 

؟ - ماري لا تعرف كل الحقائق. 

” - الحقائق الفيزيائية لا تستنفذ كل الحقائق”". 


تبيّن حجة شامرز هذه أن معرفة العالم الطبيعي لن يؤدي إلئ معرفة 
الواقع الواعي الذاتي مثل معرفة كيف يكون الحال أن ترئ اللون الأحمر. 
يبدو أن هذا يُضعف موقف المنهج المادي. ويعمم شامرز هذه الحجة 
بالطريقة التالية: 

١‏ - هناك حقائق حول الوعي لا يمكن الاستدلال عليها عن طريق 
الحقائق الفيزيائية. 
01 ,تتطمهده[تطط 02 لقصعره[ عط .رمسا "ملت د31 نمطا (1986) .1 بدمعاء19 (1) 


.291-55 :5 .210 ,83 
.8 .72 ,00256101151655 01 7عاع01213 عط]1 (2010) .نآ ,وتعمساقط) (2) 


دحل 


- إذا كان هناك حقائق حول الوعي لا يمكن الاستدلال عليها عن 
طريق الحقائق الفيزيائية» فإذاً تكون المادية مخطة. 

” - المادية علئ خطأ". 

المنهجان الفيزيائي والمادي لا يفسران الوعي الذاتي؛ لآن معرفة الدماغ 
المادي لا تؤدي إلى فهم تجربة ذاتية» ولماذا تظهر تلك التجربة من نشاط 
الدماغ. المنهج المادي عاجز؛ لآن هناك حقائق حول الوعي لا يمكن 
الاستدلال عليها من الحقائق الفيزيائية. 

- '"'لنتجاهل المشكلة":المنهج المادي الإقصائي: 

يفترض الماديون الإقصائيون أن كل شيء يمكن تفسيره من خلال العمليات 
المادية ولا يقبلون بوجود حالات واعية ذاتية. ويقولون أن الدماغ مكون من خلايا 
عصبية 161110115 تخضع لعمليات فيزيائية وكيميائية» وهكذا فإن تفسير هذه 
العمليات المعقدة سيفسر الوعي بطريقة ما".ويؤكد الماديون الإقصائيون بأن 
مفاهيم علم النفس الفولكلورية التي طوّرناها لوصف الوعي الذاتي (بسبب 
عدم توفر حلول مقدمة من العلوم الطبيعية في الوقت الحال) ستصبح لا حاجة 
لها عندما 'ينضج» علم الأعصاب”» وعندئذٍ سيستبدل علم الأعصاب الوعي 
الذاتي ب نشاط عصبي في مناطق تشريحية مخصصة من الدماغ»)". باختصارء 


)غ2 المصدر السابق» ص ( .)١ ٠‏ 


© المصدر السابق» ص .)١١ ١(‏ 


018157 ل :00250101151655) 320 1/1365 (1988) 2.6 ,رلسقلطعقتتطن) (3) 
.43-9 .مم رووع]2 2111 :ع#105طمطهن) .لصتالطا عط آه ترزدامهد5ه[1تطط عط ما مهناع لم ص1 


ليل 


سيقوم العلم في يوم ما بتفسير ما نسميه الوعي الذاتي؛ وهكذاء ستحل مشكلة 
الوعي الصعبة. ْ 

وبصورة تعكس وجهة نظر المنهج المادي الإقصائيء تؤكد الفيلسوفة 
التحليلية باتريشا تش رتشلاند 1320طعناط01© 23118 أن السؤال الظاهر 
الخاص بالوعي الذاتي سيتم كشف الغطاء عنه عندما يتقدم علمنا. تقول 
ات تشرتشلاند بأنه لا يجب أن نميز مشكلة الوعي الصعبة عن المشاكل الأخرئ 
في علم الأعصابء والسبب في ذلك < وفق] لنش تكيلاتد حورن احير 
لدم مسبرعانن المقاكق القوال ‏ حو وار اتيم ب مايه 
غير معقول. فليس لمجرد صعوبة المشكلة توصف بأنها غامضة أو تمثل 
تحديّ صعب للمذهب الفيزيائي وأنه لن يكون لها حل علمي علئ الإطلاق. 
وتخيل تشرتشلاند إلئ تاريخ العلم لدعم حجتها؛ فالتاريخ يثبت أن العلم قد 
حل الكثير من «المشاكل الصعبة» إشارة منها إلى أن مشكلة الوعي الصعب 

وعلئ الرغم من ذلك. فالعمليات الفيزيائية والكيميائية لا تخبرنا شيئا 
عن كيف يكون الحال لكائن حي واعي معين أن يعيش تجربة ذاتية داخلية. 
وهذا يعني - بالنسبة للمادي الإقصائي - أن التجارب الذاتية الداخلية هي 
مجرد أوهام؛ وبناءً علئ ذلك فإن مشكلة الوعي الصعبة غير موجودة. 
وبعبارة أخرئء مؤيدوا هذا المنهج ينكرون مشكلة الوعي الصعبة؛ لأنهم 
يدّعون أن المادة والعمليات الفيزيائية هي كل ما يُحتاج إليه لتفسير أي شيء. 
ولكن المادة والعمليات الفيزيائية لا تستطيع إخبارنا أي شيء عن كيف يكون 


110 


الحال أن يعيش شخصٌ تجربة واعية ذاتية داخلية. بالإضافة إلئ ذلك. لا 
تستطيع المادة أن تفسر نشوء التجربة الواعية الذاتية؛ لأن المادة شيءٌ بارد 
وأعمئ وغير واعي. لا يمكن لشيء أن ينشئ أي شيء ما لم يكن يحتوي 
عليه أولاً أو كان يملك القدرة عليز فعله. المادة والعمليات الفيزيائية غير 
واعية فلذلك لا تستطيعان إنشاء تجربة واعية ذاتية بما أنهما لا تحتويانها. 
وعلئ ضوء ذلك. تصبح المادية الإقصائية غير قادرة علئ تقديم تفسير 
لمشكلة الوعي الصعبة بما أنها تتجاهل - من الأساس - ما يحتاج إلى 
تفسير. هذا الشيء معارض للحدس. استنتاجات المادية الإقصائية يمكن 
تلخيصها بالعبثية التالي: ليس لدينا ذاتية داخلية. ومع ذلكء فقدرتنا على 
عيش تجربة ذاتية تعتبر حقيقة شخصية من المضحك إنكارها. 

اتعيزنك المافرة الأتضانة سبس«القليو ف اللحن دامال دوي متها 
نشر كتابه «الوعي مو ضحاًَ) 1/37/4110 007501011511655). وهو الكتاب 
الذي تلقئ الكثير من النقد عليه» أعاد دينيت تعريف الوعي من خلال تجاهل 
ما يحتاج لتفسير: حالاتنا الواعية الذاتية. فوفقآ لدينيت» ليس لنا تجارب 
ذاتية شخصية حقيقية؛ فنحن ببساطة روبوتات بيولوجية. وبعبارة أخرئ. 
نحن أحياءٌ أموات (زومبي) مع وهم التجربة الذاتية. وقد تم تلخيص نقد 
منهج دينيت - والمعروف ب «نظرية المسردات المتعددة) 101/(5 111111712 
77607 - بواسطة البروفيسور أشي ريفونسو 15617015110 41111 في كتابه 
الو عي: علم الذاتية بو1آد11ء 51872 [0 5216776 ©1717 :001151011511©55) : 

تم نقد نظرية دينيت بكثرة لأنها تبدو وكأنها تعيد تعريف الوعي بطريقة 


135 


تجعل المصطلح يعني شيئا مختلف] جداً عما كنا نريد أن نفسره في الأساس. 
كتاب دينيت المشهور )١991١(‏ معنون ب: «الوعى موضح)».» ولكن الكثير 
شعووا أنه كان ينغن أن يكو عتوانه «الوعى .مو ضيح كبفما اتفق). قما كان 
يريد أكثر الناس تفسيراً له هو ظاهرة الوعي والكيفيات المحسوسة والذاتية» 
ولكن دينيت تجاهلها باعتبارها مجرد أوهام)”". 

ج "الذاتية موجودة» ولكنها مجرد مادة'': المنهج المادي الاختزالي: 

تقول المادية الاختزالية أن هناك فجوةً معرفية بين العمليات المادية 
والتجارب الواعية الذاتية. يؤكد موّيدوا هذا المنظور عليا أن التعجارب 
الواعية الذاتية تختلف عن العمليات المادية» ولكنهم يقولون أن الفجوة 
يمكن تفسيرها في إطار الفلسفة المادية. أساس حججهم هو أن هناك رابط 
بين أنشطة معينة في الدماغ وبين تجارب وعي معينة؛ ولهذا يمكن إرجاع 
الوعى إلىل عمليات مادية. 

تقبل المادية الاختزالية - علئ عكس المادية الإقصائية - بوجود الوعى 
الذاتي» ولكن يمكن إرجاع هذا الوعي إلى وقائع مادية في أدمغتنا. ومن هذا 
المنظور؛ فإن الوعى الذاق يعتبر مطابق للنشاط العصبى- الكيميائى”. وعلل 
الرغم من أنه لا توجد طريقة حالي يمكن من خلالها إرجاع كل حالات 
الوعي الذاتية إلئ ظواهر مادية» إلا أن المادية الاختزالية مبنية علئ توقع أن 
علم الأعصاب سيلحق بغيره من العلوم الأخرئ كما حدث مع استبدال 


-150 .22 ,19717اعة[5110 01 ععدع1ه5 ع1 :و5ع101152ء005) (2010) لل ,متاكمه90ع1 (1) 
© المصدر السابق» ص )10 )2 


157 


المصطلحات القديمة مثل «الحرارة» ب «متوسط طاقة حركة الجزيئات». 
وبطريقة مشابهة» ربما سيستبدل علم الأعصاب كلمات مثل «حب» بمقابل 
عصبي - كيميائي. في الأصلء» «الوعي ليس شيئا يعلو ويزيد على مجموعة 
من النشاطات العصبية التي تحدث في دماغنا»”. 

هذا المنظور ليس تفسيراً كافي؟ لحالات الوعي الذاتية؛ لأنه مبني على 
افتراض أن التجارب الذاتية حقيقية ولكنها ستفسّر في المستقبل من خلال 
التطورات في علم الأعصاب. ففي الحقيقة» تقول المادية الاختزالية أن 
حالات الوعي الذاتية سيتم إعادتها وتقليصها في حالات دماغية مادية. وهذا 
لاا يحل مشكلة الوعي الصعبة. من المستحيل أن نعرف كيف يكون الحال 
لكائن حي معين أن يعيش حالة ذاتية بمجرد ملاحظة مجموعة من الخلايا 
العصبية التي تنطلق. تمامآ كما الحال مع الماديين الإقصائيين» لا يستطيع 
الماديون الاختزاليون حل المشكلة الصعبة. وهكذا يتم تجاهل الوقائع 
الذاتية الداخلية لمرة أخرئ. يوضح ذلك البروفيسور ريفونسو قاتلا: 

«لايزال يبدو واضحا أن الحديث عن الاطلاقات العصبية والتفعيلات 
والتعطيلات في مناطق مختلفة من الدماغ أو التزامن التذبذبي في التعجمعات 
العصبية؛ ليس مثل الحديث عن الشعور بالآلم أو الإحساس بالآلوان أو 
المشاعر الحماسية أو الأفكار الداخلية» ولن تكون مثلها أبداً. مااتم إهماله 
- أولاً وقبل كل شيء - هو الجانب الذاتي من الأحداث الذهنية الواعية»”. 


)غ20 المصدر السابق» ص (57). 
هم المصدر السابق» ص (5 5). 


ليلدلا 


- "هو فقط ما تفعل": المنهج السلوكي: 

منهج آخر يشترك مع استنتاجات المادية الإقصائية هو المنهج 
السلوكي. تفترض السلوكية أن الوعي يُعرّف من منطلقات سلوكية. ويؤكد 
السلوكيون أن الشخص يعيش حالة وعي معينة فقط إذا كان يمكن أن يتحقق 
منه عن طريق سلوك الشخص نفسه (مثلا: تشعر سوزان بالآلم بعد أن 
صعقت بواسطة شيء.؛ وتصرخ «آخ!)). تدكر السلوكية التجربة الواعية 
الذاتية» وتعرّف الوعي بأنه الطريقة التي نتتصرف بها وليس الطريقة التي نحن 
عليها. ينكر هذا الاتجاه مشكلة الوعي الصعبة؛ لأنه لا يسلّم بأنه يمكن أن 
يكون للشخص حالات ذهنية بدون أن يكون هناك أي سلوك. وكما يقول 
الفيلسوف ديفيد لاند» نحن لا نستطيع أن نتجاهل حقيقة أننا نعيش حالات 
ذاتية داخلية لا تظهر دائمً في سلوكياتنا”". 

تجعل السلوكية الحالة الواعية مطابقة للحالة المادية. المشكلة مع هذا 
المنهج هو أنه يتجاهل حقيقة أن الحالة الواعية هي التي تتسبب بالسلوك. 
على سبيل المثال» الألم هو ما يستثير سوزان لتقول «آخ!», ولذا فالألم وقول 
«آخ!» ليسا متطابقين. 

- «فقط مجموعة من المدخلات والحالات الذهنية والمخرجات»: 
المنهج الوظيفي: 

يرئ الوظيفيون أن الوعي عبارة عن الوظائف أو الأدوار التي يلعبها 
228[ :هآ اء5 كتامكءكم0© عط 0هة متكتلةن1 يسكتلدت:]110 (2014) .2 ,لصتد1 (1) 


:م .ع1061625 ثم :1011311512 0001122013177 .(.0ع) .11 ,لامخصاطه0] له .ىم 
7 .2 رع1]011116085 


ليل 


والتي تنشأ عن مجموعة من العلاقات في الكائن الحي أو النظام. وتعرّف 
الوظيفة بأنها علاقة بين المدخلات والحالات الذهنية والمخرجات. فعلئ 
سبيل المثال» إذا رأيت الباص قد وصل (مُدخَل)» أعيش حالة ذهنية من 
القلق وهي أني قد أكون متأخراً بسبب احتمال فوات الباص علي (حالة 
ذهنية)؛ ثم أجري باتجاه محطة الباص (مُخْرّج). يؤكد الوظيفيون علئ أن 
الوعي مشابه لبرامج الحاسوبء وينشأاً من نماذج معقدة في الدماغ". واجهت 
الوظيفية عدداً من الاعتراضات”. وأحد هذه الاعتراضات هو أن الوظيفية 
غير قادرة علئ البحث في حالات الوعي الذاتية لأن هذه الحالات لا يمكن 
فهمها من وجهة نظر وظيفية”. فلا يلزم أن يُقال أننا بمجرد معرفة كل 
المدخلات والحالات الذهنية والمخرجات سنعرف بطريقة ما كيف يكون 
الحال لكائن حي معين أن يجرّبٍ ويعيش حالة ذهنية. أستطيع أن أفهم أنه 
عندما ير شخصٌ كلب خطراً يجري نحوه (مدخل)» فإنه سيعيش تجربة 
الخوف (حالة ذهنية)» ثم سيهرب لمكان آمن (مخرج). ولكنء بمعرفة 
العلاقات بين المدخل والحالة الذهنية والمخرجء لم أقترب من فهم كيف 
يكون الحال لشخص أن يكون في حالة ذهنية معينة. وعودةً إلئ المثال 
السابق» فأنا لا أستطيع معرفة كيف يكون الحال لشخص آخر أن يعيش شعور 
لعتموعاس[ طتتر اع لخ #زامه5ماتطط عصتعدلمهصآ (2005) .1 بدمصواهه (1) 
.ص( ,ووع21 01571517لآ 071010 :07<1010 .1801010 طاة .دع ستلدع ]1 
مصنله26 .(.له) .]1 بأءه81 نمآ .سمتتهدمتاعصبط طكت وعاطدمعا (1980) .11 جاءه 81‏ (2) 
نواه كتصلآ لمتمتصوكط نشاة رمعل تتطتصة2 .وو هامطءنووط 2ه تؤطامهدمائطط عطا مذ 
.268-05 .مم ,1 1701 
همه .]1 ,كمقصصاء7؟ :مآ .قتلهن© مه مسكتلهدمتعصيخ (2008) .1 واعتان0 مو (3) 


:2010 .002561011552655 10 102تتلمططهن) 1اأعلكاعدا8 عط1 .(.له) .5 ,تعلاعصطعءم 
.2 رع قتطد اطنط لاع وساعةا8 


أن يُهدد بواسطة حيوان خطير. لا ينشأ من فهم كيف ترتبط الحالات الذهنية 
بالمدخلات والمخرجات معرفة كيف يكون الحال أن يكون شخص في تلك 
الحالة الذهنية. يرئ كثيرٌ من الأكاديميين أنه بالرغم من انتشار المدرسة 
الوظيفية إلا أنه ليس لها ثقل كبير عندما يتعلق الآمر بحل مشكلة الوعي 
الصعبة”. 

- ''هوفي التعقيد"': المنهج المادي الانبثاقي: 

تعتمد هذه الفكرة على مفهوم الانبثاق ©0©6عع122618ه6. يحدث الانبثاق 
عندما تصبح الأشياء منظّمة بطريقة ة تجعلها تتحول إلا أشياء معقدة ولها 
علاقات سببية متشابكة ومن هنا يكون نشوء ظواهر جديدة". هناك نوعان من 
المادية الانبثاقية: القوية والضعيفة. 

تقول النسخة الضعيفة أننا في النهاية اي الاك ب 

العمليات المادية. قد تفسر النسخة الضعيفة للمادية الانبثاقية كيف ينبثق أو 
ينشأ الوعي من العمليات المادية» ولكن لا يلزم من أن ذلك سيؤدي لمعرقة 
كيف يكون الحال لكائن واعي أن يعيش تجربة ذاتية داخلية. هل سيذهب 
غموض الوعي الذاتي عندما نفهم كيف ينشأ من عمليات مادية معقدة؟ إذا 
كان كذلك» 0 ا ا ل 


يي مي ل 


.17717,2.9اع[ط511 01 ععمعاهء5 عط1' :55ع101152ء0005) (2010) .ةل ,متاكطم5ع1 (1) 
© المصدر السابق» ص (؟؟). 


الملا 


مادي بدون أن يخبرنا أي شيء عن كيف يكون الحال أن تعيش تجارب واعية 
ذاتية©. 

أما النسخة القوية من المادية الانبثاقية فتقول أن الوعي الذاتي هو ظاهرة 
طبيعية» ولكن وجود أي نظرية فيزيائية تحاول بحث حقيقته هي خارج قدرة 
العقل البشري. يقول ريفونسو أن المادية الانبثاقية القوية لن تكون قادرة على 
معالجة الوعي الذاتي علئ الإطلاق» حتئ لو كان لدينا النظرية الصحيحة» 
فإنه اسيكون مساوي لما يمكن أن تفعله فئران الهامستر بكتاب تشارلز 
داروين «أصل الأنواع» لو ضعت نسخة منه في قفصها»”. 

- هل سيتمكن العلم فيما بعد من تفسير الوعي الذاتي؟ 

كما نرئ في المناهج المادية المذكورة آنفاء الحجة الرئيسية هي أن 
التفسير العلمي سيغلق يوم ما الفجوة الحالية في معرفتنا. ولكن هذا المنهج 
لا يقدم تفسيراً كافي] للوعي حيث أني أعتقد أنه نوع من مغالطة «علم 
الفجوات). 

عندما نتفحص المنهج العلمي وفلسفة العلم» سنجد أن التجارب 
الواعية الذاتية هي خارج نطاق النشاط العلمي. أتت النجاحات العلمية 
السابقة من واقع أغبا كانت قادرة علئ ملاحظة الظواهر الجديدة أو تقديم 
نماذج نظرية جديدة قامت بتفسير بيانات ملاحَظّة الموجود. لا يمكن فهم ما 
يشابه كائن واعي معين من خلال العلم. العلماء منحصرون بالملاحظات 


)غ20 المصدر السابق» ص (59-:575). 
© المصدر السابق» ص .)7١(‏ 


" 


التي لديهم؛ لآن العلم «مُجبر على حصر تركيزه على المشاكل التي يمكن 
للملاحظات حلها)". وبما أنه من المستحيل ملاحظة الوعي الذاتي (منظور 
المجرب نفسه) من زاوية الأشخاص الآخرين» فإن العلم لا يستطيع أن 
يعالج قضية الوعي الذاتي. 

وكما ذكِر سابقا» حت لو استطعنا معرفة كل شيء عن الدماغ» فما زلنا 
غير قادرين علئ معالجة مشكلة الوعي الصعبة. يشير نشاط الدماغ إلئ أن 
هناك شىء يحدث فقطء لا عن كيف يكون الحال لذلك الشىء أن يحدث. 
وحتئ لو تم تحديد كل الأنشطة العصبية-الكيميائية في دماغ شخص ما وتم 
ربطها بما يخبره هذا الشخص عن تجربته الذاتي» فلن يستطيع العلم أن يفصّل 
في تجربة ذلك الشخص بالتحديد أو لماذا تنتج هذه التجربة من عمليات 
مادية. 


حتئ ولو - بعد عشر سنوات من الآن - تم تطوير نظرية علمية جديدة 
أو تفسير بيولوجي للوعيء فلن تكون قادرة علئ تحديد كيف يكون الحال 
لشخص أن يعيش تجربة ذاتية» أو لماذا تلك التجربة الذاتية المعينة تنشأ من 
عمليات مادية. إن تجربة الوعي الذاتية هي خارج نطاق التفسير العلمي. 
وعلى ضوء ما سبق» فإن المحاولات المادية لتفسير الوعي تخفق بشكل 
كامل. ويلخص عالم الأعصاب الفسيولوجي جون إكلز و5عاءءع8 صطول هذا 
الفشل بدقة قائلاً: «أرئ أن الغموض البشري يُمتهن بشكل لا يُصدق بواسطة 


01605 ع1 .24 ,لتنن لطه .5 ,2511105 :صآ .مداع تامساط (2010) .8 رعطم5ة (1) 
--137 .م76 رع26ع51 01 تإطامه1105ط2 م1 مامه صبمه 0 


رض 


الاختزالية العلمية بما يدعيه في المادية المأمولة...) ©. 

اتجاهات غير مادية: 

تعترف هذه الاتجاهات بأن هناك ما أكثر للواقع من المادة. وهذه نظرة 
يقرها الإسلام والألوهية بشكل عام. نحن أكثر من مادة وطاقة؛ فهناك مكون 
روحي في وجودنا. ومع ذلكء فهناك العديد من هذه الاتجاهات التي تمبدف 
لتفسير الوعي من دون الاعتراف بوجود الإله أو استحضاره. سأنتقد هذه 
الاتجاهات وأشرح كيف أن الألوهية تمثل أفضل طريقة عقلانية لتفسير 
الوعي. 

- "هما مختلفان» ولكننا لا نعلم كيف": الثنائية: 

وفقا للثنائية التفاعلية» الوعي والدماغ شيئان مختلفان؛ فأحدهما مادي 
والآخر غير مادي» ومع ذلك فكلاهما يتفاعل مع الآخر. ويعتبر هذا التفسير 
للوعي حدسي جداً ويفسر تجاربنا اليومية. علئ سبيل المثال» نمرٌ بتجربة 
وهي أن الحالات الواعية يمكن أن تتسبب في حالات مادية والعكس. لو 
كنت أعيش تجربة واعية ذاتية للحزنء فإنها يمكن أن تتسبب بحالة التجشم أو 
البكاء المادية. وعلئ العكسء لو كنت ضربت برأسي شيئاء فأنا سأشعر 
بحالة الألم الذاتية الداخلية. 

يقول ريكاردو مانزوتي وباولو موديراتو في مقالهم «علم الأعصاب: 
الثنائية متنكرة» أن كثيراً من علماء الأعصاب - وعلئ عكس لوازمهم 
الفلسفية- يتبنون الثنائية من دون قصد. واستشهدوا باتخاذ المادي كريستوف 


:م .اء5 عط 01 100لأوع01 ,متوو8 عط 01 ص هتامح (1989) .0) .ل ,وعاععط (1) 
.2 ,ع1]01111608 


3 


كوتش موقفا ثنائيا: 

«الذاتية مختلفة جذرياً عن أي شيء مادي لدرجةٍ تصعب معها أن 
تكون ظاهرةً انبثاقية... لا أرئ طريقة يمكن من خلالها وصل الانقسام بين 
المخلوقات الواعية واللاواعية عن طريق زيادة في الخلايا العصبية. التجربة 
والمنظور الداخلي لدماغ يعمل هو شيء يختلف تماما عن الشيء المادي 
الذي يتسبب به ل علئ الإطلاق إرجاعه بالكامل لمكونات الدماغ 
المادية... أعتقد أن الوعي هو مكون أساسي وأولي للمادة الحية. لا يمكن 
إنشاؤها من شيء آخر؛ فهي مادة بسيطة»)”. 

فإما أن كوتش يقصد «الروحية الشاملة» وهو منهج يرئ أن المادة كلها 
فيها وعي, وهذا سيناقش لاحقا) أو يعترف بأن هناك عنصر آخر بمثابة وعي 
غير مادي (مادة ذهنية). ومن هذا المنظوره أتفق مع استنتاج مانزوتي 
وفوةيزاتق بآن كثيرا مخ غلحاء الأعضات الداذيين يعون يبي الام إلى تبني 
نوع من أنواع الثنائية. 

اعتراض رئيسي علئئ الثنائية هو بما أن الحالات الواعية والدماغ 
يختلفان جذرياء فمعرفة كيف يتفاعلان تكون مستحيلة. وهذا ما يعرف 
بمشكلة التفاعليين؛ فلا يوجد - وفقا لبعض الفلاسفة - تفسير مترابط 
منطقياً لكيف ولماذا يتفاعل الدماغ المادي والوعي غير المادي”. ومع 
نمآ .عومتناعو1ط صذ ممكتلهنا2 :ععمعكءوممته21 (2014) .2 ,منهمع2100 لصه .2 بتامعمدل 3‏ (1) 
عقدعلة2 له بسمتاقنا توتهنوممعتمه0© .(.60) .181 بدمعصتطمه لطة ىل ,1393228 
2 .م ,011416086 :مملعصتطم 

نمآ .ءومتناعولط صذ ممكتلهنا2 :ععمعءوممته21 (2014) .2 ,منهقع1100 لصة .8 بتامعصة11 (2) 


.06125 لل :1011211552 0021222013177 .(.0ع) .11 ,لامعصتطه1]0 0مة .ى ,1313220 
2 .2 وع1601111608 :5002 12طاخر 


>32» 


ذلك. فهذا الاعتراض مبني على افتراض خاطئ وهو أنه إذا لم نعرف كيف 
يكرك )3 سي للا افإنلالا يوحن لديا درن يعععلنا تعتشن أن 76 بسنت ا 
هناك الكثير من حالات التفاعلات السببية التي نعرف بها أن شيئا يسبب شيئا 
آخر من دون معرفة كيف يحدث ذلك. علئ سبيل المثال» نعرف أن قوة 
الجاذبية تستطيع التأثير علئ حركة أحد الأجرام السماوية» ولكننا لا نعرف 
كيف يحدث هذا التفاعل. 

فعلئ الرغم من أن الثنائية تمثل منافس] قويا للبديل الألوهيء إلا أنه في 
حال تم تبنيها في إطار غير ألوهيء فإنها لن تعالج السؤال الأساسي المتعلق 
بكيف يمكن لعمليات مادية غير واعية أن تنشئ أو تنتج الوعي غير المادي. 
بالإضافة إلى ذلكء فالتفسير الألوهي يقدم تفسيراً أكثر تماسكا فيما يتعلق 
بكيف يتفاعل دماغ مادي مع وعي غير مادي. ولهذا فإن نوع] ألوهيَ من 
الثنائية هي أفضل منهج مترابط منطقي (انظر قسم «الإله هو أفضل تفسيرا 
فيما يلي). 

- "هو حادث محظوظ": الظاهرة المصاحبة: 

في هذه النظرية» حالات الوعي تختلف عن الحاللات المادية» والحالاات 
المادية تتسبب في حالات الوعي ولكن العكس غير صحيح. وبهذا الشكل» 
تكون حالات الوعي عاجزة من الناحية السببية. أحد الردود المشهورة علئ 
الظاهرة المصاحبة هو أنه إذا كان ذلك صحيحاًء فإن الإحساس بالألم في 
يدي (تجربة واعية) بسبب لهب حار لا يلعب دوراً في تحرك يدي مبتعدةً 
(حالة مادية). مثال آخر وهو أنه لو كنت تمر بالتجربة التعيسة التي يلاحقك 


"5 


فيها شخص سكران عازمٌ على رميك بقارورة مكسورة؛ فإن رؤية القارورة 
متجهة إليك قد تخلق تجربة خوف واعية» ولكن هذا الشعور بالخوف لن 
حادث عشوائي. هذا الشيء يناقض فهمنا الأساسي للواقع البشري. نعلم أن 
لدينا ردات فعل مادية (جسدية) بسبب حالات الوعي الذاتية» وأننا نعيش 
مشاعر وتجارب ذاتية تتسبب فيها أسباب مادية. لو كانت الظاهرة المصاحبة 
صحيحة؛ لانهار علم النفس البشري. تخيل فقط أن مريضاً بالاكتئاب يخبر 
ظبيبة النقنى أن شعوره:الداخلى بالاكغات فوما يسبب لهتوبات القلق» 
فيتم إخباره بأنه لا علاقة له بالآمر. 

- "كل شيء واعى"': الروحية الشاملة: 

بحسب هذه الفكرة» فإِن المادة تحتوي علئ نوع من الوعي الذاتق . 


46 


0 


فالوعي هو مكون جوهري داخلي من مكونات الكون ويلعب دوراً سببيا. 
ومن ضمن أنصار الروحية الشاملة البروفيسور ديفيد شامرز وتوماس نيغل 
اععةآآ 5. فبما أن كل جزء من المادة يحتوي علئ وعي. فوعي 
الدماغ هو مجرد تراكم لهذه الأجزاء من الوعي. يرئ أحد أشكال الروحية 
الشاملة أن المادة كلها واعية بنفس الطريقة التي يكون فيها البشر واعين. 
ويؤكد الشكل الآخر للروحية الشاملة علئ أن الوعي الذي تحتويه المادة هو 
في حالة أساسية» وهو ما يُعرف أيضا بالوعي الأولي أو الوعي البدائي. 

هناك جملة من المشاكل مع الروحية الشاملة. أولء يعجز هذا المنهج 


عن تقديم تفسير كافي سواء فيزيائي أو ماورائي لكيفية احتواء المادة على 


ا" 


وعي. من أين أت الوعي؟ وكيف يتواجد مع المادة؟ عجز المنهج الروحي 
الشامل عن الإجابة علئ هذه الأسئلة يُضعف أي تفسير فيزيائي أو ماورائي 
له. ثانيا» لا يوجد هناك أي أمثلة علئ تواجد الوعي خارج التجارب الذاتية 
للكائنات الحية. فعلئ سبيل المثال» ماذا يعني الآلم بدون «أنا» أو «نفس»)؟ 
ماذا يعني وجود وعي بفكرة بدون «مفكر)؟ تدل هذه الآسئلة علئ أن الوعي 
له معنئ فقط مع كائن واعي موحد يعيش مجموعة من الحالات الذاتية. 
الشاء كيف يمكن لتجربة وعي موحٌّدة أن تخرج من أجزاء كثيرة من المادة 
وكل جزء يحتوي علئ شكل من أشكال الوعي؟ إذا كان كل شيء يرتبط 
بعمليات منفصلة في الدماغ والتي تعالج ألوان الشيء وأشكاله وتركيباته. 
فكيف تستطيع إذاً أن تجتمع وتكوّن تجربة موحدة ذات معنئ؟ إذا كانت 
تجاربنا الواعية مجرد نتيجة لعناصر واعية كثيرة محتواة في الأجزاء المادية 
التي تكون الدماغ» فإن تجربتنا لن تكون مترابطة أو تكون أقل توحداً. يعلق 
الروفيسور إدوراد فيزر 176561 28078304 على المعنيئا الموخّد للتجربة 
الواعية المنفردة ويوضح أن تجاربنا ليست مجرد جمع من عناصر واعية 
مختلفة» وأن تجاربنا لها شعور موخٌّد. ويقدم حجته مستخدما التجربة 
الواعية لقراءة كتاب: 

«للتجربة معن أو اعتبار مترابط» ومعنىّ أو اعتبار لنوع منفرد من 
التجربة. أنت لست علئ علم بالشكل» والملمس.ء والآلوان» إلخ.. كعناصر 
منفصلة فقطء بل أنت علئ علم بها ككتاب؛ وأنت (واحد) علئ علم بها 
وليس (جمعا) لا يُحصّئ من الأحداث العصبية التي يعلم كل واحد منها 


01 


- بطريقة ما - عن جانب معين من الكتاب»)”. 

أفضل تفسير هو الإله: 

كيف نفسر الوعي على ضوء هذه المحاولات التي عجزت عن إيجاد 
تفسير متكامل لتجاربنا الشخصية الذاتية؟ المنهج الألوهي هو التفسير الأكثر 
ملاءمة. فمن المعقول جداً الافتراض بأن فاعلاً واعي عليم وله إرادة وقصد 
هو محدث الوعي كله. هنا ثلاثة أسباب رئيسية توضح لماذا الإله هو أفضل 

أولآء هذا التفسير يجيب علئ سؤال لم يستطع أي من الاتجاهات 
الموجودة الإجابة عليه: من أين أتئ الوعي؟ يشرح البروفيسور جي بي 
مورلاند 2101613820 .2 .ل كيف أنه لا يمكن أن يكون أتئا من عمليات مادية 
طبيعية: ١ما‏ نعرفه عن العالم الطبيعي يعطينا أسباب] حقيقية تجعلنا نعتقد أنه لا 
يمكن أن يظهر ذلك الوعي المتعذر تبسيطه منه» فعلئ سبيل المثال» نجد أن 
إعادة الترتيب الهندسي للأشياء المادية الجامدة وتحويلها لتركيبات مكانية لا 
يبدو كتفسير كاني لظهور الوعي»)”". 

إذا كانت المادة والوعي شيئان مختلفان, فإنه يلزم عدم إمكانية أن يكون 
الوعي أتىئ من المادة. حتئ نستطيع تفسير حقيقة وجود التجارب الواعية 
الذاتية» فإنه لا بد أن الإله قد خلق الوعي. ومن هذا المنظورء فإن الألوهية 
تقدم تفسيراً أشمل بكثير. ويقول مورلاند أن الاتجاهات المادية والفيزيائية 

.8 .م ,كله /ااعم0 جلعوى:0 .لصناة غه تتطامهدمائط2 عط1 (2006) .8 برعوء5 2 (1) 


عأواعط1' ذخ :000 015 ععمع ارلا عطا 320 5و5ع155ام1ء5د00) (2008) .2 .ل رلمماع :18/0 (2) 
.2 وع1]01111605 :1125002طلى .الع تناع تل 


4 


للوعي ليس لديها «... طريقة معقولة لتفسير ظهور الخصائص والأحداث 
العقلية الأصيلة المتعذرة التبسيط في الكون... عندما تتم مقارنتها بالمصادر 
التفسيرية الثرية الموجودة في الألوهية....)7. 

ثانيا» تجيب الألوهية عن كيف يمكن أن يكون الوعي قد دخل للعالم 
المادي. كثيراً ما يتفاجأً الناس بكيف يمكن لشيءٍ غير مادي كالروح أن 
يتفاعل (وفي الواقع يتحكم) في أشكال مادية كأجسام البشر والحيوانات» 
ولكن الألوهية تفسر ذلك يطريقة قظرية تعدا إزادة الاله الشاملة والتفوذ 
الإلهي تكفلان عالماً يتفاعل فيه المادي مع غير المادي. يقول تاليفرو 
ع1 1 : 

«ولكن في المنظور الألوهي للوعيء لا صالة خدع ولافعل إلهي 
إعجازي منفصل خلف نشوء الوعي. ينشأ الوعي من الكون المادي عبر إرادة 
إلهية شاملة ودائمة بأن يكون هناك عالم من الأشياء والخصائص والعلاقات 
المادية وغير المادية. فالعلاقة بين المادة والطاقة والوعي وقوانين الزمكان 
كلها تأي من فعل إلهي غامر»”. 

وفق) لمنهج لا ألوهي للوعي. فكأن الوعي قد ظهر هكذا للوجود بدون 
أي تفسير مادي كافي» ولكن الآلوهية لا تواجه هذه المشكلة؛ لأن نشوء 


الوعي يُنظر له وكأنه جزء من الواقع. بما أن الإله واعي وأزلي وعنده العلم 


)غ2 المصدر السابق» ص .)١975(‏ 


.مطة .آ .117 ,01315) :ص0آ .لطتلط عط له مذ 1[مختطدالط (2006) .0) ,متعتوالة1' (2) 
10111605 :125002طخ .97515([دصخ 0111221) ل :152 لة1تطجا8 .(.لع) .2 .ل ,لصقاع1مك13 
1148-9 .مم 


للف 


المطلق» فمن المعقول أن يشتمل العالم الذي خلقه علئ كائنات لها علم 
واعي بنفسها. ويخلص تاليفرو إلئ استنتاج مشابه: 

«من زاوية تطل من منطلق علم كونيات ماديء فإن نشوء الوعي يبدو 
غريبا؛ لأنه يشبه ادعاء "ثم حدثت معجزة". ولكن من زاوية تطل من منطلق 
ألوهيء فإن نشوء الوعي قد يُنظر له وكأنه شيء متجذر جداً في طبيعة الواقع 
ذاته. خلق وعي البشر والحيوانات ليس معجزةً منفصلة» بل هو انعكاس 
للتركيب الكامن للواقع»”. 

فالآلوهية تفسر التفاعل بين حالات الدماغ المادية وحالات العقل غير 
البادية. إزادة الآله وإقزره كدح ينا النفاع ا هو الحووفنهيت أذ هذا 
التفاعل جزء من الواقع الذي خلقه الإله. ببساطة» لو أن المادة هي التي كانت 
موجودة فقط في بداية الكون» لم يكن للوعي أن يوجد. ولكنء لو كان هناك 
- في بداية الكون - نوع من الوعي قد خلق العالم المادي» فإن التفاعل بين 
حالات العقل غير المادية وحالات الدماغ المادية يكون معقولاً. 

ثالشا تفسر الآلوهية قدرتنا علئ أن نعيش حالات وعي ذاتية» وتفسر 
حقيقة أن لدينا إدراك لكيف يكون الحال أن نكون نحن, وأن نتذوق طعم 
الأشياء» ونسمع الأصوات»؛ ونحس بملمس الأشياء. بما أن الكون قد نخلق 
بواسطة موجود أزلي حي عليمء فإنه يستقيم أن نكون قد وهبنا هذه القدرة 


ع 


ص ووه اي و 


علئ أن نكون مدركين لحالاتنا الذاتية الداخلية: « أللّهُلآ إِلَهَ إلا هوَالْسَ الْقَيُومُ 4 
(البقرة:00؟). ( وَهِوَاَللَطِيفٌكَبِيرُ4 (الملك:؛ 0 


200 المصدر السابق» ص .)١5١(‏ 


لف 


للتفسير الألوهي لنشأة الوعي قوة تفسيرية أكبر من التفسيرات المنافسة. 
ولكن يجب أن أؤكد هنا علئئن أني لا أنكر فائدة التفسيرات البيولوجية في 
كشف الارتباطات العصبية» ويمكن عمل البحوث في علم الأعصاب في 
سياق ألوهي بنفس المستوئ من القوة والإنتاج. ما أحاول المناداة به هو 
إضافة الألوهية كأساس فلسفي حتئ نستطيع بشكل كامل تفسير ما لم تستطع 
تفسيره التفسيرات اللاألوهية: مشكلة الوعي الصعبة. وبهذا المعنئ» فإن 
منظوري هو نوع من الثنائية التي يمكن تسميتها ب الثنائية الألوهية. في إطار 
الثنائية الألوهية» لا يُقلل من قيمة علم الأعصاب ويمكن لكل المشاريع 
البحثية فيه أن تقدم رؤيتها واستنتاجاتها المدهشة حول هذا الموضوعء ولكن 
الثنائية الألوهية هي أطروحة ماورائية تقدم تفسيراً متكاملاً. ينادي البروفيسور 
تاليفرو بموقف مشابه: 

«لا أفهم لماذا لا يمكن لعلوم الدماغ أن تستمر في دراساتها حول 
التفاعل النفسي - الجسدي. العجز عن تخصيص الوعي الماورائي مع 
حالات الدماغ لا تمنع - ولو لنانو ثانية - دراسة الارتباطات. وأيضاً. قد 
يكون الشخص ثنائي ويدرس الوعي وحالات الدماغ» والشخص والجسدء 
كوحن اهو وظ تنه دون اكنتر امن أن كداك كني واتكندا فق ملعب :دور 
ماورائياً (ميتافيزيقي). ثنائية العقل والجسد (أو ما أفضل تسميته الثنائية 
التكاملية) هي أطروحة ماورائية... الثنائية التكاملية ليست فرضية علمية 
تتنافس مع أي ادعاءات علمية)”©. 
مآ .ممكتلقت2 عكتتمموعتص]آ 2ه 'متلتطتكمء5 مه عكتصهمء2 عط (2014) .© ,مسعمتلة1 (1) 


.06125 لذ :10112115512 0021222013177 .(.0هع) .11 ,مامعصتط1]0 0مة .ى ,1313220 
.202-203 .جزم رعع 10111160 :ملع اام 


نف 


وجود الله هو متطلب لتفسير التجربة الواعية الذاتية. بالإضافة إلى 
ذلك. إن مشكلة الوعي الصعبة ووجود تجارب ذاتية داخلية تشير بوضوح 
إلئ موجودٍ عليم خلق الكون وخلق القدرة التي تستطيع وأستطيع من خلالها 
إدراك حالات وعينا الذاتية. 

لا يراد لنا أن نعرف الكثير عن الروح: 

سيتساءل القراء المسلمين - ولهم الحق- عما إذا كانت هذه الحجة 
متوافقة مع الدين الإسلامي الصحيح. عادةً ما يتضمن الاعتراض الشائع 
حقيقة أن القرآن صرّح بوضوح بأن الروح هي من شأن أو أمر الله وأن البشر 
أعطوا قدراً قليلاً جداً من العلم حولها: ( وَيَسَعَلُوتلىَ عن لوح فل ألو مِنَأَمْرِ 


مَآ أوتيثم مِنَ العلم إلا قليلاً 4 (الإسراء: 80). 


ررس دس 


رربي و 

وللتوفيق بين هذا التعارض الديني الظاهري» يجب أن يفهم أن الآبة 
تتعلق بجوهر وأصل الوعي أو الروح» وليس وجوده. تؤكد الآية علئ أن 
عنصراً غير مادي هو الذي يحبي الجسد؛ وبعبارة أخرئ هو الروح أو الوعي. 
وهذا بالضبط هو ما قدمته الحجة المذكورة في هذا الفصل؛ وهو أن وجود 
الوعي لا يمكن أن يفسر إلا بمنظور غير مادي. لا يناقش هذا الفصل أي 
شيء خارج ما أشير إليه بالفعل في نصوص التشريع الإسلامي. فعلئ سبيل 
المثال» يؤكد القرآن علئ أن الروح تختلف عن كوننا الماديء وأنها تحيي 
الجسدء وأنها «أنا» موحدة. وأنها مخلوقة خلقها الله. ولذلك» فلا شيء هنا 
يتعارض مع المبادئ والأصول الإسلامية الحنيفة. 

وفي الختام» أعتقد أنه يجب أن نتأمل في حقيقة أن الله يريد منا أن نتفكر 


يدف 


في أنفسناء وبتفكرنا قد نستنتج أنه لو لم يكن هناك إله» فلن نستطيع أن نعيش 


تجارب واعية ذاتية. وبصيغة أخرئ. بإنكارنا الإله» نحن ننكر أنفسنا! 


« أوَلمَ يَتفك روأ ف أنفيبم 4 (الروم:8). 


5 5 
دزي تتا ياي 


5" 


الفصل الثامن: 
الدقة الإلهية 
الكون المصعم 


تخيل أنك استيقظت في أحد الأيام وذهبت إلى المطبخ لإعداد فطورك. 
وفي أثناء اقترابلك من طاولة المطبخ» وجدت قطعتين من الخبز المحمّص 
مدهونتان بالشوكولاته المفضلة لديك؛. ولكن الطريقة ة التي تم دهنهما بها 
كانت مرسومة لتشكل هذه الكلمات: «أنا أحبك). أنت متفاجىئ» ولكن لماذا 
أنت متفاجىع؟ هل تعتقد أن هاتين القطعتين من الخبز استطاعت بطريقة ما أن 
تحمّص نفسهاء وأن الشوكولاته استطاعت أن تضع نفسها يتنلك الطريقة - 
كل ذلك عن طريق الصدفة؟ أم أنك تفترض أن أحد أحبابك قرر أن يستيقيظ 
مبكراً قبلك ويحضّر الخبز مسبقا؟ أي إنسان عاقل علئ هذا الكوكب 
سيرفض أن هذا الشيء حدث بدون أي نية أو سبب؛ لآن الصدفة العمياء 
بشنت تفسير ا كافي] لذلك. 

الكون لا يختلف عن هذا؛ ففيه هندسة كونية دقيقة ومنتظمة تشير إلا 
تصميم موجّه. في الكون مجموعة من القوانين الملائمة التي تسمح بوجود 
الحياق وهو منظّم بطريقة معينة تسمح للبشر بالتنامي. لو كانت القوانين 


"10 


مختلفة أو لم يكن يحتوي على نجوم وكواكب وأشياء ماديّة أخرئ من 
مختلف الأحجام منظّمة بطريقة حسّاسة للحياة» لم تكن لتكون هنا تقرأ هذا 
الكتاب. في الحقيقة» لن يكون هناك حياة علئ الإطلاق. 

تأمل مثالا آخر”. تخيل أنك رجل فضاء تعمل لدئ الوكالة الأمريكية 
للملاحة الجوية والفضاء «ناسا». السنة هي 27017١‏ وأنت ستكون أول إنسان 
يزور كوكب مشابهً للأرض في مجرة أخرئ» ومهمتك هي البحث عن حياة. 
وتببط أخيراء وني أثناء نزولك من المركبة الفضائية لا ترئ إلا الأحجار. 
ولكن, عند إكمالك لرحلاتك» تجد في آخر المطاف شيئاً يبدو كبيت بيئي 
زجاجي. وفي داخله. تجد مخلوقات شبيهة بالبشر تمشي هنا وهناك وتأكل 
وتلعب وتعمل وتعيش حياة منتجة عادية. وتلاحظ أيضاَ أن هناك نباتات 
وأشجار وأنواع أخرئ من المزروعات. وفي أثناء اقترابك من المبنئ» قام 
باستقبالك مفوضين ودودين ودعوك للدخول. وخلال اجتماعك الأولي مع 
هذه المخلوقات الفضائية الودودة» أخبروك بأن هذا المبنئ يحتوي على 
المعدلات المناسبة من اللأوكسجين» ويحتوي أيض] علىئ المقادير الكافية 
من الماء والمركبات الكيميائية التي تسهل عملية إنتاج الطعام والأغذية 
النباتية التي تساعد في البقاء على قيد الحياة. ومن ثم سألتهم - وأنت مندهش 
مما سمغت - عن كيف استطاغوا أن يضنعوا نظام] بيئب] كاملا يعمل 


)1١(‏ هذا المثال مقتبس من عمل للبروفيسور روبن كولنز حول حجة الدقة المتناهية (الكون 
المثالى): 
:2 010164 .112-11211185 320 دضع 1وء0آ1 ,600) (2002) .1 ركستلاهم 0 


-510090200190201'112ت1ع 617156092017 6/1 1مطجا-عصة11125/1م0ع1 /تتلع.طة551ع12.ع مام طا//: تغط 
.00111110010107 


درف 


ويحافظ علئ الحياة. فرد أحد المفوضين قائلاً: «أنه حدث صدفة». 

ومباشرة» يبدأ عقلك بإدراك لوازم هذا الكلام المضحك. التفسير 
الوحيد المحتمل للمبنئ هو أن يكون صَمّم بواسطة كائنٍ ذكي. لا عن طريق 
عمل مادية عكيواشة: 

وبينما تجول هذه الأفكار في عقلك. قاطعك مفوض آخر قائلاً: «إنه 
بورع ا مدت الجمع» 

إذا كان بيتا بيئيَ صغيراً على كوكب صخري يستدعي الاستنتاج بأنه لا 
بد وأن يكون مصمماء فتخيل حجم ما ينبغي أن نستنتجه عن الكون بأكمله. 
الكون - وكل شيء فيه - يسير وفق قوانين فيزيائية. لو كانت هذه القوانين 
مختلفة فلن تكون هناك حياة واعية. يحتوي الكون علئ مليارات النجوم 
والمجراتء. وفي هذا العدد اللا محدود من المجرات يوجد عدد لا محدود 
من الكواكب» وأحد هذه الكواكب هو كوكبنا «اللأرض»). ويحتوي كوكبنا 
علئ تريليونات المخلوقات الواعية. تخيل ما الاستنتاج الذي لا بد وأن نصل 
الهف كان لستموو ناوضر عن لك ندارق اميه سر وت د 
للآجرام السماوية مع القوانين الفيزيائية. 

الاستنتاج الذي لا مفر منه بسيط - وعميق في نفس الوقت - وهو أن 
هذا لم يكن نتيجة للصدفة. 

الأساس الإسلامي: 

لهذه الحجة أساس إسلامي. يشير القرآن للأجرام السماوية وتقلب 
الليل والنهار والنباتات والحيوانات والظواهر الفيزيائية الأخرئ. خلق الإله 


ينف 


كل هذه الأشياء بدقة إلهية: ١‏ آَلشْمْسُ وَآلْقَمَرُ يحُسَبَانِ © وَآَلنَجَمُ وَآلشْجَرُ 
يَسَجَدَانِ © وَآلسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ آلْمِيرَارت 4 (الرحمن:ه - /0. 

لكلمة «الميزان» عدة معاني» ومن هذه المعاني التوازن والدقة الإلهية. 
تشير هذه الكلمة إل أن الكون قد خلق بدقة وتوازن وتناغم. وتشير مواضع 
أخرئ من القرآن إل هذه الدقة الكونية والنظام والتناغم في الكون: « إبِتّ فى 
حَلَقِ السَّمَوتٍ والأنض وَآخْيلَفٍ الْيلِ وَالبَارٍ لآيسر لأولى الألبب » 
(آل عمران:٠19١).‏ « الشَّمْسُ وَآلْقَمَرَ يحْسَبَانِ * (الرحمن:0). 8 وَسَخَرَ لَكُمُ ألَيْلَ 
اولتقي والقر واالخرة لكوي ارهد زوق فى دراك تم انوي 
يَعَقَلُورت 4 (النحل:17). 

يوجد في التراث الإسلامي إشارة إلن تصميم الكون ني سبيل استدعاء 
فكرة الحاجة لمصمم وصانع؛ وقد أستخدمت هذه الحجة في المناظرات 
العلنية أيضا. فعلئ سبيل المثال» يقول الغزالي: كيف يمكن لمن له أدنئ 
عقل بعد أن ينظر في بدائع الأرض والسماء والتشكيل البديع للحيوانات 
والنباتات أن تغيب عنه حقيقة أن هذا العالم الرائع بنظامه الثابت لا بد أن 
يكون له صانع يصمّمه ويتحكم فيه ويوجهه؟ 

دخل أبو حنيفة - أحد علماء المسلمين العظام - في إحدئ المرات في 
نقاشٍ مع ملحدء وروي أن أبا حنيفة استخدم معه حجة التصميم بنجاح: 
«أخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن سفينة في دجلة تذهب فتمتلئ 
بالطعام والمتاع وغيره بنفسها وتعود بنفسها فترسي بنفسها وتفرغ وترجع كل 
ذلك من غير أن يدبرها أحد؟!! فقالوا: هذا محال لا يمكن أبدا! فقال لهم: 


يلف 


إذا كان هذا محالا في سفينة فكيف في هذا العالم كله أعلاه وأسفله!!) ". 

- القوانين الفيزيائية: 

حتيل توجد حياة» لا بد وأنه كان هناك مجموعة من القوانين المناسبة 
والدقيقة. لو كانت هذه القوانين مختلفة ولو بشكل بسيطء فإن الناتج يكون 
كون بدون حياة معقدة فيه» وذلك مثل: 

قانون الجاذبية: الجاذبية هي قوة الجذب بين كتلتين. بدون جاذبية» 
لن يكون هناك قوة تجمع الأشياء لبعضها؛ وبهذا لن تكون هناك نجوم (ولا 
كواكب). وبدون أي نجوم, لن يكون هناك أي مصدر مستديم للطاقة يساعد 
علئ الحياة. سيكون الكون فراغ خالي وقاتم. 

٠‏ القوة الكهرومعناطيسية: هذه القوة النادرة تؤثر في كل شيء في الكون. 
القوة الكهرومغناطيسية مسؤولة عن تزويد الآشياء بالقوة والشكل والصلابة. 
وبدون الكهرومغناطيسية» لن يكون هناك ذرات؛ لأنه لا يوجد شيء يبقي 
علئ الإلكترونات في مدارها. ولو لم يكن هناك ذرات» فلن يكون هناك حياة 
علئ الإطلاق. وتسبب القوة الكهرومغناطيسية أيضاَ الترابط الكيميائي عن 

يق تجاذب الشحنات»ء وبدون أي ترابط كيميائي» لن يكون هناك حياة”. 
أحد الجوانب المهمة التي تتعلق بالقوة الكهرومغناطيسية هو أن لها قوة 


)١(‏ ابن أبي العزء شرح العقيدة الطحاوية. 
7 110251360 .1كتقطة'! اث 01 لعع01) عط 02 212177عتطصطهم0 (2000) .2ج12'-اخى أطت مط1 
25 451261 320 ع1دة[؟]آ 01 عاأتطتاوص] :113201 .1تدحصخ 11200-انلطخ' 20تمتمتخطنك13 
.9 .2 ,101168خ 111 
1011320 له ..آ .1717 ,1018) :0] .اماعتصنوعك [دعاع10معاء1 عط]' (2009) .]1 ,كسمتلا (2) 
11711 :ءزء55ا5 أوعء117 .126010577 121تطدا8 م1 تامتمةصحدهن) لاع جكأاعدا8 عط]' .2 ال 
.6 ملاع لكاءعة81 


للف 


أحادية» ومع ذلك فهي تستوفي عدة متطلبات. يقول البروفيسور جون ليزلي 
عذأوع.آ صطاه1 في كتابه «عقول لا محدودة: علم الكونيات الفلسفي»: 

«الكهرومغناطيسية لها قوة أحادية تمكن من حدوث العديد من 
العمليات المهمة؛ فهي تمكن النجوم من الاحتراق بشكل منتظم علئ مدئ 

متازات انين وتمكن من تشكر الكربون في النجوم» وتضمن عدم أخذ 
الليبتونات مكان الكواركات (والذي كان سيجعل من وجود الذرات أمراً 
مستحيلا)» والكهرومغناطيسية مسؤولة عن عدم اضمحلال البروتونات 
بشكل سريع جداً أو تنافرها عن بعض بقوة (والذي كان سيجعل من وجود 
الكيمياء أمر مستحيل). كيف يمكن لهذه القوة الأحادية ذاتها أن تستوفي 
متطلبات مختلفة كثيرة جداً في الوقت الذي يبدو فيه أن قوئّ مختلفة تمثل كل 
واحدة من هذه العمليات؟)27. 

ربما الجواب المرضي لسؤال ليزلي هو أن هذه القوة موزونة بدقة 
لاستيفاء جميع هذه المتطلبات. 

* القوةالنووية القوية: بما أن النواة مكونة من بروتونات مشحونة 
بشحنات إيجابية» فيفترض بها أن تتباعد عن بعضها كما أن الشحنات تتنافر 
من بعضهاء ولكن النواة تبقئ في مكانها بسبب القوة النووية القوية. لو كان 
الأمر مختلفاء «فمن الأرجح أن يكون الكون محتويً على ثقب أسود 


22) : 7 


:20 .00522010897) 1631طم11050ط لى :دلمتالطا عأاتمقصط (2001) .عزناوعاآ صسطمل (1) 
.م رووع21 2م0لطع12ة1 0 
.2 وأتاعمتتعوعث [دعاع10مع1ء1 عط1 .1 ,كمتل01) (2) 


رف 


« القوة النووية الضعيفة: القوة النووية الضعيفة أقوئ من قوة الجاذبية» 
ولكن قوتها تؤثر في المسافات القصيرة جداً فقط. القوة النووية الضعيفة 
مسؤولة عن تزويد النجوم بالوقود وعن تكوين العناصر الكيميائية. وهي 
مسؤولة أيض] عن التحلل الإشعاعي. وبدون هذه القوة» لن تتمكن الشمس 
من الاحتراق؛ فهذه القوة تلعب دوراً هاما في الاندماج النووي. لو كانت هذه 
القوئ أقوئ أو أضعف بقليل» لم يكن للنجوم أن تتشكّل. 

علئ ضوء الأمثلة المذكورة سابقاً والتي تتعلق بالدقة المتناهية للقوانين 
الفيزيائية» أي شخص عاقل سيسأل بعض الأسئلة الجادة: من أين أتت هذه 
القوانين الفيزيائية؟ لماذا توجد هذه القوانين بدلاً من قوانين أخرئ؟ كيف 
قادت القوانين عمليات مادية عمياء غير عاقلة وغير واعية إلى تسهيل الحياة 
البشرية؟ من دلائل العقل المفكر الوصول لاستنتاج وهو أن واضعاً 
للقوانين» أو رياضيً خارقاً أو عقلاً كونيَ قد خلق هذه القوانين لتسهيل 
الحياة الواعية. 

- النظام الكوني: 

المشهد المنظّم الذي نراه في الكون وتناغمه الفلكي لم يدهش فقط 
الشخص العادي بل سحرٌ أعظم العقول أيضاً. قال ألبيرت آينشتاين 415656 
ماعأقصاظ في أحد المرات: 

«لستٌ ملحداً» ولا أعتقد أن بإمكاني أن الإيمان بوحدة الوجود". نحن 
في موضع كطفل دخل مكتبة كبيرةً مليئة بالكتب بلغات كثيرة. يعلم الطفل أنه 
)١(‏ وحدة الوجود هي عقيدة تزعم أنه لا يوجد خالق ومخلوق وإنما شيء واحد (الناشر). 


زفف 


لا بد وأن شخصا ما قد كتب هذه الكتب. لا يعلم كيف. ولا يفهم اللغات 
التي كتبت بها هذه الكتب. يظن الطفل - بشكل باهت - أن ترتيب هذه 
للإيمان بإله فيبدو لى أن هذا هو موقف أكثر البشر ذكاءً. نرئ أن الكون قد 
نظم بطريقة بديعة ويتبع قوانين محددة ولكننا لا نفهم هذه القوانين إلا بشكل 
باهت. عقولنا المحدودة تدرك هذه القوة الغامضة التى تحرك تشكلات 
النجوم والكواكب)”. 

وحتىا الملحد الشهير ريتشارد دوكنز 1037511825 1161210 قد علق عل 
انتظام الكون. علئ الرغم من أنه يرفض فرضية التصميم ويقدم تفسيره 
الطبيعي الخاصء إلا أنه ما زال يؤكد على ما سحرّ أمثال آينشتاين: 

«ولكن ما أراه وأنا أكتب هذا الكلام هو أني محظوظ لكوني حي وأنت 
كذلك. نحن نعيش عل كوكب قد يتصف بالكثير من الأشياء إلا أنه كامل 
عندما يتعلق الأمر بنوعية حياتنا: ليس حاراً جداً وليس بارداً جداً» مع بعض 
أشعة الشمس اللطيفة والأمطار الخفيفة» ودوران متمهلء واحتفال موسمى 
بالأخضر والذهبي للكوكب... ما احتمالات أن يكون لكوكب أختير 
بعشوائية هذه الخصائص الملائمة)2. 


الكون بالتأكيد منظم بشكل بديع ويُظهر انتظام]ً معقداء ولو كان هذا 


() منقول عن: 
111715157 «مأععصءظ :[ل8 ,وممأععصهط .مم 1عناعآ له ستعامماط (1999) .21 ,تتعستصول 
.0 .م بؤووع21 
.4 .2 ,261511112 :012001آ .153121037 عط ع طاتحكدعتكمل]ا (1999) .]1 ركصك]اكحتة10 (2) 


نف 


النظام مختلفاء فإنه من غير المرجح أن حياة البشر كانت ستتنامئ. هنا بتعض 
الأمثلة التي ينبغي التأمل فيها: 

* موقع كوكبنا: أحد الخصائص التي تساعد علئ إبقاء الحياة هي بعد 
كوكبنا عن الشمس. تقع الأرض في منطقة تعرف بالمنطقة المأهولة» وهذه 
المنطقة تعرّف بأنها «المنطقة التي تعطي فيها النجوم المركزية درجة حرارة 
على سطح الكوكب بحيث لا تتجمد مياه المحيطات ولا تتجاوز درجة 
الغليان»”. لو كان كوكبنا أقرب بقليل من الشمس.ء فإنه سيكون حاراً جداً 
بالنسبة لوجود حياة فيه ولو كان أبعد. فإنه سيكون بارداً جداً بالنسبة لأن 
تتسهل فيه حياة معقدة كحياتنا. 

© جاذبية كوكب المشتري: غياب كوكب المشتري الغازيٌ أضخم 
كوكب في نظامنا الشمسي سيكون له عواقب وخيمة على الحياة. يقول 
بروفيسور العلوم الجيولوجية بيتر وورد 11/850 161»: «هناك احتمال قوي 
بآن الحياة الحيوانية لن تكون موجودة علئ كوكب الأرض اليوم لو لم يكن 
المشتري موجوداً»" يعمل المشتري كدرع كوني؛ فهو يمنع المذتّبات 
والكويكبات من الاصطدام بكوكبنا لأن قوة جاذبيته تجذب هذه الكويكبات. 
وبدون صديقنا الضخم الغازي هذاء فإن تنامي الحياة المعقدة ربما لم تكن 
لكوم كد 

تقول ربيكا مارتن 7131112 11656662 الحاصلة علئ زمالة سيغان من 


5 ج11[ عتعامططهن) تتط/الا ناموط عنته]ا (2004) .لآ ,عع1مه8120 امه [0١‏ .2 ,117500 (1) 
6 .2 ,80015 5ناع[اطتعءم00) :117 011لا 3م81 .عو2ء0015] عطا ما اممصحطمعصن] 


© المصدر السابق» ص ١(‏ ؟-7؟5). 


زففا 


نأسا ؤالن تخصصيت كراتناها جاتير كوكت المطتري؟ انظهروراستنا أن 
جزءاً صغيراً فقط من الأنظمة الكوكبية التي تم ملاحظتها حتئ اليوم لها 
كواكب عملاقة في الموقع المناسب لإنتاج حزام كويكبي بالحجم المناسب 
لتوفير البيئة المناسبة للحياة علن كوكب صخري قريب... تشير دراستنا إلى 
أن نظامنا الشمسي فد بكوق تخاض] جد )0 
كان دوام الحياة صعب جداً لولا وجود كوكب المشتري بسبب عدد 
اصطدامات المذنبات والكويكبات الكبير بالأرض”©". 
« المد والجَزر القمري: حجم قمر الأرض الكبير نسبي مسؤول عن 
الجزر بسبب قوة سحب جاذبيته. عندما تشكّل القمرء كان أقرب إلئ الأرض 
م ما عليه الآن» ولكن بقي قربه هذا لفترة قصيرة» ولو لم يرتدٌ القمر بسبب 
زخمه الزاويٌ» لكان لهذا آثار خطيرة علئ كوكبنا. ومن ضمن هذه الآثار 
الخطيرة هي حرارة سطح الأرض والتي كانت ستمنع ظهور الحياة المعقدة. 
يقول البروفيسور وورد أنه لو كان القمر أقرب لتسبب بثني قشرة الأرض مما 
سينتج حرارة احتكاكية من المحتمل أن تتسبب في انصهار سطح الأرض: 
«مد وجزر المحيطات (واليابسة) التي سيتسبب فيها قمر قريب ستكون 
عظيمة؛ فانثناء القشرة بالإضافة إلى الحرارة الاحتكاكية يمكن أن يتسبب في 
عاك صذ عاطتووهمططة ع6 ه722 ممتاناوبت - * عا لععمو209 مم ,عاتم ملك (1) 
:(2012) أعصهام تصماع 2 غتامطاتة كمعاورك 
لع طم 1 -لععطة:110-201ه2012/11/5/عم1ماء نجد_نوما/لددمع .وده لدع جل تهل. بجتحو//: مقط 
لصغط. ع ) صن ز-ه اجام ط) 1 ممع ]بوهم مل [طزووه مدص 
ره عطا حصة د5ع اتا تطماممص اوعتستقصرط (1996) .0ه .8.8 ممه ث8 ,مأقه (2) 
954-56 :274 ععمعك5 .قمطعاوزة تفاع مهام تداممهمتعرع 01 


5 ع11آ عتعامحطهمن) توط117 :نطتتوط عنتدكا (2004) .لآ ,عع1مم82 لمة 10١‏ .2 ,لنهة117 (3) 
.9 - 238 .مم ,80015 كناء[طاءم0ن) :811 ركتتملآ 597ع81 .ع ؤاء015[] عط ما مممتحطمعمن1] 


درف 


انصهار السطح الصخري)”. 

« ثبات درجة ميلان محور دوران الأرض: القمر مسؤول أيضاً عن 
ثبات درجة ميلان محور الأرض. يقول البروفيسور وورد أنه بالرغم «من أن 
اتجاه الميل اختلف علئ مدئ عشرات الآلاف من السنين في الوقت الذي 
كان فيه الكوكب يتأرجح كما لو أنه في دوامة. إلا أن زاوية الميلان بالنسبة 
للمدار بقيت ثابتة تقريب]»". 

هذه الزاوية بقيت ثابتة لمئات ملايين السنين بسبب قوة سحب جاذبية 
القمر» ولو كان القمر أصغر أو كان موقع الأرض بالنسبة للشمس وبالنسبة 
لزحل مختلفً. فإن هذا لن يوفر «ثبات ني درجات الحرارة للأرض على 
المدئ الطويل»” ولهذاء فلو لم يكن للأرض قمرء فإن مناخ كوكبنا سيكون 
نشيظ وا قديدا وملا للأبد. وكان يمكن فقط للعضويات الصغيرة النشوء 
وأما الحياة المعقدة فلن تكون ممكنة. 

علئ ضوء ما ذكر أعلاه» ما أفضل تفسير لقوانين الفيزياء وللمشهد 
المنتظم لنظامنا الشمسي؟ هناك عدة خيارات: الصدفة» والضرورة المادية» 
والأكوان المتعددة» والتصميم. 

الصدفة: 

حتئ تكون الدقة المتناهية نشأت بالصدفة يعني أنها ظهرت بدون أي 


)غ2 المصدر السابق» ص (/ا57). 


530 


قضبك أوغاية: يعق أنها كائرت نشبحة لأسبات عكنوائية عرضيية تصادفية هذا 


إقرار غير عقلاني. تأمل هذه الرسمة لبروس لي”: 





لو قلت لك أن هذه الرسمة كانت نتيجة صدفة (أن بعضاً من الحبر 
انسكب علئ قطعة من القماش ونتج عنها هذه الصورة) فإنك ستتجاهل هذه 
الفكرة مباشرةً؛ بسبب أن تجاربك وخلفيتك المعلوماتية تخبرك أنها 
مستحيلة. وكذلك لو قلت أن تمثال الحرية كان نتيجة الصدفة العمياء فإنك 


فرضية الصدفة ليست فقط غير عقلانية بل هي نوع من أنواع الخطاب 


(0) نسخة مستوحاة ومعدل عليها من: 
201771120111 .22111 1ناوتكظ 10658150 5قتطننا] -عصاط عط1' (عنهل 00) .لآ ,كستلام 
:]2 ع11361وكم 


5/1110 1011115/171126-10111--/1صل0ع.551312ع12. ع طامط //:ماغخط 
أمم. 1110219020171510902010-3-08 


ذف 


المضاد. ما أقصده بهذا هو أنه لو ادعن شخصٌ أنها بسبب الصدفة فهو مثل 
إطلاق أي نوع من الادعاءات غير العقلانية. فعلى سبيل المثال» قد أتحدث 
مع ملحد وأقول له أنني أعتقد أن أمي ليست في الحقيقة هي المرأة التي 
أدعوها أمي؛ بل هي فيل وردي ضخم مولود علئ كوكب بلوتو وجاءت هنا 
على ظهر ريشة كبيرة. سيدعوني صديقي الملحد بالمجنون» ولكني سأرد 
عليه» بأنه «ما زال هناك مجال للصدفة». تبني فرضية الصدفة يجعل من كل 
الادعاءات محتملة؛ ودور العقل ميركون شيا زاندا راي لافائدة منه) في 
المجال الأكاديمي وني نقاشاتنا اليومية. أستطيع القول أن الإسلام هو 
الحقيقة لأنه هناك فرصة لأن يكون كذلك وسأكون في نطاق حقوقي المعرفية 
بادعائي ذلك؛ لأنه بمجرد ما يتبنئ فيها شخصٌ ما فرضية الصدفة كحجة. 
فهو يفتح الباب لأي شخص أن يدعي ما يشاء. 

الملحد الذي يقبل فرضية الصدفة كتفسير مقبول للدقة المتناهية 
للقوانين الفيزيائية لا بد وأن يُتهم بالازدواجية الفكرية؛ لأنه في حياته اليومية 
لايقبل بالصدفة كتبرير معقول للأشياء بعيدة الاحتمال. مذ مثالا ملحدة 
تطلب من ابنها عدم أكل البسكويت قبل وقت نومه. ولكنها وجدت ابنها 
نائم]آ علئ أرضية الغرفة ووجهه مليء ببقايا من قطع البسكويت وعلبة 
البسكويت مفتوحة بجانبه. ماذا تعتقد أنها ستستنتج؟ هل تعتقد أن فرضية 
الصدفة ستمر بعقلها حتل؟ بالطبع لا. تخيل أن مثل هذا التحليل طَبّق على 
تحويلاتنا المالية» أو في المحاكم أو في السياسة. حياتنا اليومية وشؤون العالم 
واقتصادنا ستكون في حالة من الفوضئا. 


7/ 


كثير من الملحدين يرفعون الشريط المعرفي عندما يتعلق الأمر بالإلهى 
ومع ذلك فهم في حياتهم اليومية يستخدمون معياراً مختلف] والسبب هو أن 
إنكارهم المستمر للآمر البديهي له سبب «عاطفي» (وقد يقول البعض 
«روحي) أيضَ). ما يُدعئ بالحجج المنطقية ما إلا غطاء لإخفاء المشكلة 
الفعلية وهي التكبر بعدم الرغبة بعبادة الإله (انظر الفصل الخامس عشر). 

- ولكن ما زال هناك صدفة! 

ما زال هناك بعض الملحدين الذين يجادلون بأنه ما زال هناك احتمالية 
- مهما كانت غير معقولة - بأن هذا النظام الكوني ليس نتيجة أي نية أو غاية» 
وبقولون أن كوننا الذي يسمح بوجود حياة موجود بسبب حادث محظوظ 

للإجابة علئ هذا الاعتراض» خذ مبدأً الأرجحية في الاعتبار. العقل 
العقلاني سيتفق علئ أنه حينما تكون مجموعة من البيانات غير مرجحة في 
فرضية معينة» فإن هذه البيانات تحسب كدليل يدعم الفرضية الأرجح منها. 
دعني أوضح هذا المبدأ بمثال. تخيل أن اختبار إثبات أبوّة للطفل جورج 
توجّب أن يُجرئ علئ بول لآ وجون كا. تقول الأم أنه من الأرجح أن بول لا 
هو الأب البيولوجي. بغض النظرء هي غير متأكدة وتريد إجراء اختبار إثبات 
الأبوة عليهم جميعا؛ ومع ذلك. فجون ا يعتقد أنه هو الأب ومصرٌ على 
إثبات ذلك. 

خرجت نتيجة تحليل الحمض النووي الدي إن أيه 2714 لتقول بأن 
الحمض النووي للطفل جورج يشير لآأبوة الحمض النووي لبول لا أما 


للف 


الحمض النووي لجون ا فهو لا يشير إلئ تلك الأبوة» وعلئ ضوء هذا 
الدليل» ففرضية الأم أرجح بكثير» وفرضية جون ]7 لم تدعمها البيانات علئ 
الإطلاق. وفقا لهذا المبدأ (مبدأ الأرجحية)» فكلا النتائج (نتائج بول ونتائج 
جون) تدعم فرضية الآم؛ لأنه حت تكون فرضيتها صحيحة» فلا بد لنتائج 
الحمض النووي لجون ألا تشير إلئ الحمض النووي للطفل جورج» وكذلك 
لا بد لنتائج الحمض النووي لبول أن تشير إليها. ولذلكء فالبيانات تدعم 
فرضية الأم ولا تدعم فرضية جون. 

أفضل تفسير لبيانات الدقة المتناهية للكون هو التصميم وليس الصدفة؛ 
لأن الدقة المتناهية تدعم القول بأن هناك نوعٌ من التخطيط الذكي المسبق لا 
مجموعة من الأسباب العرضية العشوائية التصادفية. وبتطبيق هذا المبدأ (مبدأً 
الأرجحية) علئ الحجة التي قدمتها حتئ الآنء يمكننا أن نرئ أن البيانات غير 
مفهومة في ظل فرضية الصدفة وأن الأنسب لها هي فرضية التصميم. 

ضرورة مادية؟ 

وفقا لنظرية الضرورة المادية» فإن النظام الكوني يجب أن يكون علئ ما 
غليه:هذااخطأ لسية: أولآ ستوحب علينا أن تعفن :ا سححالة وجوه كون 
لا يسمح بوجودناء وهذا ليس هو الحال. كون آخر بقوانين مختلفة قد يكون 
خلق”. يقول الفيزيائي بول ديفيس 1030165 78101 أن «الكون المادي ليس 
يتوجب أن يكون علئ ما عليه؛ فيمكن أن يكون بشكل مختلف)”". 
وعناءع0 اوركف لمة طتدصا ممتامتمط تطنته عاطهدمدمعه (2008) .آ .10] ,عنمن (1) 

.م ,8001 /02055123 :كأمصتلا] بدمتوعط/11 


31 انا 101 لاعمتدعءد عطا 20د ععمعاءد :00 01 لمصتل8ة عط]' (1993) .2 روع1هةا (2) 
.169 .12 ,265811112 :102001 .11311285 


أففا 


انيآ» من يقول أنه توجب عائ الكون أن يسمح بوجود الحياة يدّعون 
أمراً لا دليل عليه. عوداً علئ قياس الخبز المحمّص السابق» فهذا مثل النظر 
إل الشوكولاته المدهونة عل شكل «أنا أحبك» والقول بأنها كانت يجب أن 
تكون هناك» ومن الواضح أن هذا خطأ؛ لأن الخبز كان يمكن ألا يُحمّص 
وكاة ينك للكتوكر لأته أن دل بالزيدة 

أكوان متعددة؟ 

يقول البعض بأنه يمكن تفسير الدقة المتناهية عن طريق افتراض وجود 
أكوان عشوائية كثيرة» وأحد هذه الأكوان هو كوننا. إذا كان عدد هذه الأكوان 
كبيراً جداً فإن احتمالية وجود كون يسمح بوجود الحياة ستكون معقولة. 
وبالعودة إلئ مثال الرسمة السابقة لبروس ليء فنظرية الأكوان المتعددة في 
واقع الأمر تقول أن سكب الحبر عددا مهولاً من المرات قد يُنتج لنا صورة 
بروس لي. هناك عدة نسخ من نظرية الآكوان المتعددة» وليس هذا مكان 
استعراض كل واحدة منهاء ولكن هنا عدة نقاط أساسية تجعلنا نستبعد نظرية 
الأكوان المتعددة عموماً. 

أولآ» نظرية الأكوان المتعددة نظرية فيها زيادة غير ضرورية؛ فهي 
تضاعف الأشياء بلا ضرورة إلئ ما أبعد من الحاجة. يقول البروفيسور 
سواينبيرن ©12ناط51:126: «من الجنون افتراض وجود تريليون من الأكوان 
المترابطة سببيا لتفسير خصائص كون واحد في الوقت الذي يمكن فيه 
افتراض شيء واحد (الإله) ويفي بالغرض»)”. 


(1) منقول عن: 
.9 600 2 15 عتعط]1' (2007) .لل ,هع ]1 


يفا 


ثانيا» لا يوجد دليل يدعم نظرية الأكوان المتعددة. يقول البروفيسور 


أنتوني فلو: «... حقيقة أن احتمال وجود أكوان متعددة بقوانينها الطبيعية أمر 
منطقي لا يث كنع أن هل الأكر اذهو كود ة: لا يوجد دليل حالي يدعم الأكوان 
المتعددة. وتبقا فكرة نظرية)”". 


ليس فقط أنه لا يوجد دليل يث يثبت الأكوان المتعددة» بل هي فكرة ة غير 
علمية. يوضح باحث ما بعد الدكتوراه في معهد سيدني للفلك لوك بارنز 
8 ععلناءآ كيف أن نظرية الأكوان المتعددة تعتبر خارج مجال 
الملاحظة: 

اعلّمنا تاريخ العلم بتكرار أن الفحص التجريبي ليس خياراً إضافياً. 
الفرضية التي تقول أن الأكوان المتعددة موجودة فعلي ستبقئ على الدوام 
غير قابلة للفحص. أفضل سيناريو متفائل هو في حال أتت نظرية فيزيائية -تم 
اختبارها بدقة علئ كوكبنا- وتنبأت بآلية لتوليد الأكوان. وحتئ في تلك 
الحالة» لن يزال هناك أسئلة خارج نطاق الملاحظة مثل ما إذا كانت الظروف 
الأؤلئة المتروروية الهو التطى عل ما وواه التعاة:ت إقنافة إل أن العجلية 
التي ينتج عنها كون جديد ستكون علئ الأرجح غير قابلة للملاحظة)”". 

أكثر نسخة لنظرية الأكوان المتعددة شيوع)ً - بتأييدها من قبل علماء 
كونيين بارزين وفيزيائين نظريين - هي الفكرة التي تقول أن الأكوان يتم 


.كنآ أطعع 1 [اعام[ا 101 ع15ع10منآا عغطا 01 عمتصنا]-عصاط عط1 (2011) .لح .]ا ,وعستوط (2) 
:3 ع11361و'كث .170101037]اكى :101 عأتطتامم]آ تزعمل ردك 
011111247711 5/5 01. اكلكطته//: مط 


زرف 


توليدها عن طريق عمليات فيزيائية أو مجموعة من القوانين. وفي واقع الأمرء 
فهم يقولون أنه يتوجّب وجود قوانين فيزيائية حتئ يمكن للكون (وكل 
الأكوان الأخرئ) أن تنشأً. المشكلة مع هذه النسخة من نظرية الأكوان 
المتعددة هي أن الإيمان الذي يتطلبه إنتاج عملية مادية للأكوان أكثر من 
الإيمان الذي يتطلبه الإيمان بالإله؛ لأنه سيتوجّب علينا أن نؤمن بأن عمليات 
مادية تظهر نفسها بطريقة سحرية بدون أي تفسير! بالإضافة إلئ ذلك» سيبقئ 
من ضمن حقوقنا المعرفية أن نسأل من أين أتت هذه القوانين الفيزيائية أو 
العمليات. ومن المهم أن تكون هذه العمليات الفيزيائية مصممة بشكل جيد 
لإنتاج كون يسمح لوجودنا. ولذاء يبدو لي أن من يؤيد هذه النسخة من نظرية 
الأكوان المتعددة يضيفون تعقيدا جديدا لقيمة الدقة المتناهية والانتظام؛ مع 
عدم تفسير شيء عائ الإطلاق. وعلئ أية حال فلو كانت نظرية الأكوان 
المتعددة صحيحة» فلن تقدم تحديا لوجود الإله (انظر الفصل السادس). 

لا بد وأن يكون مصمّم)! 

لاايمكن تفسير القوانين الفيزيائية والنظام المدهش بالصدفة أو 
الضرورة أو الأكوان المتعددة» ولذلك, فإن أفضل تفسير هو أنه نتيجة 
تصميم. افتراض أن هناك غرض] وتخطيط] مسبقً وذكاءً خلف الكون هو 
تفسير أكثر تماسكا من نظرية الآكوان المتعددة. بساطة وقوة هذه الحجة 
تتجلئ في مثال الشخص الذي يمر بحديقة فيها سرير مرتب من الورود 
المنسّقة علئ شكل عبارة «أنا أحبك» ويستنتج أنها قد صّممت بواسطة 
بستاني. 


م 


خرف 


ومع ذلكء فهناك بعض الاعتراضات التي نحتاج لمناقشتها". 

من صمّم المصمم؟ 

اعتراض من صمّم المصمم يمكن إيجاده في كتاب ريتشارد دوكنز (وهم 
الإله»: «... لأن فرضية المصمم تثير مباشرة مشكلة من صمِّم المصمّم)” 
يدّعي هذا الاعتراض أنه إذا كان هناك مصمّمء فإنه بالتأكيد يتطلب مصمماً 
أيضا. 

أولء يقرر أحد المبادئ الأساسية في فلسفة العلوم أنه إذا تم اعتماد 
تفسيرٌ ما علئ أنه أفضل تفسير ممكن لظاهرة معينة» فإن التفسير نفسه لا 
يتطلب تفسيراً أبعد من ذلك. المثال التالي يوضح هذه النقطة: 

تخيل أن مجموعة من علماء الآثار بدأوا بعد خمس آلاف سنة من الآن 
بالتنقيب في حديقة الهايد بارك ع1قة82 119:06 الموجودة في لندن ووجدوا 
أجزاءً من سيارة ومن باص. سيكون من المقبول منهم أن يستنتجوا أن هذه 
الموجودات ليست نتيجة لأي عملية بيولوجية بل هي نتيجة لحضارة غير 
معرفة. ومع ذلك,. قال بعض المتشككين أننا لا نستطيع الخروج بهذه 
الاستنتاجات لأننا لا نعرف أي شيء عن هذه الحضارة (كيف عاشوا وكيف 
صنعوا هذه الأشياء)» هل سيّحكم علئ استنتاجات علماء الآثار بأنها غير 
صحيحة؟ بالطبع لا. 


ثانيا» لو أخذنا هذا الاعتراض بجدية؛ فإنه سيّضعف أسس العلم 


)١(‏ أنا ممتن لأبي هريرة علئ إضافاته في الرد علئ هذه الاعتراضات. 
.2 ,1061115101 00) عط1 (2006) .]1 ركصك]اكتة10 (2) 


زذنفا 


والفلسفة نفسها. إذا طلبنا تفسيراً للافتراضات الأساسية للعلم (علئ سبيل 
المثال: أن العالم الخارجي موجود). إلى أي مستوئ تعتقد أنه سيصل 
مستوئ تقدمنا العلمي؟ بالإضافة إلئ ذلك لو طبَّنا هذا النوع من الأسئلة 
علئ كل محاولة لتفسير التفسير» فإنه سينتهي بنا الأمر إلى تراجع لا نبائي من 
التفسيرات»ء والتراجع اللانهائي من التفسيرات سينقض الغرض من العلم كله 
من الأصل (والذي هو تقديم تفسير)". 

لا بد وأن يكون المصمّم أكثر تعقيداً: 

اعتراض آخر يقول بما أن التفسير يجب أن يكون بسيط] قدر الإمكان - 
ولايطرح أستئلة أكثر مما يجيب؛ فافتراض وجود الإله لتفسير التصميم 
يفشل. يجب أن يكون الإله أكثر تعقيداً من الكونء فلذلكء القول بأن الإله 
قد صمّم الكون يعقّد المشكلة أكثر. 

هذا الاعتراض لا يعكس مفهوم الإله في الإسلام بشكل صحيح. في 
الدين الإسلامي» ا وتفرّد- واحد. تأمل هذا التلخيص البليغ 
للإله في القرآن: < قُلَ هو آنه أَحَدّ © الله آلصّمَّدُ (© لَمَ يَِدَ وَلَمْ يُولَدَ و وَلَمْ يَكُن 
كفو أحة ؟(الأعلاض :1 ): 

يعلق البروفيسور أنتوني فلو علئ هذه البساطة لمفهوم الإله مشيراً إلى أن 
فكرة الإله هي: «فكرة بسيطة جداً لدرجة أها مفهومة بواسطة جميع أتباع 


لصة .2 0 1 00 1111155 (2009) ع[ .لآ ,01315') .155016 عطا 5ه اماعستامع 
217 1125ع7اقطث :011125 155هةتأمتتطن) 15لا عمتلمعامم0 .(.0ه) .[ 117١.‏ ,علوت 
.2.4 ,010112 ع تقلطئ1اطتاط 8 عى 8 زععووعمع ]1 رعا[تتطموا! .15ماعء[06 “تعطا0 ع 5أواع طم 


درف 


الأديان الثلاثة التوحيدية الكبرئ»)”. 

- هل الإله معقد فيزيائي)؟ 

مشكلة أخرئ مع هذا الاعتراض هو افتراض أن الإله مكون من أجزاء 
فيزيائية كثيرة. والسبب في أن هذا الافتراض مقصود هو حقيقة أن الأشياء 
التي لها قدرات معقدة لا بد وأن تكون معقدة فيزيائيا. إذا كان الإله يستطيع 
الاستجابة لمليارات الدعوات» ويحفظ الكون الضخم. ويعرف كل شيء 
يحدث فيه» فلا بد وأن يكون له تركيبة فيزيائية معقدة. ولكن هذا الافتراض 
خاطئ. القدرة المعقدة لا تعني التركيب المعقد. خذ علئ سبيل المثال شفرة 
الحلاقة المستقيمة ومكينة الحلاقة الكهربائية. مكينة الحلاقة الكهربائية 
يمكنها حلاقة الشعر وشفرة الحلاقة يمكنها أيضاً حلاقة الشعر. كلاهما لديه 
نفس القدرة» ولكن مكينة الحلاقة معقدة أكثر بكثير من شفرة الحلاقة. ومع 
ذلك. فإن شفرة الحلاقة المستقيمة يمكن أن يكون لها قدرات أكثر من 
قدرات مكينة الحلاقة الكهربائية المعقدة فيزيائي؛ حيث يمكنها قطع الفواكه 
ومواد كالكرتون» بل ويمكنها أيض] النحت وعمل الثقوب. 

بناءً على الرد السابق» أعتقد أن هذا الاعتراض يمكن أن يُستبعد بسهولة 
عن طريق التمثيل التالي: أعلم أن البشر معقدون أكثر بكثير من السيارات 
ومع ذلك» فمجرد كون البشر أكثر تعقيداً من السيارات لا يعني أن البشر لم 
يصممها. هذا الاعتبار البسيط كافي لزعزعة الثقة ني الاعتراض الخاطئ 
السابق. 


.600,5 2 15 عنتعط1' (2007) .لح ,وعاط (1) 


غرف 


إله الفجوات؟ 

اعتراض (إله الفجوات» هو اعتراض إلحادي مبتذل» يستخدم هذا 
الاعتراض في الخطاب الإلحادي الشعبي تقريبً كسلاح تمييزي في ترسانتهم 
الفكرية. تستخدم عبارة «إله الفجوات» لوصف الحجج المناهضة لوجود 
الإله المي ياس تخدام الظواهر التي نم يعم اكتشافياعين طريق العلم: 
والافتراض هنا هو أن العلم سيتمكن في نباية المطاف من استبعاد الحاجة 
للتفسير الإلهي عن طريق تقديم تفسيرات للظواهر غير المفسّرة حاليا. وني 
سياق حجة التصميم» فاعتراض (إله الفجوات» ليس له تلك القيمة» وهنا 
ثلاثة أسباب توضح لماذا لا يحمل هذا الاعتراض ثقلاً كبيراً: 

١‏ - عندما يعترض الملحد بهذا الاعتراضء فما يدعيه في واقع الأمر 
هو: باعتبار ما لدينا من بيانات علمية توصّلنا لها حتئ الآن» فإن أفضل تفسير 
لتصميم الكون في الحقيقة هو الإله» ولكن هناك بعض الأمل أنه في وقت غير 
محدد من المستقبل» سيدحض التقدم العلمي حجة التصميم. هذا لا يقل عن 
كونه إيمان أعمئ بالعلم؛ لآنه بمثابة قول: «أن العلم لا يستطيع معالجة هذا 
الأمرء ولكن لدينا أمل بأنه سيقوم بذلك.» 

؟ -يتأزم مأزق الملحد أكثر عندما نأخذ في الاعتبار أن أحد 
الافتراضات الأساسية لاعتراض (إله الفجوات» هو افتراض خاطئ. يؤكد 
هذا الاعتراض علئ أن العلم يوم ما سبيسد فجوة في معرفتناء ولكن العلم لا 
يسد الفجوات دائم؛ فهو أحيانا يقوم بتوسيعها بدلا من سدّها. كنا نعتقد 
قبل ٠٠١‏ سنة من الآن أن الخلايا هي مجرد سوائل من البروتوبلازماء ولكن 


مرف 


منذ خمسينيات القرن الماضي اكتشفنا أن نظام الترميز المعلوماتي الضخم 
موجود ني كل الخلايا. فبدلاً من إجابة هذا الاكتشاف علئ أسثئلتناء وسّع 
الفجوة في فهمنا فيما يتعلق بكيف ظهرت الخلايا الأولئ. 

" - أخخيرأء أود أن أطلب من الملحد أن يتأمل في ما الأسئلة التي أجاب 
عنها العلم فعلة. العلم يعرض الآليات الموجودة في الكون» وكيف تعمل 
الأشياء» وما القوانين الفيزيائية المرتبطة. ولكن بالرغم من هذاء فالعلم فشل 
في تقديم إجابات لها أهمية كبيرة من ناحية عمقها الوجودي؛ فالعلم لم يفسر 
الدقة المتناهية ولا بداية الكون (انظر الفصل الخامس) ولا أصل الحياة ولا 
كيف نشأً الوعي (انظر الفصل السابع). لا يوجد للعلم سجل جيد عندما 
يتعلق الأمر بالإجابة علئ الأسئلة التي لها آثار ما ورائية (ميتافيزيقية) عميقة 
(انظر الفصل الثاني عشر). 

لا أرجحية! 

يعترض البعض علئ الحجة المقدمة في هذا الفصل بأنها غير معقولة؛ 
لأن مصطلحات كالاحتمال والترجيح لا يمكن أن تطبّق عايئ الدقة المتناهية 
للكون وعائ النظام الكوني. يؤكد هذا الاعتراض علئ أن الاحتمال الرياضي 
ألا يمك اف افيه لآن لدي فقط كر 03 واتعرا لظ فح يكين للدينا 
احتمال رياضي» نحتاج أن يكون لدينا توزيع احتمالي. الاحتمال الرياضي 
هوعدد المرات التي يمكن أن يظهر فيها حدثٌ ما مقسّمّا علئ عدد 
الاحتمالات الممكنة كلها. وبما أنه لا يوجد أكوان أخرئ نستطيع 
ملاحظتهاء فلا يوجد عدد للاحتمالات الممكنة. ولهذا السببء. لا يمكن 


/ 


تطبيق الاحتمال الرياضي» وهذا يجعل فرضية التصميم شيء إضافي فائض. 

3 الاعتواض لعن اق بطل فيو سي يردن البعيدة سير رلا 
الاحتمال الرياضي» وهي ليست كذلك. هذا النوع من الاحتمال الذي تأخذه 
في الاعتبار هو معرفي”"» وهو نوع لايعتمد علئ أي مقدار من الاحتمالاات 
الممكنة؛ بل يعالج القبول المنطقي لحدث معين باعتبار ما لدينا من بيانات. 
وبشكل عام., الاحتمال المنطقي يتضمن (فرضية) و(دليل). كلما زادت 
الأدلة علئ فرضية معينة» كلما كان من الأرجح أن تكون هذه الفرضية 
صحيحة. يقدم الدليل دعم لفرضية المحقق. هنا مثال واضح على 
الاحتمال المنطقي. 

لا شيء في الأمثلة السابقة التي تتعلق بالدقة المتناهية للقوانين الفيزيائية 
ولا بالنظام الكوني يتضمن احتمالاً رياضي» وكل ما قيل هو أنه لو كانت هذه 
القوانين مختلفة» فإن وجود كون مؤهل للحياة سيكون غير مرجّح, وأنه 
باعتبار خلفيتنا المعرفية عن الآشياء المصممة. فإنه يبدو أن هذا النظام 
الكوني يؤيد حقيقة أن الكون صمّم لوجودنا. 

أغلب الكون غير مأهول! فأين ما يسمّئ بالتصميم؟ 

يقول هذا الاعتراض أنه إذا كان يُفترض أن الكون صَمّم عن طريق 
مصمّم للكونء فإذاً لماذا يسمح الكون للحياة فقط في جزء صغير جداً منه؟ 


2000 مقتتبس بتصرف من: 
:1126-1 320 تع 1وء2آ1 ,500) (2002) .]1 ركستلاهم 0 
-1510090200190201'112ع 17156092017 6/1 1مطجا-عصة11125/1م0ع1- /تتلع.طة551ع12.ع مام طا//: تغط 
.00111110010107 


1 


هذا الاعتراض مبني على افتراض معلول وهو أن الكون كله يُفترض فيه أنه 
وَجد للاستيطان البشري. في الدين الإسلاميء يعتبر هذا الافتراض خاطئاً؛ 
فالنصوص الإسلامية تصرح بوضوح أنه لا قيمة كبيرة لحجم كوكبنا الذي 
يسمح بالحياة مقارنة ببقية الكون. 

لماذا صمّم الإله كون] فيه عيوب؟ 

يأتي هذا الاعتراض من الاعتراض السابق» ويقول المجادلون أنه إذا كان 
الإله صمّم الكون, فلماذا يصمّم كونا يظهر فيه عيوب في التتصميم؟ وبعبارة 
أخرئء لماذا الكون صَمّم بطريقة تجعله يسهّل الحياة في أجزاء صغيرة منه فقط؟ 

لا ينكر هذا الاعتراض حقيقة أن الكون مصمّم. ولكنه يناقش قدرة 
المصمّم. افتراض أساسي خلف هذا الاعتراض هو أنه إذا كان الإله 
(الكامل) هو المصممء فيلزم أن يكون ما يخلقه يُظهر تصميما أفضل لتسهيل 
الاستيطان البشري» وهذا افتراض خاطى؛ لأن هذا ليس هو الغاية من الكون 
كله بل أحد غاياته أن يحتوي في جزء منه عل الكائنات البشرية. وهذا هو 
المنظور الإسلامي للاستيطان البشريء» وعلئ هذا فإنه من المعقول آلا 
تناسب كل زاوية من زوايا الكون الحياة» وألا يفترض فيه أن يبقئ للأبد (ومع 
ذلكء فهذا لا يستبعد فكرة أنه يمكن أن توجد حياة في كواكب أخرئ). فمن 
هذا المنظورء فإن تصميم الكون يتوافق مع الغرض منه تماماء وبسبب هذاء 
يكون ذلك الاعتراض غير صحيح. 

اعتراض المبدأ الأنثروبي الضعيف: 

يقول المبدأ الأنثروبي الضعيف أنه ينبغي علينا ألا نتفاجأ بوجود دقة 


أخرفا 


متناهية للقوانين الفيزيائية ولا بالنظام الكوني للكون لأنه لو لم يكن للكون 
دقة متناهية تناسب الحياة» وجودنا لم يكن ليكون ممكناء ولكننا في واقع 
الأمر موجودين» ولهذا ين ينبغي آلا نتفاجأ من سماح الكون بوجودنا . هذاهو 
السبب وراء عدم حاجة دقة الكون المتناهية لتفسير وفقا لهذا الاعتراض. 

ويمكن تلخيص ذلك الاعتراض بالطريقة التالية: 

١‏ - إذا كنا موجودينء فلأنه لا بد وأن للكون خصائص تسمح بوجودنا. 

؟ - نحن موجودون. 

* - لذلكء. للكون خصائص تسمح بوجودنا. 

لا مفرٌ من هذا الاستنتاج. ومع ذلكء فلدينا مرة أخرئ اعتراض في غير 
محله. حجة الدقة المتناهية لا : تقول أننا نحتاج لتفسير حقيقة أن وجودنا 
يتوافق مع خصائص الكون. وبعبارة أخرئء إنها تبحث عن تفسير لعدم 
احتمالية هذه الخصائص التي تسمح بوجودنا. كان يمكن أن تكون قوانين 
الكون والنظام الكونيٍ مختلفة لتسمح بوجودنا. 

يوضح التمثيل التالي لماذا المبدأً الأنثروبي هو في غير محله. تخيل أنه 
في أحد الأيام وأنت تقود ذاهب] للمنزل انعطفت - بالخطأً- مع منعطف غير 
الذي تريد ووجدت نفسك في منطقة صناعية معزولة. تعطلت سيارتك 
فقررت السير للبحث عما إذا كان هناك من يستطيع مساعدتك. وفجأة, قيِّد 
يديك مجموعة من الأشخاص المسلحين الذين يرتدون ملابس مثل العزل 
الإشعاعيء وقاموا بتغطية رأسك والزجٌ بك إلئ الجزء الخلفي لأحد 
السيارات. وبعداعدة ساعات» أجيرت عل اللشروج من السبازة والسير في 


دق 


اتجاه أحد المباني. وفي آخر الآمرء قامت المجموعة المسلحة بنزع الغطاء عن 
رأسك ووضعوك في كرسي. تلقي نظرة في الغرفة ولاترئ إلا جدرانا بيضاء 
وأقزارا سناطعة ادر لكو نجل انافك ادن آل كروزة فبدواوكانا آلة سن 
(غسّالة) من المستقبل. كل شيء صامت الآن» ومن ثم تسمع صوتا يأمرك 
بتسلق الدرج والدخول في داخل هذه الآلة. تم إخبارك بأنك أول مشارك 
يحاول تجربة هذه الآلة المخترعة حديثاء وليس بيدك عمل شيء. تدخل 
الآلة وخلال دقائق بدأت تشعر بحرارة وإزعاج شديدين وبدأ يصبح ما 
حولك ضبابي وفقدت وعيك. وبعد فترة» استيقظت ووجدت نفسك في عام 
06 وأنت مقيّد إلىل شجرة» وبإمكانك رؤية ٠٠١‏ من الهنود الحمر علئ 
بعد ٠١‏ ياردات منك موجهين أسهمهم إليك. هؤلاء الهنود الحمر لما 
يخطئون إطلاقاً عند رميهم للسهام» وكلهم لديهم القدرة علئ إصابة ذبابة 
وهم على ظهر الحصان وأعينهم مغطاة. وتسمع شخص يعد نزولاً من 2٠١‏ 
ثم تسمع شخصا] يصرخ: «أطلق». كل واحد من هؤلاء الهنود كان مصوّبا 
باتجاه قلبك» ولكنك فتحت عينيك ووجدت أن كل واحد منهم قد أخطأ 
الهدف المقصود الذي هو «أنت». الآن» هناك احتمالان أريدك أن تنتبه 
إليهما. الأول ينبغي عليك ألا تتفاجأ من كوننا نعيش بكون خصائصه تسمح 
بوجودنا. والثاني» ينبغي أن تكون منفاجاً جداً كونك ما زلت عليئ قيد الحياة 
لاستحالة احتمالية خطأهم في إصابة الهدف في الحالة العادية. يقوم المبداً 
الأنثروبي بتأييد الاحتمال الأول بينما تقوم الحجة المقدمة في هذا الفصل 
بتأييد الاحتمال الثاني. مبدأ الانثروبي يقول أنه ينبغي ألا نتفاجاً من كوننا 


دق 


أحياء في كون به خصائص تسمح بوجودنا. ولهذا السبب» فإن المبداً 
الأنثروبي لايدرك المغزئ. 

أنت تفترض أن الحياة شيء مميز: 

اعتراض مثير للاهتمام ضد حجة الدقة المتناهية للكون يتهمها بأنها 
ظهرت نتيجة التفكير من منطلق الإنسان (المركزية البشرية). وبصيغة أخرئ. 
تفترض هذه الحجة (حجة الدقة المتناهية) أن هناك شيا مميزاً حول الحياة 
البشرية التي تتطلب دقة متناهية. ولكن لو لم يكن هناك حياة واعية» فلن يزال 
بإمكاننا القول بأن الكون مصمّم بعناية في النجوم والكواكب. وأيضا لولم 
يكن هناك أجرام فلكية» فيمكننا القول بأن الكون مصمّم بعناية للجسيمات. 
وهذا يعني أن حجة الدقة المتناهية يمكن أن تطبّق علئ أي شيء في الكون. 
ولذلكء فليست حجة جيدة علئ الإطلاق. 

يمكن الرد علي هذا الاعتراض بطريقتين: 

١‏ - حتئ لو لم يكن الكون مصمّم بعناية للوجود البشريء فلا يزال 
بالإمكان استخدام الحجة فيما يتعلق بوجود الكون نفسه. يحتوي الكون 
على أجرام فلكية معقدة بالإضافة إلئ العمليات الكيميائية المعقدة المسؤولة 
عن تكوّن هذه الأجرام. هذا التعقيد يتطلّب تفسيراً. لولم يوجد مثل هذا 
الكون» وكان هناك فقط كون] فارغ بجسيمات عشوائية» لم يحتج الكون 
للكثير ليعتني به. ولكن هناك نظام كوني معقد والذي يبدو أن الكون قد صمّم 
له ولذلكة فهزز فسن التسسر: 

” - الحياة (وتحديداً حياة البشر) معقدة جداً. فلذلك» من علامات 


لذن 


العقل الراشد البحث عن تفسير لوجود مثل هذا التعقيد باعتبار حقيقة أن هذا 
التعقيد مبني علئ كون القوانين ن الفيزيائية والنظام الكوني فيها دقة متناهية. 

اعتراض وجود أنواع أخرئ من الحياة: 

اعتراض شائع آخر علئ حجة الدقة المتناهية هو أنها مبنية علئ افتراض 
أن الحياة التي يمكن أن توجد هي الحياة المعتمدة علئ الكربون فقط. لو 
كانت قوانين الفيزياء مختلفة» فستكون الحياة المعتمدة علئ الكربون 
مستحيلة» ولكن أنواع الحياة الأخرئ غير المعتمدة علئ الكربون يمكن أن 
ترعدة [را كانت فزائين ن الفيزياء مختلفة. فلذلك#التحيناة المعقدة قل توجد فى 
نظام كونيٍ مختلف. ولكن حجة الدقة المتناهية ليست مبنية على هذه 
الفرضية؛ فهي مبنية علئ افتراضين منطقيين. الافتراض الاول هو أن هذه 
الحياة المعقدة الواعية تحتاج مصدراً للطاقة سواءً كانت تلك الحياة مبنية 
على الكربون أم لا. فعلئ سبيل المثال» بلا جاذبية لن يكون هناك نجوم,؛ وبلا 
نجوم لن يكون هناك مصدر طاقة للحياة. الافتراض الثاني هو أن كل أشكال 
الحياة تنطلب تعقيدً ثابتنا. فعلئ سبيل المثال؛ لو كانت القوة النووية القوية 
مختلفة قليلاً فلن يوجد هناك ذرات غير الهيدروجين. ومن غير المتصوّر أن 
تكون الحياة المعقدة الواعية أتت من الهيدروجين فقط. لو كانت القوانين 
الفيزيائية مختلفة» فإنه لن يوجد أي شكل من أشكال الحياة المعقدة 
والمستقرة. هذه افتراضات منطقية ومتماسكة يجب أخذها في عين الاعتبار. 

حجة الدقة المتناهية (الكون المثالي) أو حجة التصميم هي أحد كر 
الحجج حدسيّة. قوّتها وبساطتها يجعلان من الصعب تحديهاء تمام كما من 


رذن 


الصعب إثبات أن خبزك المحمّص حمّص نفسه واستطاع تشكيل أنا أحبك 
باستخدام الشوكولاته المدهونة وحدوثه كله صدفة. من الواضح أنه لا بد 
وأن هناك تصميم له غاية. والكون في الواقع هو أكثر تعقيداً بكثير ويُظهر دقة 
أكثر من دقة ثلاث كلمات علئ قطعة من الخبز المحمصء ومن المعقول 
القول بأن الاستنتاج الوحيد هو أن هناك مصمّم للكون وضع النظام والدقة 
فيه لتسهيل وجود الحياة الواعية. 


5 5 
دا تي يي 


دق 


الفصل التاسع: 
اعرف الإله؛ تعرف الخير 
الإله والأخلاق الموضوعية 


تخيّل أنك عدت من يوم عمل شاق وفتحت التلفاز. وأنت تستعرض 
القنوات» صدمتك أحد العناوين وتوقفت علائ أحد قنوات الأخبار العالمية 
المشهورة. من المؤكد أن العنوان مروّع: «رجل يقوم بنحر طفل عمره خمس 
سنوات». والآن» دعني أسألك سؤالآ» هل ما قام به هذا الرجل خطأ من 
الناحية الأخلاقية؟ أنت - كأغلبية البشر المحترمين - ستقول «نعم». والآن 
أجب علئ السؤال التالي: هل هو خطأ من ناحية أخلاقية موضوعية؟ ومرة 
أخرئ - كأغلب البشر - ستقول «نعم). 

ولكن هناك سؤال أخير: لماذا هو موضوعي؟ 

هنا يحصل الإشكال”. 
)١(‏ مشكلة الموضوعية مع المنهج المادي في الأخلاق هي أنه في المادة أو الطاقة لا يوجد 


معنا ل (الصواب) أو (الخطأ)» فالذرات أو الجسيمات تسلك سلوكيات وتتصرف بطرق 


تتحدد بقوانين ومعادلات» ولايمكن وصف سلوك ذرة أو جسيم بأنه (صواب)- 


إادق 


تعريف (موضوعي»: 

للإجابة علئ هذا السؤال» فإن أفضل مكان نبدأ به هو كلمة 
«موضوعي». بتعريف أساسي للكلمة هي مصطلح يقصد به اعتبار أو تمثيل 
الحقائق بدون أن تتأثر بالمشاعر والآراء الشخصية. وفي سياق الأخلاقيات» 
فكلمة «موضوعي» تعني أن الأخلاقية ليست معتمدة أو مبنية علئ عقل 
شخص ما أو علئ مشاعر شخصية. وبهذا المعنى» فهي خارج قدرات 
الشخص المحدودة. الحقائق الرياضية (مثل )5<١+١‏ أو الحقائق العلمية 
(مثل دوران الأرض حول الشمس) هي حقيقية بغض النظر عن طبيعة 
شعورك حولها. وهكذاء فإذا كانت هذه الأخلاقيات خارج أنفسناء فإنه يجب 
أن يكون لها تأسيسء أو بعبارة أخرئ, تحتاج أساساً. إذا كانت الأخلاق 
الموضوعية لا تعتمد علئ قدراتنا المحدودة؛ فنحتاج الإجابة عن الأسئلة 
التالية: «من أين أتت هذه الأخلاق الموضوعية؟» و« ما طبيعتها؟») حتئ 
نجيب علئ هذه الأسئلة» نحتاج أساس] منطقيا»ء وهذا سيفسر طبيعتها 
الموضوعية» ويقدم تعليلا منطقي يوضح من أين أتت. هذه الأسئلة تدور 
حول ما يسمّا في الفلسفة ب «علم وجود الأخلاق) تإع10مغط0 2/10121. 

وطريقة أخرئ لوصف الحقائق الأخلاقية الموضوعية هو كونها تتجاوز 
الذاتية الإنسانية. فعلئ سبيل المثال» حقيقة أن قتل طفل عمره خمس سنوات 


-أو (خطأً)» ولذلك فلا معن في العالم المادي والفلسفة المادية ل(الخير) أو (الشر) ولا 
حتئ ل (الجمال) أو (القبح)» وخصوصا مع نظرتهم إلئ الإنسان كمجموعة مادية من 
الذرات فقط (الناشر). 


لذن 


أمر خاطئ أخلاقي سيصحٌ في كل الأحوال حتئ لو اتفق العالم كله علئ أن 
قتل طفل عمره خمس سنوات صحيح أخلاقي]". لسنا فقط نقرٌ بأن بعض 
الأخلاق موضوعية» بل تقدم لنا نوع من الواجب والالتزام الأخلاقي. 
وبعبارة أخرئ, هناك بعض الأشياء التي ينبغي علينا أن نفعلها وبعض الأشياء 
التي ينبغي علينا ألا نفعلها. لدينا واجبات والتزامات أخلاقية» وفيما يظهر هو 
أن هذه تأتي من خارج النفس المحدودة. يوضح البروفيسور إيان ماركم ]1 
3 أن لغتنا الاخلاقية تشير إلئ شيءٍ فوق أنفسنا وأبعد منها: 
«مضمّن في كلمة ينبغي معن يقول أن الحقيقة الأخلاقية هي شيءٌ يسمو فوق 
حياتنا وعالمنا... المعنئ المضمر في اللغة الأخلاقية يدل علئ أنه شيءٌ عام 
وخارجي»)”. 

عودة إلئ السؤال: 

عودة إلى السؤال الدقيق الذي أثرته سابق» لنحاول الإجابة عليه: «لماذا 
هي موضوعية؟» الجواب بسيط. الآأخلاق التي نعتبرها موضوعية هي 
موضوعية لآن الإله موجود. قبل أن أوضح هذه النقطة أكثر أريد أن أؤكد 
علئ أن هذا لا علاقة له بالاعتقادات التي عند الشخص . أنا لا أقول «أنه لا 
يمكنك أن تكون ملحداً وتتصف بسلوك جيد أو أخلاقي» أو «أنه يجب 


)١(‏ بعض مكونات الحجة المقدّمة في هذا الفصل (ومن ضمنها بعض المفاهيم) تم اقتباسها 


-018/6310. 011211121117 25ع9/7/177.1//: 1110 :21 ع1361توتحث 6007© أتامط]1171 06000 ع8 1176 نه 

000-171]10111-500ع -عادع111 

5 3220 ,قتع طء111 ,ركطك1ككةئ0آ توط/1لا :مواعطتخ أودستوعخ (2010) .5 .1 يستمطاتة/1 (2) 
4 .2 ملاع نتكاعة81-زع171711 :عزعووتاك أوء 117 .ع مم11 1ل أمعسملصبط عه 


5/ 


عليك أن تؤمن بالإله حتئ تستطيع الاتصاف بصفات أخلاقية كالدفاع عن 
المظلوم وإطعام الفقير» أو «أنه بمجرد ما تؤمن سيكون سلوكك جيداً». ما 
أقوله هو أنه لو لم يكن الإله موجوداء فلن يكون هناك حقائق أو قيم أخلاقية. 
بالطبع نستطيع التظاهر كما لو كانت الحقائق الأخلاقية موضوعية» وهناك 
الكثير من الملحدين الذين أظهروا تحمّلاً أخلاقي] مثيراً للاعجاب دون 
اعتقاد أن الأخلاقية تتطلب أساساً إلهي. ما أريد قوله هو أنه عندما يخرج 
الإله من الصورة» فهذه القيم الأخلاقية لا تعني شيئاً أكثر من أن تكون أعرافا 
اجتماعية. ولذلكء فالحقائق الأخلاقية (كون «قتل أشخاصاً بريئين لمجرد 
التسلية أمر خاطئ» وكون الدفاع عن المظلومين أمر جيد» -علئ سبيل 
المثال- تصبح بدون الإله مجرد أعراف اجتماعية. تمامآ كما الحال في معرفة 
الناس أنه من الخطأ إطلاق ريح كريهة عند الآخرين. هذا الاستنتاج مبني 
حقيقة أن الإله هو الآساس المنطقي للأخلاق الموضوعية» ولا يوجد 
مفهوم آخر يقدم مثل هذا الأساس بنفس الكفاءة. 
يقدم الإله هذا الأساس لأنه خارج عن هذا الكون ويسمو فوق ذاتية 
البشر. ويوضح هذا البروفيسور إيان ماركم: «يفسّر الإلهال "الحتمية 
الأخلاقية" الغامضة التي تفرض نفسها في حياتنا؛ فالإله يفسّر الطبيعة العامة 
للادعاء الأخلاقي. بما أن الإله خارج العالم» فإن الإله الخالق يمكن أن 
يكون كلا الأمرين: أن يكون خارج وأن يضع الأوامر العامة)”. 


"2 


في الدين الإسلامي, يُعتقد بأن الإله يتصف بالكمال المطلق. والإله 
متصف بالعلم المطلق والقدرة المطلقة والخيرية المطلقة. فالخيرية الكاملة 


م 


هي طبيعة جوهرية للإله. عندما يضع الإله أمراً أخلاقياء فهو أمرٌ مشتقٌ من 
إرادته» وإرادته لا تتعارض مع طبيعته. فلذلك. ما يأمر به الإله خيّر؛ لأن الإله 
ع وهو هو يدها لهي ور 1ن ل بابز اضفار »كرب 

وبشكل مثير للاهتمام» فهم الملحدون - الذين يعتقدون بأن الإله لا 
يمكن أن يكون موجوداً تحت أي ظرف- أنه في ظل غياب الإله. لا يوجد 
أخلاق موضوعية. يعكس الفيلسوف الملحد الشهير جي ماكي 2/130146 .ل 
ذلك الموقف في كتابه «الأخلاق: اختراع الصح والخطا» ‏ :م201 
177011 0110 1212/11 1711172111118 بقوله: «لا يو جد قيم موضوعية... الادعاء 
الذي يقول أن القيم ليست موضوعية... يراد منه أن يتضمن ليس فقط الطيبة 
الأخلاقية - والتي قد تعادل بشكل طبيعي جداً القيمة الأخلاقية- بل أيض] 
أشياء أخرئ مما يمكن أن يُتوسّع في وصفها بالقيم الأخلاقية الإيجابية 
والسلبية (الصواب والخطأء الواجبء الالتزام» وكون التصرف فاسد وحقير 
وهكذا)»”. بغض النظر عن كون هذا الموقف مضاد للحدس ولا يمثل 
الموقف الإلحادي العام» يبدو أن ماكي قد استوعب لوازم تبني المنظور 
الإلحاديء وهو أنه إذا لم يكن هناك إله. فإنه لا يوجد خير موضوعي. 

معضلة يوثيفرو: 

برد كثير من الملحدين عليئ الحجة السابقة الخاصة بالأخلاق 


3 


عا +4 


:1020101 .17170028 320 غخطع لكآ عصمتأمعتكمآ :وعتطاظ (1990) .آ .ل ,عكاعة/ط1 (1) 
.م ,1990 


اذل 


باستشهادهم بمعضلة أفلاطون أو معضلة يوثيفرو 78صدمء1(11 5 منطامبوطاساظ. 
هذه المعضلة كالتالي: «هل يكون شيءٌ ما جيد أخلاقياً لأن الإله أمر به؛ أم أن 
الإله أمر به لأنه شيء أخلاقي؟). 

هذه المعضلة تمثل مشكلة للمؤمنين الذين يعتقدون بإله مطلق القدرة 
لأنه يتطلب منهم أن يؤمنوا بأحد أمرين: إما أن الأخلاقية تعرّف بأنها ما يأمر 
به الإله أو أن الأخلاقية خارجة عن أوامره. إن كانت الأخلاقية مبنية على 
أوامر الإله» فما يكون خير أو شر هو أمر اعتباطي» وإذا كانت هذه هي الحال» 
فلا يوجد شيء يجعلنا - كبشر - نقر بالضرورة على أنه خير أو شر 
موضوعي. هذا سيعني أنه لا يوجد شيء خطأ - فعلي - مع - علئ سبيل 
المثال - قتل الأطفال البريئين» وأن الإله قد وضع عليه وصف الشر بشكل 
اعتباطي. ويشير الشطر الآخر من المعضلة إلئ أن هناك نوع من المعيار 
الأخلاقي خارج ومستقل عن جوهر الإله وطبيعته» وحتئ الإله مجبر على 
الالتزام بهذا المعيار. ومع هذاء فمن الواضح أن ذلك سيكون غير محبّذ 
للملحد, بما أنه سيجعله يقر بأن الإله - في نهاية المطاف - ليس مطلق القدرة 
ولا مستقلاً؛ بل صار يجب عليه أن يعتمد علئ معيار خارج عن نفسه. 

بديهيا» يبدو هذا وكأنه اعتراض صحيح؛ ولكن عند التأمل القليل 
ينكشف خطأ هذه المعضلة» والسبب في ذلك هو في وجود احتمال ثالث 
وهو: أن الإله خيّر. يوضح ذلك بروفيسور الفلسفة شابير أختر في كتابه القرآن 
والعقل العلماني: 

هناك بديل ثالث: إله ثابت أخلاقياً كالإله الموجود في النصوص 


رلا 


المقدسة, وهو الموجود المتعالي الذي لا يغير رأيه اعتباطي] فيما يتعلق 
بخيرية التعاطف وسوء السلوك الجنسي غير السوي. يأمر مثل هذا الإله 
دائما بالخير؛ لآن شخصيته وطبيعته خيّرة)”". 

ما يقوله البروفيسور أختر هو أن هناك - بالطبع - معيار أخلاقي» ولكن 
- عل خلاف ما يقوله الشطر الثاني من المعضلة - ليس خارجا عن الإله؛ 
بل يأتي بالضرورة من طبيعة الإله. كما تم نقاشه سابقاء المسلمون 
- والآألوهيون عمومً - يعتقدون أن الإله خيّر بالضرورة وفيه كامل الخير. 
وهكذاء فطبيعته تحتوي في داخلها المعيار الأخلاقي الكامل والغير اعتباطي. 
وهذا يعني أن أفعال الفرد - كقتل الأبرياء» مثلاً - ليست سيئة اعتباطا؛ 
ولكنها تأتي من معيار أخلاقي ضروري وموضوعي. وبالمقابل» لا يعني هذا 
آنا لال تج ريط يها لهذا الجا وني القشانهة ذاه الله دف انهاه 
يعرّف طبيعة الإله؛ وليس بأي حال من الأحوال خارحٌ عنه. 

رد الملحد الطبيعي سيكون: «يجب أن تعرف ما الخير حت 5 تعرّف الإله 
كخيّرء ولذا فأنت لم تحل المشكلة». الرد البسيط هو أن الإله هو من يعرّف 
الخير. هو الموجود الوحيد المستحق للعبادة؛ لأنه هو الموجود الأكمل 
والأفضل أخلاق]. يؤكد القرآن هذه النقاط: « وَإِلَهُك لد ود له إلد إلا هد 
أَلرَحَمَنٌ الرَحِيمٌ 4 (البقرة:17) ظ هوَّألّه اذى لآ إِلَّهَ إل مولن القن والكهلدة. 
هو ليحن ألوَحِيمٌ (ج) هو الَّهُ آأَذِف لآ إِلَهَ إلا هو الْمَلك الْقَدّوِ من السَلَدم آلْمَؤْمِنَ 


و 1 


اللو اتن الجا انحط د ان اه ره © هو 


ل 


.9 ,1501116056 :0012 تناطث .8/100 نتد1تاعء5 عط مه ه011 عطآ1' (2008) .5 ,تمتك[لثظ (1) 


"0١ 


لْخَدِقُ الْبَارىئُ 1 سما الفقى ان لذتفاق القمتوت رض و 
لْعَزِيرُآلحكيمٌ 4 (الحشر ١١:‏ -74). 

باختصارء الحقائق الأخلاقية هي في الأساس مشتقة من إرادة الإله على 
هيئة أوامره» وأوامره لا تتعارض مع طبيعته التي تتصف بالخير والحكمة 
والنقاء د الكمال. 

هل هناك أسس بديلة للأخلاق الموضوعية؟ 

يتجادل كثين من الملحدين بأن هناك تفسيرات بديلة للإجابة عن لماذا 
هي بعض الأخلاق موضوعية. بعض أشهر البدائل تتضمن: البيولوجياء 
والضغط الاجتماعيء والواقعية الأخلاقية. 

- البيولوجيا: 

هل تستطيع البيولوجيا تفسير شعورنا بالأخلاقية الموضوعية؟ الجواب 
المختصر هو («لا). يقدم لنا تشارلز داروين 103510 165هط) فكثالاً وليه لما 
سيحدث عندما تكون البيولوجيا أو الاتتخاب الطبيعي أساسً للأخلاق. يقول 
داروين لو كنا نتيجة لمجموعة مختلفة من الظروف البيولوجية» فإن ما نعتيره 
أخلاقي موضوعي قد يكون متغايراً تماما: الو أتئ البشر من نفس الظروف 
نفسها التي أتت منها نحل الخلية» فإنه لا شك في أن نساءنا غير المتزوجات 
- كالنحلات العاملات - سيعتقدن بأنه واجب مقدس أن يقتلن إخوانهن» 
والأنهاف سحتيدة فتقل بناقين الخضييات »ولق كر اسن اند حل ادر 
24 بعدة5 م1 ه1130 ص ممتاععاء5 قصة حند]/! 02 غمعءوء2 عط (1874) .© بمتحصو«ط ‏ (1) 


:9 .2 ,18016102 
5/0010 5.01 1ع ما جاع اتاج . 7777177 /:مراخط 


50 


وبعبارة أخرئء لو كانت الأخلاق معتمدة علئئ التغيرات البيولوجية» 
فإنه سيجعل من الأخلاق عرضة لهذه التغيرات؛ ولذلك. فإنها لن تكون 
موضوعية. وبتوسيع مثال داروين» فإننا لو أتينا من نفس الظروف التي أتى 
منها القرش الحاضن.ء فإننا سنعتقد أنه من المقبول القيام باغتصاب شركائناء 
بما أن القرش الحاضن يتصارع مع شريكه في العملية الجنسية". يرد البعض 
بالقول بأن الانتتخاب الطبيعي - تحديداً - هو ما يشكّل أساس شعورنا 
بالأخلاقية الموضوعية. ولمرة أخرئء هذا خطأ. فمن الناحية النظرية» كل ما 
يقوم به الانتخاب الطبيعي هو تزويدنا بالقدرة علئ تشكيل لقواعد أخلاقية 
تساعدنا علئ البقاء والتكاثر. وكما يقول الفيلسوف الأخلاقي فيليب كيتشر 
6 منانطط: «كل ما يمكن أن يكون الانتخاب الطبيعي قد قام به هو 
تزويدنا بقدرة الترتيبات الاجتماعية وقدرة تشكيل قواعد أخلاقية)”. 

القول بآن البيولوجيا تقدم لنا أساسا للأخلاقية يُسقط كل المعاني التي 
نربطها بالأخلاق. تصبح الأخلاق بلا معنئ؛ حيث تكون مجرد نتيجة 
لتغيرات بيولوجية غير واعية وغير عقلانية. ولكن حقيقة أن الأخلاقية تأي 
من أوامر إلهية تعطي الأخلاق معنئ؛ لأنه بكون الشخص أخلاقيا يعني أنه 
مستجيب لهذه الأوامر. وبعبارة أخرئ, يكون لدينا واجبات أخلاقية» وهذه 


:107 2[ وكاتتقط5 .(1996) عتط مومع مع 3001ل (1) 
58 6010/171060/511311_156.ع لطا موتع 0ع0.21100215ع110//: ماخط 
(0) منقول عن: 
.(.0ه) .2 .ل ملتتهواع7101 لمة .آ .117 ,1218) :مآ .ا معتصروتخ 510:21 ع1 (2009) .10 .741 رعلا كصلا 


بلاعتكاع 1171167-82 :عءدوكنا5 أوء117 .377ع010ع12 21تتطداك 10 متمومحطه 1اع ركاعدا8 ع1 
.0 .م 


"0 


الواجبات ندين بها للإله. لا يمكنك أن تدين بأي شيء لمجموعة من 
الجزيئيات. 

- الضغط الاجتماعي: 

البديل الثاني هو الضغط أو الإجماع الاجتماعي. ومن ناحية فلسفية» 
أعتقد أن هذا هو أكثر مايواجه معه الملحدون والحقوقيون الإنسانيون 
صعوبة. لأنه إذا كان الضغط الاجتماعي في الحقيقة هو ما يشكل أساسا 
الأخلاق الموضوعية» فالمؤيدون لهذا الرأي يواجهون مشكلة كبيرة. أولآ 
هذا يجعل الأخلاق نسبية؛ حيث أنها عرضة لتغيِّر ات اجتماعية لا مفرّ منها. 
ثانيا» هذا يقودنا إلئ الاعتباطيات الأخلاقية. إذا كان يقبل شخصٌ ما 
بالإجماع كأساس للأخلاق» فكيف يمكننا أن نبرر موقفنا مما قام به النازيون 
في ألمانيا في أربعينيات القرن الماضي؟ كيف يمكننا أن ندَّعي أنا ما فعلوه 
يعتبر خطأ من ناحية أخلاقية موضوعية؟ حسناء لا نستطيع. حتئ لو ادّعيت 
أن بعض الناس في ألمانيا حاربوا ضد النازيين» فالمقصود هو أنه كان هناك 
إجماع قوي يؤيد الشر. 

- الواقعية الأخلاقية: 

البديل الأخير هو الواقعية الأخلاقية. الواقعية الأخلاقية (وتسمئ أيضاً 
بالموضوعية الأخلاقية)» هي منظور يرئ أن الأخلاق موضوعية وأنها 
خارجة ومستقلة عن عقولنا وعواطفنا. ومع ذلك. فالفرق بين الواقعية 
الأخلاقية وما يدعو له هذا الفصل هو أن الواقعيين الأخلاقيين لا يؤكدون 
على ضرورة وجود أساس لهذه الأخلاق؛ فالحقائق الأخلاقية كالتعاطف» 


4 


4 


20 


والعدل؛ والتسامح هي - هكذا - موجودة بشكل موضوعي. 

هناك عدة مشاكل مع هذا الموقف. أولآء ماذا يعني أن العدل (موجود 
هكذا»)؟ أو أن القيم الأخلاقية الموضوعية هي «موجودة هكذا»؟ هذا 
الموقف مناقض للحدس ولا معنئ له. نحن - ببساطة - لا نعلم ما «العدل») 
عندما يكون موجوداً بنفسه. وبشكل مهم جداًء يجب أن يُفهم أنه إذا كانت 
الاخلاق موضوعية (أي أنها خارجة عن رأي الفرد الشخصي». فهي إذاً 
تتطلب تفسيراً منطقياء وإلا فإن السؤال: ١كيف‏ هي موضوعية؟» يبقئ بلا 
جواب. ثاني» الأخلاقية ليست محصورة بالإقرار بحقيقة العدل أو التعاطف؛ 
بل تتضمن شعوراً بالواجب والالتزام؛ فنحن ملتزمون بأن نكون متعاطفين 
وعادلين. وفي إطار الواقعية الأخلاقية» مثل هذه الالتزامات غير ممكنة؛ لآن 
الإقرار بأن حقيقة أخلاقية معينة هي موضوعية لا يضيف شيئاً يضمن أننا 
ملتزمون بتطبيق هذه الحقيقة الأخلاقية. الالتزام الأخلاقي لا يأتي من مجرد 
الاعتزافاباعا موضوعية: سكو هن المعقول أنتيطبق الكخصن التزامائة 
الأخلاقية إذا كان مدينً بذلك أو كان هناك شعور منه بأنها واجبة عليه. لا 
تقدم الواقعية الأخلاقية أي سبب يفسر لماذا يجب علئ الشخص أن يلتزم 
بأن يكون أخلاقيً. ولكن لو كانت هذه الحقائق الأخلاقية أوامر إلهية» فإن 
هذا لا يجعل هذه الأخلاق موضوعية فقط بل تكوّن أساسا للالتزام بأن 
يكون الشخص أخلاقيا؛ لآنه سيكون من الواجب علينا أن نطيع أوامر الإله. 

وفي ضوء ما سبق من نقاشء من الواضح أن الأخلاقية الموضوعية 
تستوجب وجود الإله؛ لآنه خارج عن الكون ويمكن عن طريق أوامره ادعاء 


>2"00 


الأخلاق العامة. 

وماذا لو رفضوا الأخلاقية الموضوعية؟ 

كملجأ أخير» يحاول بعض الملحدين تجنب الخجل الفكري بالرد على 
الاستنتاج السابق بإنكارهم موضوعية الأخلاق. حسنا. أتفق. إذا كان 
التتمى لا ينبل ستسلمة أن الأغلاق ليسيث موضوعيةفالععه ل ييل 
تحديداً- بأي طريقة موضوعية. فلا يمكنه حت لوم منظمات الكو كلوكس 
كلان 121616 العنصرية في أمريكا أو الدولة الإسلامية في العراق والشام 1515 
أو حتئ الحكم الديكتاتوري في كوريا الشمالية! العجيب هنا هو أن هذا هو 
لا تعني أي موضوعية لهم. يجدر بهم أن يضعوا تحذيرا علئ كل أحكامهم 
الأخلاقية ويقولوا ببساطة: «هذا هو رأيي الذاتي». عندما يتخذوا هذا الموقف 
فهم يجعلون من خلافاتهم الأخلاقية وغضبهم الأخلاقي لا قيمة له. وعلئ 
الرغم من ذلك, فأغلب البشر العقلاء في أعماقهم لا يتكرون الموضوعية 
لبعض الأخلاق الآساسية كالقتل والسرقة والاعتداء. 

إساءة فهم الحجة: 

يسيء بعض الملحدين - وحتئ بعض الاكاديميين- فهم هذه الحجة 
بخلطهم بين «علم معرفة الأخلاق» و«علم وجود الآأخلاق». الحجة التى 
قدمتها لا تتعلق بكيف نعرف ما الخير (والذي يشير إلئ علم معرفة 


"05 


الأخلاق)» بل توجه اهتمامنا إلى مصدر الأخلاق وطبيعتها (والذي يشير إلى 
علم وجود الأخلاق». أوامر الإله تقدّم الأساس الوجودي الذي يجعل 
الأخلاق موضوعية. كيف نتعرّف على هذه الأخلاق هو موضوع خاص بعلم 
معرفة الأخلاق. 

الحجة المقدّمة في هذا الفصل ليست متعلقة بعلم معرفة الأخلاق» بل 
تتعلق بعلم وجود الأخلاق (والذي يعود إلئ الأسس الأخلاقية وطبيعتها). 
الحجة ني أبسط صورها هي كالتالي: إذا كان هناك شيءٌ خيّرء فهل هو خيّر 
موضوعي؟ إذا كان خيّراً موضوعي] فإنه يستلزم وجود الإله؛ لأنه هو الأساس 
الوحيد للخير الموضوعي. الحجة لا تسأل كيف نعرف متئ يكون الشيء 
0 

مطلق مقابل موضوعي: 

النقطة الصحيحة المثيرة للاهتمام التي قد يثيرها الشخص المتخصص 
في اللاهوت الديني المتحمس والطموح هي أنه في السياق الإسلامي 
(وافتراضياً في كل الأنظمة العدلية في العالم)» توجد بعض الحالات التي 
يصبح فيها القتل (كالدفاع عن النفس والعائلة) مقبول أخلاقيّ. فلذلك, لا 
يوجد شيء يوصف موضوعيا بأنه شر. وهذا تحليل مثير للاهتمام» ولكنه 
يخلط بين الأخلاقية المطلقة والأخلاقية الموضوعية؛ وهما أمران مختلفان 
تماما. تتضمن الأخلاقية المطلقة أن يكون الفعل جيداً أو سيئً بغض النظر 
عن الحالة المعطاة. علئ سبيل المثال» الشخص الذي يعتقد أن القتل خطأ 
مطلق] سيعتقد أن القتل خطأ حتئ في سبيل الدفاع عن النفس. الأخلاقية 


50/ 


الموضوعية - في المقابل - تقرٌ بحساسية السياق لبعض الحقائق الأخلاقية. 
فأحد الحقائق الأخلاقية الموضوعية قد تقول ب «أن قتل إنسانٍ ما بلا مبرر 
صحيح هو قعل خاطئ». الطبيعة الحسّاسة لسياق هذا الادعاء الأخلاقي 
ضيقن عدي هزد أن لفق ابض يعدن الا نوق سمي رز فعلن بعيا 
المكال» قعل إنسان ار قد ترق عل أنه مبرر أخلاقي (إذا كاك الشتخص 
المقتول يقوم بإطلاق النار علئ الأطفال بدون تمييز في مدرسة محلية). 
الحجة التي قدمتها لا تتضمن الأفكار الأخلاقية المطلقة. 

ملاحظة حول النسبية الأخلاقية 

سيجادل النسبي الآأخلاقي (الذي يقول أن الأخلاق نسبية وتعتمد على 
العادات الثقافية) بأن النقاش حول الأخلاقية المطلقة والأخلاقية 
الموضوعية يثْ يثبت أن الأخلاق ليست موضوعية؛ وأن هذه الاخلاق نسبية. 
وسيجادل أولئك الذين يقولون أن الأخلاق موضوعية بأن ما يعتقده الناس أو 
يشعرون له ليس له علاقة» وأنها لا تؤثر ولو بالقليل علئ الحقائق الأخلاقية 
الموضوعية (وهذا هو بالضبط تعريف الموضوعية). النسبية الأخلاقية 
مفلسة من هذا المنظور؛ لأنها تشير إلئ العادات الثقافية لدحض ما حقيقي 
موضوعيآء وهذا محكوم عليه بالفشل؛ لأن تعريف الأخلاقية الموضوعية 
هو أن الأخلاق منفصلة عن المشاعر والمعتقدات والعادات الثقافية؛ فلذلك 
استخدامها كوسيلة لإنكار موضوعية الأخلاق ليس له معن. 

مر 00 لأنه إذا كان 0 


لعا 


موجود (لأنه هو الأساس المنطقي الوحيد لوجود الأخلاقية الموضوعية) أو 
أنه يجب تقديم بديل إجباري. إذا لم يستطيعواء فإنه يجب عليهم أن يتخلوا 
عن نزعتهم الطبيعية التي تعترف بأن هناك خير وشر موضوعبين» وأن يرفضوا 
فكرة الأخلاق الموضوعية تمام. وعندما قيامهم بذلك. فإن كل اتهاماتهم 
وأحكامهم الأخلاقية ضد الإسلام ستتقلّص إلئ المستوئ الذاتي. حجة 
الموقف الأخلاقي تجعلنا نفهم حق المفهوم الإسلامي للإله. الإله يتتصف 
بكمال الخير وكمال الحكمة,. وأوامره لا تتعارض مع طبيعته الكاملة. 
فلذلكء أوامره هى خيّرة بشكل كامل. 


م 
دا تي اي 


"0 


الفصل العاشر: 
التفرد الإنهي 
وحدانية الإله 


تخيل أنك مستكشف وأخذت مركبة فضائية إلئ كوكب آخر لزيارة 
مخلوقات شبيهة بالبشر. وبمجرد ما هبطت علئ الكوكب. التقيت بمرشدك» 
وقال لك أن مركبتك هبطت في «سفينغا» (دولة موجودة ني الكوكب وليس 
لها حدود). شعرت بالحيرة وسألت مرشدك عما إذا كان هناك دول أخرئ 
علئ الكوكب» فضحك وقال: «نعم» هناك دولتان» وترد عليه قائلاً: (حسناء 
كيف تعرفون ما إذا كنتم في دولة أخرئ إذا لم يكن هناك شيء يفرّق بينها؟» 
تنهّد مرشدك وقال: «نعم» لدينا نفس المشكلة. ليس لدينا حدود وخصائص 
دولة هي نفس خصائص الدولة الأخرئ.» وأخيراً أنميت الحوار بقولك: 
«كان يجدر بكم فقط جعلهما دولة واحدة إذاً؛ فهذا هو ما تظهرون عليه 
بالنسبة لي». 

وأكدلتما رجلتكما للثاء تجو هةتنة المسؤولين خلرا الكذاء وعيلدل 
الوجبة قام أحد المسؤولين بمدح ملوك الدولة. وعند سماعك ذلكء. سألته 
بأدب: «تقصد أن هناك أكثر من ملك؟» وأجاب المسؤول: «نعم لدينا 


كف 


ملكان» ظهرت عليك الحيرة وسألت عن كيف يمكن لشؤون الدولة أن تسيّر 
بملكين: «كيف يكون هناك انسجام في القوانين والنظام في مجتمعكم؟) رد 
المسؤول قائلاً: حسناء هما دائم] يتفقان. إرادتهم واحدة. أنت لم تستطع 
البقاء في موضعك وترد: ١احسناء‏ إذاً ليس لديكم ملكين بل واحداً لأنهما 
يتصرفان وفق إرادة واحدة» 

تحتوي هذه القصة على ثلاثة من الخمس حجج التي سأقدمها لإثبات 
حقيقة أنه لا يمكن أن يوجد إلا إله واحد. يلخص الجزء الأول من القصة 
حجة أسميها «التفريق المفهومي»» وتفترض أنه حتئ توجد التعددية» فيبجب 
أن يوجد هناك بعض المفاهيم التي تفرّق شيئا عن الآخر. فعلئ سبيل 
المثال» لو قلت أن هناك موزتان علئئ الطاولة» فيمكنك التحقق من هذه 
العبارة عن طريق مشاهدتهماء والسبب وراء إمكانك رؤية موزتين هو وجود 
مفاهيم تفرّق بينهما؛ كأحجامهما وأشكالهما ومواقعهما علئ الطاولة. 
ولكنء لو لم يكن هناك شيء يفرّق بينهماء فلن تستطيع التميبز بينهما. وبنفس 
الطريقة» بما أن هذا الكتاب قد جادل حتئ الآن بضرورة وجود خالقٍ غير 
مخلوق متصني بأنه قديرٌ عليمٌ خبيرٌ ومتعالٍ» فإن الادعاء بوجود إلهين 
سيتطلب وجود مفهوم يفرّق بينهما. ولكن حتئ يكون الخالق خالقا. يجب 
أن يتصف ببذه الصفات؛ فلذلك القول بأن هناك إلهين بدون أن يكون 
أحدهما مختلف عن الآخر هو تماما كالقول بأن هناك خالق) واحداً. إذا كان 
كل .ما ينطبق علين خالق ينطبق علي الخالق الآخرء فإذاً نحن بالفعل تتحدث 
عن خالق واحد وليس اثنين! 


ذف 


ويلخّص الجزء الثاني من القصة كلا من حجتي الاستبعاد والتعريف. 
تقول حجة الاستبعاد أنه لا يمكن أن يوجد إلا إرادة إلهية واحدة. لو كان 
هناك ختالناق وآزاد أحدعها أن يخلق شسغرة نيماك ثلاثة خيارات سحديلة 
فقط. الاحتمال الأول هو أن كل واحد منهما يلغي الآخر» وهذه ليست 
احتمالية منطقية لأن الخلق موجود ولو ألغئ كل واحد منهما ما يخلقه الآخر 
فإنه لن يكون هناك خلق علئ الإطلاق. الاحتمالي الثاني هو أن أحدهما 
يخلي رع الأعو و سوق انق تنباي علق التخيرة لامعتسال القاليك 
هو أن كلاهما يتفق علئ خلق الشجرة نفسها وبنفس الطريقة. كل هذه 
الخيارات تشير إلئ أن هناك إرادة واحدة فقطء وإرادة واحدة في سياق 
النتقاشات تعني خالق] واحداً. 

تقول حجة التعريف أنه لا يمكن أن يوجد أكثر من خالق واحد؛ لآنه لو 
كان هناك أكثر من خالق» فإن الكون لن يكون بهذا التناغم الذي هو فيه. 
بالإضافة إلئ أن الحجج التي تؤيد وجود الإله في هذا الكتتاب لم تثبت فقط 
أن الخالق موجود. بل أثبتت ت أيضً وجود خالق وفق] للمفهوم التقليدي 
لاوله. الإله - بمقتضئا التعريف - هو الموجود الذي له إرادة موجبة فارضة 
لل ا ا ل ا ا ا له 
إرادتان إلهيتان؛ لأنه لا يمكن أن يوجد إلا إرادة واحدة بمقتضىئا التعريف 
(الرجاء الاطلاع علئ حجة الاستبعاد). 

سيفصّل هذا الفصل في هذه الحجج ويقدم خفتية لحري لآنينات: أن 
هل] الخال سن أن يكرت واعدا: 


نذف 


٠ه‏ حجة الاستبعاد. 

٠‏ التفريق المفاهيمي. 

٠‏ مبدأ أوكام (نصل أوكام). 
ه حجة التعريف. 


٠‏ حجة الوحى. 


حجة الاستبعاد: 

تقول هذه الحجة أن وجود أكثر من خالق مستحيل؛ لأنه لا يمكن أن 
باتحد :إلا إرادة واحندة: قد تاشت :سايق أنه لايد أن يكورن للخالق إرادة 
(انظر الفصل الخامس».» فإذاً التساؤل عن عدد الإرادات التي يمكنها أن 
توجد يقودنا بأريحية إلئ أن نناقش هذه الحجة بالتفصيل. 

من باب الجدلء لنقل أن هناك خالقان. أراد الخالق الأول أن يحرّك 
صخرة وأراد الخالق الثاني أيضاَ أن يحرك نفس الصخرة. هناك ثلاثة 
سيناريوهات محتملة يمكن أن تنتج من هذا: 

١‏ - أن يتغلّبِ أحد الخالقّين وينجح في تحريك للصخرة باتجاه غير 
الذي يريده الآخر. 

١‏ - يلغي كل منهما الآخرء وتبقئ الصخرة في مكانها بلا حراك. 

* - أن يحرك كلاهما الصخرة في نفس الاتجاه. 

السيناريو الأول يعني أن واحداً فقط سيّظهر نفسه. والسياق الثاني يعني 
أنه لا يوجد إرادة في الحدث» وهذا غير ممكن؛ لأنه لا بد وأن يكون هناك 


3 


إزادة تخرك مرح خخلالها لأن الخلق موحود كما نراه الآنالسيناريؤ القالت 
يصف في واقع الأمر إرادةً واحدة فقط. فلذلك» من المنطقي أكثر أن نستنتج 
أن هناك خالقً واحداً فقط لأن هناك إرادة واحدة فقط. 

إن جادل أحد بأنه يمكن أن يكون لديك أكثر من موجود وفي الوقت 
نفسه إرادة واحدة» فسأرد بسؤاله: كيف عرفت أن هناك أكثر من موجود؟ 
يبدو أنه حجة نابعة من جهل لأنه لا يوجد دليل علئئا الإطلاق عل هذه 
الحجة, وهذا يقودنا إلى الحجة التالية. 

التفريق المفهومي: 

حت يمكن أن يكون هناك خالقان, لا بد وأن يكونا مختلفين بطريقة ما. 
علئ سبيل المثالء إذا كان لديك شجرتان» فهما سيختلفان في الحجم 
والشكل واللون والعمر. حتئ ولو كانتا متطابقتين من حيث الصفات 
الفيزيائية» فلا بد وأن يكون هناك شيء واحد علئ الأقل يمكننا من التمييز 
بينهما حتئ نعلم أنهما في الواقع شجرتين» وهذا قد يتضمن مكانهما أو 
موقعهما. تستطيع تطبيق ذلك أيضاً علئ التوائم؛ فنحن نعلم أن هناك 
شخصين لأن شيئاً ما يجعلهما مختلفين» وهذا الشيء قد يكون مجرد حقيقة 
أهما لا يستطيعان أن يشغلا نفس المكان في نفس الوقت. 

لو كان هناك أكثر من خالقء فإنه يلزم أن يكون هناك شيء يميّز بينهما. 
ولكنء إن كانا متطابقين من كل الجوانب المحتملة» فكيف يمكنك القول 
بأن هناك خالقان؟ إذا كان شيءٌ مطابقٌ لآخرء فما ينطبق علئ الأول ينطبق 
علن الآخر أيضاً. لنقل أن لدينا شيئان: (أ) و(ب). إذا كانا متطابقين من كل 


230 


ناحية» ولا شيء يمكننا من التمييز بينهماء فهما نفس الشيء. يمكننا أن نحؤّل 
هذا إلئ مسألة افتراضية: إذا كان شيءٌ ما (أي] كان) ينطبق علئ (أ) فهو ينطبق 
علئ (ب). فإذاً (أ) مطابق ل(ب). 

والآن لنطبق هذا علئ الخالق. تخيل أن هناك خالقان ويُطلق عليهما 
خالق )١(‏ وخالق (75)» وأن كل ما ينطبق علين خالق )١(‏ ينطبق أيضًَ على 
القن (9) قعل سني المقال »و عنالق )١(‏ تيضف بمظلق القدرة وتطلق 
الحكمة وكذلك خالق (7) يتصف بمطلق القدرة والحكمة. كم يوجد من 
خالق في الواقع؟ خالق واحد فقط؛ لأنه لا يوجد شيء يميّر بينهما. ولو جادل 
شخصٌ وقال بأهما مختلفان, فإنه لا يصف الخالق هنا بل شيئاً مخلوق)؛ 
لأنه لن يكون متصف بصفات تليق بالخالق. 

وإذا كان الشخص مصمما علا الادعاء بإمكان وجود خالقين مختلفين 
عن بعضهماء فإني أسأله ببساطة: كيف هما مختلفين؟ إن حاول الإجابة على 
السؤال» فقد دخلوا دائرة الجدل النابع من الجهل؛ لأنه سيتوجب عليهم أن 
يختلقوا أدلة لتبرير استنتاجهم الخاطئ. 

مبدأ أوكام (نصل اوكام): 

عل ضوء النقاش السابق» قد نجد بعض الأشخاص غير العقلانيين 
والعنيدين الذين لا يزالون يقولون بتعدد الخالقين أو الأسباب. فعلئ ضوء 
أوكام (أو نصل أوكام)» فهذه ليست حجة صحيحة. نصل أوكام هو مبداً 
فلسفي يُنسب لعالم المنطق والراهب الفرنسيسكاني الذي عاش في القرن 
الرابع عشر ويليام الأوكامي «تهءء0 0/7 تطةة11:/. ويقضي هذا المبدأ بأنه 


لأف 


«لا ينبغي أن يلجأ للتعددية بلا ضرورة». وبعبارة أخرئ. أفضل تفسير هو 
أيشظ وأشجل تفسير: 

في هذه الحالة» لا يوجد لدينا دليل علئ أن خالق الكون هو في الواقع 
جمعٌ من اثنين» ثلاثة» أو حتئ ألف خالق؛ فأبسط تفسير هو أن الخالق واحد. 
افتراض تعدد الخالقين لا يضيف لكليّة وشمولية الحجة أيضاً. وبصيغة 
أخرئء إضافة خالقين آخرين لن يحسّن من قوة أو مدئ الحجة التفسيري. 
القول بأن خالقً متصفاً بمطلق القدرة قد خلق الكون فيه نفس الدرجة من 
الكليّة والشمولية كالقول بأن خالقين متصفين بمطلق القدرة قد خلقاه. خالق 
واحد هو كل ما يُحتاج إليه؛ لآنه - ببساطة - يتصف بمطلق القدرة. بل إني 
أرق أن اقتاقى قد هالفية قزاهار من المدعة والقتر#الديرية الام طبر 
إشكالات أكثر مما يحل. فعلئ سبيل المثال» الأسئلة التالية تكشف عدم 
عقلانية التعددية الإلهية: كيف تتعايش كائنات خارجية كثيرة؟ ماذا عن مآل 
أي آراء معارضة؟ وكيف تتفاعل هذه الكائنات؟ 

اعتراض شائع علئ تطبيق حجة أوكام هنا هو قولهم أننا إذا أردنا تطبيق 
هذا المبدأ على الأهرامات في مصر مثلاء فإننا وبشكل اعتباطي ستتبنئ الرأي 
الذي يقول أن من صنعها شخص واحد عادي؛ لأنه يبدو التفسير الأبسط. 
هذا إساءة لتطبيق المبدأً؛ لأنه يتجاهل مسألة الكليّة والشمولية. الرأي القائل 
بأن الأهرامات بُنيت بواسطة شخص واحد عادي ليس التفسير الأبسط 
والأكثر شمولية؛ لأنه يثير أسئلة أكثر من التي يجيب عليها. فعلئ سبيل 
المثال» كيف يمكن لرجل واحد عادي أن يبني الأهرامات؟ حيث الأكثر 


ا 


شمولية هنا الافتراض بأنها بُنيت بواسطة رجال كثر. وعلى ضوء هذاء يمكن 
أوتسقول قتخصن الكو كوعدا الوا تدوحة السيكووم العدف القتول 
بأن خالق] واحداً فقط خلقه. وهو اعتراض في غير محله. فالخالق الموجود 
الذي يتصف بمطلق القدرة للكون كله هو تفسير أبسط بكثير ومترابط أكثر 
بكثير من تعددية الخالقين؛ لأن تعددية الخالقين تثير أسئلة لا يمكن الإجابة 
عليها (كتلك المذكورة في الفقرة السابقة). ومع ذلكء فقد يستمر الناقد في 
القول بأنه لم يخلقها شخص واحدء بل موجود متصف بمطلق القدرة» وأنه 
بما أن الأهرامات هي مباني - والمباني تبن بواسطة سبب عملي - (كشخص 
أو أشخاص يعملون»» فإذاً لا بد وأن تكون الأهرام قد خلقت بسبب من نفس 
النوع. وهذا يعود بنا إلئ النقطة الأصلية وهي أنه أكثر من واحد من هذه 
الأسباب كان مطلوب لبناء الآأهرامات. 

حجة التعريف: 

يقتضي العقل أنه لو كان هناك أكثر من خالق, فإن الكون سيكون في 
فوضئء ولن يكون هناك أيضاً نفس المستوئ من الانتظام الذي نجده 
الكون. وفي القرآن حجة مشاببة: ١‏ لَوَكَانَ فِيِمَآ ءَاهَة ِل آله َفَسَدَنَا فَسْبَحَنَ آ 
رَبالْعَرشٍ عَمَّا يَصِفْونَ 4 (الأنبياء:7؟). 

وفي التفسير المعروف بتفسير الجلالين: «لخرجت السماوات والأرض 
عن نظامهما المشامّد. لوجود التمانع بينهم علئ وفق العادة عند تعدد 
الحاكم» من التمانع في الشيء وعدم الاتفاق عليه»”". 


ف 
لله 


(5 #فسير الجاذلين؛ 5 


فا 


وبالرغم من ذلك» فقد يقول شخص أنه بما أن هناك أكثر من شخص 
صنعوا سيارتك (شخص قام بوزن الإطارات» وشخص آخر ثبّت المحرك. 
وشخص آخر قام بإعداد النظام الحاسوبي)» فربما أن الكون قد تم خلقه 
بنفس الطريقة. هذا المثال يدلل علئ أن الشيء المعقّد قد يُخلق بواسطة أكثر 
فو قا ل 

وخدا ثرةغلة هذا الاستزاف ما حت فيمة هو أن التفسيين الأكقز 
عقلانية لأصل الكون - كما نُوقِش في الفصول السابقة - هو مفهوم الإله 
وليس مجرد «خالق». قد يكون هناك احتماليةً مفهوميّة مجرّدةً للخالقين 
المتعددين - كما وضّح في مثال السيارة - ولكن لا يمكن أن يكون هناك أكثر 
من إله؛ وهذا لأن الإله - بمقتضئ التعريف - هو الموجود الذي له إرادة 
موجبة فارضة لا يمكن أن تحدَّ بشيءٍ خارج عنه. لو كان هناك إلهان أو أكثر» 
فسيكون لهم إرادات متنافسة مما سينتج عن فوضئ واضطراب. الكون الذي 
نشاهده محكوم بقوانين رياضية ونظام؛ فلذلك» من المعقول أن يكون نتيجة 
إرادة واحدة موجبة فارضة. ومن المثير للاهتمام أن الاعتراض السابق في 
واقع الأمر يؤيد وحدانية الإله. حتئ تتمكن السيارة من العملء لزم أولئك 
الأشخاص المختلفون المسؤولون عن صنعها أن يعملوا وفق «الإرادة» 
العامة للمصمم؛ فالتصميم حدّد إرادات هؤلاء المسؤولين عن صنع السيارة. 
بما أن الإله - بمقتضئ التعريف - لا يمكن أن تحدٌّ إرادته بأي شيءٍ خارج 
1 001 لكر نه فو ٠‏ الله :0د موي الخ عور لوقا 0و0 


.2 ,21-1201111 1021 :متتهن) .لل 310 .20ه1-121213ج 
0.501 11+ م6 115.31:0117. 13800205//:وماغخط 


كف 


عنه» فيستقيم القول أنه لا يمكن أن توجد أكثر من إرادة إلهية واحدة. 

ومع هذاء فقد يقول الشخص أن عدة آلهة قد يتفقون علئ أن يكون لهم 
نفس الإرادة أو أنه يكون لكل منهم مجاله الخاص. هذا يعني أن إراداتهم 
الأ امسقم يعو رد كرض تاعان ابناسوض الم لمي أ سياه 
بمقتضئ التعريف. 

يلخّص المفكر والفيلسوف المسلم ابن رشد هذه الحجة بقوله: 

«معنئ الآية مغروسٌ في فطرة البشر بطبيعتهم. من البديهي أنه إذا كان 
هناك ملكين» وأفعال كل واحدٍ منهما مثل الآخرء فسيكون من المستحيل 
عليهما أن يديرا نفس المدينة؛ حيث أنه لا يمكن أن ينتج ذلك عن فاعلين من 
نفس النوع ونفس الفعل. فيلزم ضرورة إذا قاما بالفعل جميعاء أن تفسد 
المدينة» إلا إن قام أحدهما بالفعل في الوقت الذي بقي فيه الآخر غير فاعل؛ 
وهذا غير متوافق مع صفات الألوهية. عندما يلتقي فعلان من نفس النوع في 
أساس واحدء فإن هذا الأساس فاسد بالضرورة)0. 

حجة الوحي: 

تقديم دليل علئ وحدانية الإله يكون بطريقة أسهل عن طريق الإشارة 
إل الوحيء وتقول هذه الحجة أنه إذا كان الإله قد أفصح عن نفسه للبشرية» 
وأمكن إثبات أن هذا الوحي منه فإن ما يقوله عن نفسه صحيح. ومع ذلك. 
فالمتشكك قد يشكك في بعض الافتراضات التي تفترضها هذه الحجة. 
1506 رومأ اوه طاته لمنقاكصم بسفاوة مز جوقدمة قمة طاته:1 (2001) وومو هق (0) 


.0 .م ,1170110 ع00 :0:1010 .يل .لا مستطفتط] نز تتطموع 616110 ممة 


كف 


وتتضمن هذه الافتراضات أن الإله قد أفصح عن نفسه للبشر وأن الوحي 
علئ شكل كتاب. 

لنأخذ الافتراض الأخير أولاً. إذا كان الإله قد أفصح عن نفسه للبشر 
فهناك طريقتان محتملتان فقط لمعرفة ذلك: داخليً وخارجياً. ما أقصده ب 
«داخلي]» هو أنه يمكنك معرفة من هو الإله عن طريق التفخُص والاستبطان» 
وما أقصده ب «خارجي])» هو أنه يمكنك معرفة من هو الإله عن طريق التواصل 
مع ما موجود خارج ذاتك؛ وبعبارة أخرئء يكون ظاهراً في العالم الخارجي. 
المعرفة عن الإله من طريق داخلي غير ممكنة للآسباب التالية: 

١‏ - البشر مختلفون؛ ففيهم ما يسمّيه علماء النفس «الفروق الفردية». 
ومن هذه الفروق الحمض النووي الدي إن أيه 218114 والتجاربء والظروف 
الاجتماعية» والقدرات العقلية والعاطفية, والاختلافات بين الجنسين» 
وغيرها الكثير. تلعب هذه الفروق دوراً في قدرتنا علئ الاستبطان عن طريق 
التفخّص أو الحدس. فلذلكء نتائج التفكير ستختلف. لو أستخدمت هذه 
العمليات فقط في المعرفة عن الإله. فحتم ستظهر هذه الاختلافات في 
مفهومنا عنه. وهذا صحيح من الناحية التاريخية؛ فمنذ العالم القديم (أي من 
قبل الميلاد) وحتئ الآنء هناك سجلات بما يقارب 7.17٠١‏ اسم 
قوري وناغ الال 

١‏ - بما أن الطريقة المستخدمة لاستئتاج وجود الإله هي طريقة طبيعية 
بديهية» أو ما يسميه الفلاسفة تفكير عقلاني وما يسميه علماء الدين الإسلامي 
التفكير الفطري» فمحاولة معرفة (من هو الإله) - وليس (التحقق من وجوده) - 


تفف 


هو منهج خاطئ. يوجد حدود لتفكيرنا. التفكير المجرّد والتأمل في العالم 
المادي يمكن أن يقودنا فقط إلئ استنتاج وجود خالق» وأنه قديرٌ عليمٌ إلخ. أما 
محاولة تجاوز هذه الاستنتاجات إلئ ما أبعد منها فسيكون مجرد توقعات. 
ويسأل القرآن بدقة عن هذا: « أَتَقولُونَ عَل آللهِ ما لا تَعَلَمُورَتَ 4 (الأعراف:78) 
استبطان وتحليل من هو الإله سيكون مثل فآر يحاول استيعاب مجرة. الإنسان 
ليس استبطانيا ولا فريداً ولا قديراً؛ فلذلك البشر لا يستطيعون استيعاب من 
هو الإله؛ فلا بد أن يُخبره الإله عن ذلك عن طريق الوحي الخارجي. 

خذ المثال التالي في الاعتبار. أنت تعلم أن الإله موجود مثل الطرق علئ 
الباب» حيث ستفترض - موقن - أن شيئا ما هناك ولكنك لا تعلم من هو. 
لم تكن تنتظر أحداًء فتصرخ: «من؟» والطريقة الوحيدة لمعرفة من هناك هي 
عن طريق إخبار ذلك الشخص لك. فلذاء يمكنك أن تستنتج أنه إذا كان الإله 
قال أو أفصح عن شيء» فيجب أن يكون خارجا عن البشر أنفسهم. 

ومن المنظور الإسلامي» هذا التواصل الخارجي هو القرآن (انظر 
الفصل الثالث عشر)؛ حيث أنه الكتاب الوحيد الذي يدَّعي أنه أتئ من الإله 
ويتوافق مع معايير كتاب إلهي. وتتضمن هذه المعايير: 

١‏ - يجب أن يكون متسّقا مع الاستنتاج العقلي والحدسي حول الإله. 
علئ سبيل المثالء إذا قال الكتاب أن الإله فيل بأربعين قدماء يمكنك أن 
تفترض - موقن - أن هذا الكتاب ليس من الإله؛ لآن الإله يجب أن يكون 
خارجاً عن الكون ومستقلاً عنه. الفيل - بغض النظر عن الشكل - هو كائن 
تابع؛ لأن له صفات مادية محدودة كالحجم والشكل واللونء وكل الأشياء 


زفف 


التي لها صفات مادية محدودة هي تابعة؛ لآنه هناك عوامل خارجية جعلت 
لها هذه الحدود. الإله مستقل وليس ماديّ. فلذلكء لاشيء بصفات مادية 
محدودة يمكن أن يكون الإله (انظر الفصل السادس). 

١‏ - يجب أن يكون متسقنا داخليً وخارجيا. وبعبارة أخرئ. إذا كان 
الكتاب يقول في الصفحة ٠١‏ أن الإله واحد ثم في صفحة 5٠‏ ”أن الإله ثلاثة, 
فإن هذا عدم اتساق (تعارض). بالإضافة إلئ ذلكء إذا كان الكتاب يقول أن 
الكون عمره ٠٠٠١‏ سنة» فإن هذا سيكون عدم اتساق خار- جي؛ فالواقع الذي 
نعرفه يؤكد علئ أن عمر الكون أكبر من ذلك (وبالرغم من هذاء فمفهومنا 
عن الواقع قد يتغير؛ انظر الفصل الثاني عشر). 

* - يجب أن يكون فيه علامات تعطي انطباعً عن المصدر المتعال. 
يجب أن يحتوي الوحي علئ علامات تشير إلئ أنها من الإله. والتي لا يمكن 
تفسيرها طبيعي. وبعبارة أبسط» يجب أن يحتوي علئ دليل أنه من عند الإله. 

في القرآن علامات تشير إلئ أنه نص إلهي» ولا يمكن تفسيرها طبيعي]؛ 
فلذلكء التفسيرات الماورائية هي أفضل تفسير. بعض هذه العلامات تتضمن: 

١‏ - إعجاز القرآن اللغوي والبلاغي (انظر الفصل الثالث عشر). 

؟ - بعض الأخبار التاريخية في القرآن لا يمكن أن يكون عرفها الناس 
في وقت نزول الوحي 

"' - تركيبه وترتيبه الفريد". 


)١(‏ للمزيد عن الطبيعة الإلهية للقرآنء الرجاء الاطلاع عائ: 

5 00111852 ع1 101105اظ :اعععم5 عستتكارا (2016) .5 ,2كتقطلصطم]آ لمة .لخ .لآ يمقطكا 

لمصتعاط عط (2015) الى ,79ا1تمعله72 320 عاتطتاكما طمستوحوة8 :كوعرء1 .ممع رآ 
016 :102001 .00111312 111131110115 عط]' ماعتامغخط1' تإع مهل خ زععمء 1لهط 0 


زذفا 


ولأختمء بما أن الطريقة الوحيدة لمعرفة ما أفصح عنه للبشر هي عن 
طريق الوحي الخارجيء وهذا الوحي يمكن إثبات أنه القرآن» فإذاً ما يقوله 
القرآن عن الإله صحيح. 

هذه هي بعض الحجج التي يمكن استخدامها لإثبات أن الإله واحد. 
وعند فهم هذا الموضوع بشكل صحيحء سيكون له آثاراً بالغة على الضمير 
الإنساني. إذا كان خلقنا إله واحد. فيستقيم أن نرئ كل شيء من خلال 
وحدانيته» وليس من خلال مفاهيمنا المجرّدة للتفرّق والانقسام. نحن عائلة 
بشرية» وإذا رأينا أنفسنا هذه الطريقة» فيمكن أن يكون لها آثار كبيرة علئ 
مجتمعنا. إذا كان حبنا وكرهنا في الإله فإنه ينبغي علينا أن نبدي التعاطف 
والرحمة لما خلقه الإله» كما قال الرسول 5©: «الراحمون يرحمهم 
الرحمنء ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»”. 


5 5 
دزي تاي يي 


2000 رواه الإمام الترمذي في سننه. 


ليف 


الفضل الحادي عشر: 
هل الإله رحيم 
رد الإسلام على وجود الشر والمعاناة 


عندما كنت طفلا» كان والداي يزجراني علئ محاولتي شرب الويسكي 
الخاص بِجَدّي. يمكنك أن تتخيل طفلاً صغيراً نشيط) فضولياً يراقب جَدَه 
يرتشف هذا السائل البارد الذهبي الغليظ. أردت بعض] منه» ولكن في كل مرة 
أحاول فيها سراً شرب هذا المشروب المغري؛ كنت أضع نفسي في مشكلة 
كبيرة. لم أكن أفهم لماذا؛ لذلك» كانت الأفكار السلبية تتسابق في ذهني حول 
والداي. وبعد سنوات كثيرة: أدرك الآن لماذا لم يسمحا لي؛ فويسكي جَدَّي 
كان يمكن أن يقتلني. ما كان لمشروب بنسبة ٠؛‏ بالمائة من الكحول أن 
يكون مستساغ] لمعدتي الصغيرة أو كبدي الصغير. ومع ذلكء فعندما كنت 
صغيراًء لم يكن لدي هذه الحكمة التي كانت أساس) لقرار والديّ» ولهذاء 
كنت أظن أن لدي مبرر في سلبيتي تجاههم. 

هذا يلخّص انطباع الملحد حول الإله عندما يحاول فهم الشر والمعاناة 
في العالم. القصة أعلاه لا يُقصد بها استحقار المعاناة والألم الذي يعيشه 
الناس. كبشر» يجب علينا أن نتعاطف وأن نجد طرق نخفف بها من معاناة 


غوف 


الناس» ولكن ما يقصد بالمثال هو إثارة فكرة مفاهيمية. فبسبب قلق ميخلص 
الملحدين أن وجود إله قدير ورحيم” لا يتسق مع وجود شر ومعاناة في 
العالم. إذا كان الإله هو «الرحيم»» فينبغي أن يريد وقف الشر والمعاناة» وإذا 
كان الإله هو «القدير»» فينبغى أن يكون قادراً علئ إيقافه. ولكنء بما أن هناك 
شر ومعاناة» فهذا يعني أنه إما أن الإله غير قادر, أو أنه بلا رحمة, أو كلاهما. 

جب للشو لانن عي ل عي جر | لاما ملك امار فميية 
رئيسيين خاطتئين. الافتراض الأول يتعلق بصفة الإله؛ فيشير إلئ أن الإله هو 
«الرحيم» و«القدير» فقط» وبهذا تعزل صفتين وتتجاهل صفات أخرئ كشف 
عنها القرآن عن الإله. أما الافتراض الثاني فيرئ أن الإله لم يقدم لنا أسبابا 
توضح لماذا سمح بوجود الشر والمعاناة". وهذا ليبس صحيحاً؛ فالوحي 
الإسلامي يقدم لنا أسبابً كثيرة توضح لماذا سمح الإله بوجود الشر 
والمعاناة. كلا الافتراضين ستتم مناقشتهما فيما يلي. 


)١(‏ تم التعبير عن حجة مشكلة الشر والمعاناة بأكثر من طريقة. بعض الحجج تستخدم صفات 
مثل خيّر ورحيم ومحب وعطوف بشكل مترادف. بغض النظر عن الاستخدامات 
المختلفة للكلمات» تبقئ الحجة كما هي. بدلا من استخدام كلمة خيّر» يمكن استخدام 
كلمات مثل رحيم ومحب وعطوف أيضا. تفترض مشكلة الشر أن المفهوم التقليدي 
للإله يجب أن يتضمّن صفة تدل علا أنه لا يريد وجود الشر والمعاناة. فلذلك» استخدام 
كلمات بديلة مثل» رحيم ومحب وعطوف لا تؤثر علئ الحجة. 


20 تم اقتباس هذا الافتراض (بتصرف) من مناقشة البروفيسور ويليام لين كريغ لمشكلة الشر: 
0 2 101 10111201311025 1631م211050 .(2003) ..آ .117 ,رعنة1) له .2 .ل ملتطماع1م0ك83 
تتعأمقطه ع5 .ذووع:2 21:5157 1016117 ,111 ,0101 كتاعم120آ .لع 117011011 


إفف 


هل الله هو «الرحيم» و«القدير» فقط؟ 

وفقا للقرآنء الإله هو «القدير» وهو «الرحمن» والتي تشير أيضا] لمعنى 
الرأفة والرحمة. يتطلّب الإسلام من البشر أن يعرفوا ويؤمنوا بإله متصف بالقدرة 
والرحمة والخير. ومع ذلك. يأتي الملحد ويشوّه مفهوم الإسلام الشامل للإله. 
الإله ليس فقط «الرحيم» و«القدير)؛ بل له صفات وأسماء كثيرة» وهذه الأسماء 
والصفات ثُفهم بشكل مجمل عن طريق وحدانية الإله (انظر الفصل الخامس 
عشر). فعلئ سبيل المثال» أحد أسمائه «الحكيم»» وبما أن صفة الإله 
الحكمة» فيستقيم أن يكون كل ما يريده في انُساق مع الحكمة الإلهية. عندما 
يُفسّر شيءٌ بوجود حكمة خلفه؛ فيعني أن هناك سبب لظهوره. وعلئ ضوء 
هذاء يختزل الملحد الإله في صفتين فقطء وبعمله ذلك فهو يبني بناء على 
مغالطة رجل القش؛ -وبهذا- يدخل في حديث فردي لا علاقة له بالمسألة. 

يرد الكاتب ألوم شاها 51818 :4105 (الذي كتب: دليل الملحد 
الشاب) عل القول بالحكمة الإلهية كتفسير للشر والمعاناة عن طريق وصفه 
بأنه هروب فكري: 

«مشكلة الشر تأت لأغلب المؤمنين العاديين. ومن تجربتي» فعادة ما 
يردون بجواب من نسق "الإله يتتصرف بطرق غامضة". وفي بعض الأحيان؛ 
سيقولون: "المعاناة هي طريقة الإله لاختبارنا". والذي يرد عليه بالجواب 
الواضح: "لماذا يجب عليه أن يختبرنا بطرق شريرة"» والذي يرد عليه 
بالجواب: "الإله يتصرف بطرق غامضة". أعتقد أنك فهمت الفكرة)”. 


.2 132052001 5]:5[عطاكث عصطتاهلا عط1 (2012) .لك يقطقطكة (1) 


يفف 


يقع ألوم - كغيره من الملحدين - في مغالطة الجدل النابع من الجهل. 
فقط لآنه لا يستطيع التوصل للحكمة الإلهية ومعرفتها لا يعني أنها غير 
موجودة» وهو نوع من التفكير الذي يتناسب مع الأطفال الصغار. كثير من 
الأطفال يتم توبيخهم من قبل والديهم بسبب شيء أرادوا فعله (كأكل مقدار 
كثير جداً من الحلويات). عادة ما يبكي هؤلاء الأطفال أو يغضبون؛ لأنهم 
يفكرون في مدئ سوء أمهم أو أبيهم. ولكن هؤلاء الأطفال لا يدركون أن 
هناك حكمة خلف رفض والديهم (وفي حالتنا تلك: الكثير من الحلويات لها 
آثار سيئة علئ صحة أسنانهم). بالإضافة إلى ذلكء فهذا الاعتراض لا يفهم 
تعريف وصفة الإله. بما أن الإله متعالٍ ومتفرّد ويتصف بمطلق العلم 
والحكمة» فيستقيم أن البشر (محدودي القدرات) لا يمكنهم فهم الإرادة 
الأليية شين كناماة : وضيره الادعكء انييكنا أن حرفي كفال سكية 
الإله سيعني أننا صرنا مثل الإله؛ مما يعني إنكارنا تعاليه عليناء أو أن الإله 
محدود كالبشر. ليس لهذه الحجة أي تأثير علئ أي مؤمن؛ لله لا ع 
مسلم يعتقد بإله مخلوق محدود. الإشارة إلئ الحكمة الإلهية ليست هروباً 
فكريا؛ لأنها ليست إشارةً إلى شيءٍ غامض غير معروف؛ بل هي تفهم حقيقة 
صفة الإله وتقوم بالاستنتاج المنطقي الضروري. كما قلت سابقاء لدئ الإله 
الصورة كاملة ونحن لدينا بكسل واحد فقط. 

مشكلة الشر والمعاناة تكشف عن انحياز معرفي يسم ب «التمركز حول 
الذات)» 522تامءءمع»6 كما أشير إلى ذلك في الفصل الأول. مثل هذا 
الشخص لا يمكنه أن ينظر لموضوع معين إلا من خلال منظوره الخاص. 


اليف 


بعض الملحدين يعانون من هذا الانحياز المعرفي؛ فيفتر ضون بما أنه لا 
يمكنهم إيجاد أسباب جيدة تبرر وجود الشر والمعاناة في العالم» فلا بد أن 
يكون الآخرين كلهم يعانون من نفس المشكلة. فلذلك, هم ينكرون الإله؛ 
لآم يفترضون أنه لا يمكن أن يكون للإله مبرر في سماحه بوجود الشر 
والمعاناة في العالم. وإذا كان لا يوجد مبرر للإله؛ فالرحمة والقدرة هي مجرد 
أوهام» وهكذا يتم إلغاء المفهوم التقليدي للإله» ولكن كل ما قام به هؤلاء 
الملحدون هو فرض منظورهم للإله. هذا مثل الجدال بأنه لا بد وأن الإله 
يفكر كما يفكر البشر. وهذا مستحيل؛ لأنه لا يمكن مقارنة البشر بالإله؛ 
فالإله متعالٍ متصفيٍ بمطلق العلم ومطلق الحكمة. 

قد يرد الملحد في هذه المرحلة بوصف ما ذكر أعلاه بأنه تهرّب فكري. 
إذا كان الألوهي يستطيع الإشارة إلئ حكمة الإله - وأن حكمته عظيمة جداً 
لدرجة أنه لا يمكن فهمها -. فنستطيع إذاً أن نفسّر أي شيء «غامض» عن 
طريق الإشارة إلئ الحكمة الإلهية. إلئ حدٍ ماء أتعاطف مع هذا الرد. ولكن 
في سياق مشكلة الشر والمعاناة فهذه حجة خاطئة؛ فالملحد نفسه هو من 
أشار - في الأساس - إلى صفات الإله: القدرة والرحمة» وكل ما قيل هو أنه 
ينبغي عليهم الإشارة إلئ الإله كما هوء وليس الإشارة له وكأنه متتصفٌ 
بصفتين فقطء ولو ضمَّنوا صفات أخرئ كالحكمة:؛ فلن تكون حجتهم 
صحيحة. لأنه سيتوجّب عليهم أن يُثبتوا كيف أن الحكمة الإلهية غير متوافقة 
مع عالم مليء بالمعاناة أو الشر. وهذا من المستحيل إثباته؛ لآن هناك الكثير 
والكثير من الأمثلة في حياتنا العقلية والعملية التي نعترف فيها بقصورنا 


لهف 


العقلي. نحن نسلّم باستمرار - وبشكل منطقي - للواقع الذي لا نفهمه. 
فعل سبيل المثال» عندما نذهب للطبيبء نفترض أن الطبيب مؤهل؛ فنثشق 
بتشخيص الطبيب بناءً علئ هذا الأساس. بل أننا نأخذ الدواء الذي وصفه لنا 
الطبيب وبلا تردد. هذا المثال وغيره من الأمثلة الكثيرة» تثبت بوضوح أن 
الإشارة إلن حكمة الإله ليس تهربً فكريا؛ بل هو وصف الإله كما وليس 
اختلاق القول ا ا و 
وأسماؤه وصفاته مطلقة الكمال» فيستقيم القول أن هناك حكمة في كل ما 
يفعله الإله (حتئ ولو لم نعرف أو نفهم تلك الحكمة. الكثير منا لا يعلم 
طبيعة عمل الأمراضء ولكن عدم فهمنا لشيء لا ينفي وجوده). 

يستخدم القرآن قصصا عميقة لتثبيت هذا الفهم. خذ - علئ سبيل 
المثال - قصة موسئ مع رجل قابله في أسفاره يُسمّى بالخضر. يلاحظ موسئ 
أن الخضر يفعل أموراً تبدو ظالمة أو شريرة» ولكن في نهاية رحلتهم, كُشِف 
عن تلك االحكمة الت مركن مريني على لاد بعايها: 


ا 0 يت قال 


مه قات قل عي ع حل أ شر قينا 27 

نطَلَقا حَََ إِذَا رَكبًا فى آلسَّفِيئَة 0 قال حرق لتُغْرة أهَلَهًا لَقَدَ حِعَتَ شيعًا إمرا 
4 قَالَ أَلمَ أقلّ إتلكك لحن فمه 0 7 ور 2 قَالَ َِ ؤَاخْدنيى يمنا نسيت ولا 
و 5 2 2 و > سم جو - ا رت لل مر 7 
تَرَهِقَن مِنْ أمرى عُسْرا (2 فَآنطلَقَا حََنَْ إِذَا لقيًا غْلّسًا فَقَمَلَهُء قَالَ أَقَتَلتَ نفس رَكيّة 


5" 


بر" ان أله ا وا سهد 2 


17000 - دص ساسم 


قَالَ إن تألاا عن طن , تققعا ةميدو" ا عُدْرًا و2 فَأنطَلَعًا 


- 


ع ...نتن 


َك إد1 نآ أل فَربَةآسعطعَمَ هلها فَأبّوا أن يُصَيْهُوهُمَا فَوَجَدَا فا جدَارايُريدُ أن 
00117 قَال لَوَ سَِتَ لَكَخَدْتَ عَلَيّهِ أُجْرَا © فَالَ هَذًَا فراقٌ ببق وَيَبَيك 
َك بتَأُويلٍ مَا لَمْ مَسمَطِع عَلَيّه صَبرَا 29 أمًا آلسَفِيئة فكَانْتَ لِمَسَينَ يَحَمَلُونَ في 


رع عف وروم دي صودوده 


لْبَخْر فَأَرَدثٌ أن فم كان وَرَآءَهُم مَلِكُيَأْخْدٌ كل سَفِيَةٍ عَصَبًا (2) وما الْغْلَمُ فَكنَ 


أَبَوَاهُ مُؤْمِمَيْنِ فَخَشِيَآ أن يُرَهِقَهُمَا طُيَسًا وَكُفْرا (2) فَأرَدْنآ أن يُبَدِلَهُمَا رَيُمَا خَيَا 
تقد كر وأتري ته (القر ب و 

بالإضافة إلئ اختلاف حكمتنا المحدودة مقارنة بحكمة الإله» تقدم لنا 
هذه القصة دروس] مهمة وتبصّرات روحانية. أول درس من هذه الدروس هو 
أنه حتئ نفهم إرادة الإله» يجب علئ الشخص أن يتواضع. اقترب موسئ من 
الخضرء وكان يعلم أن لديه من العلم الذي ألهمه إياه الإله ما لم يعطه الإله 
لموسئء وسأله موسئئ - بتواضع- أن يتعلم منه» ومع ذلك رد الخضر 
بالتشكيك في قدرته علئ الصبر» ومع ذلك؛ أصرّ موسيل وأراد أن يتعلّم (وفق) 
للتعاليم الإسلامية» المستوئ الروحي لموسئ عالي جداً. فقد كان نبي 
ورسولآًء ومع ذلكء اقترب من الرجل بتواضع) الدرس الثاني هو أن الصبر 
مطلوب عند التعامل - عاطفي ونفسي] - مع المعاناة والشر في العالم. علم 
الخضر أن موسئ لن يستطيع أن يصبر معه بما أنه كان سيقوم بأشياء يعتقد 
موسوا أنها شر. حاول موسو أن يصير ولكنه كان متشكك) طوال الوقت من 
أفعال الرجل وعبّر عن غضبه مما يراه شرًاً. ولكن. في نهاية القصة» شرح 


بذ 


الخضر الحكمة الإلهية التي كانت سبب ما قام به بعد التعجّب من عدم قدرة 
موسئ على الصبر. ما نتعلمه من هذه القصة هو أنه حتئ يمكننا التعامل مع 
الشر والمعاناة في العالم» وحقيقة أننا - تماماً مثل موسئ- لا نستطيع دائم) 
تفسير الأسباب أو الحكمة من الشر والمعاناة. يجب أن نتواضع ونصبر. 

تعليق علئ الآيات السابقة» وضّح العالم المتقدم ابن كثير أن الخضر 
أعطاه الله علما عن واقع ما يُشاهد من شر ومعاناة» ولم يعط هذا العلم 
لموسئ. بالإشارة إلئ قوله: ١‏ قَالَ إِنّكَ أن مَسَتَطِيعَ مَعِىَ صَبرَا 4 (الكهف:57): 
يقول ابن كثير معناه: «أي» أنت لا تقدر أن تصاحبني لما ترئ مني من الأفعال 
التي تخالف شريعتك. لأني علئ علم من علم الله لم يعلمه لك الله وأنت 
علئ علم من علم الله» لم يعلمني إياه الله)". 

المنظور الذي يرئ أن كل شيء يحدث هو في دائرة حكمة إلهية منظورٌ 
قوي وإيجابي» وذلك لأن حكمة الإله لا تتعارض مع جوانب أخرئ من 
صفاته كالخير والكمال. فلهذاء الشر والمعاناة هى في الأساس جزءٌ من 
غرض إلهي. من بين علماء متقدمين كثر» يلخص عالم القرن الرابع عشر ابن 
تيمية هذه النقطة جيداً: «فإنه [الإله] لا يخلق شرًا محض)ء بل كل ما يخلقه: 
فيه حكمة» وهو باعتبارها خير» ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس. وهو 
شرٌ جزئي إضافي. فأما شرٌ كلي» أو شرٌّ مطلق: فالرب منزة عنه»”. 


.)١18١( ابن كثير» تفسير القرآن العظيم» الجزء (5)» ص‎ )١( 
.لعع اث '-31 31-0101320 تزوكه1' (1999) .1 تتطتمهكا م1‎ 1701 5,2. 
[ه©6 ابن تيمية» مجموع الفتاوئ» الجزء 0 36 ص (555؟).‎ 


منط تطخ حصدا؟1 اتتطاتوقطاذك وكحكقته21-1 'تتسزدك/1 (2004) .الى ,طولاوتصدجة1' مط1 
.م ,14 1701 طهلوتمرة 1" 


ذف 


وهذا يستثير استجاباتٍ نفسية إيجابية من المؤمنين؛ لأن كل الشر وكل 
المعاناة التي تحدث تحدث لغرض إلهي. ويلخّص ابن تيمية هذه النقطة 
أيض]: «والله تعالئ وإن كان خالقً لكل شيء فإنه خلق الخير والشر لما له في 
ذلك من الحكمة التي باعتبارها كان فعله حسنا متقن)". 

ويوضح هذا الموقف أيض] عن ابن تيمية هنري لاوست تمع ]1 
01051 : «العناية الإلهية هي الأصلء والشر بلا وجود حقيقي في العالم. كل ما 
أراده الإله لا بد وأن يتلاءم مع عدل سيادي وخير لا منتهئ له. ولكن بشرط 
أن ينظر له من وجه الإجمال وليس من العلم الجزئي والناقص الذي لدئ 
المخلوقين عن الواقع...»”. 

هل يقدم لنا الإله أسباب عن لماذا يسمح بوجود الشر والمعاناة؟ 

يكفي للرد علئ الافتراض الثاني تقديم حجة أن الإله قد أخبرنا ببعض 
الأسباب لسماحه بوجود الشر والمعاناة في العالم. يقدم لنا الثراء الفكري 
الإسلامي أسباب] كثيرة: 

- الغاية من خلقنا العبادة: 

الغاية الرئيسية من خلق البشر ليس ليستمتعوا بنوع من السعادة الزائلة» 
إل افطع الطنانة المع تعن طزيق مغرية الآلها وعياوة (انظ لفطل 


)غ2 ابن تيمية» منهاج السنة النبوية» الجزء (9). ص (57 .)١‏ 
152520 1/1113121220 7( 80160 .طلقصصباح-21 زمطصتل8ة (1986) .لخ رطولاوتموهة!' مدآ 
2 7013 .17725دطة !21-15 52110 قلط 20:تتتتتة طد/8 متقحص] -21 طة' تمصول :115:0 


هم نقلآ عن : 
بللا :ضعل1عا .لائتطلام0 [مناعمعء2 08 :150013 25 7اوتمتاتية 1 م16 (2007) .ل 1م1806 
1.4 


نذنا 


الخامس عشر). تحقيق الغرض الإلهي هذا سينتج عنه نعيم أبدي وسعادة 
حقيقية. فلذاء إذا كان هذا هو الغاية الرئيسية من خلقناء فالجوانب الأخرئ 

من تجربتنا البشرية تعتبر أشياء ثانوية. يقول القرآن: « وَمَا حَلَفَ تان وَآلإنس 
! لِيَعْبَدُونِ 4 (الذاريات:07). 

تخيّل شخصا لم يعاني أبداً أي نوع من الألم؛ بل يستمتع تع طوال الوقت. 
هذا الشخص - بسبب حالته -» نسي الإله» وبهذاء يكون قد أخفق في تأدية ما 
خلق لذ قاون :هذا القتخصن بشخص آخرممن"قادته تبجارية في المعاناة إليل 
الإله» وأدّى دوره في الحياة. من هذا المنظور الروحاني الإسلامي, الشخص 
الذي قادته معاناته إل الإله أفضل حالاً من الذي لم يعاني قط وأبعدته مُتَعْهُ 
عن الإله. 

- الحياة امتحان: 

خلقنا الإله أيضاً لامتحانناء وجزء من هذا الامتحان هو أن يكون لنا 
تجارب مع المعاناة والشر» واجتيازنا 3 الامتحان يسهّل الوصول لمقامنا 
الدائم وسعادتنا الأبدية في الجنة. يوضح القران أن الآله لق الدوت 
والحياة: « لِيبلوكم أيكرَأَحْسَنُ عمد وهو الْعَرِيرُ آلعَفُورٌ4 (الملك:؟). 

علئ المستوئ الأساسيء يسيء الملحد فهم الغرض من وجودنا على 
الأرض. يُفترض أن العالم ساحة من المحاولات والتجارب لاختبار سلوكنا 
وحتئى ننمّي الفضائل فينا. فعلئ سبيل المثال» كيف يمكننا أن ننمّي الصبر إذا 
لم نجرب شيئا يختبر صبرنا؟ كيف يمكننا أن نصبح شجعانا إذا لم يكن 
هناك أي أخطار لنواجهها؟ كيف يمكننا أن نكون متعاطفين إذا لم يكن هناك 


22 


أحد محتاج للعطف؟ كون الحياة امتحان يجيب علئ هذه الأسئلة. نحتاج 
هذه الأشياء حتئ نضمن تقدّمنا الأخلاقي والروحاني. لسنا هنا للاحتفال؛ 
فهذا هو الغرض من الجنة. 

إذاء لماذا الحياة امتتحان؟ بما أن الآله يتصف بكمال البخير» فهو يريد أن 
يؤمن كل واحد منا وأن يعيش النعيم الأبدي في جواره في الجنة نتيجة لذلك. 
يصرّح الإله بأنه يريد لنا كلنا الإيمان: « ولا يرط لباه الكُفرٌ 4 (الزمر:00. 

وهذا يؤكد بوضوح علئ أن الإله لاايريد لأي شخص أن يذهب لجهنم» 
ولكن لو فرض ذهاب كل شخص للجنة» فإن هذا سيكون اختراقً صريحاً 
للعدل؛ حيث سيكون الإله هنا عامل موسئ وفرعون وهتلر وعيسئ بنفس 
الطريقة. يجب أن يكون هناك آلية تضمن أن من يدخل الجنة يدخلونها بناءً 
علئ الاستحقاق. وهذا يفسّر لماذا الحياة امتحان. الحياة هي آلية لمعرفة من 
منا يستحق حقا السعادة الأبدية» ولذلك. فالحياة مليئة بالعقبات التي تختبر 
تلو كنا 

فمن هذا الجانبء الإسلام يقوينا بشكل كبير جداً؛ لأنه يرئ المعاناة 
والشر والأذئ والألم والمشاكل كامتحان. يمكننا الاستمتاع» ولكننا خلقنا 
لغاية وتلك الغاية هي عبادة الإله. المنظور الإسلامي الذي يقوينا هنا هو أن 
هذه الامتحانات يُنظر إليها علئئ أنها علامة من علامات حب الإله. قال 
الرسول #2: «إن الله إذا أحب قوم ابتلاهم)". 


وو الترمدي: 


>31 


الاختبار طريق لتحقيق الجنة والنعيم الأبدي» ودخول الجنة هو نتيجة للحب 
ا الما وده 


(البقرة: 5 ١؟7).‏ 

جمال الدين الإسلامي يكمن في أن الإله - الذي يعرفنا أكثر مما نعرف 
أنفسنا - قد أعطانا بالفعل القوة وأخبرنا أننا نستطيع تجاوز هذه الامتحانات: 
جلا يُكلِ انه تَفْسَا ِل وُسَعَهَاً > (البقرة:587). 

ومع ذلكء فإن لم نستطع تجاوز هذه الامتحانات بعد فعل ما بوسعناء 
فإن رحمة الله وعدله ستضمن أننا ستجازئ بطريقة ماء سواءً في هذه الحياة أو 
في الحياة الأبدية التي تنتظرنا. 

معرفة الإله: 

وجود الصعوبات والمعاناة يعيننا عل معرفة صفات الإله ك «الحافظ» 
و«الشاني». فعلئ سبيل المثال» بدون ألم المرض لن ندرك صفة الإله كونه 
«الشافي», أو الذي يهبنا الصحة. معرفة الإله في التعاليم الإسلامية الروحانية 
هي مصلحة عظمئء» وتستحق تجربة المعاناة أو الألم؛ حيث أنها ستضمن 
تحقيقنا لغايتنا الأولئ التي تقودنا في آخر الأمر إلئ الجنة. 

- المصلحة العظمئ: 

وجود الشر والمعاناة فيه مصلحة عظمئ» ويعرف أيضاً بخير الدرجة 


ذا 


الثانية. خير الدرجة الأولئن هو السعادة والمتعة الجسدية» وشر الدرجة 
الأول هو الحزن والألم الجسدي. بعض الأمثلة علئ خير الدرجة الثانية 
تتضمن الشجاعة والتواضع والصبر. ولكن. حتئ يكون لدئ الشخص خير 
الدرجة الثانية (الشجاعة)» يجب أن يكون هناك شر درجة أولئ (كالجبن). 
وفقا للقرآن» الخير العالي كالشجاعة والتواضع لا يتساوئ مع قيمة الشر: 
( قل لا يَشتوى ليث وَاآلطَيْب وَلَوَأَُجَبَك كت كيت فَأتَهُوا لَه يتوى الب 
لكو ممْلخُورت» (المائدة:٠*1).‏ 

- الإرادة الحرة: 

أعطانا الإله إرادة حرة (مشيئة)» وتتضمن هذه الإرادة القيام بأفعال 
شريرة» وهذا يفسّر الشر الداخلي وهو الشر أو المعاناة التي كان سببها بشر. 
نبكة للمخص أنسبال: ناذا أعطانا الالدإوادة ترق مين الأساش سم 
يكون لامتحانات الحياة معنيل» يجب أن يكون هناك إرادة حرة. الاختبار 
ليس له معنئ إذا كان الطالب مجبراً علئ الإجابة بشكل صحيح علئ كل 
سؤال. وبشكل مشابه» في اختبار الحياة» لا بد أن يعطئ البشر حرية كافية 
ليفعلوا ما يريدون. 

يفقدالخير والشر المعنئئ إذا كان الإله يضمن لنا دوم اختيار 
الخير. خذ المثال التالي في الاعتبار: شخصٌ يوجه مسدس] محشوًاً لريأسك 
ويطلب منك التصدق. أنت تتصدق ولكن هل لهذا العمل أي قيمة أخلاقية؟ 
ليس له قيمة من الناحية الاخلاقية؛ لأن قيمته تكمن في كون الفاعل حراً 
ليفعل ذلك. 


ا 


- الابتعاد عن العالم: 

وفقا للدين الإسلامي» خلقنا الإله حتئ نعبده ونتقرب منه. يتعلق بهذا 
الأمر مبدأ رئيسي هو أنه يجب علينا أن نبعد أنفسنا عن الطبيعة المؤقتة الزائلة 
لهذا العالم. هذا العالم المعروف بالدنيا (من الأدنئ أو الأسفل)»» هذا العالم 
الزائل هو مكان للضوائق والمعاناة والفقد والشهوات والأنانية والإسراف 
والشر. حيث تبين لنا المعاناة كيف أن الدنيا حقيرة فعلآه وبهذا يسهل علينا 
الابتعاد والانفصال عنهاء ولهذاء نحن نستطيع التقرّبٍ من الإله. 

يؤثر عن الرسول 2 أنه قال: «حب الدنيا أصل كل خطيئة»”. وفقا 
للإسلام؛ إن أعظم شر هو إنكار الإله وأن ننسب له شركاءء» لذلكء فالابتعاد 
عن الدنيا والانفصال عنها ضروري للوصول إلئ أعلئ هدف من القرب 
الروحاني للإله» وتبعا لذلك الجنة. 

ويصرح القرآن بأن الدنيا زائلة ومتاعٌ خادع: و أعَلَمُوا أنمًا الكيرة الد قا 


و2 
سد اننا ا ا 0 


لوطو وَرِيبَة وتقا حر بَيَنَكُمَ و رف امول الأول ار ا 
ةيسج فر 1 قن مشكرا يون شطم 4 (الحديد: .)7١‏ 
المعروفة ب «عالم الخلق»», وتتعلق هذه المفاهيم بجمال وعجائب خلق 
الإله» ويُراد منها حث الناس علئ التأمل والفهم الذي هو سبيل استنتاج 
وجود قدرة وحكمة إلهيين خلف هذا الخلق. 


(1): البيهقي: شعب الإيمان» عن الحسن البصري الذي نسبه للرسول 2©. صف العلماء 
هذا الحديث ك «(حسن). 


"1 


- معاناة البريئين معاناة مؤقتة: 

تظهر النقاط السابقة أسباب] مختلفة عن لماذا يسمح الإله بوجود الشر في 
العالم. ومع ذلك» وحتئ مع وجود الكثير من المصالح العظمئ التي يمكن 
إثباتها» قد يلاحظ الشخص أنه ما زال بعض الناس يعانون بدون أن يجرّبوا 
أي راحة» وهذا هو السبب أنه في الإسلام» الإله لا يقدَّم فقط أسبابا وراء 
وجود الشر والمعاناة في العالم بل يعوّضهم أيضاً. ففي آخر الأمر. كل 
المؤمنين الذين عانوا وكانوا بريئين سيمنحون النعيم الأبدي» وكل المعاناة 
التي عانوها - حتئ ولو كان ذلك طوال حياتهم - سيتم نسيانها إلئ الأبد. 
يقول الرسول : «... ويؤتئ بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة 
فيُصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة 
قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط)”. 

- منظورات روحانية: 

في إطار الإلحاد» لا توجد غاية للشر؛ فهو أحد القوئ العمياء في العالم 
التي تختار فريستها بلا تمييز. ليس لأولئك الذين وقعوا ضحايا للشر 
والمعاناة أي منظورات منطقية وعاطفية تساعدهم في التخفيف من معاناتهم 
أو تساعدهم في فهم تجار يهم هذه. قد يكون الشخص قد عانى طوال حياته 
ومن ثم انتهئ به الأمر إلئ القبر. لن يكون لمعاناتهم وتضحياتهم وآلامهم 
معن علئ الإطلاق. فينظر للشر علئ أنه شيءٌ يحدث بسبب عمليات مادية 


00 رواه مسلم. 


لكا 


سابقة» وهؤلاء الذين عانوا من الشر لن يكون لهم مرجعء ولا يستطيع هؤلاء 
أن ينسبوا أي إرادة له - بشريّة كانت أو إلهية -؛ لأن كل شيء يعود به الأمر 
إل حوادث مادية عمياء عشوائية غير عقلانية. ولذلك. فالآثار المنطقية 
المرقة علخ الإلحاد كثية جذا, 

في الدين الإسلامي ينبوع من المفاهيم والمبادئ والأفكار التي تسهّل 
علئ المؤمنين رحلتهم الحياتية. وقد قوّئ الرسول ظ المؤمنين الذين 
يتصفون بالأمل والصبر. كل هذه المعاناة التي نواجهها هي طريقة للتزكية 
الروحية» وبذلكء» تسهل الجنة التي سننسئ فيها كل ما مررنا به: «ما يصيب 
المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذئ ولاغم حتئ الشوكة 
يشاكها إلا كفر الله مها من خطاياه»”" وقال: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله 
ين وليس ذاك لاحك إلا للسؤمن إن أضابته شرا شكر فكان خبرا لفوإن 
أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)”. 

وحتئا الكوارث الطبيعية والأمراض المميتة يُنظر لها من خلال عين 
الأمل والرحمة والمغفرة. المنظور الإسلامي للمرض هو أنه شكل من أشكال 
التنقية» والتي تسهّل النعيم الأبدي ني الجنة علئ المرضئ. شجّع الرسول علئ 
زيارة المريض: « فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض»”. أولئك 
الذين يقومون علئ المرضئئ يُجِرونَ بالرحمة والمغفرة» وفي النهاية بالجنة. 


210 رواه البخاري. 
200 رواه مسلم. 
[فرة رواه البخاري. 


لليذا 


هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تفصّل في هذه النقاط. فعلئ سبيل 
التقال اله الاسول كم اذا وات الجومة دون أ ميطون فاقه يعد 
هيدا موك القيذا #ونضاوق الحنة نالك ا ساد يف وعب #تسنول الرعة 
والثواب والنعيم لأولئك الذين يعودون المرضئ ويقومون عليهم. قال 
الرسول #5 أن «مَن عاد مريض)ً لم يزل يخوض في الرحمة حتئ يجلس فإذا 
جلس اغتمس فيها»". وهنا رواية مؤثرة وعميقة عن الرسول يت تعلّمنا أن 
أولئك الذين يعودون المرضئ سيجدون الإله معهم: (يا ابن آدم مرضت فلم 
تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي 
فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده)©. 

وقول في الات الكنؤازك الظبيعة مكل التسونامي» سعد القيسعايا 
المؤمنون من أهل الجنة؛ لأن الموت غرقا يُعتبر شهادة في الدين الإسلامي. 
قال الرسول غ في هذا الخصوص: «الشهداءٌ خمسة... والغرق...)© 
يستنتج علماء المسلمين أن المؤمن إذا مات نتيجةً لتحطم مبنئ عليه بسبب 
زلزال (والبعض يتوسع في هذا ليشمل حوادث الطيارات والسيارات)» فإنه 
يعتير من أهل الجنة. وقد قال الرسول عن أن أحد الشهداء «... صاحب 


)١(‏ أي أحد يحاول التفجير الانتحاري أو ينخرط في الإرهاب ويموت نتيجةً لذلك لا يعتبر 
شهيداً. هذه الأفعال الشرّيرة محرمة في الإسلام. 


(5؟) رواه مسلم. 


[فرة رواه أحمد. 


(04" ووامشتلم: 


55١ 


الهدم...)”. 

- ولكن الإله يستطيع أن يخلق عالما بلا معاناة: 

علئ الرغم من النقاش السابق» فإن اعتراض] بارزاً عادةً ما يتبع هو 
«ولكن الإله يستطيع أن يخلق عالم بلا معاناة». هذا الاعتراض هو مجرد 
إعادة تغليف للحجة الأصلية؛ أي «لماذا سمح الإله بوجود الشر 
والمعاناة؟». فلذلكء. الجواب نفسه ينطبق؛ ألا وهو الحكمة الإلهية. 
الشخص الذي يعترض بهذا الاعتراض يفعل ذلك لأنه لا يستطيع استيعاب 
لماذا يوجد شر ومعاناة في الأساس. ويعتقد أنه ينبغي علئ إله رحيم قدير أن 
يمنع كل شر ومعاناة. ومع ذلكء فهذا تم مناقشته بالفعل في هذا الفصل. 

مشكلة الشر والمعاناة ليست مشكلة بالنسبة للمؤمن؛ حيث يفهم الشر 
والمعاناة علئ أنها توظيفات لحكمة الإله العميقة» وكماله وخيريّته. التعاليم 
الروحانية للإسلام توجد نوع من الأمل والصبر والطمأنينة. في إطار الإلحاد. 
يخوض الشخص في حالة من اليأس ولا يحظئ بإجابات عن أسباب وجود 
الشر والمعاناة. هذا الجهل هو في الغالب نتيجة لتمركزهم حول ذواتهم الذي 
يجعلهم يعجزون عن رؤية الأشياء من منظور آخرء مثلي تمامآ عندما كنت 
أعتقد أن والدي أشراراً عندما كانوا يمنعوني من شرب ويسكي جَذَّي. 


5 
دز تزه ري 


لذذا 


الفطل الثاني عشر: 
هل أثبت العلم عدم وجود الإله؟ 
تفكيك افتراضات إلحادية خاطئة 


تخيلل انك ولت قنصر] زاتعناء بيه نيك قير خيلال المدعل؛ 
فوجئتٌ بحجم المبنئ وقررت أن تستكشف وفتحت أقرب الأبواب منك. 
دخلت الغرفة» فرأيت مئات الكراسي والطاولات مرتبة وكأنها في قاعة 
دراسية» وفجأة» فقدت أي رغبة في استكشاف الغرف الأخرئى. وقررت أن 
تغادر القصر وتذهب لمقابلة صديقك في مقهئ قريب. وبينما تشرب القهوة 
مع صديقكء سألك قائلاً: ١حسناء‏ ماذا رأيت في القصر؟», وأجبت قائلا: 
«مجرد غرفة مليئة بالكراسي والطاولات مرتبة بطريقة كأنها قاعة دراسية». ثم 
سألك صديقك: «لماذا لم تر الغرف الأخرئ؟» فأجبته بقولك: «لا فائدة من 
ذلك؛ فليس هناك ما يُرّى. إذا كانت هذه الغرفة مليئة بالكراسي والطاولات» 
فالغرف الأخرئ لن يكون فيها شيء». 

هل كان ردك منطقي. هل يلزم منطقيَ بمجرد وجود شيء ما في غرفة» 
فإنه لن يكون هناك شيء في الغرف الأخرئ؟ بالطبع لا. الملحدون الذين 
يدّعون أن العلم قد دحض وجود الإله يتّعون نفس المنطق. 


نذنذا 


يركز العلم اهتمامه علئ ما يمكن أن تحلّهُ الملاحظة المادية فقطء ولكن 
الإله - بمقتضئ التعريف - هو موجود خارج هذا العالم المادي. لذلك» 
فأي ملاحظة رصدية تتعلق به مستحيلة. ومع هذاء فقد يقول الملحد أن عدم 
الملاحظة غير المباشرة قد تؤيد نفي وجود الإله. وهذا ليس صحيحا؛ فلا 
يمكن لأي شكل من أشكال الملاحظة غير المباشرة أن ينفي وجود الإله؛ 
لأن هذا مثل قول أن الظاهرة الملاحظّة يمكن أن تنفي ظاهرة غير ملاحَظّة 
وهذا يتبع نفس المنطق المتّبع في المثال أعلاه المتعلق بالقصر. 

حقيقة أن العلم لا يؤدي للإلحاد يقر بصحتها أغلب فلاسفة العلم. 
فعلئ سبيل المثال» يستنتج هاغ غاتش 8108© 11081 -ومعه حق- أن 
«الإصرار علئ أن العلم يؤيد الإلحاد قد يحصل علئ درجات عالية من 
الحماس ولكن درجات متدنية للمنطق»”. كلام غاتش معقول جداً لأن 
منهج التفكير الذي يعتمد علئ الملاحظة لا يمكن أن ينكر ما لا يمكن 
ملاحظته. ولكن بالمقابل» ما يمكن للعلم فعله هو الإشارة إلى براهين يمكن 
أن يستخدمها الشخص في الاستدلال عل وجود الخالق. 

لماذا يعتقد بعض الملحدين أن بإمكان العلم إنكار وجود الإله؟ 

لقد غير العلم العالم. من الطب إل الاتصالات عن بعد لقد طوّر العلم 
حياتنا ورفاهيتنا بطرق لم تقم بها أي من التخصصات الأخرئ. يطوّر العلم 
حياتنا باستمرار» ويساعد في فهمنا للعالم والكون. وبالرغم من ذلكء فقد 
عل طسة :م0 طصد 8264 مز لمطاء31 عتتامعءك5 (2012) .1 ,© .11 بطعدده© (1) 

.8 .م رقوع]2 وا ذوء كتمل] 


زيل 


أَدّت اكتشافات العلم بالكثير من الملحدين إلئ تبني افتراضات خاطئة وغير 
منطقية. فيما يلي ملخص لهذه الافتراضات. 

٠‏ أولآءيرئ بعض الملحدين أن العلم هو المعيار الوحيد للحقيقة 
وأن العلم لديه إجابة عن كل أسئلتناء وهذا يدفع الملحد للاعتقاد بأنه 
لا حاجة بعد الآن للإله كسبب للأشياء التي لا نفهمها. هذا افتراض خاطى؛ 
لأن للعلم قصورات كثيرة» وهناك الكثير من الأشياء التي لا يمكنه الإجابة 
عنها. بالإضافة إلئ ذلكء هناك مصادر أخرئ للمعرفة التي لا يستطيع 
العلم تفسيرهاء ومع ذلك فهي مصادر ضرورية وأساسية للمعرفة» وهذا 
يدل علئ أن العلم ليس هو الطريق الوحيد لبرهنة الحقائق حول العالم 
والواقع. 

٠‏ الافتراض الثاني هو أنه بما أن العلم ناجح جد فالاستنتاجات 
العلمية لا بد وأن تكون صحيحة. وهذا يكشف عن جهل سائد يتعلق بفلسفة 
العلم. وببساطة» لمجرد أن شيئاً يأتي بنتائج لا يعني أنه صحيح. وهذه فكرة 
أساسية في فلسفة العلم. وللأسف. حتئ بعض الملحدين الذين يُحتفئ بهم 
يأخذون المنظور غير المنطقي الذي يقول أن التطبيق العملي الناجح لنظرية 
علمية يثبت صحتها كدلالة حتمية. قابلت مرةً ريتشارد دوكنز 11168150 
9 في مؤتمر الإلحاد العالمي عام 7٠١٠١‏ الذي عقد في دبلن» إيرلندا. 
تحدثت معه بشكل مختصر وسألته عن لماذا قال لأحد السائلين ألا يدرس 
فلسفة العلم و«أن ينخرط فقط في العلم»» فلم يعطني ما يمكن تسميته بالرد. 
لكن باستعراض أعماله علئ المستوئ الشعبي, بدأ يتضح لي أن أحد أسبابه 


23530 


الرئيسية هو أن العلم حسب قوله «يأتي بنتائج يا عاهرات»”". فمع حدسيته 
إلا أنه خطأ؛ إذ لا يتتضح بأي شكل من الأشكال أنه بمجرد أن شيئاً يأتي 
بنتائج» يعني أنه صحيح. 

٠‏ الافتراض الثالث هو أن العلم يؤدي إلئ اليقين. عندما يُطلق على 
شيء أنه «حقيقة علمية»». فإننا يجب أن نتجاهل الوحي الإلهي إذا كان 
يعارضه بطريقة ما. وهذا ليس صحيحا. عندما يُطلق العلماء علئ شيء بأنه 
«حقيقة»» فهم لا يقولون أنه حقيقة مطلقة وأنها لن تتغير علئ الإطلاق؛ بل 
يعني أنه أفضل وصف يمكن إطلاقه على ظاهرة معينة بناءً علئ ملاحظاتنا 
المحدودة» ولكن قد يكون هناك ملاحظة جديدة - أو طريقة جديدة لرؤية 
الأشياء - قد تكون في تعارض مع الملاحظات السابقة. وهذا هو أجمل ما في 
العلم؛ وهو أنه ليس جامداً. ولذلكء لو بدا أن النص الديني والعلم 
يتعارضان» فهذه ليست مشكلة. لماذا؟ لآن العلم يمكن أن يتغير. كل ما 
يمكن قوله هو أن فهمنا الحالي لظاهرةٍ ملاحَظّة (بناءً على ملاحظاتنا 
المحدودة) في تعارض مع ما يقوله نص معيّن» ولكن هذا الفهم قد يتغير. 
وهذا فرق كبير عمن يستخدم العلم كمضرب بيسبول لتحطيم الدعاوئ 
الموجودة في النص الديني. من المرجح أن بعض الحقائق البديهية لن تتغير 
في العلم» ولكن أغلب الحجج التي تستخدم لضرب الخطاب الديني مبنية 
علئ نظريات أكثر تعقيداً؛ كالتطور الدارويني علئ سبيل المثال. إذا كان 
محتوئ النص الموحئ إلهي (انظر الفصل الثالث عشر) يبدو في تعارض مع 


:إوعطعء]01 770115 ععمعاعة - ممكاككدص0آ لتقطع1] (2013) .لخ رلقطتةط (1) 
8580-3 01 1 1 01إ10[0[كظ1 


الأنذا 


الحقائق العلمية» فيجب عدم رد الوحي حت تقبل بالعلم. وكذلك» يجب 
عدم رد العلم حتئ تقبل بالوحي. من حقدك المعرفي أن تقبل بهما جميع]! 
فالمنهج الصحيح إذاً هو قبول العلم كأفضل تفسير لدينا بدون القيام 
بخطوات إيمانية معرفية كبيرة واستنتاج أن هذه هي الحقيقة المطلقة» وفي 
نفس الوقتء يمكندك أن تقبل بنص الوحي دون أن يكون لديك أسباب 
لذلك. 

ف:الافتراضن الأخير يشكل علاسة يرع بها الكثير من الملحذين العالم. 
هذه العدسة - كما تمت مناقشتها في فصول مختلفة من الكتاب - هي عدسة 
المذهب الطبيعي. هناك نوعان من المذهب الطبيعي: المذهب الطبيعي 
الفلسفي والمذهب الطبيعي المنهجي. المذهب الطبيعي الفلسفي هو فلسفة 
تقول بأن كل الظواهر في الكون يمكن تفسيرها من خلال العمليات المادية» 
وأنه لا يوجد خوارق للطبيعة. المذهب الطبيعي المنهجي هو منظور يرئ بأنه 
إذا كان هناك شيء علميء فلا يمكن له أن يشير علئ الإطلاق لفعل أو قدرة 
إلهية. 


سيناقش باقى هذا الفصل هذه الافتراضات» وأفضل طريقة لفعل ذلك 
هو بالعودة للآساسيات: افهم ما العلم» استكشف قصوراته» وحلل بعض 
النقاشات الموجودة في فلسفة العلم. 


ما العلم؟ 


كلمة «العلم) 6 تأق من الكلمة اللاتينية 501671114 والتى تعنى 


5/ 


«المعرفة». العلم هوالمحاولة البشرية لفهم كيف يعمل العالم المادي. 
يوضح عالم الرياضيات وفيلسوف العلم برتراند راسل 11اء161155 1811020 
بشكل رائع أن العلم هو «محاولة - عن طريق الملاحظة وإعمال العقل بناءً 
عليها - لاكتشاف حقائق معينة عن العالم والقوانين التي تربط الحقائق 
ببعضها)”". 

وعلئ ضوء تعريف راسلء دعونا نفصّل أكثر في المنهج العلمي. 

للعلم مجال معين؛ فهو يركز علئ العالم المادي» ويمكنه فقط معالجة 
العمليات والظواهر الطبيعية. ومن هذا المنظورء أسئلة مثل: «ما الروح؟» 
و١ما‏ المعن؟» هي أسئلة خارج العملية العلمية. 

يهدف العلم إلى تفسير العالم المادي. وكمؤسسة جماعية» فهو يهدف 
إل إنتاج تفسيرات دقيقة ل كيف يعمل العالم الطبيعي. الطريقة التي يهدف 
بها العلم إلئ إنتاج تفسيرات هو أن يخرج بفرضيات قابلة للفحص. وحتئى 
فكوة الفوفية نائلة"الففتدن» الابيد انار نات تدان نمو ابطر سمي 
تأهل الأرفنة القالة:«القوزة محش أذ« المتصارعي الأو تمسو هده 
الفرضية قابلة للفحص لأنها تولّد التوقعات المحددة التالية: 

٠‏ تحسّن القهوة الأداء. 

« تعيق القهوة الآداء. 

« لايوجد أي تغيِّر في الأداء. 

أحد الجوانب الجميلة للعلم هو أنه لا يقوم فقط بفحص الفرضيات 


.5 .6 ,و2155 1[2151517 071010 :0721010 .ععمعاء5 ممه ماع ناع ]1 (1935) .8 بلأءود5نخ1 (1) 


51 


الصحيحة؛ بل يحتاج أيض] للتجربة والاختبار. وهذا هو السبب - في نهاية 
المطاف- أنه لا بد للأفكار العلمية أن تكون قابلة للفحصء بل لا بد وأن 
تكون قابلة للفحص في الواقع. ومجموعة واحدة من النتائج ليس هو الخيار 
المفضّل؛ فالعلم الصحيح يعني أن علماء مختلفين يعيدون التجربة قدر ما 
يستطيعون. 

من الواضح أن في العلم أكثر مما ناقشناه حتئ الآن» ولكن هذه 
الملاحظات كافية لفهم العناصر الأساسية للمنهج العلمي. وهذا يقودنا للرد 
علئ الافتراضات الرئيسية حول العلم التي يستخدمها بعض الملحدين 
للاستنتاج الخاطيء أن العلم يقود للإلحاد. 

افتراض :)١1(‏ العلم هو السبيل الوحيد لبرهنة الحقيقة حول الواقع 
ويستطيع الإجابة علئ كل الأسئلة. 

مدعني هذا الإقرار أو التوكيد الجازم - المعروف ب «العلموية» - أن 
العبارة لا تكون صحيحة إذا لم تكن مثبتة علمياً. في محادثات مختلفة 
أجريتها مع ملحدين وإنسانويين» وجدت أخبم دوم يفترضون هذا التوكيد. 
العلم ليس هو الطريقة الوحيدة للوصول للحقيقة حول هذا العالم. قصورات 
المنهج العلمي تدل علئ أن العلم لا يمكنه الإجابة علئ كل الأسئلة. 
وتتضمن بعض قصوراته الرئيسية: 

محصور بالملاحظة. 

« محايد أخلاقيا. 


لايستطيع التعمق في النفس. 


ى 


٠‏ لايستطيع الإجابة عن لماذا تحدث الأشياء. 

« لايستطيع معالجة بعض الأسئلة الماورائية (الميتافيزيقية). 

٠‏ لايستطيع إثبات الحقائق الضرورية. 

وبالرغم من ذلك» فقبل مناقشة هذه القصورات» تجب الإشارة إلئ أن 
العلموية نفسها ذاتية الدحض. حيث تزعم العلموية أن الشيء ليبس صحيحاً 
إذا لم يمكن إثباته علمي. ومع ذلكء فهذه العبارة السابقة نفسها لا يمكن 
إثباتها علميا! فهي كالقول بأنه «لا يوجد جمل في اللغة [العربية] أطول من 
ثلاث كلمات»» والتي هي نفسها ذاتية الدحض لأن هذه الجملة نفسها أطول 
من ثلاث كلمات!)”. 

- محصور بالملاحظة: 

قد يبدو هذا قصوراً جلي ولكنه غير مفهوم بشكل كامل. العلماء 
محصورون دوم بملاحظاتهم. فعلئ سبيل المثالء إذا أراد العالم إيجاد تأثير 
الكافيين علئ صغار الفئران» فسيكون محصوراً بعدد ونوع الفئران التي لديه 
وبكل المعطيات الموجودة خلال التجربة. يقرر فيلسوف العلم إليوت سوبر 
6 1511106 هذه النقطة في مقاله «المذهب التجريبي»: «في أي وقتء يكون 
العلماء محصورين بالملاحظات التي في متناولهم... القصور هو أن العلم 
مجبر علئ حصر تركيزه في المشكلات التي يمكن للملاحظات حلها»”. 


000 تم اقتباسها بتصرف من: 
320 1ع .2 .ل ,رع1 11216350223 500 صا 1عناء6 ع7230 ععمعاهءة 835 (2011) .ع1اء ]12211051 
757-11191111 1ع010/21ه.ع 77.7011 //:مراغخط 
165 ع1 ,له ,21 ,10لنن) 320 5 ,2511105 :12 .20واعتتامصسط .(2010) .8 ررعطم5ة (2) 
--137 .62 رع26ع51 01 تإطامه1105ط م1 ام مله ص00 


ان 


ليس فقط أن العلماء محصورون بالملاحظات»ء بل هذه الملاحظات 
طمييا مشصورة يحققة أن الوا حتته السعفيلة قد سيك النتداجات 
جديدة» والتي بدورها يمكن أن تتعارض مع ما تم ملاحظته في السابق (انظر 
القسم فيما يلي «مشكلة الاستدلال»). قصور آخر يتعلق بحقيقة أن ما يُعتبر 
غير قابل للفحص اليوم قد يدرك بحواسنا مستقبلاه سواء بسبب التقنية 
المتطورة أو بسبب الاستقصاء المتواصل. اكتشاف المجهر العادي لتكبير 
الأشياء الصغيرة جداً واستخدامه ثم المجهر الإلكتروني هي أمثلة جيدة على 
التطور العلمي. لذلكء لا يمكننا علئ الإطلاق أن نكون متيقنين من فهمنا 
الحالي للعالم المادي لآنه يمكن أن يتغير بالملاحظات المتطورة. 

- محايد أخلاقيا: 

العلم محايد أخلاقيا» ولا يعني ذلك أن العلماء ليس لديهم أخلاق. ما 
يعنيه كون العلم محايد أخلاقي هو أن العلم لا يمكن أن يقدّم أساس] 
للأخلاق (انظر الفصل التاسع). فعلئ سبيل المثال» لا يمكن للعلم أن يكون 
أساسا لمعنوا وموضوعية الأخلاق, ولا يمكنه أن يخبرنا ما الصواب وما 
الخطأ. وهذا لا يعني أنه لاا يمكن أن يكون جزءاً من منهج متعدد 
التخصصات ويدلي بدلوه في بعض القرارات الأخلاقية. ومع ذلكء فالعلم 
وحده يعجز عن تقديم أساس لما نعتبره جيد أو سيء. 

العلم كمنهج يخبرنا عن ما الشيء» وليس عن ما إذا كان (ينبغي) له 
أن يكون». العبارة التي تقول «لا يمكنك أن تخرج ب "ينبغي" من "ما 
الشيء"2 أصبحت عبارةً فلسفية مبتذلة» ولكن فيها شيءٌ من الحقيقة. يمكن 


ونا 


للعلم أن يخبرنا عما يحدث عندما تمر السكين علئ بشرة الشخص 
(ويتضمن العمليات المتعلقة بذلك)» ولكنه لا يمكنه إخبارنا عما إذا كان هذا 
العمل أخلاقي. فقد يكون الدم والآلم والضرر الجسدي هو بسبب عملية 
جراحية مهمة لإنقاذ حياة أو قد تكون بسبب جريمة قتل. المغزئ هنا هو أن 
فهم كل العمليات المتعلقة بمرور السكين وقطعها للحم البشري لا تقودنا 
إلئ قرار أخلاقي. 

وكما أشرنا إليه في الفصل التاسع. تأمَّل تشارلز داروين و0 
في الأخلاق والعلم (وتحديداً علم الأحياء)؛ فخرج بمثال معبّر عن 
الآثار المحتملة في حال أتت أخلاقياتنا من عملية بيولوجية» واقترح أنه لو كنا 
نشأنا في مجموعة مختلفة من الظروف البيولوجية» فإن ما كنا نعتبره أخلاقيا 
يكوة سمتلن دا عن آزاتنا الجالية يدو أنداروين يكيرنا أنها يعصيرة 
البشر أخلاقي إذا كان نتيجة لظروف بيولوجية سابقة» فإن وجود مجموعة 
ظروف مختلفة سينتج عنها معايير أخلاقية مختلفة» ولهذا آثار جسيمة على 
أساسات ومعنئ الأخلاق. أولآء وضع البيولوجيا أو مجموعة من الظروف 
المادية كأساس للأخلاق يجعل من الأخلاق ذاتية؛ لآنها ستكون (وكانت) 
معرضة لتغيّر ات حتمية في تركيبتنا المادية؛ ولكن هذا يتعارض مع حقيقة 
فطرية مفروغ منها وهي أن بعض الأخلاق موضوعية (انظر الفصل التاسع). 
ثاني» إذا كان انطباعنا عن الأخلاق تم بناؤه نتيجة ظروف بيولوجية» فأي 
4 56 ها «متتقافه هذ دوتامماء5 قمة هقالط زن غمممموط 156 ب بمتيصةه ‏ (0) 


:9 .2 ,18016102 
00150 اء /5 5.01 1ع ما جاع تاك . 777177 /:ماخط 


ونا 


معنول سيكون للأخلاق؟ لأنه ربما تكون أخلاقنا مختلفة لو كنا نشأنا بطريقة 
مختلفة» وبذلك تفقد أخلاقنا معناها؛ لأنه لا يوجد شيء ضروري حول 
رؤيتنا الأخلاقية؛ فهي نتيجة للصدفة والعمليات المادية. 

في كتابه المنظر الأخلاقي 127105242 11021 776. حاول الملحد 
الشهير سام هاريس 1181115 58202 تبرير انطباعنا حول الأخلاق الموضوعية 
عن طريق توضيح كيف يمكن للعلم أن يحدد قيمنا الأخلاقية. وقد أشاد 
أضخانة الملحديق محهودة ولكنه واجه أرضيا نقذا كيرا مر الألوهيين ومن 
ملحدين آخرين علئ حد سواء. يقدم لنا هاريس منظره للأخلاق. حيث في 
القمة يوجد الخير الأخلاقي» وفي الحضيض يوجد الشر الأخلاقي. فكيف 
يعرف ما الخير وما الشر؟ حسناء القمة تمثل الرفاهية والحضيض يمثل 
المعاناة. قد يبدو ذلك وكأنه ملخص جاف لكلامه» ولكن للإنصاف فكلام 
هاريس ينتهي بالفعل إلى تسوية الشر بالمعاناة والخير بالرفاهية» وذلك هو 
موضع خطأ هاريس. حيث إذا كان بالإمكان إثبات أن الناس يمكنهم أن 


4 


ع 


54 


يزيدوا من رفاهيتهم عن طريق إيذائهم للآخرين» فمنظره الأخلاقي سينهار. 
تأمل - علئ سبيل المثال - زنئ المحارم باستخدام وسائل منع الحمل. كلا 
الطرفين زادا من رفاهيتهما (بما أنهما قررا بإرادتهما أن يلبيا رغباتهما»)» وليس 
هناك فرصة للأذئ أو المعاناة (كحمل طفل مشوّه) بسبب استخدام وسائل 
منع الحمل. حت أني أثرت موضوع زنئ المحارم مع البروفيسور الملحد 
كراوس 16181155 خلال مناظرتناء ولم يكن متأكداً تماما من موقفه منه (قال 
بأنه لم يكن من الواضح بالنسبة له أنه خطأ وأنه لا يستطيع أن يدينه من ناحية 


". 


أخلاقية”». بعض الأشياء التي يمكنها زيادة رفاهيتنا هي أشياء قبيحة 
أخلاقي. حتئ لو لم تتفق مع هذا المثال» فهناك الكثير من الأآمثلة الأخرئ 
التي يمكن استخدامها لإثبات هذه النقطة. 

ففي كتابه الأخلاقية المنطقية :]1107811 [1)84110141) يقدم الملحد 
وفيلسوف العلم روبرت جونسون 0125012 1 2 نقداً مشاهاً لحجة 
هاريس. يقول جونسون أن منهج هاريس يفتقد التبرير للأخلاق كونها حقيقية 
وموضوعية: 

يدو أن هارسن ماازال أسيرا لمفكلة الاأعتاق انيفو قن فقط أن 
الحقيقة الأخلاقية التي تتعلق بالرفاهية موجودة. هل سنجد هذه الحقيقة 
الأخلاقية عند دراستنا للأرض تحت الصخور؟ لا. هل سنكون قادرين علئ 
إثبات وجودها عند تفحص موضوع مثل قوانين ميكانيكا الكم؟ لا. في 
الواقع» الشيء الوحيد الذي يدعم حدسنا بأن هذه الحقائق الأخلاقية 
موجودة ببساطة وبشكل مستقل هو فقط: حدسنا... المشكلة نفسها يمكن 
شرحها بسهولة جداً: لمجرد أن هاريس يدرك بشكل صحيح كيف يتم 
تعريف الأخلاق حالياً لا يعني - نتيجة لذلك - أن الأخلاق ينبغي أن تؤوخذ 
كحقائق. بالتأكيد» هاريس نفسه يعترف بأن هناك الكثير من الأشياء التي 
نسمح بها حالي] هي أشياء لا أخلاقية...)”. 
,631 مامتعطاة 75 دسها؟] - كأجانه12 وخطهآ] 75 55و12 ععمعرحمآ (2013) حمطقز (1) 

:2 ع1طة1 نوكم 
11020041710-1ل51 نعط تأنام5//: ماعط 


0121 .11770085 3020 غخطع 1ك 01 ععمعاء5 ل :210121157 1360021 (2013) .] ,امعمطمل (2) 
.19-0 .مم ,80015 116[ 1032810115 :لله 81 


رن 


- لا يمكنك اختبار الذاتي: 

يتعاظم العلم لأنه يختبر الأفكار» وبدون اختبار» لا يوجد علم. ولكنء 
عند مرحلةٍ ماء لا بد وأن يعطي الاختبار مساحة للثقة. فعلئ سبيل المثال؛» 
كيف يمكننا معرفة ما كان ينويه الأشخاص؟ كيف نعرف بماذا يشعر شخص 
ما؟ قد يقول العالِم أنه يمكنه معرفة ما إذا كان الشخص يكذب عن طريق 
استخدام جهاز اكتشاف الكذب؛ وقد يقول أيضاً أن هناك مجموعة كاملة من 
المؤشرات الجسدية والسلوكية مرتبطة بمشاعر معينة (هذا ليس صحيحاً 
وسيتم مناقشته فيما يلي) وصدقوا ني ذلك» لكن العملية ليست بتلك البساطة. 
تأمل الصداقات كمثال. يسألك صديقك عن يومك وعن كيف تشعرء وترد 
بقولك إنه كان يوم رائعآ وأنك تشعر بسعادة غامرة. تخيل أنك تقابله في اليوم 
التالي ويسألك نفس السؤالء ولكنه سيصدقك فقط إذا قمت بتوصيل نفسك 
بجهاز كشف الكذب حتئ يرئ بيانات فسيولوجية مهمة. هل سيؤثر هذا سلب 
ك0 سير حر اكوا اجام ص بكر لبان 
ستتأثر العلاقة التي بنيتها معه؟ بالطبع ستتأثر. يتم حفظ عالم الصداقة 
الشخصية إذا كنا أهلاً للثقة في ردودنا وإذا وثقنا فيما يقوله الناس. 

ومثال آخر هو العواطف. كيف يمكننا معرفة ما إذا كان الشخص يشعر 
بالحزن؟ هل نملك جهاز اكتشاف حزن يمكننا استخدامه؟ بالرغم من أن 
البيانات الفسيولوجية تقدم شيئا من المعلومات. إلا أن جزءاً هام من 
المعلومات الضرورية هو في التفاعل الشخصي بين الطبيب النفسي 
والمريض. وهذا عادةً ما يأخذ شكل الأسئلة والأجوبة وحتئ إكمال استبانة. 


>36 


كل هذه الأشياء تتطلب أن نثق في إجابات المريض. لذلكء يبدو لي أن 
الملاحظة بمفردها ليست كافية لجوانب معينة من حياة البشر كالصداقة 
والصحة العقلية. لا بد وأن يعتمد العلم إذاً علئ الثقة بدلاً من اعتماده على 
الاختبار وحده. 

وكما نوقش في الفصل السابع» يستطيع العلم أن يتعامل فقط مع بيانات 
طرف ثالثء بينما الصفات الشخصية كالمشاعر والتجارب هي بيانات من 
طرف أول. تجربة فرانك جاكسون 1261508 7:31 (تجربة ماري الذهنية) 
التي شرحتها في الفصل السابع تثبت أن معرفة كل الحقائق الفيزيائية لطرف 
ثالث لا تقود للحقائق كلها. وبعبارة أخرئ. لا يمكن أن تخبرنا هذه الحقائق 
الفيزيائية أي شيء عن بيانات شخصية خاصة بطرف أول. لا يستطيع العلم 
أن يخبرنا بأي شيء عن حال كائن حي يعيش حالة واعية ذاتية داخلية (انظر 
الفصل السابع). الطريقة الوحيدة التي يمكننا عن طريقها الاقتراب من 
الإجابة هي بالوثوق في وصف الشخص لتجربته الواعية الذاتية الشخصية 
(بالرغم من أنك ستظل غير قادر علئ معرفة كيف هو الحال بالنسبة له في 
عيشه لتلك التجربة؛ انظر الفصل السابع). المقصود من هذا بسيط: العلم لا 
يذكنة اعشنان الأشياء الذاضة: 

- لا يستطيع العلم إجابة «لماذا؟»: 

طرقت عمتي بابك وقدمت لك كعك جميلاً تم إعداده في المنزل. 
وقبلت الهدية ووضعت الكعك على طاولة المطبخ. وبمجرد ما غادرت 
عمتي» فتحت العلبة لتأخذ قطعة. وقبل أن تبدأء سألت نفسك سؤالاً: «لماذا 


93 


أعدّت لي هذه الكعكة؟» كعالم؛ لا يمكنك فعل الكثير باستثناء استكشاف 
قطعة البيانات الوحيدة التي لديك وهي: الكعك. وبعد عمل اختبارات 
فيزيائية كثيرة» عرفت أنه من المرجح أن الكعك قد تم إعداده في درجة حرارة 
"٠‏ فهرنهايتية» وأن المقادير تضمئّت بودرة الكاكاو وسكر وبيض وحليب. 
ولكن معرفة كل هذه المعلومات لا يساعدك في الإجابة علئ السؤال عن 
(لماذا)؟» والوسيلة الوحيدة التي تمكنك من معرفة الإجابة هو سؤالها. 

يبين لنا هذا المثال أن العلم يمكنه إخبارنا عن «ماذا» و«كيف»», ولكنه 
يعجز عن إخبارنا عن «لماذا». ما يتقصد ب «لماذا» هنا هو أن هناك غاية أو 
سبب وراء الأشياء. يستطيع العلم الإجابة عن كيف وجدت الجبال من 
منظور أنها تشكّلت عن طريق عمليات جيولوجية» ولكنه لا يستطيع تقديم 
الغاية وراء تشكيل الجبال. الكثير من الناس ببساطة ينكرون مفهوم الغاية 
تاها 

السؤال عن لماذا يشير إلى الغاية» ويرئ أكثر الملحدين أن الغاية هي 
وهم مبنيّ علئ تفكير ديني عفئ عليه الزمن. هذه طريقة مفيدة جداً في النظر 
إلئ وجودنا في هذا الكون. في مثل هذا العالم» كل شيء يمكن تفسيره 
بعمليات مادية لا يمكننا التحكم فيها. نحن فقط أحد قطع الدومينو في صف 
دومينو يتساقط. يجب أن نسقط لأن قطعة الدومينو التي خلفنا سقطت. ليس 
فقط هذا الكلام مضاد للحدس؛ بل يلقي الضوء علئ تناقضات صادمة في 
الطريقة التي نفكر بها في أعمالنا اليومية. تخيل أنه في الوقت الذي تقرأ فيه هذا 
الكتاب وصلت إلى الفصل الأخير ووجدت الكلام التالي: «لا يوجد غاية 


4ذن 


من هذا الكتاب». هل كنت ستأخذ هذه العبارة بجدية؟ 

- لا يستطيع العلم الإجابة عن بعض الأسئلة الماورائية: 

يستطيع العلم التعامل مع بعض الأسئلة الماورائية (الميتافيزيقية)”. 
ولكن بشرط أن تكون مما يمكن التعامل معه من الناحية التجريبية. فعلئ 
سبيل المثال» استطاع العلم التعامل مع بداية الكون عن طريق فرع العلوم 
المعروف بعلم الكون (الكوزمولوجيا). ومع ذلك» فبعض الأسئلة المنطقية 
لاايمكن الإجابة عنها علميا» ومن هذه الأسئلة: «لماذا يجب أن تتبع 
الاستنتاجات في التفكير الاستدلالي المقدمات السابقة عليها؟» «هل هناك 
حياة أخرئ بعد الموت؟» «هل الأرواح موجودة؟» «كيف حال كائن حي 
واعي يعيش تجربة واعية ذاتية؟) «لماذا هناك شيء بدلاً من لاشيء؟» 
السبب وراء عدم قدرة العلم علئ الإجابة علئ هذه الأسئلة هو أن هذه 
الأسئلة تدور حول أشياء خارج نطاق العالم المادي الملاحظ. 

- الحقائق الضرورية: 

لا تستطيع العلموية إثبات الحقائق الضرورية كالرياضيات والمنطق. 
وكماتم مناقشته في الفصل السابع» فاستنتاج الحجة الاستدلالية يلزم 


)١(‏ يقصد بالماورائية: الآشياء التي تغيب عن حواس الإنسان المباشرة مثل اللمس والرؤية 
والسمع والتذوق والشم» ولذلك في الدين نسمي الإيمان بالله تعالئ والملائكة والجنة 
والنار بالغيب» وبما أن مصطلح فيزيقي يعني الطبيعي أو المادي أو المحسوس وما يتعلق 
به من علوم فإن مصطلح ميتافيزيقي يعني ما وراء الطبيعي ويختص بالأشياء غير 
المحسوسة أو المادية (الناشر). 


كنا 


بالضرورة البناء عل مقدماتها. تأمل الحجة التالية: 

١‏ - الاستنتاجات مبنية علي ملاحظات محدودة وليست حقائق مطلقة. 

- الاستنتاجات العلمية مبنية عل ملاحظات محدودة. 

إذا: الاسشناحات العلنة لست تحفائق مطلقة: 

الاتساق المنطقي لهذه الحجة ليس مبنيً علئ دليل تجريبي. اتساق 
الحجة (أو بعبارة أخرئ صحتها) لا علاقة له بحقيقة المقدمات. وهذا هو 
السبب في أن الحجة متسقة ضرورةً ومنطق] بغض النظر عن الدليل التجريبي. 
هناك ارتباط منطقي بين الاستنتاج ومقدماته (إذا كانت الحجة سليمة 
ومقدماتها سليمة فهي صحيحة). هذا الارتباط ليس مبني عل أي شيء 
تجريبي؛ بل يحدث في عقل الإنسان. هل يستطيع العلم تبرير الاستنتاج بناءً 
علئ الرابط المنطقي الذي أوجدناه نتيجة للمقدمتين السابقتين؟ لا» لا يستطيع 
ذلك. وكما أشرنا في الفصل الثالثء لدينا تبصّر عقلي ينقلنا من المقدمات إلى 
الاستنتاج؛ فنحن نرئ شيئ] غير مبني علا الدليل التجريبي. يبدو وكأن هناك 
مؤكنات ار حرانب يتل وال ق قر لداقبا مانا عا يمنا الدر نون الاك 
المنطقي. لا يمكن لأي شكل من أشكال الملاحظة أن يبرر أو يثبت الروابط 
المنطقية التي نكوّنها أو الاتساق المنطقي للحجة الاستدلالية. 

الحقائق الرياضية مثل 1+ 5-7 هي أيضاً حقائق ضرورية وليست 
مجرد تعميمات تجريبية". فعلئ سبيل المثال» لو سألتك ما حاصل )١(‏ 


511-1115 داستامع1ء5 15 (2011) .1آ.1ا رعلهن) (1) 
11-11[ 12]1510-5ع018/15-51. طأته]ع | ه00 مدع1. 177/577 /: مط 


4 


فوفولة مضافة إلئ )١(‏ فوفولة؟ فمن الواضح أن الجواب سيكون (؟) 
فوفولة. بالرغم من أنك لا تعرف ما الفوفولة» ولم ترصد بحواسك أي 
فوفولة من قبل في حياتك» ولكنك تعرف أن واحدة منها بالإضافة إلئ أخرئ 
مكو بحا غيليها 0 : 

- مصادر أخرئ للمعرفة: 

لا يستطيع العلم تبرير مصادر أخرئ للمعرفة كالشهادة (أو نقل 
الأخبار)» وهو فرعٌ من فروع علم المعرفة «يتعلق بكيف نكتسب المعرفة 
والاعتقاد المبرّر عن طريق نقل الآخرين»' ولذلك» فأحد أهم الأسئلة التي 
تحاول المعاينة الإجابة عليها هي: «كيف يمكننا اكتساب المعرفة بناءً على ما 
يُخبرنا بهالآخرون؟)” ويقدم البروفيسور بينيامين مكميلر «2تطنةزمء8 
161 ملخصاً للمعرفة النقلية: 

اهنا عدة أشياء أعرفها. أعرف أن أفعئ الكوبرا هي أكثر أفعئ سامة 
القيازا فق ننلةسويعو اعرف انا راون مين شرك واترليو: اعرف أن 
متوسط سعر الوقود في الولايات المتحدة - في الوقت الذي أكتب فيه الآن - 
هو ؛ دولارات و١٠‏ سنتات للجالون... كل هذه الأشياء التي أعرفها مبنية 
علئ ما يسميه علماء المعرفة النقل؛ أي علئ أساس أن شخص آخر أو 
مجموعة من الأشخاص الآخرين أخبروني بها»". 
14 عانولا 816 .انتمطاتتخ لصة طتتصة ,وتممساوء1 (2011) .8 مك124 (1) 

.3 .م رووععط اتوم عتمل] 

عط .(.0ه) .8 بووه5 امه .1 ,لإععاعمآ :مآ .ممغعدلمهم]ة (2006) .[ روععاءم1 (2) 


.2 ,2155 101571517 07<1010 :021010 .1077ملطتاوع 1 01 (زع10ملاعأسمامظط 
20 ,0117طاتتث 320 15أنت1 ,لإلاممطتاوع1 (2011) .8 ,1131916 (3) 


لزنا 


يبدو أن ملخص مكميلر حدسي جداً ويلقي الضوء علئ لماذا نحصل 
علئ المعرفة بناءَ علئ التناقل فقط. كون العالم كروي هو مثال بليغ. الاعتقاد 
بكروية الأرض هو - بالنسبة للكثير منا - ليس مبني علئ الرياضيات أو 
العلم؛ بل هو مرتكز عائ النقل فقط. ردود فعلك الأولية بخصوص ذلك قد 
تتضمن هذه العبارات: «رأيتٌ صوراً لهاا؛ «قرأت عنها في كتب علمية»؛ «كل 
أساتذتي قالوا لى لي ذلك». إلخ. ولكن عند التأمل الفكري فيهاء نجد أن كل 
إجاباتنا وقعت ضمن المعرفة النقلية. فرؤية الصور هي أمر نقلي لأنه يبجب 
عليك أن تقبل ما يقوله لك المتخصص أو الشخص الذي قال بأنها صورة 
للأرض. معرفة هذه الحقيقة من الكتب العلمية هو أيضاً نتيجة للتناقل 
الخبري؛ حيث أنه يجب عليك أن تقبل بأن ما يقوله المؤلفون صحيح. وهذا 
أيض] ينطبق علا أساتذتك. باختصارء بالنسبة لأغلبناء فحقيقة كون اللأرض 
كروية ليس مبنيا عل شيء سوئ النقل. 

المعرفة مستحيلة بدون نقل. يُلخَص بروفيسور علم المعرفة سي كودي 
00249 .0 النقاط السابقة» ويضع قائمة ببعض الأشياء التي تقبل فقط بناءً 
علئ التناقل فيقول: «... كثيرٌ منا لم يروا قط طفلاً وهو يولد. ولم يتفحص 
أغلبنا دوران الدم ولا الجغرافية الواقعية للعالم ولا أي مجموعة من قوانين 
الأرضء ولم يقم أغلبنا بالملاحظات التي تقف خلف علمنا بأن الأضواء 
التي في السماء هي أجسام سوا ين د 1ه 


0 :01010 .5610377 لوعتطمهده1قطاط ذل :037ممطتتاوع1' (1992) “ى .0 ,0203 (1) 
.ص7 رووع] 15167ء0117ل10آ 


لضا 


أهمية المعرفة النقلية تحتاج إلى نقاش أكثر. 

باختصارء العلموية (وهي المذهب الذي يقرر أن المنهج العلمي 
التجريبي هو السبيل الوحيد للوصول لاستنتاجات عن الواقع) علئ خطأ. 
العلموية ذاتية الدحض؛ فهي لا تستطيع التبرير للحقائق الأخلاقية, ولا 
الحقائق الرياضية والمنطقية» ولا مصادر المعرفة الضرورية كالنقل. العلم 
منهج بحثي محدود ولا يستطيع الإجابة عن كل الأسئلة. 

افتراض (3): يؤتي بنتائج» ولكن لا يعني أنه صحيح. 

لا يلزم منطقي إذا كان الشيء يأتي بنتائج أنه يكون صحيحا. وبغض 
النظر عن ذلك. فالجهل العام بين الناس بفلسفة العلم سمح للمروجين 
كريتشارد دوكنز بأن يقولوا علئ الملا بأن الاستنتاجات العلمية صحيحة لأنها 
تأي بنتائج. حيث في محاضرة عامة سثئل دوكنز عن مستوئ اليقين الذي 
يمكن أن ننسبه للعلم؛ فكان جوابه - كما ذكر سابق - جافا. من الواضح أن 
دوكنز كان مخطئا؛ فلا يلزم كون الشيء يأتي بنتائج أن يكون في واقع الأمر 
صحيحاً. نظرية الفلوجستون 1126017 2610815608 (أو اللاهوب من 
اللهب) هي مثال مناسب لإثبات هذه النقطة. 

وضع الكيميائيون القدماء نظرية تقول أنه يوجد في كل المواد القابلة 
للاشتعال عنصر يسمّئ ب الفلوجستون (أو اللاهوب) وهو ما يسبب اشتعالها. 
وبناءً علئ هذه النظرية» عندما تحترق المادة القابلة للاشتعال تصدر 
الفلوجستونء وكلما زادت المادة القابلة للاشتعال زاد الفلوجستون الذي فيها. 
تم تبني هذه النظرية كحقيقة في المجتمع العلمي. عملت النظرية بشكل جيد 


نذا 


لدرجة أنه في عام ١/7‏ استخدمها دان رازرفورد 622050طاب1 صوط 
لاكتشاف النيتروجين والذي أطلق عليه اسم الهواء اللاهوبي (أو 
:1 0510815162160) في ذلك الوقت. وبالرغم من ذلك فقدتم في وقت 
لاحق اكتشاف أن نظرية الفلوجستون نظرية خاطئة؛ فالفلوجستون لم يكن 
موجوداً. هذا مثال من أمثلة كثيرة تثبت أن النظرية قد تعمل وينتج عنها 
حقائق علمية جديدة» ومن ثم فيما بعد يتم اكتشاف أنها نظرية خاطئة. الدرس 
واضح: لمجرد أن الشيء يعمل ويأتي بنتائج» لا يعني أنه صحيح. بعض 
المعترضين غير المتمرسين سيجادلون بأن المثال أعلاه مثال دقيق ولا ينطبق 
علئ العلم الحديثء ويقولون أن نظرية الفلوجستون لم تكن نظرية كاملة 
وكانت تعتمد على بعض الافتراضاتء ولكن النظريات العلمية اليوم لا تعانٍ 
من هذه المشاكل. وفي الحقيقة ذلك خطأ تمام. خذ التطور الدارويني كمثال 
علئ نظرية متأصّلة. وفقا للتيّار العام من الأكاديميين العلمانيين» فهي مبنيّة 
عل افتراضاتء وتعتبر تَأمِّليّةَ» وهناك خلافات حول أفكارها الأساسية©. 
أساليب الدوران للخلف العلمية لا تبتم بمن يجلس في مقعد الراكب. 
وحتئ الأشياء التي كانت تبدو واضحة ومفروغ منها وملاحظة يمكن أن 
تتغير. مثال حديث نسبيا علئ ذلك هو دراسة جماجم النياندرتال في أوروبا. 
كان علماء الأحياء الداروينيون يقولون أن النياندرتال لا بد وأنهم كانوا 
أسلافً للبشر الحاليين. وكانت تدرّس هذه "الحقيقة العلمية" في الكتب 
وسار 211 مره تس ع زو قل 11 اق لما - 1 
سه (2010) .(له) .8 .0 بمعللن38 ممه .]2 بأءعستاعاط مه نووععط 11 :زعورول 


.2 بتلألماك-تزء000 لمهة زووع]ط 7111 :نخالط ,عع110طمتدن) .5أوع امرك 0علمعاوط ع1 
.5 1[11576151] 2مأععطلط :1لا ,امأععصلط .وع81010 01 تتطمه5ه110طط (2014) 


ردان 


الدراسية وفي الآفلام الوثائقية وفي المتاحف. وني عام ١141‏ أعلن علماء 
الأحياء أن النياندرتال - ببساطة - لا يمكن أن يكون سلف لنا بناءً علئ 
فحوص الدي إن أيه 1214 الحديثة. 

كل جانب من جوانب العلم (وحتئ النظريات الثانوية التي تكوّن 
نظريات أكبر في كل المجالات) سيعيد استنتاجاته في وقت من الأوقات. وقد 
أثبت لنا تاريخ العلم ذلكء لذا فالحديث عن «الحقائق العلمية» وكأنها ثابتة 
لا تتغير ليس دقيق. وهو ليس عملي أيضاً. فكل النظريات العلمية هي 
«أعمال قيد الإنشاء» و«نماذج تقريبية». إذا ادعى شخصٌ أن هناك شيئا يدعئ 
حقائق علمية» فكيف يفسّر حقيقة أن ١ميكانيكا‏ الكم) و«النسبية العامة» 
- واللتان يُنظر لهما عائ أن أنهما صحيحتان من قبل الفيزيائيين - يناقضان 
بعضهما علئ المستوئ المبدئي؟ لا يمكن أن تكون كلتا النظريتان صحيحة 
بمعنئ الصحة المطلقة. ولعلمهم بذلك,. يفترض الفيزيائيون أن كلتا 
النظريتين صحيحة كنماذج نظرية لتسيير الأمور ويستخدمون هذا المنهج 
لتحقيق تقدم أكثر. ولذاء ففكرة أن «الحقائق العلمية» قطعيّة هي فكرة 
مضللة. وقد صرّح المؤرخون وفلاسفة العلم بمعارضتهم لاستخدام مثل 
هذه اللغة. يلخص فلاسفة العلم غيليان بيكر 88161 0111185 وفيليب كيتشر 
تعطء 1 مناتطط هذه النقطة: «العلم قابل للمراجعة» ولذلك. فالحديث عن 
«البرهان» العلمي أمر خطير؛ لأن هذا المصطلح يعزّز فكرة أن الاستنتاجات 
هي اا منقوشة علا حجر)”. 


867 للثل :ععمعاء5 08 تإطمه5م1تطط (2013) .2 ,تعطعاكا1 ممه .© ,رتعكاروط (1) 
7 .5 ,2014 .ووع:2 0151517لآ 01010 :021010 .1ه ماما 


لزنن 


افتراض (37): العلم يقود إلئ اليقين. 

يوجد لدئ بعض الملحدين سوء فهم واضح لفلسفة العلم» ويفترضون 
أنه عندما يقول العلم عن شيء أنه حقيقة» فإنه صحيح مطلق ولن يتغير أبداً. 
وهذا يكشف عن جهل بالقضايا التي لم تحل في العلم» وأحد هذه القضايا 
- والتي تتعلق بنقاشنا - هي قضية الاستقراء. فعلئ الرغم من وجود الكثير 
من الوسائل التي يثبت عن طريقها العلماء نظرية ما أو يكؤّنون استنتاجات 
حول البيانات التجريبية التي اختبروهاء إلا أن الحجج الاستقرائية تبقم هي 
حجر الأساس لأغلبها. ومع ذلك» فالحجج الاستقرائية لا يمكن أن تؤدي 
أبداً إلى اليقين. 

- الحجج الاستقرائية. 

تتعلق الحجج الاستقرائية بمعرفتنا بالأشياء غير الملاحظّة» وتلعب هذه 
الحجج دوراً مركزيّ] في المعرفة البشرية وخصوصاً في المعرفة العلمية. 
تستخدم الحجج الاستقرائية حالات مما يتم ملاحظته للتوصل لاستنتاجات 
حول ما لم يتم ملاحظته. كثيرٌ من هذه الأشياء لها علاقة بأحداث مستقبلية» 
ولكن الحجج الاستقرائية لا تتعلق بمعرفة المستقبل فقط؛ بل يمكن تطبيقها 
لتغطّي الحاضر والماضي أيض). فعلئ سبيل المثال: 

« الماضي - لدينا مقدمة وهي أن: لاعبي كمال الأجسام الذين قابلتهم 
في الحاضر قد زادوا كتلة العضلات نتيجة تناول الكثير من البروتين الحيواني. 
استنتاج: كل لاعبي كمال الأجسام في الماضي زادوا كتلة العضلات نتيجة 
تناول الكثير من البروتين الحيواني. 


لان 


٠‏ الحاضر - لدينا مقدمة وهي أنه: دائم] ما يكون لصديقي تجارب مع 
كلاب لطيفة. استنتاج: كل الكلاب لطيفة. 

٠‏ المستقبل - لدينا مقدمة وهي أن: كل حملات انتخاب الرئاسة 
الأمريكية كان فيها أحد المرشحين الديموقراطيين. استنتاج: الحملة 
الانتخابية الرئاسية القادمة سيكون فيها مرشح ديموقراطي. 

من الواضح أن الاستنتاجات أعلاه لا تصل إلئ مرحلة اليقين في صحتها 
لأنها ليست حجج استدلالية (استنباطية) أي الحجج التي يلزم استنتاجها من 
المقدمات بالضرورة. فعلئ سبيل المثال: 

٠‏ كل الرجال غير المتزوجين هم عازبون. 

٠‏ توم أعزب. 

© إذاء توم رجل غير متزوج. 

فالاستنتاج في هذا المثال تم بناؤه بصورة يقينية علئ العبارات السابقة له 
(المقدمات)؛ ولكن الحجج الاستقرائية لا يمكنها أن تقدّم نفس الشيء. 
وبالعودة إلئ أمثلتنا عن الحجج الاستقرائية» يمكن أن يتضح أن استنتاجاتها 
لم تكن ملزمة بالضرورة» ولهذا فهي غير يقينية: 

٠‏ لاعبو كمال الأجسام النباتيون في الماضي زادوا كتلة عضلاتهم من 
تناول البروتين النباتي فقط. 

» قد يوجد في واقع الأمر كلاب غير ودودة. 

ف فديكوة نايهن سراق سكل النياسة الأمريكية:ويحل 


الديموقراطيون وينشأً حزب جديد. 


الللذنة 


هذه الطبيعة غير اليقينية في الحجج الاستقرائية جعلت الكثير من 
الفللاسقة يشككوق فق صلاحية الاستقراء كوسيلة للمعرفة: وينكتين ذلك إل 
مجال في الفلسفة يُعرف بالتبرير المعرفي. وقد أدّئ ذلك التشكيك بما يُعرف 
الآن بمشكلة الاستقراء. مع وجوب الوضع في الاعتبار أن يجب أن الحجج 
الاستقرائية ليست نفسها التفكير الاستقرائي؛ فهذا النوع من التفكير 
الاستقرائي يعود إلى استخدام الحواس وليس على كيفية استخراج 
الاستنتاجات. فعلئ سبيل المثال» تلاحظ ضفادع في حديقتك وتعكس ما 
لاحظته بقولك أن هناك ضفادع في الحديقة. فهنا أنت لا تخرج باستنتاج عن 
ظواهر غير معروفة (والتي هي في هذه الحالة كل الضفادع التي لم تلاحظها 
بعد). 

- مشكلة الاستقراء: 

هذا التحدي الذي يواجهه الاستقراء يمكن إرجاعه إل المدرسة 
الفلسفية المتشككة المعروفة ب البيرونية 2(/11101015172”, ولكن ديفيد هيوم 
#ناطة1 128114 هو من وضع بالتفصيل عجز الحجج الاستقرائية علئ تقديم 
معرفة عن الواقع. قال هيوم أن طبيعة تفكيرنا كانت مبنيئ علئ سبب ونتيجة 
وآن أساس الأسباب والنتائج هو التجربة والخبرة» ورأئ أنه بما أن فهمنا 
للسبب والنتيجة كان مبنيً علئ التجربة» فإنه لن يقود إلئ اليقين. وقال هيوم 
أن استخدام عدد محدود من التجارب والخبرات لاستنتاج تجربة وخبرة غير 
توا نامءء5 02 وعصنل 00 :لتاعتتمطس8 قبطعرء5 .(1994) .ل ,وعصتد8 امه .ل ركقممة ‏ (1) 

.123 .م بووععط وذو كتمتآ عمل طسق :علدملا وول 


كدان 


ملاحظة لن يؤدي لليقين”. 

وللتفصيل في موقف هيوم من الحجج الاستقرائية» تأمل مثالا آخر. 

٠‏ كل الخراف التي رأيتها كانت بيضاء اللون؛ إذأء كل الخراف بيضاء 
اللوث. 

يوصّح المثال السابق أن الحجج الاستقرائية تخرج باستنتاج عن طريق 
الانتقال من الخاص للعام. وبعبارة أخرئء ينتقل الشخص من عدد محدود 
من التجارب ليستنتج استنتاجً عن كل التجارب التي لم تتم تجربتها. 
الحجج الاستقرائية ليست صحيحة من ناحية استدلالية؛ من حيث أن 
الاستنتاج لا يلزم بالضرورة بناء علئ مقدماته. وبتطبيق هذا الشيء على 
المثال أعلاه» فقد يكون هناك خراف ليست بيضاء اللون» والذي حدث فقط 
أنني لم أرئ خراف بلون آخر غير الأبيض حتئ الآن. 

لا يحصر هيوم حجته في عدم يقينية الحجج الاستقرائية؛ فهو يقرر أنه 
ليس لها تبرير من أيّ طريق. الحجج الاستقرائية مبنية علئ افتراض وهو «أن 
المستقبل سيطابق الماضي»)”. مما يعني أن الطبيعة متطابقة. ولو كان هذا 
صحيحاًء فإن الحجج الاستقرائية ستكون في الواقع حججا استدلالية. فعلى 
هنيل المنال: 
:2 010صء أكلم8 نم[ .موفوعة 10 لجمعء طتتى مداع ةامعهد 02 (2002) .2 ,عد (1) 
.298-30 .مم 12016084 :مملعصتطى .معسصتلدع؟! تجتمدهمصع مه بل ,1/1 ,معطم 
فط عستسوعهم مأطنامل لوعتامءه5 (1902) .2 ,عط مذ لعطقتاطهم بللقصنعء0 
16 [لتناونة صة يله ره ..آ رفوع 81 -وطاء5 نمآ .وصتلصةكمعلصنا 2ه كممقمعمه 
همة عصتلصة5مء0هنا مقصبط عمتصوعممه وع سوم :مآ .عصتلصمادمعلصنا مقحصتاط 


,و15 2001ع:0131) :0721010 .01100ع 200 ,2201015 01 د5ع[ماعصتام عطلا عمتصتععدمء 
.298-0.مم 


[ه©6 المصدر السابق» ص ره ٠‏ 561 


لذن 


« قوة الجاذبية أنّرت في كل الأشياء غير المعلقة التي رأيتها. 

« الطبيعة متطابقة. 

« إذاء قوة الجاذبية ستؤثّر في كل الأشياء غير المعلقة. 

الحجة أعلاه تكون صحيحة من ناحية استدلالية إذا كان افتراض 
«أن الطبيعة متطابقة» صحيحا. ومع ذلكء. فالطريقة الوحيدة لتبرير هذا 
الافتراض هو باستخدام حجة استقرائية» ويقول هيوم أن هذا النوع من 
التفكير هو تفكير في حلقة مفرغة؛ لأن الافتراض نفسه مبني علئ الشيء الذي 
نحاول تبريره؛ وتبرير حجة استقرائية بهذا الافتراض سيكون بمثابة تبرير 
الحجج الاستقرائية بحجج استقرائية أخرئ. وني نباية الأمرء قد تكون 

وباختصار»ء فحجة هيوم تقول إنه لا يمكننا تبرير الحجج الاستقرائية. 
لأن افتراض أن الطبيعة متطابقة مبني علئم حجة استقرائية؛ ولذلك؛» 
فاستخدام هذا الافتراض كوسيلة لإثبات صحة الحجج الاستقرائية (هو 
كتأمين وعدك بتسديد قرض عن طريق وعدك بأن توفي بوعودك»”. 

- الحجج الاستقرائية كمشكلة بالنسبة للعلم: 

بافتراض أن الحجج الاستقرائية لا يمكن أن توصل لليقين» فستصبح إذاً 
مشكلة بالنسبة للاستنتاجات العلمية. لأن هذه الاستنتاجات تعتمد بشكل 
كبير علئ الحجج الاستقرائية في تكوين الاستنتاجات حول البيانات التي قام 


)غ20 المصدر السابق» ص (5 -0), 


2 0021112012317) لل :ععدع1ه5 01 :3م11050ط (2012) .لل ,قتتاطمء105 (2) 
2 .6 وع01111608] :املا عار 


5 


بملاحظتها العلماء. ولكنء بما أن كل الملاحظات محدودة أو مبنية على 
مجموعة محددة من البيانات الملاحظة؛ فإن الخروج باستنتاج مبني على 
بيانات محدودة لن يكون يقينيا. 

يقدم لنا تاريخ العلم أمثلة كثيرة تلقي الضوء علئ طبيعته الحيوية. 
النظريات السائدة في كل مجال من مجالات العلم مختلفة جداً عن العصور 
الماضية. يقول سمير عكاشه - محاضر الفلسفة في جامعة يورك - أنه لو 
اخترنا أي مجال من مجالات العلم فإننا نتكون «متأكدين من أن النظريات 
السائدة في ذلك المجال ستكون مختلفة جداً عن تلك الموجودة قبل 5٠‏ 
عام مضت,ء ومختلفة بشكل كبير جداً عن تلك الموجودة قبل ٠٠١‏ عام 
مضت)2 , 

في بدايات القرن العشرين» كان علماء الفيزياء في توافق مع النظرية 
النيوتونية للكون”» وطوال مائتي عام لم يتعرّض لها أحدٌ بما أنها كانت «ثابتة 
علمي» وفعالة في نتائجها. وبالرغم من ذلكء فميكانيكا الكم” والنسبية 
العامة تخطمتا المنظوق النيوثوق 'للغالو. كانت تفترضن الميكايكا النيوتونية 
أن الزمان والمكان شيئان ثابتان» ولكن ألبرت آينشتاين متعافصاظ 16زوطاى 
:1 .لمناء ال سآ ختمطك نجع لخ رععمعك5 2ه تتطامهدماتط2 (2002) .5 ,قطوهع 01‏ (1) 

.6 بقوع وأو كنمتآ مك02 

29 اتسبة إلنى العالم الشهيرنيوتن ونظريانة وقوائينه عن الميكانيكا والحركة الني تحكم 

الأشياء الكبيرة والكواكب إلخ (الناشر). 


() يتعرض مجال ميكانيكا الكم إلئ دراسة الجسيمات الأصغر من الذرة» وهي تتبع قوانين 
وسلوكيات تختلف عن العالم الكبير الذي تحدث عنه نيوتن (الناشر). 


رونا 


بينَ أنمما نسبيّان وحيويّان. وفي النهاية» وبعد فترة ثورية» حلت «نظرية 
آينشتاين» محل «نظرية نيوتن». فنظرة خاطفة علئ تاريخ العلم تثبت لنا 
مشكلة الاستقراء في كل وقت. حيث يمكن لملاحظة جديدة أن تتعارض مع 
استنتاجات سابقة. 

- العلم والنصوص الدينية: 

بما أن الاستنتاجات العلمية هي في أصلها استقرائية» والحججج 
الاستقرائية لا تقود لليقين» فيلزم من ذلك عدم معاملة ما نسمّيه بالحقائق 
العلمية كحقائق مطلقة. لا يوجد ألواح موسئ في العلم» ولكن فيه أيض]ً 
أشياء لا ينبغي أن نشكّك فيها لأنها واقع قابل للرصد مثل وجود الجاذبية 
والطبيعة البيضاوية للمدارات. 

يستهزئ كثيرٌ من الملحدين بالنصوص الدينية لعدم قدرتها علئ تجسيد 
حول العلم والتشدد الديني» وحتئ برامج التلفزيون الرائجة تستضيف 
مناظرات حول الرؤئ الدينية للعالم الطبيعي. ولكنناء وعلئ ضوء النقاش 
السابق» قد خلقنا ثنائية خاطئة في مواجهة الدين والعلم؛ ليس الأمر بتلك 
البساطة التى تجعلنا نقبل أحدهما علئ حساب الآخر. 

العلم هو تطبيق العقل علئ العالم الطبيعي» ويهدف لفهم كيف يعمل 
العالم. ويتطرق القرآن كذلك إلئ الظواهر الطبيعية» وحتم] كان هناك 
معارضة مباشرة لاستنتاجات علمية. وعندما يحدث تعارضء فلا يوجد 
سبب يدعو للصدمة أو رفض الآية القرآنية التي لا تتفق مع العلم؛ كما أنه 


فض 


ليس بإمكان أي شخص أن يستخدم هذه الحالة لادعاء أن القرآن مخطئ. 
والقول بذلك هو افتراض بأن الاستنتاجات العلمية في أي وقت من الأوقات 
هي حقائق محضة ولن تتغير؛ وهذا خطأ بلا شك. حيث أثبت لنا التاريخ أن 
العلم يراجع استنتاجاته» والاعتقاد بذلك لا يجعل من الشخص عدوا للعلم. 
تخيل حجم التقدم العلمي لو لم سمح للعلماء بتحدي الاستنتاجات العلمية 
السابقة؟ لن يكون هناك أي تقدم. العلم ليس مجموعة من الحقائق الأبدية 
ولم يُرّد به علئ الإطلاق أن يكون كذلك. 

بما أن هناك حجج قوية تبرر القول بآن القرآن كلام الإله (انظر الفصل 
الثالث عشر)» فإنه لا ينبغي أن تحدث تعارضات القرآن مع المعرفة البشرية 
المحدودة أي التباس كبير. تذكر أن لدئ الإله الصورة وما لدينا هو بكسل 
واحد منها فقط. وحتئئ الخمسينيات من القرن الماضيء كان يعتقد 
الفيزيائيون - ومن ضمنهم آينشتاين - أن الكون أزلي]؛ فكل البيانات كانت 
تدعم ذلك» وهذا الاعتقاد تعارض مع القرآن. وكان القرآن يصّرح بوضوح 
علئ أن الكون له بداية. لكن الملاحظات الجديدة باستخدام التليسكوبات 
المتقدمة الجبّارة جعلت العلماء يستبعدون نظرية «الحالة الثابتة» /إ5]620 
[عل7210 علماك (أو الكون الأزلي) ويستبدلوهها بنظرية «الانفجار الكبير) 818 
21001 عهه8 (أي كون له بداية» احتمال أن يكون قبل ما يقارب ١.7‏ 
مليار سنة) وهكذاء اتفق العلم مع القرآن. ونفس الشيء حدث مع الرؤية 
القرآنية للشمس؛ فالقرآن صرّح بأن للشمس مدارء وعارض علماء الفلك 
ذلك قائلين أنها كانت مستقرّة. وكان ذلك التعارض هو الأكثر صراحة بين 


فنا 


ملاحظات العلماء وبين القرآن'. ومع ذلك» فبعد اكتشافات تليسكوب هابل 
عمم1656ع1' عاططتطل. راجع علماء الفلك استنتاجاتهم ووتجددا أن الشمسون 
تدور حول مركز مجرة درب التبّانة لإكنة لدع /إ1770 2/11197. 

ومع ذلكء فلا يعني هذا أن القرآن كتاب علميء بل هو كتاب هداية. لا 
يقدّم القرآن تفاصيل كثيرة تتعلق بالظواهر الطبيعية» وأغلب الأشياء التي 
يتطرّق إليها يمكن فهمها والتحقق منها بالعين المجرّدة. الغاية الرئيسية من 
الآيات التي تتطرّق للعالم الطبيعي هي الكشف عن الحكمة وقدرة الإله 
الخارقة للطبيعة» ولا يتضمّن دور هذه الآيات شرح التفاصيل العلمية؛ فهذه 
يمكن أن تتغير مع الزمن؛ بعكس حقيقة أن وراء هذه الظواهر الطبيعية حكمة 
وقدرة لأنما حقيقة لا تتأثر بالزمن. ومن هذا المنظورء فالغالب أن يستمر 
التعارض بين القرآن والاستنتاجات العلمية بما أنهما نوعان مختلفان تماما 
من أنواع المعرفة. 

ومع ذلكء لا ينبغي أن يُؤخذ هذا النقاش علئ أنه تشجيع للمسلمين 
والدينيين علئ إنكار الاستنتاجات العلمية» بل وعمل هذا الشيء سيكون 
عبثي. ولكن ما ينبغي عمله هو وجوب قبول ما ثبتَ من النظريّات العلمية 
فعلاً وفي نفس الوقت قبول الحقائق الوحييّة» حتئ لو تعارضا. حيث يمكن 


)١(‏ المعارضة المقصودة هنا هي للذين تبنوا مركزية الشمس مع عدم تحركهاء لكن العرب 
وقت نزول القرآن وكل إنسان بسيط كان يأخذ معنئ القرآن في حركة الشمس وفلكها ١‏ 25 
فى فَلَكوِيْسَبَحُونَ 4 بمفهومه الظاهري البسيط بالنسبة للراصد من الأرض وهو أن الشمس 
هي التي تنحرك من الشرق إلئ الغرب يوميا لذلك لم يكن لديهم أية مشكلة (الناشر). 


نهنا 


بول الراك #العتسسة غملب] كظريات تسيرة وك أن فيرو لبضت 
حقائق مطلقة؛ وأما الحقائق الوحييّة فيمكن قبولها كجزءٍ من اعتقاد 
الشخص. إذا لم يكن هناك أمل في التوفيق بين استنتاج علمي ونص من 
القرآن» فلا يجب عليك أن ترد الوحي وتقبل بعلم اليوم» وأيضاً في المقابل؛» 
اشغ انا كرقضن العفو وكا سرك سي سو حدك الممرق فل 
الاثنين: الحقائق العلمية والوحييّة. المنهج المتوازن والصحيح المتعلق 
07 والوحي هو قبول العلم وترك الدليل يتتحدث عن نفسه. ومع ذلك؛ 
فهذا ب ينبغي أن يكون إطار عدم القيام بخطوات إيمانية معرفية كبيرة واستنتاج 
أن الديل الذي توصلناإله والاستتاجات التي كنا همي حقات لاشك 
فيها؛ فالعلم قد يتغير. بالإضافة إلى ذلكء, فهذا المنهج يتخ يتضمّن القبول بالنص 
الموحئ (وني هذا السياق: القرآن). باختصارء يمكننا القبول بالاستنتاجات 
العلمية من ناحية عملية وكنظريات تسييرية» ولكن إذا عارض أي شيء 
الوحي (بعد محاولة التوفيق بينهما)» فإنه لا يجب عليكٌ قبوله في معتقدك. 
وهذا هو السبب في عدم اضطرار المسلم لإنكار نظرية التطور الدارويني؛ بل 
يمكنه قبولها عملي باعتبارها كما يقولون أفضل نظرية تفسيرية» ولكن مع 
إدراك عدم إمكانية التوفيق بين بعض جوانبها وبين المعتقد, وتذكر أنه 
لمجرد كون نظرية هي أفضل نظرية تسييرية» لا يعني أنها حقيقة مطلقة. 

- حجج إسلامية استقرائية؟ 

القراء المطلّعون والناقدون لهذا النقاش سيلاحظون بالرغم من أن هذا 
هو فهم عام للعلم (في دائرة الأكاديميين والفلاسفة)» إلا أنه أيضا يكشف عن 


تين 


قصورات في نظرية المعرفة الإسلامية. فقد يجادلون أن الحجج الاستقرائية 
تستخدم في الدين الإسلامي لحفظ القرآن والسنة النبوية. ولذلك» لا يستطيع 
المسلمون أن يدَّعوا اليقين في هذه النصوص المرجعية الأساسية للإسلام. 
وذللك ام فى "اق قير معطلة ولمغرفة السنيو هد الو العقويق' الشايق ويرك 
التفكير الاستقرائي والحجج الاستقرائية. التفكير الاستقرائي يقدم اليقين في 
الأنواع الأساسية للمعرفية. فعلئ سبيل المثال» لو لاحظت الصفة ءا في لا 
فيلزم أن بعض ال لا تسمح بالصفة 7 علئ الأقل. فمثلاء إذا لاحظت أن 
الغربان تطير» فإذاً بعض الغربان علئ الأقل تطير. فكما ترئ» هذا النوع من 
الاستقراء يعكس ما يُلاحَظ فقطء وقد تم استخدام هذا النوع من الاستقراء 
في حفظ القرآن والسنة النبوية. فعلئ سبيل المثال» يسمع أحد صحابة 
ل ا 
بتكوين استنتاج عن الآية التي سمعها؛ فالصحابي مثلاً لا يسمع الآية ١‏ إِيّالفَ 


2 


دروو 


َعَبْدُ وَإيَالكَ مَسَتَعبُ 4 (الفاتحة:0)» ومن ثمَّ يستنتج ١‏ قل هو آَلَّهُ أحَدْ 4 
(الإخلاص:١).‏ ولذلكء هذا الاعتراض خاطىع؛ حيث أنه فيه سوء فهم لنوع 
الاستقراء الموجود في حفظ القرآن والسنة النبوية. 

افتراض (5): المذهب الطبيعي الفلسفي والمذهب الطبيعي المنهجي. 

للمذهب الطبيعي تأثير كبير على طريقة التفكير العلمي والنظريات 
والملاحظات. هناك نوعان من المذهب الطبيعي: الطبيعية الفلسفية 
والطبيعية المنهجية. الطبيعية الفلسفية هي المنظور الذي يرئ الكون كنظام 
مغلق؛ أي أنه لا يوجد شيء خارج الكون المادي يؤثر عليه» وبالتالي لا 


56 


وجود لخوارق الطبيعة. فأحد الجوانب الرئيسية في المذهب الطبيعي 
الفلسفي هو أن كل الظواهر يمكن تفسيرها من خلال العمليات المادية فقط. 
أما الطبيعية المنهجية أو المذهب الطبيعي المنهجي فيرئ أنه حتئ يمكن 
وصف الشيء بأنه علمي» فيجب ألا يتطرّق إلى نشاط الإله أو قدرته الخلقيّة. 

المذهب الطبيعي الفلسفي هو ببساطة إيمان. يعترف البروفيسور 
الملحد مايكل روس 12056 2110361 هذه الحقيقة: «إن أردتم اعتراف» فإني 
طالما قلت أن المذهب الطبيعي هو عمل إيماني...)”. لماذا هو إيمان. 
حسناء المذهب الطبيعي غير منطقي؛ فهو يؤمن إيمانآ أعمئ بأن كل شيء 
يمكن تفسيره من خلال العمليات المادية بغض النظر عن عدة حقائق 
مستعصية. أنه حقيقة تقاوم نظرية. فعلئ سبيل المثال» نتقابل أنا وأنت اليوم 
الساعة السادسة تمام في مطعم, وني اليوم التالي جاءت الشرطة لمنزلي 
لتعتقلني لاشتباهي في قدل شخص في نفس الوقت الذي كنا نتناول فيه 
العشاء. الحقيقة المستعصية هي أنني كنت معك آكل في نفس الوقت الذي 
حدثت فيه الجريمة. وجودي المثبت يقاوم اشتباه الشرطة في أني ارتكبت 
جريمة القتل. قد تتساءل» ما الحقائق المستعصية التي تجعل من المذهب 
الطبيعي الفلسفي غير منطقي. حسناء كثير من الفصول السابقة تعتبر نقطة 
بداية جيدة. لا يستطيع المذهب الطبيعي الفلسفي تقديم تفسير مقبول 
لمشكلة الوعي الصعبة (انظر الفصل السابع)» ولا لمحدودية الكون 
واعتماديته (انظر الفصلين الخامس والسادس». ولا للدقة المتناهية للقوانين 


> كاوطصطء2آ[ .لى 2تنةخ!111١1‏ :معاوء<[ أدعع11اعامآا (2007) .(.0ه) .8 .]1 رأتتووعا5 (1) 
7 ,2655 1"01655 :1/111 ,0115م2عمطللة .عدع 01210[ دا عدددك]ا أعقطء1/1 


فضا 


والنظام في الكون (انظر الفصل الثامن)» ولا لوجود الأخلاق الموضوعية 
(انظر الفصل التاسع)» وهناك الكثير. وعلئ ضوء ذلكء لماذا قد يتبنئى 
شخصٌ مثل هذه الفلسفة بشكل أعمئء أي بما يمنع السماح للحقيقة من 
الوصول إليه؟ لدئ كثيرٌ من الملحدين مثل هذه الافتراضات الطبيعية. 
ولذلك#فليس غرييا تجاهلهم لاستنتاجات الحجج الألوهية. إذ عادةً ما 
يرفضون الحجج القويّة لأمهم منعوا أنفسهم بالافتراض الخاطئ الذي يقول 
أن كل شيء يجب تفسيره من خلال العمليات المادية وأنه لا يمكنهم التفكير 
بتفسيرات خارقة للطبيعة إطلاقا. 
المذهب الطبيعي المنهجي هو أيض] موقف غير منطقي؛ فهو يحد من 
السعة الفكرية للاستنتاجات العلمية. لاا تسئ فهمي هنا؛ فأنا أتفق مع أن العلم 
يجب أن يلزم التفسيرات المادية. فالدين الإسلامي يرئ أن الإله يستخدم 
الأسباب المادية لإظهار إرادته وقدرته. ولذلك» فالمذهب الطبيعي المنهجي 
لايمثل مشكلة للمسلم ولكن الإله يقدّم إطاراً تفسيريا إضافيا لوضع 
الأسباب والعمليات المادية في إطارها الصحيح. فعلئ سبيل المثال» بدلاً من 
توقع ظهور أول خلية حية علئ الأرض بواسطة كائنات فضائية وحجر نيزكي 
(كما زعم ريتشارد دوكنز ذات مرة)”» فإنه من المعقول أكثر بكثير القول بقدرة 
الإله الخلقية بما أنها لا تؤدي إلئ ارتداد لانبائي اعتباطي ولا إلئ الجدال بأن 
الحياة يمكنها أن تنبعث من اللاحياة (أو حتئا القول بأن العقلانية يمكن أن 
تنبعث من عمليات وأسباب مادية غير عقلانية؛ انظر الفصل الثالث). 
تمعنوعل أغمعع تااعامذ ما كاتسلة ممكاسصوط لمقطعتج (2008) أوعننوم1 (1) 
8 7 لطع 2 امه .ء طن أتا0 :99/5 خط 


/ 


إذء هل أثبت العلم عدم وجود الإله؟ 

علئ ضوء ما سبق» الجواب هو لا. العلم منهج رائع في البحث استفادت 
نثهالبشرية بشكل كبير جدأة ولكن امستاحاثة ليست ثابنة لآاتتغيروكمنهع: 
لا يستطيع العلم إنكار وجود الإله أو الإجابة علئ كل الأسئلة» وليس هو 
الطريقة الوحيدة التي يمكن عن طريقها تكوين استنتاجات عن الواقع. كثير 
من الافتراضات التي يتبنّاها بعض الملحدين عن العلم هي غير منطقية ومبنيّة 
على سوء فهم واضح لفلسفة العلم. 


ا ا 
2 2 2 


لين 


الفصل الثالث عشر: 
التواتر الإلنهمي 
المصدر الإلهي للقران 


إلئ الآنء كان تركيزنا يدور حول أدلة وجود الإله والرد علئ الحجج 
الرئيسية ضد وجوده. جادلت الفصول السابقة بأن الإله هو الخالق الموجود 
ضرورة» وهو المصمّم”» وهو من وضع القوانين الأخلاقية في الكون. 
وبالرغم من هذاء فذلك النقاش يخبرنا الكثير جداً عن واقعية وجود الإله 
فقط» والسؤال التالي هو: إذا كان هذا الموجود (الإله) هو من خلقناء فكيف 


نعرف من هو إذا؟ وباتباع نفس هذا الخط من التفكير» سنجد أننا ننظر للقرآن 


)١(‏ لا يجوز شرع تسمية الله تعالئ بالمصممء وإنما يقوله البعض تجاوزا فقط مع السائد في 
الخارج من عزو التقدير الحكيم والصنع المتقن إلئ المصمم., أما في الإسلام فلا يجوز 
اشتقاق اسم لله تعالئ من أي فعل أو صفة إلا ما سمئ به نفسه كك فلا يصح مثلا أن نسمي 
الله تعالئ بخير الماكرين لقوله: « وَيَمَكْرُونَ ينك آل ولنا حور انمكرنن > (الأتمال: )أو 
تسميته بالمستهزئ لقوله: « آلَهُيَسَجَرَئُ يِمَ وَيَمُدّهم فى طُعْيَيهِمَيَّهْمَهُونَ 4 (البقرة: ))١5‏ فباب 
الصفات في الحديث عن الله كن أوسع من باب الأسماء له سبحانه كما قرره وشرحه 
العلماء: 


58 


كمرشح بأنه وحي إلهي. وبالرغم من أن الفصول السابقة استشهدت بالكثير 

من الآيات. إلا أن الفصل التالي سيفصّل في الأساس المنطقي لكلام الإله. 
كثيرٌ مما نعرفه يعتمد علا ما يقوله لنا الآخرين» وهذا ينطبق علا حقائق 

لا يمكننا إنكارها علئن الإطلاق. وبالنسبة للكثير مناء تتضمن هذه الحقائق مثلاً 


وا هع 


«وجود قبائل أمازون بدائيين» و«البناء الضوثي في النباتات» و«الأشعة فوق 
البنفسجية» و«البكتيريا». ودعني أفصّل أكثر باستخدام أَمّكَ كمثال. كيف 
ستثبت لي - شخص غريب عنك تمام) - أن أَمَّكَ قد ولدتكٌ بالفعل؟ علئ ما 
في هذا السؤال من غرابة» إلا أنه يساعد في توضيح مصدر مهم جداً من مصادر 
المعرفة» ومما يستهان به للأسف. قد يقول البعض «أمي أخبرتني», أو «لديّ 
شهادة ولادة», أو «أن أبي أخبرنيء فقد كان متواجداً وقتها». أو «أنني اطلعت 
علئ تقارير أمي الصحيّة». هذه الإجابات صحيحة:؛ ولكنها مبئيّة على 
روايات الآخرين. قد لا يرضئ بعض الأشخاص المتشككين. ويحاولون 
الخروج بأساس تجريبي لقناعتهم باستخدامهم ورقة الدي إن أيه 2214 أو 
بالرجوع لتسجيل فيديو. القناعة بأن أمَّك هي أمَّك ليست مبنية على عدة 
فحص دي إن أيه منزلية؛ الواقع أن أغلبنا لم يقم بإجراء فحص دي إن أيه. 
وهذه القناعة ليست مبنية أيض] على تسجيل فيديو؛ لآنك لا زلت تحتاج 
الاعتماد علئ رواية الآخرين في الادعاء بأن المولود الذي (في الفيديو) هو 
فعلاً أنت. ذا لماذا نحن متأكدين جداً؟ هذا المثال الملتفٌ يلقي الضوء 
على مصدر مهم من مصادر المعرفة ألا وهو «التواتر» أو «النقل». 

الكثير مما نعتقده هو في الحقيقة مبني علئ نوع من أنواع التفكير الذي 


ب 


يبدأ بمجموعة من البيانات والحقائق والإقرارات ومن ثم يبحث في أفضل 
تفسير لها. ودعنا نرحب بِأمّكٌ مرةً أخرئ بشكل موجز: هي حامل بك في 
رحمها وموعد الولادة كان الأسبوع الماضي. وفجأة» حان وقت الولادة 
وبدأت الانقباضات» هنا يفترض أبوك والطقم الطبي شبه متأكدين أنها بدأت 
في المخاض. مثال آخر: بعد عدة سنوات» لاحظت أمّكَ علبة مفتوحة 
من البسكويت وبقايا بسكويت حول فمك وعلئ ملابسكء واستدلت أو 
استنتجت أنك فتحت العلبة وأخذت بعض البسكويت. في كلا المثالين» 
الاستنتاجات ليست بالضرورة صحيحة أو غير قابلة للتشكيكء ولكنها أفضل 
التفسيرات باعتبار كل الحقائق المتاحة. طريقة التفكير هذه يُطلق عليها: 
الأنعد لال علق أفظل تفسير: 

حسناء لماذا أوردت السيناريوهات السابقة؟ لأن هذا الفصل 
- باستخدام المفاهيم والمبادئ الموجودة في هذه الأمثلة - سيقدم حجة على 
أن القرآن كلامٌ معجز في اللغة العربية» وأن الإله هو أفضل ما يفسر هذا 
الإعجاز. وما يُقصد بهذا الإعجاز هو أنه لم يستطع أحدٌّ أن يؤلف مثل القرآن 
أو يجاري خصائصه اللغوية والبلاغية» ومن هذه الخصائص - ولكنها ليست 
محصورة بها - هو نوعه وشكله الأدبي الفريد (في سياق البلاغة المستدامة). 
وبالرغم من أن هذا الكلام قد يبدو بعيداً عما فضَّلتٌ فيه حتئ الآنء إلا أننا 
نتأمّل السياق التالي: 

نزل القرآن في الجزيرة العربية علئ النبي محمد #2 في القرن السابع 
[الميلادي]» وهذه الفترة معروفة بعصر الآدب والجمال اللغوي عند العرب. 


نض 


حيث من الناحية الاجتماعية» كان يُنظر لعرب القرن السابع علئ أنهم أفضل 
من يعبّر عن نفسه بلغته الآم؛ فكانوا يحتفلون إذا ظهرٌ منهم شاعرء وكل ما 
يعرفونه هو الشعر؛ فكانوا يبدأون بالشعر وينتهون عنده. كانت تنمية 
الميارات السعرية واللمكناللقري يمن كل سي ء بالدسة لهب فكتان 
الأوكسيجين وشريان الحياة؛ فلا يستطيعون العيش أو العمل بدون كمال 
قدراتهم اللغوية. ومع ذلك» فعندما قرئ القرآن عليهم صُدموا؛ فقد ذُهلوا 
وأعجزوا ودهشوا بصمت أكبر خبرائهم. لم يستطيعوا أن يأتوا بشيءٍ مثل 
القرآن» وساء أمرهم أكثر عندما تحدئ القرآن أهل اللغة هؤلاء الذين يفوقون 
غيرهم بأن يحاكوا خصائصه الأدبية واللغوية الفريدة ففشلوا. بعض الخبراء 
قبلوا بأن القرآن كان من الإله. ولكن أغلبهم لجأوا للمقاطعة والحرب والقتل 
والتعذيب وشن حملة من التشويه. في الواقع» خلال قرون قد اكتسب الخبراء 
أدوات لتحدي القرآن. ولكنهم شهدوا أيضا بأن القرآن معجز ويدركون 
سبب عجز أفضل اللغويين (في محاكاته). 

والآن... كيف يمكن لغير العربي أو لغير المتخصص في اللغة العربية أن 
يدرك إعجاز القرآن؟ يأتي الآن دور النقل والتواتر. التوكيدات والإقرارات 
أعلاه مبنية على نقل وتواتر معرني شفهي وكتابي من علماء متخصصين في 
اللغة العربية في الماضي والحاضر. فإذا كان ذلك صحيحاء وأن أفضل من 
كان مؤهلاً لتحدي القرآن قد فشل في محاكاة الخطاب الإلهيء إذاً من هو 
قائل القرآن؟ هنا يتوقف دور النقل ويبدأ دور الاستدلال. وحتئ نفهم 
الاستدلال عل أفضل تفسيرء فإنه يجب فحص التبريرات المحتملة لطبيعة 


فنا 


القرآن الإعجازية» وهذه الاحتمالات تتضمن أنه قاله شخصٌ عربيء أو 
شخصٌ غير عربيء أو قاله محمد 2©, أو قاله الإله. وباعتبار كل الحقائق 
التي ستّناقش في هذا الفصلء فمن غير المعقول أن يُفسَّر إعجاز القرآن بنسبة 
القرآن لشخصٌ عربي أو لشخص غير عربي أو لمحمد #02. ولهذا السبب» 
فالإله هو أفضل تفسير. 

الافتراضات الرئيسية التي بُنيت عليها المقدمة السابقة هي أن النقل 
مصدر معتبر للمعرفة وأن الاستدلال هو طريقة تفكير منطقية ومناسبة لتكوين 
استنتاجات عن الواقع. سيقدّم هذا الفصل معرفة أو إبستمولوجيا النقل 
«التواتر)» ويفصّل في الجدوئ المنطقية للانتقال النقلي» ويلقي الضوء علئ 
الجدوئ المؤثرة للاستدلال في التوصل لأفضل تفسير» ثم يطبّق كلا 
المفهومين على إعجاز القرآن. وسيختم هذا الفصل بأن الإله هو أفضل 
تفسير لحقيقة أنه لم يستطع أحد محاكاة الكتاب الإلهي. وكل ذلك بدون أن 
يحتاج القارئ لآي معرفة أو خبرة باللغة العربية. 

ابستيمولوجيا النقل (النقل كمصدر من مصادر المعرفة): 

كما نُوقش بإيجاز في الفصل الثاني عشرء فإن «النقل (التواتر)» هو مصدر 
ضروري وأساسي من مصادر المعرفة. هناك عدة أسئلة مهمة يحاول علماء 
المعرفة الإجابة عنها في علم معرفة النقل أو التواتر» ومن ضمنها «مت وكيف 
يُسفر النقل عن دليل؟» و«هل المعرفة النقلية مبنية علئ مصادر أخرئ 
للمعرفة؟» و«هل النقل شيء أساسي؟» بالرغم من أن نطاق هذا الفصل لا 
يتسع للتفصيل في كل القضايا المتعلقة بهذا المجال من علم المعرفة. إلا أنه 


رضنا 


سيُلخّص بعض النقاشات لإثبات حقيقة أن النقل مصدر معتبر من مصادر 
المعرفة. 

- هل النقل (التواتر) شيء أساسي؟ 

الأمثلة المذكورة في الفصل الثاني عشر علئ تناقل الشهود يكشف مدئم 
اعتمادنا المعرني علئ ما يقوله الآخرون. وهذا يذكّرني بنقاش عام أجريته مع 
الملحد الشهير لورانس كراوس 1181155 ©18116266. ذكرت حقيقة وهي أن 
الملاحظات ليست المصدر الوحيد للمعرفة» وأردت بذلك أن أكشف حقيقة 
افتراضه التجريبي. أثرت قضية النقل وسألته عما إذا كان يؤمن بنظرية 
التطورء أجاب بأنه يؤمن بها. فسألته عما إذا كان قد قام بكل التجارب بنفسه. 
وأجاب هنا بالنفي". وكشف هذا الموقف عن أمر خطير في افتراضاته 
- وافتراضاتنا - حول لماذا نؤمن بما نؤمن به. كثير من معتقداتنا مبنية علئ 
نقل الآخرين» ولا تكفي صياغته بلغة علمية لتجعل منه أمراً تجريبياً. 

إلئ وقتٍ قريب نسبيا» كان «النقل» متجَاهلاً كمجال بحثي مفصّل» 
وانتهئ هذا الصمت الأكاديمي بسبب دراسات ومنشورات مختلفة أشهرها 
عمل البروفيسور سي كودي 00301 .0 «النقل: نقاش فلسفي» :105111101 
71 111 .ك... وقد جادل كودي في سبيل إثبات صحة 
النقل» وهاجم تفسير ديفيد هيوم 1111726 103710 الاختزالي للشهادة النقلية. 
يرئ الطرح الاختزالي أن النقل مبرر بسبب مصادر ثانية للمعرفة كالإدراك 
والذاكرة والاستقراء. وبعبارة أخرئء فالنقل بذاته ليس له ما يضمنه ويحتاج 


:631 215112 75 151320 - 1201215 1131028 75 11831155 ععدعء3551آ (2013) خكاظ1 (1) 
7--ح-141717 277-15111102 ج[عة0172/17ه.ع 77177.70 //:مراغخط 


تزن 


َه ا 


يرأ له؛ أي أن المعرفة مبنية علئ التجربة والخبرة. أما تفسير كودي للنقل 
ا ا ل ا 
أخرئ كالملاحظة. ويُعرف هذا التفسير للنقل ب الطرح المضاد للطرح 
الاختزالي. يعترض كودي عائ الطرح الاختزالي بالهجوم على منهج هيوم. 
حيث يُنظر لهيوم علئ أنه المناصر الرئيسي للطرح الاختزالي بسبب مقاله 
«حول المعجزات» 1478165 07» وهو الفصل العاشر من كتابه (بحث 
حول الفهم البشري». منهج هيوم الاختزالي لا ينكر المعرفة النقلية؛ بل في 
الواقع يشدد علئ أهميته: «قد نلاحظ أنه لا يوجد أي نوع من التفكير أكثر 
شيوع] وأكثر فائدةً وأكثر ضرورةً للحياة البشرية من ذلك الذي نشأ من النقل 
(التواتر) البشري...» ”. يقول هيوم أن ثقتنا بالنقل مبنية علئ التوافق بين 
المعرفة النقلية والخبرة. وعلئ هذا يعتمد كودي في تفكيكه لمنهج هيوم؛ 
فنقده ليس محصوراً بالحجة التالية» بل التفصيل فيها هنا يُظهر قوة اعتراضاته 
بشكل عام. 

يقول كودي أن لجوء هيوم للملاحظة الجمعيّة يكشف عن حلقة 
سي ل ل د 
يشهد بها الشخص متوافقة مع الحقائق الملاحظّة. ومع ذلك فما يعنيه هيوم 
بالحقائق الملاحظة ليست الملاحظة الشخصية بل الخبرة الجمعيّة» ويقول 
كودي أنه لا يمكننا الاعتماد دوم علئ التعميمات الشخصية الملاحظة. 
وهنا تتكشف الحلقة المفرغة؛ فنحن نتمكن من معرفة ما لاحظه الآخرون 


:5 5601102 ,101206156320118 111111131 00261121118 812011117 مث .(1902) [0.١‏ رعصنط (1) 
خط ط- 9662/ط-11165/9662/9662/ع01.ع نع اماع اتاج . 777777 /:ماخط 


رضنا 


بناءً عل نقلهم فقط. والاعتماد على الملاحظات المباشرة للشخص نفسه 
لزخ بكررة كاف ديف أن حاتاق العرفة سكو يعدووة عدا وفنن هله 
لتبرير أي شيء (أو -عليئ الأقل- أشياء قليلة جداً). فلذلك. الطرح 
الاختزالي فيه خلل» وادعاؤه بأن النقل يجب أن يُبرّر بمصادر أخرئ للمعرفة 
- كالملاحظة - فهو في الواقع يفترض أو يسلّم بما يحاول إنكاره ألا وهي 
طبيعة النقل الأساسية. السبب الرئيس الذي يؤكد هذه النقطة هو أنه حتئ 
تعرف ما هي ملاحظاتنا الجمعيّة» يجب عليك أن تعتمد على نقل الآخرين 
(بما أننا لم نلاحظها بأنفسنا). 

- الاعتماد علل المتخصصين: 

لم يكن للتقدم العلمي الحديث الذي نفتخر به جميعنا أن يحدث بدون 
الادعاء الاعتباري للبيانات التجريبية. خذ نظرية التطور كمثال. لو كان اعتقاد 
ريتشارد دوكنز 1035125 1616810 اننطوو يليان يقوم بنفسه 
بأداء جميع التجارب. وأن يلاحظ بنفسه كل البيانات التجريبية» فلن يكون 
جريئ جداً بادعاء صحتها. حتئ ولو استطاع إعادة بعض الملاحظات 
والتجارب بنفسه. فلا يزال يحتاج الاعتماد علئ أقوال العلماء الآخرين. 
منطقة البحث هذه واسعة جداً لدرجة استحالة أن نتتحقق من كل شيء 
بأنفسناء والقول بهذا الادعاء سيجعل من التقدم العلمي متعذراً. 

تبن المتال اللسنا فق سبو الآ مهم امانالن كتاق كاقل الشهوه للمغرفة 
مبني على ما يقوله متخصص غير معروف سابقا بالنسبة لك؟» الحقيقة هي 
أننا لسنا كلنا متخصصين,ء ولذلك يتوجب علينا أحيان أن نقبل ما يقوله 


لاذه 


الآخرون. وتفصّل لنا ذلك الدكتورة المحاضرة الجامعية في الفلسفة إليزابيث 
فريكر 1عكاء111 حلا 181120: 

«ولكن هناك بعض الحالات التي يكون فيها قبول نقل شخص آخر 
منطقييا بشكل متباين - ويكون من غير المنطقي رفض ذلك - ويكون تابعا 
ولازماً لخلفية الشخص المعرفية وطبيعته وقصوراته الجسدية والإدراكية. 
بالإضافة إلئ إدراكه لكيف أن الأشخاص الآخرين هم مثله في جوانب 
ومختلفون عنه في جوانب أخرئ. ولذاء فأحيان] يكون الآفضل الاعتماد على 
الجانب المعرفي فيما يتعلق بموضوع ما أكثر من اعتماد الشخص على نفسه. 
راتكن وطق دفار عم امسلافق لظي نر :212 عن بلاطتو 
الاستمرار لأسبوع بلا نوم أو بلا أي نقص في الأداء» أو علئ عدم استطاعتي 
معرفة كل ما أريد معرفته بنفسي» ولكن باعتبار حدودي وقصوراتي الإدراكية 
والجسدية» فلا يوجد هناك مكان للتحسّر المنطقي حول ثقتي المتوسّعة 
(ولكن الحذرة) في كلام الآخرين والمعرفة الضخمة وما يترتب عليها من 
الوفرة التي يُتحصّل عليها من هذا الكلام)”. 

- الثقة: 

هذه هي النقطة التي يدخل مفهوم الثقة من خلالها للنقاش في موضوع 
تناقل الشهود. فقبول كلام الآخرين مبني علئ اعتباريتهم في موضوع معين لا 
يتطلّب منا أن نثق بهم فقطء بل أن نكون أمناء في تقييمنا لأمانتهم. 
[ ,لإتكافهآ تكنصة1 نمآ ,برجم مماديط ممع امامظ فق وممسفادة1 (2006) .83 بعلو (1) 


5157 01010 :021010 .7إ01لطتاوء'1' 01 7(ع7010اعأسام8 عط1' رلء را ,5059 320 
.44 .( رووع1 


/ 


يتجاوز النقاش هنا طبيعة وصحة النقل في النموذجين الاختزالي 
والمضاد له. يقول بروفيسور الفلسفة كيث ليرر 5عتاع.آ 1115 أن تبرير 
النقل (التواتر) لا يكمن ني أي من هذين المنهجين. حجة البروفيسور ليرر 
هنا تتمركز حول الثقة؛ حيث يقول أن النقل يقود لاكتساب المعرفة في (بعض 
الظروف ولكن ليس كلها)”» ويرئ أن النقل هو نفسه «مصدر للدليل عندما 
يكون الناقل أمينً (ثقة) في نقله. النقل نفسه ليس فيه دليل علئ خلاف 
ذلك»” الشخص الذي ينقل (يروي) لا يحتاج أن يكون «معصومً حتئ 
يكون أمين]»”» ولكن «الشخص الذي يشهد بأن ما يقوله الحقيقة يجب أن 
يكون أميناً فيما يقبل وفيما ينقل»” ويعترف ليرر بأن الأمانة ليست كافية 
لفعوكل ما يقولة الآختروة الو معوفة :نراق أناقة الشخصن بجت أن تفي 
(يشير بذلك إلئ ما يسميه "مرتبط بالحقيقة") وأنه يجب أن نكون أمناء 
وثقات في التقيبم”. وبالنسبة لتقييم تناقل الشهود فقد يتضمن معلومات عن 
خلفية موضوع معين» وأيضاَ روايات لآخرين في مجال من مجالات 
المعرفة» وكذلك الخيرات الشخصية والجمعية. 

ويدّعي ليرر بأنه حتئ نكون أمناء في الطريقة التي نقيّّم فيها أمانة 


لقن ل ولإعكاعة.آ نع 1صطع ل :12 .1135650161255 320 توضممطتاوع 1" .(2006) .1 ,تعنتطاعا (1) 
1651122011397 01 15]61220108(7مط عط ]1 يلع رآ ,5059 


(0) المصدر السابق. 
(9) المصدر السابق» ص .)١5١(‏ 
(5) المصدر السابق. 
(5) المصدر السابق. 


ليرا 


الآخرينء فإننا نحتاج أن نعود للتجارب السابقة في تقييماتنا ونرئ ما إذا كنا 
دقيقين في التقييم أم مخطئين. ومع ذلكء فعندما نعرف أن نقل شخص ما 
ليس موثوقاً» فهو في الغالب نتيجة الاعتماد علئ ما قاله الآخرون عن هذا 
الشخص”. وذلك ربما يكشف عن حلقة مفرغة؛ لآنه حتئ يقيّم الشخص 
نقل الآخرين» يجب أن يعتمد علئ نقولات أخرئ. ويقرر ليرر أن هذه هي 
«حلقة حميدة» أكثر منها حلقة مفرغة”".كيف ذلك؟ يقدم البروفيسور 
جوابين: 

«أولآء أي نظرية كاملة أو تبرير للثقة يجب أن تفسّر لماذا لدينا تبرير أو 
ثقة في قبولنا لهذه النظرية نفسها. فلذلك» يجب أن تنطبق النظرية علئ نفسها 
حتئ تفسّر لماذا لدينا تبرير أو ثقة في قبولنا لها. ثانيآ» وبنفس المستوئ من 
الأهمية» ثقتنا في أي وقت من الأوقات يجب أن تصدر عمًا قبلناه في الماضيء 
يشمل ذلك ما قبلناه من كلام الآخرين. النتيجة هناك نوع من التأيبد المتبادل 
بين الآشياء المحددة التي قبلناها وبين الثقة العامّة فيما نقبل (ومن ذلك 
- بالطبع - الأشياء المحددة التي قبلناها). فإذاً التأييد المتبادل بين الأشياء 
التي نقبلها هو ما ينتج عنه الثقة فيما نقبل»”. 

- حق التعليق: 

نقاقن برو عن لنهادة انق جين النيؤال عن كيف يمكينا تاسيوي النقة 
)١(‏ المصدر السابق» ص .)١90١(‏ 


هم المصدر السابق» ص .)١05(‏ 
9) المصدر السابق» ص .)١61/-١65(‏ 


5 


للاعتماد علئ اعتبارية الآخرين أو علئ كلامهم. يطرح البروفيسور بينيامين 
مكميلر 1/11/1711 لاألطة زم 8 حجة مثيرة للاهتمام تساعد في الإجابة علئ 
هذا السؤال. يقول مكميلر بأن مشكلة النقل المعرفية يمكن «إعادة صياغتها 
علئ أنها مشكلة تفسير حق التعليق المعرفي)” يقول مكميلر بأنه إذا كان 
الجمهور مخولاً بأن يربط الطعون بالمتحدث. فإنه يكون لدينا طريقة جديدة 
في النظر لمشكلة النقل (التواتر). وهذا يتطلب أن كلا الطرفين يدركون أن 
عليهم مسؤولية؛ فالمتحدث يجب أن يؤكد علئ أن ما يقوله هو معرفة نقلية» 
كما أن الجمهور يجب أن يقبل بأن المتحدث يتحمل مسؤولية أن الجمهور 
يستطيع تعليق الطعون بالمتحدث”. 

يمكن بناء الثقة عن طريق ممارسة هذا الحق في تعليق الطعون 
بالمتحدث (أو الكاتب). إذا تم تقديم إجابات منطقية علئ هذه الطعون» فإن 
ذلك بإمكانه زيادة الثقة. المثال التالي يوصّح هذه النقطة. ادع بروفيسور في 
اللغويات بأن القرآن معجزء وفصّل في بلاغته وني طبيعته وأسلوبه الأدبي 
الفريد. تحمّل الجمهور المسؤولية وطعن في البروفيسور. كان الطعن على 
هيئة أسئلة» ومن ضمنها: «همل بإمكانك أن تعطينا أمثلة أكثر من القرآن؟») 
و«ماذا قال المتخصصون والخيراء الآخرون عن أسلوب القرآن؟» و«كيف 
يمكنك تفسير آراء الأكاديميين الذين يختلفون معك؟) و«عند أخذ 
المعلومات التاريخية عن القرآن في الاعتبار» كيف يمكن أن تدعم هذه 


6 1101:137,2قتك 320 1115 ,لإلممسصتاوع 1 (2011) .8 رتتعانولطاء/ا (1) 
(؟) المصدر السابق» ص (519). 


دن 


المعلومات رأيك؟). فإذا قدم البروفيسور إجابات منطقية علئ هذه الأسئلة» 
فهكذا تدريجياً يبني الثقة في نقل رأيه ومعلومته. 

- ملحوظة حول نقل شاهد العيان: 

سنن الكن الاول ونحدظ هن تقال الشهوو للمتر فق ولبيق عن كذكر 
عاكوز اذل دف ار عرس الندراد الموعوةة بكرن نيان السان 
ضخمة» ولاينوي هذا الفصل نقاش استنتاجات ولوازم هذه الدراسات 
والبحوث. ومع ذلكء باعتبار وجود حذر أكاديمي حول شهادة العيان (فيما 
يتعلق بوثوقيتها»» فإنه ينبغي ألا يكون هناك خلط بينها وبين تناقل الشهود 
للمعرفة؛ فهما منطقتان منفصاتان. قد تعاني شهادة العيان بسبب القصور في 
ذاكراتنا قضيرة الملاكا وشيب التأئيرات النفسية وما يوق استذكازر تسلتيل 
حدث معين. المعرفة النقلية المتواترة والآفكار والمفاهيم لا تعانن من هذه 
المشاكل؛ لأن اكتساب المعرفة عادةً ما يحدث نتيجة التكرار وفترة أطول 
نسبي والاستبطان والدراسة. 

هذه النقطة تقود لتحول خفيف ولكن مفيد؛ في عمل هيوم حول 
المعجزات. قال هيوم بأن الدليل الوحيد الذي لدينا علئ المعجزات هو 
شهادة العيان» واستنتج أنه ينبغي علينا أن نؤمن بالمعجزات فقط في حالة 
كانت احتمالية خطأ شهود العيان أعلىئ من احتمالية حدوث المعجزة”. 

وبالرغم من القلق حول روايات شهود العيان الفردية» فإن شهادة العيان 
7 دمناءة؟ ,ع صنل صة0165ص[آ مقحطن1] عسنطسععم0© لإتتناوص8 مخ (1902) .2 رعس (1) 

صسغط.ا-9662/ط-9662/9662/و16/عه.عنء امعان . 77 /:ماخط 


ين 


يمكن أن تؤخذ بجدية في حالة كان هناك عذة شهادات عيان (وهوما يتعلق 
بمفهوم «التواتر» في الدراسات الإسلامية). إذا كان يوجد عدد كبير (كبير بما 
يكفي) من الشهود المستقلين الذين نقلوا الشهادة عن طريق سلاسل مختلفة 
من التناقل» وكثير من هؤلاء الشهود لم يقابل بعضهم بعضا أبداً". فإن رفض 
ذلك الخبر سيكون مقارباً للعبثية. حتئ هيوم نفسه كان يدرك قوة هذا النوع 
من خير العيان عندما قال: 

«أرجو أن تتعلق القصورات الموضوعة هنا (عندما أقول أنه لا يمكن 
إثبات المعجزة أبداً) بأن تكون أساسا لنظام ديني. فأنا أقر بأن عكس ذلك 
أي أنه قد يكون هناك معجزات أو خروقات لنسق الطبيعة المعتاد من النوع 
الذي يُقبل بدليل من الرواية البشرية؛ علئ الرغم من أنه قد يكون من غير 
الممكن إيجاد أي شيء مثل ذلك في التاريخ المدوّن. ولهذاء إذا افترضنا أن 
كل المؤلفين بكل لغات العالم اتفقوا علئ أنه من بداية يناير عام ١٠١‏ كان 
هناك ظلامٌ كامل على كوكب الأرض كله لمدة ثمانية أيام: فسأفترض ساعتها 
أن هذا النقل لهذا الحدث غير الطبيعي ما زال قويا وحيّا بين الناس؛ حيث 
أن كل المسافرين الذين عادوا من دول أخرئ ينقلون لنا مثل هذه الرواية 


)١(‏ نقطة عدم مقابلة الشهود بعضهم بعض] ومع ذلك يدلون بنفس التفاصيل هي من أقوئ 
أدلة صحة أي خبر لاستحالة تواطؤهم علئ الكذب أو اتفاقهم عليه تمامً مثلما يأتيك 
شخص يتحدث عن اليابان فيذكر تفاصيلا فيها رآها بعينه» ثم يخبرك شخص آخر لم 
يقابل الشخص الأول عن نفس التفاصيل التي رآها بنفسه في اليابان» فتدرك ساعتها صحة 
هذه التفاصيل» ويزداد قوة التواتر واليقين كلما زاد العدد (الناشر). 


إذن 


بدون أن يكون هناك علئ الأقل اختلاف أو تعارض. من الواضح أنه بدلاً من 
تشكيك فلاسفتنا المعاصرين في هذه الحقيقة فإنهم سيتلقونها علئ أنها 
0000 

تركيز هذا الفصل ينصبٌ علئ تناقل الشهود للمعرفة وليس علئ 
الأحداث أو أخبار العيان؛ فالفرق المفهومي بين الاثنين واضحء ولكن تمت 
الإشارة إليه هنا لتذكير القارئ بالفرق بين هذين النوعين من النقل. 

ولآختم هذا الجزءء. فالنقل مصدر ضروري من مصادر المعرفة» وبدون 
ل ا 
فكثير من المزاعم لاحي اسه ستختزل في كونها تأمّلات 
متشككء ولن نكون مبررين في استبعاد وجهات نظر من يقولون بأن الأرض 
مونطظ ريديو لترجه ا حول النقل )لين #قرقن تحني امنيا أن تون أمفاء 
ثقات في تقييمنا لوثوقية الآخرين وأن نتحمّل مسؤولية تعليق الطعون في 
الشخص الذي يشهد (بالخبر). ويجب أيضا أن نضمن وجود بعض الحقيقة 
في ادعاءاتمهم (وهذا قد يتضمن نقولات من آخرين أو معلومات سابقة). 

الاستدلال علئ أفضل تفسير 

الاستدلال علئ أفضل تفسير هو طريقة من طرق التفكير لا تقدر بثمن» 
وتتضمن محاولة تفسير مجموعة محددة من البيانات أو المعرفة السابقة 

يقة منطقية مترابطة. فعلئ سبيل المثال» عندما تُسأل بواسطة طبيبنا عن 
كيف نشعره نقدم له الأعراض التالية: انسداد أنفي» احتقان في الحلق. 


.)44( المصدر السابقء القسم‎ )١( 


رذن 


عطاس» بحة في الصوت» سعالء عيون دامعة» حرارة» صداع. آلام بدنية» 
إرهاق. ثم بناءَ علئ هذه المعلومات» يحاول الطبيب إيجاد أفضل تفسير 
لحالتك المرضيّة» وبالإضافة لمعرفته السابقة المتراكمة بسبب تعليمه الطبي» 
يستنتئج أن أفضل تفسير لهذه الأعراض هو أنك مصاب بالزكام المعروف. 
ويوضح البروفيسور ليبتون متخصص التاريخ والفلسفة - بشكل مشابه - 
الدور العملي والضروري للاستدلال فيقول: 

«يستدل الطبيب عليئ أن المريض مصاب بالحصبة بما أن هذا هو أفضل 
تفسير بناءً على الدليل الذي أمامه. ويستدل عالم الفلك علئ وجود حركة 
لكوكب نيبتون بما أن هذا هو أفضل تفسير للاضطرابات الملاحَظّة لكوكب 
أورانوس... وفقا لمبدأ الاستدلال علئ أفضل تفسيرء فإن ممارساتنا 
الاستدلالية محكومة باعتبارات تفسيرية؛ فباعتبار ما لدينا من بيانات 
واعتقاداك ناقة مدن فلع أده ة اداو جف ناكو كنيعي سي 
أفضل تفسير من بين التفسيرات المتنافسة التي يمكننا استخراجها من هذه 
البيانات...)2. 

وكما هو الحال مع الكثير من الأشياء» قد يكون لدينا تفسيرات متنافسة 
للبيانات التي لدينا. وما يرشّح هذه التفسيرات ليس فقط معقوليتها بل وجود 
معلومات أخرئ يمكن أن تساعدنا في التمييز بينها. ويوضح ليبتون: «نبداً 
بالتأمل في التفسيرات التي تم ترشيحها علئ أنها تفسيرات معقولة» ومن ثم 
نحاول البحث عن البيانات التي تميّر بينها... قد يتم إلغاء استدلالٌ ما عند 


:م .له 220 .132311092مءاط أوع8 عطا ما ععمعععتم]ا (2004) .2 ,دماملا (1) 
,110111160856 


دكن 


اقتراح شخص تفسيراً آخر أفضلء مع أن الدليل لم يتغير»". 

توفر البيانات الإضافية ليس الطريقة الوحيدة لتقييم أي التفسيرات 
المتنافسة هو الأكثر إقناع. أفضل تفسير هو أكثرها بساطة. ولكن البساطة 
هي مجرد البداية؛ حيث أنه يجب أن يكون هناك موازنة بين البساطة 
والشمولية. والشمولية تتضمن أن يكون في التفسير قوة ومدئ تفسيريين؛ 
فيجب أن يعلل التفسير كل البيانات» ومن ضمن هذه البيانات الملاحظات 
المتفاوتة والفريدة: 

فمعيار آخر لتقييم شمولية تفسير ما هو تعليل البيانات والملاحظات 
التي لم تكن معروفة مسبقا أو لم تكن متوقعة أو كانت متعذرة التعليل. ومبداً 
مهم في تقييم أفضل تفسير هو أن يكون الأكثر ترجيح) بالنظر إل صحته 
- مقارنة بالتفسيرات المنافسة الأخرئ - وباعتبار ما لدينا من معرفة سابقة. 
يؤكد الفيلسوف الأكاديمي في جامعة برينستون غيلبرت هارمان 6115676 
عا أنه في حال وجود أكثر من تفسير فإن واحداً منها ايجب أن 
يكون قادراً على دحض جميع الفرضيات البديلة قبل أن يكون الشخص 
عورا لسغل للف ونا يفل التسوخمن (باعنبا و اسيليم نان اند 
الفرضيات المعطاة ستقدم تفسيراً أفضل للدليل من أي فرضية أخرئ) 
لاستنتاج أن الفرضية المعطاة صحيحة»)”. 


.)60-55( المصدر السابق» ص‎ )1١( 


11م 211050 عط .0ه أدمقايطط أوع8 عطا م1 ععمعتعاص]ا عط1 (1965) .0 ,مممسوط (2) 
:]3 3211361 ولخ .58-95 ,(74)1 ,69161 ]1 
/117/21015ل2ع02/12077716059202021092015ة1- /تتلع .طاعع ا لدء. دقط.ع 1 ممعم //: مقط 
10 ت12+7) 
120101 


32 


وعلئ ضوء ما سبق, فالاستدلال على أفضل تفسير هو نوعٌ من أنواع 
التفكير الضروريء ويمكنه أن يوصل لليقين إذا كانت البيانات التي لدينا 
محدودة والتفسيرات معدودة» فسيكون ساعتها أفضل تفسير يقيني إلى حدٍ 
ما؛ وخصوص) أنه لن يكون هناك احتمال لظهور تفسير آخر أفضل أو فرصة 
وجود بيانات جديدة قد تغيّر ما نراه أفضل تفسير. وكون القرآن أتئ من الإله 
هو مبني علئ هذا النوع من اليقين. لا يوجد تفسيرات منطقية أخرئ 
لمصدرية القرآن في حين البيانات التي تعتمد عليها التفسيرات محدودة؛ 
فمثلآء لن يكون هناك كلام جديد مكتوباً باللغة العربية القديمة ولا وجود 
تاريخ جديد تمامً عن اللغة العربية يمكن الدفاع عنه. 

تكوين حجة: 

حتئل الآن» كان النقاش يركز علئ أهمية النقل والاستدلال علئ أفضل 
تفسير في الوصول للمعرفة. ومع ذلكء, فمجرد اقتباس الأقوال والشهادات 
لن يكون كافيً لأن هناك أقوال متنافسة من متخصصين حول إعجاز القرآن. 
ولذاء فسنحتاج إلئ تقديم معلومات أساسية مؤصّلة في سبيل إثبات لماذا 
ينبغي تقديم الأقوال التي تؤيد إعجازية القرآن. 

عذة الخازوذائق اانا بط من وحقنة أن الغا يمت معدا عونا 
وأدبيّ» وأن عرب القرن السابع الميلادي وصلوا مرحلة الإتقان في التعبير 
عن أنفسهم باللغة العربية» وأنهم عجزوا عن محاكاة القرآن» وفي حال تم 
تأصيل هذا الشيء» سيكون تبني النقل والأقوال التي تؤيّد إعجازية القرآن هو 
الخيار المنطقي بما أنه يقدم أساسا لقبول هذه الأقوال. وتكون الأقوال التي 


لذن 


تعارض تفرد القرآن عبثية؛ بما أنها تنكر شيئ تم تأصيله (سنوضّح ذلك 
لاحق]). وعند تبني تناقل الشهود. يجب تقييم التفسيرات المتنافسة 
لإعجازية القرآن حتئ يتم الاستدلال علئ أفضل تفسير؛ وهي أن القرآن قاله 
شخصٌ عربي» أو شخصٌ غير عربيء أو محمد 2©, أو الإله. ما يلي هو 
تلخيص لهذه الحجة: 

١‏ - يمكل القرآن تحدي) لغوي] وآدبي] للبشرية. 

١‏ - كان عرب القرن السابع الميلادي أفضل من يمكن أن يواجه هذا 
التحدي. 

- عجز عرب القرن السابع الميلادي عن مواجهة هذا التحدي. 

؛ - شهد المتخصصون بإعجاز القرآن. 

ه - أقوال المتخصصين المضادة غير معقولة بسبب اضطرارها لرد 
معلومات أساسية تم تأصيلها. 

5 - فلذا (من .)0-١‏ القرآن معجز. 

- التفسيرات المحتملة لإعجاز القرآن هي أن يكون قاله شخص 
عربي أو شخصٌ غير عربي أو محمد ظة أو الإله. 

8 - لا يمكن أن يكون قد قيل بواسطة شخص عربي أو بواسطة شخص 
غير عربي أو بواسطة محمد 2©. 

4 - ولذلكء فأفضل تفسير هو أن يكون من عند الإله. 

سيفصّل الجزء المتبقي من هذا الفصل في المقدمات المذكورة 
أعلاه. 


5 


اأعيمكل اله ]ن فغوي لغ وأذية للبشرية: 

« أقرَأبآَسَم رَبَكَ4 (العلق:1)» كانت هذه هي أول كلمات من القرآن أوحي 
بها إلئ الرسول طق قبل أكثر من ١8٠١‏ عام. تلق الرسول يق (الذي كان 
يُعرف عنه أنه يجلس يتأمل في كه خارج مكة) وحيا من كتاب سيكون له 
تأثير عظيم علئ العالم الذي نعيش فيه اليوم. تلقئ الرسول 22 (الذي لم 
يُعرف عنه أنه قال شيئا من الشعر ولم يكن له أي مواهب بلاغية خاصة) 
بداية كتاب سيعالج قضايا إيمانية ومعه تشريعات وعبادات وروحانيات 
واقتصاد بشكل أدبي جديد ونوع تركيب لغوي جديد تمامّ”. 

مكلام ا ده اموق النعصامفى اللغرية ار اناق نوين للقرآن لتقديم 
عدد من الحجج لدعم إيمانهم أن الكتاب (القرآن) من عند الإله. وقد أدئ 
عجز الجميع عن محاكاة القرآن لتقرير فكرة الإعجاز القرآني في المدرسة 
الدينية المسلمة. كلمة «إعجاز» تأتي من الفعل «أعجَّرً والذي يعني جعل 
الشيء غير قادر أو جعله مغلوب علئ أمره. هذا المعنئ اللغوي للكلمة يلقي 
العو عا المقد اللاي يانه ته :[عجاز أهل اللخ العرزت التين لا يشل لهم 
غبار بأن يأتوا بشيءٍ مثله. ويلخّص العام والمؤلف المُكثر في القرن الخامس 
عشر جلال الدين السيوطي هذا المعتقد في قوله: 

الولما جاء به النبي 2© إليهم وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء 
وتحداهم علئ أن يأتوا بمثله» وأمهلهم طول السنين» فلم يقدروا كما قال 


:00 .(2010) .26100 تكاعوع21 01 111510137 عناو1اطنا ل :0111*320 عع تامع 113 ع1 (1) 
.145-204 .2م ممطتهقا؟] ده 1طتطلدط 


دن 


الو اس ا ل ل ل رت سر 
سور منه في قوله تعالئ: « أي يُُولُو رت أققنة” َل فَأَنُوا بِعَشْرٍ سُوَرٍ مُتَلِهء مُفمَريستوٍ 
وَأَدْعُوأ م من آَسَتَطَعَثُم من د ون آله إن كم صَددقينَ (هود:1). ثم تحدّاهم تسوارة 
في قوله: ١‏ م يَُولُونَ آفكزنة. َل فأثوا ِسُورَةٍ مله وَآدْعْوأ من سَْتَطْعَثُم من دُونِ الله 
إن كم صَدِقِينَ 4 (يونس:078» فلما عجزوا عن معارضته والإتيان بسورة تشبهه 
على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء» نادئ عليهم بإظهار العجز وإعجاز القرآن 
الكريم فقال: « قل بَْنِ أَجَتَمَعَتٍ انس وَلَجنٌ عَلِنَ أن يَأَنُوأ ِمِثّلٍ هنذا الْقَرَ ان لا 
بَأَنُونَبِسِقَلف ولؤكان يَعْصبة بض ظَهِيرا 4 (الإسراء 000 

وفق] للتفاسير المتقدمة» فإن الآيات المختلفة في القرآن التي تطلق 
تحدياً للإتيان بسورة من مثله تدعو بجرأة خبراء اللغة من أي عصر 
أن يحاكوا خصائص القرآن اللغوية والآدبية". والآدوات التي يُحتاج 
إليها لمواجهة هذا التحدي هي قواعد نحوية محدودة وصور بلاغية 
ولغوية معلومة والأحرف الثمانية والعشرين التي تشكل اللغة العربية. وهي 
مقاييس مستقلة وموضوعية متاحة للجميع. ولذلك لم تعد حقيقة العجز 
عن مماثلة القرآن منذ أن أوحي به تدهش الباحثين العارفين باللغة العربية 
وبالقرآن. 


.)١817/5( جلال الدين السيوطيء الإتقان في علوم القرآن. ص‎ )١( 
عل11211 1/]11[310112 :1120113 .ة 21-0011 متننانا' 1 هنآ -اخ (2005) .ل .اختونك-ام‎ "3120 
.م‎ 
)2( 0ط 6 112051260 .101602 220 .0101*320 713*131 (2005) .74 ركقطكة‎ 
.100122[]-اتتتة(0[-ع-1121063 :1اع1]212 .لمتتستقطك 20 متمطبك8ة ممه اتمعامث متدكول‎ 101 
.مم1‎ 139-99 


أيذن 


؟ - كان عرب القرن السابع الميلادي أفضل من يمكن أن يواجه هذا 
التحدي. 

لقد مثّل القرآن تحدي] لأعظم متحدثي اللغة العربية (عرب القرن السابع 
الميلادي). وحقيقة أن هؤلاء وصلوا إلئ قمة البلاغة مثبت عند علماء 
الشرق والغرب. يؤكد الباحث تقي عثماني أنه بالنسبة للعربي الذي عاش في 
القرن السابع الميلادي «كانت البلاغة والفصاحة هي شريان الحياة»". وأما 
وفق للجمحي (مؤرخ الشعراء الذي عاش في القرن التاسع الميلادي): «كان 
الشعر بالنسبة للعرب آلة تدوين لكل ما يعرفونه وأعلئ نطاق للحكمة؛ فكانوا 
يبدأون شؤونهم وينهونها به/". ويؤكد عالم القرن الرابع عشر الميلادي ابن 
خلدون على أهمية الشعر في حياة العرب: «ينبغي أن يُعلم أن العرب كانوا 
يرون أن للشعر مكانة كنوع من أنواع الكلام. فلذلك جعلوه ديوان] 
لتاريخهم؛ ودليلاً علئ ما كانوا يعتبرونه صحيح) وخطأء والمرجع الرئيس 
في أغلب علومهم وحكمتهم)”. 

بل وكانت القدرة والمعرفة اللغوية خاصيّة مؤثرة في المحيط الاجتماعي 
لعرب القرن السابع الميلادي. يوصّح ذلك الناقد والمؤرّخ الأدبي ابن رشيق 
لؤط 4ع اقصهعا .وععمعنه5 عتصدمن0 عط 15 طعدهمجة علخ (2000) .1 .11 ,تمهطووت] (1) 


تتتتلطث وكا ز6 180160 لطة 0ع715ع1 .510010111 طاعلة517 720تستقطمكلة .نآ 
.0 .2 ,151331 1031011 :نلطع 1223 . لتقمصطع ]1 


(0) منقول عن: 
:0001 شآ .لقعا عأاطوتخ 01355161 01 7وع010طاممث متباعومءط عط]” (1999) .1 متكا 
.2 .2 ,800165 تناع لاع 
"تعأمقطن) .لقطتمعو0] عصوعط لاط 113251210 .801020011 عط1 .لخ ,صنل لافطا مط[ (3) 
:ماع56 ,6 
مطغط. 66_55 _طن)/6ت1ع ]م هط لطم حم 13/110200 /حطامء .خط م0 1105 ط مم1 1 كتتمط. وكوك /: ماخط 


لعن 


0 ل ل تت القبائل فهنّأتهاء 
الأعراسء وتباشر الرجال والولدان؛ لأنه حمايٌ لأعراضهم, وذبٌ عن 
أحسابهم وتخليد لمآثرهم» وإشادة بذكرهم. وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد. 
أو فرس تنتج» أو شاعر ينبغ فيهم)”. وعرّف عالم القرن التاسع الميلادي ابن 
فقي لفك كا كان يز 4 النوف "د العو عدن الشري )ويل سيا 
والشاهد العدلٌ يوم التّمار» والحجة القاطعة عند الخصام)”. 

وتوضًح نافيد كيرماني (كاتبة ومتخصصة في الدراسات الإسلامية) إلى 
أي مدئ كان يحتاج العرب أن يدرسوا لكي يتقنوا اللغة العربية؛ مما يدل 
على تعظيم العرب الذين عاشوا في القرن السابع الميلادي للشعر: «الشعر 
العربي القديم هو ظاهرة معقدة جداً. المفردات والتراكيب الخاصة والعادات 
لاحن اضدات وسيل لبجو أكار كاافية موعت فنا من اتقو 
اللغة إتقان] كاملا. امريد اك 0 
يكون قريب) من تقديس التعبير الشعرية". 

ل ا تتوفر فيها كل 
الظروف التى تساعد علا البراعة التى لا تضاهئ في استخدام اللغة العربية. 
200 728 131 طد-2[1 تنه قمطاك عع حلممطتنا“'-لث (2000) .28 .لكل ,وععطددظآ م16 (1) 

.9 .2 ,1[1تقطكآ-21 تاطةكل712 :02120 .52132 [تطواط اخ .101 نز 18010 
701 .21-1061 انطنكا-[د 001[ تاتتتاءظ .تدططعلك-اج ستحونا' (1925) .لخ رطوطتوة6ن0-[اثظ (2) 
,2 


اءع7ماء813 عط1 .(.ع) .لخ ,لامملاآ :10 .ع8 2نامع 2ة.آ له تحكتاعه20 (2006) .ا ولمممطعكز (3) 
.2 رع قلط115طناط لاع ككاء812 :07:1010) .010132 علا 16 اماطنة طبحم 


50١ 


"' - ععجز عرب القرن السابع الميلادي عن مواجهة هذا التحدي. 
بالرغم من قدراتهم اللغوية» عجزوا بمجموعهم عن أن يخرجوا بنص 
عربي يوازي خصائص القرآن اللغوية والبلاغية. يؤكد المتخصص باللغويات 
البروفيسور حسين عبدالرؤوف: «وصل العرب في ذلك الوقت إلئ قمتهم 
اللغوية من حيث التمّكن اللغوي وعلوم اللغة والبلاغة والخطابة والشعر. 
ومع ذلكء فلم يستطع أحد علئ الإطلاق تقديم سورة واحدة مشابهة لما في 
القرآن 00 
وتقول البروفيسور في الدراسات القرآنية أنجليكا نيوويرث 118اء08ه 
أنه لم ينجح أحد في محاكاة القرآن» سواء في الماضي أو الحاضر: 
...لم ينجح أحدء هذا صحيح. .. أعتقد أنه بالفعل قد جلب للباحثين 
الغربيين الإحراج الذين لم يستطيعوا أن يفسّروا كيف ظهر القرآن فجأة -ني 
بيئة لا يوجد فيها أي نص مكتوب له قيمة- بما فيه من غنئ في الأفكار وروعة 
في الأسلوب)”". 
اعتنق لبيد بن ربيعة الإسلام (أحد الشعراء المشهورين أصحاب 
المعلقات السبع) بسبب ما رآه من إعجاز في محاكاة القرآن. وبمجرد ما اعتنق 
الإسلام» توقف عن الشعر. وتعجب الناس من ذلك فقد «كان أبرز شاعر 
بالنسبة لهم»”. وسألوه لماذا توقف عن الشعر؛ فرد عليهم: «ماذا! حتئ بعد 
سدامغطلة1-11[ى :عءعل0صتاط .مدعت عط عمتهاوج8 (2003) .11 تمه -لسلوطم (1) 
4 ,22635 عتستعلوعة عتتكتامم]1 
05 لإممه ل .للقططمء 0 ص طنتتحنه!2 معلتاءععصخ «مووع معط طتتر ع عام أهممومم 2 (2) 
+5 للع 2ه ع1ط272118 15 عمتلرمعع*1 عطا 
لصة قطتئه له طممد؟ 2ه عتكهة1 نمه من0 عط 0 عستمعلمه2 (2007) لح نح ,تطة151 (3) 


28 .1237301 طاعع521 20تمتسطقطه/8 زط لع21[وصق1' .1 ١01‏ للمتهوة8-له اتناك 
.25-6 .22 ,111151 80016 016ص 151 :11امطتامآ 


50 


نزول وحي القرآن؟)". 

ويقول البروفيسور المتخصص في اللغة العربية والقرآن إي بالمر 
ماه .8 أنه لا ينبغي أن نتفاجأ من الإقرارات التي تصدر من الأكاديميين 
كالتي قرأناها منذ قليل حيث كتب: «مسألة أن أفضل الكتّاب العرب لم ينجحوا 
علئ الإطلاق في إنتاج أي شيء مكافئ لمستوئ القرآن نفسه ليس غريب]»”. 

ويؤكد العالم وبروفيسور الدراسات الإسلامية محمد دراز كيف أن 
خبراء القرن السابع الميلادي أغرقوا في الخطاب الذي جعلهم عاجزين: 
وذلك في العصر الذهبي للفصاحة العربية الذي وصلت فيه اللغة إلئ قمة 
نقائها وقوتها وألقاب الشرف التي مُنحت بمهابة للشعراء والخطباء عبر 
احتفالات سنوية» حيث اجتاحت كلمات القرآن كل الحماس للشعر والنثشر 
وتسيّبت في إنزال القصائد السبع المعلّقات التي كانت على باب الكعبة. فكل 
الآذان أصغت بسماعها إلئ هذا الكلام العربي الأعجوبة)”. 

عدد الأقوال المنقولة منذ القرن السابع الميلادي التي تؤكد عدم قدرة 
العرب علئ الإتيان بشيءٍ مثل القرآن تخرج أي شك في هذا الأمر» وسيكون 
من غير المعقول استبعاد حقيقة أن العرب كانوا عاجزين. وبشكل مشابه لما 
قيل في جزئية شهادة العيان» فإن الروايات التي تنقل فشل العرب في محاكاة 
القرآن قد وصلت حد التواتر (النقل المتزامن من طرق كثيرة). هناك عدد 


(1) منقول عن: 
20 قطتكه 21-1 طهتناك 01 121511 :01*32 عط نم07 ع ستتعلصهط (2007) .ى .كث رتطة151آ1 
1١70112.‏ .طة2022 21-8 اتناك 
.2 ,ووع21 0131:620012) :021010 .1 ته .01123 عط1' (1900) .(.ا) .82 .8 ,تعمصلوط (2) 
.0 .2 ,1311115 .8 .1 :102002 .0011132 عط 10 00111105م1آ (2000) .ى .11 ,جةاراً (3) 


50 


كبير من الخبراء الذين نقلوا هذا الخبر عن طريق سلاسل مختلفة من التناقل» 
وكثير منهم لما يقابل بعضهم بعضا. 

وهناك حجة قوية أخرئ تؤيد الجزم بأن عرب القرن السابع الميلادي 
عجزوا عن محاكاة القرآن وهي ترتبط بالظروف السياسية والاجتماعية لذلك 
الوقت. حيث كان من تركيز الرسالة القرآنية النهى عن الأخلاق الفاسدة 
والظلم والممارسات السيئة التي كانت تقوم بها القبائل المكيّة في القرن 
السابع الميلادي. ومن ضمن هذه الأشياء كان تسليع المرأة» والتطفيف. 
والشركء والرقء واكتناز الأموال وتخزينهاء ووأد البدات وترك الأيتام. 
وبذلك جاء القرآن ليتحدئ القيادة المكيّة بالرسالة الإصلاحية التى أتئ بهاء 
وكان من شأن ذلك أن يقلل من زعامتها ونجاحها الاقتصادي. وحتئل يتوقف 
الإسلام عن الانتشار» كل ما كان يحتاجه أعداء النبي 2 هو مواجهة ذلك 
التحدي اللغوي والبلاغي الذي يمثله القرآن. ورغم هذاء فحقيقة أن الإسلام 
نجح في أيامه الأولئ الحسّّاسة يشهد علئ حقيقة أن متلقيه الأوائل لم 
يستطيعوا مواجهة التحدي القرآني» ولا يمكن لحركة أن تنجح إذا تم بوضوح 
إثبات خطأ أحد الادعاءات الجوهرية لها. بل وحقيقة اضطرار القيادة المكيّة 
إلئ اللجوء لحملاات جاده كالحرب والتعذيب كمحاولة لإبطال الإسلام 
يدل علئ أن أسهل طريقة لدحض الإسلام (التي هي مواجهة التحدّي 
القرآني) قد فشلت. 

: - شهد المتخصصون بإعجاز القرآن. 


20 


وغير الدينية بإعجازية القرآن. وفيما يلي قائمة - غير شاملة - بالعلماء 
والباحثين الذين شهدوا بآن القرآن لم يمكن محاكاته: 

« بروفيسور الدراسات الشرقية مارتن زامت 72101016 2/1311 : 
«بالرغم من الامتياز الأدبي لبعض القصائد الطويلة التي ظهرت قبل 
الإسلام... فالقرآن بالتأكيد في مستوئ خاص به كأكثر تعبير مكتوب بروزاً في 
اللغة العربية)”. 

٠‏ العالم شاه وليٌ الله : امستواه العالي من البلاغة والفصاحة والذي 
يفوق إمكانيات أي إنسان. وبناء عليه» فبما أننا نأتي بعد العرب الأوائل؛ 
فنحن غير قادرين علئ الوصول لجوهره؛ ولكن المقياس الذي نعرفه هو أن 
توظيف الكلمات الجزلة والتراكيب الحسنة ببهاء وبلا تصئع والتي نجدها في 
القرآن العظيم لاتوجد ني مكان آخر في أي من شعر المتقدمين أو 
المتأخرين)”. ْ 

«. المستشرق والآذييت أرعرة 6137 1خ: «في هذه المحاولة الحالية 
لتحسين أداء من سبقوني وإنتاج شيءٍ قد يكون مقبولاً كمحاكاة (ولو كانت 
ضعيفة) لبلاغة القرآن العربي عالية المستوئ, عانيت في دراستي للأوزان 
الغنية والمعقدة التي (بعيداً عن الرسالة نفسها) يتضمنها القرآن فتجعل منه 
مستحق] للادعاء الذي لا يمكن إنكاره في كونه أحد أعظم التحف الآدبية 
عاطدعة عنصة ع0 02 :56109 لوعندع]آ ع كمومه ى (2002) .1 .11 باتسصسة 7‏ (1) 

7 .م مللقع8 :معلاع] 
17161017 0191 مط .7ه لله اتدوتآ © طمك-له عبحه-لى (2014) .5 بطقللتحووتلة 1‏ (2) 
01 51011665 لطة دع 1ماعصمءط عط 01 [فتتصدكلط ىم :دوماع معطمطتعط علمة ”011 زه 


2222000 تلطه :ا 0م0121 صصخ 20 1غ 001:م]آ ,ملعتواكمة؟1' .تتتكلهة1: علمة ”نان 
.0 ,138 :102002 .301 1ك[ 


5206 


للجنس البشري»)”. 

. الباحث تقي عثماني: الم يستطع أحدٌ منهم كتابة حتئ جمل قليلة 
لتقابل الآيات القرآنية. تأمل فقط كيف أن هؤلاء قوم - كما قال العلامة 
الجرجاني - لا يستطيعون أبداً مقاومة الاستهزاء (من خلال شعرهم) حتئ' إذا 
سمعوا أن هناك شخصٌ في الجانب الآخر من العالم يفخر بنفسه لفصاحته 
وبلاغته الخطابية. فكان من غير المعقول أن يظَلُوا صامتين حتئ بعد تكرار 
التحدي ولم يجرؤا علئ الإقدام... لم يتركوا حجراً لم يقلبوه في سبيل 
اضطهاد ومضايقة النبي 2©#؛ فقد عذّبوه ووصفوه بأنه مجنون وساحر 
وشاعر وكاهن, ولكنهم عجزوا بكل ما في الكلمة من معنئ عن صياغة حتى 
جمل قليلة مثل الآيات القرآنية)". 

٠‏ الإمام فخر الدين: «وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلوب 
والسلامة من جميع العيوب)”". 

٠‏ الزملكاني: «اعتدلت مفرداته تركيب] ووزناء وعلت مركباته معنىّ؛ 
بأن يوقم كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنئ»”. 

« البروفيسور بروس لورنس 13156206 811106: (كإشارات ملموسة» 
تعتبر الآيات القرآنية معبّرة عن حقيقة لا تنضب؛ فهي تشير إلى معنىّ داخل 
تنطاعخ نز ممتاءع ملم تصآ سه طتتى 260 اقصمكا تصمنم] عط (1998) .1 .ى ,وضومهم ‏ (1) 


.2 ,21655 1001571517 071010 :01010 .تكتتء طاتت .ل 
2 .72 ,56162665 0011131216 عط 16 طعوماممخ مث (2000) .1 .714 ,تلمهمطوتنا (2) 


() السيوطيء الإتقان في علوم القرآن» ص .)188١(‏ 
3120" عل11211 1/]11[310112 :1120113 .ة 21-0011 متتنانا' 1 هنآ -اخ (2005) .ل .اإتونك-ام 
1881 


1 .م 
(5:) المصدر السابق. 


520 


معنول» ونور علا نور» ومعجزة بعد معجزة)". 

« البروفيسور والمستعرب هاملتون غيب 0106 1132011]08: «مثل كل 
العربء كانوا متذوقين وخبراء في اللغة والبلاغة. حسناء إذا كان هو من أنشأ 
القرآن بنفسه. فالرجال الآخرون كانوا يستطيعون منافسته. دعهم ينشؤون 
بالقرآن كمعجزة ظاهرة متفوقة)2. 

التأكيدات أعلاه علئ إعجازية القرآن هي عيّنة صغيرة من الشهادات 
الكثيرة جذاً المتاحة لدينا. 

- أمثلة أخرئ علا الإعجاز: المتنبى وشكسبير: 

كان أبو الطيّب أحمد بن الحسين المتنبي الكندي يعتبره كثيرٌ من العرب 
نابغة شعري لا يمكن محاكاته. وقد جادل البعض أنه بالرغم من أن شعراء 
آخرين استخدموا نفس باب المدح والوزن الشعري الذي استخدمه الشاعر 
العظيم, إلا أنهم لم يتمكنوا من مجاراة مستواه في الفصاحة والتنوّع 
الأسلوبي. لذلكء فقد استنتجوا أن المتنبي كان معجزاً لأن لدينا مخطط 
أعماله ولدينا الآدوات اللغوية» ولكننا غير قادرين علئ محاكاة شىءٍ مثل 
تغبيرة الشعرئ. وإذا كان ذلك صحيتعاء فإنه بقلل من إعجازية القرآن..ولكن 
هذه التزكية للمتنبى لا أساس لها من الصحة؛ فهناك محاكاة لشعر المتنبى من 
قبل الشاعران اليهوديان موسئ بن إزرا 8218 152 1840565 وسليمان بن 
5 م ,م8001 ع211 غك :2002م.آ .تإطموتع 8210 لل :قة*01ا0) ع1 (2006) .8 رععمع كم (1) 


,7255 12157615197 0721010 .511157 815011231 لل :مننذ[ة] (1980) .]1 .ى .8 ,16 (2) 
.م 


50/ 


جبريول 0801101 162 5010202. وبشكل يثير الاهتمام» كان يعرف الشاعر 
الأندلسي ابن هانوع بمتنبي المغرب". 

نقطة مهمة هنا هي أن الشعر العربي في العصور الوسطئ لم ينشئ أنواع 
أو أفكالآ أدنية حديدة» وكتان الك مسيت ماده عل :الأعمال الشعرية 
السابقة. يقول الأكاديمي دينيس مكوولي لإءآناخه11 5تدء<2 أن شعر 
العصور الوسطيىئا كان متعلقاً «أكثر علئ الأدب السابق من تعلقه بالخيرة 
المباشرة)”. 

في الشعر العربي القديم» لم يكن غريبَ علئ الشاعر أن يحاول مجاراة 
قصيدة سابقة من خلال كتابة قصيدة جديدة بنفس الوزن أو البحر الشعري 
وبنفس القافية وبنفس الموضوع.ء وكان ذلك يعتبر أمراً طبيعي)”. فلا غرابة في 
أن بروفيسور الأديان إيمل هوميرن قد بحث في التعبير الأدبي لابن الفارض 
ووصف أعماله بأنها «أعمال ارتجالية أصيلة عدا عن المتنبي)*. 

ولتوضيح حقيقة إمكان محاكاة المتنبي أكثر» فقد أفصح عن أنه استعار 
في شعره من شاعر آخر وهو أبو نواس“. وقد كتب كثيرٌ من نقاد الأدب 
العربي ني العصور الوسطئ كالصاحب بن عباد وأبو علي بن الحسن الحاتمي 
عأطوعة 2ه توطنا للخ :عتتطدمع ان[ عتطدنك لوعزومه1© (2013) .11 .1 .6 بتعلاء0 مه 17‏ (1) 

.31-33 .م بووعع2 توتو كندتآ علتمل بوع71 علولا ع1 .توه [مطاسة عمتطدة ]1 


0 :071010 .5ع1اء20 21ع7250 5:اطوعث طط[ (2012) .8 .([ ,رتزعانخعالا (2) 
.3 رووع21 151657ء0117ل1آ 


هرم المصدر السابق» ص (45). 
(5:) منقول عن: 
.4 ,2155 12157615137 071010 :0721010 .5ع1اء20 13:561631 1*5[طوعكث ‏ 2ط[ (2012) .8 .نآ 


ذخ :222561 انط طغلىا تعامنامعمط حلط ممه تسكدط (1984) لخ .5 رععاءلواعمه8 (5) 
7 001223123 ع قتطد1[طناط 1101120 -طىه!8 :01010 .تاعاععاد اوعتامممع 810 


50/1 


نقودات على المتنبي؛ فكتب ابن عباد «الكشف في مساوئ شعر المتنبي» 
وكتب الحاتمي قصة مقابلته للمتنبي في «الرسالة الموضحة في ذكر سرقات 
أبي الطيّب المتنبي»””. وناتج هذه النقودات الأدبية تدل علئ أن أعماله نتيجة 
لشخص نابغة» ويمكن محاكاتها. ويقدم الحاتمي جدالاً أشد ضد المتنبي 
ويقول بأن شعره يحتوي علئ أخطاء وليس فيه أسلوب فريد. ويخلُص 
البروفيسور سيغر بونويكر 28026681165 6 ووالذي درس نقد الحاتمي 
للمتنبي) إلئن أن «حكمه هو في غالبه مبني علئ أساس سليمء وتقريب] يجد 
الشخص أنه يشعر بأن المتنبي كان شاعراً عاديا والذي لم يكن يفتقد 
للأصالة فقطء بل كان لديه نقص في قدراته التراكيبية ومفرداته وبلاغته 
وأحيان كان يعطي دليلا علئ ذوق سيئ لدرجة لا تصدق)". 

كذلك تأمل الإجماع العام علئ الاعتقاد بأن شكسبير لا يجارئ فيما 
يتعلق باستخدامه للغة الإنجليزية. وبالرغم من ذلكء فإن أعماله لا تعتبر 
معجزة؛ فسوناتاته 50026185 (قصائد مكونة من ١5‏ تقول )يفاني عابنا 
استخدام وزن شائع يسمىئ بال 1ع]6 26121812 130016 (وهو 27 يتكون فيه 
كل شطر من عشرة مقاطع صوتية» وهذه المقاطع الصوتية تنقسم إلئ خمسة 
أزواج مما يسمّئ بال2661 عذطدتهة)". وبما أن مخطط أعماله متاح» فليس 


)١(‏ المصدر السابقء وانظر: 

ع1 :عل ادن عتمطوا؟]آ عاطوعمخ 701ع01ع21 12 لطك1ء111ن) لإتته1ع]1] (1997) .1717 ,رعمه7ا0 
.5 2111517[] لاع 1ناطمتلظ .11201100 2 01 عصكلة/1 

320 تعاع22 مصعم عاطصطد] :635165 أعطدهد متمعتوءموعءعلقط5 (1999) .لخ ,1113120طة/18 (3) 


:ع5/1 أعصده؟ لامتاعمظ عطا 
لمطخط.ع1ج] ماع 500 /5اع ططه 5/جامء .ع ص1[ هع تدع مردعكلة طد. 77 /: مراخط 


520 


مستغربا أن يكون للكاتب الدرامي الإنجليزي كريستوفر مارلو 
117 اعطمم15تط0 أسلوب]ً مشاهاء وأن يقارن شكسبير بفرانسيس 
بيمونت 868111571081 1"32015 وجون فليتشر اعطاعاء11 مططمل وغيرهم من 
كتّابٍ المسرح الذين عاصروه". 

- الشهادة بإعجاز القرآن لا تعني القبول بمصدره الإلهي: 

من الاعتراضات المقبولة المتعلقة بالشهادات الأكاديمية علئ إعجاز 
القرآن هو أن هؤلاء العلماء والباحثين يوافقون علىئ أن القرآن لا يمكن 
محاكاته» ومع ذلك فهم لم يستنتجوا أنه نص إلهي. المشكلة مع هذا 
الاعتراض هي أنه يخلط بين الشهادة علئ إعجازية القرآن وبين الاستدلال 
علئ أفضل تفسير. الحجة التي أعرضها في هذا الفصل لا تستنتج إلهية القرآن 
من أقوال العلماء؛ بل تقول أن أفضل تفسير يوضّح هذه الإعجازية الموجودة 
في القرآن هو أن يقال أنه أتئ من الإله. وسواءً قبل هؤلاء العلماء بهذا 
الاستدلال أم لم يقبلوا به فلا علاقة له بالأمر. فما قاله هؤلاء العلماء 
والباحثون يُستخدم كدليل علئ إعجازية القرآن وليس علئ أن أفضل تفسير 
له هو الإله؛ فالحجة تستدل من إعجازية النص وليس من استنتاجات قد 
يكون خرج بها هؤلاء العلماء والباحثون من حقيقة أن النص لا تمكن 
ميحاكاته: يت أن يشار إلين أنه قد لا يكؤون عرص علي هتؤلاء العلماء 
والباحثين حجة تقدم استدلالاً علئ أفضل تفسيره أو أنهم ربما لم يتأملوا 
01 لإتقطم ع1 0100 .(1564-1616) مسقتللة1؟ ,عندءموع1هط5 (2013) .2 ,لمهلام81 (1) 


:6 11211517 0721010 .”تملع 810 12610021 
0 6 07:.001.01//: مط 


5 


باللوازم الفلسفية لإعجازية القرآن. وقد يكون هؤلاء الأكاديميون يرفضون 
التفسير الإلهي لأنهم يتبنون المذهب الطبيعي الفلسفي. الاعتقاد بالمذهب 
الطبيعي سيحول بينهم وبين استنتاج أي شيء يتعلق بخوارق الطبيعة. 

وبالإضافة إلئ ذلكء فكثيرٌ من الأكاديميين (وخصوصا] من يعيشون في 
وقتنا الحالي وقت حضارة ما بعد الحداثة)» لديهم منهج محصور في التعامل 
مع كثير من العلوم. ولذلك. فكثيرٌ من هؤلاء الباحثين مهتمون بالقرآن ليس 
من أجل الاقتناع بمصدره الإلهي أو من أجل قبول الإسلام؛ بل تقديراً 
لأدبياته من أجل الدراسات الأدبية» وهذا اتجاه منتشر بكثرة في المجال 
الأكاديمي. ولذلك, فعندما يستكشف هؤلاء الباحثين في إعجاز القرآن. فمن 
المرجح جداً تركيزهم حصريا علئ صفته الأدبية» وليس علئ ادعاء 
مصدريته الإلهية. هم يريدون اكتشاف ما إذا كان القرآن معجزاً أو معقداًء وإذا 
كان كذلكء. فإلئ أي مدئ, وليسوا مهتمين علئ الإطلاق بسؤال ماذا يعني 
هذا الإعجاز من ناحية أصله الإلهي. 

ه - أقوال المتخصصين المضادة غير معقولة بسبب اضطرارها لرد 
معلومات أساسية تم تأصيلها. 

عل ضوء ما سبقء فتناقل الشهود الذي يتعلق بإعجازية القرآن هو أكثر 
تفسير منطقي يمكن تبئيه. وهذا لا يعني أن هناك إجماعا على هذا الموضوع 
أو أن كل الباحثين يقرّون بأن القرآن بلا تحدي؛ فهناك آراء لبعض الباحثين 
«(ولو كانوا أقلية) تعترض علئئ إعجازية القرآن. فإذا كان النقل والشهادة 
الصحيحة لا تتطلّب الإجماعء فلماذا يقبل شخصٌ بنقل ويرفض تقلا آخر؟ 


لسن 


النقل المتعلق بإعجازية القرآن يعتبر أكثر عقلانية بسبب حقيقة اعتماده 
علئ معلومات ومعرفة أساسية قوية» وهذه المعلومات والمعرفة تم نقاشها 
في المقدمات )١(‏ و(7) و(7). هذه المقدمات تلقي الضوء علئ حقيقة أن 
القرآن يمثل تحديا لغويا وبلاغي) للبشرية. كان عرب القرن السابع الميلادي 
أفضل من يواجه القرآن. ومع ذلك عجز فطاحل اللغة هؤلاء عن مواجهة 
ذلك التحدي. 

تبني الشهادات والنقولات المعارضة سيكون للعبثية لأنه يتطلّب جواب 
وتبريراً عن سبب عجز هؤلاء الذين كانوا أفضل مَن يواجه هذا التحدي. 
وتتضمن التفسيرات الممكنة رفض مصداقية هذا التاريخ المؤصّل أو أن 
يزعم المعترض أن هناك فهما ومعرفة لديه باللغة العربية القديمة أكثر من 
فهم ومعرفة فطاحل اللغة في القرن السابع الميلادي. هذه التفسيرات تتبنئ 
الشهادات والنقولات المضادة بدون أي أساس منطقي. إن رفض التاريخ 
المؤصّل سيتطلب إعادة صياغة لتاريخ الأدب العربي» وكذلك افتراض 
وجود قدرات لغوية تفوق تلك الموجودة عند المتخصصين في القرن السابع 
الميلادي مرجوح لحقيقة أن هؤلاء المتخصصين مروا ببيئة لغوية متجانسة 
نسبي. هذه البيئات هي مناطق يُحافظ فيها علئ نقاء اللغة» وتتسم بمحدودية 
الاستعارة والاندثار اللغويء بينما تعاني البيئات اللغوية للعربية المعاصرة من 
الاستعارة اللغوية الطاغية ومن الضعف اللغوي. ولذلكء. فادعاء وجود تفوق 
على قوم أتوا من حضارة كانت فيها الآأرضية الخصبة للكمال اللغوي هو أمرٌ 
لا يمكن الدفاع عنه. 


كان 


وبغض النظر عن ضعف هذه الاعتراضات. فعندما يُجرئ تحليل 
لأعمال هؤلاء الباحثين الذين يقولون بعدم إعجازية القرآن. فإننا نستنتج 
وجود قلة وضآلة هذا النوع من الأبحاث, وأحد الأمثلة علئ عدم كفاءتها 
يمكن إيجاده في أعمال الباحث والمستشرق الألماني الشهير ثيودور نولدكه 
81 :160001. كان نولدكه ناقداً أكاديميً لخصائص القرآن اللغوية 
والبلاغية» ولذلك فقد رفض الرأي القائل بإعجازية القرآن. وبالرغم من هذاء 
فإن نقده يثير نقطة الطبيعة غير المدعومة لهذه الادعاءات. فعلئ سبيل 
المثال» يقول نولدكه » إن الضمائر تتغير من وقت إلئ آخر في القرآن بطريقة 
غير معتادة وغير جمالية»)". 

الخاصية اللغوية الموجودة في القرآن والتي يشير إليها نولدكه هي في 
الواقع أداة بلاغية مؤثرة تسمّئ ب «الالتفات» أو الانتقال النحوي. هذه الأداة 
البلاغية تعزز التعبير البلاغي للنص وهي أداة مقبولة ومنطقة بحث في البلاغة 
العربية”» ويمكن إيجاد إشارات لها في كتب البلاغة العربية التي ألّفها ابن 
الأثير والسيوطي والزركشي". 

هذه الالتفاتات أو الانتقالات النحويّة تتضمن: التغيير في الضمير 
والتغيير في العدد والتغيير في المخاطبين والتغيير في الزمن والتغيير في الحالة 


() منقول عن: 
:052001,صآ .5ع571 ع 5ع22ع11: :مه *0111) عط عمتلطة125ء1[50] (2005) .74 يسععاقط اعلطم 
54 .2 ,1111215 .8 
11 2101113 -اىخ :عع101120 .011132 عط عطةةهاودط (2003) .8 ,13015 اتسلمطث (2) 
1156001115 :118251236105 0011132 (2001) .8 ,1301 -اتلطكة زووعط عتممعلوعم 
:511116 ,1611220520] .15اوعع8ع<1 3020 عتلماعه 1" 
.م ,557125 ع 5ع0اعط1 :2ة*1ا0) عطا ع صتلطهأ25ء120] (2005) .21 ,ممععادظط اعلطث (3) 
185 


نذسن 


الإغرابية واستخدام سوبدلا من مير وكتد هن التعيئزاث الاجر" 
وتتضمن الوظائف الرئيسية لهذه الالتفاتات انتقال التأكيد (من موضع 
لآخر) :وتنيه القتارئ لقضية معيّنة»وتخسين أسلوت النصن "اسمن 
تازاف الالتفات خلق تنوع واختلاف في النصء وإيجاد التناغم والسلاسة» 
والمحافظة علئ انتباه المستمع بطريقة دراماتيكية”. 

وتقدم السورة رقم ٠١8‏ في القرآن (الكوثر) مثالا جيداً علئ استخدام 
الالتفات: « إن أغطيتلك الكؤثرٌ و فَصَلْ لِرَبَكَ وَأغَرَج إرح شَايملك هوَالأَبترٌ»ه 
(الكوثر:١‏ -07). 

في هذه السورة؛ هناك تغيير وانتقال من ضمير المتكلم الجمع (إِنّا) إلى 
ضمير آخر «ربّك»» وهذا الانتقال ليس انتقالاً سريع ومفاجت]؛ بل هو انتقال 
مقصود ويركز علئ قرب العلاقة بين الإله والنبي محمد 2. استخدام (إِنَاا 
هو استخدامٌ لتأكيد عظمة وقوة وقدرة الإله؛ فهذا الاختيار للضمير الشخصي 
يشد الانتباه إل حقيقة أن للإله القدرة والقوة علئ إعطاء محمد ...١‏ 
الكوثر»» بينما استخدم «ربّك» لتأكيد العلاقة القريبة والقرب والحب؛ 
فالعبارة لها معان تدل علئ الحاكم والمعطي والاهتمام. وهذا استخدام 
مناسب للغة؛ وبما أن المفاهيم المجاورة تدور حول الصلاة والتضحية 
وناك اف لات وا تراه العرفي شو هاه اموز عر شنلبة البون 


1100361 .ماعطا عأاطوعكة عطاعدل متم[ (2010) .2 .5 ,لإتتتطلتمط0) (2) 
.9 .2 ,3طنا0[-لخ :2ه20م.آ 


ينا 


محمد ؛ حيث أن استخدام مثل هذه اللغة الحميمية تعزز التأثير اللغوي 
النسي: 

لم يكن نقد ثيودور نولدكه للقرآن حكم] شخصياً فقط» بل كشف فهمه 
البدائي للغة العربية القديمة» وقد أكد نقده أيض]ً عدم قدرته علئ الوصول 
لمستوئ الخبرة اللغوية التي وصل إليها عرب القرن السابع الميلادي. هذه 
الالتفاتات أو الانتقالات النحوية تضيف للأسلوب التفاعلي للقرآن» ومن 
الواضح أبا خصائص أسلوبية واستخدام بلاغي مقبول. ويستخدم القرآن هذه 
الخاصيّة ببذه الطريقة للتوافق مع موضوع النص في الوقت الذي يعزز فيه تأثير 
الرسالة التي يوصلها. وليس مستغربا أن يستئتج البروفيسور نيل روبنسون 
ه015 أوعل< في كتابه (استكشاف القرآن: تقريب معاصر لنصٍ مخفي) 
أن الالتفاتات المستخدمة في القرآن «هي أدوات بلاغية مؤثرة جداً»”. 

ولأختم» فالشهادات والنقولات المضادّة التي تقول بعدم إعجازية 
القرآن ليست متماسكة لأنها تخلق مشكلات أكثر بكثير مما تحل. والأبحاث 
التي تقدم أساساً لهذه الأقوال المضادة رديئة ومبنيِّة علئ فهم ضحل للغة 
العربية. رفض إعجازية القرآن يستلزم جوابً علئ السؤال التالي: «لماذا عجز 
أقذو الع لعة عرد مواتجهة القرآن؟) الاجانات المحفئلة عل هذا السؤال 
تعتبر عبثية إذا نظرنا لها من ناحية منطقية. ولهذه الأسبابء فتبني الأقوال 
المضادّة موقف فيه خلل. 
0 طعده؟ممك :زه1همسعتمه لخ :مهنا عط1 عسمتنندمءعول2 (2003) .71 بدممسمتطمجع ‏ (1) 


,155 1[21561517 0601856]011) :ماع قتطكة11 .15016092 220 راكرء'1 ل0عم11اء7 0 
4 .م 


إكآيانا 


5 - لذلك (ومما استعرضناه من ١‏ إلئ 0) فالقرآن معجز. 

حيث يلزم من النقاط )١(‏ إلئ (0) القول المُبرر بإعجاز القرآن. 

١‏ - التفسيرات المحتملة لإعجاز القرآن هي أن يكون قاله شخصٌ عربي 
أو شخصٌ غير عربي أو محمد 2 أو الإله. 

وحتئ نذكر الأصول الإلهية للقرآن بدون الإشارة لتفاصيل معيّنة عن 
اللغة العربية» فإن استخدام النقل والاستدلال متحتم. وماتم مناقشته إلى 
الآن هو أن هناك شهادات نقل صحيحة بأن القرآن معجزء وأن التفسير 
الممكن لإعجازيته يمكن تفسيره بعزو مصدره لشخص عربي» أو شخص 
غير عربي» أو محمد 5, أو الإله. ومع ذلك» فيمكن أن يُجادل بأن هناك 
تفسيرات منافسة ولكننا لا نعلم ما التفسيرات. وهذا الإقرار يرتكب نوع من 
المغالطات يدعئئ ب «مغالطة الخيار الوهمي». إن كان هناك تفسيرات منافسة 
فعليّة» فإنه يجب أن تقدّم علئ الطاولة الفكرية لمناقشتهاء وإلا فإن هذا النوع 
من التفكير لا يختلف عن الادعاء بأن الأوراق لا تسقط من الأشجار بسبب 
الجاذبية» بل بسبب تفسير آخر لا نعرفه. 

6 - لا يمكن أن يكون قد قيل بواسطة شخص عربي أو بواسطة شخص 
غير عربي أو بواسطة محمد 22©. 

حتئ نفهم من يمكن أن يكون قد قال القرآن ما تبقئ من هذا الفصل 
سحلل النظريات العللات الرييية: 

- شخصٌ عربي؟ 

هناك عدة أسباب رئيسية تجعل من القول بأن القرآن أتئ من شخص 


الألانا 


عربي أمراً مستحيلا. أولآ» قد وصل العرب لمستوى لا يُجارئ من التمكن 
اللغوي والبلاغي ومع ذلك عجزوا عن مواجهة القرآن» وشهد أشهر خبرائهم 
في ذلك بالخصائص المعجزة للقرآن. وقد تعجّب أحد أفضل فطاحل اللغة 
في ذلك الوقت (الوليد بن المغيرة) قائلاً: «والله ما فيكم رجل أعلم بالشعر 
مني» ولا أعلم برجزه ولا بقصيدته مني» ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه الذي 
يقول شيئا من هذاء والله إن لقوله الذي يقول حلاوة» وإن عليه لطلاوة»)”". 
ثانيك» اهم المشركون العرب في القرن السابع الميلادي النبي 2 بأنه 
شاعر؛ فقد كان هذا الاتهام أسهل من محاربة وقتال المسلمين. ومع ذلك. 
فمن أراد أن يتقن اللغة العربية والشعر العربي احتاج لسنوات من التعليم عند 
الشعراء". ولا أحد منهم أتئ ليكشف حقيقة محمد 2 بأنه كان من أحد 
تلامذته. فحقيقة أن محمداً كان ناجحا في رسالته ذاتها تبيّن أنه نجح في إيصاله 
للشعراء واللغويين في ذلك الوقت فكرة أن القرآن هو بلا شك نوعٌ لغوي فريد 
خارق للعادة. لأنه إذا لم يكن هناك إعجاز قرآني» فأي شاعر أو عارف باللغة 
كان يستطيع أن يقول شيئً أفضل من القرآن أو مشابه له. يوضح ذلك 


() منقول عن: 

اث :81110181223112 .0011132 عط 01 5عع0ع1ه5 عط 10 105غأع0011:م] مخ (1999) .لا ,تطلة) 

5 ط31[[ك عمتهط عطا ب0ع70عططة وععط كقط 005ص اقطقخا [2طلع11ه ع1 .269 .م ,طهنوه11102 
115000 0ععمامع؟ مععط 


(؟) يمكننا زيادة التوضيح هنا بأن من لديه مَلكة الشعر فهي لا تظهر فجأة» وإنما تنتج من 
حسن استماع منه للشعراء في قبيلته أو البادية» أو علئ الأقل لو كانت لديه بالسليقة دون 
التعلم عند أحد فهي تظهر في طفولته أو شبابه» ويستحيل أن تظهر فجأة في سن الأربعين 
سن نزول الوحي (الناشر). 


7 


المتخصص بالدراسات الإسلامية نافيد كرماني 16111211 713710 بقوله: «(من 
الواضح أن النبي نجح في هذا الصراع مع الشعراء؛ وإلا لم يكن الإسلام قد 
انتشر انتشار النار في الهشيم»)”. 

بل وهناك مسألة أساسية أكبر وهي أن القرآن أوحي به طيلة 77 عام من 
حياة النبي 2. فإذا كان هناك عربي غير النبي #2 قد قال القرآنء فإنه كان 
سيسد فراغ عدم تواجد النبي 2 ويخرج وحيا متئ ما دعت إليه الحاجة. 
فهل يعتقد أحد - جديّّ - أن شخص)ا زائفا سيستمر بلا انكشاف لمدة 77 
سنة كاملة من الوحي؟ 

وماذا عن عرب عصرنا الحالي؟ القول بإمكان شخص معاصر يتحدث 
العربية أن يحاكي القرآن لا أساس له. وهناك عدة أسباب تقوّي ذلك الرأي. 
أولآء كان عرب القرن السابع أفضل من يمكن أن يواجه القرآنء وبما أنهم 
عجزوا عن ذلكء فمن غير المعقول القول بأن عربي معاصر أفقر منهم لغويا 
قد يتجاوز قدرات أسلافه (عرب القرن السابع الميلادي). ثاني» عانت اللغة 
العربية المعاصرة من استعارة وضعف لغويين أكثر من تلك التي عانت منها 
العربية القديمة. إذأ كيف يمكن لعربي ممن كان نتيجة لثقافة ضعيفة لغوي] 
- نسبيا - أن يكون مساوياً لمن كان مغموراً في بيئة من النقاء اللغوي؟ ثالشء 
حتئ ولو تعلم شخص عربي معاصر اللغة العربية القديمة» فإن قدراته اللغوية 
لن تجاري شخصاً عاش مغموراً بثقافة أتقنت اللغة. 


أأءعلماء813 ع1 .(.له) .لخ ,ضامم1]آ :0[ .عع 3 ناع طهآ له تجتاعه2 (2006) .ا ,لمممطمرعا (1) 
0 .2 ,رع قلط115طنا 1اع:ككاء812 :07:21010) .32 :1ن عطلا 16 مامه حيمه 0 


اانا 


- شخص غير عربي؟ 
لا يمكن أن يكون القرآن أتول من شخص غير عربىء بما أن لغة القرآن 
هي اللغة العربية» ومعرفة اللغة العربية متطلب لتحدي القران بنجاح. وقد 
تعرّض القرآن لهذه المسألة: « وَلَقَدَ تَعلّمُ أَنَهُمَ يقولون إنمَا يُعَلِمُهُد يشر 
لصا اذى يلجدورت إله أعجَي ؟وَهَندًَا سان عرق كبيرك + (السخل:18): 
ويوضح المفسر المتقدم ابن كثير هذه الآية بقوله: «فكيف يتعلم من جاء 
بهذا القرآن في فصاحته وبلاغته ومعانيه التامة الشاملة - التى هي أكمل من 
يقول هذا من له أدن مسكة من العقل)”. 
ماذا لو تعلم شخص غير عربي اللغة العربية؟ هذا سيجعل من ذلك 
الشخص متحدثا للغة العربية» وسأحيل للتفسير الممكن الأول أعلاه. ومع 
ذلك فهناك اختلافات بين المتحدث الأصلى للغة والمتحدث غير الأصلى 
كما استنتجت دراسات أكاديمية مختلفة في مجال اللغويات التطبيقية وغيرها 
من المجالاات المشابهة. وعلئل سبيل المثال» ففى اللغة الإنجليزية» هناك 
اعتلافاك بين المتيدتين الأصليق وغينالأصليية دق التميبز تين السطابين 
كان أحد والديهم ليس متحدثا أصليا للغة وبين أولئك الذين كان والداهم 
كلاهما متحدثا أصليا للغة؛ فالمتحدثين الذين أحد والديهم ليس متحدثا 
.م ,17014 .عع الث ' -21 نه "31-011 تتاككة 1 (1999) .1 متتطندكا م16 (1) 
320 021 ز0 1010225 01 1102صعمعع 177م11[لسخ (2003) [0.١‏ ,15لاىتعءاعمقامة1 (2) 


0ع1اممذ .عده مما م1 عطه دعكلة) غ1 :طاكتاعمط 027 5تععلدءم5 عله مصمم 
45-7 ,24 165أذتتاع متامطاء:روط 


لكلانا 


أصليا للغة يُظهرون آداءً لغويّ أضعف في مهام معيّنة من أولئك الذين كلا 
والديهم متحدث أصلي". وحتئ في الحالات التي لا يتميز فيها بعض 
المومدشه غير الاصدلتة ع المتحلاف الاأسلية فين تاعية السمكن 
اللغوي» فنجد أنه ما زال هناك بعض الفروقات الدقيقة بينهم. استنتتجت 
الدراسات التي اتعرر كربو اسبعلة ييف هيلتنستام 119/1605]812 طلاعصمع ]ا 
ونيكلاس أبراهامسون 413131055082 7110135 أن المتحدثين غير الأصليين 
المتمكنين لغوي يُظهرون خصائص دقيقة جداً لا يمكن ملاحظتها إلا من 
خلال تحليل لغوي مفصّل ومنتظم". ولذلك. فاستنتاج أن القرآن 
- بخصائصه المعجزة وكونه تحفة لغوية - من إنتاج شخص غير عربي أو 
متحدث غير أصلي للغة العربية موقف لا يمكن الدفاع عنه. 

من الصواب الإشارة إِلئ أن أهل اللغة العرب في زمن الوحي قد توقفوا 
عن اتهام النبي 5ه بأنه من ألّف القرآن بعد زعمهم الأول الخاطئ بأنه أصبح 
شاعراً”. يقول البروفيسور مهر على 11ل :2/10131: 


6 


ع11|-ع2265 عتدمععط تنوه عط17لا ,(2000) .]8 يدهددنصقطةةاطكى ل0مة .]ا ,متماكمع ]1و8 (2) 
:01 .150-166 :54 ,128511156169آ 501012 20567 01 ,عططاهة ,1[[ى 7ع132510128 56600 2 
.6 2 (غكآ+*++1111+11+1 


في الحقيقة كان أهل مكة يطلقون كل الصفات على النبي 2 التي من شأنها تنفير الناس 
منه وتبرير القرآن المؤثر الذي استحوذ علئ قلوب أكثر من سمعه بفطرته السليمة» 
فوصفوه تارة بالشاعر ليوهموا الناس أن القرآن شعرء فما لبث الناس أن تيقنوا أنه ليس 
كالشعر ولا النثر» ثم قالوا عنه به جنة (أي مصاب بمس الجن) أو أنه مجنون, فما لبث- 


كن 


«يجب أن يُشار إل أن القرآن لا يعتبر كتابّ من كتب الشعر من جهة أي 
شخص مُطَّلعء ولا أن النبي يق قد انخرط في نظمه علئ الإطلاق؛ بل كان 
زعم زعمه كفار قريش في المرحلة الآولئ من مراحل معارضتهم للوحي 
بك قالوا أن محندا قدضا زشاغراء ولك مالكو أناكنشنوا أنهذا 
الادعاء لا علاقة له به فغيروا طريقة انتقادهم بعد أن رأوا الحقيقة التي لا مرية 
فيها وهي أن النبي ظنيية كان أميا وليس معتاداً إطلاق علئ فن صناعة الشعر» 
أو أنه كان يُعلّم بواسطة آخرين؛ أو أن أساطير الأولين كتبت له بواسطة 
آخرين تقرأ عليه في الصباح والمساء)”. 

ومن الأهمية بمكان أن النبي غك لم يكن يُعد خبيراً في اللغة ولم 
ينخرط في صناعة الشعر أو النثر المسجوع. ولذلك. فادعاء أنه - بطريقةٍ ما - 
استطاع أن يخرج بتحفةٍ لغوية وبلاغية هو أبعد ما يكون عن التفكير العقلاني. 
يقول كرماني: «لم يتعلم صناعة الشعر الصعبة عندما بدأ بتلاوة الآيات 
علانية... ومع ذلك» فتلاوات محمد كانت تختلف عن الشعر وعن النثر 
المسجوع الذي يشتهر به العرّافون (وهو النوع الآخر المتعارف عليه 
للحديث الموزون الملهّم في ذلك الوقت)» ”. 

ويقول الباحث تقي عثماني كلام مشابه: «لم يكن مثل هذا البيان أمراً 


-الناس أن علموا أن أحواله ليست أحوال ممسوس ولا مجنون. وأن القرآن الذي يقوله 
1737287 191019706 نطه51وم]آ .12115]5طع011 عط لطنه هتنا عط]1' (2004) .24 .21 ,تلط (1) 


4 .2 ,م لقمصتاك- الى توقطستك/1 
.8 .2 وع12251138آ 320 تإتاء 20 (2006) .1 ,لمممطترعكا (2) 


ا 


عادي؛ فقد أتئ من شخص لم يتعلّم أيّ شيءٍ قط من الشعراء والخبراء 
المعروفين في ذلك الوقت؛ ولم يكن قال حتئ مقطع واحداً من الشعر في 
تجمّعاتهم الشعرية» ولم يحضر عند عرافٍ قط. وبعيداً عن عدم قوله للشعر 
بنفسه» فلم يكن حتئ يحفظ أبيات] للشعراء الآخرين»”. 

وبالإضافة إلئ ذلك. فإن السنة النبوية الصحيحة للنبي © لها أسلوب 
مختلف عن أسلوب القرآن. ويشرح الدكتور درّاز الفرق بين الأسلوب 
القرآني وأسلوب النبي ظ: «نحن ننظر إلئ الأسلوب القرآني فنراه ضربًا 
وحدهء ونرئ الأسلوب النبويء فنراه ضربًا وحده لا يجري مع القرآن في 
ميدان إلا كما تجري محلقات الطير في جو السماء لا تستطيع إليها صعوداء 
ثم تر أساليب الناس فتزاها عليم اختلافها ضرا وانحدًا لاتعلو عن سطع 
الأرض. فمنها ما يحبو حبوًاء ومنها ما يشتد عدوًاء ونسبة أقواها إلئ القرآن 
كنسة هده "السيازاك" الأرضبة إل تلك" البثياوات" السماورة) 

ومع ذلكء. فحجة الدكتور درّاز حول الاختلافات بين الأساليب قد لا 
يكون لها تلك القوة العقلانية في سياق الشعراء ومتفنني الخطاب؛ فالشعراء 
ومتفنني الخطاب يحافظون علئ اختلافات أسلوبية مهمة بين كلامهم العادي 
وبين أعمالهم اللغوية لفترات طويلة من الزمن. ولذلكء فاستخدام هذا الآمر 
كحجة لإبطال أن النبي محمد 28 قد ألّف القرآن هي حجة ضعيفة» ولكنها 


.72 ,56162665 001113212 عط م1 طعوهةاممخ مث (2000) .1 .14 ,تلمهمطوتنا (1) 

(5) محمد درازء النبأ العظيم. 
7 80160 320 ل0ع121اقطة11 .عممه211طن) ل2ماعاط مث :01*30 عط1' (2001) .ى .11 ,0122آ 
.2 ,101120314101 ع1جطق[؟] عط!' :تعاوععا1ع.آ .1طة521 11لم 


فنا 


ذكره هنا كه ان كامف الأسالبب (أسلوب القتران بر اندلو الجن القوية) 
ا لو 0 

خطابا الهن) هرا . 

مرّ النبي محمد 2 بمحن وابتلاءات كثيرة خلال رسالته النبوية. فعلى 
سبيل المثال» مات أطفاله وتوفيت زوجته ومحبوبته خديجة» وقامت قريش 
بمقاطعته وأتباعه. وتم تعذيب وقتل أصحابه المقرّبين» ورماه الأطفال 
بالحجرء وانخرط في حملات عسكرية؛ وخلال كل ذلكء بقيت طبيعة القرآن 
الأدبية بنفس ذلك الصوت والطابع الإلهي”". لا شيء في القرآن يعبّر عن 
تقلبات النبي 2 النفسية وعواطفه. تقريب]ً من المستحيل نفسيا 
وفسيولوجياً أن يمر الشخص بما مر به النبي 2 ولا ينعكس شيءٌ من تلك 
العواطف ولا يظهر في الطابع الأدبي للقرآن. 

ومن منظور أدبي» فالقرآن معروفٌ بأنه عمل لا نظير له بامتياز. وبالرغم 
من ذلكء فآياته أوحيت علئ دفعاتٍ كثيرة متقطعة لظروفٍ وأحداث خاصة 
ظهرت خلال فترة الوحيء وكل آية أوحيت بلا مراجعة» ومع ذلك فقد 
توازنت فيما بينها لتصنع تحفة أدبية. وعلى ضوء ذلكء فإن التفسير القائل بأن 
القرآن هو نتيجة لقدرات محمدٍ #5 من الواضح أنه تفسير غير صحيح. كل 
التحف الأدبية التي كتبت بواسطة عباقرة مرّت بمراجعة وحذف حتئ تصل 
للكمال الأدبي» ومع هذا فالقرآن أوحي به علئ الفور وبقي بلا تغيير”. 


220 .5ع501116 ]51165ةء عط ذه 0م535 غ111 حلط :20 تتتسصقطبك8ة (1983) .724 ,دوعصلا (1) 
.53-9 .22 ,5017 كاءتع1' علمتج[1]5 عط!' :عع 10 اطمصهن) .هتلط لع دواع ]1 

:3 13616 نوتكث .للة*1ا0) عط 1ه أجرعا عط 1 (ع031 00) دوعمعنتهىكك عتمو 1و1 (2) 
أنأكتء'132/'1نه0) /ع01. 55علاء:016-3355721طه [ك15. 177/577//: مط 


تفن 


التعديل والتنقيح النصي خلال مراحل إنتاج أعمال أدبية جيدة هو ضروري 
بلاشك. فلا يمكن لأي شخص أن يخرّجٌ بأدب راقي علئ وجه السرعة. 
زف ذلك قهذ] مااتراه بالمظ رحدل الدره" "اناف محلفنة نين الزن 
أوحيت في سياقات وظروف مختلفة» وبمجرد ما تتلئ هذه الآيات بواسطة 
النبي غة علئ المستمعين» لم يكن يستطيع استرجاعها لتحسين مستواها 
الأدبي. وهذا يمثّل برهان) ظرفي] قوي علئ أن القرآن - باعتبار ما فيه من 
إعجاز - لا يمكن أن يكون قد قيل بواسطة النبي #2. فعندما نتأمل هذا 


)١(‏ قد يظن البعض هنا أن (النسخ في القرآن) هو نوع من أنواع التعديل» في حين النسخ في 
القرآن ليس تعديلا علئ النص القرآني» وإنما النسخ له صور منها: نسخ المعنى المقرر في 
آية أو آيات بالاستثناء مثلآه وذلك كالتوعد بالعذاب علئ ذنب معين ثم يستثني الله تعالى 
من ذلك التائبين فيقول: 9 إِلَّا الّذِينَ تَابُوأ 4 سواء جاءت في نفس الآية أو في آية تليهاء ومن 
النسخ أيضا تغيير حكم شرعي بالتدريج لبيان رحمة الله بالمسلمين وخصوصا في صدر 
الإسلام» مثل حكم تحريم شرب الخمر وهم الذين كانوا يتعلقون بها وينظمون فيها 
الأشعار» فجاءت آيات تمهد لتحريمها ببيان مساوتهاء إل أن أتت آية تأمر باجتناها 
بصورة قاطعة» وكذلك آيات تبين أقل قدر للمسلمين للصمود في المعركة أمام العدو الذي 
يفوقهم عدداء حيث نزلت في باديء الأمر بالصمود أمام عشرة أضعاف, ثم خففها الله 
تعالئ إل ضعفين» وهنا نلاحظ أن الآيات كلها موجودة لم تتغير (سواء التي قبل الحكم 
أو بعد الاستثناء أو التخفيف»» وهناك نوع من النسخ وهو خاص بنسيان آية بأكملها أو 
أكثر وعدم إثباتها في العرضة الأخيرة للقرآن قبل موت النبي 2©, ونلاحظ فيها أيضا أنه 
ليس هناك خبر عن تغيير فيهاء والشاهد: أن القرآن منذ نزوله لم يقع في آياته تغيير» اللهم 
إلا اختلاف بعض لهجات العرب في نطق بعض الكلمات أو الحروف والتي أقرها 
الإسلام تخفيفا علئ الناس (الناشر). 


تين 


الشيء بالإضافة للبراهين المذكورة أعلاه» فإن الانطباع المتراكم الذي 
نحصل عليه هو أنه غير مرجّح بشكل كبير جداً إن لم يكن مستحيلاً علئ 
الإطلاق أن يكون القرآن قد أَلّف بواسطة النبي محمد طلك. 

ومثال لتوضيح هذه النقطة هو عمل الشاعر الشهير أبي الطيب بن 
الحسين المتنبي الكندي. يعتبر المتنبي من أعظم الشعراء العرب ونابغة لا 
مثيل له. لذلكء» استنتج البعض أنه بما أن أعماله لا تماثل وهو بشرء فإنه يلزم 
أن يكون القرآن قد ألف بواسطة مؤلّف بشر أيض). هذا الاستنتاج لا يلزم 
منطقي لآن المتنبي احتاج لتصحيح أعماله وإخراج نسخ مختلفة منها حتئ 
وصلت لمستوئ رضاه”. ومن الواضح أن هذه لم تكن الحال مع محمد 
لةة؛ حيث أنه لم يعدّل أو ينقح أو يغيّر في القرآن من الوقت الذي أوحي به. 
وهذا لا معنئ له إلا أن القرآن ليس من عمل أديب نابغة؛ فهم يحتاجون 
عموم] لمراجعة أعمالهم. 

وأماما نختم به هناء فهو بخصوص محاولة عزو مصدرية القرآن 
للعبقرية والنبوغ (وتحديداً لعبقرية ونبوغ محمد 822)» حيث لا أساس 
لذلك من الصحة؛ فحت الأديب النابغة يعدّل وينقح ويحسّن عمله. وهذا 
الشيء لم ينطبق عل القرآن. يمكن محاكاة كل التعابير البشرية إذا توفر لدينا 
المخطط والأدوات المستخدمة» وهو ما تم إثباته فيما يتعلق بالنبوغ الأدبي 
كشكسبير والمتنبي. ولذلكء فلو كان القرآن نتيجة لعبقرية ونبوغ محمد 
طننة. لكان ينبغي أن تكون قد تمت محاكاته. 
وعلتطسقك :ععلتتطصسد .أططقموان2-لة 2ه مصعم« (1967) .ل ىح ,روطتم (1) 


.1-1 .مم رووع2 15167ء211ل1آ 


فين 


وهناك حجة أخرئ مركزية تدفع القول بأن القرآن من نتاج قدرات النبي 
محمد الأدبية» وهي تتعلق بوجود مخطط للتعابير وللصياغة البشرية 
والأدوات اللازمة لتكرارها. حيث يمكن محاكاة كل أنواع التعابير والصياغة 
البشرية - سواء كانت نتيجة عبقرية ونبوغ أم لا - في حال كان مخطط تلك 
الصياغة موجوداً والأدوات متاحة لنا لاستخدامها. وقد تم إثبات صحة هذا 
الأمر لتعابير بشرية مختلفة بالفعل مثل الفن والأدب وحتئ التكنولوجيا 
المعقدة. فعلئ سبيل المثال» يمكن محاكاة الفنون علئ الرغم من أن بعض 
الفنون تعتبر أشياء غير معتادة وفريدة بشكل يثير الدهشة". ولكن في حالة 
القرآن» لدينا المخطط (وهو القرآن نفسه). ولدينا الأدوات (وهي المفردات 
والقواعد النحوية المحدودة للغة العربية القديمة). ومع ذلك لم يستطع أحد 
أن يحاكي فصاحته ولا محاكاة أسلوبه الآدبي الفريد ولا محاكاة نوعه. 

4 - ولذلكء, فأفضل تفسير هو أن يكون من عند الإله. 

بما أن القرآن لا يمكن أن يكون قيل بواسطة شخص عربي ولا شخص 
غير عربي ولا النبي محمد 2©. فإن أفضل تفسير هو القول بأنه أت من عند 
الإله. وهذا يقدّم أفضل تفسير لإعجازية القرآن لأن التفسيرات الأخرئ لا 
يمكن الدفاع عنها علئ ضوء ما نعرفه. هناك خلاف محتمل مع ذلك 
الاستنتاج وهوافتراضه أن الإله موجود حتئ يستقيم الاستدلال؛ ولذلك» 
فهو يطرح سؤال عن وجود الإله. وهذا علئ الرغم من أنه يجعل من أخذ 


)١(‏ مثلاء هذه قد تتضمن إعادة إنتاج لأعمال بيكاسو الفنية. انظر: 
[2016 تناع 6م00 65 لعووععع 4 ] للصغط. هدموء10-21ط و2 /أكتتته/0ع.01 77.50 //:ماغخط 


اف 


الحجة في الاعتبار أكثر سهولة. إلا أنها تستقيم أيضا بدون الحاجة لقناعة 
سابقة بوجود الإله. ولكن هذه الحجة من الآفضل أن توجه للملحدين. ومع 
ذلك؛ فهي ليست مشكلة حقيقية لأن هناك حجة قائمة علئ وجود الإله طوال 
هذا الكتاب. 

وعلئ العكس من هذاء فيمكن القول أنه لا ضرورة لوجود قناعة مسبقة 
بوجود الخالق؛ وأن إعجازية القرآن هي دليل على وجود الإله. حيث إذا لم 
يستطع البشر (العربي وغير العربي والنبي محمد 2©) تأليف القرآن (وتم 
استنزاف جميع التفسيرات الممكنة)» فإذاً من يمكن أن يكون المصدر؟ لا 
بد وأن يكون ذو قدرة لغوية أعظم من قدرة أي مؤلّف معروف. الاستنتاج 
الحدسي هو أن المفهوم الذي يصف كائنا لديه قدرة لغوية أعظم من قدرة 
أي بشر هو مفهوم الإله. الإله هو أعظم بلا شك. ولذلكء فإن إعجازية 
القرآن تقدم لنا أساسا منطقي] لوجود الإله. أو - علئ الأقل - دليلاً علئ 
تعاليه وتفوقه. 

يتم تبني طريقة مشابهة من هذا التفكير من قبل العلماء. خذ - علئ سبيل 
المثال - الاكتشاف الحديث ل بوزون هيغز 111585-80501. يعتبر جسيّم 
هيغز بوزون هو العنصر الرئيسي المكوّن لمجال هيغز. وقع تأثير هذا المجال 
خلال المراحل الأولئ للكون لإعطاء الجسيّمات كتلة. أما قبل اكتشاف هذا 
الجسيّم. فكان مقبولاً - كأفضل تفسير - لأنه في المراحل الأولئ للكون 
كانت اللمستيات فير خالتها هق كو نا جلا كثلة إلين كيلة (باشكناء 
الفوتونات). ولذلك» فقد كان جسيّم هيغز بوزون هو أفضل تفسير باعتبار 


كفنا 


البيانات المتاحة وحتئ قبل أن يتم إثباته تجريبي. وبتطبيق هذه الطريقة في 
التفكير علىئئ إعجازية القرآن. فأفضل تفسير لحقيقة اتصاف الكتاب 
بخصائص لغوية وأدبية فريدة هو الإله. كل التفسيرات المنافسة الأخرى 
كلق والآالههو أففيل سين باعقبان المتعلرفات والمغرفةالبعلفة لنا: 

استدلالات بديلة: 

قد تتضمن الاستدلالات البديلة حقيقة أن إعجازية القرآن يمكن أن 
تفسّر بشكل أفضل بالقول بأنها أتت من كائنٍ أعلئ أو أنها أنت من الشيطان. 
وهذه الاستدلالات البديلة مستبعدة ولذلك لم يتم تضمينها في الحجة 
المركزية المقدّمّة في هذا الفصل» ولكن مناقشتها هنا ستبيّن لماذا لم تضمّن 
النفائن الركسي: 

يبدو افتراض أن القرآن أتئ من «كائن أعلئ» ما هو إلا استبدال دلالي 
عن الإله. ماذا يُقصد ب «كائن أعلئ»؟ أليس أفضل تفسير لكائن أعلئئ هو 
الإله نفسه؟ إن كان «كائن أعلئ» يعني قوةً وإمكانية وقدرةً لغوية أكبر من قوة 
وإمكانية وقدرة البشرء فإذاً من يمكن أن ينطبق عليه هذا المعيار أكثر من الإله 
نفسه؟ قام هذا الكتاب بتقديم براهين مستقلة علئ وجود الإله وأنه من 
المرجح جداً أن الإله يريد أن يتواصل معنا"» وهذا يلزم أن الإله ليس فقط 


)١(‏ هناك بعض المتحمسين الذين (يوجبون) علئ الله أن يتصل بالبشر لإظهار مراده منهم 
وهدايتهم إلى رضاه وأفضل طرق العيش في الحياة وتخطيها إلئ ثوابه في الجنة وتحذرهم 
من عقابه في النار» لكن الأدق شرع أنه ليس واجبا] علئ الإله بمعنئ الجبر والإلزام» 
ولكن يقال أن الأوفق للإله الحكيم والرحيم هو الاتصال بعباده لهدايتهم وتعريفهم به- 


ركنا 


خالقَ ومصمّمً للكون الذي نسكنه بأكمله؛ بل أيضً جعل هذا الكون 
مناسبا لوجودنا. وبالإضافة إلئ ذلكء لقنا بأرواح أو وعيء وزرع فينا 
إحساساً أخلاقي. فمن الواضح أن الإله مهتم بوجودنا وازدهارناء وإذا كان 
كذلك. فمن المرجّح جداً أنه يريد التواصل معنا عن طريق الوحي. ولذلك. 
إذا كان لدينا برهانً علئ أن ني القرآن -الذي هو كتابٌ يقول أنه من عند 
الإله- صفات تتسق بشكل كامل مع عمل إلهيء فإنه من المعقول جداً أن 
تعزئ مصدريته للإله. القول بأن القرآن خرج من قبل بعض ال ذكائنات 
الأعلئ» غير المعروفة لدوافع غير معروفة سيكون بمثابة الاستناد علئ وجود 
أي شيء غير معروف لتفسير أي شيء كان. 

عادةً ما تتضمن الردود الألوهية عل هذا النقاش إمكانية كون الشيطان 
هو مصدر القرآن» وهذا التفسير لا يمكن الدفاع عنه. لا يمكن أن يكون 
القرآن أتئ من الشيطانء أو أي نوع من الأرواح؛ لآن أساس وجود هذه 
الأشياء هو في القرآن والوحي نفسه. وجودها مبني علئ الوحي وليس على 
الدليل التجريبي. ولذلكء إذا ادع شخصٌ أن مصدر القرآن هو الشيطان» 
فإنه سيتوجب عليه إثبات وجود الشيطان أولاً ليفاجأ بأن عليه في آخر الأمر 
أذاشيث الوب أولا مع عبت وحور القيظات» ركذا سيكوة إقزار] مكويانه 
نص إلهي؛ امعد درن عر الشطاداد ابي دن البنقاكك ا 
وبذلك يكون هذا الاعتراض ذاتي الدحض. ولكنء إذا كان الوحي الذي يُشار 


-ومراده من خلقهم والغاية من فترة الحياة الدنيا ثم بيان الثواب أو العقاب (الناشر). 


لكان 


إليه هو الإنجيل؛ فإنه يجب إثبات أنه أساس صحيح لتبرير الإيمان بوجود 
الشيطان» وهذا ليس ممكناً بالنظر للدراسات المعاصرة حول السلامة 
والتاريخ النصّي للإنجيل”". وبالإضافة إلى ذلكء فتحليل المحتوئ القرآنٍ 
سيدلل بقوة علئ أن الكتاب ليس من تعاليم الشيطان؛ فالقرآن يزجر الشيطان 
وينمّي الأخلاقيات التي لا تنسق مع المنظور الشيطاني. وبغض النظر عن 
ذلكء فهذا الاعتراض «الشيطان» لا يتوافق مع الممارسات الفكرية؛ إذ 
نستطيع ساعتها تفسير أي شيء بالاستشهاد بأنه عمل الشيطان؛ فمن هذا 
المنظورء ذلك يعتبر برب فكري. 

خاتمة: 

قدَّم هذا الفصل حجة للطبيعة الإلهية للخطاب القرآني باستخدام النقل 
(الشهادة) والاستدلال علئ أفضل تفسير. وقد تم التركيز علئ الدور 
الأساسي والجوهري للنقلء وتم إثبات أن الاستدلال على أفضل تفسير هو 
طريقة منطقية وصحيحة من طرق التفكير التي تستخدم للتوصل لاستنتاجات 
حول الواقع. يمكن تأصيل إعجاز القرآن عن طريق النقل؛ فاللغويون العرب 
وخبراء الأدب يؤكدون إعجازية القرآن» ومعرفتهم النقلية حول الموضوع 
متحقق منها بناء علئ المعرفة التاريخية المؤصّلة. وتتضمن هذه المعرفة 
حقيقة أن القرآن يمثل تحديا فكريا لغوي وأدبي] للعالم» وحقيقة أن عرب 


القرن السابع الميلادي هم أفضل من يواجه القرآن» وحقيقة أنهم عجزوا عن 


)١(‏ انظر: 
:عاطا8 عط 01 (جالتوعتمآ 1ددع 1" 
.[2016 تتعطاماء0 75 لعووععع هم ] /كرء'1[/ع 1ط[ ظ/ع 5.01وعمء:012-255:31ة 777.15 //:ماخط 


نا 


الإتيان بأي شيءٍ مثل الشكل الأدبي والمحتوئ الفريد الذي في القرآن. 
تكد دامعو لم عطاقي« لسر زه عدون بال كلدي ونال 
بإعجازية القرآن (بناءً علئ المعلومات التاريخية)» ومن ثم استخدام 
الاستدلال للتوصل إلئ أفضل تفسير لخصائص الكتاب اللغوية والأدبية 
الفريدة. حيث التفسيرات المحتملة تتلخص في أن من قاله إما شخصٌ عربي 
أو شخصٌ غير عربي أو محمد 2 أو الإله. وبما أن نسبة هذا الخطاب 
الفريد لشخص عربي أو شخص غير عربي أو محمد #2 متعذر علئ ضوء 
ما لدينا من معلومات متاحة» فإن أفضل تفسير هو أنه أتئ من الإله. 

أرئ أن رفض الاستنتاجات التي قدّمت في هذا الفصل هو مساوي 
- من الناحية المعرفية - لرفض الطبيعة الكروية للأرض؛ والتي هي بالنسبة 
للكثير منا مبنية في آخر المطاف علئ نقل الشهود. ومساوي لرفض 
استنتاجات الأطباء المتمرسين والمبنية علئ استدلالاتهم علئ أفضل تفسير 
للحالة. وقد يعترض البعض علي هذا القول بأن الثقة بالطبيعة الكروية 
للأرض أو بالتشخيص الطبي للأطباء لها مبرر وهو أنها اعتمادها علئ معرفة 
أخرئ اكتسبناها ولا تؤدي إلئ ادعاءات غير عادية كافتراض وجود خوارق 
للطبيعة. مثل هذا الاعتراض شائع» ولكنه يفترض مبدأً طبيعيا في الوجود. 
وهذا يعني أن هناك افتراض مخفي خلف هذا التردد وهو رفض أي شيء 
خارق للطبيعة» وأن كل الظواهر يمكن تفسيرها من خلال العمليات المادية. 
فمثل هذا المنظور الجريء والمنعنت غير مبرر وغير مترابط في ظل 
الدراسات الحديثة في فلسفة العقل» وفي تطور واكتساب اللغة» وفي الحقائق 


لذن 


الأخلاقية الموضوعية» وفي علم الكونيات كما وضحت الفصول السابقة من 
هذا الكتاب. ومن المهم الإشارة إلئ أننا لا نفترض وجود خوارق الطبيعة 
هنا؛ فقد قمنا بالفعل بتأصيل وجود الإله بناءَ علئ براهين في الفصول السابقة. 
ولكننا هنا فقط نقول أن الكائن الذي أصّلنا وجوده (الإله) هو أفضل ما يفسر 
حقائق معينة. 

ولأبي هذا الفصلء؛ فلو أن شخصا بعقل وقلب متفتحيّن (بدون أي 
قيود كاسن قرام ص حدق عو لجال غير ا للنقاش) قد اطلع 
علئ الحجة المقدمة هنا - وتحديداً علئ ضوء ما تم توطئته في الفصول 
السابقة -» فإنه سيقوم بالاستنتاج الأكثر عقلانية وهو أن القرآن من عند الإله. 
ومع ذلكء فكل ما يقال أو يُكتب عن القرآن سيكون قاصراً دوم عن وصف 
واستكشاف كلماته ومعانيها: « قل لَوَ كان الْبَحَرُ مِدَادًا لَكَلِمَتِ رَيٍ لََفِدَ الْبَحْرُ 
قَبَلَ أن تَعقدَ كلمَتُْرََ وَلَوَ حِمَنَا بِمِئْله- مَدَدًا 4 (الكهف:9١1).‏ 


5 5 
دزي تاي يات 


إذنا 


الفصل الرابع عشر: 
الحقيقة النبوية 


رسول الإله 


يعلّمنا القرآن أنه يجب علينا الإيمان بكل الأنبياء والرسل» وأنهم جميعا 
قد اختيروا لمساعدة البشرية وإرشادهم للحقيقة المطلقة عن وحدانية الإله 
وعبوديتنا له. ويذكر القرآن الكثير من الأنبياء والرسل ممن نعرفهم في 
المدرسة أو المنزل. ويذكر هذا الكتاب السماوي كثيرٌ منهم باسمه. ومنهم 
إبراهيم وموسئى وعيسىى وداود ويحيئ وزكريا وإلياس ويعقوب ويوسف 
يوأي أجمعين. ولكن هناك فرق بين النبي والرسول. فالنبي هو شخص 
أوحي إليه من الإله ليرشد قومه للحقء والرسول مشابه جداً للنبي» ولكن 
الفرق هو أن الرسول قد أعطي رسالة إلهية". ودور هؤلاء الأنبياء والرسل 
هو إبراز وإظهار ما أوحي إليهم. فعلئ سبيل المثال» سيكونون قدوات وأمثلة 
على معرفة الإله وعلئ التقوئ وعلئ الرحمة. إذ بما أنهم قد أعطوا كلام الإله 
الموحئ, فإن دورهم أيضً يتضمن تعليم الناس التفسير والفهم الصحيح لما 


)١(‏ هناك نقطة توضيحية أخرئ وهي أن النبي يعمل بشرع أو برسالة رسول قبله في قومه. 
ويطبقها عملي في وسطهم ويدعوهم لاتباعها (الناشر). 


نذنا 


أوحاه الإله. وبالإضافة إلئ ذلكء فإن الرسل والأنبياء يقومون بدور المثال 
التطبيقي والروحي بتمثلهم للمعنئ والرسالة والقيم التي وصلتهم عن طريق 
النص الإلهي. ومن هذا المنظورء فالوحي الإلهي يخيرنا ماذا نفعل» وحياة 
النبي يي ترينا كيف نفعله. 

يذكر القرآن اسم النبي محمد #2 خمس مرات”» ويؤكد علئ أن هذا 
الكتاب قد أوحي إليه بواسطة الملّك جبريل. 

ويؤكد القرآن علئ أن محمد غ© هو آخر رسول للإله". ومن هذا 
الجانب, فالتحقق الفكري من هذه الحالة للنبي محمد #8 سهل جداً. إذ 
بمجرد ما يتم تأصيل أن القرآن هو كتاب إلهيء فإنه يلزم ضرورة أن كل ما 
يقوله سيكون هو الحقيقة. وبما أنه أشار لمحمد غ8 بصفته رسول الإله. 
وكل ما يأتي منه هو حقيقة» فإن واقع أن محمد ينقت أعطي الوحي الإلهي هو 

حقيقة أيضا. وبعيداً عن هذا الاستنتاج الذي لا يمكن إنكاره» فإن حقيقة أن 

محمد ظ# كان هو الرسول الأخير للإله يمكن أيض] استخراجها من تجاربه 
وتعاليمه وشخصيته وتأثيره على العالم. 

تجارب النبي محمد 2 الحياتية هي واحدة من أقوئ الحجج التي 


2000 تم ذكر اسم (محمد) أربع مرات» واسم (أحمد) الذي هو من أسمائه أيض] مرة واحدة . 


ع5 
570-20[ طء 1د 0111:310.60117/5. 1135م //:مراغخط 
3 


0 طططة-70م5[. اع نوع 177/5مه .0ه تن 60115 :0ط 
() قال تعالئل: واتاكان عت أن أخواين تعالك ولكن رشول الله وكا نم اليكل كان ألّهُ َكل 
سَىّءٍ عَلِيمًا 4 (الأحزاب: ٠‏ 5). 


تلن 


تؤيد ادّعاءه (وادعاء القرآن) بأنه كان آخر رسول للإله. عندما تتم دراسة 
حياته وتحليلها ويتم استنتاج أنه كان يكذب أو أنه كان متوهم] فإنه سيكون 
بمثابة من يستنتج أنه لا أحد قد نطق بالحقيقة علئ الإطلاق. وحتئ أكون 
صريحاً بشكل قاسيء فإن هذا سيكون بمثابة المقابل المعرني لإنكار أن من 
تسمّيها أمك قد ولدتك. تغطي تعاليم النبي محمد 2 نطاق واسع من 
المواضيع والتي من ضمنها الروحانيات والمجتمع والاقتصاد وعلم النفس. 
دراسة أقواله واتباع منهج شمولي في النظر لتعاليمه سيجبر أي عقل راشد 
لاستنتاج أن هناك شيئا فريداً جداً ومتميزاً حول هذا الرجل. وبدرجة كبيرة» 
فإن التدقيق في شخصيته في سياق المواقف والظروف المتنوعة والصعبة 
سيسهل الوصول لاستنتاج بأن لديه مستويات لا مثيل لها من الاحتمال 
والتسامح والتواضع وهذه علامات رئيسية لشخصية نبوية. لم تؤثر حياة 
محمد يثة وتعاليمه في العالم العربي فقطء بل كان لها أثر كبير علئ البشرية 
جمعاء. وباختصار كان محمد 2# مسؤولاً عن التسامح والارتقاء والعدالة 
غير ليدع ف 

وكما تمت الإشارة إليه في الفصل الثالث عشرء فإن المصدر المعرفي 
الحقيقي الوحيد الذي يمكننا من خلاله التحقق من أن من نسميهن أمهاتنا 
هنّ من ولدننا هو بالمعرفة النقلية. وحتئ لو ادّعينا أننا نملك شهادات ميلاد 
وسجلات المستشفئ وشهادة فحص دي إن أيه. فهذه كلها لاتزال أمثلة على 
المعرفة النقلية؛ فيجب عليك تصديق كلام الآخرين فيه» وفي هذه الحالة» هم 


220 


الشخص الذي عباً بيانات شهادة الميلاد» والشخص المسؤول عن سجلات 
المستشفئ» والشخص الذي عباً بيانات شهادة فحص الدي إن أيه. فمن 
الأساس» هو مبني علئ تناقل الشهود؛ فلا يوجد أي دليل مادي يمكنك من 
خلاله التحقق تجريبي من صحة الادعاء بأن أمّك هي مَن ولدتك. وحتئ لو 
أجريت فحص الدي إن أيه بنفسك (وهو من غير المرجح جداً)» فإن قناعتك 
الآن بأنها هي من ولدتك ليس مبني علئ حقيقة إمكان حصولك علئ هذه 
النتائج. والمفارقة هي أن السبب الوحيد الذي يجعلك تعتقد أنه يمكنك 
استخدام فحص الدي إن أيه للتحقق من أن أَمّك هي من ولدتك مبنيئ علئ 
تناقل الشهود لبعض من لديهم مصداقية في هذا التخصص العلمي؛ بما أنك 
لم تقم به بنفسك. ولذلك» فمن منظور معرفي» فإن أساس اعتقادك بأن أَمَك 
هي من ولدتك مبني علئ عدة أمثلة من تناقل الشهود. وبما أن لدينا دليلاً 
شهوديا أكثر وثوقية من هذا بكثير يدعونا للاستنتاج بأن النبي محمد طن 
كان هو آخر نبي من الإله» فإن إنكار محمد 2 سيكون مساوياً لإنكار أَمَْكَ 

الحجة: 

ادّعئ النبي محمد 2 النبوّة قبل أكثر من ١1٠١‏ سنة بهذه الرسالة 
البسيطة والعميقة في نفس الوقت وهي أنه لا إله إلا الله وأن محمداً هو خاتم 
الموسليق: 

أصبح النبي محمد © نبي] في عمر الأربعين بعد قضاء بعض الوقت في 
التأمل والتفكير بكهن خارج مكة. وبداً فجر النبوّة بإيحاء أول آيات القرآن. 


امنا 


ورسالة النبوة بسيطة وهي أن غايتنا العظمئ في الحياة أن نعبد الإله. فالعبادة 
هي مفهوم شامل في المعنئ الروحي الإسلامي؛ فهو يعني أن تحب وتعرف 
وتطيع وتكرّس جميع أعمال العبادة للإله وحده (انظر الفصل الخامس 
0-7 

ولاختبار ما إذا كان ادعاؤه للنبوّة ورسالته حقيقيتان» فيجب علينا أن 
نستقصي وبشكل منطقي الروايات التاريخية والنقولات والشهادات المتعلقة 
بحياة النبي 2©. وبمجرد ما نقوم بهذا الأمر» سنكون في موضع يجعلنا 
رج لاسا متوازن يتعلق بهذا الأمر. 

اعذه انها لقان ينلع ميلد #الالعتزار ريفة ادعاة النبي 2؛ فالقرآن 
يقول إن النبي خقة لم يكن كذَابً ولا مجنونا ولااضالاً ولا متوهماء وينكر 
أنه يتكلم من تلقاء نفسه. ويؤكد القرآن علئ أنه بلا شك رسول الإله؛ ولذلك 
فهو يقول الحق: « وَما صَاحِبُك يِمَجَنُونِ 4 (التكوير:77) لما ضصَلَّ صَاحِبكرَوَما 
غَوَئ 5 2 وَمَا يَطِقُ عن آَطَوَى » (النجم:؟ ب موه أله 4 (الفتح:9؟). 

نستطيع تلخيص الحجة بالطريقة التالية: 

© إما أن النبي محمد غ2 كاذب أو واهم أو أنه كان يقول الحق؛ 

٠‏ لايمكن أن يكون النبي غك كاذب أو متوهما؛ 

© إذا كان النبي 8 يقول الحق. 

هل كان كاذب)؟ 

تظهر المصادر التاريخية القديمة حول حياة النبي محمد طِك أمانة 
وصدق شخصيته؛ فهو لم يكن كاذباً» واتهام مثل ذلك لا يمكن الدفاع عنه. 


1 


والسبب - علئ سبيل المثال - أنه كان معروفً حتئ من جهة أعداء رسالته 
بأنه «الأمين)7. 

أضعفت رسالة النبي محمد 2 التركيبتين الاقتصادية والسلطوية 
للمجتمع؛ حيث كان المجتمع المكي في القرن السابع الميلادي مبنيآ على 
التجارة والمتاجرة» وكان قادة المجتمع المكي يجذبون هؤلاء التجار من 
خلال ال 70 صنما التي كانت لديهم عند الكعبة (المبنئ المكعّب الذي 
بناه إبراهيم كبيت لعبادة الإله). فكانت رسالة النبي © بسيطة ولكنها 
تحدت بقوتها الشرك الموجود عند عرب القرن السابع الميلادي. في أول 
الأمرء استهزأ قادة ذلك المجتمع به معتقدين أنه لن يكون للنبي يظثة تأثير. 
ولكنء بعد أن بدأت رسالته تتأصّل تدريجي من خلال تحولات بارزة» بدأ 
قادتهم بالاعتداء علئ النبي ظتة جسدي]ً ونفسيا. 

تم اضطهاده بسبب معتقداته» وتمت مقاطعته وأتباعه وأهله. وثفي من 
مدينته المحبوبة (مكة). وتم تجويعه. ورماه الأطفال بالحصئ حت دميت 
قدماه. توفيت زوجته» واضطهد وعُذَّبٍ أصحابه المقرّبون". ومما يدل أكثر 
علئ مصداقية النبي غقة هو أن الكذاب عادة يكذب لتحصيل بعض الأشياء 
الدنيوية. لقد عانئ النبي ظق بشكل كبير جداً بسبب رسالته" ورفض تمام] 
الغنئ والسلطة التي تم عرضها عليه ليتوقف عن نشر رسالته. ولم يتنازل عن 


.24 .2 ,50111665 ]8311165 عطا ذه 0م825 ع1[ 115 :30 02تتمقطبك8 (1983) .714 ,دعملا (1) 
© المصدر السابق» ص (9؟60). 


69 المصدر السابق» ص (17/1-057). 


إن 


دعواثة لتوحين الآله: 

وستعرضن هذا الأمر مونتغمري وات 177216 110118012613 (بروفيسور 
العربية والدراسات الإسلامية المتقاعد) في كتاب (محمد في مكة) حيث 
يقول أنه من غير العقلانٍ وصف النبي (42©) بأنه كان محتالاً: «استعداده 
لاستمرار اضطهاده في سبيل معتقداته» وكذلك شخصيات الرجال الذين 
آمنوا به واتخذوه قائداً له الأخلاق العالية» وأيضا]ً عظمة إنجازه النهائي.. كل 
ذلك يؤيّد أمانته وصدقه المتأصلة. فافتراض أن محمداً كان دجالاً محتالاً هو 
يثير إشكالات أكثر مما يحل)”. 

هل كان متوهم)؟ 

الادعاء بأن النبي محمد ين كان متوهما أو القول بأنه خدع ليعتقد بأنه 
كان رسول الإلهة إذا كان اسمن متوهسا» فيكون لديه قناعة قوية يمنا 
يعتقده بغض النظر عن أي دليل يثبت عكس ذلك. ويمكن أن يُنظر لمسألة 
التوهم من جهة أخرئ وهي أنه عندما يكون الشخص متوهما فإنه يتكلم 
بالخطأ وهو يعتقد صحته. مرٌ النبي محمد © بتجارب كثيرة خلال نبوّته 
والتي - لو كان متوهم - لاستخدمها كدليل يثبت ما توهمه. أحد الأمثلة هو 
وفاة ابنه إبراهيم. مات إبراهيم في سن صغيرة وفي اليوم الذي مات فيه حدث 
كنرف [للعمي "اعد تعفن النائن أن الأله قن احوديف الكتدوق سيت زفاة 
ابن النبي. فلو كان النبي 2 متوهماًء لاستخدم مثل هذه الفرصة لتعزيز 
,2153 ج1أوناء كنطلآ 01010 :04010 وءءه]1 ]2 20ستسقطتط8 (1953) .11 .717 3 (1) 

0.520 


201 


ادعائه» ولكنه رفض ما اعتقده الناس. حيث رد النبي #2 بقوله: «إن الشمس 
والقمر لا ينتكسفان لموتٍ أحدٍ من الناس» ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا 
رأيتموهما فقوموا فصلُوا"". 

تنبأ النبي 2 بكثير من الأشياء بأنها ستحدث لأمته بعد موته» وحدثت 
هذه الأشياء تمام] كما تنبّا بها محمد *©. وهذا لايتسق مع شخص متوهم. 
فعلئ سبيل المثال: 

- الغزو المغولي: 

بعد 5٠5‏ عام من وفاة النبي محمد 2©. غزا المغول أرض المسلمين 
وقتلوا منهم الملايين» وكان أحد المعالم البارزة لهذا الغزو سلب مدينة 
بغداد. كانت تعرف بغداد في ذلك الوقت بأنها مدينة العلم والثقافة. وصل 
المغول إلى بغداد عام ١١0/8‏ ميلادي وجلسوا أسبوعا] كاملاً يسفكون 
الدماء» وكانوا مصرّين علئ تدمير المدينة. تم إحراق آلاف الكتب وقتل ما 
يقارب المليون شخص . كان هذا حدثا بارزاً في التاريخ الإسلامي. 

لم يكن المغول عرباء وكانت لهم أنوفٌ مسطحة وأعينٌ صغيرة 
ونعالهم كانت مصنوعة من الشعر (كان للمغول أغطية من الفرو تغطي 
نعالهم). تنبا النبي غ بهذا قبل غزو المغول بمئات السنين: «لا تقوم الساعة 
حتئ تقاتلوا قوم نعالهم الشعر» ولا تقوم الساعة حتئ تقاتلوا قوم صغارٌ 
الأعين» ذُلف الأنف0©. 


)210 رواه البخاري. 


000 رواه مسلم. 


8 


- التنافس في بناء المباني الشاهقة: 


قال الرجل: «... فأخبرني عن الساعة»» فرد النبيى 2: «ما المسؤول 
بأعلم من السائل» قال الرجل: «فأخبرني عن أمارتها»» فرد النبي 2 : 


«... وأن ترئ الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)". 

لاحظ التفاصيل في هذه النبوءة: تم تحديد شعب معيّن (وهم البدو 
العرب في المنطقة). كان يمكن أن يحتاط النبي محمد 5 لنفسه ببساطة من 
خلال استخدامه للغة أكثر عمومية مثل «أنكم سترون منافسة في بناء المباني 
الشاهقة...)» مما يجعل هذا الكلام مرن] بما فيه الكفاية لينطبق علئ أي 
شخص في العالم. ونجد في الوقت الحاضر أن العرب في شبه الجزيرة العربية 
ممن كانوا فقراء ورعاة للإبل والغنم بدأوا بالفعل في بناء ناطحات السحاب. 
ففي الوقت الحالي» يعتبر برج خليفة في دبي أطول بناء بناه البشر حيث وصل 
ارتفاعه إل 878 مترا". وبعد فترة قصيرة من إكماله» أعلنت عائلة منافسة في 
السعودية أنهم سيبنون برج أطول يصل ل ٠٠٠١‏ متر (برج المملكة). 
ويتوقع حاليا أن يتم الانتهاء منه عام .٠١ ١4‏ وهكذاء فهم يتنافسون حرفي 
عارؤسن و اولس 

ومما يثير الدهشة الآن هو أنه قبل 0٠‏ أو 5١‏ سنة فقطء بالكاد كان لدئ 


00 رواه مسلم. 
:15 عق 5اع13آ (2016) .21118طك! زتناظ (2) 
ع011511165.2507 0ه ضاع ة] /ناع 10177 -ع ط) لطع /عة. 115 1ه طكا زتناطا. بوكتترا//: مراغط 
رلاع10597' 1211456 1770110:5 11تناظ م1 12طهتثخ 1لتتوددك (2014) .([ ,دضمأوصتتهن) (3) 
:517 عطا مغخطا تعاعحطه111 1 عستطعوع ]1 
-]5ع110-1211ناط-0]-13ط251/531101-210ع0/2014/04/1:7/701:10/2امع .تدع .0ه تلع //: مط 
/ناعنعء-8 ملل لاط 


501١ 


أهل هذه المنطقة بيوت بسيطة جداً. في الواقع» كان أغلب هؤلاء ما زالوا بدواً 
يعيشون في خيام. وقد أدئ اكتشاف النفط في القرن العشرين إلئم تحوّل 
المنطقة» ولولا النفط» لم تكن أحوال البناء تغيرت كثيراً عما كانت عليه في 
الصحراء القاحلة. فلو كان ذلك مجرد تخمين قام به فإن اكتشاف النفط 
سيمثل ضربة حظ كبيرة جداً. وبالإضافة إلى ذلك. لو كان النبي محمد طق 
يخمّن فقطء. أليس المعقول أكثر ربط هذه النبوءة بالقوئ العظميئ في وقته 
كالروم وفارس والذين كان لديهم - علئ خلاف العرب - ميلا لتشييد 
المباني الفارهة والقصور؟”. 

- الأنفاق في مكة والمباني الشاهقة التي تتجاوز جبالها: 

تنبأ النبي محمد 2 بأن مباني مكة ستتجاوز في الارتفاع قمم جبالها: 
«إذا رأيت مكة قد بعجت كظائمء ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال فاعلم أن 
الأمر قد أضِلّك)”. 

والآن عام 7١١٠»يمكن‏ لأي شخص أن يرئ هذه المدينة (وكذلك 
صورها علئ الإنترنت) ويرئ هذه الأنفاق والمباني التي يتعدئ ارتفاعها 
بعض جبال مكة. وهنا بعض الصور: 


ع1 طعتامغط]! تإع2تناول لكل نزعىمع]1[قط0 لقتتعاط عط1 .(2015) الى بولرتتوعلة (1) 
.69-0 .22 ,3501ع1]5 ع0 :02002.آ .011132 111131110115 


(؟) مصنف ابن أبى شيبة. 


لدبا 





- ستتواصلالأطباق باستمرار: 
تنباً النبي محمد 5 باستخدام أطباق البث والتآثير الذي سيكون لها علئ 


العلاقات العائلية: «ستتواصل الأطباق باستمرار» وسيقطع الناس أرحامهم)”, 


)١(‏ أشار الكاتب إلئ رواية الطبراني لهذا الحديث في كتاب الفتن هآ ,تصهعة1]2' نزم 4عنهسههل< 
صها21-1 1185 رعامهدك عط والحقيقة أنه لا يو جد حديث واحد للنبى 2 ذكر فيه- 


تذدنا 


وهذا ربما يشير إلئ تقنية الأطباق والقنوات الفضائية المتتشرة حالياً في 
المنازل؛ فاستخدام هذه التقنية قد جعل الناس يبقون في البيوت يشاهدون 
التلفاز وخلق ذلك مجتمعا يزداد فيه الطابع الفردي وتقل فيه صفة المركزية 
العائلية. وبعبارة أخرئ, فالناس لم يعودوا يزورون أهلهم (أي لا يصلون 
الأرحام) بنفس القدر الذي اعتادوا عليه من قبل» وهذه الملاحظة ليست 
مجرد كلام بل هي مدعومة بالدراسات”. 

تعاليم النبي محمد 2 وشخصيته وتأثيره العالمي غير المسبوق هي 
أيض] أدلة تثبت أنه لم يكن متوهماء ولذلك. لا بد وأنه يقول الحقيقة. 
وسيتم التفصيل في هذه الآمور لاحقا في هذا الفصل. 


-(الأطباق) بهذه الصورة أو المعنئ» والراجح أنه خطأ ممّن ترجم الحديث» حيث وضعه 
بمعناه الراجح عنده. والصواب أن هناك أحاديث ذكر فيها النبي أنه لا تقوم الساعة حتئ 
يتقارب الزمان (مثل الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وقريب 
منه ما رواه البخاري في صحيحه ٠١177‏ 2» لكن ليس فيها قطيعة الرحم» ومن المعلوم أن 
للعلماء في تفسير (تقارب الزمان) أكثر من رأيء منه أنه تقارب وقتي حقيقيء ومنه قولهم 
بأنه كناية عن قلة بركة الوقت وسعته؛ ومنه قولهم بأنه كناية عن تقارب الأماكن والأسفار 
عن طريق تقدم وسائل النقل والمركوبات» ومن هذا الرأي الأخير قال بعض المعاصرين 
أنها يمكن أن تكون إشارة أيضا إلئ البث اللاسلكي مثل التلفاز وأطباق الدش أو 
الستالايت والجوالات والإنترنت» والذي جعل الإنسان في أقصئ الشرق يرئ شيئا 
يحدث في أقصيئ الغرب في نفس اللحظة (الناشر). 
(0) انظر - علئ سبيل المثال -: 


لإلقطتتة "1 012 171611285 1715102ع1ء 1 01 5اعع811 .لل ,5232015 220 ,.2 ,56006121312 ,.0 ,81003 
.2160 :(1980) 2 .20 ,29 1261025ع8] واتمصدط .5601037 72610021كمء065 مخ :1005اع2 1ع 1م[ 


ذلينا 


هل كان فيه الصفتان معا: الكذب والتوهم؟ 

ليس من الممكن لآي شخص أن يجمع بين الكذب والتوهم؛ فالكذب 
يحدث عن قصد ونية» بينما التوهم يكون عندما يعتقد الشخص بصحة شيء 
وهو في الواقع ليس صحيحا؛ فهما ظاهرتان متعارضتان تماما. والقول بأن 
النبي محمد يت كان كاذب] ومتوهم] مستحيل منطقي]؛ حيث أن النبي طن 
لا يمكن أن يكون كاذب عن قصد بادعاءاته وفي نفس الوقت يعتقد بصحتها. 

كان يقول الحقيقة: 

مع أخذ ما نوقش حتئ الآن في الاعتبار» فإن أكثر استنتاج منطقي هو 
القول بأن النبي محمد 2 كان يقول الحقيقة. ويؤيّد ذلك الاستنتاج 
الدكتور ويليام دريبر 1018061 1771111812: «لقد ولد في مكة بالجزيرة العربية 
بعد أربع سنوات من وفاة جستينيان 1151112181 (عام 055164 للميلاد) الرجل 
الذي من بين كل'البشر- كان له أعظم تأتيزعلئ الجتين النشرى»: 
فالرجل القائد الديني لإمبراطوريات كثيرة» والذي يوجّه اليوم حياة ثلث 
النشو كد يكون مور لأن تظلق عليه وضقت وسلوال الؤلها: 

اعتراضات: 

قبل أن نناقش التعاليم العميقة والشخصية السامية والتأثير غير المسبوق 
للنبي محمد #2 هناك بعض الاعتراضات التي نحتاج مناقشتها. 

- أسطورة: 

أحد الاعتراضات علئ الحجة المقدمة هنا تتضمن أنه يمكن أن يكون 


712577 .11102 01 ااعططامم1ع7اع2آ أقناعع [[عاصآ عط 01 تكتماولط (1905) .1717 .ل رتعمةدا (1) 
.3229-0 .مم ,1 701 .تنتعطد1اطناط وتعطاه81 لج نأ متدط :2ه00دمآ لطنة ع1رمما 


520 


هناك خيار آخر يفسّر ادعاء النبي محمد #2 للنبوّة» وهذا الخيار الإضافي هو 
أن ادعاء النبي يل مبني علئ أسطورة. وبعبارة أخرئ, أنه ليس له أي أصل 
في التاريخ الموثق. ويقول هذا الاعتراض بأنه لا يمكن الوثوق في الروايات 
والأقوال التي تعزّز حياة النبي محمد #5 أو التحقق منها بشكل مستقل. وفي 
جوهر الأمرء فمؤيدو هذا الاعتراض لا يثقون بالتاريخ الإسلامي. 

اعتراض «الأسطورة» ليس منطقي] ويكشف عن جهل يتعلّق بكيفية 
ضمان العلماء للمصداقية التاريخية للمصادر التي نقلت حياة النبي خنة. 
فالمنهج الإسلامي في حفظ التاريخ مثلاً يرتكز علئ عنصرين أساسيين: 
سلسلة الرواية وهي «(الإسناد») وعلئ النص المروي وهو «المتن». هناك 
معايير قوية مستتخدمة لإثبات سلسلة صحيحة للرواية وللمتن» ليس المكان 
المناسب هنا للدخول في تفاصيل ذلك التخصص والعلم الفريد (وهو 
المعروف ب «علم الحديث» في العرف الإسلامي وهو المعرفة بعلم الرواية). 
ومع ذلكء فإليكم ملخصا قصيراً لما يتضمنه هذا العلم بصورة كافية لإظهار 
قوته. 

٠‏ فحتئ تكون سلسلة الرواية موثوقة» يجب أن تتحقق كثيرٌ من المعايبر 
العقلانية لكل رواي. ومن هذه المعايير: 

ه يجب معرفة كل من الاسم والكنية واللقب والنسب والمهنة للراوي. 

0 بعننه اعلاكن رارق الأسلى انيع اتوم الو لقاو ادر 

© إذا نقل راوي روايته عن راوي آخرء فإنه يجب أن يكون الاثنان قد 
عاشا في نفس الفترة الزمنية وأن يكون هناك إمكانية لقائهما معا. 


الأينا 


ه يجب أن يكون الراوي في وقت سماعه للرواية ونقلها قادراً جسديا 
وعقليَ على فهمها وتذكرها. 

0 يجب أن يكون الراوي معروفا بالورع والصلاح. 

ه يجب ألا يكون الراوي قد أتهم بالكذبء أو قدم دليلاً مغلوطاء أو 
فد ارتكت عويية مخلة بالأمالة: 

ه يجب ألا يكون الراوي قد تكلّم بسوء عن أشخاص آخرين ثقات. 

وحتئ يُقبل النص أو الخبرء يجب أن تتحقق عدة معايير عقلانية فيه 
مثل: 

ه يجب أن يكون النص مذكوراً بلغة واضحة وسهلة؛ حيث أن هذه هي 
طريقة كلام النبي محمد غ2 التي لا خلاف عليها. 

© يُرفض النص الذي يشير لآفعال ينبغي أن تكون ممارسة ومعروفة 
بكثرة من جهة الآخرين ولكنها ليست معروفة عنهم ولا ممارسة من قبلهم. 

ه يُرفض النص الذي يتعارض صراحة مع التعاليم الأساسية للقرآن. 

ه يُرفض النص الذي لا يتسق مع الحقائق التاريخية المؤصّلة”. 


)١(‏ من عظمة دين الإسلام وما غرزه من أمانة النقل في الرواية والأسانيد. أننا نجد حديثا معناه 
صحيحاً جميلاً» ولكنه عند علماء الحديث ضعيفء وذلك لأنهم يحكمون أولاً علئ 
سنده قبل متنه لأن الأمر خطيرء فالأحاديث تنسب أقوالاً أو أفعالاً أو إقرارات للنبي وهو 
مصدر تشريع وتفسير للوحي وللقرآن» فلو تساهلوا في سند حديث ضعيف وفيه كذابون 
أو مجهولون فما أدرانا أن نفس السند يُستخدم مرة أخرئ ولكن في حديث مكذوب أو 
موضوع علئ النبي؟ لذلك كان الأصح دوم هو التزام الحق والدقة والحيادية في الحكم.- 


كذننا 


- منطق غير سليم: 

هناك اعتراض آخر علئ هذه الحجة يقول إن منطقها غير سليم. 
فعلئ سبيل المثال» يمكن ألا يكون النبي محمد © كاذب من الناحية 
الأخلاقية؛ حيث نسب لنفسه النبوّة بالكذب لمصلحة أعظم. فهو كمصلح 
اجتماعي مثلاً يحتاج أن يدّعي مثل هذا الادعاء الراديكالي حتئ يتمكن من 
تغيير ذلك المجتمع الفاسد واللاأخلاقي الذي يعيش فيه. وهو مبذه الصورة 
لاايكون متوهم] لآنه يدرك عدم قوله للحقيقة, ولا يجعل منه كاذب 
عند النظر لما فعل من منظور أخلاقي. فهو سيكون مصلحا أخلاقياًء 
وكأغلب المصلحين الأخلاقيين اضطر لاختيار أقل الشرّين في سبيل تحقيق 
مصلحة أعظم. 

والآن هذا الاعتراض المثير للاهتمام هو اعتراضٌ في غير محله لعدة 
أسباب: أولآ» من غير المنطقي القول بأنه يتطلب من الشخص أن يدّعي 
النبوّة حتئ يتمكن من عمل تغييرات أخلاقية ضرورية. ففي واقع الأمر كان 


-والعكس بالعكس كذلكء أي قد نجد حديث) بسلسلة سند صحيحة؛ ولكن في متن 
الحديث نفسه نكارة» وهنا يعلم المتمكنون من علماء الحديث أن في سنده عِلة خفية» وقد 
تخصص عدد من العلماء في استخراج وجمع مثل هذه العلل في كتب شهيرة» أيض من 
أحد أسباب ضعف حديث معين هو جهل اسم أو حال أحد رواته ثم يجد العلماء له 
ترجمة فيما يعد فيها المعلومة الناقصة» وعلئ أثر ذلك ينتقل الحديث من رتبة الضعيف 
إلئ الحسن أو الصحيح إذا كان الراوي مقبولاً. والحديث الواحد قد يرويه صحابة وناس 
كثيرون» فيكون في بعض طرق سنده صحيحاًء وفي بعضها ضعيفاً رغم أن المتن واحد 
(الناشر). 


كينا 


العكس» حيث أن ادعاء النبي يك بأنه تلقئ وحيا إلهي كان هو السبب الذي 
منعه من الحصول علئ أية فرصة لتغيير المجتمع في بدايات الأمر. لقدتم 
الاستهزاء به والسخرية منه واضطهاده؛ فالمصلح لن يدعي مثل هذا الادعاء 
وخصوص)] إذا كان سيخلق عقبات أكثر في طريق وصوله لأهدافه. ثانيا» مرّ 
النبي خثقةة بمعاناة عظيمة» ومع ذلك لم يتنازل أو يضحّي برسالته. وعرض 
عليه سلطة سياسيّة مشروطة (مما يعني أنه كان يستطيع تغيير النسيج 
الأخلاقي للمجتمع)» ومع ذلك» فقد رفض السلطة لأن قبوله مها سيعني تركه 
لدعوته النبيلة ألا وهي لا إله إلا الله (انظر الفصل الخامس عشر). فلو كان 
مصلح أخلاقياً فقط لغيّر استراتيجيته» ولكنه لم يفعل. 

تعاليم النبي 2 وشخصيته وتأثيره: 

تعاليم محمد #2 ليست بتعاليم شخصي متوهّم أو كذاب. فمن ضمن 
تعاليمه الكثيرة تعليمه البشرية العطف والرحمة:. والتواضع والسلامء 
والحب وكيفية البذل للآخرين وخدمتهم. كانت شخصية النبي طخ 
شخصية شخص يتصف بالكمال. وصل إلى قمم الأخلاق الفاضلة؛ فقد كان 
عطوف] متواضع] متسامحا عادلاً وأظهر إنسانية عظيمة وحلم وتقوىّ 
عظيمين. وكان لتوجيهه أيضا أثر غير مسبوق علئ العالم. تدل قيادة النبي 
غةة البليغة وتعاليمه السامية حول التسامح والعدل والارتقاء وحرية 
الاعتقاد وكثيرٌ من جوانب الحياة الأخرئ بقوة علئ أنه لم يكن متوهم]؛ بل 
كان رجل صدق. 


1 


تعاليمه وشخصيته”©: 

تعاليم النبي محمد 22 وشخصيته هي علامات واضحة على أنه كان 
رحمة للبشرية» وأنه كان إنسانا نبيلاً أوحي إليه برسالةٍ إلهية ليُخْرِجٍ الناس 
من الظلمات إلئ نور الحق. فيما يلي اختيارات من تعاليمه وأمثلة على 
شخصيته وأخلاقه السامية» وأعتقد أغها تتحدث عن نفسها. فكلما تعمّقنا 

وتفكرنا وتأملنا في الحكمة النبوية» وجدنا أنفسنا نقع في حبّ محمد ل 

وندرك حقيقة من كان: 
تعاليمه: 
- عن الرحمة والعطف: 
«الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا من في الآرض يرحمكم من في 

السماء)”. 
«إن الله رحيم يحب الرحيم الصا 

)١(‏ سيذكر الكاتب جملة كبيرة من الأحاديث هناء والتي قد يكون في سندها مقال أو يحتاج 
عدد من كلماتها إلئ بيان» ولكننا سنقتصر في ذلك كثيراً لعدم التطويل» وسنكتفي 
بالتعرض لبعض الأحاديث والكلمات فقط (الناشر). 

69 رواه أبو داود والترمذي. 

(9) رواه البخاري في الأدب المفرد. 

(4) كتاب الأدب المفرد للبخاري لم يلتزم فيه بشروط صحة السند كما في كتابه الشهير 
الصحيح, لذلك ففيه أحاديث ضعيفة السند مثل هذا الحديث؛ انظر ضعيف الجامع 
الصغير للألباني رقم »175٠١‏ وأما سبب ذلك فهو لأن هدفه منه كان التجميع لأكثر الآداب 
الإسلامية والنبوية المبثوثة في الأحاديث بغض النظر عن ضعف السند أو صحته. لأن- 


اليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»". 

«رحم الله رجلاً سمح إذا باع» وإذا اشترئء وإذا اقتضئ)”. 

- عن القناعة والروحانية: 

«ليس الغنئ عن كثرة العَرّض» ولكن الغنى غنئ النفس»". 

«(إن الله لا ينظر إلئ أجسادكم, ولا إلئ صوركم, ولكن ينظر إلى 


قلوبكم)”. 


«لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب 


«احفظ الله تجده أمامكء. تعرّف إلىئ الله في الرخاء يعرفك في الشدة» 


واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبكء وما أصابك لم يكن ليخطئكء واعلم 
أن النصر مع الصبرء وأن الفرج مع الكربء وأن مع العسر يسرا»”. 


00 
فيه 
إفرة 
0( 
00 
)00 


اابني الإسلام علئ خمس: شهادة أن لا إله إلا الله» وأن محمدا رسول 


-الضعيف منه نوع يمكن تقويته بجبر معلومات الرواة الناقصة فيه كما أشرنا منذ قليل» 
ومن هنا كان يتساهل بعض العلماء في ذكر مثل هذه الأحاديث الضعيفة إذا كانت في 
فضائل الأعمال (الناشر). 

رواه الترمذي. 

رواه البخاري. 

رواه البخاري. 

رواه مسلم. 

رواه الترمذي. 


زواة أحمذ: 


ا 


الله وإقام الصلاة» وإيتاء الزكاة» وحج البيت» وصوم رمضان»)”". 

«قال الله تعالئ: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك علئ ما 
كان فيك ولا أبالي» يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني 
غفرت لك ولا أبالي» يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني 
لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة»)”" . 

«أنا عند ظن عبدي بي»ء وأنا معه إذا ذكرني» فإن ذكرني في نفسه ذكرته في 
نفسي» وإن ذكرني في ما ذكرته في مل خير منهم» وإن تقرب إلي بشبر تقربت 
كه در افيا امتتروين ]لي دزإفيا بتوفيت لع فاون انان سودي ألا 
هرولة)”. 

- عن المحبة: 

«والذي نفسي بيده. لا تدخلون الجنة حت تؤمنواء ولا تؤمنوا حتئ 
تحابواء أولا أدلكم علئ شيء إذا فعلتموه تحاببتم» أفشوا السلام بينكم)”. 

«لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتئ يحب للناس مايحب لنفسه من 
الخير)©. 


)210 رواه البخاري ومسلم. 
؟) رواه الترمذي. 
9ر6 رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه. 


050 رواه مسلم. 


(8)- وواة ابن تمان 


كخ 


تكن لما)” . 


"دب إليكم داءٌ الأمم قبلكم: الحسدٌ والبغضاء, والبغضاءٌ هي الحالقة 


ال ا ا ا 


التجنة 


أفشوا السلام بينكم»”. 


الا يؤمن أحدكم حتئ يحب للناس ما يحب لنفسه)©. 
«إذا أحب الرجل أخاه فليخيره أنه يحبه)©. 

(أخخت للنافى :ها تج لشاك 01 

«أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله التودد إل الناس)0". 
- عن المجتمع والسلام: 


سيئّل النبي محمد طق: «أي الإسلام خير؟» قال: «تطعم الطعام وتقرأ 


السلام على مَن عرفت وعلى من لم تعرف»)”. 


00 
فم 
020 
)0( 
0 
)00 
0370 


(0 


رواه ابن ماجه. 
رواه أحمد. 

رواه أحمد. 

رواه أبو داود والترمذي. 

رواه البخاري (في التاريخ الكبير). 

رواه الطبراني. 

الأحاديث التي فيها (أهل التودد) أو (التودد إلى الناس) بعد الإيمان بالله ضعيفة» انظر مثالا ما 
ضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم (1/1:"- 7/ا: *7- ”1/8 :0301776-18 (الناشر). 
رواه البخاري. 


كل 


اليس بكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نما خيرا)©. 
«مَن لم يشكر الناس لم يشكر الله)”". 


«والله لا يؤمنء والله لا يؤمن. والله لا يؤمن» قيل: (مَن يا رسول الله؟» 


قال: «الذى لا يأمن جارٌه بوائقه)”. 


عرو :ولا لأخمر غل' أسودة ولا أسود غلة أحمر ]لا بالشوئ )9 


000 
هه 
إفرة 
0 
0( 
)00 
0300 
0( 
04 


ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إل جنبه)”. 
- عن الإحسان والإنسانية: 

«قال الله: أنفق يا ابن آدمء أنفق عليك)” . 

«ما نقصت مف من مال)”7. 

لأطعموا الجائع. وعودا المريضء وفكوا العاني)". 


برو[ ولا تعسروواء شور اول غر )5 


روا القيران 

رواه أحمد والترمذي. 

رواه البخاري. 

رواه البخاري ومسلم وأحمد. 
رواه البخاري ومسلم. 

رواه البخاري. 

ويا 

رواه البخاري. 

رواه البخاري. 


2ض 


00 
هه 
إفرة 
0 
0( 
000 
0300 
0( 
04 


«أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفٌ عر قه)”". 


«كل سلامئ من الناس عليه صدقة)©. 
- عن الشخصية والآداب: 


«أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاء وخياركم خياركم لنسائهم)”. 
«وإن الله أوحئ إلئ أن تواضعواء حتئ... لا يبغ أحدٌ علئ أحد)". 
تهنا دو ول تا خضو نو لأ قاط هزه وكوكو | غناد الله بون 

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)”. 

هن من خياركم أحسنكم أخلاقا)” . 

(إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث). 

«ليس الشديد بالصرعة. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)”". 
- عن البيئة والحيوانات: 

إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتئ 


ووا انما 
رواه مسلم. 
رواه الترمذي. 
رواه مسلم. 
رواه مسلم. 
رواه مسلم. 


رواه البخاري. 


رواه البخاري ومسلم. 
رواه البخاري. 


إ ا 


يغرسها فليغرسها)”". 

اما من مسلم يغرس غرس] أو يزرع زرعء فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو 
مبيمة» إلا كان له به صدقة)2. 

«وتميط الأذئ عن الطريق صدقة)”. 

سأل الصحابة النبي محمد #2: ويا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا؟» 
قال: «في كل كبد رطبة أجر)©. 

«من قتل عصفوراً فما فوقها شوحنيا سأل الله بك عنها يوم القيامة»)”. 

«أن امرأةً بغيّآ رأت كلب] في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من 
العطش» فنزعت له بموقهاء فعُفِر لها»". 

روئ عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي © مرّ بسعد بن أبي وقاص 
وهو يتوضأء فقال: «ما هذا السرف يا سعد؟» قال: «أفي الوضوء سرف؟» قال: 


«نعم» وإن كنت علئ نهر جار»”. 


ىه 


2 صراه 


4 


تصف الأقوال والروايات التالية بعض]ً من صفات شخصية النبى محمد طة: 


() رواهالبخاري. 
(0) رواهالبخاري ومسلم. 
() رواه البخاري ومسلم. 
و ا 
(0) رواه النسائي. 


(5)" توا ستله: 


و_2و3ع0 رواه أحية. 


لد 


- الجلم والعفو والعطف: 

عندما كُسرت أسنان النبي شق وشج وجهه خلال أحد المعارك التي 
كان يدافع فيها عن المسلمين وغير المسلمين ممّن هم تحت حمايته» طلب 
منه أصحابه أن يدعو علئ الأعداء. ولكنه ردٌ بقوله: «إن الله لم يبعثني طعانا 
ولا لعاناء ولكن بعثني داعي ورحمة.. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون)”. 

قال أنس بن مالك: «خدمت رسول الله ات عشر سنينء والله ما قال لي 
أفآ قطء ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا»”. 

وقال أنس: «كنت أمشي مع النبي #2 وعليه بردٌ نجراني غليظ 
الحاشية» فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حت نظرت إلئ صفحة عاتق 
النبي طق قد أثْرت به حاشية الرداء من شدة جذبته» ثم قال: مر لي من مال 
الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك. ثم أمر له بعطاء»”. 

وفي أحد المرات كان هناك رجل يطالب النبي بدين له فشد النبي ين 
وتصرف بشكل سيء, وكان أحد صحابة النبي © موجوداً فلحقه وزجره. 
نقال البى :885 لامزء يسنن الطلب ؤمرق يتين الآذامةء فزد له النبى خف 
دينه وزاد عليه. وأوضح هذا الرجل (المعروف بزيد بن سعنة وقد أسلم فيما 
بعد) بقوله: «كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله ع حين 


() منقول عن: 
01 5118 حطدكث نطه1اخ 08 “عع دء55ع11 77:20تتتقطدل8 (2006) .1 .0 ,اطتاعطةلا -[ث 3/153 مم1 
لم20 :0ه1: عمدت .877167 لتقلططةتتدلطى حفطامتخ ز6 0ع غ2اقطةء 1 .19:30 0301 


,وو1216 
هم رواه البخاري ومسلم. 
[فرة رواه البخاري ومسلم. 


ل 


نظرت إليه إلا اثنتتين لم أختبرهما منه: يسبق جلمه جهله. ولا يزيده شدة 
الجهل عليه إلا حلماء فقد اختبرتهما)”". 

يتذكر أنس بن مالك عطف النبي محمد 2 علئ الأطفال: «ما رأيت 
أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله 232)”. 

قتل أصحاب النبي ظقة وعذَّبواء وهو نفسه قوطع وحوصر واضطهدء 
وكان هناك الكثير من الظلم الذي وقع عليه وعلئ أتباعه. ومع ذلك» فعندما 
تمكن من السيطرة علئ مكة بطريقة سلمية والمعروفة بفتح مكة» أعلن عن 
عفو شامل» ووصف ذلك اليوم بأنه يوم ابر ووفاء)”. 

- مظهره وإمكانية الوصول إليه: 

يروي صحابة النبي محمد #5 عن مظهره فيقولون: 

فآ عيلذ اله اللجارة: امار أنه عدا الك كينها عونتو لاله 
)0 

قال البراء بن عازب أن رسول الله ييه «كان أحسن الناس وجه])©. 

قال جابر بن سمرة: «رأيت رسول الله ع في ليلة إضحيان وعليه خلة 


)210 رواه البيهقي وابن حبان والطبراني والو نعيم. 
00 رواه مسلم. 


١701 3. 1530:‏ .أعطمه:ط2 عطا 1ه عكلآ عاطمل8 عط1 (2005) .ى .11 ,عوءطو[له5-دعثظ (3) 
1 ع 1707 .22 ,1031115531313 


(4) وول الترمدي: 
(8)- وواه التزمدي: 


2 


مخ القمراانة. 

قالعلي بن أبي طالب: ١مَن‏ رآه بديهة هابه» ومّن خالطه معرفة 
أحبه )000 , 

وصفت أم معبد الخزاعية هيئة النبي #5 بقولها: «ظاهر الوضاءة. 
متبلج الوجهء حسن الخلق» لم تعبه ثلجة» ولم تزر به صعلة؛ وسيم قسيمء في 
عينيه دعج» وفي أشفاره وطف. وفي صوته صحلء أحور أكحل أزج» شديد 
سواد الشعر» في عنقه سطع وني لحيته كثافة» إذا صمت فعليه الوقار» وإذا 
تكلم سما وعلاه البهاء وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن, حلو المنطق, 
فصلء لا نزر ولا هذرء أجهر الناس وأجمله من بعيد. وأحلاه وأحسنه من 
قريب» ربعة لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر. غصن بين غصنين» 
فهو أنضر الثلاثة منظراًء وأحسنهم قدراًء له رفقاء يحفون به إذا قال استمعوا 
لقوله» وإذا أمر تبادروا إلى أمره. محفود محشود. لا عابث ولا مفند)©. 

- التواضع والبساطة: 

قال النبي محمد 3: «لا تطروني كما أطرت النصارئ ابن مريمء فإنما 


)١(‏ رواهالترمذي. 

(0) سنن الترمذي. 

)6 حديث ضعيف النسبة إلئ علي قة» انظر: مختصر الشمائل المحمدية بتحقيق الألباني 
رقم (0) (الناشر). 


2 ابن القيم الجوزية» زاد المعادى. ص ٠(‏ م-اه). 
اتتلطث 320 أنامد متك - اخ طتتقتتطد نط 58010 .21-512:20 2220 (1998) .5 بممنتتكقة0) مط1 
50-7 .م2 .321-1515313 355352: 7/111 :اتتتاع8 .3 101 11امهتتتخ- اخ 03011 


ل 


أنا عبده» فقولوا عبد اللّه ورسوله)”. 

وشيئلت زوجة النبى يي عائشة ذه : «ما كان النبي غ8 يصنع في 
بيته؟ فقالت: «كان يكون في مهنة أهله - يعني خدمة أهله (يحلب الشاقق 
يخصف النعلء يخدمهم في بيتهم) - فإذا حضرت الصلاة» خرج إلئ 
الصلاة)27. 

كشف النبي يت عن تواضعه عندما قال: «... إنما أنا بشرٌ أنسئ كما 
تيو :)0 

عندما ارتعد رجلاً من الخوف عندما رآه» قال له: «هوّن عليك. فإني 
لست تملك» ]نما أنا ابن :امرأة تأكل القديلن)»6: 
واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة»”. 

قال أبو سعيد الخدري: «رأيت رسول الله ع يسجد في الطين» حتئ 
رأيت أثر الطين في جبهته)”. 

قال أنس: (إن النبي 2 يدعئ إلئ خبز الشعير والإهالة السنخة 


() رواه البخاري. 

(0) رواهالبخاري ومسلم وأحمد. 
(9) رواه البخاري ومسلم. 

(4). رواه ابن ماجه والحاكم. 

01 روا الترملي 

0 رواهالبخاري ومسلم. 


3 


فيجيب 70 , 

قالت عائشة 5: «كنا آل محمد نمكث شهراً ما نستوقد بنار» إن هو إلا 
الماء والتمر)". 

تأثير محمد ظلة علئ العالم: 

كان النبي محمد 8 حقآ رحمة للبشرية» وهذا القول ليس فقط مبرراً 
بالرسالة التي أتئ بها وبتعاليمه» بل أيض) بالتأثير غير المسبوق الذي تركه 
على العالم. هناك سببان رئيسيّان يجعلان من تعاليمه نقلة علئ المستوئ 
الاجتماعي: عدل الإسلام ورحمته. 

الرحمة والعدل كانا قيمه المركزية التي ب يعبر عنها من خلال إيمان 
خالص بوجود الإله وعبادته. فمن خلال توحيد الشخص لله بالعبادة» 
واتسيحضان العحمن انمسسؤولوت: يتشجع المسلم علئ التعامل برحمة 
وعدل. ويقول القرآن في هذا الخصوص صراحة: 

« يتما لذت َامنُوا كُوكُوأ قَومِيت لله سيدا بلس و يَجَرِمَنَكُمْ 
َتََانُ قَوْمِعَلَ ألا تَعُِْوا عدوأ ع وَأَفْرْبُ للكقوى ‏ الكو الك ري العو ينا 
تعملورت 6 «الكائذة :0 

١‏ ييا آلَذِينَ لضا واوا زوين الفط ا ناركن أشيكو أوالولدن 
والأقريين ا 0 ينا قلا تتبعُوأ أهوَئ أن تَعَدِنُوا وَِن تلوأ 


10 حول الترماى: 
5" ووه التامدي: 


لحل 


001 0 
دَرَنكَمَا الْعَقبَّة 9ج فك رَقَبَّةِ و2 أوَإِطْعَدمٌ ف يَوَرِذِى مَسَعَبَة 3ع يتِيمَاذًا 


وما 






بك لم كاوق الدنن #اعثوا وواخترا لمر و تَوَاصَوَأ 


ص 


الْمَيحمَةِ 9 أوْلَتيك حك ب اليِّمَكَة » (البلد:؟18-1). 


التسامح والتعايش: 

عندما أستوعبت هذه القيم ومورستء تخلق المسلمون مجتمع) لا 
يقابله مجتمع آخر في التاريخ. ففي الوقت الذي كانت فيه أوروبا متوغلة في 
العنف المذهبي والعنصرية والعصبية والكره؛ كانت تعاليم النبي محمد طش 
نوراً للعالم. تأمل كيف تعامل الأقليات كاليهود والنصارئ. قال النبي طق 
في معاهدة المدينة (وثيقة المدينة): «وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر 
والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم)”. 

وتشير المؤرخة الشهيرة كارين آرمسترونغ 88 1316929 إلى 
كيف أسست قيم النبي محمد #2 لتعايش غير مسبوق: «أسس المسلمون 
نظام مكن اليهود والنصارئ والمسلمين من أن يعيشوا في القدس مع 
ولأول مرّةغ". 

ويقدم المؤرخ الأكاديمي اليهودي أمنون كوهين 061 01م مثالا 
علئ التطبيق العملي للقيم الإسلامية» وكيف أن يهود القدس في العهد 
العثماني كانوا أحراراً وأهم كانوا يساهمون في المجتمع: «لم يكن يتدخل 


)١(‏ السيرة لابن هشام. 
.5 ك2 1-112131اىخ 711151212 :023110 .32-11335517773 35-5113 (1955) الى ,متقطائتط مم1 
.501-504 .مم ,17011 
817 .قطالهآ ععقط1' 17ن) ع00 لطع لوكتتتء ل[ 01 17اماولط لخ (1997) .1 ,ع 0مناومتث (2) 
.5 .2 ,8001 عمغاصة 811 0121م 


حلط 


أحدٌ في منظومتهم الداخلية» أو ثقافتهم الخارجية؛ أو أنشطتهم الاقتصادية... 
تمتع اليهود في قدس العهد العثماني باستقلالية دينية وإدارية في داخل الدولة 
الإسلامية» بل وكانوا مكون تفاعلي وبنائي للاقتصاد والمجتمع المحلي 
الذي كان بإمكانهم - وقد استطاعوا بالفعل - أن يساهموا في حركته)”. 

لقد منح عمر بن الخطاب - صاحب النبي محمد 2 وتلميذه - 
نصارئ فلسطين الحرية الدينية والآمان والسلام» وقد نصّت معاهدته مع 
نصارئ فلسطين عليئا أن: «هذا ما أعطئئا عبد الله عمر بن الخطاب أمير 
المؤمنين» أهل إيلياء من الآمان: أعطاهم أمانًا لآنفسهم., وأموالهمء 
وكنائسهم. وصابانهم» وسائر ملتهم. لا تسكن كنائسهم., ولا تهدم ولا 
ينتقص منها ولا حيزهاء وللامن صليبهاء ولامن شيء من أموالهم, ولا 
يكرهون على دينهم» ولا بشبار دن منهم)". 

في عام 674 للميلاد» أكد البطريرك ثيودسيس 1860005105 علئ التزام 
المسلمين بقيم نبيّهم المحبوب 2: «أظهر لنا المسلمون مودةً عظيمة؛ فهم 
يسمحون لنا ببناء كنائسنا وأن نقيم عاداتنا الخاصة بلا عراقيل»)”. 


00111 1112كن/١ا‏ صا لعاءم11ع] 5ه ع11نآ طأوالاعل :متط111 1170110 خ (1994) .لك ,معط (1) 

.00 غكة2 .(لإتلطمعن) 716 ) جمعلدئنصءل 01 51111 عطا ططام 5أمعصمنءمد[ 

,211531173118 01 015715157ل1] ,561013 010316 101 «تعاخمعن ع1 :2تطماعلة1تطاط 
.22-3 


69 تاريخ الطبري» الجزء إف6ة ص (599). 


7م 0م8016 .علتتان8ة -1721 الاكنكآ عد طكلتتة1 :تتدط12 طلكلتيه1' (1967) .5 ,21 ,تتوطة 1 
.9 .21-11373231112 :1021 ,منتتدن .8016100 310 .17013 .متتطهةط1 20 تمتسمتقطسكاة1 


(90) منقول عن: 
.5 01 11311101737 1015502321 ل :أوع117 عط لله جخ 151 .(2005) .ل .0 ,تععلاة11 
.2 معصتطد1[طناط متاك :تعاوععنه1 0 


ردط 


هذه الروايات التاريخية ليست صدف تاريخية؛ فهي مبنيّة علئ قيم النبي 
في التسامح والرحمة والتي لا يحكمها زمن. 

الحماية والأمان: 

كانت أوروبا في القرن السابع في ظلام فعلي عندما يتعلق الأمر بضمان 
أمان وحماية الآقليات» أو حتئ الأجانب الذين يعيشون في أو يزورون بقعة 
معينة. ولكن تعاليم النبي محمد غة ضمنت للأقليات حمايتهم وعاشوا في 
سلام: 

«مَن ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة»)”. 

(مَن آذئ ذمياً فقد آذاني)". 

ويوضح فقيه القرن الثالث عشر الميلادي القرافي هذه التعاليم النبوية 
المذكورة أعلاه بقوله: «... عقد الذمة عقد عظيم فيوجب علينا حقوق 
لهم... نجعلهم في جوارنا وفي حق ربنا وفي ذمة الله تعالئ وذمة رسول الله 
وذمة دين الإسلام... مّن اعتدئ عليهم ولو بكلمة سوءٍ أو غيبة في عرض 
أحدهم أو نوع من أنواع الآذية أو أعان علئ ذلكء. فقد ضيّع ذمة الله تعالى 
وذمة رسوله وذمة دين الإسلام»)”". 


وعلئ ضوء ما سبق» فليس من المستغرب أن يصف القرآن النبي خنع 


2000 رواه يحيئل ب بن آدم في كتاب الخراج. 

00 رواه الطبراني في المعجم الأوسط. 

020 القرافي» الفروق» ص (59). 

.32511]١-لخ‏ اتلقط؟ا ز6 0م8016 .801100 156 .3 1701 .نتن -آخ (1998) .لخ ,1-0351:2311خم 


:]2 26665560 ع5 632 :7م60 عمتلده مث .29 .2 رطقلاوتحطا!-اه تبك -اج 2هدآ تختصاعظ 
01م 01170_0021:2157/1*010_01:0157_03 1 لقمطاع018/27/1.ع7الطاء*تة. 5نا. 12600203//:ماغخط 


ء 


بأنه « رَحَمَةٌلَلعَلَيِت 4 (الأنياء:10)» وأن رحمة الإله ١‏ وَسِحَتَ كُلَّ سَىْء 4 
(الأعراف:165١).‏ 

وعندما تم إدراك تعاليم النبي © في التاريخ» تم حماية الأقليّات 
وعاشوا بسلام وأثنوا علئ الحكومات المسلمة. فعلئ سبيل المثال» زار 
بيرنارد الحكيم 171/156 6ط 8612310 (وهو راهب رحال من القرن التاسع 
الميلادي) مصر وفلسطين فقال: «... هناك نوعٌ نادر من السلام بين 
المسيحيين والوثنيين (يقصد بهم المسلمين) فمثلاً لو كنت في رحلة ومن ثم 
مات الجمل أو الحمار الذي يحمل متاعي القليل» واضطررت أن أترك كل 
متاعي بلا رقيب وذهبت إلئ المدينة لأجلب حيوان] آخر ليحمل متاعي 
فإنني عندما أعود سأجد كل ممتلكاتي لم يُتعرّض لها: وهذا هو السلام 
بعينه)”", 

جعل هذا التأثير غير المسبوق للقيم الإسلامية الناس يفضّلون رحمة 
الإسلام وتسامحه. يقول رينهارت دوزي '[1002 166101816 (وهو متخصص 
في العصور المبكرة للإسلام في إسبانيا): «... ويجب أن يؤخذ التسامح 
اللامحدود للعرب” أيض) في الاعتبار. لم يضغطوا علئ أحد فيما يتعلق 


() منقول عن: 
و55 08 113112017 1015500321 ل :أوع ١717‏ عطا له جطذ1ذ1 (2005) .ل .0) ,تععلاة11 
1.17 


(؟) كثيرا مايتم الإشارة إلئ المسلمين بالعرب في كتابات المستشرقين والمفكرين الأجانب» 
وذلك إما بالنظر إلئ لغتهم العربية حتئ لو كانوا من خارج الجزيرة العربية» وإما بالنظر 
إلئ أصل دينهم العربي حت لو اعتئقه مسلمون من خارج العرب (الناشر). 


0 


بالشؤون الدينية... وفضل النصارئ حكمهم علئ حكم الإفرنج)”. 

ويقول البروفيسور توماس آرنولد 412010 95 معلقاً علئ أحد 
المصادر الإسلامية أن النصارئ كانوا سعداء ويعيشون في سلام مع الإسلام 
إل درجة أنهم كانوا يستنزلون البركات علئ رؤوس المسلمين»)”. 

حرية الاعتقاد: 

في الوقت الذي كانت فيه حرية الاعتقاد مفهوم]ً غريب] نسبياء» أوجد 
النبي ظة؛ مجتمعا لم يجبر أحداً علئ اعتناق الإسلام. الإجبار علئ الدين 
محرّم بوضوح في الإسلام» وهذا بسبب الآية القرآنية التالية: « لآ إكرَاهَ فى دين 
فد كيين شد مق الي #٠.‏ «البقر 0 

ويوضح مايكل بونر 808161 11101861 (وهو متخصص في تاريخ 
الإسلام المتقدم) التطبيق التاريخي للآية السابقة: «أولآء لم يكن هناك إجبار 
على التحول الديني؛ فلم يكن هناك تخيير بين "الإسلام أو السيف". حرّم 
النظام الإسلامي - والذي يتبع مبدأ قرآني واضحا (الآية 157 من السورة 
الثانية)- أي شيءٍ من هذا القبيل؛ فيجب السماح للذمَّيّين (المعاهدين) بأن 
يمارسوا دينهم)””. 

الانعتاق الاقتصادي: 

تسببت تعاليم النبي محمد ظ في الانعتاق الاقتصادي لمن هم تحت 


,7105 ع 1310) :02002آ .812م5 12 كلطتاكد/8 01 7امأسو1لط ل .(1913) .1 ,ه100 (1) 


1 : 

01 38311012م210 عط 01 81510177 ذم :202دا؟] 01 عمصتطعوءط ع1 (18596) .1 ,10ممتثظ (2) 
.2 ,.00) عك 0025181 210ط[طععى :عا ومتسصادء ”11 .طاتة 1 مستامبكل8 عطا 

11171517 21121052 :ماع10 .81501537 عتصطداد! ص1 1520[ (2006) .24 ,تعصصومظ (3) 
.59-0 .مم رؤوع21 


كا 


قيادته؛ فالمكوس كانت قليلة» ومّن لم يستطع دفعها أعفي منها”. 

كان من الواجب علئ السلطات أن يضمنوا لكل شخص - ومن ضمنهم 
المواطنين غير المسلمين - ما يكفيه لإطعام عائلته» وأن يبقئ علئ مستوئى 
م ا يي ا ار 
المسلمين) إلئ واليه في العراق: «انظر عليك أهل الذمة من قد كبرت سنه 
وضعفت قوته وولت عنه المكاسبء فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما 
يُصلحه)”. 

ويمكن إيجاد تطبيق عملي لتعاليم النبي 2 في الرسالة التالية المكتوبة 
بواسطة حبر يهودي عام .١557‏ حيث كان يحث أهل دينه علئ الذهاب 
لبلاد المسلمين بعد اضطهاد أوروبا لليهود. حيث أنهم سيكونون منعتقين 
اقتصاديا: «ليس لدينا هنا في بلاد الآتراك ما نشتكي منه» فنحن نمتلك ثروات 
عظيمة» وأغلب الذهب والفضة في أيديناء ولسنا مرهقين بالضرائب الكثيرة» 
وتجارتنا حرة وغير معرقلة. الغن هو فاكهة الأرض. كل شيء رخيص وكل 
واحدٍ منا يعيش في سلام وحرية...)”. 

التعاون متعدد الأعراق: 

بعيداً عن أن يكون مصدراً للصراع العرقي» فقد قدّم النبي ظل نمو 

فرك للتعاوة بشعدد العرقناضه» ويتضى الفزآة ولاعة عل ١‏ لي 


لكا 


7157 .113251011231105 320 ععناعة1 ,كتمعط]' تدتتقطد .(2009) .8 .117 ,ودللوط (1) 
م.م رووع21 1517ع0115 لآ عع 10اطمصةت 0121م 

0 تكلقطد 6 0م801 .1م2تكتسكخحلد 1112 (1986) .5 ,8 برطونز1ككة لم2 م16 (2) 
.1690 .مم ملوكته2 علتل/ط21-1 جهمعاتد/ظا :طمكلكلة/1 

1453-4 رعتاوعل 171701105 عطا 01 0157 :ع1م0صكأصةاقمم0 .(1995) .2 ,اعقصمةل18 (3) 
.2 ,80015 تناع اع :102002 


اا 


حَلقَكر ين دكرِ وَأ وَجَعَلسَكُم سكوب وقبَآبل مارفا إن أكَرَمك عند اله أتقكُ 
إن آله ليم خَبِيرٌ4 (الحجرات:17). 

وضّح النبي محمد 6 صراحة علئئ أن العنصرية ليس لها مكان في 
الإسلام: «ألا إن أباكم واحدء ألا لا فضل لعربي علئ أعجمي ولا لعجمي 
على عربي ولا لأسود على أحمرء ولا لأحمر علئ أسود إلا بالتقوئ»)”. 

وكما نص هاملتون غيب 016 118211000 (مؤرّخ ومستشرق): 

«ولكن الإسلام ما زال لديه خدمة أكبر يسديها للإنسانية؛ فهو يقف 
- في النهاية - أقرب للشرق الحقيقي من أوروباء وهو يمتلك تاريخ رائع] 
من التفاهم والتعاون متعدد العرقيات. لا يوجد لمجتمع آخر مثل هذا التاريخ 
الناجح للتوحد في حالة المساواة والفرص والسعي لأعراق بشرية كثيرة جداً 
ومختلفة... ما زال لدئ الإسلام القوة علئ التوفيق بين عناصر ثقافية وعرقية 
تبدو غير قابلة للتوافق. لو أن التعارض بين مجتمعات الشرق والغرب 
العظيمة أستبدل من خلال التعاون بينهم. فإن التوسّط الإسلامي هو وضع لا 
بد منه؛ فلديه الحل بشكل كبير لمشكلة العلاقة التي تواجهها أوروبا في 
علاقتها مع الشرق. ولو توحّدواء فإن الأمل في شأَنٍ مسالم سيزيد بشكل غير 
محدود؛ ولكن إن رفضت أوروبا التعاون مع الإسلام ورده إلئ أيدي 
منافسيهاء فإنه لا يمكن للقضية إلا أن تكون مدمّرة للطرفين»”. 

ويؤكد المؤرّخ المحترم توينبي 70/8066 أيضا: «انقراض الوعي 
)١(‏ رواهابن حبان. 
طذ كأصعصك 7/107 متعله/! 0 نزعنتتناك كه بصنذاكآ تعطائط؟1 (2012) .2 لح .11 ,رططت© (2) 


.9 .7 وع1501111608 :ملع صاطخ .1170110 ممعاده/8 عطا 


ليل 


بالعنصرية كالحاصل بين المسلمين هو أحد المنجزات البارزة للإسلام» وفي 
العالم المعاصر هناك حاجة ملحة لنشر هذه الفضيلة الإسلامية...)”". 

التقدّم العلمي: 

كان النبي محمد © هو حامل رسالة القرآن من خلال القول والفعل 
كليهما. فقد أوجدت الرسالة والتعاليم التي أتئ بها النبي الطمأنينة والتسامح 
والسلام التي يُحتاج إليها كثيرء ومكنت هذه الرسالة والتعاليم من تكوين أكثر 
الحضارات نجاح علئ مر التاريخ. في الوقت الذي كانت فيه أوروبا غارقة في 
ظلام الجهل» قامت الحضارة الإسلامية (المُلهّمة من قبل النبي) بإنتاج مجتمع 
كان منارة نور تشم علئ العالم بأكمله. مؤرخ العلم فيكتور روبدسون يلخص 
بإيجاز التباين بين أوروبا العصور الوسطئ وإسبانيا الإسلامية فيقول: 

«كانت أوروبا مظلمة بعد غياب الشمس؛ بينما كانت قرطبة مشرقة 
بسبب المصابيح العامة. كانت أوروبا وسخة”؛ بينما أنشأت قرطبة آللاف 
الحمّامات. وبينما كانت أوروبا مغطاة بالهوامٌ؛ كانت قرطبة تبدل ملابسها 


157 071010 :2011 عل8 .11121 2ه صه10نه101112ن) (1948) .[ .لك ,عوططزه1' (1) 
.م7 رؤوع21 


(0) من أقوئ النقاط التي ساعدت على انتشار الأوبئة القاتلة والطاعون في أوروبا العصور 
المظلمة هي ابتعادهم عن أبسط قواعد الطهارة والنظافة الشخصية والعامة» فلم يكن 
يستحمون إلا نادراء وكانوا يلقون بقاذوراتهم ونجاساتهم في الطرقات» حتئ أنهم كانوا 
يرتدون نعالاً خشبية عالية ليتمكنوا من السير أحيانا في هذه البيئة المنتنة شكلاً ورائحة» في 
الوقت الذي كان فيه المسلمون يتوضأون خمس مرات في اليوم والليلة ويغتسلون من 
الجنابة ولأيام الجمعة والأعياد» وتسود بلادهم الحمامات العامة أو الكنيف في المنازل 
المرتبط بالصرف الصحي «الناشر). 


لل 


الداخلية يومي. كانت أوروبا تخوض في الوحل؛ بينما كانت طرق قرطبة 
معبّدة. كانت لقصور أوروبا أنابيب الدخان في الأسقف؛ بينما كانت 
الزخارف القرطبية فاتنة. لم يكن نبلاء أوروبا يستطيعون كتابة أسمائهم؛ بينما 
كان أطفال قرطبة يذهبون للمدرسة. لم يكن رهبان أوروبا يستطيعون قراءة 
الخدمة التعميدية؛ بينما أنشأ معلمي قرطبة مكتبة بأبعاد أليكسندرانية»”. 

لقد أحرزت الحضارة الإسلامية تقدما في علوم الرياضيات والطب 
والفلك والكيمياء. خذ مثلاً الرياضي الخوارزمي والذي لعب دوراً مهما في 
إنشاء علم الجبر؛ فهو من أنشأ أيض] فكرة الخوارزميات والتي جعلته يحظئ 
بلقب الجد الروحي لعلم الحاسب الآلي؛ لأنه لولا الخوارزميات لما 
وُجدت الحواسيب. كما يوصف أبو القاسم الزهراوي بأنه أعظم جرّاحي 
العصور الوسطىئ بسبب اختراعاته في أدوات وإجراءات العمليات الجراحية. 

وكان العلماء العرب والمسلمون الذين فهموا واستوعبوا القيم 
الإسلامية روّاداً في التعامل مع الاضطرابات العقلية والنفسية. فعلئ سبيل 
المثال» في القرن الثامن الميلادي» شيّد الطبيب الرازي أول قسم نفسي في 
بغدادء وأدرك الطبيب ابن سينا (مؤسس الطب الحديث والمعروف غربيا 
ب 28مع871) في القرن الحادي عشر الميلادي أن أغلب الأمراض العقلية 
لها أسباب نفسية”. 


101005 :عاتملا عاط .عماعتلع/8ا 01 م5 عط1 .(1936) ١7.‏ ,«مكصتلطم18 (1) 
64 .2 ,لاه طإصطاه 0 

01 ]20232238612012 عط ا حطها؟! 01 ع101] .(2013) لل روخطه7؟ ع ,.3/1 .17لا ,تكتطوهة (2) 
.5205-5214 ,(2 1مم1ا55)5 ,لإتاقلطء:زو2 01 10111021 مطمتلص]ا .كمع015010 ع1ناة تطعتؤوط 
4 -9-,01 1ذذذ[0|كظ1 


قر 


وبشكل مثير للاهتمام» كتب أبو زيد البلخي (طبيب في القرن التاسع 
الميلادي) كتاب حول ما يعرف حاليا بالعلاج الإدراكي السلوكي» ومن 
المرجّح أن كتابه «مصالح الأبدان والأنفس» كان أول شرح مكتوب يفرّق 
ين الاكتئات الباطى والتشاعل © 

كان هؤلاء الروٌاد والمفكرون المسلمون متأثرون بشكل مباشر بقيم 
الإسلام التي منها كلام النبي محمد خف والتي تشع علئ البحث عن علاج 
للأمراض: ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء»”. 

ويشجّع القرآن علئ القراءة واكتساب المعرفة والتفكر وعلئ العلوم 
التجريبية» وهو كتابٌ يذكر مشتقات العلم والتدبر أكثر من ٠٠١‏ مرّة» ويجعلنا 
تتفكر في أنفسنا وني العالم من حولنا: « إِنَّمَا مكل آلْحَيّوة الذقا كماء انزلكه هق 
آلسَّمَاءٍ فَآخْتَلَط بهء تَبَاثُ آلأَرَضٍ مما يأكل التادق وال كفيك إذا احدت الأوضل 
رُخْرُقَهَا وَآرَيَمَتَ وَطرى أَهَلَهَا أبعم دروت عَلَيّآ أتَهَآ أَمرنا لَيَلاَ أو يَارًا فَجَعَلئَهًا 
حصي اضر ح بِالأمْسٍ كَدَلِكَ مضل الَْيَتِ لِعَوْ رِيَمَقَكَرُونَ 4 (يونس:4). 
«أقرَأبآسَر رَبِ كَألَّذِى حَلَقَ() حَلَقَالْإَِنَ مِنَ علق( أقرأ أُوَرَكَالْأَرَمْ © الّذى عَلَّمَ 
اناري عراس لزي لالماق ٠١‏ - 0. ه قل هَل يسَعَوى الْذِينَ يَعََنُونَ 
َألذِينَ لا يَحَلَمُونَ' إِنَمَا يَحَذَكر أُولُوا آلَألَبّب 4 «الزمر:؟». « أقَلَا يَطُرُونَ إلى الإبلٍ 


ع رت 


كيف خلقت © وَإِلى السّمَاءٍ حيف رُفعَت ©) وإلى أخْبَالٍ كيف تُصبَِتَ © وإ 


دجي دور 2هيد دور 


ع1 :5001 عطا 01 عع م ممعائنك 5*تطكللد8-اخ 223:0 داطثخ .(2013) .54 ,تتلو (1) 
:510117 2ه[ [وتقطاط 7واتلطصعن0 لطتستلط 2 018 تلإموتعطط1 *#م1حتمطعظ عااتمع 00 
1 عتتطقا؟] 01 عالطتامص] 0021م معام[ 


© رواه البخاري. 


زف 


لأرَضٍ كيف سْطِحَتَ 4 (الغاشية:7٠١‏ ع سإ قلق أَلسَّمَرواتِ وَالأرض 
وَآَخْيِل ف اليل وَالبََار لآ َس لول الألبَب وق ) الْذِين يَدَكرُون اللّهَ قِيمّا وَفُعُودًا وَعَلْ 
جُنُوبهِمٌ ويَتَفَكَرُونَ فى حل قٍآَلسَسَوَت وَآلأَرَضٍ» (آل عمران: 190 - 191). 

لم توجد تعاليم النبي محمد :*ة بيئةة موصلة إلى التقدم العلمي فقط؛ 
بل ساعدت أيضا في تشكيل النمو المعرفي لشخص مهم جداً في تاريخ العلم 
اسمه ابن الهيثم. يعتبر ابن الهيثم أحد أوائل العلماء التجريبيين في هذا 
العالم". حيث وفقا لكثير من مؤرخي العلم كديفيد لينبيرغ 108010 
8 ذا فإن ابن الهيثم يُعتبر من بين أوائل من صاغ المنهج العلمي مع 
التأكيد علئا التجربة المنتظمة”". 

وقد ألّف ابن الهيثم «كتاب المناظر» الذي كان له تأثير كبير علئ أوروبا؛ 
فلولا صياغته للمنهج العلمي» فيمكن القول بأننا لم نكن لنتمتع بالتطورات 
العلمية التي نتمتع بها اليوم. 

وكان ابن الهيثم أيض] متعلم] في علوم الدين والقرآن. وكان يستشهد 
بوضوح بالقرآن كونه مصدر إلهامه الذي دفعه لدراسة العلوم والعالم 
الطبيعي: «قررت :أن أمستكشف ما الذي يقرّبنا أكتر من الإلة وأكثر شيع 
يرضيه؛ وما الذي يجعلنا منقادين لإرادته الحتمية)”. 


)١(‏ انظر: 
مع :)1 ,010 طمطعع1) .أواأمعاء5 11156 :لمقطاتجط-اث طط[ا (2007) .8 ركمع ]عاد 
.ع طتطة11 طن 105ممترع ]1 

:0 .ع256ع501 تتتعاوء 117 01 دع تللمصاوء8 عط]1' .(1992) .0 103710 ,ول1ءطلملنا (2) 
362-63 .جزم رووع21 016380 01 7ج1و1ع11منا ع1 
.2 راأق1أطع1ء5 ]1115 المقطاتوة طلاخ م6[ (2007) .8 ركمع ماع51 (3) 


زف 


يعترف كثيرٌ من الأكاديميين بمدئ ما تدين به أوروبا للإسلام". يقول 
البروفيسور جورج صليبا أنه «بالكاد يوجد هناك كتاب عن الحضارة 
الإسلامية أو عن التاريخ العام للعلم لا يُظهر - علئ الأقل - اعترافه بأهمية 
التراث العلمي الإسلامي والدور الذي لعبه هذا التراث في تطوّر الحضارة 
عموما)”2. 

وففق البز وفتعوو توساين ار ل اسم 93 مع الرأي القائل 
بأن إسبانيا الإسلامية سهّلت الطريق علئ النهضة الأوروبية: «... كتبت 
إسبانيا المسلمة واحدة من أكثر الصفحات إشراقاً في تاريخ أوروبا العصور 
الوسطئ...؛ مُحضرة معها ولادة شعر جديد وثقافةٍ جديدة» وتلقئ العلماء 
المسيحون بسببها العلم والفلسفة اليونانية المشروحة التي احتاجوها 
لاستثارة نشاطهم العقلي حتيل وصلوا لفترة النهضة)"©. 

ربما يكون من أكثر الأقوال المؤثرة في وصف عظمة الحضارة التي 
أوجدها النبي © هو ما ورد ني كلام للمديرة التنفيذية السابقة لشركة 
هيوليت باكارد (112) كارلي فيورينا 000 0117 : 

«كان هناك ذات مرةٍ حضارةً كانت أعظم الحضارات في العالم. وكانت 
قادرةً على إيجاد دولةٍ قاريّة ضخمة اتسعت من المحيط إلئ المحيط» ومن 


)غ2 لمزيد من التفاصيل» انظر: 
8337 :021010 .0111115311012) عتتطد[5] م1 اداع[ مع1811010 ع1 (2005) .8 .5 ,متتتوجة زر[-ام 
عطا 01 عمتكلد/ط! عطا 00 ععمعاعه5 عتصصداو1 (2007) .) يوطتلوك زووع و لاط -ام 
1/111 :قااء15اطاع 113553 .1522155326 تتوء م م تلط 
12 © 01 عمكعلة/1 عطا لله ععمعاعء5 عتمتة[ة1 (2007) .0 ,وطلله5 (2) 
٠‏ .م رووع؟]2 1/111 :5اأءوتتطع 1/1355 .ع22155026ع ]1 
.2 ,151330 01 ع تقتطاعدعء:2 عط (1896) .1 ,10ممتث (3) 


رفظ 


المناخات الشمالية إلئ المناخات الاستوائية والصحاري. وعاش في ظل هذه 
الحضارة مئات الملايين من الناس من مختلف الأديان والعرقيات» 
وأصبحت لغتها لغةَ عالمية في أكثر مناطق العالم وجسراً بين شعوب مئات 
المناطق. كانت جيوشها مكونة من أشخاص من مختلف الجنسيات» 
وحمايتها العسكرية أتاحت لها مساحة من السلام والازدهار لم يُعرف من 
قبل. 

وكانت هذه الحضارة مدفوعة أكثر من أي شيءٍ آخر بالاختراع؛ فصمم 
مزه الحيدها ريوق الباق الى انددع الجا قدته وفنا را رماع لو 
الجبر والخوارزميات التي مكنت من إنشاء الحواسيب الآلية والتشفير. 
وتفخّص أطباؤها الجسم البشري ووجدوا علاجات جديدة للأمراض. 
وراقب فلكيّوها السماء وسمّوا النجوم ومهدوا الطريق للذهاب للفضاء 
واستكشافه. وكتب كتابها آلاف القصص؛ قصص عن الشجاعة وعن 
الرومانسية وعن السحر. 

وعندما كانت الشعوب الأخرئ خائفة من الأفكار» فهذه الحضارة نمت 
علئ الأفكار وأبقتها حيّة. وعندما هدد الرقباء بمسح معرفة الحضارات 
السابقة» حافظت تلك الحضارة علئا معرفة الحضارات السابقة وأوصلتها 
للآخرين. ومع أن الحضارة الغربية المعاصرة فيها كثيرٌ من هذه المواصفات» 
إلا أن الحضارة التي أتحدث عنها كانت العالم الإسلامي من عام /٠١‏ 
وحتئ عام ١٠٠١‏ ميلادية والتي تضمّنت الإمبراطورية العثمانية وممالك 
بغداد ودمشق والقاهرة ونوؤرت حكاماً كسليمان القانوني. 


3 


بالرغم من أننا غير مدركين في الغالب لامتناننا لهذه الحضارة الأخرئ. 
إلا أن هداياها هي جزءٌ من إرثنا. لم يكن للصناعة التقنية أن توجد لولا 
إسهامات علماء الرياضيات العرب. وساهم قادة مثل سليمان فيما لدينا من 
أفكار عن التسامح والقيادة المدنيّة» وقد نتعلم درس منه كمثال وهو أن 
القيادة تبنئ علئ الأهلية والاستحقاق وليس الوراثة» وأن القيادة هي ما 
محرت راف كاملة لمدكاق متموعين نحذا يعون لديانات المسعة 
والإسلام واليهودية. هذا النوع من القيادة المثقفة - القيادة التي حضنت 
الثقافة والاستدامة والتنوّع والجرأة - أدْت إلئ عام من الاختراع 
والازدهار)”. 

السبب الرئيس الذي جعل النبي محمد غك قادراً علئ التأثير بشكل 
مباشر في مثل هذه المجتمعات المتسامحة والعطوفة هو تأكيده علئ وحدانية 
الإله وعلئ عبادته والسعي إلئ إرضائه» وأيضا تأسيسه الأخلاقي والروحاني 
لحياته وحياة أولئك الذين أحبّوه واتبعوه. ولقد قدّم ذلك أساس] أخلاقيا 
موضوعي] غير مرتبط بزمن محدد لتحقيق ما أطلق عليه اقتصادي القرن 
الثامن عشر آدم سميث 510108 40870 «الشعب الأول»: «... الذي في ظلّه 
تمتع العالم بدرجة من الهدوء» وهو ما يتطلبه ازدهار العلوم...)". 

أمانة وصدق النبي محمد غ*ة وشخصيّته ذات الأخلاق العالية والتأثير 
الذي كان له علئ العالم يؤصّل للحجة التي تقول إنه آخر رسول للإله. 
01 لصة ذ5وعصتون8 ,يع مامصطءة1 .وعطءووم5 همترماط تزاعده .لممعاعدط ه1116 (1) 

:(2001) .ه81 وأهط1؟ :كنآ 2ه :1713 


أمطغط. 1 0120 5ع صطتمط/10113/وعطاعععم5 /للتوع اع ع2 /1210 محا لحطام» . مرطا. 77 //: مراخط 
,111111377 عتع[اث :02002.آ .امد سمخ 01 8552335 ع1 .(1869) .خ بطتتممة (2) 


0 


واحد فقط: أنه كان رحمة للعالم» وأنه من اختاره الإله ليقود العالم إلى 
الهدئ والنور الإلهي. 


5 5 
دزي تاي يي 


فد 


الفصل الخامس عشر: 
العبد الحر 
لماذا يستحق الإله عبادتنا 


المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى» والمأسور من أسره هواه)”. 

تخيّل أن أحد أصدقائتك أعطاك كل يوم ٠٠١‏ باوند (جنيه أسترليني) 
بسبب أنك - ولم يكن ذنيك - احتجت مساعدة مالية» ولم يستمر لطفه بك 
هذا لعدة أيام فقط؛ بل استمر لسنوات. حيث استمر المال بالظهور في 
حسابك البنكي؛ ولكنك بدأت تنسئ من هو هذا المتفضّل عليك؛ وخلال 
هذه الخالة مب اللكران الكر)بدات تشكر المال الدذئ نياك وليسن 
الشخص الذي أعطاك إياه. فهذا باختصار يصف حال الشرك والإلحاد. إذ 
من منظور روحاني؛ هما قمة النكران واللاعقلانية. لأن الشخص العقلاني 
والذكي عاطفي سيشكر على الدوام الشخص الذي أعطاه شيا لم يكتسبه أو 


9 
ءًّ 


لبن له زوه ة اهيدا افق باذ للقائن: 


)١(‏ ابن القيم الجوزية» الوابل الصيب». ص )١٠١9(‏ (نقلاً لكلام ابن تيمية). 


كلو 2ه 022:11 طاطخ زط 8010 .طاتتهة21-5 11طة17ا-اكث (2005) .5 رستحوهة0 مط1آ 
10 .2 ,21-1355310 تناخ 01[ :نطمعلكلد/8 .223:0 تاطام 
6- 12110-26489620 لمتطاعة 3 ” مطام. جاع ممتطعه نه /حا 7" لحطام». لجتتنا [1777/577.2//: ماخطا 


وف 


لماذا يصف ذلك الشرك والإلحاد؟ 

هناك شيءٌ في حياتك تتلقاه بحرية» ومع ذلك فأنت لا تكتسبه ولا 
تملكه» ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنك تستحقه أيضاً. هذا الشيء هو هذه 
اللحظة واللحظة التالية وكل لحظات وجودك. أنت لم تكتسب هذه 
اللحظات. فما الذي بإمكانك عمله لتكسب لحظة أخرئ في حياتك؟ وهذا 
هو السبب بالضبط وراء تسميتنا لهذا الشيء في الثقافة الشعبية بالهبة: هبة 
الحياة. وهذا هو ما يجعلنا جميع)]ً نعتبره شيئا ثميناً. أنت لا تملك هذه 
اللحظات لأنه ليس لديك القدرة علئ إحضار أي شيء للوجود؛ فأنت لا 
تستطيع حتئ خلق ذبابة. وأنت لا تستحق لحظة أخرئ من وجودك لأنها 
ليست ملكا لك؛ فليس لديك القدرة علئ بعث الحياة ولو للحظة. فلذلك» 
لاشيء يمكنك عمله يجعل منك مستحق] لشيءٍ لا يمكنك أن تكتسبه 
بنفسلة: انذا: وعلرة شور هذه التجناتق لأساف بعت اناكو ك ناقور ابت 
في حالة من الامتنان؛ لأنك تتلقئ - باستمرار - شيئ لا تكتسبه ولا تستحقه. 

وبما أنه في الشرك والإلحاد لا يوجد شكر للإله أو يتم شكر الكائن 
الخطأ (عادةً ما يكون وسيط مخلوق له نهاية)» فإنه يلزم من ذلك أن نظرتهم 
ليست فقط غير عقلانية؛ بل هي قمة النكران. فكما سبق وتُوقِش في الففصل 
السادسء فالإله مستقل وكل شيءٍ معتمدٌ عليه. لذلك. فكل ما نقوله أو نفعله 
أو نستخدمه أو نكتسبه هو ني الأساس معتمدٌ علئ الإله وحده. ويلزم من 
ذلك حتماً أنه - في حال كان الشخص عاقلا وأخلاقيً - يجب علينا أن 
نكون شاكرين للإله وأن نعترف بأن الشكر كله له وحده. فالشكر والامتنان 


ليق 


يعتبران جانبان رئيسيان من جوانب العبادة. ومع ذلك» فمفهوم العبادة في 
الدين الإسلامي ليس محصوراً علئ الامتنان؛ بل هو مفهوم شامل جداً. 
تقتضي العبادة وجوب حبّنا للإله ومعرفتنا به وطاعته؛ بالإضافة إلى 
تخصيص جميع أفعال العبادة له وحده. تشتمل أفعال العبادة في الإسلام على 
الصلاة والتوبة والدعاء وتنقية القلوب من أمراضها الروحية ومن العجب 
بالنفس. جوانب العبادة هذه ليست فقط جوانب عقلانية بل تم ذكرها بتكرار 
في القرآن. 

بدأت هذا الفصل بمناقشة الامتنان لأنه مفتاح للعبادة. إن لم تكن 
ممتناء فأنت تنكر بشكل كامل حقيقة أنك معتمدٌ عليا الإله وحده. وتنكر أنه 
هو من أعطاك كل شيء مهما كان صغيراً. ولذلكء فإنه بعيداً عن موضوع 
امتناننا للوحيد الذي أعطانا الحياة» ما الذي يجعل الإله مستحقاً لعبادتنا؟ 

معرفة الإله: 

قبل أن أجيب علئ هذا السؤال» من المهم التفصيل في المقصود ب 
معرفة الإله. المعرفة بالإله أمرّ جوهريّ في فهم لماذا الإله يستحق عبادتنا؛ 
لأننا لا نستطيع عبادة شيءٍ نجهله. وهذا هو السبب أنه في الدين الإسلامي 
تعتر عبوق طزيق معرقة الآله شكل من أشكال العنادةه « فاغلة أن ل إل إل 
الله 4 (محمد:9١).‏ 

أن نعرف الإله يعني أننا نقرٌ بأنه هو الخالق والحافظ الوحيد لكل شيءٍ 
موجود (المعروف بتوحيد الربوبية). وتقتضي معرفة الإله أيضاً أن نقرٌ 
بأسمائه وصفاته مع الاعتراف بطبيعتها الفريدة وأنه لا يوجد شيء يمكن 


إنفظ 


مقارنته بالإله (المعروف بتوحيد الأسماء والصفات). وتعني معرفة الإله 
كذلك أنه يجب علينا معرفة تفرده في ألوهيته؛ فهو وحده المستحق لكل 
أفعال العبادة (المعروف بتوحيد الألوهية). يجب أن يُشار إلئ أنه في الدين 
الإسلامي» من الضروري الإقرار بأنه لا شيء يشترك مع الإله في قدرته وقوته 
الخلقية ولا في أسمائه وصفاته ولا في ألوهيته مهما كان. فكل شكل من 
أشكال التشبيه والتجسيم مزفوضة تمام؛ فالإله متعالي وكاملٌ أقضيئ 
الكمال ولا يعتريه نقص. يُشار إلى مفهوم الوحدانية في التقليد الروحاني 
الإسلامي بالتوحيد؛ وهو ما يعني - لغويا] - الإقرار بالواحدانية أو جعل 
الشيء واعيذا أو فويدا: 

- توحيد الربوبية: 

توحيد ربوبية الإله هو الإقرار والاعتراف بأن الإله هو الخالق والمدبّر 
والمالك الوحيد لكل شيءٍ موجود. الإله هو الواحد الذي يدبّر كل شيءٍ 
ويحفظه ويطعمه. فوفق للمذهب الإسلامي في التوحيد, فإن أي أحد ينكر 
ذلك الشيء فقد جعل مع الإله شركاء وهذا هو الشرك. أي أحد يعتقد أن هذه 
الأوصاف للإله يمكن أن يشاركه فيها أي شيءٍ مخلوق فقد انطبق عليه هذا 
الوصف. وهكذا فقد جعل مع الإله شركاء. 

- توحيد أسماء الإله وصفاته: 

توحيد أسماء الإله وصفاته يعني وصف الإله بما وصف به نفسه فقط في 
القرآن والأحاديث النبوية (بعض الأسماء مثل «الخالق» و«القدير» قد يدركها 
ويقر مها العقل الراشد الصحيح). وهناك أسماء وصفات مثل «الودود) 


رد 


و«النظيفي» يقر سا ولكتها لآ تقاررن بالخلق: أسبفاء الآله وضفاته كاملة أ 
يوجد فيها عيبٌ أو نقص. وقد وصفت أسماء الإله بواسطة الإله نفسه بأنها 
أحسن الأسماء: « ونه سما ل 4 (الأعراف: 180). 

وكماتم الإشارة إليه علئ مدئ هذا الكتاب فالإله كاملٌ أقصئ 
الكمال. فمّن يقارن هذه الأسماء والصفات بأسماء وصفات الخلق فقد وقع 
في التجسيم”» وبذلك يكون قد جعل مع الإله شركاء. ومن قارن أي من 
المخلوقين بالإله فقد وقع بالتأليه» وهو أيضا]ً نوعٌ من أنواع الشرك بالإله. 

- توحيد الألوهية: 

توحيد ألوهية الإله يعني أنه يجب علينا الإقرار بأن كل أفعال العبادة 
يجب أن تكون موجّهة له وحده. فمّن يوجه أفعال العبادة لغير الإله» ومّن 
يطلب الأجر من غير الإله في أي فعل من أفعال العبادة فقد جعل للإله 


شرك 


)١(‏ ليس من التجسيم القول بأن لله تعالئ سمع أو بصر ويعني بهما المتحدث صفة السمع 
والبصر المعروفتين» لكن التجسيم هو القول بأن الكيفية نفسها للسمع والبصر هي مثل 
التي عند المخلوقات» والصواب أن أصل معنئ الصفة معروف لنا (وهو السمع والبصر) 
ولكن كيفيتهما مجهولة لا نعرفها ولا نجسمها ولا نشبهها بشيء من خلق الله وكذلك لا 
ننفي أصل معناها لأن الله تعالئ أثبته لنفسه. وهذا المنطق معقول جداً إذ أن الصفة 
الواحدة معناها مشترك في المخلوقات كالسمع أو البصر مثلا لكنك تجد كيفيتها مختلفة» 
فسمع وبصر القط غير الكلب غير الصقر غير الحوت غير الخفاش غير الصقر غير 
الإنسان غير الاخطبوط غير الضفدع وهكذاء فما بالنا بفرق الكيفية بين الخالق نفسه 
والمخلوق؟ (الناشر). 


فرق 


- الذنب الأعظم: 

جعل شركاء مع الإله هو أعظم ذنبء ونتيجة ارتكاب هذا الذنب هو أن 
من يموت علئ هذه الحال ولم يتب فقد مات علئ الكفر. وهذا ذنبٌ لا 
يغفره الإله: < إنَّالَه لا يَغْفرُ أن يُشْرَكَ به وَيَغْفِرٌ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يمه ومن شرك 
باللّهِ فقَدٍ آفترَئ إِنّمّا عَظِيمًا 4 (النساء:8). 

ولكنء من أشركوا مع الإله ثم تابوا إليه وعادوا للتوحيدء فإنه يُغفر لهم 
وتدسينا يئاتهم حسنات: « وَالَذينَ ا يَدَعُْوَ مَعَ آلَهِ إِلَهًا ءَاحَرَ وَلَا يَقتُلُونَ 
لتّفْسَ الى حَرَمَ لَه إلا بلَحَق وَل يَرنُوتَ وَمَن يَفْعَلَ ذَلِكَيَلقَأنَامًا 29 يُصَعْفَهُ 
الكداكا بوه العيمة واه في نباك 25لا من نات ودادرت وقيل عاذ ضدكا 


تهد ع 


- 


اولك يُبَوِلَ آله سَيكَاتِهِمْ حَسَكَسس وكا نآلل غَُورًا َحِبمًا 4 (الفرقان:8” - .0/١‏ 

ومّن جعل مع الإله شركاء ولم يتب أبداً ومات علئ تلك الحال (وليس 
له عذر)» فقد ظلموا أنفسهم بإغلاقهم الباب المؤدي لرحمة الإله عليهم. 
وقد رفضت قلوبمهم هداية الإله ورحمته؛ وبذلك فقد باعدوا بينهم وبين الإله. 
أولعكة الذي يافضيوك؟ الالة يم اعينستوة العودة الزن الأرمن لعملوا أعالا 
صالحة ولكن قلومهم قد رفضت الإله إلئ الأبد: ١‏ حَمََ إِذَا جا أحَدَهُم آلْمَوتُ 
قَالَ رت أَرْجِعُونٍ (2) لَعَلَ أُعَمَلُ صَلِحَا فِيِمَا تَكْتُْ كله إنها كلمة هو قايلها” وَمِن 
وَرَآيهم بَرَرّحٌ إل يَوَمِيْبَعَعُونَ 4 (المؤمنون:99 .)1٠١-‏ 

هذا الواقع الروحي المفروض من قبل الذات هو نوعٌ من الامتناع؛ 
فالشخص قد امتنع عن اغتنام كل الفرص العادلة التي منحها إياه الإله للقبول 


1خ و م مثو ره 


في رحمته ومحبته: : « وَمَا ظَلَمَهُمُ آله وَلِكنْ أَنفْسَهُمٌ يَظَلِمُونَ 4 (آل عمران:117). 


فرظ 


صدي 


« ذلك بمًا َدّمتَأْيدِيكُمَ وَأ رن آله لَيِسَ بِظَلَّمِلَلعَبِيدٍ 4 (الأنفال:01). 

يجب التنبيه على أنه وفق للدين الإسلامي إذا لم تصل رسالة الإسلام 
الصحيحة لهم فإنهم سيعذرون ويختبرون في يوم القيامة”. الإله هو العدل 
ولن يُعامّل أحدٌ بظلم. وهذا هو السبب في أنه عندما يموت شخص غير مسلم 
فإنه ليس من الطابع الإسلامي أن يُحكم علئ مثواه الآخير. لا أحد يعلم ما في 
قلب شخص آخر وما إذا كانت وصلته الرسالة الصحيحة بالطريقة 
الصحيحة. ومع ذلك. فمن منظور عقدي واجتماعيء من مات من غير 
المسلمين فإنه يُدفن علئ أنه ليس من المسلمين» ولا يعني أن ذلك هو 
حكمهم الأخير. في الحقيقة» الإله عادل ورحيم متصفٌ بكمال ومطلق العدل 
والرحمة» ولذاء فلا أحد سّيعامل بلا رحمة أو بلا عدل. 

الناس الذين سمعوا عن رسالة الإسلام بطريقة صحيحة سليمة فإنهم 
يجب عليهم أن يتحملوا رفضهم له. ولكن. مَّن مات ولم يسمع برسالة 
الإسلام أو سمعها بطريقةٍ مشوّهة» فإنهم سيُّعطون فرصة لقبول الحق. بطريقةٍ 


)١(‏ هذا الكلام مبني علئ الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان: «أربعة (يحتجون) يوم 
القيامة» رجل أصم لا يسمع شيئاً ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة» فأما 
الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئاء وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء 
الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعرء وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل 
شيئاء وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسولء فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه. 
فيرسل إليهم أن ادخلوا النار» قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا 
وسلاما». هنا أحاديت أخرئ وآيات في القرآن تدل علئ أن الإله لن يسمح بأن يدخل أحدٌ 
النار حتئ تكون قد بلغتهم رسالة الإسلام الصحيحة. 


زف 


تنعكس فيها المبادئ الموجودة في آيات قرآنية وأحاديث نبوية مختلفة» 
يلخص الغزالي هذا المنهج الدقيق» ويقول أن من لم يسمع عن رسالة 
الإسلام مطلقآ سيكون لهم عذر: «بل أقول: إن أكثر نصارئ الروم والترك في 
هذا الزمان تشملهم الرحمة إن شاء الله تعالئ» أعني الذين هم في أقاصي 
الروم والترك» ولم تبلغهم الدعوة... فهم معذورون)”. 

ويقول الغزالي أيض) أن مَن سمع بأشياء سلبية عن النبي محمد 
ورسالته؛ فإنه أيض] سيُعذر: (وصنف... بلغهم اسم محمد غ ولم يبلغهم 
نعته وصفته» بل سمعوا أيضا منذ الصبا أن كذاباً ملبّسا اسمه محمد ادعئ 
النبوة... فهؤلاء عندي في معنئ الصنف الأولء فإنهم مع أنهم لم يسمعوا 
اسمه. فقد سمعوا ضد أوصافه؛ وهذا لا يحرك النظر في الطلب)". 

التعاليم الصحيحة للإسلام هي عوائق في وجه التطرّف. وفي نظري. كل 
أشكال التطرّف مبنيّة على «تشدد أيديولوجي» يجعل قلوب الناس قاسية. ما 
أعنيه بذلك هو أن الناس يتبنون افتراضات حول العالم والأشخاص الآخرين 
تتصف بالسلبية والثنائية وأنها غير قابلة للنقاش. وهذا يجعل مجموعة من 
الناس تعمل علئ وصف غيرها من المجموعات بأنها (آخر) أي تجعلها في 
نطاق الآخر 01611286100. هذا الوصف (الآخر) لا يعني ببساطة تصنيفهم 
بأنهم ينتمون إلى مجموعات مختلفة؛ فهذا أمرٌ طبيعي وجزء من المجتمع 


210 الغزالى» فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة» ص (غ865). 
17 80160 .73-1-2320202 21-1513202 متتو 21-1518102 135351 (1993) .ل .11 ,المجقطن-ام 
:2 2211301 15 7م20 عطلاده مث .54 .2 ,5تاء1021235 .010زء8 .1/1 
01.501 زع13:531-6/ي[00ط/ع22211.01طع //:ماغخط 


و 


المعاصر. ولكن وصف (الآخر) عادةً ما يحدث عندما تصنف إحدئ 
المجموعات الآخرين بطريقةٍ سلبية والنظر إلى كل فرد منها على أنهم نفس 
الشيء. فهذا يقسّي قلوب الناس ويمنعهم من الانخراط بإيجابية مع الأفراد 
الآخرين الذين يبدون مختلفين. الإسلام لا يصف الناس ب (الآخر)؛ فهو لا 
يرئ أن كل واحد من غير المسلمين هو في نباية الأمر ملعون أو سيء. ويذكر 
القرآن بوضوح أك الثامن الكفرزيوي انوا زاك ف والتسو 1 ررضت 
بعضهم: ١‏ يِّنْ أَهَلٍ الكت ب أَمَدٌ قَآيمَه يَدنُونَ ايت آله َاَآء ليل وَهُمْ يَسَجُدُونَ » 
(آل عمران:1١1).‏ بل ويطبق القرآن أيضا ذلك المفهوم على المؤمنين أنفسهم؛ 
فبعضهم صالحين وبعضهم ليسوا كذلك. ومع هذاء فالإسلام يعلّمنا أن كل 
إنسان يجب أن يُعامل برحمة وعطف وعدل (انظر الفصل الرابع عشر). 

جوهر العبادة: 

الدعاء هو أحد العبادات الرئيسية في الدين الإسلامي. عَلّمنا النبي 
محمد ظَنية أن «الدعاء هو العبادة)”". توجّه الآدعية للإله وحده؛ لآنه هو فقط 
مَن يستطيع مساعدتنا عندما نطلب شيئا نحتاجه أو نريده» ودعاء أحد غير 
الإله هو فعلّ شركي؛ لأن الشخص يطلب شيئا ممّن ليس له القدرة علئ 
تلبية الطلب. فعلئ سبيل المثال» لو أن شخصاً دعا صنمً من حجر طالب 
منه أن يمنحه ابنتين توأم» فهذا سيكون شرك لأنه يدعو من لا قدرة له على 
تحقيق ذلك الطلب. ولكن ذلك لا يعني أن طلب المساعدة من شخصٍ 


)١(‏ هذه الآية تشير لأهل الكتاب, مع ذلك. فالمبدأ نفسه ينطبق علئ جميع مجموعات البشر. 
69 رواه البخاري. 


0 


يستطيع مساعدتك يُعَدٌ شركى)؛ بل سيكون شرك) في حال كنت تعتقد أن الإله 
ليس هو الخالق الأعلل وأنه ليس بمقدوره مساعدتك. دعاء الإله هو جز 
مما يجعل عبادتنا خالصة» والطريقة التي ندعوه بها ينبغي أن تكون بتواضع 
وخضوع. يقول الإله: ١‏ أَدَعُوآ رَبَكُمَ َصَرُعَا وَحُفْيَةَ 4 (الأعراف:55)» ويقول: 
« فَادغوأ لله مُخَلصِيَ لَه آلدِينَ 4 (غافر:4١).‏ 

وفيما يتعلق بالجانب الروحي في الإسلام» فأعمال العبادة تقبل إذا 
تحقق فيها شرطان. الشرط الأول هو أن يكون هذا العمل خالصاً للإله. 
والشرط الثاني هو أن يكون العمل قد تم النص عليه في النتصوص المرجعية في 
الإسلام وهي القرآن والسنة. إذاء السؤال الطبيعي الذي يتبع هذا النقاش هو: 
١١ممّ‏ تتكون أعمال العبادة؟». أعمال العبادة كثيرة. وكما ذكر سابقا» فأي 
عا معز تسل لاز عاق لاه بد قنواة ذو اعمال العادة ركذ هناك دن 
أعمال العبادة الآأساسية التي تعتبر جوهرية للممارسة الروحية في الإسلام. 
هذه الأعمال قد لُخَّصت بواسطة النبي محمد غك بأنها أركان الإسلام 
الخمسة؛ وهذه تتضمن الإقرار والاعتراف في قلب الشخص بأنه لا إله إلا الله 
وأن محمداً هو خاتم رسله؛ وهي الصلاة خمس مرات في اليوم» ودفع الزكاة 
لمن يملك قيمتهاء وصيام رمضان. والحج لمّن استطاع إليه سبيلاً. ولأعمال 
العبادة هذه معاني عميقة وأبعاد داخلية. هذه هي أركان الإسلام الأساسية. 
ومع ذلكء فإنه كلما تقدّمت ممارسة الشخص الروحية؛ فإنه يستطيع أن 
ينخرط في عددٍ أكبر من الأعمال الروحية الإضافية. ومن ضمن هذه الأعمال 
الإضافية قراءة القرآن» وذكر الإله. والتخلص من الأمراض الروحية التي في 


ارد 


قلب الإنسان» والصدقة؛ والدعوة إلئ الإسلام؛ وإطعام الفقراءء والعناية 
بالحيوانات» ومعرفة حياة وسنة النبي محمد 82 وحفظ القرآن» وصلاة 
القيام» والتفكر في الظواهر الطبيعية» وغيرها الكثير والكثير. 

إذ لماذا يجب أن تكون عبادتنا كلها للإله وحده؟ 

وحتئ أجيب علئ هذا السؤال» سأفصّل في النقاط التالية: 

حق الإله في العبادة هو حقيقية تثبت وجوده. 

« الإله خلق كل شيء وهو مّن يحفظ كل شيء. 

٠‏ ينعم علينا الإله بأفضالٍ لا حصر لها. 

٠‏ إن كنا نحب أنفسناء فيجب علينا أن نحب الإله. 

٠‏ الإله هو الودود» وموّدته هي أنقئ شكل من أشكال الحب. 

« العبادة هي جزء من طبيعتنا. 

٠.‏ طاعة الإله هي جزء من عبادتنا له. 

حق الإله في العبادة هو حقيقية تثبت وجوده: 

أفضل مكان ننطلق منه هو فهم من هو الإله. الإله - بمقتضئ التعريف - 
هو الواحد المستحق للعبادة» وهذه حقيقة ضرورية يقتضيها وجوده. ويركز 
القرآن بتكرار علئ هذه الحقيقة عن الإله: < إِنَى أنا آلّهُ لآ إلَدَ إِلّ أنأ فَأعَبّدَن 
وَأقِ مِآلصَّلوةَ إنإكرى 4 (طه:؟١).‏ 

بما أن الإله - بمقتضئ التعريف - هو الموجود الوحيد الذي له الحق 
في عبادتناء فإذاً يجب أن تكون كل عباداتنا موجهة له وحله. 

يوصف الإله في الدين الإسلامي بمطلق الكمال؛ فله كل الأسماء 


وف 


والصفات الكاملة أقصىئ الكمال. فعلئ سبيل المثال» يُوصف الإله في 
الإسلام ب «الودود)» ويعني هذا الاسم أن حبّه هو أكمل وأعظم حبٌ ممكن؛ 
فتجب عبادته بسبب هذه الأسماء والصفات. نحن دائما ما نمدح الآخرين 
ونثني عليهم بسبب لطفهم وعلمهم وحكمتهم. لطف الإله وعلمه وحكمته 
تصل إلى أقصئ درجةٍ ممكنة ولا يوجد فيها عيبٌ أو نتقص؛ ولذلكء. فهو 
يستحق أعظم الثناء» والثناء عليه هو شكلٌ من أشكال العبادة. والإله أيض) 
هومن يستحق أن توجه له الصلاة والدعاء. فهو يعلم الأصلح لنا. هذا 
الموسن وك شين التسستائف معنت اذتيو قم نما اعادو اتيس 
المساعدة. يستحق الإله عبادتنا لأن هناك شيءٌ فيه يجعله يستحقها؛ فهو 
الموجود الذي له الأسماء والصفات الكاملة. 

هناك نقطة مهمة تتعلق بعبادة الإله وهي أن العبادة حقٌ له حديئ ولوالي 
ننعم بأي راحة. فلو عشنا حياةً مليئة بالمعاناة» فلا يزال الإله هو المستحق 
لأن يُعبد؛ فعبادة الإله ليست مبنية علئ نوع من العلاقة العكسية؛ مثل أن 
وا سيلة وق اللبقازن تمده الاقمو نهم ما أقرلة تهنا والاقة كمركا بعيم 
كثيرة (كما سأناقش فيما يلي)» ولكن هو يُعبد بسبب كونه من يكون وليس 
بالضرورة بسبب كيف يقرر توزيع فضله بحكمته غير المحدودة. 

الوله خلق كل شيء وهو من يحفظ كل شيء: 

خلق الإله كل شيء» ويحفظ الكون أكمله باستمرار» ويعطينا من نعمه. 
يعيد القرآن ذكر ذلك المفهوم دوم بطرق مختلفة تستثير نوع من الامتنان 
والرهبة في قلب السامع أو القارى: ١‏ هِوَالّذِى حَلََ لكُم ما فى الأرض جَمِيعًا 4 


رق 


(البقرة:9؟). مر ا ا -0 
0 : حْمَتَ أله عَلَيَجْ هَل مِنْ حَلِقٍ غَيرَللهِ يَرْفكُم مِنَ آلسَمَاءِ وآلا ض لآ لَه إِدّ 
هو قال يُوَقَكُورت ») (فاطر:*». 
ولذلك؛. فكل شيءٍ نستخدمه في حياتنا اليومية وكل الأشياء الأساسية 
التي نحتاجها لنبقئ» كلها بسبب الإله. فيلزم من ذلك إذاً أن يكون الحمد 
والامتنان كله له. وبما أن الإله قد خلق كلّ شيءٍ موجودء فهو مالك وسيّد 


ا 


ا 


كل شيء (ومن ضمن هذه الأشياء نحن البشر). ولذاء فيجب أن نحسٌ بشيءٍ 
فق الرهية والامعناة بويا أذ الالة هو مكنا ننجت أن نكون عدا له إتكاز 
ذلك الشيء لا يعني فقط رفض الواقع» بل هو أيض] قمّة النكران والتكبّر 
والبطر كما ناقشنا في بداية الفصل. 

وبما أن الإله خلقناء إذاً وجودنا ذاته معتمدٌ عليه فقط. نحن لسنا مكتفين 
ذاتي (حتئ لو توهم البعض أننا كذلك). وسواء عشنا حياة رفاهية وراحة أو 
عشنا حياة فقر وتعب فنحن في النهاية معتمدون علئ الإله. لا شيء في هذا 
الكون ممكنا بدونه» ومهما حدث فهو بسبب مشيئته. نجاحنا في أعمالنا 
والأشياء الرائعة التي قد حققناها هي في النهاية بسبب الإله. هو من خلق 
الأسباب الكونية التي نستخدمها لتحقيق نجاحناء ولو لم يشأ الإله لنجاحنا 
أن يكون فلن يتحقق أبداً. وهذا الفهم لاعتمادنا المطلق علئ الإله يجب أن 
يستثير في قلوبنا معنىّ عظيم] من الامتنان والتواضع. خضوعنا وتواضعنا أمام 
الإله والثناء عليه وحمده هو شكل من أشكال العبادة. أحد أكبر الأمور التي 


تمنع الهداية والرحمة الإلهية هو وهم الاكتفاء الذاتي الذي يأتي في أساسه من 


أارد 


ا 


الغرور والكبّر. ويوضح القرآن هذه النقطة: « كل إن الإِنسَن لَيَطْنَىَ © أن رَدَاه 
لكف 04و54 < وأماق كل واشتد © وكدَّب بِآلَكُسَىَ ١‏ ج) فستيسر0ر 
لِلعُسَرَئ « ج وَمَا يُعْنى عَنَهُ مَالَهُد ذا تَرَدَىَ (ج إِنّ عَلَمَنَا لَلمُدَئ » (الليل:8 .)١5-‏ 

الإله يمُدّنا بنعم لا تُحصئ: 

«وَدَاتدكُم ين كل ما سَالتْمُوة وإن تعدوأ يحمت الله لا خحَصُوهَا إزد 
آلْإِفَنَ لَظَلُوم كفارٌ) (إبراهيم:؛ *). 

يجب أن نكون ممتنين للإله للأبد لآننا لا نستطيع نشكره حق الشكر 
علئ نعمه؛ فالقلب مثلاً هو مثال مناسب لتوضيح هذه النقطة. ينبض القلب 
البشري ما يقارب ٠٠١‏ ألف مرة في اليوم» وهو ما يعادل تقريب] 0" مليون مرة 
في السنة. ولو عشنا حتئ عمر ال 7/5 فإن عدد نبضات القلب ستصل إلى 
٠‏ 5000 لبضة. كم واحد منا قام بعد نبضات القلب هذه حتئ؟ لا 
أحد. وحتئ تكون قادراً علئ عدّ هذا الرقم الكبير» يجب أن تكون بدأت 
بحساب كل نبضة قلب منذ اليوم الذي وَلدت فيه» وسيعني أيضاً أنك لن 
تكون قادراً علئ عيش حياة طبيعية بما أنك ستكون في حالة عد مستمر لكل 
مرة ينبض فيها قلبك. وبالرغم من ذلكء فإن كل نبضة تعتبر ثمينة بالنسبة لنا. 
أي واحد منا سيضحي بجبل من ذهب في سبيل ضمان بقاء القلب يعمل 
ا كا 
الذي خلق قلوبنا ويمكنها من العمل. يجبرنا هذا المثال عليئ الاستنتاج بأنه 
تحن امكون نصك شاكيو لسر الكداة والتكر جناسي هو شكال 
العبادة. النقاش أعلاه يتحدث فقط عن نبضات القلب, فتخيل حجم الامتنان 


كا 


الذي ينبغي أن نعبر عنه لكل تلك النعم الأخرئ التي أعطانا إياها الإله. فمن 
هذا المنظورء أي شيء آخر غير نبضات القلب هو منحة إضافية. لقد أعطانا 
الإله منحاً لا يمكننا عدّهاء ولو استطعنا عذّهاء فإنه يجب علينا أن نشكره 
علئ قدرتنا تلك (قدرة العد ذاتها). 

إن كنا نحب أنفسناء فيجب علينا أن نحبٌ الإله: 

محبّة الإله هي جانب أساسي من جوانب العبادة. هناك أنواع كثيرة من 
الحب, وأحد هذه الأنواع هو حب النفس. يظهر هذا النوع بسبب الرغبة في 
إطالة وجودنا والشعور بالمتعة وتجنب الألم, بالإضافة إلئ الحاجة لإرضاء 
حاجاتنا ودوافعنا البشرية. كل واحد منا لديه هذا النوع الطبيعي من الحب 
(وهو غير الغرور) وهو حب النفسء لأننا نريد أن نكون في سعادة ورضا. 
يقول عالم النفس إيريك فروم 105012 18111 إن حب النفس لا تعد دوعا 
من أنواع التكبّر والغرور؛ بل إنه يتمحور حول الاهتمام بالذات وتحمّل 
المسؤولية تجاهها واحترامها. هذا النوع من الحب من الضروري وجوده 
أولاً حتئ نكون قادرين على حب الآخرين؛ فإذا لم نكن نستطيع أن نحب 
أنفسناء فكيف نستطيع إذاً أن نحب الأشخاص الآخرين؟ لا يوجد شي 
أقرب إلينا من أنفسنا؛ فإن لم نستطع أن نتم بأنفسنا ونحترمهاء فكيف 
نستطيع إذاً أن متم بالآخرين ونحترمهم؟ حبنا لأنفسنا هو نوعٌ من «التعاطف 
مع الذات». نحن نرتبط مع مشاعرنا وأفكارنا وأمنياتنا الخاصة. وإذالم 
نستطع الارتباط مع ذواتنا الخاصة:» فكيف يمكننا أن نرتبط مع الآخرين 
ونتعاطف معهم؟ يعكس إيريك فروم هذه الفكرة بقوله إن الحب «يدل علئ 


لق 


أن احترام الشخص لكرامته وفرادته وحب الشخص لناته وفهمه لها لا يمكن 
أن ينفصل عن احترام الآخر وحبه وفهمه)”. 

إذا كان حب الشخص لذاته ضرورياء فإنه يجب أن يقوده هذا الحب 
للذات؛ ولأن يحب الواحد الذي خلقه. لماذا؟ لأن الإله هو الذي خلق 
الأسباب والوسائل المادية التي يتوصّل من خلالها البشر للسعادة والمتعة 
ويتجنبون الآلم. لقد أعطانا الإله كل لحظة ثمينة من وجودنا مجان ومع 
ذلك» فنحن لم نكتسب هذه اللحظات أو نمتلكها. يوضح الغزالي - عالم 
الذيق الكثير - أنه إن كنا تعب أنفسنًا فإئة لا بد نا أن نحت الآله: «فإذاء إن 
كان حب الإنسان نفسه ضروريء فحبه لمّن به قوامه أولاً ودوامه ثانياً في 
أصله وصفاته وظاهره وباطنه وجواهره وأعراضه أيض]ً ضروريّ إن عرف 
ذلك كذلك. ومن خلا من هذا الحب فلآنه اشتغل بنفسه وشهواته وذهل عن 
ربه وخالقه؛ فلم يعرفه حق معرفته وقصر نظره علئ شهواته ومحسوساته»". 

الإله هو «الودود» ومحبته هي أطهر أنواع الحب: 

الإله هو «الودود»» ومحبته هي أطهر أنواع الحب. وهذا الأمر ينبغي أن 
يجعل كل شخص يحرص عائ أن يحب الإله. وحب الإله هو جزءٌ مهم من 
العبادة. تخيل لو أني قلت لك أن هناك شخص يعتبر أكثر الأشخاص حنانا 
ومحبة علئ الإطلاق» وأنه لا يوجد حبٌ آخر يماثل حبّه ألن يغرس ذلك في 
الذهن رغبة قويّة في معرفة ذلك الشخصء - وفي آخر الأمر - محبته أيضً؟ 
.58-59 .مم ,190557 ع لع م1122 عادول 717 .عمتتامرآ 2ه أتخ عط .(1956) .8 بسصطوعط (1) 
00116 22 لزعقطتاما رعمتعدمآ ,عومآ مه تلوعقط-لةى (2011) .تلمعمقط-اى (2) 


ع1 :ع1108طتطدن) .0225677 عاط نط 2015 220 12100116102 عنه طخل لعنواكمة1' 
.78 ,5061617 قاءدء 1 عللطتة 151 


1 


حب الإله هو أطهر وأبلغ شكل من أشكال الحب؛ ولذلك. فإن أيّ إنسانٍ 
عاقل سيرغب في أن يحبه أيضا. 

باعتبار أن الكلمة الإنجليزية للحب (1076) تشتمل علئ معاني عدة» فإن 
أفضل طريقة للتفصيل في المفهوم الإسلامي لحب الإله هو بالنظر للمفردات 
القرآنية المستخدمة لوصف الحب الإلهي وهي: الرحمة والمودّة. حيث 
ستتعلم قلوبنا كيف تحب الإله من خلال فهم هذه المفردات وكيفية ارتباطها 
بالطبيعة الإلهية. 

- الرحمة: 

يقال إن «الرحمة» هي كلمةٌ أخرئ ل «الحب». أحد أسماء الإله هو 
«الرحمن» والترجمة الإنجليزية لهذا الاسم هي 21156-11621101 وهذه 
اللريطية ”لأ سكن مشكل كان العتق: والمقداق الذي بوعملييا ع 
«الرحمن». فإن لاسم «الرحمن» ثلاثة مدلولات: الأول هو أن رحمة الإله 
رحمة بالغة» والثاني هو أن رحمته رحمة مباشرة» والثالث هو أن رحمة الإله 
رحمةٌ قادرةٌ جداً لدرجة أنه لا شيء يستطيع ردها. تشمل رحمة الإله كل 
شيء» وهو يفضل للبشر الهداية. ويقول الإله في كتابه (القرآن): «... وَرَحَمَى 
وسح تكلس 4 (الأعراف ط ليحن ( عَلَّمَآلقَرْءَانَ 4 (الرحمن: ١‏ - ؟). 

في الآية السابقة» يقول الإله أنه هو «الرحمن»؛ وهو ما يُمكن فهمه علئ 
أنه «رب الرحمة»» وأنه هو مّن علّم القرآن. هذه إشارة لغوية تؤكد علئ أن 
القرآن أوحي به كتعبير عن رحمة الإله. وبعبارة أخرئ, فكأن القرآن عبارة 
عن رسالة حب كبيرة مرسلة للبشر. وكما الحال مع الحب الحقيقي» فإن 


ذف 


المحبّ يريد للمحبوب الخير ويحذّره من المهالك والمصاعب. ويبين له 
طريق السعادة. والقرآن ليس مختلفا؛ فهو يدعو للخير» ويحذرهم ويبشرهم 
أيضاً. 

- المودة: 

وفقآ للقرآن» فإن الإله هو «الودود»» وهذا يشير إل حبّ خاص ظاهر. 
وهذا الاسم يأتي من كلمة «ودٌ» والتي تعني التعبير عن الحبٌّ من خلال 
العطاء: « وَهِوَالْعَفُورالْوَدُودُ 4 (البروج:5١).‏ 

حب الإله يتعالئ علئ كل أنواع الحب المختلفة؛ فحبّه أعظم من كل 
أشكال الحب الدنيوية. وعلئ سبيل المثال» علئ الرغم من أن حب الأم مؤثر 
للغيرء إلا أنه مبني علئ حاجة داخلية تدعوها لحب طفلها؛ فهذا الحب 
يكمّلهاء ومن خلال تضحياتها تشعر بأنها كاملة ومحققة لمقتضيات الأمومة. 
الإله هو موجودٌ مستقل مكتف ذاتيآ وكامل؛ فهو لا يحتاج إلئ أي شيء. 
وحب الإله ليس مبنيً علئ حاجة أو افتقار؛ ولذلك فحبّه هو أطهر وأنقئ 
أنواع الحب؛ لأنه لا يكسبٌ شيث علئ الإطلاق من حبّه لنا. 

وعلئ ضوء ذلك» كيف لا نحب الواحد الذي هو أكثر حبا من أي شيءٍ 
نتخيله؟ قال النبي محمد 5 «لله أرحم بعباده من هذه (الأم) بولدها»”. 

إذا كان الإله هو الأكثر حبّاء وحبه أعظم من أعظم حبٌ دنيوي جريّناه 


فينبغي أن يزرع فينا هذا حب أعمق للإله. ومن المهم أنه ينبغي أن يجعلنا 
2000 رواه أبو داود. 


هئ 


ذلك نرغب في أن نحبّه بأن تكون أحد عباده. ولقد أصاب التوفيق الغزالي 
بقوله: «ولمّن رُزق البصيرة» فلا أحد في الحقيقة يحب إلا الله» ولا أحد 
يستحق المحبة إلا هو)”". 

ومن منظور روحيء فإن حبٌ الإله هو أعظم نعمة يمكن أن يحصل 
عليها أي شخص علئ الإطلاق؛ حيث أنه مصدرٌ للطمأنينة الداخلية 
والسكينة والنعيم الأبدي في الآخرة. عدم محبة الإله ليس فقط نوعٌ من 
النكران؛ بل هو أعظم أشكال الكره. عدم محبة الواحد الذي هو مصدر 
الحب هو رفضٌ للشيء الذي يُمكّن الحبّ من الظهور وملئ قلوبنا. 

لا يفرض الإله مودته علينا؛ فعلئ الرغم من أنه - برحمته - يعطينا بحبه 
كل لحظة من لحظات حياتناء إلا أنه حتىل يحظئ الشخص حقا بمحبة الإله 
ويكون ممّن يتلقون مودته. يجب أن يكون الشخص في علاقةٍ مع الإله؛ كما 
لو أن محبة الإله تنتظر استقبالنا لهاء ولكننا قد أوصدنا الباب وأغلقنا النافذة. 
لقد أبقينا الباب مغلقا بإنتكارنا وتجاهلنا ورفضنا للإله. لو أن الإله فرض 
مودّته عليناء فإن الحب سيفقد كل معانيه. لدينا الخيار: أن نتبع الطريق 
الصحيح وبذلك نحظئ بمودة الإله» أو أن نرفض هدايته ونواجه ما يترتب 
على ذلك من عواقب روحية. 

فالإله الأعظم حب يحبّك. ولكن حت تحظئ بهذا الحب بشكل كامل 
وحتئ يكون ذلك الحب ذو معنئ, فإنه يجب عليك أن تختار أن تحبّه وتتبع 
اعمط 001 عل لزع قمطناص[ ,ع متعدمآ ,علامآ مه للمعمطن-لى (2011) اه )1) 

00 


[ه اذك 


الطريق الذي يؤدي إلى حبّه. وهذا الطريق هو الطريق النبوي» طريق النبي 


محمد غة (انظر الفصل الرابع عشر): ١‏ قل إن كُنتْرَ نُحِبُونَ الله فَاتبعُونى 


د يعث وم هورءة رو سر و لع رمه وو 5 
يخببكم الله وَيَْفِرَ لكر ذ توبك وَاللَهَ غفورٌرَّحِيمرٌ 4 (آل عمران:١7).‏ 


0 
الإله فيكت لانن أن العبادة جزء مما يجعلنا بشر. تمامً مثلما 


نحتاج للأكل والشرب والتنفسء فالعبادة هي نزعةٌ غريزية (انظر الفصل 
الرابع). ومن هذا المنظورء فإننا بطبيعتنا عبادٌ منذ الولادة؛ لأن هذا هو نحن 
وهذه هي الغاية الإلهية التي أعطاها لنا. عبادة الإله أمرٌ ضروري منطقياء 
تمام مثل قولنا عن سيارة حمراء أنها سيارة حمراء. هي حمراء لأننا عرّفنا 
ذلك اللون بأنه أحمر؛ فهو أحمر بمقتضيئا التعريف. وكذلكء» فنحن عباد 
بمقتضيا التعريف, لأن الإله عرّفنا وخلقنا هذه الطريقة: ١‏ وَمَا حَلَقَتٌ الى 
وَآلْإِنس إِلّا لِيَعَبّدُونَ 4 (الذاريات:01). 

وحتل الناس الذين لا يؤمنون بالإله (ومن بينهم أولئك الذين يرفضون 
حقيقة استحقاقه للعبادة) فإنهم يظهرون علامات التعبّد والتوقير والإخللاص 
جد ف دكا اقيم ارد ممرق ري ان لان لا ري اي 
منظور إسلامي» فأكثر شيء تحبه وتوقره (ومن ضمنه ما تعزو له القوة 
المطلقة أي كان» بالإضافة إلئ ما تعتقد أنك في النهاية معتمدٌ عليه) هو في 
حقيقة الأمر معبودك. وبالنسبة لكثير من الناسء فإن هذا الشيء قد يكون 
علئ شكل إيديولوجية أو قائد أو أحد أفراد العائلة» بل وحتئئ قد يكون 
نفسك ذاتها. وبعبارة أخرئ. فإن كثيراً من الناس يوْلّهون هذه الاشياء. الشرك 


د 


أو عبادة الأصنام لا تكون فقط بالصلاة أو الركوع لجسم ما. 

الإله متصّلٌ في جوهر صميم طبيعتناء وعندما يأمرنا الإله بعبادته فهذا في 
الواقع رحمة منه وعلامة لحبّه لنا. الحال كما لو أن كل إنسان فيه فراغ في 
قلبه» وهذا الفراغ ليس فراغ] حسّي بل روحيء ويحتاج لآن يُملأ حتئ 
تتحقق الطمأنينة. فنحن نحاول ملاً هذا الفراغ بالحصول علئ وظيفةٍ جديدة 
أو أخذ عطلة من العمل أو شراء منزلٍ جديد أو سيارة جديدة أو من خلال 
هواية أو سفر أو أخذ دورةٍ مشهورة في تطوير الذات. ومع ذلكء. فكل مرة 
نملا فيها قلوبنا ببذه الأشياء نجد فراغ آخر قد ظهر. نحن لا نشعر بالرضا 
الكامل إطلاقاء وبعد فترة نببحث عن شيءٍ آخر ليملا الفراغ الروحي. ولكن. 
عندما نملا قلوبنا بحبّ الإله. فإن هذا الفراغ يُسدَ إلئ الأبد. ولذاء نجد أننا 
نشعر بسلام ونعيش طمأنينة لا يمكن وصفها أبداً بالكلمات» ونشعر بسكينة 
لا تتزعزع بالمصائب. 

طاعة الإله هي جزءٌ من عبادتنا له: 

« وَأَطِيعُوآ الله وَلوَسُول” لَعَلّكوَ ُرحَمُورَتَ » (آل عمران: 1517). 

عندما أسافر بالطائرة» عادةً ما أسمع قائدها يعلن (من خلال نظام 
الرحلة الصوتي) عن الحاجة لربط أحزمة المقاعد بسبب المطبات الهوائية 
القادمة. ردي علئ هذا بالعادة هو الجلوس وربط الحزام وأمل أفضل 
التتائج. السبب الذي يجعلني أطيع أمر القائد هو فهمي أنه هو السلطة 


)١(‏ طاعة النبى محمد خُْك هو نتيجة لطاعة الإله لأن الإله يأمرنا بذلك. 


فذق 


المؤهلة لمعرفة الطائرة وطبيعة عملها وما آثار المطبات الهوائية. طاعتي له 
هي نتيجة لاستخدام ملكاتي العقلية» والمغرور فقط هو مّن سيعصي هذه 
السلطة المؤهلة. هل سيأخذ أحدٌ منا طفلاً عمره سبعة أعوام بجدية حينما 
يقول لنا أن بروفيسور الرياضيات الذي يدرّسنا لا يعرف تدريس الحساب؟ 

وعلئ ضوء مشابه» فإن عصيان الإله يعتبر موقف] غبِيّا لا يمكن الدفاع 
عنه. فطاعتنا للإله (حتئ لو لم نعلم كامل الحكمة التي تقع خلف أوامره) 
هي أكثر شيءٍ عقلانية. أوامر الإله مبنيّة على معرفته وحكمته التي لا حدود 
لها؛ فله السلطة والآهلية المطلقة. وإنكار هذه السلطة هو كطفل عمره سنتان 
يلهو بالقلم علئ ورقة ويزعم أنه أكثر فصاحة من شكسبير. في الواقع» إنه 
أسوأ من ذلك. 

وهذا لا يعني أن نوقف عقولنا عند طاعتنا للإله؛ فالإله نفسه يخبرنا بأن 
نستخدم عقولنا. ومع ذلك؛ فبمجرد ما تكون قد أسّسنا لما قاله الإله إذأ 
يجب أن ينتج ذلك عن طاعة. 

تقتضي طاعة الإله أن يخافه الشخص. يجب أن يخاف المؤمن الإله إذا 
كان يريد أن يكون في حالةٍ من العبودية والطاعة. ومع ذلكء فهذا الخوف 
ليس النوع المرتبط بالخوف من العدو أو من قوّةٍ شريرة؛ فالإله يريد لنا 
الخير. بل الخوف المقصود هو نوعٌ آخر من الخوف المرتبط بالقشعريرة 
والمهابة والخسارة والحب والسعادة. نحن نخاف الإله من منظور الخوف 
من خسارتنا لمحبته ورضاه”". وحتئ أوضًح هذه النقطة» تأمل المثال التالي: 


201111101 ك5 12111130 ,10285115 ,10176 02 0132311-لى (2011) .232211ط))-[اثظ (1) 
--120.مم 


د 


تخيّل أنك تمشي في السوقء ولاحظت طفلاً صغيراً يوبّخ من قبل أمّه. 
وبدأ الطفل في البكاء والالتفاف حول ساق أمّه يطلب منها أن تعفو عنه 
وتضمه. ابتسمت الأم وقالت لطفلها أنها كانت توبّخه لأنها كانت تحميه وأنها 
قريق أاتظبيو بدلاو خوك الظفا هنا هو وف مو خيباز #عحن ورهنا 
أمه وخوف من التسبب في حزنها. هذا هو نوع الخوف الذي يجب أن يكون 
مع الإله". 

يجب علينا الحرص عليئا طاعة الإله لأننا نخاف العواقب الروحية 
لمعصيته» ومن ضمن هذه العواقب خسران مودة الإله. ومن ضمن هذا 
الخسران قطع العلاقة التي بنيناها مع الإله من خلال أعمال العبادة. العصيان 
هو طريقتنا في الهروب من رحمة الإله» وغياب رحمته يؤدي إلى مصير مفزع 
من المعاناة التي أوقعنا أنفسنا فيها وهي: جهنم. يصف الغزالي هذا النوع من 
الخوف بتشبيهه بالخوف من فقدان شيءٍ محبوب: «فإن مَن أحب شيئا خاف 
لا محالة فقده. فلا يخلو المحب من خوف إذا كان المحبوب مما يمكن 
فواته)”. 


)١(‏ هذا الخوف النابع من المحبة والرغبة في عدم فواتها الذي يشير إليه الكاتب» لا يعني 
إهمال النوع الآخر من الخوف من بطش الله تعالئ وعقوبته وهو علئ ذلك قديرء ولذلك 
قال في قرآنه هَكَ: « وَيُحَدْرْكُمْ آله تفْسَهُء 4 (آل عمران:٠*07»‏ وغيرها من الآيات التي 
توعد فيها سبحانه بالعقاب الأليم والعذاب المهين» ولذلك كان العاقل هو من يوازن في 
قلبه بين الخوف والرجاءء أو بين المحبة والخوفء لأن المحبة وحدها قد تحمل صاحبها 
علن جرأة المخالفة (الناشر). 


210111101 5 12111130 ,028115آ ,1017 02 132311 0-لى (2011) .232311)-آاثظ (2) 
--120.مم 


إبلاك 


ويذكر القرآن الخوف من الإله. ومع ذلك, فالكتاب الإلهي يذكر أيض] 
الوعي بالإله المععروف ب «التقوئ» في الدين الإسلامي. الترجمة الجيدة 
للقرآن تفرّق بين المفردتين (الخوف والتقوئ)؛ حيث أن معانيها تختلف 
وتتداخل؛ فبينما يقتضي الخوف من الإله الخوف من الخسارة ومن العواقب 
الروحية للعصيان. فالتقوئ تشير إلئ كون الشخص واعيا ومدركا لوجود 
الإله؛ أي أنه يعلم بما نفعل”» وكمحبين للإله يجب علينا أن نبحث عن رضاه 
ومتحبته. 

هل يحتاج الإله لعبادتنا؟ 

هذا السؤال الشائع يُطرح بسبب سوء فهم لمفهوم الإله في الدين 
الإسلامي. يبيّن القرآن وتبيّن اتيك المريه أن الإله متعالي ولا يحتاج 
لأي شيء» وبعبارة أخرئ» وي تماماً (انظر الفصل السادس). 

ولذلك. فالإله لا يحتاج لعبادتنا علي الإطلاق؛ فهو لا يكسب شيئً من 
عبادتناء وعدمها لا ينقص منه شيشاً. نحن نعبد الإله لأنه - برحمته وحكمته - 
خلقنا هذه الطريقة. الإله جعل العبادة جيّدة ومفيدة لناء من كلا الجانبين 
الجانب الدنيوي المادي والجانب الروحي. 

لماذا خلقنا لنعبده؟ 

ما يتبع ذلك عادةً يكون هذا السؤال: «لماذا خلقنا الإله لنعبده؟» الإله 


)١(‏ لعل الكاتب هنا أراد الإشارة إل التقوئ النابعة من استشعار العبد لمراقبة الله الدائمة له 
وأن ذلك يستلزم أن يتخذ العبد لنفسه من الأفعال والأقوال مايقيه غضب الله عليه أو 


مؤاخذته وعذابه» فالتقوئ تأت بمعنيلا الحماية (الناشر). 


رون 


تن خيّر مطلق الخيره لذاء فأفعاله ليست فقط خيّرة» بل هي تجليات لصفاته. 
بالإضافة إل ذلكء فالإله يحب الخيرء وكون الإله قد خلق مخلوقات عاقلة 
تختار بحرية أن تعبده وتفعل الخير إلئ درجة أن البعض قد يحاكي الأنبياء 
- مع تعاليهم في فضيلتهم -» ومن ثم يُعطئ حياة أبدية في جنب الإله لتصله 
محبته وصحبته القريبة للأبد: هي أعظم قصةٍ رُويت علئ الإطلاق. وبما أن 
الإله يحب الخير كله» فيتضح من ذلك سبب إرادته في جعل هذه القصة 
واقعا. باختصار» خلقنا الإله لنعبده لأنه يريد لنا الخير؛ وبعبارة أخرئء فهو 
اتاد سمو رن الح سرمي اناه اااي ونيا دا العامة ان 
خلقوا ليعيشوا رحمته": « وَلَوْ شَآءَ رَيْكَ جَعَلَ ألكّاسَ أ 
تلفت 29 إلا مَنَحِم رَبك وَلِدَلِكَ حَلَقَهُمَ )4 (هود:114-11). 

خلقٌ الإله لنا لنعبده هو أمرٌ حتمي؛ فأسماؤه وصفاته الكاملة ستتجلئ. 
سيُخرج الرسّام أعمالاً فنية لأن فيه صفات الرسًّام. وبسبب أعظم. فالإله 
يخلقنا لعبادته لأنه هو الواحد المستحق للعبادة. وذلك ليس مبنيا علئ 
حاجة؛ بل هو تجلي لآسماء الإله وصفاته. 

وهناك طريقة أخرئ للإجابة عل هذا السؤال وهي فهم أن علمنا جزئي 
وستجدوة لذلك فلن تكون قادرين أبدا علا انسعات شهزلة نكف الاله 
النهائية. وكما تمت الإشارة إليه سابقاء لو أننا استوعبنا جكمة الإله كلهاء 
فإن ذلك سيعني أننا أصبحنا آلهة» أو أن الإله سيصبح مثلنا. وهو المستحيل 
ذاته. ولهذاء فحقيقة أنه لا يوجد جواب شامل لدينا علئ هذا السؤّال يدل 


ة وَاَجِدَةَ وَل يَرَالُونَ 


.21313370,12[-لث 121511 (2001) .ل نونك -لخ لصة ل رتلقطة/18 (1) 


0 


علئ علو علم الإله على علمنا وتعاليه علينا. وباختصارء فالإله خلقنا لعبادته 
لحكمته الآزلية» ونحن - ببساطة - لا يمكننا استيعاب هذه الحكمة. 

وهناك طريقة عملية يمكن النظر من خلالها لهذا السؤال ويمكن 
توضيحها بالمثال التالي. تخيّل أنك تقف علئ حافة منحدر جبلي» ودفعك 
أحدهم إلئ المحيط في الأسفل. هذا الماء مليء بأسماك القرشء ولكن 
الشخص الذي دفعك أعطاك خريطة تتحمل الماء واسطوانة أوكسيجين 
لتساعدك علئ التنقل في المناطق الآمنة حتئ تصل إلئ جزيرةٍ استوائية 
جميلة؛ حيث ستبقئ هناك في نعيم إلئ الأبد. لو كنت ذكيا» فستستخدم 
الخريطة وتصل إلئ أمان الجزيرة» ولكن» توقفك في وسط الطريق وتشبثك 
بسؤّال «لماذا دفعتنى تني إلئ الماء؟» من الأرجح سيعني نبايتك بواسطة أسماك 
القرش. فبالنسبة للمسلمء فالقرآن والأحاديث النبوية تمثل الخريطة 
وأسطوانة الأكسجين؛ فهي تخبرنا كيف نتتبع طريق الحياة بأمان. يجب أن 
نعرف من هو الإله وأن نحبّه ونطيعه. وأن نخصص كل أعمال العبادة له 
وحده. وفي حقيقة الآمرء نحن لدينا الخيار في أن نؤذي أنفسنا بتجاهلنا لهذه 
الرسالة» أو اعتناقنا لمحبة ورحمة الإله من خلال قبولنا مها. 

العبد الحر: 

من منظورٍ وجوديء عبادة الإله تعتبر تحرّراً حقيقي. فإذا كانت العبادة 
تقتضي معرفة الإله وحبّه وطاعته» فكثيرٌ منا إذاً في واقع الأمر لديه أيض] آلهة 
أخرئ في حياته؛ لأن كثيراً منا يعرف ويحب ويطيع كبرياءه وأهوائه؛ فنحن 
نعتقد أننا دائم عل صواب ولا نرغب في أن نكون مخطئين علئ الإطلاق» 


0 


ودائم] ما نريد أن نفرض أنفسنا علئ الآخرين. من هذا المنطلق» فنحن 
مُستعبّدون لأنفسنا. يشير القرآن لهذه الحالة الروحية المخدوعة ويصف من 
كل وقان زور انه اهنك ليذ لدرانه اموا مره القفيوان د اي لد 
ِلَهَهُ هَوَنهُ أفأنت تَكُونُ عَلَيْهِ وكيلاً (2) أمْ خحَسَبُ أن أَكَترَهُمْ يَسْمَعْونَ أو 
يعقوت إن مم إلا #لأُتعدم بل هّمَأْصَلُ سَبيلاً 4 (الفرقان:*4 000 

وقد ننتقل أحيانً من عبادة الذات إلئ عبادة أشكال مختلفة من 
الضغوط الاجتماعية والأفكار والعادات والثقافات» وتصبح هذه هي 
مرجعيّاتنا ونبدأ في محبتها والمعرفة عنها أكثر» وهذا يؤدي بنا إلئ طاعتهاء 
والأمثلة علئ ذلك كثيرة. خذ «الماديّة» عل سبيل المثال؛ فقد أصبحنا 
منشغلين بالمال والممتلكات الماديّة. من الواضح أن الرغبة في الحصول 
غلا الجال:والمتتلكاتك لبهت «الضتروزة أن كون شين شيع ]و لكنا يدا 
لملاحقتنا إياها بأن تعرّف مَن نكون؛ فكرّسنا وقتنا وطاقتنا لزيادة الثروة حتل 
جعلنا فكرة النجاح الماديّ هي المرتكز الأساسي في حياتنا. فمن هذا 
المنظورء بدأت الأشياء المادية في التحكم بناء وتؤدي بنا إلئ خدمة ثقافة 
الماديّة الجشعة بدلاً من خدمة الإله. أعلم أن هذا لا ينطبق علئ الجميع: 
ولكن هذا الشكل من أشكال المادية الطاغية شائعٌ جداً. 

استنتجت دراسة أجراها كل من جين توينغ 1/6886 12 وتيم كاسر 
51 113 أن الماديّة تزايدت بين الشباب علىئ مدئ الأجيال (هذه 
الدراسة مبنية على بينات من عام ١91/57‏ وحتئ »)27١ ٠17‏ وأنها بقيت مرتفعة 
جداً لظواهر عدم الاستقرار الاجتماعي (كالطلاق والبطالة والعنصرية 


0 


بعض الارتباط بالمستويات العالية للنزعة الماديّة". ويؤيّد ذلك أيضا نتائج 
الدراسة التى أجراها أوبري 01566 وآخرين؛ حيث استنتجوا أن وجود 
مستوئ عالي من الماديّة خلال سنوات الطفولة قد يقل الرضا الحياتي 
عندهم عندما يصبحوا راشدين”. من الواضح أن هذا النوع من الأبحاث 
ليس قاطعاً ولا زال هناك حاجة كبيرة لأبحاث أكثر بكثير مما تم» ولكنه يؤيّد 
إحساساً جماعي] أنه من الواضح أن مثل هذه الأولويّات ليست صوابا؛ 
فشعورنا بِمّن نكون صار ينبني علئ وظائفنا ومداخيلنا وثروتنا وممتلكاتناء 
وأصبحت هويّاتنا شيا فشيشً مشروطة بعوامل ماديّة وليس علئ - ما يعتبرها 
الكثيرون - قيم أعلئ كالآداب والمعايير الأخلاقية والإنسانية والاتصال 
بالإله وبغيرنا من البشر. 

في حقيقة الأمرء إذا لم نكن نعبد الإله. فنحن لا نزال نعبد شيئاً آخرء 
وهذا الشيء قد يكون أنفسنا وشهواتنا أو قد يكون أموراً زائلة كالممتلكات 
المادية. ففى الدين الإسلامى. عبادة الإله هى تعريف لحقيقتنا وحن نكون 
بما أنه جزءٌ من طبيعتنا. فلو نسينا الإله» وبدأنا في عبادة أشياء أخرئ غير 


2 مادا 3 5 د ى يش و و سصك. ل 2و ه مهد 
مستحقة للعبادة» فسننسيئا أنفسنا شيئا فشيئاً: « ولا تكوثوأ كالذيين سوأ الله 


770116 320 1021611211592 10 5عع طقطاء 210031ظ1عمعء0 .1 تتعوممكا ع 11[ عومع1 (1) 
5061631 12 5ع285قطهء 70121طاءا 115 126005ع0وكث :1976-2007 ,تجاتلهتامءء 
25301057 5061931 320 جا 1لهطهوتء2 ع طناع72200 غ101 ع1ا12115تعأتهمط لمنه 7(التتاععكط1 
.16+ :01 :883-597 (7) 2013,.39 .سناع لظ 

0 0ع1هاع1 مناع 5215102 ع]1! نامآ .2171 عتتاطمعكللة'؟ ع ,11 مءع1[2ا8 ,لذ عع1م0 (2) 
,2012 .13115165لع2 .151285امء:205 10 0ع205<ء :7[أمعباوع معملاتاء صا ممكتلة عامط 
.-05.2011عم/10.1542 :101 :491ع-486ه (3) 130 


0 


َأَفَلِهُحَ أُنفْسَّجْحَ4 (الحشر:19). 

فهمنا لحقيقتنا يعتمد علئ علاقتنا مع الإله التي تتشكل بعبوديتنا 
وعبادتنا له. وفي هذا المعنئ» عندما نعبد الإله» نحن نتحرر من الاستسلام 
لآلهة آخرين سواء كانت هذه الآلهة أنفسنا ذاتها أو أشياء نملكها أو نرغب 
فيها. 

وكما تمت الإشارة إلئ ذلك سابقاء فالقرآن يقدم لنا تشبيه عميقا: 
(١‏ صَرَب أله مكلا رَجُلٌ فيه شرك مُتَشَكسُونَ وَرَجُلدً سَلَمَا لَرَجُلٍ هَل يَسَتويَانِ َكَل 
آَحَمَدُ يِه بل أَكَترُمم لا يَعلَمُونَ4 (الزمر:19). 

فالإله فعلآ يخبرنا أنه إذا لم نعبده وحده. فسينتهي بنا الأمر إلئ عبادة 
أشياء أخرئ» وهذه الأشياء ستستعبدنا وتصبح أسياداً علينا. ويعلّمنا هذا 
التشبيه القرآني أنه بدون الإلهء يصبح لدينا أسياداً كثيرين» وكل واحد من 
هؤلاء الأسياد يريد شي مناء وهم في خلافٍ مع بعضهم «متشاكسون). 
وننتهي إل حالةٍ من البؤس والحيرة والشقاء. ولكن الإله (الذي يعلم كل 
شيء» ومن ضمنها أنفسناء والذي هو أرحم بنا من أي أحد) يقول لنا أنه هو 
سيّدناء وأننا لن نتمكن من تحرير أنفسنا حق] من أغلال الأشياء التي 
اتخذناها بديلاً عنه إلا من خلال عبادتنا له وحده فقط. 

ولأختم هذا الفصلء فعبادة الإله بحب والخضوع له بسلام تحرّرك من 
عبادة العالم الزائل المهينة ومن الاستسلام الشهواني للواقع الجسدي 
وللواقع المغرور للحالة البشرية. تنلخص الأبيات التالية لشاعر الشرق محمد 
إقبال هذه النقطة بفصاحة: 


10 


24 
4. 


الوهذة السعدة الن اها عانة. تخاصيكف الات النتعداك ام 
و 1 من الافِ 


(1) منقول عن: 
10631 1110113121220 01 117711555 عطا صا وع10 لمدعتطامه0105طط متمكة عط]1' (1968) .2 ,ناآ 
:17 10101111313[ ,1655 01111312[ .(1938 -1877) 
79864-01101717 -م- .5ع ودع طاء //:ماغخط 


كم 


الفصل السادس عشير: 
الخلاصة 


والدي رجلٌ حر. ما أعنيه بالحرية ليس أنه يعيش في دولةٍ تعطيه حريته 
وحقوقه الإنسانية؛ بل إنه حرٌ من ناحية عاطفية؛ فعندما يقرّر التعبير عن نفسه» 
فإنه يفعل ذلك دون أن يهتم بأي شيء في العالم. فهو يعبّر عن نفسه كما لو أنه 
لأيوج د أفى هراك خبارحينة: اتتذك امنيا كنف فى المرجلة النائوية مين 
الدراسة؛ اعتدت أن أعزف في فرقة المدرسة. وبما أن والدي قد شجّعني على 
أخذ دروس في الغيتار الكلاسيكي. فإن الالتحاق بفرقة المدرسة كان نتيجة 
طبيعية لنشاطي بجانب الدراسة. وخلال إحدئ الحفلات الموسيقية 
المدرسية» كان والدي حاضراً ومستمتع) بقدرات ومواهب الطلاب 
المدهشة؛ وكان لإحدئ فنانات الآداء قدرات استثنائية. وفي وقت وجودها 
علئ المسرح» وصلت إلئ أعلئ نقطة في أدائها بالتعبير عن نفسها عاطفي] 
ووجداني. كان مشهداً استعراضيا للموهبة يحبس الأنفاس. قام أبي وصفق 
لها. قام بالتصفيق لوحده ولم يأبه لأحد. وبقي واقف واستمرٌ بالإشادة 
بموهبتها وقدرتها. 


اا 


كل واحد منا قد مرٌ بمثل ردة الفعل هذه تجاه القدرات البشرية؛ فعندما 
نرئ مشاهد مهاريّة مدهشة لأحد أبطالنا الرياضيين أو نرئ مواقف جريئة 
عظيمة أو نسمع خطبة تحفيزية» نجد أنفسنا مجبرين علئ الثناء علئ ما مررنا 
نه تلقف وتضفق» وععف: تجد أننا كأتزنا وألهمنا وتسجعنا وابتهنجناء وتجند 
أننا مغمورون بهذه التجربة. لا ننسئا أبدا هذه اللحظات في حياتنا. فقط فكر 
وتأمل في التجارب المشابهة. عد للوراء لتلك المشاعر التي عشتها. شيءٌ ما 
أثْر في نفسك؛ فوجدت نفسك مجبراً علئ المديح. 

نحن نعيش في هذا الكون الرائع. نأمل ونحبٌ ونبحث عن العدالة 
ونؤمن بالقيمة العليا للحياة البشرية» ونحن نتعقل ونستدل ونستنتج 
ونستكشف. نعيش في كونٍ ضخم فيه مليارات النجوم والمجرّات 
والكواكب؛ كون يحتوي مخلوقات ذات شعور تتمتع بنزعةٍ واعية فريدة» 
ولدينا عل غير ماديّ يستطيع التفاعل مع العالم الماديّ. إن في الكون قوانين 
وانتظام دقيق لو اختلف عما هو عليه بقدر ضئيل جدا لمنع الحياة الواعية من 
الظهور. نحن نشعر - في أعماقنا - بخطأ الشر وصواب الخير. 

لدينا في كوننا حيوانات وحشرات تستطيع تحمّل أضعاف وزنهاء 
ونباتات يمكن أن تنبت من حرارة النار. نحن نعيش على كوكب فيه أكثر من 
لغة, وأكثر من 8 ملايين نوع. نحن نعيش في كونٍ يكتشف فيه العقل 
البشري أسلحة تستطيع تدمير الأرضء ويستطيع ذلك العقل الخروج بأفكار 
تمنع هذه الأسلحة من الانطلاق. نحن نعيش في كونٍ لو سمت واحدة من 
ذرآتة الهائلة الغذد فإنه يمكتها أن تطلق قدراً مهولاً من الطاقة: تحن :تعيش فى 


01 


كوكب يمكنه - لو توحدت القلوب - استخدام الطاقة في خدمة السلام. 

ومع ذلكء فبعضنا لا يرئ نفسه مجبراً على إعطاء الإله - الذي خلق 
الكون وكل شيء فيه - وقفة إجلال؛ بالوقوف وتعظيمه والثناء عليه". نحن 
مضللون ومخدوعون. وننسئن الإله الذي خلقنا: « يَتأجًا آلْإنسَنُ مَا غَبَركَ برَبَكَ 
الكريم» (الانفطار:1). 

الإله هو عظيم بحق: 

إذا لم نشعر بالحاجة للثناء علئ خالقنا وآن نتصل به. فهناك شي خاطئ 
في قلوبنا. لدينا مرض روحاني يتطلب علاج روحاني. المرض هو الغرور 
والعلاج هو الإسلام. 

ولآخذ هذا الدواء لكي نكون مؤهلين للفوز برحمة الإله وحبّه الخاص» 
يجب علينا أن نؤمن ونستوعب ونفهم ونخضع للوازم هذه العبارة العميقة: 

أله لاش وآن سحمدا غيده ورسولة» 

آمل أن يكون هذا الكتاب ساعدك في بدء عملية العلاج. أسأل الله أن 
يهديك ويغمرك بحبه الخاص. 


5 5 
دزي جز يي 


() تم اقتباس شكل ومحتوئ هذا الفصل من «تذكيرات من حمزة يوسف): 
:5111لا 1132028 01 غأوع8 (2016) .5111نالا 11312023 
1112[1111-80/ع701161.6//:وماغخط 


0 


الفصل السابع عشر: 
كلمة أخيرة 
لا نكره ناظر... 
الحوار مع الإسلام 


باللغة العامية» يمكنني أن أقول عن الإنترنت أنه (فات) 5/744. وهنا يوجد 
تلاعب بالكلام» حيث أن كلمة (فات) 74م ني اللغة العامية الدارجة تعني 
الرائع»» ولكنها من ناحية النطق فإنها تعني أيضا «كبير الحجم مثل كلمة /2/. 
وكلا من الكلمتين تنطبقان علئئ الإنترنت؛ إذ يمكن أن يوصف بأنه مصدر 
(رائع) للمعلومات؛ وكذلك يمكن وصفه بأنه (كبير جداً) لدرجةٍ يصعب معها 
احيان الوصول إلى المعلومات الموثوقة والصحيحة حول موضوع ما. وبغض 
النظر عن قيمته الإيجابية» فهو هوة كبيرة أكثرها يمتلئ بالأكاذيب والمعلومات 
المغلوطة والتشويه. ويمكن أن يكون الإنترنت غير متسامح أيضا بشكل 
ملحوظء وقد جرّبت أنا شخصياً هذا الجانب المظلم للإنترنت مراتٍ كثيرة؛ 
فكل أخطائي وزلاتي وحالات إساءة الفهم التي صدرت عني كلها متاحة 
للجميع ليضحك عليهاء ولكن ما يرضيني هو أنه يقدّم أيض] مصدراً يتعلّم منه 
الناس. أنا مؤمن حقيقي بتقبّل الآراء المعارضة؛ لآنه في هذا السياق دائم] ما 


اك 


تنجلئ الحقيقة. هذا الكتب هو في الواقع نتيجة لما تعلمته من أخطائي 
وإخفاقاتي. والآن» هل يعني أن هذا الكتاب كامل؟ بالتأكيد لاء ولكنه يقودني إلى 
نقطة مهمة. كقارئ» مهما كان الوصف الذي تصف به نفسك (ملحد. متشكك؛» 
لا أدري» مسلمء علماني» إنساني» إلخ)» فإنه بلا شك سيكون لديك أسئلة أكثر أو 
توضيحات أكثر. وهذا هو ما جعلني أنشئ بوّابة على الإنترنت لإكمال حوارنا. 
سيتم تقيبم أي أسئلة أو تعليقات أو محاذير أو آراء ناءةهناء 
(117دع1عم 111ل عط لمطامء. 2201215 خمطتقط. جو 

هذا الشيء نادر جداً لمثل هذا النوع من المؤلفات» وذلك بسبب أن 
الكتاب يقصد منه أن يكون حواراً بين أكثر من طرف وليس كلام من طرف 
واحد. وللنقاش أنظمة أخلاقية تتضمن ألا يكون هناك حشو في الكلام (إلا 
إن كنت تقتبس كلام لشخص آخر لإيصال فكرة سليمة)» وألا يكون هناك 
بجّمات شخصية أو كلام يحتقر الآخر. وأما غير هذاء فكل شيء مقبول. 

لا يوجد كتاب يغطّي كل شيء حول هذا الموضوع؛ وهناك بعض 
المسائل لم يتم التطرق إليها (غالب بسبب المساحة والأولوية)» لكن ذلك لا 
يعني أن الدين الإسلامي يفتقر للإجابات. 

أنصح المهتمّين بهذا الموضوع أن يكونوا متفتّحينء وأن ينخرطوا 
بصدق في الحوار. لدينا حيّزين في حياتنا: ما يمكن أن يطلق عليه «دراما»» 
والحيّز الآخر هو «الواقع». نحن نعتقد أن الدراما والواقع هما نفس الشيء. 
وهذا ببساطة غير صحيح. تشتمل الدراما الخاصّة بنا على تجاربنا الماضية 
السلبية» أفهامنا وأفكارناء ومرئياتنا المحدودة. الواقع هو ما يحصلء بلا أي 


زا 


منظور منحاز. ومع ذلك» نحن دائما ما نحيّز واقعنا بسبب فرضنا للدراما 
الخاصة بنا عليه. وهذا ما يجعلنا نجد صعوبة في الاتصال مع الآخرين؛ 
وذلك بالضبط ما يجعل حياتنا تبدو كدائرة واحدة كبيرة مكررين نفس 
الأخطاء بطرق مختلفة. كلنا مررنا بهذا الشيء من قبل. مررنا بعدة تجارب 
سلبية في الماضي». وهذه التجارب تدمّر قدرتنا علئ التواصل بشكل عميق مع 
أشخاص في الحاضرء وهكذا نبني مستقبلنا باستخدام طوب من الماضي؛ 
ولذلك ليس مستغرباً أن نعيد نفس الأخطاء. يجب أن ندرك أن الماضي لا 
يساوي المستقبل؛ لذلك» فمهما كنت مع الدين أو الإسلام أو الحجج التي 
تؤيد وجود الإله أو حجج الوحيء أطلب منك ألا تسمح لها بالتشويش على 
أحكامك عندما تتأمل فيما قرأته في هذا الكتاب. 

أود أن أنبي هذه الجزئية بإيراد بعض النصائح القرآنية والنبوية حول 
الجدال والمناظرة والتعامل مع الآخرين. لقد أمر الإله نبيّه الكريم موسئ 
وأخاه هارون أن يتحدثا بلين مع فرعون عند إبلاغه رسالة الإسلام: ١‏ فقول 
لَه وله ليا لله يَتَذَكرُأوَتححْتَئ »4 (طه:؟ 4). 

ويشرح المفسّر القرطبي هذه الآية بأنه إذا كان موسئئ قد أمره الإله 
بالحديث بلطف ولين مع فرعون المعتدي» فتخيل كيف بالحديث مع غيره: 
«فإذا كان موسيئ أمر بأن يقول لفرعون قولاً ليناء فمّن دونه أحرئ بأن يقددي 
بذلك في خطابه» وأمره بالمعروف في كلامه)”. 


.)50( القرطبيء الجامع لأحكام القرآن. ص‎ )١( 
2ق تعلطخ-1 *1نهة دلخ .(2006) .31 ,011 - ام‎ 21-0011131, 2. 


ركد 


أيض] يأمر الإله النبي محمد غ2 بأن يناقش مستخدم الكلام الحسق 
وبأفضل طريقة ممكنة : «أذع إل سَبِيلٍ رَبَكَ بَِلِْكُمَةٍ وَالْمَوعِظَة آَلَسَكَة وََجَنَد لهم 
بالّتى هِىّ أَحَسَنٌُ 4 (النحل:178). 

ويعلّق النحويٌّ الزمخشري عائ الآية السابقة قة بالتأكيد علئ أنها تعني أنه 
يجب علينا أن نتناقش مع الآخرين بلا أي شدة: «بالطريقة التي هي أحسن؛ 
طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف»)”". 

استخدام الكلام الطيّب عند النقاش هو أحد أعظم الفضائل في الدين 
الإسلامي. . يقدم القرآن مثالاً جميلاً يقارن لكام الطيب بشجرة لها ثمرة 
دائمة وجذور ثابتة: ١‏ مركي طَرْب لله مَل كمه طوبه كسَجَرٍَ طَيْبّةِ أَصَلْهًا 
ابت وَفَرَعْهَا فى آَلسَمَاءِ 2) دو ُوقَ أَحُلَهَا كُلَ جين بإِذْنٍ رَيْهَا ري ا 


م 


3 


(رك) دو الْدَمَعَالَ 
- ِلدَّاسِ لعَلَّهرْ يَتَدَكَرُوتَ فك كرس لفك كر حش نين أن 
رض ما لَهَا من قَرَارٍ (2) يت آله آأزيرت امنوا بالفول التايك فى الخيزة الذيا 


قف ألْأَجِرَة وَبُضِلُ آئَّهلطّلِمِت وَيَفعَلأ آللَّهُ مَا يَشَآءْ 4 (إبراهيم:: ١‏ -717). 

أملي الشخصي أنه بفهم واستيعاب بعض هذه القيم والتعاليم - التي لا 
ترتبط بزمان معين - يمكننا أن ندفع الإساءة بالإحسان. وأن ندرك أنه لا 
ا اد حت لو اختلفنا. 

( وَلَا مَسَعَوى آلْحْسَنَة هله القيقة َذقَعَ الى هِىَ أَحَسَنُ فَإِذَا لد لك وق 
عَدَ'وَة أنهو حَمِيةٌ 4 (فصلت:74). 


5 م 
دزي نزي ياي 


.)08/( الزمخشريء تفسيرالكشاف عن حقائق التنزيل» ص‎ )١( 
.1اخمة'1 -21 1120210 حنهة” كققطقطدة؟!-اه تتاكة1' (2009) .ل ,تتقطعطلمسطة2-ام‎ 20160 17 
بل19ع1/131 11تة0آ تأتماعظ .مهطترقطد 1 تلهطكا‎ 26. 


َك